الرئيسيةعريقبحث

عين الحوت


☰ جدول المحتويات


عين الحوت قرية صغيرة في ضاحية تلمسان شمال غرب الجزائر. تبعد عن وسط المدينة ببضع كيلومترات وتقع ضمن نطاق تلمسان الكبرى، تعد تابعة إداريا لبلدية شتوان، وهي قرية عتيقة ذات تاريخ عريق آوت وأنجبت شخصيات عديدة كان لها أثر كبير في تاريخ تلمسان وبلاد المغرب عامة مثل المولي محمد بن سليمان بن عبد الله الكامل والإمام أبي عبد الله الشريف التلمساني وسيدي عبد الله بن منصور الحوتي.

عين الحوت
عين الحوت بداية القرن العشرين (حوالي 1908)
عين الحوت بداية القرن العشرين (حوالي 1908)
معلومات
البلد  الجزائر
ولاية ولاية تلمسان
دائرة دائرة شتوان
بلدية شتوان

الموقع والتسمية

هي قرية صغيرة شمالي تلمسان تبعد عن وسط المدينة سبعة (7) كلومترات. تقع في سفح هضبة عين الحوت أسفل حي أوجليدة مقابلة لمرتفع شتوان وتعد مبتدأ سهول تلمسان الشمالية الواسعة لها طريق رئيسي واحد تتركز فيه كل مصالح القرية بدءا من العين والمسجد والحمامات والأفران والمساكن قديما إلى مختلف الدكاكين والمقاهي حديثا ولا يتعدى سكانها عشرة آلاف ساكن[1] . ارتبط اسمها بتاريخ تلمسان فلا يكاد يخلو كتاب تاريخ من ذكرها. كانت تسمى قديما بقرية الأشراف العلويين[2] و تختصر بالعلويين وعرفت أيضا بمدينة الزهور لكثرة الرياض والبساتين بها أما تسمية عين الحوت فهي متأخرة ظهرت بداية القرن التاسع الهجري (الخامس عشر ميلادي) نسبة إلى عين غزيرة في مدخل القرية محاطة بصهريج صغير فيه بعض الأسماك الحمراء والبنفسجية التي مازالت موجودة إلى الآن .

التاريخ

الإمارة السليمانية

كان الأمازيغ الأصليون من بني يفرن و المغراويين أول من استوطن تلمسان وانتشر بنواحيها وكانوا منتشرين بسهولها ولم تعرف لهم تجمعات سكنية بمحيط عين الحوت وكانت نقطة التحول في تاريخها قدوم المولى محمد بن سليمان بن عبد الله الكامل المحض بن الحسن المثنى بن سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما إلى تلمسان فارا من موقعة فخ قرب مكة المكرمة سنة 169 هـ وقيل والده سليمان بن عبد الله[3] و الأصح أنه محمد بن سليمان وهو الذي عليه جمهور المؤرخين والأغلب أن محمد بن سليمان ولد لأبيه بالحجاز وأمه لبانة بنت لشاشة الفزاري[4] و قد قتل بفخ كثير من العلويين على يد العباسيين منهم أبو محمد سليمان بن عبد الله الكامل[4] و استقر به المقام بعين الحوت فكان أول من أسسها نظرا لموقعها كملتقى لطرق تلمسان "و من ذلك الحين دعيت قرية العلويين أيضا إلا أنه غلب عليها اسم عين الحوت فيما بعد" [5] و بايعته قبائل تلمسان كلها على السمع والطاعة و الإمارة بعد أن عرفوا نسبه وعلمه و صلاحه فكانت الإمارة السليمانية بتلمسان سنة 173 هـ (790 م) و التي انضوت فيما بعد تحت لواء الدولة الإدريسية بعد أن بايع المولى محمد بن سليمان بن عبد الله لابن عمه إدريس الثاني بن إدريس سنة 199 هـ (815 م) فجعل له إمارة تلمسان وما بعدها من المغرب الأوسط سنة 202 هـ (818 م) و رجع إلى فاس [6] . فأقام محمد بن سليمان بعين الحوت أميرا وعالما و فقيها ناشرا للدين والعلم و تزوج بها من امرأة من حلفاءه البربر الأمازيغ وأعقب عشرة ذكور أعقب منهم أربعة فكانوا أصل الشرفاء السليمانيين في بلاد المغرب والمشرق وتوفي رحمه الله بوهران ودفن بجبل وهران [7] بعد أن قسم الإمارة السليمانية على أولاده وكان خليفته من بعده ابنه أحمد بن محمد بن سليمان وبقيت عين الحوت من بعده مستقرا لأبنائه فكانت دار الإمارة السليمانية ومهد نشر وتعليم الدين الحنيف وتعتبر مرحلة الإمارة السليمانية أولى مراحل تاريخ عين الحوت وأهمها و قد عمرت وازدهرت في هذه المرحلة ولقبت بقرية الأشراف العلويين ومن آخر أمراءها محمد بن أحمد بن القاسم بن محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن عبد الله الكامل[3] و ابنه القاسم بن محمد بن أحمد بن القاسم بن محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان بن عبد الله الكامل[8] و قد ترك بنو سليمان تلمسان ولم يبق منهم بها أحد أوائل القرن الرابع الهجري (التاسع الميلادي) و انتشروا في ربوع البلاد وتملكها بعدهم رجل من أبناء ملوك زناتة[9] و لم يبق من آثارهم إلا مكان المسجد العتيق الذي جدد من بعد وقبر محاط بأسوار صغيرة كانت أمامه نخلة طويلة قيل هو قبر المولى سليمان بن عبد الله الكامل رحمه الله حسب الروايات التي تثبت أنه هو من دخل تلمسان وقد ذكر بعض النسابين حفيدا لمحمد بن سليمان اسمه سليمان بن أحمد بن محمد بن سليمان بن عبد الله[10] و لعله هو دفين عين الحوت فاختلط خبره على المؤرخين.

الأشراف الحموديون

و بعد أن هجر بنو سليمان تلمسان انقطع ذكر أخبار عين الحوت مدة من الزمن لكنها ظلت معروفة بقرية العلويين وبقيت قبلة للعديد من أهل المغرب والأشراف خاصة ويعلم من هذه المرحلة نزول بعض الأشراف الأدارسة من الحموديين أصحاب جزيرة صقلية من بني عمر بن إدريس الثاني بن إدريس الأكبر بعين الحوت وكانوا فيها أواسط القرن السابع الهجري أي حوالي سنة 650 هـ (1250 م) و ربما وفدوا إليها قبل ذلك بزمن وكان منهم الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الشريف التلمساني العالم الأصولي الشهير وعلامة تلمسان بزمنه بلا منازع صاحب كتاب "مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول" ولد بعين الحوت سنة 710 هـ (1310 م) [11] و توفي بتلمسان سنة 771 هـ (1370م)[12] بنا له أبو حمو موسى الثاني الزياني المدرسة اليعقوبية وجعله قائما عليها وزوجه ابنته ودفنه بالمدرسة جنب أبيه أبي يعقوب و عمه السلطان أبي سعيد و منهم أيضا ابناءه أبو محمد عبد الله الغريق بن الشريف التلمساني و أبو يحي عبد الرحمن بن الشريف التلمساني و مازالت ذريته معروفة بتلمسان من عائلة "بو عبد الله " و تعتبر هذه المرحلة الثانية من تاريخ عين الحوت إلى أواخر القرن الثامن الهجري (الرابع عشر ميلادي) و بعين الحوت قبر أحد أحفاد الشريف التلمساني وهو أبو عبد الله الشريف الحوتي وعائلته .

آل بن منصور

و وفد إلى عين الحوت في بدايات القرن التاسع الهجري (الخامس عشر ميلادي) "عبد الله بن منصور الحوتي بن يحي بن عثمان" و قد اختلف في نسبه أهل علم النسب . و قيل انه من الأدارسة وقد ترجم له "ابن مريم التلمساني" في البستان فقال "عبد الله بن منصور الحوتي بن يحي بن عثمان المغراوي "[13] و قد ذكر محقق كتاب البستان في طبعته الجديدة أن "ابن مريم" توفي بعد سنة 1025 هـ 1616 م [14] لذلك فهو أقرب من ترجم لعبد الله بن منصور زمنا وقد نقل بعض أخباره من "جيران داره بدرب الأندلسيين"[15] و تعد ترجمته أوثق الروايات. و "المغراوي" نسبة لأرض ومجال قبيلة مغراوة الرئيسي بين وهران و "حوض الشلف" من بلاد المغرب الأوسط (الجزائر).و ذكره محمد بن يوسف الزياني ضمن علماء وأولياء مغراوة فقال: "ومنهم ذو الكرامات الرّائقة والخوارق الفائقة، أبو محمد عبد الله بن منصور الحوتي بتلمسان"[16] .و ذكره أيضا النسابة القاضي حشلاف في كتابه الشهير "سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول" ضمن ذرية عبد السلام بن مشيش في مغراوة مع البوعبدليين من ذرية القاضي "واضح بن عثمان المغراوي"[17] فقال: " ومنهم الشيخ عبد الله بن منصور الحوتي" [18] و "يحي بن عثمان المغراوي" و أخوه "واضح بن عثمان المغراوي" هما ابنا [عثمان بن محمد بن عيسى بن أحمد فكرون بن محمود القاسم بن عبد الكريم بن محمد بن عبد الله بن أحمد] من ذرية محمد بن عبد السلام بن مشيش العلمي[19] . و قد ذكر النسابة الشباني في كتابه " مصابيح البشرية في أبناء خير البرية " أن عبد الله بن منصور ينتسب إلى سيدي الشرقي من العمرانيين وهو سيدي الشرقي بن أحمد بن عمران بن محمد بن داوود بن موسى بن عمران الأكبر بن يزيد بن صفوان بن خالد بن زيد بن عبد الله بن إدريس الثاني بن إدريس الأكبر [20] و لم يزد على ذلك .
و قد عرف انه "كان رجلا بسيطا محبا للخير ملتزما بمبادئه زاهدا في أخلاقه"[21]. و قد كان له لقاء مع سلطان تونس أبو عمرو عثمان الحفصي الذي غزا تلمسان سنة 870 هـ (1465م) فجاءه الشيخ عبد الله بن منصور ناهيا وناصحا و كانت له وقائع كثيرة مع سلطان تلمسان أبو عبد الله الثابت الزياني وغيره مما ذكره ابن مريم التلمساني في ترجتمه لسيدي عبد الله بن منصور الحوتي في كتابه "البستان في ذكر العلماء والأولياء بتلمسان"و قد كان ذا منزلة عظيمة في تلمسان وكان له دار بدرب الأندلسيين[15] لكنه كان أغلب أيامه بعين الحوت وكان يستغيث به أهل المدينة ليشفع لهم عند السلطان وغيره فيما أصابهم من أهوال خاصة أنه عاصر أواخر زمن دولة بني زيان الذي كثرت فيه الفتن وكان إذا جاء "حصن المشور" فتح له الحراس أبوابه وأدخلوه إلى السلطان وروي أنه كان مستجاب الدعاء والله أعلم فكان السلطان يخاف أن يدعو عليه وفي "البستان" أنه ذات يوم دخل المدينة فوجد الناس في الجامع الأكبر في هرج ومرج عظيم وقد طالبهم السلطان بسلف كبير من الأموال فلما رأوه طلبوا شفاعته عند السلطان فذهب إلى "المشور" يطلب العفو عن الناس بعدما رأى أمرهم وهاله حالهم فامتنع السلطان فقال له الشيخ "أفسدت بيت مال المسلمين وتطلبهم السلف والله لا يعطونك إلا الوجع" و خرج من عنده فما لبث أن أصابه وجع ببطنه فانطلق وزراء السلطان في إثره وأعادوه من باب زاوية سيدي الحلوي ليرقي للسلطان ويدعو له بالشفاء[22] و في "البستان " أيضا أنه ذهب يوم الجمعة يصلي بجامع "الحنايا" و كان السلطان يصطاد برياضها فلما أدركته الصلاة جاء يصلي بالجامع والخدم يبسطون له الزرابي والفرش فقام إليه الشيخ ينهاه عن ذلك ويزجره قائلا : "تكبرت تمشي على الفرش" فاستمع السلطان لكلامه وقبل نصحه[23] . و كان الشيخ عبد الله بن منصور كثير العبادة والتبتل و كانت له خلوة بمغارة تدعى "غار بنت عامر" قرب عين الحوت يعتزل فيها الناس ويتفرغ للعبادة والتضرع[24] . و قد تزوج من امرأة اسمها السيدة مريم بنت محمد أبي عبد الله الشريف الحوتي صاحب عين الحوت وسيدها و قيل أنه سليماني ولكنه قول ضعيف لأن بني سليمان تركوا تلمسان في القرن الثالث الهجري كما قال ذكرنا من قبل وتحقيق زمن حياة أبي عبد الله الشريف الحوتي وذريته يبين لنا أنه حفيد الإمام الشريف التلمساني من ابنه الذي يكنى به عبد الله الغريق وكان عبد الله يكنى بأبي محمد لأن بني الإمام الشريف التلمساني كانوا أشراف عين الحوت وسادتها حينئذ وبهذا تكون زوجة الشيخ عبد الله بن منصور هي السيدة مريم بنت محمد بن عبد الله بن محمد أبي عبد الله الشريف التلمساني الإدريسي وكانت تدعى ب"لالة مريم" كما قال ابن مريم في "البستان" أن السلطان أبو عبد الله الثابت الزياني لما ذهب لعين الحوت نادى عند باب بيت الشيخ عبد الله " يا لالة مريم ..."[24] و قد ورث الشيخ السيادة عن أصهاره وأصبح صاحب عين الحوت وسيدها و أنجبت له السيدة مريم بضعة أبناء منهم : محمد الأكبر المدعو حمو والعربي و محمد الأصغر المدعو الإمام وجابر و العباس وقد أنجب بعضهم وكانوا أصل ذريته الكريمة ومن ذريته الشيخ "سيدي محمد بن علي" الذي عاش في القرن الحادي عشر الهجري (السابع عشر ميلادي ) و كان شيخ زاوية عين الحوت وكان أبوه "علي بن محمد" قاضيا بتلمسان وكان كثير الخلوة والتعبد و له مؤلف في هذا وقيل كان صوفيا عابدا والله أعلم وقد أرسى ركائز مدرسة عين الحوت وزاويتها فاشتهرت خاصة بتعليم القرآن الكريم بالمسجد العتيق وكان لها أتباع كثيرون من مدينة تلمسان ومن مناطق أخرى إذ كان الولاء لإحدى الزوايا شائعا وكان أكابر أهل المدينة يزورون عين الحوت ويعلنون ولاءهم لزاويتها توقيرا لأهلها وممن نذكر منهم شاعر تلمسان الشهير "ابن مسايب" الذي "فر إلى عين الحوت مستجيرا بشرفائها من الحاكم التركي" الذي أمر بسجنه[25] و أعلن توبته بها وقال فيها قصيدته الشهيرة[26] :

يا أهل الله غيثوا الملهوفمن قبل لا يتمرمد فكوه
كيف يهنا من سكنه الخوفو انزحم طلابه عليه
وين أهل الله كلتهمو عسى تحضر بركتهم
تحضر لنا غاياتهمندرك الشي اللي دركوه
وين أهل الله بالجملةشرق و غرب جوف و قبلة
منهم سيدي عبد اللهالتهامي الحسني سبطه


و هي قصيدة طويلة أعلن بها "ابن مسايب" توبته من الغزل و التشبيب و مدح فيها مشايخ المغرب و المشرق و بدأ بذكر عبد الله بن منصور الحوتي الذي أجاره أحفاده و آووه لمكانتهم المحترمة عند حكام الأتراك و انطلق بعدها إلى مكناس بالمغرب الأقصى.

المرحلة العثمانية

و خلال فترة الحكم العثماني للجزائر كانت لأهل عين الحوت مكانة مميزة عند الدايات و البايات و قد أصدر الداي الحاج أحمد باشا سنة 1695 م أمرا لصالح أولاد عبد الله بن منصور بعين الحوت ينص على شرفهم و إعفاءهم من الرسوم ووجوب احترامهم وحسن معاملتهم تجديدا لأوامر سابقة لمن كان قبله من الحكام[27].
و قد أمر الداي الدولاتي علي باشا سنة 1761 م ببناء ضريح الشيخ سيدي محمد بن علي[28] كما أمر الباي مصطفى المنزالي باي الغرب سنة 1802 م ببناء ضريح سيدي عبد الله بن منصور [29] هي المعالم الوحيدة التي بناها الأتراك بتلمسان إلى جانب جامع سيدي اليدون و دار الحكم التي عرفت بدار البايلك.[30] و قام علي باشا بإصدار مرسوم إعفاء آل عبد الله بن منصور من الضرائب[31].
أمر الحاج أحمد باشا داي الجزائر بين 1695 م و 1697 م [32] لصالح أهل عين الحوت سنة 1107 هـ 1695 م :
" الحمد لله وحده و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلّم تسليما، ليعلم من يقف على هذا الأمر الكريم و الخطاب الواضح الجسيم، النافذ أمره، و العليّ شأنه و قدره، من المعظمين الباي لار و كافة القواد و العمال، و الخاص و العام، و جميع المتصرفين بالأحوال ببلد تلمسان سدّد الله الجميع و وفّق الكل إلى صالح القول و حسن الصنيع.
أما بعد، فإنّا أنعمنا على المعظمين الأخيار السادات الشرفاء أهل عين الحوت ببلد تلمسان ، و جدّدنا لهم حكم الأوامر التي بأيديهم لإخواننا الباشا لار، و الحكام المتقدمين قبلنا بحرمهم و احترامهم، و رعيهم و إكرامهم، و حفظ جنابهم، بحيث لا تهتك لهم حرمة، و لا يهضم لهم جناب، و لا يصلهم أحد بأذيّة و لا مكروه، و لا يقاس بما يقاس بهم غيرهم.
و أن لا يطالبهم أحد بمطلب كان من جميع المطالب المخزنية، و الوظائف السلطانية قلّت أو جلّت، و لا لأحد إليهم من سبيل بوجه من الوجوه، و أجريناهم في جميع أمورهم و كافة شؤونهم و مآربهم على سبيل عاداتهم و عادة السادات الأشراف أوايلهم قبلهم و لا يُطالبون بعشر و لا بقانون مثل ما هي عادات السادات أوايلهم قبلهم.
كل ذلك مراعات (كذا) منالهم، و رغبة في شفاعة جدهم المصطفى صلّى الله عليه و سلّم و شرّف و كرّم و مجّد و عظّم، من غير معارض لهم في ذلك، و لا منازع، و لا مدافع، إنعاما تامّا، و تحريرا مطلقا مفوّضا شاملا عامّا، فحسبُ من يقف عليه أن يعمل بما فيه و لا يخالف أحدٌ عليه و لا يتعدّاه و من تعدّ (كذا) الحد فقد استجوب الحدّ و الله الموفّق للصواب، و إليه المرجع و المآب، لا رب غيره، و لا معبود سواه، و الأمر كله له، و ما توفيقي إلا بالله و لا حول و لا قوة إلا بالله، و السّلام.
و كتب عن إذن المعظم الأرفع، الدولاتي السيد الحاج أحمد لطف الله به آمين.
أواخر صفر الخير عام 1107 هـ " [33]

الاحتلال الفرنسي

وعند احتلال تلمسان من طرف الفرنسيين سنة 1842 صارت عين الحوت تحت وصاية السلطات الاستعمارية مثل باقي مناطق الجزائر لكن قوات الاحتلال لم تتمركز بالقرية إلى اندلاع الثورة التحريرية سنة 1954 حيث قامت السلطات الفرنسية ببناء برج مراقبة عسكري على هضبة عين الحوت يحيط بضريح سيدي عبد الله بن منصور من كل الجهات و كان مجهزا بأقبية و سجون و أبراج مراقبة و أماكن للتعذيب كما لم يستوطنها أي من المعمرين الأوربيين إلى أن قام الاحتلال ببناء المدرسة الابتدائية سنة 1935 و عين بها مدير و معلم أوربيان[34] و كانت عين الحوت منطقة معروفة خلال الثورة التحريرية فقد كانت سهولها المنبسطة مركز إمداد و عبور للكثير من كتائب جيش التحرير الوطني و قد سقط الكثير من أبناءها شهداء فوق أرض الوطن في سبيل الله من أجل تحرير الأرض. نذكر منهم "اليبدري منصور" و "الإخوة عبد الرحيم و حبيب بن منصور" و "سليمان برزوق" و "البرنوسي" و غيرهم كثير رحمهم الله.

ما بعد الاستقلال

و بعد الاستقلال صارت عين الحوت تابعة لبلدية شتوان حسب التقسيم الإداري الجديد بعد أن كانت تابعة لبلدية تلمسان و مضى عليها نصف القرن كأن لم يتغير بها شيء و مازالت بطريقها الرئيسي الوحيد و تنقصها بعض المرافق الأساسية لكن رغم كل مشاكلها فإنها مازالت تفخر بتاريخها المجيد و مازال أهلها يعتزون بأصلهم و نسبهم و تاريخهم و ما زالوا كذلك يحضون بمكانتهم بين سكان تلمسان.

العادات و التقاليد و المواسم

ككل المسلمين في الأرض يمثل عيدا الفطر و الأضحى أهم الأعياد و عادات الأعياد تكاد تكون نفسها عند جميع المسلمين. معظم هذه العادات كانت في الماضي و قد تركها معظم الناس خاصة بعد انتشار الحركات الإصلاحية في العالم الإسلامي و نذكرها في هذا السياق كمادة تاريخية لأحداث و وقائع كانت جزءا من تاريخ المجتمع.
و كان أهل مدينة تلمسان يزورون الأولياء ابتداء من ثالث أيام العيدين لما كانوا يعتقدون من التبرك بالأولياء و كانوا يبدؤون زيارتهم في اليوم الثالث بعين الحوت فيأتونها سيرا على الأقدام من المدينة رجالا و نساء و أطفالا يمضون يومهم بها و كانوا إذا وصلوا إلى القرية وضعوا متاعهم و دوابهم بجوار أشجار الزيتون عند مشارفها[35] و كان أتباع "عيساوة" يأتون في هذا اليوم لعين الحوت يقيمون بها مهرجانهم و ألعابهم و يغنون قصائدهم و أغانيهم [35]
أما المولد النبوي فقد كان يحتفل به بعين الحوت كأهل المدينة إذ يجتمع الرجال بعد صلاة العشاء بالمسجد العتيق ينشدون قصائد المديح المختلفة و يتلون القرآن إلى الفجر. و كانت العائلات تقوم بتحضير المأكولات والحلويات الخاصة بالمناسبة و تزيين البنات بالألبسة التقليدية مثل "القرفطان" و تقوم أحيانا بختان الأطفال .
و كان اليوم السابع بعد المولد يسمى "بيوم التشويشة"، يقام به احتفال بهيج بجانب ضريح "سيدي محمد بن علي" [36] تُغنى فيه قصائد الحوفي النسائي التلمساني المشهورة بتلمسان.و الكثير من هذه القصائد تتغنى بعين الحوت و أوليائها و أهلها الشرفة (الشرفاء) المعروفين و المحترمين بمدينة تلمسان و منها:

سلامي على الشــــــرفا موالين عين الحوت
سلامي على المرابطين سلامي قنوت قنوت
وعلى سيدي عبــد الله والثريا من الياقوت
وعلى محمــد بن علي وخضــــرة التابوت
وعلى بن عبــــــد الله اميــــر عين الحوت

و يقصد بالبيت الأخير المولى سليمان بن عبد الله الكامل.
أما الأعراس فكان يحتفل بها مثل أهل مدينة تلمسان إذ كانت عين الحوت من أقرب ضواحي المدينة و كانت الأعراس تقام سبعة أيام و ليالي و يمكن أن تصل إلى الأربعة عشر يوما تقام فيها مختلف الإحتفالات و العادات، وكانت الأجواق الموسيقية للمدينة تحيي ليالي الأعراس بعين الحوت مثل فرقة الشيخ محمد بن العربي بن صاري و الشيخ أحمد ملوك[37] .و كانت للجنائز أيضا عادات معينة مثل عادات المدينة.
و من المواسم عيد "يناير" أو "الناير" و هو رأس السنة الأمازيغية و هو عيد فلاحي قديم تقوم فيه العائلات بتحضير الأطعمة و الحلويات الخاصة بالمناسبة.
و من أبرز الإحتفالات الدينية ليلة السابع و العشرين من رمضان و التي يختم فيها القيام و صلاة التراويح و عاشوراء التي يحتفل بها بالصيام و تحضير أنواع معينة من الطعام و إخراج زكاة الأموال.

التركيبة السكانية

كما ذكرنا كان الأمازيغ الأولون أول من استوطن سهل عين الحوت مثل معظم بلاد المغرب لكنهم لم يقيموا بها تجمعا سكنيا معروفا إذ مكان القرية اليوم كان خاليا أيامهم.
و كان أول من أنشأ القرية و استقر بها المولى محمد بن سليمان بن إمام المدينة النبوية عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما و تزوج بها و أنجب بها أولاده و منهم إدريس و عيسى و أحمد و الحسن و إبراهيم و حمزة و علي وعبد الله المعروف بالفقيه المحدث و الذي ورد الكوفة و روى الحديث و كان ذا قدر جليل [38] و استقروا بها بعده إلا بنو ولد واحد هو إدريس بن محمد بن سليمان ارتحلوا إلى مناطق جراوة و التي عرفت ببلاد حمزة و هي ما يعرف اليوم ب"البويرة"[39]. و استقر بنو سليمان بعين الحوت و كانت تسمى قرية العلويين كما ذكرنا و كثروا بها ثم بدأوا بالتفرق في البلدان و الأقاليم إلى أن تركوها قاطبة كما ذكرنا من قبل و لم يبق منهم بتلمسان بيت معروف إلا بعض الأسر المتفرقة بنواحي تلمسان منهم بنو حمزة بيبدر شرق تلمسان العائدون من "جراوة" الذين ينتسبون إلى الدوحة السليمانية الذين منهم عائلة "بن حمزة الشريف" و فروعها المعروفة بمدينة تلمسان.
ثم استقر بها من بعدهم كما ذكرنا من قبل فرع من الأدارسة الحموديين و لم يكونوا كثرة فربما لم يكونوا إلا أسرة واحدة هم آباء عالم تلمسان وإمامها أبو عبد الله الشريف التلمساني و قد كان له ذرية بتلمسان و يعرف من أولاده اثنان أبو محمد عبد الله الغريق و أبو يحي عبد الرحمن و ذريته انتشرت و ملأت الآفاق فهم في تلمسان معروفون أعلام منهم عائلة معروفة لقبها "بو عبد الله" و يكنون بعائلة "الشريف" منهم فرع بعين الحوت كما يوجدون بعدة مناطق من الجزائر و المغرب و منهم آل"العلويني" بتونس و آل "مولاي الزين" بموريتانيا و قد زوج حفيد الإمام الشريف التلمساني ابنته للشيخ عبد الله بن منصور.
واستقّر بعدهم بعين الحوت الشيخ عبد الله بن منصور بن يحي بن عثمان المغراوي و تزوج امرأة من عين الحوت هي السيدة مريم بنت أبي عبد الله محمد بن أبي محمد عبد الله الغريق بن أبي عبد الله الشريف التلمساني و أنجبت له عدة ذكور منهم محمد الأكبر المدعو حمّو و محمد الأصغر المدعو الإمام و معظم ذرية الشيخ عبد الله بن منصور معروفون بعين الحوت و تلمسان لكن ذلك لا يمنع وجود ذريته في مناطق أخرى خاصة مما عرف من هجرة الكثير من العائلات من تلمسان و الجزائر عامة من مناطقها الأصلية أيام بعض الفتن خلال العهد العثماني و خاصة عند دخول الاحتلال الفرنسي للجزائر .
أما الباقون بعين الحوت فهم عشيرة كبيرة تضم عدة أسر و ألقاب من أبناء "عبد الله بن منصور" الذين أعقبوا ذرية و رغم وجود الكثير من الألقاب المشابهة في عدة مناطق بنواحي تلمسان من "سبدو" إلى "ندرومة" إلا أن أهل عين الحوت منهم معروفون و معظمهم مسجلون بسجلات الحالة المدنية لبلدية تلمسان بأسماءهم ومشجراتهم العائلية[40].
و تعتبر عائلة "بن منصور" أكبر هذه الأسر و أكثرها عددا وهم أشهر ذرية الشيخ عبد الله بن منصور و هم ذرية محمد الأصغر بن عبد الله بن منصور و قد ورث محمد الإمام الصلاح و الوجاهة عن أبيه و معظمهم من ذرية الشيخ " محمد بن علي بن محمد الإمام بن عبد الله بن منصور" المذكور من قبل و هم كثرة و معروفون بتلمسان و بلاد المغرب عامة و هاجر بعضهم إلى "فاس" بالمغرب الأقصى و منهم أعلام كثيرون في مدينة تلمسان شاركوا في مختلف الميادين الدينية و العلمية و الثقافية و الاقتصادية فمنهم الفقهاء و القضاة فقد كان "علي بن محمد بن عبد الله بن منصور" حفيد الشيخ عبد الله بن منصور قاضيا بتلمسان و كان ابنه الشيخ "محمد بن علي" شيخ وفقيه زاوية عين الحوت و كان سي عبد القادر بن منصور رحمه الله إماما بجامع عين الحوت ثم جامع الشرفاء ثم بالجامع الأعظم بتلمسان و سي نور الدين بن منصور رحمه الله إمام جامع عين الحوت و مدرس القرآن به و منهم المؤرخ الشهير الدكتور"عبد الوهاب بن منصور " رحمه الله مؤرخ المملكة المغربية السابق و المؤرخ و الباحث و المؤلف عبد الرحيم بن منصور و الكاتبة المعروفة لطيفة بن منصور و عضوا جوق الشيخ العربي بن صاري وابنا أخته الأخوان عبد الله و زين العابدين بن منصور و من المعاصرين مطربة الحوزي و الأندلسي ليلى بن منصور البرصالي و كان بعض آل بن منصور يملكون محلا معروفا قديما كمخزن للسلع و مربط الحيوانات بوسط المدينة يعرف بفندق "بن منصور"

أعلام من عين الحوت

محمد بن سليمان بن عبد الله الكامل الحسني :مؤسس الدولة السليمانية بالمغرب الأوسط.

أبو عبد الله الشريف التلمساني: شيخ علماء تلمسان في القرن الثامن الهجري.

عبد الله بن منصور الحوتي: من أعيان الأشراف الحسنيين بتلمسان في القرن التاسع الهجري.

علي بن محمد بن عبد الله بن منصور: قاضي بتلمسان في بداية العهد التركي.

محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن منصور: شيخ زاوية عين الحوت في القرن العشر الهجري.

عبد الوهاب بن منصور: مؤرخ و من أعيان فاس بالمملكة المغربية.

عبد الرحيم بن منصور: باحث مؤرخ.

عبد القادر بن منصور: إمام الجامع الكبير بتلمسان.

لطيفة بن منصور: كاتبة و باحثة.

عبد الله و زبن العابدين بن منصور: موسيقيان من جوق الشيخ العربي بن صاري.

ليلى بن منصور البرصالي: مطربة الموسيقى الأندلسية.

محمد الحبيب منصوري: مطرب الموسيقى الأندلسية.

الطبيعة الجغرافية و الإقتصادية

تقع عين الحوت في سفح مرتفع أوجليدة في منحدر تبتدأ به سهول واسعة تمتد إلى وادي "الفحول" و جبال "سبع شيوخ" و هو ما يعرف بسهل "سكاك" و يقطعها وادي المفروش الذي يمر بشلالات "الوريط" و يعرف أيضا بوادي "الصفصيف" عند مروره بمنطقة "الصفصيف"و يقطع سهول القرية شمالا ليصب في سد "سكاك". و يحيط بالوادي حزام من البساتين و الرياض الخضراء تعتبر من أجمل المناظر في تلمسان و يعد الوادي مصدر ري للأراضي الزراعية و مناخ القرية أقل برودة قليلا من المدينة شتاء و مثل مناخها صيفا. و تعتبر سهول القرية و بساتينها و رياضها من أجمل المناطق الطبيعية خاصة الحزام الأخضر المجاور للوادي و تكثر بها المنابع و العيون العذبة مثل العين الرئيسية بمدخل القرية و عيون حقول "الحرة" و عين "العنصر" بمنطقة تغاليمت و العيون المجاورة للوادي مثل عين "بنت السلطان" و أشهرها عين "تحاماميت" المشهورة و هي عبارة عن عين معدنية غزيرة معتدلة الحرارة محاطة بصهريج معد للسباحة و تقع في سفح جبل بجانب الوادي وسط طبيعة خلابة و في أعلى الهضبة توجد عين "السخون" و هي عين معدنية ساخنة تنبع من كهف صغير و تتجمع في بركة صغيرة للاستحمام و تتميز بخصائص معدنية شفائية.
تعتبر عين الحوت قرية فلاحية بالدرجة الأولى فقديما لم يعرف بها نشاط غير الفلاحة إلا بعض النشاطات الضرورية للحياة اليومية و كان أهلها يمكلون معظم الأراضي و السهول المحيطة بها وصولا إلى شتوان و أوزيدان و سكاك و الحنايا و كانت كل هذه الأراضي ملكا لأهل عين الحوت و كانت كل عائلة تملك أراضي معينة أغلبها متجاورة و مع نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين قامت الكثير من العائلات ببيع بعض أملاكها خاصة من انتقلوا إلى المدينة أو إلى وهران أو إلى مناطق أخرى مثل المغرب فاشترت الكثير من هذه الأراضي الأسر الوافدة إلى عين الحوت و بعض من أهل تلمسان و أوزيدان و الحنايا و قد لعبت الموارد المائية دورا جوهريا في هذه الأنشطة الزراعية إذ كانت لكل منطقة زراعية عين قريبة منها يتم الري بها بالتناوب فكانت بساتين منطقة "الحرة" في مدخل القرية تسقى من "عين الحرة" أما الحقول و البساتين القريبة من القرية فتسقى من العين الرئيسية و منطقة تغاليمت و ما جاورها تسقى من "عين العنصر" و كانت المناطق الشمالية تسقى من الوادي الذي يعتبر عصب الري لما حوله أما تربية الأنعام فكانت تنحصر قديما في تربية بعض الرؤوس للاستهلاك العائلي أما الأبقار فكانت تربى للاستهلاك الشخصي للحليب و مشتقاته إذ لا تجد قديما إلا بقرة لكل عائلة من أجل المنفعة الشخصية و قد كانت بعض العائلات الميسورة تربي حيوانات الزينة خاصة الخيول.
كان أهل عين الحوت دائمي الاتصال بالمدينة و التردد عليها يقتنون معظم ما يحتاجون إليه منها مباشرة رغم ذلك وجدت في القرية بعض الأنشطة التجارية و الحرفية المحدودة مثل دكاكين الأغذية و الأعشاب و التوابل و اللحوم و الحلاقين الذين كانوا أحيانا يمتهنون الحجامة و الحمامات مثل حمام بن منصور القديم و التي كانت تستعمل الحطب لتسخين المياه وبعض الخبازين أو من كانوا يعرفون بلقب "الطراح" و هو صاحب الفرن الذي يقوم بإنضاج خبز العائلات ومختلف الحلويات أما الحرف فكانت نادرة الوجود لا تتعدى بعض البنائين و بعض الحلفاويين المختصين بالحصير و منتجات الحلفاء. أما الحرف النسائية فكان معظمها غزل الصوف إذ اشتهرت نساء عين الحوت بغزل الأصواف التي كانت تمون بها مختلف دكاكين "الدرازين" بالمدينة بالإضافة إلى بعض أنواع الخياطة والحرف التقلدية.

بساتين و حقول عين الحوت

كانت عين الحوت تسمى قديما بمدينة الزهور لكثرة و جمال بساتينها و حقولها و رياضها منها:

  • رياض شعبة الحرة في مدخل القرية
  • بساتين الوادي في الشمال الشرقي
  • بساتين تغاليمت في الشمال الغربي
  • حقول و سهول الشمال قرب سهل السكّاك
  • Hor ainelhout.JPG
  • Oued.JPG
  • Sek.jpg
  • Ouest ainelhout.jpg

معالم عين الحوت

العين الرئيسية

عين الحوت في بداية القرن العشرين

و هي العين التي سميت القرية بها تقع عند مدخلها و هي محاطة بصهريج و تتواجد بها بعض الأسماك منذ قرون مما جعلها مصدرا للكثير من الأساطير و القصص تمنع صيدها أو إيذائها.منها قصة أخت الأميرة "شميشة" بنت السلطان التي كانت تتجول بضواحي تلمسان لتقطف الأزهار ففاجأها شاب غريب يريد أن يقترب منها فهربت منه إلى أن وصلت إلى العين فتمنت أن تتخلص من الشاب و قفزت في الماء فحولها الله إلى سمكة [41] و كثير من الأساطير الأخرى. و قد تم مد قنوات من العين الرئيسية إلى بعض النافورات الموجودة بالقرية مثل نافورة الجامع و نافورة سيدي منصور و نافورة دار الشيخ.

الجامع العتيق

يعد جامع عين الحوت أهم معالمها و يعد من المساجد القليلة التي بنيت قديما بضواحي المدينة بعيدا عن أسوارها و لا تتوفر معلومات كثيرة عن تأسيسه حيث يذكر البعض أنه تأسس في القرن التاسع الهجري (الخامس عشر ميلادي) على يد الشيخ عبد الله بن منصور الحوتي [42] و لعله تأسس زمن الإمارة السليمانية بتلمسان لأن محمد بن سليمان و أولاده كانوا مستقرين بعين الحوت خارج المدينة كما ذكرنا من قبل.و يتكون المسجد من :

جامع عين الحوت العتيق
  • قاعة الصلاة : و هي عبارة عن قاعة مستطيلة الشكل بها صفان من السواري يتكون الصف الأول من أربع سواري في الوسط و ساريتان في طرفي الجدارين الشمالي و الجنوبي تكون ستة أقواس و الثاني من أربع سواري تكون خمسة أقواس و سقفها محدث بدل السقف الأصلي الخشبي وهو حجري أقيم على سبائك من حديد تمت إقامته في القرن التاسع عشر ميلادي على الأرجح.
  • المحراب: و هو تجويف نصف دائري بسيط يمتد تجويفه إلى خارج جدار المسجد و لا توجد به أي نوع من النقوش.
  • المئذنة: و هي متوسطة الارتفاع يبلغ علوها عشرة أمتار تقريبا تشبه مآذن بعض مساجد تلمسان الصغيرة و هي مبنية من القرميد الصغير و أصلها في أقصى الركن الغربي لقاعة الصلاة و بها أربعة أشكال مستطيلة بسيطة في أسفلها و ثمانية أشكال أقواس في الجزء العلوي و تنتهي بثمانية أشكال مثلثة في أعلاها.
  • الصحن: و هو ساحة الجامع الأمامية تقع أمام المسجد من جهة القبلة على ارتفاع ثلاثة أمتار من الطريق الرئيسية للقرية و بركن الصحن في أقصى اليسار توجد شجرة بطم تعرف ببطمة الجامع. و قد حول جزء كبير من الصحن إلى مدرسة للقرآن ذات سقف مائل من القرميد و هذا في إطار ترميم الجامع بمناسبة تظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011"

مدرسة المكان

وهي بناية صغيرة تقع قرب الجامع العتيق تتكون من قاعتين كانت و لا تزال مدرسة القرآن الكريم لأطفال القرية و قد مر بهذا الكتاب عدة مشايخ و تخرج منه الكثير من الحفظة و كانت تلقى به قديما بعض الدروس و المواعظ.

زاوية بطيوة

و هي زاوية صغيرة كانت مخصصة أيضا لتحفيظ القرآن الكريم للأطفال.

الأضرحة

ضريح سيدي منصور

وهو عبارة عن أربعة جدران بدون سقف و له باب من حديد و بداخله قبر سيدي منصور بن يحي بن عثمان المغراوي والد سيدي عبد الله بن منصور و قبر آخر و بجواره بعض القبور القديمة و بعض أشجار التوت و قد قامت السلطات الفرنسية ببناء قاعة الفحص و مكتب الحالة المدنية أسفل الضريح.

ضريح سيدي عبد الله بن منصور

ضريح سيدي عبد الله بن منصور

يقع في أعلى الهضبة المطلة على القرية و هو عبارة عن قاعة مربعة بطول 10 أمتار لكل جانب و بها أربعة أقواس متقابلة و بداخلها قبر سيدي عبد الله بن منصور و قد بني عليه ضريح يقارب علوه المتر و للضريح محراب في جداره الجنوبي و قبة رباعية السطوح مغطاة بالقرميد الأخضر. و أمر ببناءه مصطفى المنزالي باي الغرب (1802 م - 1805 م)[43] سنة 1219 هـ 1802 م. و تدل على ذلك الكتابة الآتية على الضريح :

"الحمد لله رب العلمين أما بعد فهذا ضريح الولي الصالح الزاهد الوارع سيدي عبد الله بن منصور أدركنا الله برضاه آمين
أمر بتشييد هذه القبة المباركة مع التابوت أمير المسلمين السيد مصطفى باي أيده الله و نفعه بذلك سنة ثمانية عشر بعد المايتين و ألف." [29]
و قد تعرض هذا الضريح للنهب من طرف جنود أنجاد سنة 1836 م [44] و هذه الفرقة كانت تابعة للجنرال مصطفى بن إسماعيل البحثاوي الذي انضم للجيش الفرنسي لمحاربة الأمير عبد القادر بعد أن كان من القادة العسكريين لبايلك الغرب. [45]

ضريح سيدي محمد بن علي

ضريح سيدي محمد بن علي

يقع في حي "دار العرسة" في أقصى القرية و هو عبارة عن قاعة مربعة سقفها قبة رباعية السطوح مغطاة بالقرميد الأخضر و في وسطها قبر سيدي محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن منصور و قد بني عليه ضريح و له صحن وسطه مكشوف و به محراب بجداره الجنوبي و بعض السواري. و بجانبه مقبرة القرية القديمة. و قد أمر ببناء الضريح الدولاتي علي باشا المدعو بوصباع داي الجزائر (1755 م - 1766 م)[46]. و أرسل أمره لباي الغرب إبراهيم الملياني (1755 م - 1766 م) [47] ، و تدل على ذلك الكتابة الآتية على الضريح :

" بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا و مولانا محمد و آله أما بعد أمر ببناء هذا المقام السعيد أمير المسلمين المجاهد في سبيل رب العالمين المنصور بفضل الله المتوكل عليه المعتمد في جميع أموره على ربه مجند الجنود المنصور الرايات و البنود مولانا الدولاتي السيد علي باشا.

أمر بذلك المعظم الأرفع السيد إبراهيم باي قصد بذلك وجه الله العظيم و رجا ثوابه الجسيم و هو مقام الشيخ الولي الصالح و القطب الواضح سيدي محمد بن العالم سيدي بن علي بن سيدي عبد الله بن منصور نفعنا الله بهم آمين عام أربعة و سبعين و ماية و ألف." [48]

ضريح سيدي سليمان

ضريح سيدي سليمان

هو عبارة عن أربعة جدران بدون سقف بداخله قبر المولى سليمان بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب حسب ابن خلدون و بعض المؤرخين الذين قالوا بأنه دخل تلمسان و توفي بها و كانت بداخله نخلة طويلة و لعله قبر سليمان بن أحمد بن محمد بن سليمان بن عبد الله الكامل[10].و به بعض اللوحات الرخامية تحمل بعض النصوص التعريفية مع قائمة لبعض الشخصيات السليمانية الشهيرة.

ضريح سيدي بو عبد الله

يقع في سفح الجبل المطل على ضريح سيدي محمد بن علي وهو عبارة عن أربعة جدران بدون سقف بداخله قبر أبي عبد الله الحوتي صهر سيدي عبد الله بن منصور و والد زوجته لالة مريم و هو على الأرجح كما ذكرنا أبو عبد الله الحوتي بن أبي محمد عبد الله الغريق بن أبي عبد الله الشريف التلمساني.

أشجار البطم

و هي ما تعرف محليا بالبطمة و هي أشجار كبيرة عمرها مئات السنين تزين الطريق الرئيسية للقرية ابتداء من الجامع و حتى ضريح سيدي محمد بن علي و هي من معالم عين الحوت المعروفة.

شجرة البطمة القديمة

منبع تاحماميت

تعتبر تاحماميت أيقونة عين الحوت فلا تذكر القرية إلا و يذكر معها المسبح الطبيعي الشهير. هي عبارة عن منبع مائي معدني يقع إلى الشمال الشرقي من عين الحوت بجانب الوادي عند سفح هضبة مرتفعة و يبعد عن القرية بحوالي 3 كيلومترات عبر طريق ضيق لا تمر معه السيارات. و قد أحيط المنبع المائي بصهريج من الحجارة معدّ للسباحة. و لهذه المياه المعدنية خصائص استشفائية لبعض الأمراض الجلدية و درجة حرارتها 32 درجة مئوية و هي ثابتة في الفصول الأربعة. و تسمية تاحماميت خليط من العربية و الأمازيغية مكونة من السابقة الأمازيغية "تا" و الكلمة العربية "حمّام" و اللاحقة الأمازيغية "يت" و يسميها أهل عين الحوت "تاحمّامين" بحرف النون في آخر الكلمة. كانت عين الحوت عامة و تاحماميت خاصة قبلة سكان تلمسان بالأخص في ستينيات و سبعينيات و ثمانينيات القرن الماضي خاصة أيام الأعياد و المواسم.

عين السّخون

تاحماميت المسبح الطبيعي

و هي عين معدنية ساخنة تبعد عن تاحماميت بحوالي 700 متر في أعلى الهضبة المطلة على الوادي . تقع وسط كهف ترابي صغير يسع شخصين أو ثلاثة معدّ للاستحمام. و تعتبر ذات خصائص استشفائية لأمراض جلدية كثيرة مثل الحصبة (بوحمرون) و الحُماق (بوشوكة) و غيرها.

عين العنصر

و هي عين طبيعية تقع في الشمال الغربي للقرية في منطقة "تغاليمت" في طريق "الحناية" و تبعد عنها بحوالي كيلومتر واحد و هي باردة صيفا و معتدلة شتاء.

عين العنصر

مراجع

  1. Recensement de la population d'Algérie RGPH 2008. Commune de Chetouane
  2. باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زيان الحاج محمد بن رمضان شاوش ديوان المطبوعات الجامعية 1995 م ص 426 هامش (1)
  3. تاريخ ابن خلدون المسمى ديوان المبتدأ و الخبر في تاريخ العرب و البربر و من عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر الجزء الرابع عبد الرحمن بن خلدون دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع 2000 م ص23
  4. سر السلسلة العلوية أبو نصر البخاري منشورات المكتبة الحيدرية و مطبعتها في النجف 1963 م ص12
  5. باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زيان الحاج محمد بن رمضان شاوش ديوان المطبوعات الجامعية 1995 م ص 57 هامش (1)
  6. باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زيان الحاج محمد بن رمضان شاوش ديوان المطبوعات الجامعية 1995 م ص 57
  7. سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول عبد الله بن محمد حشلاف المطبعة التونسية 1929 م ص 117
  8. المنتقى في أعقاب الحسن المجتبى إيهاب بن يعقوب الكتبي الحسني منشورات الخزانة الكتبية الحسنية الخاصة ص 361 362
  9. كتاب البلدان لليعقوبي مطبعة بريل ليدن هولندا 1860 م ص 147
  10. تحفة الحادي المطرب في رفع نسب شرفاء المغرب أبو القاسم الزيّاني ص54
  11. باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زيان الحاج محمد بن رمضان شاوش ديوان المطبوعات الجامعية 1995 م ص 426
  12. البستان في ذكر الأولياء و العلماء بتلمسان ابن مريم الشّريف التّلمساني تحقيق محمد بن أبي شنب المطبعة الثّعالبية ص 166
  13. البستان في ذكر الأولياء و العلماء بتلمسان ابن مريم الشّريف التّلمساني تحقيق محمد بن أبي شنب المطبعة الثّعالبية ص 136
  14. البستان في ذكر العلماء و الأولياء بتلمسان. ابن مريم التلمساني. تحقيق عبد القادر بوباية. دار الكتب العلمية. بيروت، لبنان. 2013 م. ص 4 8 17 .
  15. البستان في ذكر الأولياء و العلماء بتلمسان ابن مريم الشّريف التّلمساني تحقيق محمد بن أبي شنب المطبعة الثّعالبية ص 135
  16. الأعمال الكاملة للشيخ المهدي البوعبدلي. المجلد الثامن. دليل الحيران و أنيس السهران في أخبار مدينة وهران لمحمد ين يوسف الزياني. تحقيق المهدي البوعبدلي. عالم المعرفة للنشر و التوزيع. الجزائر. الطبعة الأولى 2013 م. ص 80 81
  17. وفيات الونشريسي. أحمد بن يحي الونشريسي. تحقيق محمد بن يوسف القاضي. شركة نوابغ الفكر. ص 97.
  18. سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول عبد الله بن محمد حشلاف المطبعة التونسية 1929 م ص 39
  19. سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول عبد الله بن محمد حشلاف المطبعة التونسية 1929 م ص 40
  20. مصابيح البشرية في أبناء خير البرية أحمد الشبّاني الإدريسي ص 235
  21. Revue Africaine Volume 6 année 1862 (BOSSELARD Les inscriptions arabes de Tlemcen). P11
  22. البستان في ذكر الأولياء و العلماء بتلمسان ابن مريم الشّريف التّلمساني تحقيق محمد بن أبي شنب المطبعة الثّعالبية ص 137
  23. البستان في ذكر الأولياء و العلماء بتلمسان ابن مريم الشّريف التّلمساني تحقيق محمد بن أبي شنب المطبعة الثّعالبية ص 139
  24. البستان في ذكر الأولياء و العلماء بتلمسان ابن مريم الشّريف التّلمساني تحقيق محمد بن أبي شنب المطبعة الثّعالبية ص 138
  25. باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زيان الحاج محمد بن رمضان شاوش ديوان المطبوعات الجامعية 1995 م ص 554
  26. باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زيان الحاج محمد بن رمضان شاوش ديوان المطبوعات الجامعية 1995 م ص 556
  27. المساجد العتيقة بالغرب الجزائري يحي بوعزيز منشورات ANEP ص 175
  28. المساجد العتيقة بالغرب الجزائري يحي بوعزيز منشورات ANEP ص 171
  29. Revue Africaine Volume 6 année 1862 (BOSSELARD Les inscriptions arabes de Tlemcen). P16
  30. باقة السوسان في التعريف بحاضرة تلمسان عاصمة دولة بني زيان الحاج محمد بن رمضان شاوش ديوان المطبوعات الجامعية 1995 م ص 119
  31. المساجد العتيقة بالغرب الجزائري يحي بوعزيز. منشورات ANEP ص 173
  32. تقييدات ابن المفتي في تاريخ باشوات الجزائر و علماءها. ابن المفتي حسين بن رجب شاوش. تحقيق فارس كعوان. بيت الحكمة، الجزائر. الطبعة الأولى 2009 م. ص 95.
  33. المساجد العتيقة بالغرب الجزائري يحي بوعزيز منشورات ANEP ص 175 176
  34. Bulletin de la Société : Les Amis du Vieux Tlemcen (N° 4 1956)
  35. Bulletin des Amis du Vieux Tlemcen, 1955
  36. Lalla Chikhia, la doyenne est morte.F. Naim. Ouest Tribune Oranie le 07-01-1999.
  37. Tlemcen: Cheikh Ahmed Mellouk, musicien, «lombardiste» et muezzin. Allal Bekkaï. Le Quotidien d'Oran le 05-09-2010.
  38. المنتقى في أعقاب الحسن المجتبى إيهاب بن يعقوب الكتبي الحسني منشورات الخزانة الكتبية الحسنية الخاصة ص 361
  39. تحفة الحادي المطرب في رفع نسب شرفاء المغرب أبو القاسم الزيّاني ص 87
  40. أرشيف الحالة المدنبة لبلدبة تلمسان (يضم أرشيف الفترة الاستعمارية)
  41. Bulletin des Amis du Vieux Tlemcen, 1955, p. 86 et 87
  42. المساجد العتيقة بالغرب الجزائري يحي بوعزيز منشورات ANEP ص 169
  43. الأعمال الكاملة للشيخ المهدي البوعبدلي. المجلد الثامن. دليل الحيران و أنيس السهران في أخبار مدينة وهران لمحمد ين يوسف الزياني. تحقيق المهدي البوعبدلي. عالم المعرفة للنشر و التوزيع. الجزائر. الطبعة الأولى 2013 م. ص 272
  44. Revue Africaine Volume 6 année 1862 (BOSSELARD Les inscriptions arabes de Tlemcen). P15
  45. Tableau de la situation des établissements français dans l'Algérie. Ministère de la guerre. Imprimerie Royale. Paris , 1838. P26.
  46. مذكرات الحاج أحمد الشريف الزهار نقيب أشراف الجزائر. تحقيق أحمد توفيق المدني. الشركة الوطنية للنشر و التوزيع. الجزائر. 1974 م. ص 15.
  47. الأعمال الكاملة للشيخ المهدي البوعبدلي. المجلد الثامن. دليل الحيران و أنيس السهران في أخبار مدينة وهران لمحمد ين يوسف الزياني. تحقيق المهدي البوعبدلي. عالم المعرفة للنشر و التوزيع. الجزائر. الطبعة الأولى 2013 م. ص 258
  48. المساجد العتيقة بالغرب الجزائري يحي بوعزيز منشورات ANEP ص 177

موسوعات ذات صلة :