ازدهرت حضارة الموتشي (كما تُعرف باسم ثقافة الموتشيكا أو تشيمو المبكرة أو ما قبل تشيمو) في شمال بيرو وعاصمتها هواكاس ديل سوليادي لا لونا (Huacas del Sol y de la Luna) الواقعة بالقرب من مدينة موتشي بمقاطغة تروخيلو خلال الفترة من حوالي سنة 100م إلى سنة 800م، أثناء عصر التطور الإقليمي في بيرو. وفي حين أن هذه القضية مثار بعض الجدل، فإن كثيرًا من الباحثين يؤكدون أن الموتشي لم يكونوا منظمين سياسيًا كدولة أو إمبراطورية متماسكة. وبالأحرى كانوا على الأرجح مجموعة من النظم السياسية ذات الحكم الذاتي التي تتشارك ثقافة نخبة مشتركة، كما نراه في صناعة التماثيل الغنية والنصب التذكارية المعمارية التي توجد اليوم. وهم معروفون على وجه الخصوص بصناعة السيراميك المنقوش المتقن الخاص بهم وأعمال الذهب والإنشاءات الأثرية (هواكاس (huacas)) ونظم الري.[1] ويمكن تقسيم تاريخ الموتشي إلى ثلاث فترات – ظهور ثقافة الموشي في موتشي المبكرة (100- 300 ميلادية)، توسعها وازدهارها خلال فترة موشي الوسطى (300 - 600 ميلادية)، التنوي الحضري والانهيار اللاحق في موشي المتأخرة (500 - 750 ميلادية).[2] وكان مجتمع الموشي يعتمد على الزراعة، مع قدر كبير من الاستثمار في بناء شبكة من قنوات الري لتحويل مياه النهر لري محاصيلهم. وكانت ثقافتهم متطورة؛ وكانت أعمالهم الفنية تعبّر عن حياتهم، مع مشاهد مفصلة للصيد وصيد السمك والقتال والتضحية واللقاءت الجنسية والاحتفالات المتقنة.
تاريخ بيرو | |
---|---|
هذه المقالة جزء من سلسلة | |
حسب التسلسل الزمني | |
خط زمني | |
الحضارات القديمة | |
إنكا | |
الغزو الإسباني | |
النيابة الملكية على بيرو | |
الاستقلال | |
كونفدرالية بيرو وبوليفيا | |
Guano era | |
حرب المحيط الهادئ (1879-1884) | |
الحرب الإكوادورية-البيروفية | |
الصراع الداخلي في بيرو | |
حسب الكيان السياسي | |
إنكا | |
النيابة الملكية على بيرو | |
تاريخ بيرو | |
حسب الموضوع | |
Demographic history | |
التاريخ الاقتصادي | |
موسوعة بيرو |
ويتركز المجال الثقافي للموشي حول وديان عديدة على الساحل الشمالي لبيرو في مناطق لا ليبراتاد ولامبايكييه وجيكويتبيكييه (Jequetepeque) تشيكاما وموشي وفيرو وتشاو (Chao) سانتا ونيبانا (Nepena). ويُعد هواكا دي سول (Huaca del Sol)، بناء هرمي من الطوب اللبن على روي موشي (Rio Moche)، وهو البناء الأكبر في عصر ما قبل الكولومبي في بيرو. ومع ذلك، فقد دُمِر جزئيًا عندما قام الغزاة الإسبان بنبش مقابرها بحثًا عن الذهب. ولحسن الحظ ظلت هواكا دي لا لونا القريبة على حالها إلى حد كبير؛ فهي تحتوي على الكثير من الجداريات الملونة بصناعة التماثيل المعقدة. وكانت في إطار الحفريات الأثرية منذ أوائل التسعينيات. وتشمل مواقع موشي الرئيسية على سيبان (Sipan) وبامبا جراند (Pampa Grande) ولوما نيجرا (Loma Negra) ودوس كابيرزاس (Dos Cabezas) وباكاتنامو (Pacatnamu) وسان جوز دي مورو (San Jose de Moro) البيروجو (El Brujo) وموكولوب (Mocollope) وسيرو مايال (Cerro Mayal) وغاليندو (Galindo) وهونتشاكو (Huanchaco) وباناماركا (Panamarca).
الثقافة المادية
المعالم السياحية
فخار الموشي جزء من الفخار الأكثر تنوعًا في العالم. استخدام تقنية القولبة واضحة. وكان هذا من شأنه إتاحة الإنتاج الضخم لأشكال محددة. لكن السيراميك الموشي يتنوع بشكل كبير في الشكل والمضمون، مع توثيق للأنشطة الاجتماعية المهمة في صناعة الفخار، بما في ذلك الحرب والجنس والأعمال المعدنية والنسيج.
ويستخدم فن السيراميك البيروفي التقليدي على الساحل الشمالي لوحة ألوان رسم محدودة، معتمدة في المقام الأول على اللون الأحمر والأبيض:الرسم الدقيق والطين المقولب تمامًا والأشكال الواقعية والنوافير الركابية. ويُجسد سيراميك الموشي الذي نشأ بين عامي 150 - 800 ميلادية هذا النمط. وقد تم العثور على هذه الأواني الواقعية ليس فقط في المواقع الأثرية الكبرى في الساحل الشمالي، مثل هوكا دي لا لونا وسيبان، ولكن أيضًا في قرى صغيرة ومواقع دفن غير مسجلة كذلك.
ولأن الزراعة كانت مصدر الثروة وأساس الإمبراطورية، أكدت ثقافة الموشي على أهمية الجريان والتدفق. وللاستطراد في هذا، ركز الموشي على مرور السوائل في أعمالهم الفنية، لا سيما سوائل الحياة من خلال الفوهات البشرية الضعيفة. وهناك عدد لا يُحصى من صور المحاربين المهزومين وهم يفقدون سوائل الحياة من أنوفهم أو الضحايا العجزة الذين انتزعت الطيور أو الخاطفون عيونَهم. وتوضح صور الأسرى عبيد الجنس بالفتحات الغائرة والسوائل المتسربة مدى التعرض المفرط والإذلال وفقد السلطة.
وغالبًا ما يكون تلوين فخار الموشي بسيطًا، بالكريم الأصفر والأحمر الغني ويُستخدم بشكل حصري تقريبًا على القطع الأثرية الخاصة بالنخبة، وباللون الأبيض والأسود حيث يُستخدم في القطع البسيطة فقط. وقد دُمرت معظم أبنيتهم الطينية بواسطة النهب والقوى الطبيعية على مدار 1300 عام الماضية، لكن هواكاس لا تزال باقية لتُظهِر أن تلوين جدارياتهم كان نابضًا بالحياة للغاية.
قد يكون التفصيل الواقعي في سيراميك الموشي ساعد في استخدامها كنماذج تعليمية. وقد تُمَرِر الأجيال الأكبر معارف عامة عن المعاملة بالمثل وتجسيدها للأجيال الشابة من خلال هذا التصوير. ويمكن أن تُعلم أواني الجنس عن الإنجاب والمتعة الجنسية والقواعد الاجتماعية والثقافية، كنوع من الخلود، ونقل للحياة والنفوس والتحول والعلاقة بين وجهتي النظر الدورية للطبيعة والحياة.
ولقد نسج الموشي الأقمشة - معظمها من الصوف من فيكونيا (vicuña) والألبكة (alpaca). رغم أن هناك عددًا قليلاً من النماذج الباقية من هذا، هناك تقاليد نسيجية قوية لدى أحفاد شعب الموشي.
صورة وعاء موشي، متحف دو كاي برانلي (Musée du Quai Branly)، باريس (Paris)
غزال في وضع الراحة، حضارة موشي، في مجموعة متحف لاركو
كوندور (Condor)، 300 سنة قبل الميلادمجموعة متحف لاركو ليما (Lima)، بيرو.
تصوير سيراميك موشي يصف فيلاتيو. 300 سنة قبل الميلاد مجموعة متحف لاركو
الديانة
يبدو أن كلاً من صناعة التماثيل والهياكل العظمية البشرية في سياقات الطقوس تشير إلى أن التضحية البشرية لعبت دورًا هامًا في ممارسات موشي الدينية. وتظهر هذه الطقوس أن النخبة يشاركون كجهات فاعلة رئيسية في مشهد المشاركين بالملابس والإعدادات الضخمة وربما طقوس استهلاك الدم. وفي حين أن بعض الباحثين، مثل كريستوفر ب. دونان (Christopher B. Donnan) وايزومي شيمادا (Izumi Shimada) يقولون أن الضحايا المفدى بهم هم الخاسرون للمعارك الشعائرية بين النخبة المحلية، ويشير آخرون مثل جون فيرانو (John Verano) وريتشارد سوتر (Richard Sutter)، إلى أن الضحايا المُفدى بهم من المحاربين المأسورين في المعارك الإقليمية بين موشي ومجتمعات أخرى قريبة. وقد وجدت الحفريات في الساحات بالقرب من موشي هواكاس مجموعات من الناس المُضحى بهم معًا وهياكل عظمية لشباب قد ألحق بهم مجرد عمدًا، وربما للاستخدام في عروض المعبد.[3]
وربما اعتقل الموشي الضحايا وعذبوهم لأسابيع عدة قبل التضحية بهم، بقصد سفك الدم عمدًا. ويعتقد فيرانو (Verano) أن بعض أجزاء الضحية ربما أُكلت كذلك في أكل لحوم البشر الشعائرية.[3] وربما ارتبطت التضحيات بطقوس تجديد الأسلاف والخصوبة الزراعية. تتميز صناعة التماثيل الموشية بشكل يطلق عليه العلماء اسم "آلة فصل الرأس" أو أي أبيك؛ ويظهر في كثير من الأحيان كعنكبوت، لكن أحيانا كمخلوق مجنح أو وحش بحري: وترمز الأشكال الثلاثة معًا للأرض والماء والهواء. وعندما يتم تضمين الجسم، يظهر عادة الشكل بذراع يمسك بسكين واليد الأخرى تمسك رأسًا مقطوعًا من شعرها؛ كما يظهر أيضًا على هيئة "شكل بشري بفم نمر وأنياب مزمجرة".[4] ويُعتقد أن "آلة فصل الرأس" قد حظيت باهتمام المشاركين في المعتقدات المحيطة بممارسة التضحية.
الانهيار
هناك العديد من النظريات حول ما تسبب في سقوط الهيكل السياسي لموشي. وقد أكد بعض العلماء على دور التغير البيئي. وتكشف دراسات عينات باطن الجليد المحفورة الأنهار الجليدية في جبال الأنديز (Andes) الأحداث المناخية بين 536 إلى 594 ميلادية، وربما النينو (El Niño)، والذي نتج عن 30 عاما من الأمطار الشديدة والفيضانات والتي تلتها 30 عاما من الجفاف، كجزء من آثار التغيرات المناخية في 535 - 536..[5] وقد عوقت أحداث الطقس تلك من طريقة الموشي في الحياة وبددت ثقتهم في دينهم، والذي كان يعدهم بطقس مستقر خلال التضحيات.
ولكن في الآونة الأخيرة ظهرت أدلة تثبت أن هذه الأحداث لم تتسبب في انهيار الموشي النهائي. حيث نجت نظم الموشي السياسية واستمرت إلى ما بعد عام 650 ميلادية في وادي جيقويتيبيك (Jequetepeque) ووديان موشي. فعلى سبيل المثال، في وادي جيقويتبيك، تميزت المستوطنات في وقت لاحق بالتحصينات والأعمال الدفاعية. وفي حين لا يوجد دليل على غزو خارجي، كما أشار كثير من الباحثين في الماضي (أي أري الغزو) تشير الأعمال الدفاعية إلى الاضطراب الاجتماعي، والتي ربما وقعت نتيجة للتغيرات المناخية، حيث حاربت الفصائل من أجل السيطرة على الموارد الشحيحة على نحو متزايد.[6]
الروابط مع الثقافات الأخرى
حسب التسلسل الزمني، كان الموشي الفترة الوسيطة الأولى الثقافة، التي سبقها أفق تشافين ونجحت بواسطة الاري وتشيمو. تعايش الموشي مع ثقافة الأيكا-نازكا (Ica-Nazca) في الجنوب. ويُعتقد أنه كان لديهم بعض الاتصال المحدود مع الأيكا-نازكا لأنهم نَقًبوا الغوانا (guano) لإنتاج الأسمدة وربما تاجروا مع الشماليين. وعثر على الفخار الموشي بالقرب من أيكا (Ica)، لكن لم يتم العثور على أي فخار خاص بأيكا-نازكا (Ica-Nazca) في أراضي الموشي. وتعايشت كذلك ثقافة موشي الساحلية (أو تداخلت في ذلك الوقت) مع الثقافة التي سبقتها قليلاً ريكواي في المرتفعات. ويمكن إرجاع بعض زخارف الموشي التصويرية إلى عناصر تصميم ريكواي.
اكتشافات القرن الواحد والعشرين
وفي عام 2005 أُكتشفت امرأة محنطة من موشي في هواكا تساو فيجو (Huaca Cao Viejo)، جزء من إل بروجو (El Brujo) الموقع الأثري في ضواحي تريخيللو، بيرو الحالية. وهذه هي أفضل مومياء من الموشي محفوظة عُثر عليها حتى الآن والقبر المتقن الذي يأويها ليس له مثيل. ويعتقد علماء الآثار على هذا الموقع أن هذه المقبرة لم تمس منذ عام 450 ميلادية تقريبًا. ويشتمل القبر أيضًا على مختلف الأعمال الفنية العسكرية والزخرفية، بما في ذلك نوادي الحرب ورماة الرمح. وقد وجدت امرأة شابة مخنوقة، على الأرجح خادمة في قبر مع مومياء لامراة من المحتمل أنها من النخبة. وأعلن علماء الآثار من بيرو والولايات المتحدة عن أخبار اكتشاف بالتعاون مع ناشيونال جيوغرافيك (National Geographic) في مايو 2006.[7]
وفي عام 2006 ظهرت ربما القطعة الأثرية الأفخم المكتشفة في أي وقت مضى آلهة، بلوالب جميلة تشع منها الأحجار المرصعة. ويعتقد الخبراء أن القطعة الأثرية ربما تكون قد نُهِبت من مقبرة للنخبة في موقع الموشي لا مينا (La Mina) في أواخر الثمانينيات؛ وقد عادت الآن إلى بيرو.[8][9]
مقالات ذات صلة
- خارطة الموشي
- تشيمو (Chimu) إمبراطورية، أثرت بشدة في ورثة الموشي
- الفترات الثقافية في بيرو
- ال سينور دي سيبان (El Señor de Sipán) (لورد أوف سيبان)
- سنور موشي الزاحف
- تريخيللو، بيرو
- فيستا أليغرا (Vista Alegre)
- فيكتور لاركو
- هوانتشاكو (Huanchaco)
- بوينس أيريس
- والتر ألفا
مراجع
- Beck, Roger B. (1999). World History: Patterns of Interaction. Evanston, IL: McDougal Littell. .
- Bawden, G. 2004. "The Art of Moche Politics", in Andean Archaeology. (ed. H. Silverman). Oxford: Blackwell Publishers.
- "الطقوس القاتمة للموشي"، علم الأثار، المجلد 55 رقم 2، مارس/أبريل2002، الوصول 2 مارس، 2006 (Archaeology, Volume 55 Number 2, March/April 2002, accessed March 2, 2006) نسخة محفوظة 08 يوليو 2006 على موقع واي باك مشين.
- "Moche Culture". مؤرشف من الأصل في 21 نوفمبر 201722 مايو 2012.
- Keys, David, Catastrophe: A Quest for the Origins of the Modern World, Ballantine Books, New York, 1999
- N. Davidson, "Lost society tore itself apart", BBC Horizon, BBC Website, 2 March 2005, accessed 4 March 2005 نسخة محفوظة 11 يناير 2009 على موقع واي باك مشين.
- Norris, Scott. "Mummy of Tattooed Woman Discovered in Peru Pyramid", National Geographic News, May 16, 2006. Retrieved on May 16, 2006. نسخة محفوظة 09 يوليو 2006 على موقع واي باك مشين.
- Lovett, Richard A. "Photo in the News: Looted Peru Headdress Recovered in London", National Geographic News, August 18, 2006. Retrieved on December 18, 2010. نسخة محفوظة 15 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.
- "London: Police seize prized ancient headdress", Jerusalem Post, retrieved on December 18, 2010. نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
كتابات أخرى
- Schmid, Martin, Die Mochica an der Norküste Perus. Religion und Kunst einer vorinkaischen andinen Hochkultur. Hamburg, 2008
وصلات خارجية
- "A Peruvian Woman Warrior of A.D. 450" New York Times, 17 May 2006, by John Noble Wilford
- BBC:"The Lost Civilization of Peru" Includes bibliography.
- Gallery of Moche erotic pottery at the Larco Museum
- Grim rites of the Moche
- Linked National University of Trujillo, IBM, National Geographic & press reports on El Brujo Archaeological project
- Sun and Moon Huacas Official Project information
- Temples Of Doom - human sacrifice, Discover, March 1999 by Heather Pringle
- "Sacrificial Practices and Blood Rituals Among the Moche People of Ancient Peru" by Francesco Sammarco
- Moche pottery and the practice of war على يوتيوبHorniman Museum video on YouTube channel
- The Moche of Ancient Peru: Media and Messages by Jeffrey Quilter. Peabody Museum Press 2011.