كتاب «الفتنة الثانية» للمؤرّخة بثينة بن حسين
عرض الكتاب وأهميته
صدر عن "دار أمل للنشر والتوزيع" كتاب «الفتنة الثانية» للدكتورة "بثينة بن حسين". تناولت فيه المؤلّفة بالدرس والبحث واقعة تاريخية مهمّة في الضمير الإسلامي سمّيت بالفتنة الثانية التي انطلقت أحداثها مع تولّي يزيد بن معاوية سنة 681م سدّة الخلافة عن أبيه معاوية بن أبي سفيان.
تقول الباحثة في سبب دراستها للفتنة الثانية بهذا الكتاب: «يعتبر هذا الموضوع موضوعا غير مدروس من قبل الباحثين العرب والمستشرقين. فقد تعرّض المستشرق الألماني فلهاوزن في كتابه الصّادر سنة 1902 "تاريخ الدّولة العربيّة من ظهور الإسلام إلى نهاية الدّولة الأمويّة" للفتنة الثّانية التّي سمّاها الحرب الأهليّة الثّانية. يعتبر كتابه هذا رغم قدمه من أهمّ المراجع التّي تخصّ هذه الفترة لموضوعيّته إلى حدّ يومنا الحاضر. درس المستشرقون بعده بعض الجوانب المتعلّقة بالتّاريخ الشّيعي بدون التعمّق في هذه الفتنة كحركة متنوّعة. وتحاشى المؤرّخون العرب دراسة هذا الموضوع دراسة تاريخيّة لحساسيّته ولتواصل وجود الشّيعة في العالم العربي والإسلامي».
قسّمت الباحثة بثينة بن حسين كتابها «الفتنة الثانية» إلى قسمين. القسم الأوّل درست فيه المؤلّفة أسباب الفتنة وهي رفض الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير بيعة يزيد بن معاوية لأنّهم يعتبرون طريقة صعوده لسدّة الحكم عن طريق التوريث غير شرعية ويرون أيضا أنّه غير مؤهل لتبوؤ هذا المنصب لعدم توفر شروط ومواصفات تولّيه الخلافة. فهو صاحب شخصية سلبية (كسول ومتهاون وماجن). في غياب الإجماع حول شخص يزيد بن معاوية اندلعت ثورة الحسين بن علي التي كان مآلها الفشل ومقتل الحسين. أمّا القسم الثاني فتناولت فيه الباحثة ثورة أهل المدينة بزعامة عبد الله بن الزّبير وتطور حركة تمرّده ولجوئه لمكّة واحتمائه بالكعبة ولكن يزيد بن معاوية حاصره بها وضربها بالمنجنيق.
حاولت الدكتورة بثينة بن حسين في كتابها هذا استنطاق المصادر خاصة منها الأساسية كالطبري والبلاذري (كتبت في الفترة العبّاسية الأولى) ورغم موضوعية هذه المصادر إلى حدّ ما كانت ناقلة (المصادر) لنا الرؤية الشيعية للأحداث ولكن الباحثة بن حسين لم تكتف بهذه المصادر بل اعتمدت المناهج الجديدة في البحث التاريخي التي تدخل في إطار التاريخ الجديد (جاك لوغوف) كالأنتروبولوجيا التاريخية وتاريخ الذهنيات التي مكّنتها من تسليط أضواء جديدة على الفترة المدروسة.
مع هشام جعيط
يقول المؤرخ الكبير هشام جعيط هذا التأليف: «يدخل هذا الكتاب في زمرة من الكتب التي ظهرت منذ خمسين عاما وبرهنت على أنّ المسلمين ولجوا باب العلم الحديث في استقراء تاريخ الإسلام. ومنذ ثلاثين سنة برهنت المدرسة التونسية على طول باعها في هذا الميدان».
تقييم
أعتبر عدد من الباحثين والدارسين كتاب «الفتنة الثانية» للدكتورة بثينة بن حسين تواصلا وإتماما لكتاب أستاذها المؤرخ هشام جعيط «الفتنة الكبرى:الدين والسياسة في الإسلام المبكّر ، والذي كتب بنفس نفسه وأسلوبه ورؤيته»[1].
مراجع
- نبيل درغوث ، مع الفتنة الثانة ، الديار اللندنية 2346