الرئيسيةعريقبحث

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


☰ جدول المحتويات


الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأمور الواجبة في الدين الإسلامي، بنصوص الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهي من النصيحة التي هي الدين، جاء في كتب اللغة أن المعروف: ما يستحسن من الأفعال، وكلّ ماتعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه.[1] والمنكر: كل ما قبّحه الشرع وحرّمه وكرّهه.[2] وقيل عن المعروف: هو اسم لكلِّ فعل يُعْرَف بالعقل أو الشرع حسنه. والمنكر: ما ينكر بهما، [3] أي كل فعل تحكم العقول الصحيحة بقبحه أو تتوقف في استقباحه واستحسانه، فتحكم بقبحه الشريعة.[4] وجاء في مجمع البيان أنّ المعروف: الطاعة، والمنكر: المعصية. وجاء في تعريف الحسبة عند الإمام الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية: «أنه أمر بالمعروف إذا ظهر تركه ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله».

الهدف

لا يختص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمورد من الموارد، ولا مجال من المجالات، بل هو شامل لجميع ما جاء به الاسلام من مفاهيم وقيم، فهو شامل للتصورات والمبادئ التي تقوم على أساسها العقيدة الإسلامية، وشامل للموازين والقيم الاِسلامية التي تحكم العلاقات الإنسانية، وشامل للشرائع والقوانين، وللأوضاع والتقاليد، وبعبارة اُخرى هو دعوة إلى الاسلام عقيدة ومنهجاً وسلوكاً ؛ بتحويل الشعور الباطني بالعقيدة إلى حركة سلوكية واقعية، وتحويل هذه الحركة إلى عادة ثابتة متفاعلة ومتصلة مع الأوامر والإرشادات الاِسلامية، ومنكمشة ومنفصلة عن مقتضيات النواهي الاِسلامية.

المصادر والموارد

من العلماء

بيّن الإمام الحسين موارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائلاً :

«بدأ الله بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فريضة منه، لعلمه بأنّها إذا أديت وأقيمت استقامت الفرائض كلّها هينها وصعبها ؛ وذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعاء إلى الإسلام، مع ردّ المظالم ومخالفة الظالم، وقسمة الفيء والغنائم، وأخذ الصدقات من مواضعها، ووضعها في حقها.»

من الرسول

تجلّت هذه الشمولية بوصية رسول الله لمعاذ بن جبل حينما ولاّه على أحد البلدان :

«يا معاذ علمهم كتاب الله وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة، وانزل الناس منازلهم، خيّرهم وشرهم، وانفذ فيهم أمر الله. وأمت أمر الجاهلية إلاّ ما سنّه الاِسلام، وأظهر أمر الاِسلام كلّه، صغيره وكبيره، وليكن أكثر همّك الصلاة فإنّها رأس الاسلام بعد الاقرار بالدين، وذكّر الناس بالله واليوم الآخر واتبع الموعظة.»

من القرآن

اعتمد أغلب الفقهاء على الآيات القرآنية في اثبات الوجوب دون ذكر تفاصيل الاستدلال، اقراراً منهم بوضوح دلالتها حتّى قيل : «إنّ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرورة دينية عند المسلمين يستدلُّ بها، ولا يستدل عليها.» قال الله تعالى :(وَلتكُن مِنكُم أُمّة يَدعُونَ إلى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَنِ المنكَرِ وأُولئك هُمُ المفلحِونَ) المخاطب بهذه الجملة هم المؤمنين كافة، فهم مكلفون بأن ينتخبوا منهم أُمّة تقوم بالأمر والنهي، وذلك بأن يكون لكلِّ فرد منهم إرادة وعمل في ايجادها. مع تأكيد العلماء المسلمين على الوجوب، بقولهم إنّ قول القرآن ولتكن أمر، والقاعدة الفقهية تقول ظاهر الأمر الإيجاب هذا من جهة، ومن جهة اُخرى حصرت الآية الفلاح بهذا العمل

الغاية

فالقصد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - عند المسلمين - يستتبع جميع مقوّمات الشخصية الإنسانية في الفكر والعاطفة والسلوك، لتكون منسجمة مع المنهج الإلهي في الحياة، وتكون هذه المقومات متطابقة مع بعضها، فلا ازدواجية بين الفكر والعاطفة ولا بينهما وبين السلوك، وهي وحدة واحدة يكون فيها الولاء والممارسة العملية لله وحده ولمنهج التوحيد الذي دعا إليه في جميع مفاهيمه وقيمه.

الحكم

فالإسلام - عند العلماء والمفكرين المسلمين - ليس مجرد تفكير وتدبّر وخشوع يتحرك في داخل العقول والقلوب، وإنما هو منهج حياة واقعي، يدعو إلى استنهاض الهمم والعزائم وتقوية الإرادة ؛ لتنطلق في الواقع مجسدة للمفاهيم والقيم الالهية بصورة عملية، وهو يدعو إلى النهوض بالتكاليف الإلهية في عالم الضمير وعالم الواقع على حد سواء، والاستقامة على ضوئها.

الخلاف والمناظرات

هناك خلاف حسب مذهب أهل السنة والجماعة في ما يسمى فقه الحسبة فأنقسم العلماء إلى ثلاثة فرق:

الفريق الأول

أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض عين، ومن الأدلة على هذا قوله تعالى ﴿ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ۝ ﴾ حيث إن وجه الدلالة هو أن مِنْ هنا بيانية فتكون دلالتها تشمل الأمة جميعاً. ويستدلون أيضاً بالحديث الشريف

«عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ.»

وهذا الحديث يدل على عموم وجوب الاحتساب على كل أحد لا يخرج منه أي مسلم.

الفريق الثاني

فرض كفاية ويرجح الكثير من علماء السنة هذا الرأي حيث يعتقدون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية أذا قام به البعض سقط عن الباقين وهم يستدلون بنفس الآية أيضاً، ويقولون إن مِن في الآية تبعيضية فتفيد أن هذا الواجب خاص ببعض الأمة وليس جميعهاً.

الفريق الثالث

يجمع أصحاب الفريق الثالث بين الفريقين السابقين بحيث يعتقدون أنه فرض عين إذا اتفقنا إن الأنكار يتم بجميع صورة ومنها الإنكار بالقلب كل بحسب قدرته واستطاعته كما جاء في الحدبث الشريف السابق والذي يستشهد به الفريق الثاني أيضاً، كما يمكن قبول رأي الفريق الثاني إذا ما اعتبرنا أن هناك أناس لا يستطيعون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالعمل أو بالقول. كما أنه لا يمكن تفريغ جميع الناس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تفريغاً تاماً بحيث تتعطل مصالح المسلمين عامه نتيجة لذلك.[5]

طالع أيضا

المراجع

  1. مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي 1 / 483
  2. تحف العقول، ابن شعبة الحرّاني: ص168
  3. لسان العرب، ابن منظور: 9 / 239
  4. لسان العرب 5 / 233
  5. أصل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

وصلات خارجية

موسوعات ذات صلة :