الأبلة بضم الهمزة والباء واللام المشددة، مدينة بالعراق بينها وبين البصرة أربعة فراسخ ونهرها الذي يقع في شمالها، وجانبها الآخر على غربي دجلة، وهي صغيرة المقدار حسنة الديار واسعة العمارة متصلة البساتين عامرة بالناس المياسير وهم في خصب من العيش ورفاهية. وهي في قول محمد بن سيرين القرية التي مر بها موسى والخضر عليهما السلام فاستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما، وكان عمر بن الخطاب قد أمر بحفر نهر الأبلة فلما ولي عثمان جعل نصف النفقة على أهل الخراج والنصف الثاني على بيت المال، فمدوه إلى البصرة. والأبلة مدينة قديمة عامرة فتحها عتبة بن غزوان في زمن عمر.
الأبلة | |
---|---|
- حي سكني - | |
تقسيم إداري | |
البلد | العراق |
المحافظة | محافظة البصرة |
القضاء | قضاء البصرة |
ما ذكرة المؤرخون والجغرافيون
الطبري
- قال الطبري
- وبالأبلة خمسمائة من الأساورة يحمونها وكانت مرفأ السفن من الصين وما دونها، فسار عتبة فنزل دون الإجانة، فأقام نحوا من شهر، ثم خرج إليه أهل الأبلة فناهضهم عتبة، وجعل قطبة بن قتادة السدوسي وقسامة بن زهير المازني في عشرة فوارس، وقال لهما: كونا في ظهرنا، فتردا المنهزم، وتمنعا من أرادنا من ورائنا ثم التقوا فما اقتتلوا مقدار جزر جزور وقسمها، حتى منحهم الله أكتافهم، وولوا منهزمين، حتى دخلوا المدينة، ورجع عتبة إلى عسكره، فأقاموا أياما، وألقى الله في قلوبهم الرعب فخرجوا عن المدينة، وحملوا ما خف لهم، وعبروا إلى الفرات، وخلوا المدينة، فدخلها المسلمون فأصابوا متاعا وسلاحا وسبيا وعينا، فاقتسموا العين، فأصاب كل رجل منهم درهمان، وولى عتبة نافع بن الحارث أقباض الأبلة، فأخرج خمسه، ثم قسم الباقي بين من أفاءه الله عليه، وكتب بذلك مع نافع بن الحارث.
- وعن بشير بن عبيد الله، قال: قتل نافع بن الحارث يوم الأبلة تسعه، وأبو بكر ستة.
- وعن داود بن أبي هند، قال: أصاب المسلمون بالأبله من الدراهم ستمائة درهم، فأخذ كل رجل درهمين، ففرض عمر لأصحاب الدرهمين ممن أخذهما من فتح الأبلة في الفين من العطاء، وكانوا ثلاثمائة رجل، وكان فتح الأبلة في رجب، أو في شعبان من هذه السنة.
- وعن عباية بن عبد عمرو، قال: شهدت فتح الأبلة مع عتبة، فبعث نافع بن الحارث إلى عمر رحمه الله بالفتح، وجمع لنا اهل دست ملسان، فقال عتبة: أرى أن نسير إليهم، فسرنا فلقينا مرزبان دست ميسان، فقاتلناه، فانهزم أصحابه وأخذ أسيرا، فأخذ قباؤه ومنطقته، فبعث به عتبة مع انس ابن حجية اليشكري.
- وعن علي بن زيد، قال: لما فرغ عتبة من الأبلة، جمع له مرزبان دست ميسان، فسار إليه عتبة من الأبلة، فقتله، ثم سرح مجاشع بن مسعود إلى الفرات وبها مدينة ووفد عتبة إلى عمر، وأمر المغيرة أن يصلي بالناس حتى يقدم مجاشع من الفرات، فإذا قدم فهو الأمير فظفر مجاشع بأهل الفرات، ورجع إلى البصرة وجمع الفيلكان، عظيم من عظماء أبزقباذ للمسلمين، فخرج إليه المغيرة بن شعبة، فلقيه بالمرغاب، فظفر به، فكتب إلى عمر بالفتح.
- وعن عبد الرحمن بن جوشن، قال: شخص عتبة بعد ما قتل مرزبان دست ميسان، ووجه مجاشعا إلى الفرات، واستخلفه على عمله، وامر المغيرة بن شعبة بالصلاة حتى يرجع مجاشع من الفرات، وجمع أهل ميسان، فلقيهم المغيرة، وظهر عليهم قبل قدوم مجاشع من الفرات، وبعث بالفتح إلى عمر.
- الطبري، بإسناده عن قتادة، قال: جمع أهل ميسان للمسلمين، فسار إليهم المغيرة، وخلف المغيرة الأثقال، فلقي العدو دون دجلة، فقالت أردة بنت الحارث بن كلدة: لو لحقنا بالمسلمين فكنا معهم! فاعتقدت لواء من خمارها، واتخذ النساء من خمرهن رايات، وخرجن يردن المسلمين، فانتهين إليهم، والمشركون يقاتلونهم، فلما رأى المشركون الرايات مقبلة، ظنوا أن مددا أتى المسلمين فانكشفوا، وأتبعهم المسلمون فقتلوا منهم عدة.
- وعن حارثة بن مضرب، قال: فتحت الأبلة عنوة، فقسم بينهم عتبة- ككة- يعني خبزا أبيض وعن محمد بن سيرين مثله.
- وعن عمرة ابنة قيس، قالت: لما خرج الناس لقتال أهل الأبلة خرج زوجي وابني معهم، فأخذوا الدرهمين ومكوك زبيب، وإنهم مضوا حتى إذا كانوا حيال الأبلة، قالوا للعدو، نعبر إليكم أو تعبرون إلينا؟ قال: بل اعبروا إلينا، فأخذوا خشب العشر فأوثقوه، وعبروا إليهم، فقال المشركون: لا تأخذوا أولهم حتى يعبر آخرهم فلما صاروا على الأرض كبروا تكبيرة، ثم كبروا الثانية، فقامت دوابهم على أرجلها، ثم كبروا الثالثة، فجعلت الدابة تضرب بصاحبها الأرض، وجعلنا ننظر إلى رءوس تندر، ما نرى من يضربها، وفتح الله على أيديهم.
- المدائني، قال: كانت عند عتبة صفية بنت الحارث بن كلدة، وكانت أختها أردة بنت الحارث عند شبل بن معبد البجلي، فلما ولي عتبة البصرة انحدر معه أصهاره: أبو بكرة، ونافع، وشبل بن معبد، وانحدر معهم زياد، فلما فتحوا الأبلة لم يجدوا قاسما يقسم بينهم، فكان زياد قاسمهم، وهو ابن أربع عشرة سنة، له ذؤابة، فأجروا عليه كل يوم درهمين.[1]
الإصطخري
- قال الإصطخري
البحر وغرقت في هذا الخور، يعرف بخور ال أبله، أبله مدينه صغيره خصبه عامره، حد لها نهر الأبله إلى البصرة، وحد لها دجلة - التي يتشعب منها هذا النهر- عاطفا عليها، وينتهى عمودها إلى البحر ببعبادان، وللبصرة مدن: فأما عبادان والأبله والمفتح والمذار فعلى شط دجلة ، وهى مدن صغار متقاربه في الكبر عامره، إلا الأبله فإنها أكبرها، وفي حدود البصرة بين أضعاف قراها آجام كثيره وبطائح، أكثرها يسار فيها بالمرادى، قريبه القعر كأنها كانت على قديم الأيام أرضا مكشوفه، ويشبه أن يكون لما بنيت البصرة وشقت الأنهار، واتصل بعضها ببعض في القرى والمجاري، تراجعت المياه وغلبت على ما يسفل من أرضها، فصارت بحارا وهى البطائح.[2]
المقدسي
- قال المقدسي
على دجلة عند فم نهر البصرة من قبل الشمال الجامع أعلى القرية عامره كبيره ارفق من البصرة وارحب.
ناصر خسرو
- قال ناصر خسرو
والأبله التي تقع على النهر المسمى بها مدينه عامره وقد رأيت قصورها وأسواقها ومساجدها وأربطتها وهي من الجمال بحيث لا يمكن حدها أو وصفها والمدينة الأصلية تقع الجانب الشمالي للنهر وعلى جانبه الجنوبي يوجد من الشوارع والمساجد والأربطة والأسواق والأبنية الكبيرة ما لا يوجد أحسن منه في العالم وهذا الجانب الجنوبي يسمى شق عثمان والشط الكبير الذي هو دجلة والفرات مجتمعين والمسمى شط العرب يقع شرقي الأبله والمدينة في الجنوب ويلتقي نهرا الأبله ومعقل عند البصرة وقد ذكرت ذلك من قبل.[3]
ابن طباطبا علوي أصفهاني
- قال ابن طباطبا علوي أصفهاني
الابلة بضم أوله وثانيه وتشديد اللام وفتحها: بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة وهي أقدم من البصرة كانت فيها مسالح للفرس وقائد. قال الاصمعي: جنان الدنيا ثلاث: غوطة دمشق ونهر بلخ ونهر الابلة. وحشوش الدنيا خمسة: الابلة وسيراف وعمان وأردبيل وهيت.[4]
البكري الأندلسي
- قال البكري الأندلسي
بضم الهمزة والباء و تشديد اللام: بالبصرة معلومة، وهي من طساسيج دجلة، قال ابن أحمر:
جزى الله قومى بالأبلة نضرة | و بدوا لنا حول الفراض و حضرا |
قال الأصمعي: أراد: جزى الله قومي بالبصرة، فلم تستقم له. و الفراض:
جمع فرضة، وكل مشرعة إلى الماء فرضة. و أصل الأبلة: المتلبد من التمر، فهو إذن فعلة، من قوله تعالى: طيرا أبابيل، أي جماعات، ومثلها الأفرة، من أفر: إذا قفز ووثب. وقيل إن أصل اللفظة نبطية، وذلك أنهم كانوا يصنعون فيها، فإذا كان الليل وضعوا أدواتهم عند امرأة يقال لها هو بي ، فماتت، فقالوا هو بى لى، أي ماتت، فسميت الأبلة بذلك. هكذا نقل القالي في البارع، ورواه ابن الأنباري في كتاب الحاء، عن أبى حاتم، عن الأصمعي؛ وقال يعقوب: الأبلة: الفدرة من التمر.[5]
الزمخشري
- قال الزمخشري
سميت بالنبطية بامرأه كانت تسكنها.[6]
الإسكندري
- قال الإسكندري
وأما الأبلة- بضم الهمزة والباء الموحدة وتشديد اللام-: فهي أبلة البصرة، قال الأصمعي:
أصل هذا الاسم بالنبطية، وكانت قبل الإسلام. وقال غيره: الأبلة كانت تسمى بالنبطية بامرأة كانت تسكنها، يقال لها (هوب) خمارة، فجاء قوم من النبط يطلبونها، فقيل لهم: (هوب ليكا) أي ليست، فغلطت الفرس، فقالوا: (هوب لت) فعربتها العرب فقالوا: الأبلة.[7]
الحازمی الهمدانی
- قال الحازمی الهمدانی
بضم الهمزة والباء المعجمة بواحده، وتشديد اللام: فالبلد المعروف قرب البصرة في جانبها البحري، وهو أقدم من البصرة، وقال الأصمعي: هو اسم نبطي. وينسب إليه نفر من رواه الحديث، منهم شيبان بن فروخ الأبلي.[8]
یاقوت الحموی
- قال یاقوت الحموی
بضم أوله وثانيه وتشديد اللام وفتحها، قال أبو علي: الأبله، اسم البلد. الهمزة فيه فاء، وفعله قد جاء اسما وصفه، نحو حضمه وغلبه، وقالوا قمد، فلو قال قائل: إنه أفعله، والهمزة فيه زائده، مثل أبلمه وأسنمه، لكان قولا. وذهب أبو بكر في ذلك إلى الوجه الأول، كأنه لما رأى فعله أكثر من أفعله، كان عنده أولى من الحكم بزياده الهمزة، لقله أفعله، ولمن ذهب إلى الوجه الآخر أن يحتج بكثره زياده الهمزة أولا. وقالوا للفدره من التمر الأبله. قال الشاعر، وهو أبو المثلم الهذلي:
فيأكل ما رض من زادنا، | ويأبى الأبله لم ترضض |
وهذا أيضا فعله، من قولهم طير أبابيل، فسره أبو عبيده جماعات في تفرقه، فكما أن أبابيل فعاعيل وليست بأفاعيل، كذلك الأبله فعله وليست بأفعله. وحكي عن الأصمعي في قولهم الأبله التي يراد بها اسم البلد: كانت به امرأه خماره تعرف بهوب في زمن النبط، فطلبها قوم من النبط، فقيل لهم: هوب لاكا، بتشديد اللام، أي ليست هوب ههنا، فجاءت الفرس فغلظت، فقالت: هو بلت، فعربتها العرب فقالت: الأبله. وقال أبو القاسم الزجاجي: الأبله الفدره من التمر، وليست الجلة كما قال أبو بكر الأنباري. إن الأبله عندهم الجلة من التمر، وأنشد ابن الأنباري: ويأبى الأبله لم ترضض وقرئ بخط بديع الزمان بن عبد الله الأديب الهمذاني في كتاب قرأه على أبي الحسين أحمد بن فارس اللغوي وخطه له عليه: سمعت محمد بن الحسين بن العميد يقول سمعت محمد بن مضا يقول سمعت الحسن بن علي بن قتيبه الرازي يقول سمعت أبا بكر القاري يقول: الأبله، بفتح أوله وثانيه، والأبله بضم أوله وثانيه، هو المجيع. وأنشد البيت المذكور قبل، والمجيع: التمر باللبن.
والأبله بلده على شاطئ دجلة البصرة العظمى في زاويه الخليج الذي يدخل إلى مدينه البصرة، وهي أقدم من البصرة، لأن البصرة مصرت في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وكانت الأبله حينئذ مدينه فيها مسالح من قبل كسرى، وقائد، وقد ذكرنا فتحها في سبذان. وكان خالد بن صفوان يقول: ما رأيت أرضا مثل الأبله مسافه، ولا أغذى نطفه، ولا أوطأ مطيه، ولا أربح لتاجر، ولا أخفى لعائذ. وقال الأصمعي: جنان الدنيا ثلاث: غوطه دمشق، ونهر بلخ، ونهر الأبله. وحشوش الدنيا خمسه: الأبله، وسيراف، وعمان، وأردبيل، وهيت.
وأما نهر الأبله الضارب إلى البصرة، فحفره زياد. وحكي أن بكر بن النطاح الحنفي مدح أبا دلف العجلي بقصيده، فأثابه عليها عشره آلاف درهم، فاشترى بها ضيعه بالأبله، ثم جاء بعد مديده، وأنشده أبياتا:
بك ابتعت في نهر الأبله ضيعه، | عليها قصير بالرخام مشيد | |
إلى جنبها أخت لها يعرضونها، | وعندك مال للهبات عتيد |
فقال أبو دلف: وكم ثمن هذه الضيعة الأخرى؟
فقال: عشره آلاف درهم، فأمر أن يدفع ذلك إليه، فلما قبضها قال له: اسمع مني يا بكر، إن إلى جنب كل ضيعه ضيعه أخرى، إلى الصين وإلى ما لا نهاية له، فإياك أن تجيئني غدا، وتقول إلى جنب هذه الضيعة ضيعة أخرى، فإن هذا شيء لا ينقضي.
وقد نسب إلى الأبلة جماعة من رواة العلم، منهم شيبان بن فروخ الأبلي، وحفص بن عمر بن إسماعيل الأبلي روى عن سفيان الثوري ومسعر بن كدام ومالك بن أنس وابن أبي ذئب، وابنه إسماعيل بن حفص أبو بكر الأبلي، وأبو هاشم كثير بن سليم الأبلي من أهلها، وهو الذي يقال له كثير بن عبد الله يضع الحديث على أنس ويرويه عنه لا تحل روايه حديثه. وغير هؤلاء.[9]
- قال أبو الفداء
نهر الأبلة ومخرجه من دجلة من تحت نهر معقل بأربعة فراسخ و الأبلة بليدة عند فوهته وذلك بعد أن يتجاوز دجلة سمت البصرة ويسير نهر الأبلة إلى جهة البصرة يتفرع منه أنهار تسقي ما على جانبيه من البساتين الملتفة التي هي إحدى متنزهات الدنيا ويجري نهر الأبلة مغربا، ثم يعطف إلى جهة الشمال كالقوس حتى يلتقي مع نهر معقل عند البصرة فإذا مد البحر جرى نهر الأبلة في نهر معقل ورجع الماء قهقرى حتى ينتهي المد وتأتي السفن من بحر الهند وتصعد من عبادان في دجلة إلى الأبلة وتصعد في نهر الأبلة إلى البصرة، ثم تسير في نهر معقل إلى دجلة وإذا جزر البحر رجع الماء وجرى نهر معقل في نهر الأبلة وهما على ذلك دائما ونهر معقل مع نهر الأبلة مثل نصف دائرة ودجلة بمنزلة الوتر أو القطر وما تحيط به هذه الأنهر تسمى الجزیره العظمى وجميعها بساتين ومزدرع.
الأبلة: قال ابن حوقل: و الأبلة مدينة صغيرة خصبة عامرة حد لها نهر الأبلة إلى البصرة وحد لها دجلة التي يتشعب منها هذا النهر عاطفا عليها، وينتهي عمودها إلى البحر و عبادان، وطول نهرها أربعة فراسخ بين البصرة والأبلة، وعلى حافتي هذا النهر قصور وبساتين متصلة كأنها بستان واحد قد مدت على خيط واحد، وكأن نخيلها قد مدت على خيط واحد، وجميع بساتين تلك الناحية مخترقة بعضها إلى بعض حتى إذا جاءهم مد البحر تراجع الماء في كل نهر حتى يدخل نخيلهم وحيطانهم من غير تكلف فإذا جزر الماء انحطت؛ حتى تخلو البساتين والنخيل.[10]
القزویني
- قال القزویني
كورة بالبصرة طيبة جدا، نضرة الأشجار متجاوبة الأطيار متدفقة الأنهار، مؤنقة الرياض والأزهار، لا تقع الشمس على كثير من أراضيها، ولا تبين القرى من خلال أشجارها. قالوا: جنان الدنيا أربع: أبلة البصرة، وغوطة دمشق، وصغد سمرقند، وشعب بوان. والأبلة جانبان: شرقي وغربي، أما الشرقي فيعرف بشاطئ عثمان قديما وهو عثمان بن ابان بن عثمان بن عفان، وهو العامر الآن بها الأشجار والأنهار والقرى والبساتين وهو على دجلة. وأنهارها مأخوذة من دجلة. وبها أنواع الأشجار وأجناس الحبوب وأصناف الثمار، لا تكاد تبين قراها في وسطها من التفاف الأشجار. وبها مشهد كان مسلحة لعمر بن الخطاب، وكانت بها شجرة سدر عظيمة كل غصن منها كنخلة ودورة ساقها سبعة أذرع، والناس يأخذون قشرها ويتبخرون به لدفع الحمى، وكان ينجع وذكروا انه قلما يخطئ. فلما ولي بابكين البصرة أشاروا إليه بقطعها لمصلحة، وكان قد ولي البصرة مدة طويلة وحسنت سيرتهم، وكان هو في نفسه رجلا خيرا، فلما قطعها أنكر الناس فعزل عن قريب عن البصرة. وأما الجانب الغربي من الابلة فخراب، غير ان فيه مشهدا يعرف بمشهد العشار وهو مشرف على دجلة، وهو موضع شريف قد اشتهر بين الناس ان الدعاء فيه مستجاب. وكان في قديم الزمان بهذا الجانب بنيان مشرف على دجلة وبساتين وقصور في وسطها، وكان الماء يجري في دورها وقصورها وقد امتحقت الآن آثارها، فسبحان من لا يعتريه التغير والزوال!.[11]
عبد المؤمن البغدادي
بضم أوله وثانيه، وتشديد اللام وفتحها: بلده على شاطئ دجلة البصرة العظمى، في زاويه الخليج الذي يدخل إلى مدينه البصرة، وهى أقدم من البصرة كأنه قبل أن تمصر البصرة، فيها مسالح للفرس وقائد. قال الأصمعي: جنان الدنيا ثلاث: غوطه دمشق، و نهر بلخ، ونهر الأبلة. وحشوش الدنيا ثلاثة: الأبله وسيراف وعمان. وقيل: عمان وأردبيل وهيت، ونهر الأبله الضارب إلى البصرة وحفره زياد.[12]
العمري
- قال العمري
فأما الأبلة فمدينة قديمة دثرت الآن، وبقى متنزهها على ما كان، والأبلة نهر مشتق مندجلة، مرفوع إلى البصرة يسقى بساتينها، والبصرة أشهر من أن توصف حدائقها الملتفة، وجداولها المحتفة، ما تفتر به رياضها من بدائع الزهرات، وتفردت به حدائقها من يانع الثمرات.
قال الجاحظ، و نهر الأبلة سعة زيادة مقابلة نهر معقل، وبينهما البساتين والقصور العالية والمباني البديعة، يتسلسل مجراه، وتتهلل بكرة وعشاياة، وتظله الشجر، وتغنى به زمر الطير، وهي من الحسن حيث يشهد، العيان، ويظهر فنون الأفتان، والأبلة هي المدينة القديمة، وإنما اختطت البصرة، عوضها، وفيه يقول القاضي التنوخي.
أحببت إلي بنهر معقل الذي | فيه التسلى عن همومي معقل | |
عذب إذا ما حل فيه ناهل | فكأنه في ريق حب ينهل | |
متسلسل و كأنه لصفائه | دمع نجدى كاعب يتسلل | |
و كأنه ياقوتة أو أعين | زرق تلام فينها و تفصل | |
عذب فما تدري أماء ماءوها | عند المذاقة أم حيق سلسل | |
و له بمد بعد جزر ذاهب | جيشان يذهب ذا وهذا يقبل | |
و إذا نظرت إلى الأبلة خلتها | من جنة الفردوس حين تخيل | |
كم منزل من نهرها إلى السرو | رفإنه في غيرها لا ينزل | |
و كأنما تلك القصور عرائس | والروض حلي و هي فيه ترفل | |
غنت قيان الطير في أرجائها | هزجا يقل لها الثقيل الأول | |
و تعانقت تلك الغصون فاذكرت | يوم الوداع و غيرهم يترحل | |
ربع الربيع بها فحاكت كفه | حللا بها عقد الهموم تحلل | |
فمديح و موشح و مدثر | و معمد و محبر و مهلل | |
فتخال ذاعينا و ذا خدا | و ذاثغرا يعضض مرة و يقبل |
- قال العمري ایضا
- ;
المتنزهات التي تقع المناظرة فيها بين المشرق والمغرب فإننا نبني الكلام فيها على ما ورد في الكتب، من أن المتنزهات المشهورة بالحسن والتقديم على سواها أربعة: و هي غوطة دمشق بالشام ، و الأبلة بالعراق ، و شعب بوان بأرض فارس، و صغد سمرقند وراء النهر.[13]
ابن بطوطه
- قال ابن بطوطه
وكانت الأبلة مدينة عظيمة يقصدها تجار الهند وفارس فخربت وهي الآن قرية بها آثار قصور وغيرها دالة على عظمها، ثم ركبنا في الخارج من بحر فارس في مركب صغير لرجل من أهل الأبلة يسمى بمغامس، وذلك فيما بعد المغرب فصحبنا إلى عبادان.[14]
الحمیري
- قال الحمیري
بضم الهمزة والباء واللام المشددة، مدينة بالعراق بينها وبين البصرة أربعة فراسخ ونهرها الذي في شمالها، وجانبها الآخر على غربي دجلة، وهي صغيرة المقدار حسنة الديار واسعة العمارة متصلة البساتين عامرة بالناس المياسير وهم في خصب من العيش ورفاهية. وهي في قول محمد بن سيرين القرية التي مر بها موسى والخضر عليهما السلام فاستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما، قالوا: وهم أبخل أهل قرية وأبعدها من السخاء، ويحكى أن أهلها رغبوا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أن يثبت في المصحف: فأتوا أن يضيفوهما- بالتاء المثناة بدل الباء- وقالت فرقة: بل القرية انطاكية، وقيل: هي برقة، ويقال: إنها الجزيرة الخضراء بالأندلس.
و كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أمر بحفر نهر الأبلة فلما ولي عثمان رضي الله عنه جعل نصف النفقة على أهل الخراج والنصف الثاني على بيت المال، فمدوه إلى البصرة. والأبلة مدينة قديمة عامرة فتحها عتبة بن غزوان في زمن عمر رضي الله عنه ، ولما نزل عتبة الخريبة وبالأبلة خمسمائة من الاساورة وكانت مرفأ الصين وما دونها، خرج اليه أهل الأبلة فناهضهم عتبة، وأمر رجلين من أصحابه فقال لهما: كونا في عشرة فوارس في ظهورنا فتردان المنهزم وتمنعان من أرادنا من ورائنا، ثم التقوا فاقتتلوا مقدار جزر جزور وقسمها، ثم منحهم الله تعالى أكتافهم فولوا منهزمين حتى دخلوا المدينة، ورجع عتبة إلى عسكره فأقاموا أياما وألقى الله عز وجل في قلوبهم الرعب، فخرجوا عن المدينة وحملوا ما خف وعبروا الفرات وخلوا المدينة، فدخلها المسلمون فأصابوا متاعا وسلاحا وسبيا وعينا فاقتسموا العين، وولي نافع ابن الحارث أقباض الأبلة فأخرج خمسة ثم قسم الباقي بين من أفاء الله عليه، وشهد فتح الأبلة مائتان وسبعون. قالوا : ولما خرج الناس لقتال أهل الأبلة قالوا للعدو: نعبر اليكم أو تعبرون الينا؟
فقالوا: اعبروا الينا، فأخذوا خشب العشر وأوثقوه و عبروا، فقال المشركون: لا نأخذ أولهم حتى يعبر آخرهم، فلما صاروا على الأرض كبروا تكبيرة ثم كبروا الثانية فقامت دوابهم على أرجلها ثم كبروا الثالثة فجعلت الدابة تضرب بصاحبها الأرض وجعلنا ننظر إلى رؤوس تندر لا نرى من يضربها، وفتح الله على أيديهم المدينة. و قال سلمة بن فلان : شهدت فتح الأبلة فوقع في سهمي قدر نحاس، فلما نظرت إذا هي ذهب فيها ثمانون الف مثقال، وكتب في ذلك إلى عمر رضي الله عنه، فكتب أن يحلف سلمة بالله لقد أخذتها يوم أخذتها وهي عنده نحاس فإن حلف سلمت اليه، وإلا قسمت بين المسلمين، فحلفت فسلمت لي، قال: فأصول أموالنا اليوم منها. و قال خالد بن عمير: شهدت فتح الأبلة مع عتبة بن غزوان فأصبنا سفينة مملوءة جوزا فقال رجل منا: ما هذه الحجارة؟ وكسرناها فأكلنا منها فقلنا هذا طعام طيب. و قال علي بن سعيد: كان فخر الدين علي بن الدامغاني قدمه الخليفة المستنصر على ديوان الزمام، قال: وصحبته من مدينة السلام إلى أسافل دجلة لجمع الأموال فانحدرنا إلى البصرة وحللنا بين نهر معقل ونهر الأبلة، فنصب فخر الدين هناك خيمة وتزاحم الوفود عليه من المسلمين واليهود والنصارى والصابئة والمجوس، فقلت له:
ما بين نهر الأبله | و بين معقل حله | |
قد حلها كل جود | و أمها كل مله | |
بدت لديها بدور | دارت عليها الأهله | |
يمم ذراها لتلقى | بأفقها المجد كله |
فاستحسن ذلك فخر الدين، قال: وكان نزولنا في جنوبي نهر معقل وبينه وبين نهر الأبلة في الجنوب فرسخ، ويخرج من أعلى هذا النهر فيض ومن أصل النهر الآخر فيض يختلطان فيصير منهما النهر الذي يمتد مع البصرة في شرقيها، ويجمع ذلك المكان أصناف الزهر وأشتات الرياحين والنخل، فأنشد فخر الدين:
انظر إلى نهرين قد أخرجا | من دجلة ما لهما من مثيل | |
و إن تشا قلت أرى دارغا | في كل كف منه سيف صقيل | |
و النخل و الأدواح قد أحدقت | تحكي رعيلا قد تلاه رعيل |
و لما دخل الططر مدينة السلام أبقوه على جباية البلاد لمعرفته بها ثم قدموه للشنق سنة تسع وخمسين و ستمائة لأنهم اتهموه بمواطأة صاحب مصر عليهم.[15]
البروسوي
- قال محمد بن على، بروسوي
الأبلة : بضم الهمزة والباء الموحدة وتشديد اللام ثم هاء في الآخر، مدينة من الثالث من العراق على فوهة نهرها من دجلة، و هي مدينة صغيرة حصينة عامرة، حد لها نهر الأبلة إلى البصرة، وحد لها الدجلة التي يتشعب منها هذا النهر عاطفا عليها، وينتهي عمودها إلى البحر بعبادان، وطول نهرها أربعة فراسخ بين البصرة والأبلة، وعلى حافتي هذا النهر قصور وبساتين متصلة كأنها بستان واحد (قد مدت على خيط واحد، وكأن نخليها قد مدت على خيط واحد)، وجميع بساتين تلك الناحية مخترقة بعضها إلى بعض حتى إذا جاء مد البحر تراجع الماء في كل نهر حتى يدخل نخليهم وحيطانهم من غير تكلف، وإذا جزر الماء أنحطت حتى تخلو البساتين والنخيل، في الأطوال: طولها عد عرضها ل به. في القانون : طولها عد عرضها لا به.[16]
مراجع
- الطبري، تاريخ الطبري، جلد3، ص594- 597.
- الإصطخري، مسالك الممالك، ص 57.
- ناصر خسرو، سفرنامه، ص 150
- ابن طباطبا علوى أصفهاني، إبراهيم بن ناصر، منتقلة الطالبية، ص 10، 362-361.
- البكري الأندلسي ، معجم ما استُعجِم من أسماء البلاد والمواضع، جلد 1، ص 98
- الزمخشري ، الأمكنة والجبال والمياه، ص 31
- الإسكندري، نصر بن عبدالرحمن ، الأمكنة والمياه والجبال، ج 1، ص 65 و 66
- الحازمي الهمداني، الاماكن او ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الامكنه، ص 33
- یاقوت الحموي، معجم البلدان ، جلد 1، ص 76-77،
- أبو الفداء، إسماعيل بن علی، تقویم البلدان، ص 360
- القزویني آثار البلاد واخبار العباد، ص 286
- عبد المؤمن البغدادي، مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع، جلد 1، ص 18
- العمري، احمد بن یحیی ، مسالك الابصار فی ممالك الامصار،ج3، صص 219و220؛ ج 5،ص 117
- ابن بطوطه، رحله ابن بطوطه، جلد 1، ص 144
- ابوعبدالله عبد المنعم الحمیري، الروض المعطار فی خبر الاقطار، ص 8
- البروسوي، أوضح المسالك إلى معرفة البلدان والممالك، ص 127.
المصادر
انظر الروض المعطار للحميري 1/8.