الانقراض في علم الأحياء، هو نهاية وجود كائنٍ حيّ ما أو مجموعة من الكائنات الحية (الأنواع). تُعتبر لحظة موت آخر أفراد النّوع هي لحظة الانقراض عمومًا، على الرغم أنّه من الممكن أن يفقد أفراد هذا النوع القدرة على التكاثر والشفاء قبل تلك اللحظة. يُعدّ تحديدُ هذه اللّحظة أمراً صعباً نظرًا لضخامة النطاق المحتمل لأماكن انتشار هذه الأنواع، وعادة ما يتمّ بأثر رجعيّ. تؤدّي هذه الصعوبة إلى ظواهر مثل ظاهرة "تصنيف لازاروس lazarus taxa"، حيث تظهر فصيلة يفترض أنّها انقرضت فجأة (عادةً في السجل الأحفوري) بعد فترة من الغياب الواضح.
أكثر من 99 في المئة من جميع الأنواع[1] التي عاشت على الأرض على الإطلاق -التي تصل إلى أكثر من خمسة مليارات نوع- اختفت من الوجود.[2][3][4] تتراوح تقديرات عدد الأنواع الموجودة حاليّاً على كوكب الأرض بين 10 ملايين و 14 مليون نوع،[5] تمّ توثيق 1.2 مليون منها فقط، أي أكثر من 86% من الأنواع الموجودة على الأرض لم يتمّ توثيقها بعد.[6] في عام 2016، نشر مجموعة من العلماء تقريراً أكّدوا فيه أنّ عددَ الأنواعِ التي عاشت على الكرة الأرضيّة منذ بدء الحياة عليها أكثر من تريليون نوع، ولا تتجاوز نسبةِ الموثّق منها الواحد في المئة ألف.[7]
خلال التطور، تنشأ الأنواع الجديدة من خلال عملية (الانتواع أو التَشَكّل التطوريّ لنَوْعٍ جَديد، speciation) -، حيث تنشأ أنواع جديدة من الكائنات الحية وتزدهر عندما تكون قادرة على إيجاد واستثمار بيئة ايكولوجيّة، وتنقرض الأنواع عندما لا تعود قادرةً على البقاء في ظروف متغيّرة، أو على الاستمرار ضدّ منافسةٍ متفوّقة. تمّ توطيد العلاقة بين الحيوانات وبيئاتها الإيكولوجيّة.[8] ينقرض النّوع النمطيّ بشكلٍ عام في غضون 10 ملايين عام من أوّلِ ظهور له،[4] على الرغم من أنّ بعض الأنواع -التي تسمى الأحافير الحية living fossils- تعيش بدون أي تغيير صرفي (موروفولوجي) لمئات الملايين من السنين.
تُعَدّ الانقراضات الجماعية أحداثاً نادرةً نسبيّاً. وبالمقابل، فإنّ الانقراضات المنفردة شائعة جدًا. لم يتمّ البدء بتوثيق حالات الانقراض إلّا مؤخّرًا، وازداد بعدها قلقُ العلماء من المعدّل الحالي للانقراض.[9][10][11][12] لم يتمّ توثيق معظم الأنواع المنقرضة. يقدّر بعض العلماء أن ما يصل إلى نصف الأنواع النباتيّة والحيوانيّة الموجودة حاليًا، قد تنقرض بحلول عام 2100.[13] أشار تقرير نُشرَ عام 2018 إلى أنّ ما يزيد عن 300 نوع ثديي سلاليّ قد مُحي خلال الحقبة البشريّة، وسيتطلّب الأمر من العصر الحديث الأقرب من 5 إلى 7 ملايين سنة ليعود لوضعه.[14]
يشير رمز الخنجر (†) الموضوع بجوار اسم النوع أو الأصنوفة عادةً إلى وضعه كنوع منقرض.
التعريف
ينقرض النوع عند موتِ آخرِ عضوٍ موجودٍ منه. وبالتالي يصبح الانقراض يقينيّاً عند انعدام وجود أفراد باقون قادرون على التكاثر وإنشاء جيلٍ جديد. قد ينقرض النوع من الناحية الوظيفيّة عندما تنجو حفنةٌ من الأفراد فقط، لكنّها غير قادرة على التكاثر بسبب سوء الحالة الصحية والعمر، وانتشارها في مساحات متباعدة أو نقص الأفراد من الجنسين (في الأنواع التي تتكاثر عن طريق الاتصال الجنسي) أو لأسباب أخرى.
يتطلب التحديد الدقيق للانقراض (أو الانقراض غير الكامل الذي يعني انقراض النوع بالكامل مع بقاء أشكال سلالات معدّلة منه) لأحدِ الأنواع تعريفًا واضحًا لتلك الأنواع. في حال تمّ الإعلان عن انقراضها، فيجب أن تكون الأنواع المعنيّة قابلة للتمييز بشكل فريد عن أي نوع من الأنواع السلف، أو الأنواع الفرعيّة وأي نوع آخر ذي صلة وثيقة. يلعب انقراض الأنواع (أو الاستعاضة عنها بنوع فرعي) دورًا رئيسيًا في فرضية التوازن النقطي punctuated equilibrium hypothesis لستيفن جاي جولد ونيلز إلدريدج.[15]
غالبًا ما يتم استخدام مصطلح الانقراض بشكل غير رسميٍّ في علمِ البيئة للإشارةِ إلى الانقراض المحليّ، حيث ينتهي وجود النوع في منطقة الدراسة المختارة، ولكنّه قد يبقى موجودًا في مكان آخر. وتعرف هذه الظاهرة بالاستئصال (extirpation). من الممكن أن يُتبع الانقراض المحلّي بنقل أفراد نفس النوع المنقرض محليّاً من مناطق أخرى إلى المنطقة التي حصل فيها الانقراض، وإعادة استقدام الذئب خيرُ مثالٍ على هذا. يطلق على الأنواع التي لم تنقرض بعد اسم "الأنواع الموجودة extant species". ويشارُ إلى الأنواع الموجودة ولكنّها تواجه خطر الانقراض صفة "أنواع مهددّة أو معرّضة للانقراض".
تعتبر محاولات الإنسان للحفاظِ على الأنواعِ المهدّدة بالانقراض أحد الجوانب المهمّة لظاهرة الانقراض حاليّاً، وتنعكس هذه المحاولات من خلال إنشاء حالة الحفظ "أنواع منقرضة في البرّيّة" (EW). ليس من المعلوم إذا كان للأنواع المدرجة في هذا الوضع من قِبل الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN) أي عيّنات حيّة في البرية، ولا يتمّ الاحتفاظ بها إلا في حدائق الحيوان أو البيئات الاصطناعية الأخرى. بعض هذه الأنواع انقرضت وظيفيّاً، لأنها لم تعد جزءاً من بيئتها الطبيعية، وعودتها إلى البرّيّة أمر غير مرجّح.[16] تحاول مؤسسات علم الحيوان الحديثة -عند الإمكان- الحفاظ على مجموعة قابلة للحياة من أجل الحفاظ على الأنواع وإعادة إدخالها في المستقبل إلى الحياة البرّيّة، من خلال استخدام برامج التربية المخطّط لها بعناية.
أسباب الانقراض
من بين مئات الفرضيات عن أسباب حدوثها، أنها وقعت بسبب التنافس بين الثدييات أو الأوبئة، أو بسبب حساسية الأحياء للنباتات الزهرية التي تظهر حديثا أو بسبب حبوب لقاحها، إلا أن هذه الفرضيات لا تفي بتوضيح كل أحداث وأشكال الانقراضات التي حدثت، لأنها وقعت لكائنات حية كانت تعيش فوق البر أو بالبحر، مما يوحي بأن ثمة حادثا عرضيا قد وقع وأثر على البيئة العالمية.
وضرب العلماء مثلا بالمذنب الذي ضرب الأرض منذ 65 مليون سنة، وخلف وراء ارتطامه بشبه جزيرة ياكوتان بالمكسيك سحابة ترابية حجبت الشمس عن الأرض لمدة 6 أشهر، مما أوقف التمثيل الضوئي للنباتات فوقها وماتت لهذا معظم النباتات، فلم تجد الحيوانات ما تأكله من نباتات أو حيوانات كانت تعيش عليها، فنفق معظمها. ومن بينها الديناصورات العشبية أو آكلة اللحوم، ولم يعش سوى الحيوانات الصغيرة الرملية، كالحشرات والديدان التي أمكنها العيش علي الحيوانات النافقة أو مواد النباتات الميتة لهذا نجت.
لكن المعارضين لنظرية ضرب الأرض بأجسام فضائية يقولون بأن البيئة يمكنها بسهولة تخطي هذا التأثير، ولاسيما وأن الحفريات في رسوبيات شرق مونتانا بشمال غرب داكوتا وعمرها 2.2 مليون سنة، تبين أن الديناصورات كانت تعيش هناك، وقد طمرت رواسب الفيضانات الكاسحة عظام هذه الديناصورات التي أظهرت أن اندثارها كان تدريجيا خلال عدة ملايين من السنين بالعصر الطباشيري. وقد قام العلماء بفحص قطاعات طولية في هذه الرسوبيات من أسفل لأعلى فوجدوا 2000 حفرية ديناصورية، وكل عظمة ترجع إلى فصيلة من الديناصورات سواء أكانت آكلة للعشب أو اللحوم.
كما يقال أن من بين هذه الأسباب التي أدت إلى الانقراضات الجماعية عوامل كارثية، كنظرية ضرب المذنبات أو بيئيّة كالبراكين أو جليدية كما في العصور الجليدية أو لتغير معدل الأوكسجين أو الملوحة بالمحيطات أو لتغير المناخ العالمي. ورغم منطقية ومعقولية هذه الأسباب إلا أنها لاتقدم تأكيدات قاطعة، لأنها فرضيات استنتاجية أو تخمينية رغم أن هذه الأسباب ليست مؤكدة أو معلومة لدينا، لأنه ليس من السهل قتل أحياء أو كائنات إحيائية كثيرة وعلى نطاق واسع إلا من خلال كارثة شاملة وكاسحة. وقد اجتاح الأرض انقراض كبير منذ 11 ألف سنة بسبب استمرار العصر الجليدي الأخير الذي قضى علي ثلثي الأحياء بشمال أمريكا وبقية القارات، وهذا العصر الجليدي لم ينحسر بعد من القطبين. لكن ثمة أنواع قاومت هذا الفناء الكبير ومن بينها نوع الإنسان الذي كان من الناجين، وبلغ بعده لأعلى مراتبه، فظهر الإنسان العاقل وتطور للإنسان الحديث الصانع الماهر والمفكر. وقد ينقرض البشر جتى بسبب الأسباب أعلاه أو بسبب الموت العشوائي أو بسبب التحول الوراثي لجنس آخر أو بسبب فقدان المعلومات الوراثية فجأة أو لأسباب بيئية غير متوقعة كالتعرض للإشعاعات النووية أو زيادة حرارة المناخ العالمي بسبب الدفيئة.[17]
أمثلة عن حيوانات ونباتات انقرضت
- مقالة مفصلة: قائمة الأنواع المنقرضة
مقالات ذات صلة
المراجع
- Kunin, W.E.; Gaston, Kevin, المحررون (1996). The Biology of Rarity: Causes and consequences of rare–common differences. . مؤرشف من الأصل في 14 فبراير 202026 مايو 2015.
- Stearns, Beverly Peterson; Stearns, S.C.; Stearns, Stephen C. (2000). Watching, from the Edge of Extinction. Yale University Press. صفحة preface x. . مؤرشف من الأصل في 26 يونيو 201930 مايو 2017. نسخة محفوظة 17 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- Novacek, Michael J. (8 November 2014). "Prehistory's Brilliant Future". نيويورك تايمز. مؤرشف من الأصل في 2 مايو 201925 ديسمبر 2014.
- Newman, Mark (1997). "A model of mass extinction". Journal of Theoretical Biology. 189 (3): 235–252. arXiv:. doi:10.1006/jtbi.1997.0508. PMID 9441817.
- G. Miller; Scott Spoolman (2012). Environmental Science – Biodiversity Is a Crucial Part of the Earth's Natural Capital. Cengage Learning. صفحة 62. . مؤرشف من الأصل في 14 فبراير 202027 ديسمبر 2014. نسخة محفوظة 7 أكتوبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- Mora, C.; Tittensor, D.P.; Adl, S.; Simpson, A.G.; Worm, B. (23 August 2011). "How many species are there on Earth and in the ocean?". PLOS Biology. 9 (8): e1001127. doi:10.1371/journal.pbio.1001127. PMC . PMID 21886479.
- Staff (2 May 2016). "Researchers find that Earth may be home to 1 trillion species". مؤسسة العلوم الوطنية. مؤرشف من الأصل في 3 مايو 201906 مايو 2016.
- Sahney, S., Benton, M.J. and Ferry, P.A. (2010). "Links between global taxonomic diversity, ecological diversity and the expansion of vertebrates on land". Biology Letters. 6 (4): 544–547. doi:10.1098/rsbl.2009.1024. PMC . PMID 20106856. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 13 ديسمبر 2019.
- Species disappearing at an alarming rate, report says. إم إس إن بي سي. Retrieved July 26, 2006. نسخة محفوظة 08 نوفمبر 2012 على موقع واي باك مشين.
- The Sixth Extinction على يوتيوب (PBS Digital Studios, November 17, 2014)
- Ceballos, Gerardo; Ehrlich, Paul R.; Barnosky, Anthony D.; García, Andrés; Pringle, Robert M.; Palmer, Todd M. (2015). "Accelerated modern human–induced species losses: Entering the sixth mass extinction". Science Advances. 1 (5): e1400253. Bibcode:2015SciA....1E0253C. doi:10.1126/sciadv.1400253. PMID 26601195. مؤرشف من الأصل في 20 نوفمبر 2019.
- Ripple WJ, Wolf C, Newsome TM, Galetti M, Alamgir M, Crist E, Mahmoud MI, Laurance WF (13 November 2017). "World Scientists' Warning to Humanity: A Second Notice". BioScience. 67 (12): 1026–1028. doi:10.1093/biosci/bix125. مؤرشف من الأصل في 16 نوفمبر 2017.
Moreover, we have unleashed a mass extinction event, the sixth in roughly 540 million years, wherein many current life forms could be annihilated or at least committed to extinction by the end of this century.
- إدوارد أوسبورن ويلسون, The Future of Life (2002) ((ردمك )). See also: ريتشارد ليكي, The Sixth Extinction : Patterns of Life and the Future of Humankind, (ردمك )
- Davis M, Faurby S, Svenning JC (2018). "Mammal diversity will take millions of years to recover from the current biodiversity crisis". Proc Natl Acad Sci U S A. 115 (44): 11262–11267. doi:10.1073/pnas.1804906115. PMC . PMID 30322924. مؤرشف من الأصل في 04 ديسمبر 2019.
- See: Niles Eldredge, Time Frames: Rethinking of Darwinian Evolution and the Theory of Punctuated Equilibria, 1986, Heinemann (ردمك )
- Maas, Peter. "Extinct in the Wild" The Extinction Website. URL accessed January 26 2007. - تصفح: نسخة محفوظة February 16, 2007, على موقع واي باك مشين.
- كتاب المفسدون في الأرض لأحمد محمد عوف