التوراة والأناجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث[1] (la Bible, le Coran et la science) هو كتاب من تأليف موريس بوكاي. يحاول كاتبه المقارنة بناء على ماتم اكتشافه في العصر الحديث، وبمقياس العلم المتطور لكل من الروايات للكتب المقدسة الثلاثة حول الأحداث الماضية من قصص الأنبياء وحول الحقائق العلمية الثابتة عن الكون الذي نعيش به. هذا الكتاب تم ترجمته إلى لغات كثيره من بينها ترجمة على الجوهري للغه العربية الصادره عن مكتبة الساعي للنشر والتوزيع بالمملكة العربية السعودية
التوراة والأناجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث | |
---|---|
la Bible, le Coran et la science | |
معلومات الكتاب | |
المؤلف | موريس بوكاي |
البلد | فرنسا |
اللغة | مترجم لعدة لغات |
تاريخ النشر | 1999 |
الموضوع | مقارنة الأديان |
التقديم | |
نوع الطباعة | ورقي |
عدد الصفحات | 288 |
ترجمة | |
المترجم | علي الجوهري |
الناشر | مكتبة القرآن للطبع والنشر والتوزيع |
المواقع | |
ردمك |
الكتاب مقسم إلى أبواب:
- العهد القديم: التوراة
- الأناجيل الأربعة مصادرها وتاريخها
- القرآن والعلم الحديث
في كل باب من هذه الأبواب، يقوم الكاتب بمناقشة ما ورد من تفاصيل للكون وخلقه؛ ولأخبار الأمم السابقة؛ مستندا على بعض الحقائق العلمية، التي بها كم من الذاتية.
العهد القديم: التوراة
يبدأ الكاتب بسؤال منطقي عن من هو مؤلف التوراة. يقول موريس بوكاي "إن الإنسان ليعجب ويتسائل كم من قراء التوراة سيقومون بإجابة هذا السؤال بتكرار ما كانوا قد طالعوه في مقدمة كتابهم المقدس؟ إنهم سيقولون إنه على الرغم من أنه قد كتب بواسطة رجال ملهمين من الروح القدس فإن المؤلف هو الله" (راجع كتاب التوراة والأناجيل والقران الكريم بمقياس العلم الحديث الترجمة العربية لعلي الجوهري صفحه 32)
هناك اتفاق على أن الكتاب المقدس (التوراة) بوضعه الحالي لم يكتب كله مره واحده أو في عصر واحد. ولكن على العكس تم كتابته على عصور مختلفه شملت كتابته بلغات مختلفه ونصوص مختلفه ومتضاربه فيما بينها ومنها مالم يكن بهدف التعبد وكان مجرد تأريخ للماضي والأحداث التي مر بها كتبة التوراة. وقد شمل التعديل في الكتابات تعديلا جذريا بالإضافة والحذف واعادة الصياغة بمطلق الحرية وبدون أي قيود على حد هوى الكاتب نفسه.
أسفار التوراة
التوراة هي مجموعة من الأسفار المختلفة من حيث طول كل منها وهي مختلفة أيضا في نوعية موضوع وأسلوب كل منها. ولقد كتبت هذه الأسفار في لغات متعددة على مدار فترة زمنية تزيد عن تسعمائة سنه بالاعتماد على تراث شعبي شفوي. وكثير من الأسفار تمم تصويبها أو إكمالها اتساقا مع الوقائع والأحداث أو المتطلبات الخاصة على فترات متباعدة في الزمان في كثير من الأحيان (راجع كتاب التوراة والأناجيل والقران الكريم بمقياس العلم الحديث الترجمة العربية لعلي الجوهري صفحه 38)
وعند دراسة معطيات أسفار التوراة ومقارنة ماورد فيها بحقائق العلم الحديث نجد أن أكثر التناقضات مع حقائق العلم الحديث متمثله في سفر التكوين. وهذه التناقضات تتعلق بثلاثة موضوعات رئيسية هي:
- خلق العالم ومراحل هذا الخلق
- تاريخ خلق العالم وتاريخ ظهور الإنسان على الأرض
- وصف الطوفان (الطوفان في قصص نوح)
خلق العالم
يقول موريس بوكاي ان التوراة (بحالتها القائمة) تتحدث عن خلق العالم بالأصحاح الأول من سفر التكوين والجمل الأولى من الأصحاح الثاني، "إنها نموذج للتناقضات مع مقتضيات الدقة من وجهة النظر العلمية" (راجع الكتاب صفحة 65)
يقول الأصحاح الأول الجملة 1 والجملة 2: "في البدئ خلق الله السموات والأرض وكانت الأرض خربة وخالية والظلمات تغطي اللجة وروح الله يرف على وجه الماء"
يمكن للعقل تقبل فكرة أن الأرض كانت غارقة في الظلمات ولكن فكرة إنشاء الماء قبل بدئ خلق الأرض ليس له مايسوغه في العلم وهذا ما كان شائعا في بعض الأساطير والفلسفات القديمة إذ ان العلم يقرر سبق المرحلة الغازية لمرحلة المواد المواد الصلبة في خلق العالم.
والجمل من 3 إلى 5 تقول "وقال الله ليكن النور فكان النور. وراى الله النور أنه أحسن. وفصل الله بين النور والظلمة. ودعا الله النور نهارا والظلمة ليلا وكان مساء وكان صباح يوما واحدا" بمقياس العلم فان النور الذي يحيط بالعالم انما هوا نتيجة انعكاسات ضوء النجوم على الأجرام غير المضيئة، وفي هذه المرحلة من خلق العالم لم تكن النجوم قد خلقت بعد وحسب قول التوراة لم يتم خلق النجوم الا في اليوم الرابع كما تشير إلى ذلك الجملة الرابعة عشر، إذا فمن غير المنطقي أن يتم ذكر نتيجة ماسيحدث في اليوم الرابع في غضون ذكر أحداث اليوم الأول. ويضاف إلى ذلك خلق الليل والنهار ليس له مكان في خلق اليوم الأول الا بعد خلق الأرض والشمس ودوران الأرض حول الشمس وهوا ما تم بعد اليوم الأول !
يقول الأصحاح الأول من سفر التكوين بالجملة السادسة حتى الجملة الثامنة مانصه "وقال الله ليكن جلد في وسط المياة وليكن فاصلا بين مياه ومياه فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد. وكان كذلك ودعا الله الجلد سماء. وكان مساء وكان صباح يوما ثانيا"
إن خرافة المياة يستمر استخدامها هاهنا أيضا مع افتراض انفصال هذه المياه الخرافية إلى طبقتين تصبح احداهما ببساطة أرضا وتصبح الأخرى سماء. إن انقسام المياه إلى طبقتين أرض وسماء إنما هي صورة غير مقبولة علميا.
تقول الجمل من 9 إلى 13 مانصه "وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة. وكان كذلك. ودعا الله اليابسة أرضا. ومجتمع المياه دعاه بحارا ورأى الله أن ذلك حسن. وقال الله لتنبت الأرض عشبا وبقلا يبرز برزا وشجرا ذا ثمر يعمل ثمرا كجنسه بزره فيه على الأرض وكان كذلك، فأخرجت الأرض عشبا وبقلا يبرز بزرا كجنسه وشجرا يعمل ثمرا بزره كجنسه ورأى الله ذلك أنه حسن. وكان ماسء وكان صباح يوما ثالثا"
من المقبول علميا أن القارات قد ظهرت في مرحلة من تاريخ الأرض عندما كانت الأرض مغطاة بالمياة. ولكن افتراض وجود عالم نباتي منظم تنظيما وراثيا من خلال البذور التي لا تظهر الا بعد نضج الثمار يستحيل أن يتحقق إلا بوجود الشمس التي لم تخلق إلا في اليوم الرابع بحسب نص سفر التكوين الأصحاح الأول ذاته. وذلك ينطبق أيضا على خلق الليل والنهار إذ يستحيل تصور إمكانية التمييز بينهما قبل خلق الشمس التي لم تخلق إلا في اليوم الرابع كما اشرنا.
وهناك رواية ثانية بقصة الخلق في سفر التكوين تتبع الرواية الأولى مباشرة بدون أي تعليق أو أي مقدمة تمهيدية للربط بين القصتين. والوصف الثاني لقصة الخلق مقتضب وبالتالي لا يفجر كثير من أوجة التناقض كما يفجرها النص الأول لأن النص الأول أكثر تفصيلا. ويرجع تاريخ كتابة النص الثاني لقصة الخلق بكل حسم إلى ثلاثة قرون قبل النص الأول وهو مقتضب جدا.
النص الأول هو الرواية الكهنوتية لقصة الخلق بوصفها وتفصيلها. أم النص الثاني فهو الرواية اليهوية.
تاريخ خلق العالم وتاريخ ظهور الإنسان على الأرض
من خلال سلسلة الأنبياء وتواريخ ميلادهم وعمر الأب وقت ميلاد الأبن يالتي يقدمها لنا سفر التكوين مكن تحديد الفترة الزمنية لنشوء الإنسان على سطح الأرض. إلا أن هذا التاريخ الذي تقدمة لنا التوراة بروايتها الكهنوتيه لايمكن قبولها بأي حال من الأحوال طبقا لحقائق واكتشافات العلم الحديث التي تثبت بأن نشوء الإنسان على سطح الأرض يسبق بكتير في الماضي ذلك التاريخ المحدد بالتوراة.
وصف الطوفان (الطوفان في قصص نوح)
لا نجد قصة واحدة لوصف الطوفان في التوراة. ولكننا نجد قصتين وذلك لأن هناك مصدرين للتوراة بروايتها الحالية مصدر كهنوتي ومصدر ياهوي. والرواتين تتداخلان دون فصل واضح بينهما في محاولة مكشوفه للتوفيق بينهما.
فمثلا تمشي أحداث القصة على أن الفساد عم بين الناس فقرر الله أن يدمر الناس وكل المخلوقات الحية. وحذر الله نوح من الطوفان وأمره أن يبني سفينة وأن يدخل فيها زوجته وأولاده الثلاثة وزوجاتهم -تبعا لرواية التوراة- مع كائنات حية أخرى. ويختلف المصدران في رواية قصة الطوفان في تحديد الكائنات الحية الأخرى. هناك مقطع من الرواية الكهنوتية يشير أن نوح قد أخذ معه في السفينة زوجا من كل نوع. ثم يخبرنا مقطع آخر من الوراية الياهوية أن الله قد أمر نوح أن يأخذ معه سبعه من كل نوع ذكورا واناثا وذلك من الحيوانات المسماة بالحيوانات الطاهرة وأن يأخذ معه زوجا واحدا فقط من الحيوانات المسماة بالحيوانات غير الطاهرة. وبعد ذلك يخبرنا نص آخر بأن نوح قد أخذ معه زوج واحد من كل نوع!
وفي الرواية الياهوية فقرة ترجع سبب الطوفان إلى ماء منهمر من السماء على حين توجد فقرة أخرى وهي من المصدر الكهنوتي ترجع سبب الطوفان إلى ماء المطر وماء الينابيع الأرضية.
وفقا للمصدر الياهوي فقد استمر الطوفان أربعين يوما. واستمر مائه وخمسين يوما وفقا للنص الكهنوتي.
ووفقا لما جاء بسفر التكوين، فقد امتد الطوفان ليدمر كل الحياة البشرية وكل المخلوقات الحية التي خلقها الله على سطح الأرض. وبذلك تكون البشرية قد أعادت تشكيل نفسها من خلال أبناء نوح الثلاثة وزوجاتهم. مما ينتج عنه أنه عندما ولد إبراهيم بعد ثلاثة قرون فهو قد وجد البشرية ق أعيد تشكيلها إلى مجتمعات منفصلة. السؤال هو: كيف يمكن لمثل هذه المجموعات البشرية الكبيرة التعداد كتلك الموجودة في عهد إبراهيم أن توجد في غضون ثلاثة قرون فقط؟ هنا استحالة في تصور إمكانية حدوث هذا الأمر.
سفر التكوين يحدد أن عصر إبراهيم كان من سنة 1800 قبل الميلاد. فاذا كان الطوفان قد حدث قبل ثلاثة قرون من ذلك العصر كما يقرر ذلك سفر التكوين في ذكره للأنساب واواريخها ينتج عن ذلك أن الطوفان قد حدث في القرن الحادي والعشرين أو القرن الثاني والعشرين قبل الميلاد. ولكن في ذلك العصر وقبله وبعده في حياة متصلة الحلقات عاشت حضارات بشرية ظلت اثارها موجوده على سطح الأرض. فمثلا في مصر في القرن الحادي عشر كان تاريخ الفترة الوسطى الأولى الذي سبق مباشرة تاريخ الأسرة الحادية عشرة في التاريخ المصري القديم. ونجد أسرة "أور" الثالثة كانت موجودة في أرض "بابل" ومن المعروف أن حياة الناس لم تتوقف في هذه الأجزاء من العالم القديم. ولم يحدث إعدام أو تدمير لكافة مظاهر الحياة والبشر انعدمت فيها الحياة البشرية برمتها كما تقرر ذلك التوراة. وفي ذلك تناقض صريح بين نصوص التوراة في وصفها لحادئة الطوفان مع ما توصل إليه العلم الحديث من اكتشافات أثرية لا زالت قائمة حتى الآن.
الأناجيل الأربعة مصادرها وتاريخها
لم يأت ذكر للأناجيل في الكتابات والنصوص التي تنحدر إلينا من المراحل الأولى للمسيحية حتى مر وقت طويل على النصوص التي كان قد كتبها بولس. ولقد بدأ ظهور مجموعات من الكتابات الإنجيلية في منتصف القرن الثاني الميلادي وبالتحديد بعد عام 140. وبالرغم من ذلك نجد أنه اعتبارا من بداية القرن الثاني الميلادي يصرون بوضوح على أنهم يعرفون عددا كبيرا من رسائل بولس. إن مثل هذه الملاحظات شائعة الوجدود وتعرضها لنا بوضوح مقدمة الترجمة المسكونية للعهد الجديد التي صدرت في عام 1972.
الأناجيل التي أصبحت رسمية هي فقط الأناجيل التي تعترف بها الكنيسة ولا تعترف بما سواها وهي إنجيل متى ولوقا ويوحنا ومرقس.
يقول أ.كولمان في كتابه المعنون بعنوان العهد الجديد الصادر عن دار النشر في باريس 1967 مانصه: "إن المبشرين أصحاب الأناجيل لم يكونوا إلا متحدثين باسم الجماعات المسيحية الأولى، وصلت إلينا أقوالهم من خلال التراث الشفهي. ولقد ظل الإنجيل طيلة ثلاث وأربعين سنة في صورته الشفهية فقط على وجه التقريب. ولكن هذا التراث الشفهي قد تضمن في غضون أيضا أقوالا مختلفة، وروايات متعارضه منعزلة. ولقد نسج المبشرون أصحاب الأناجيل -كل على طريقته وبحسب شخصيته الخاصة واهتماماته اللاهوتية الخاصة - الروابط بين هذه الروايات والأقوال التي تلقوها من التراث السائد. إن تجميع أقوال المسيح وربط الروايات في صياغات غامضة تستخدم عبارات مثل: "وبعد هذا.." "ويظن.." و"بالاختصار.." ووضعت هذه الروايات في اطار أطلقوا عليه الأناجيل المتوافقة ويدل كل شئ في هذه الطريقة على أنها أدبية الطابع وليست تاريخية الطابع"
وتنقسم أناجيل العهد الجديد المعترف بها إلى أربعة أناجيل:
الإنجيل وفقا لرواية متى
يحتل هذا الإنجيل المكانة الأولى من حيث ترتيب الأناجيل بالعهد الجديد. ويرجع ذلك إلى الاعتبار السائد بأن هذا الأنجيل انما هو امتداد للعهد القديم وذلك بهدف اثبات أن المسيح إنما هو جزء لا يتجزأ من تاريخ بني إسرائيل
عرف متى عند الآباء الأوائل على للكنسية على انه أحد الحواريين، إلا أن هذه الاعتقاد لم يعد يقنع الكثيرين في هذه الآونة. فانجيل متى قد كتب بحرية مطلقه وكتب باللغة اليونانية. وبحسب وصف الأب كانينجسر فإن إنجيل متى قد كتب بحرية مطلقة دون التعلق بقيود تدقيق ماتم كتابته ومثال على ذلك ما كتب فيه عن قيامة المسيح.
متى لم يكتب الإنجيل على أنه شاهد عيان بل كانت هناك دلالة واضحه على انه كان يطلق العنان لخياله في اختلاق العجائب (راجع الكتاب صفحة 100) والغرائب التي واكبت موت المسيح إذ يقول في الإنجيل المنسوب إليه بالحرف الواحد مانصه "وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين من فوق إلى أسفل والأرض تزلزت والصخور تشققت والقبور فتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين. وخرجوا من القبور بعد قيامته ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين. وأما قائد المئه والذين معه يحرسون يسوع فلما رأوا الزلزة وماكان خافوا وقالوا حقا كان هذا ابن الله. وكانت نساء كثيرات ينظرن من بعيد وهن كن قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه ومنهن مريم المجدلية ومرين أم يعقوب وأم ابني زبدي"
ومثل هذه الفقرة وهذا الوصف الدقيق لقيام أجساد القديسين انفرد به إنجيل متى دون سواه ولم نجد له أي مثيل في أي من الأناجيل الأخرى.
الإنجيل وفقا لرواية مرقس
هو أكثر الأناجيل ايجازا وأقدمها. ومع ذلك فليس المؤلف أحد الحواريين، بل هو على أفضل تقرير هو تلميذ لأحد الحواريين.
وفي نص إنجيل مرقس عيب رئيسي لا جدال فيه وهو أنه لم يهتم بالتعاقب الزمني للأحداث. ففي بدايته بالأصحاح الأول منه حكاية صيادي السمك الأربعة الذي دعاهم المسيح لكي يتبعوه قائلا لهم "ستصيرون صيادي الناس" على حين أنهم لم يكن لهم سابق معرفة به. (انظر الكتاب صفحة 103)
وفي ذلك يقول الأب روجيه: "إن مرقس كاتب غامض الأسلوب وإنجيله هو أضعف الأناجيل" إنه في رأي الأب روجيه لا يعرف ابدا كيف يحرر حكاية. وللتدليل على ذلك يسرد الأب روجيه قصة الحواريين الأثنى عشر كما وردت في إحدى روايات إنجيل مرقس: "ثم صعد إلى الجبل ودعا الذين أرادهم فذهبوا إليه. وأقام اثنى عشر ليكونوا معهم، وليرسلهم ليكرزوا لهم سلطان إخراج الشياطين. وجعل الاثنى عشر وفرض على سمعان اسم بطرس"
هناك تناقضات كثيره بين إنجيل مرقس وإنجيل متى ولوقا في حوادث مختلفه كما هو الشأن في آية يونان (يونس) وكذلك في الآيات التي يعطيها المسيح للبشر أثناء بعثته. ويسرد إنجيل مرقس روايه غريبه جدا فيقول "فجاء الفريسيون وجعلوا يحاورون المسيح، وليسوقوه إلى فخ طلبوا منه آيه من السماء، فتنهد بروحه وقال: لماذا يطلب هذه الجيل آيه، الحق أقول لكم: لن يعطى هذه الجيل آيه" (إنجيل مرقس 8: 11-12) هذه الرواية تتناقض تماما مع إنجيل متى ولوقا بأن المسيح قال لهم "إنه لن يعطيهم إلا آيه واحده هي آية يونان"
وعلى الرغم من اعتراف الكنيسة بانجيل مرقس إلا أن علماء من الكنيسة يعتبرون خاتمة هذا الإنجيل غير صحيحة ومزورة (إنجيل مرقس 16: 9-20) ويشيروا إلى ذلك بكل صراحة في الترجمة المسكونية.
الإنجيل وفقا لرواية لوقا
يعتبر لوقا كاتب وروائي حقيقي. لوقا يؤكد في صدر إنجيلة الذي وجه كلامه إلى ثاوفيلس إلى أنه (لوقا) بعد الآخرين الذين أنشؤا قصصا عن المسيح سينشئ بدوره حكاية عن نفس الأحداث مسخدما هذه القصص ومعلومات الشهود المعاينين (وذلك يؤكد أنه ليس واحدا منهم) وذلك بالإضافة إلى المواعظ المستمدة من روايا الحواريين.
القارئ لإنجيل لوقا يلاخظ الفرق الشاسع بين أسلوبه وأسلوب مرقس. فإنجيل لوقا هوا عمل أدبي متقن دون جدال في ذلك وهو مكتوب باللغة اليونانية الكلاسيكية رائعة الرقي.
لوقا هو أديب يوناني وثني آمن بالمسيحية وموقفه من المعتقدات اليهودية شديد الوضوح (راجع الكتاب صفحة 106) إذ أنه يحذف من كتابات مرقس كثيرا من الحكايات والنصوص اليهودية ويبرز نصوص المسيح المعبره عن كفر اليهود ويبرز النصوص التي تدل على العلاقة الطيبة بين المسيح والسامريين الذين كان اليهود يمقتونهم.
هناك بعض النصوص الموجودة في إنجيل لوقا ليس لها مثيل في الأناجيل الأخرى. فيشير أ.كولمان في صفحة 18 من كتابه العهد الجديد روايات عن وقائع في إنجيل لوقا غير موجوده في الأناجيل الأخرى فيما يتعلق بأحداث برمتها وليس الاختلاف مجرد اختلاف في التفاصيل.
ومثال ذلك مايرويه إنجيل لوقا عن طفولة المسيح ويرويه متى بشكل مختلف بينما لا يذكره إنجيل مرقس. وشجرة نسب المسيح في إنجيل لوقا مختلفه عن تلك الشجرة في إنجيل متى.
الإنجيل وفقا لرواية يوحنا
هذا الإنجيل يختلف جذريا عن الأناجيل الأخرى. إذ يشير الأب روجيه في كتابه المعنون بعنوان "مقدمة غلى الإنجيل" بعد أن فرغ من وصف الأناجيل الثلاثة الأخرى، يصف هذا الأنجيل بأنه "عالم آخر" وبالتأكيد فهذا الأنجيل يختلف كلية عن باقي الأناجيل في أسلوبه ووجغرافيته وأزمنة أحداثه.
يؤكد الأب روجيه بأنه يوحنا هو أحد الشهود العيان الذي شاهدوا وعاينوا أقوال وأفعال المسيح. ويربطه بذلك أنه أحد الحواريين كان اسمه يوحنا بن زبدي ويستنتج أنه هو كاتب الإنجيل كما يؤكد يوحنا نفسه هذا الاعتقاد في إنجيله.
والمعروف أن يوحنا بن زبدي كان صياد سمك بسيط، ولا يمكن لصياد سمك بسيط أن يكتب إنجيل بهذه القدرة الابداعيه في التأليف والوصف. كما أن المتفق عليه أن إنجيل يوحنا قد كتب في نهاية القرن الأول الميلادي تقريبا وتحديدا بعد ستين سنه بعد المسيح.
والترجمة المسكونية للإنجيل تقرر أن غالبية النقاد لا يوافقون على افتراض أن كاتب الإنجيل هو الحواري يوحنا بن زبدي، بل تشير أن هذا الإنجيل مكتوب من أكثر من مؤلف وهم تلاميذ المؤلف. وفيه نص يخص المرأة الزانيه مجهول المصدر لا يعرف من كتبه ولا مدى صحته.
وفي إنجيل يوحنا أحداث لم يتم ذكرها في الأناجيل الأخرى. فمثلا ظهور المسيح للحواريين عند بحيرة طبرية بعد أن قام بين الأموات ولم يكونوا يجدون سمكا يصطادونه حتى أمرهم المسيح بالصيد من مكان معين فوجدوا سمكا كثيرا. وكذلك التناقض بين إنجيل يوحنا والإناجيل الأخرى فيما يتعلق بالفترة الزمنية لبعثه المسيح. يحددها مرقس ومتى ولوقا بمدة عام واحد بينما يحددها يوحنا بمدة عامين.
تناقضات في روايات العهد الجديد
هناك مساحه كبيرة بين الروايات المختلفة للأناجيل. يتمثل هذا الاختلاف في احتواء هذه الأناجيل إما على حكايات ينفرد بسردها إنجيل معين دون الأناجيل الأخرى أو اختلافات واسعه في تفاصيل حكايات مشتركه بين أكثر من إنجيل. وبالرغم من اصرار الكثير من معلمي الكنيسة على أن الأناجيل قد كتبت بوحي من الله أو أنها لأشخاص عاصروا الأحداث فإن القارئ للإنجيل يقع في حيرة من أمره عندما يجد مثل هذه الاختلافات.
الروايات المتناقضة عن آلام المسيح
يلاحظ الأب روجيه أن عيد الفصح قد تم تعيينه بشكل مختلف زمنيا في علاقته مع العشاء الأخير للمسيح مع الحواريين في الأناجيل الثلاثة عنه في إنجيل يوحنا. إن يوحنا يؤكد أن العشاء الأخير قد يم قبل عيد الفصح بينما أصحاب الأناجيل الأخرى يجعلون العشاء الأخير يتم أثناء هذه الاحتفالات بعيد الفصح.
وصف آلام المسيح تختلف بين الأناجيل الثلاثة وإنجيل يوحنا. إن العشاء الأخير وتفاصيل وصف آلام المسيح تحتل في إنجيل يوحنا مساحه كبيره ضعف مساحتها في كل من مرقس ولوقا ويزيد مرة ونصف عن المساحة في ذلك في إنجيل متى.
يوضح يوحنا خطبة طويلة للمسيح خاطب بها تلاميذه في العشاء الأخير تشمل إرشادات ووصايا هامه الذين سيتركهم ويسلمهم وصاياه الروحية، ورغم أهمية هذا الحدث وتلك الوصايا والإرشادات والخطبة بوجه عام فاننا لا نجد مثل هذه الأمور في الأناجيل الثلاثة الأخرى.
يسرد متى ومرقس تفاصيل صلاة المسيح في بستان حيثماني قبل أن يقبض عليه جند الرومان كحدث أخير قبل محاولة صلبه، بينما لا يشير يوحنا إلى ذلك أدنى إشارة
إغفال يوحنا للنص المؤسس للإفخارستيا
إنجيل يوحنا لا يشير إلى النص المؤسس لطقوس تناول القربان المقدس الذي يعد ركن أساسي من أركان السيحية لا يقل أهمية عن التعميد في الماء المقدس. إن تقديس تناول الخبر والخمر باعتبار أن الخبز هو جسد المسيح والخمر دمه إنما هو أهم طقوس الديانة المسيحية. وتشير الأناجيل الثلاثة إلى هذه الأعمال وأهميتها في طقوس العبادة بينما لا نجد لها أي إشارة في إنجيل يوحنا. وهذه ما أفضى بالعلماء باثبات أن كاتب ومؤلف هذا الإنجيل لا يمكن بأي حال أن يكون يوحنا بن زبدي.
إن روايات الأناجيل الأربعة تتضمن نقطتين مشتركتين فقط. أولهما هي التنبؤ بإنكار بطرس للمسيح والثانية هي خيانة أحد الحواريين. ولا تتم الإشارة إلى أنه هوا يهوذا الإسخريوطي إلا في إنجيل متى وإنجيل يوحنا فقط لا غير. وينفرد إنجيل يوحنا برواية قيام المسيح بغسل أقدام الحواريين في بداية العشاء الأخير للمسيح.
حالات ظهور المسيح بعد قيامته من بين الأموات
هناك اختلافات في الروايات المختلفة للأناجيل الأربعة بهذا الشأن. فنجد مثلا في إنجيل متى أنه قد اختلق من الخيال البشري صور خيالية للأحداث والمظاهر العجيبة التي واكبت قيامة المسيح.
ويعطي الأب روجيه في كتابه "مقدمة إلى الأناجيل" صورا من هذه التناقضات فيقول بأن الأناجيل الثلاثة لا تتوافق على أسماء الناسء اللاتي ذهبن لقبر المسيح مع مريم المجدلية. وفي إنجيل متى فنجد أن ملاكا هو الي أخبر النساء أنهن سيشاهدن المسيح في إقليم الجليل. ومع ذلك يقابلن المسيح في ذات اللحظة على مقربة من القبر! وفي إنجيل لوقا يحاول التوفيق فيقول أن الملاك ق قال لهن "أنتن تتذكرن كيف تحدث إليكن عندما كان بالجليل.." ويتجنب لوقا الإشارة إلى طهور المسيح لبعض الناس ثلاث مرات بعد قيامته. أما يوحنا فيقول أن المسيح قد ظهر مرتين ثمانية أيام بمجمع بيت في القدس ثم ظهر مرة ثالثة بالقرب من بحيرة طبرية في الجليل. أما متى فيتحدث عن الظهور مرة واحده فقط في الجليل. ويستبعد الأب روجيه خاتمة إنجيل مرقس لانه يعتبرها مزوره ومضافه بقلم آخر.
صعود المسيح إلى السماء
التناقضات بين الروايات المختلفة للأناجيل في هذا الحدث الجلل تطرح سؤالا مهما، إذا كان هذا الحدث قد وقع بالفعل فكيف يمكن لأثنين من كتاب الأنجيل وهما يوحنا ومتى يتغافلون ذكره بينما ينفرد كل من مرقص ولوقا بوصف هذا الحدث
بالنسبة لمرقس فإن المسيح قد رفع إلى السماء وجلس على يمين الله، أما لوقا فإنه يحدد معاد زمني للحادثه حيث يجعلها في نفس ذات يوم قيامة المسيح وظهوره للأحد عشر حواري. وهذا هو الأصل في احتفال المسيحين بعيد الفصح بعد أربعين يوما
أحاديث المسيح الأخيرة عن المعزى كما أوردها إنجيل يوحنا
ينفرد إنجيل يوحنا بسرد أقوال المسيح في نهاية العشاء الأخير قبل القبض عليه. ورغم أهمية الوصايا التي جاءت في هذا الموقف إلا اننا لا نجد لها أي أثر في الأناجيل الثلاية الأخرى.
وفي هذه الوصايا يطلق المسيح إرشاداته ومنها وصيه تتحدث عن مرشد اخر آت بعد المسيح يطلق عليه اسم Parakletos إذ يقول "إن كنتم تحبونني ما خطفوا وصاياي وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد"
ويحاول مفسروا الإنجيل أن يبعدوا هذه الصفة عن نبي الإسلام محمد إذ يقولون أن المقصود بالمعزي في هذه الوصية أنها الروح القدس. وهذا ما يصعب تصديقه. فاذا كان المسيح قائما بين الحواريين فكيف يبشرهم بروح القدس تأتي من بعده وأنها ستمكث فيهم إلى الأبد. ما هي الحاجة لذهاب المسيح في صورته الإنسانية واتيانه في شكل روح قدس ترشد الناس؟ بالتأكيد فإن المسيح يقصد في هذا الموقف شخص آخر يأتي من بعد المسيح يرشد الناس ويوصي الناس باتبعاه
القرآن والعلم الحديث
مصداقية القرآن الكريم وكيفية تدوينه
يتميز القرآن الكريم بمصداقية لا تقبل النقاش وذلك للحرص الشديد الذي صاحب عملية حفظه وتدوينه على مر العصور بعكس الحال في كل من التوراة والأناجيل التي يعترف القائمين عليها أنفسهم أنها لم يكتب أي منها في عهد موسى أو عيسى عليهما السلام. العكس هو الصحيح في حالة القرآن، فقد تم تدوين القرآن بالكامل في عهد نبي الإسلام محمد وهو ما أضفى عليه مصداقية لأن من راجعه هو من نزل الوحي عليه. والمعرف أن نبي الإسلام محمد منع الصحابة من تدوين الأحاديث النبوية الشريفه في عهد نزول الوحي حتى لا يختلط رواية الأحاديث بكتابة الوحي وهو ماحدث بالفعل حيث أن علم الأحاديث النبوية الشريفه قد بدأ في الظهور بعد وفاة النبي وبعد الإتمام من نزول الوحي بالقرآن الكريم ولم يحدث في أي عهد من عهود الإسلام أي إدعاء بأن هناك أي خلط بين آيايت القرأن الكريم والأحاديث النبوية الشريفه كما لم يحدث أي اتفاق بأن أي آيه أو جزء من القرآن الكريم كتب في عهد مختلف عن عهد نزول القرآن الكريم على نبي الإسلام في سنوات الوحي الإلهي وهو ما لم يتحقق مثله على الإطلاق في أي من نصوص التوراة أو الأناجيل كما اشرنا سالفا.
من أشهر كتاب الوحي الإلهي في عهد محمد الصحابي الجليل زيد بن ثابت وقد كتب القرآن تحت المراجعة المباشرة للنبي. كما أن النبي كان يتلو القرآن الكريم أمام جبريل عليه السلام ملك الوحي. وقد كتب القرآن في البداية على الجلد والألواح الخشبية وألواح العظام. كما تم حفظ نصوص القرآن الكريم عن ظهر قلب من الصحابة المعاصرين لحياة النبي في زمن الوحي.
وبعد وفاة الرسول وفي زمن حروب الردة أمر خليفة المسليمن الأول وأول الخلفاء الراشدين وصاحب محمد في زمن الهجرة أبو بكر الصديق، أمر زيد بن ثابت أكثر كتاب الوحي اسهاما في جمع القرآن بجمع كل ايات القران الكريم في نسخه واحده معروفه لديه لحفظه من أي محاولة لتحريفه، وبالفعل تمت عملية الجمع وكان الخليفة حريص كل الحرص في هذه العملية حيث كان يستشهد أكثر من صاحبي على كل آيه من ايات القرآن الكريم لضمان صحتها.
وفي عهد عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية، تمت عملية الجمع في نسخه واحده فقط معروفه واودعها عمر بن الخطاب عن ابنته السيدة حفصه ا -إحدى أمهات المسلمين- التي كانت زوجة من زوجات الرسول.
وفي عهد عثمان بن عفان ثالث الخلفاء الراشدين تم كتابة المصحف كما هو معروف لدينا الآن في صورته القائمة وإقرار صحة آيات القرآن التي تم جمعها في عهد أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب ولم يحدث في هذا الوقت أي خلاف على صحة آيات القرآن الكريم. وقد أرسل عثمان بن عفان نسخه من القرآن الكريم إلى كل بلد من بلدان المسلمين في ذلك الوقت. وذلك لضبط طريقة نطق ألفاظه بعد تعدد اللغات واللهجات للشعوب التي دخلت في الإسلام في عهود الفتوحات الإسلامية.
يصر بعض القائمين على علوم المقارنة بين الأديان بأن القرآن الكريم ماهو إلا إعادة كتابة وتلخيص لما جاء بالتوراة والأناجيل. وهذا يعد محض افتراء وتكذيب حيث أن القرآن الكريم يورد في نصوصه حقائق تختلف كلية مع الحقائق الوارده في كل من التوراة والأناجيل وتتفق مع ماتم اكتشافه من مكتشفات العلم الحديث. كما أنه لا يوجد إجماع بين النصوص المختلفة للأناجيل ولا يوجد صحة في كثير من الحقائق العليمة التي توجد في التوراة كما اشرنا سالفا، وبالتالي فالقول بأن نبي الإسلام قد أعاد كتابة التوراة والأناجيل ولكن بلغته العربية لا يمكن تصديقه. لأسباب الصحة والأختلاف التي تم توضيحها سالفا كما أن النبي لم يكن يكتب أو يقرأ قبل نزول الوحي الإلهي عليه.
خلق السموات والأرض
القرآن الكريم أول مصدر علمي أنبأ عن أن الأرض تشكلت بمكونات فضائية قال الله تعالى: {أَوَ لَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} (الأنبياء: 30 ) ولوضوح الآية فإن أقوال المفسرين كانت كذلك، وننقل من آراء المفسرين الأقوال الآتية: - "كانتا ملتصقتين ففصل الله بينهما" كما روي عن ابن عباس والضحاك والحسن وقتادة، وسعيد بن جبير، وعطاء وكعب. - "كانت السموات مؤتلفة طبقة ففتقها الله"عن مجاهد وأبي صالح والسدي. وتجمع جميع الدراسات العلمية أن منشأ الأرض والشمس أصله واحد، وإن جل الدراسات تعتبر أن مصدر الأرض هو مكونات فضائية، بغض النظر عن الكيفية التي تعالجها النظريات والتي تبقى في حيّز الأخذ والرد والنقاش والجدل، والتي تبقى عرضة للتبديل والتحوير... فمن أعلم رسول الله أن الأرض تشكلت بمكونات فضائية ؟؟؟ إنه الله "إن هو إلا وحي يوحى" ولادة النجوم من الدخان الكوني قال الله تعالى: (ثُمَّ استوى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت: 11). ننقل من آراء المفسرين الأقوال الآتية: من إعجاز القرآن الكريم أنه صحح المفاهيم العلمية على امتداد التاريخ، وشكل مصدرا للتفاسير وفي غياب أية وسيلة علمية في زمانهم اهتدى المفسرون لمفاهيم لم يتم اكتشافها إلا في القرون الأخيرة قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ استوى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت): ثم ترجع إلى نقل السماء من صفة الدخان إلى حالة الكثافة. يقرر العلم بالملاحظة المباشرة أنه يولد نجم أولي أو بروتو نجم من دخان كوني يتكاثف فيه غاز وغبار كوني، فمن الحقائق الهامة في علم الفلك اليوم أن الدخان الكوني ينتشر بكميات هائلة في الكون، وهو يحجب الضوء الصادر عن معظم النجوم. هذا الدخان يمكن لسحب الدخان العملاقة أن تشكل النجوم والمجرات، وهو أساس مهم في بناء الكون. في آخر الثمانينات من القرن العشرين بدأ العلماء يلاحظون أن النجوم في صفحة السماء لها دورة حياة كأي كائن حي، لها ميلاد وطفولة وشباب وكهولة وشيخوخة واحتضار ووفاة.. وقد سبق القرآن الكريم العلم الحديث في علم الفلك إلى ذكر أهم الحقائق المرتبطة بدورة حياة النجوم ولادتها ونضجها وموتها..وتكلم القرآن الكريم عن هذه التفاصيل العلمية التي أصبحت حقائق علمية مشاهدة في صفحة الفضاء، (أنظر الخطاطة).. حيث يقرر العلم أنه يولد نجم أولي أو بروتو نجم من هذا دخان كوني يتكاثف فيه غاز وغبار كوني، (المرحلة 1). ويؤكد العلماء أن هذا الدخان موجود منذ بدايات خلق الكون مصداقا لقوله تعالى (ثُمَّ استوي إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) (فصلت: 11). (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) [فصلت: 11] ففي هذه الآية يحدثنا الله تبارك وتعالى عن قول السماء والأرض (قالتا أتينا طائعين) ربما تكون هذه الترددات الصوتية التي أصدرها الكون في بداية خلقه، هي امتثال وطاعة لأمر الله لأن الله تبارك وتعالى يقول: (تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا) [الإسراء: 44].
توجد أدلة دامغة اليوم على أن الأرض تشكلت من الدخان الكوني، وقد كان الدخان ينتشر في كل مكان أثناء تشكل الأرض وبعد تشكلها لملايين السنين، أي أنه في اللحظة التي تشكلت فيها الأرض كان الدخان موجودا، وفي كتاب الله تبارك وتعالى إشارة رائعة إلى هذا الأمر عندما قال: (قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين * وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين * ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين * فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم) [فصلت: 9-12].
- خلق الله تعالى الأرض في يومين (خلق الأرض في يومين) أي أن الأرض لم تكن موجودة فأوجدها الله في يومين ولكنها غير صالحة للحياة. فقدر فيها أقواتها وخلق عليها الجبال وغير ذلك بشكل يجعلها صالحة للحياة، وذلك في أربعة أيام (وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام) فيكون المجموع ستة أيام.
- في هذه الأيام الستة كانت السماء موجودة وممتلئة بالدخان، والدليل على أنها موجودة قوله تعالى: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان) أي أن الاستواء كان بعد خلق السماء وبعد خلق الأرض، أي أنه بعد ستة أيام تم خلق السماء والأرض. إذا لم يقل رب العالمين (ثم خلق السماء) بل قال (ثم استوى إلى السماء) فالسماء إذا مخلوقة وموجودة مع الأرض، وهذا ما يقرره العلم الحديث.
- ثم بعد ذلك جعل هذه السماء الواحدة سبع طبقات بعضها فوق بعض، وهذه العملية لا علاقة لها بخلق السموات، بل هي عملية منفصلة تمت بعد خلق السموات وسماها القرآن بعملية التسوية، لأن الله قال: (فقضاهن سبع سماوات) لم يقل (فخلقهن)، وهذا دليل على أن السماء موجودة أصلا ومنذ البداية، وخلقت مع الأرض ولكنها لم تأخذ شكلها النهائي لأنها كانت دخانا وهذا ما يؤكده العلماء اليوم! إذا أكد القرآن أن الأرض والسماء كانتا مخلوقتين ثم سوى الله السماء وجعلها سبع سموات، ولذلك قال في آية أخرى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم) [البقرة: 29] تأملوا معي كلمة (فسواهن) لم يقل (فخلقهن) والخلق يختلف عن التسوية
يقول تعالى: (فقضاهن سبع سموات) لماذا الرقم سبعة؟ لأن الله تبارك وتعالى صمم معظم الأشياء في الكون على هذا الرقم فكل ذرة من ذرات الكون تتألف من سبع طبقات. ولذلك فإن الله تبارك وتعالى عندما حدثنا عن السماوات السبع قال: (فقضاهن سبع سموات) مع أننا لا نرى هذه السماوات السبع إلا أنه أودع دليلا في كل ذرة من ذرات الكون من خلال طبقاتها السبع، وإذا علمنا أيضا أن الأرض كذلك هي سبع طبقات بعضها فوق بعض ندرك أن الله تبارك وتعالى يحدثنا عن حقائق يقينية وليس مجرد كلمات. الصورة تظهر الذرة بطبقاتها السبع.
حاول المشككون إثارة الشبهات حول هذه الآية، فقالوا: إن هذه الآية تدل على أن الأرض خلقت قبل السماء، فهل يمكن أن نصدق ذلك في ضوء العلم الحديث؟ إذا القرآن يناقض العلم الحديث! إذا هو كتاب من عند غير الله لأن الله لا يخطئ!!
إن هؤلاء لم يقرأوا الآية جيدا لأن الله تعالى عندما قال: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان) إن هذه الآية تدل على أن السماء كانت موجودة قبل أن يستوي إليها، ولكنها كانت في معظمها دخانا، ثم يقول بعد ذلك: (فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها) إذا الخطاب للسماء والأرض، وبالتالي أثناء هذا الخطاب كانت الأرض موجودة وكانت السماء موجودة، ولا يعني ذلك أن الأرض خلقت قبل السماء، ولكن هذا ما فهمه المفسرون حسب علوم عصرهم. أما نحن اليوم فلسنا ملزمين أن نفهم الآية كما فهمها المفسرون قبل ألف سنة مثلا، لأنه لو توافرت لديهم العلوم لفهموها كما نفهمها اليوم.
علم الفلك في القرآن الكريم
ورد ذكر الشمس في القرآن الكريم 35 مرة، منها 33 مرة في 32 آية باسمها(الشمس ومختلف صورها: الشمس، 20 مرة، بالشمس مرة، للشمس مرتين، والشمس 9 مرات، شمسا مرة) [2]، ومرتان بصفتها بأنها سراج، وسراج وهاج (وردت سراج مرة واحدة في القرآن الكريم بمعنى مختلف عن الشمس) [3]. وتصف الآيات القرآنية الشمس بأنها آية من آيات الله، وأن الله تعالى خلقها بتقدير دقيق وجعل لنا من انضباط حركاتهما وسيلة دقيقة لحساب الزمن والتأريخ للأحداث، وأنها ضياء( أي مصدر للضوء) وأنها سراج( أي جسم متقد، مشتعل، مضيء بذاته)، وأنها سراج وهاج( أي شديد الوهج)، وأنهما والنجوم مسخرات بأمر الله، مسبحات بحمده، ساجدات لجلال عظمته، وأن هذا التسخير لأجل مسمي ينتهي بعده كل هذا الوجود، وأن بداية تهدم الكون الحالي تتمثل في بداية تكور الشمس وانكدار النجوم. الوصف الأول: "ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر"(فصلت:37) روى الأمام البخاري في صحيحه عن أبي بكرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولكن الله تعالى يخوف بهما عباده"، وفي رواية أخرى: "فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة" وفي رواية ثالثة: "فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا".
وهذا الحديث يعد تأصيلا باهرا لحقيقة الظواهر الكونية الطبيعية التي لطالما قدست وعبدت من دون الله بما ملئ العقول من أساطير وخرافات، فهو إبطال لما كان أهل الجاهلية يعتقدون من تأثير الكواكب في الأرض، قال الخطابي: كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يوجب حدوث تغير في الأرض من موت أو ضرر، فأعلم النبي أنه اعتقاد باطل، وأن الشمس والقمر خلقان مسخران لله ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما(فتح الباري: 2/ 528). وقد قطع الإسلام حبل الصلة بين الأحداث الأرضية أو الأقدار الغيبية ومثل هذه الظواهر واعتبر نسبتها إليها نسبة الفاعل لها ضرب من الإشراك والكفر، يؤكده ما أخرجه الأمام البخاري في صحيحه عن زيد بن خالد –رضي الله عنه- قال: خرجنا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم-عام الحديبية فأصابنا مطر ذات ليلة فصلى لنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح ثم أقبل علينا فقال: "أتدرون ماذا قال ربكم"؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فقال: "قال الله أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر بي فأما من قال مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله فهو مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنجم كذا وكذا فهو مؤمن بالكوكب كافر بي" رواه البخاري (3916).
الوصف الثاني: "كل في فلك يسبحون"(الأنبياء:33) قال تعالى:"لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون(يس:40)، وقال:"وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار(الزمر:5)، وقال:"وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون (الأنبياء:33)"، وقال أيضا:"والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم (38) والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم (يس:39) يقول ابن جرير-رحمه الله- في تفسير قول الله تعالى:(هو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون)(سورة الأنبياء: آية 33).
اختلف أهل التأويل في معنى الفلك الذي ذكره الله في هذه الآية، فقال بعضهم: هو كهيئة جديدة الرحى، ونقل هذا المعنى عن مجاهد وابن جرير(جامع البيان، للطبري 10/22). وقال ابن كثير-رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: (كل في فلك يسبحون):أي يدورون، قال ابن عباس: يدورون كما يدور المغزل في الفلكة، وقال مجاهد: فلا يدور المغزل إلا في الفلكة ولا الفلكة إلا بالمغزل، كذلك النجوم والشمس والقمر لا يدورون إلا به ولا يدور إلا بهن(تفسير ابن كثير 3/285). يأتي هذا بينما ظل العلماء يعتقدون حتى القرن الماضي أن الشمس هي مركز الكون وأنها ثابتة في حجمها وكتلتها ومكانها، وأن كل شيء يتحرك حولها. وتدور الشمس حول نفسها دورانا مغزليا حول محورها المركزي كما يحدث في الكواكب التي تدور حولها، لكن هذا الدوران ليس بالسهولة أو الانسيابية التي تدور بها الأرض حول نفسها لأن الشمس ليست كتلة صلبة وهذا يسبب انحرافات مغناطيسية تظهر كبقع شمسية داكنة فوق سطح الشمس. وهذا التعقيد في الحقل المغناطيسي شديد بدرجة تجعله ينكمش ويجعل القطبين الشمالي والجنوبي يتبادلان مكانيهما. تتكرر هذه العملية بصفة مستمرة ويطلق عليها دورة الشمس Solar Cycle (تستغرق الدورة الكاملة 22 سنة). وكشف علم الفلك الحديث أن الشمس تنجذب باتجاه مركز مجرتنا (درب التبانة)، بل وتدور حوله بشكل دقيق ومحسوب بسرعة 220 كلم/ثانية(140 ميل/الثانية)، وتستغرق حوالي 250 مليون سنة لتكمل دورة كاملة، وقد أكملت 18 دورة فقط خلال عمرها البالغ 4.6 مليارات سنة. وحيث إن مدار الأرض حول الشمس على شكل قطع ناقص تحتل الشمس إحدى بؤرتيه فإن المسافة بين الأرض والشمس تزيد وتنقص عن هذه القيمة المتوسطة بمقدار 4.2 مليون كيلومترا. ففي يوم 3 يناير تصبح الأرض أقرب ما يكون إلى الشمس، إذ تبلغ المسافة بينهما147 مليون كيلومتر، وتسمى النقطة التي تحتلها الأرض حينئذ بالحضيض Petihelion، وفي يوم 4 يوليه تكون الأرض أبعد ما يكون عن الشمس، وتبلغ المسافة بينهما 152 مليون كيلومتر، وتكون الأرض في هذا الوضع في نقطة الأوج Aphelion.
والتعبير القرآني "يسبحون" "وتجري" يتناسب تماما مع ما أسفرت عنه الدراسات الفلكية الحديثة عن المدار الشمس وحركة الشمس فيه، حيث يبدو المدار كمجرى نهر River Stream وتظهر فيه الشمس كجسم يسبح، شكل رقم(). كما كشفت عن حركة اهتزازية للشمس للأعلى وللأسفل، تبدو معها وكأنها تصعد وتنزل وتتقدم للأمام، ويستغرق صعود الشمس وهبوطها قرابة 60 مليون سنة من إجمالي دورتها التي تستغرق 250 مليون سنة.
أما قوله تعالى"لمستقر لها"، قال ابن كثير--" وقوله جل جلاله "والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم "في معنى قوله " لمستقر لها " قولان: القول الأول أن المراد مستقرها المكاني وهو تحت العرش مما يلي الأرض في ذلك الجانب وهي أينما كانت فهي تحت العرش وجميع المخلوقات لأنه سقفها وليس بكرة كما يزعمه كثير من أرباب الهيئة وإنما هو قبة ذات قوائم تحمله الملائكة وهو فوق العالم مما يلي رءوس الناس فالشمس إذا كانت في قبة الفلك وقت الظهيرة تكون أقرب ما تكون إلى العرش فإذا استدارت في فلكها الرابع إلى مقابلة هذا المقام وهو وقت نصف الليل صارت أبعد ما تكون إلى العرش فحينئذ تسجد وتستأذن في الطلوع كما جاءت. القول الثاني أن المراد بمستقرها هو منتهي سيرها وهو يوم القيامة يبطل سيرها وتسكن حركتها وتكور وينتهي هذا العالم إلى غايته وهذا هو مستقرها الزماني قال قتادة " لمستقر لها " أي لوقتها ولأجل لا تعدوه وقيل المراد أنها لا تزال تنتقل في مطالعها الصيفية إلى مدة لا تزيد عليها ثم تنتقل في مطالع الشتاء إلى مدة لا تزيد عليها يروى هذا عن عبد الله بن عمرو.
وهناك قول ثالث يستنبط من قراءة ابن مسعود وابن عباس "والشمس تجري لا مستقر لها " أي لا قرار لها ولا سكون بل هي سائرة ليلا ونهارا لا تفتر ولا تقف كما قال تبارك وتعالى" وسخر لكم الشمس والقمر دائبين " أي لا يفتران ولا يقفان إلى يوم القيامة ".
ويضيف علم الفلك الحديث قول رابع، فمن خلال دراسة المسار الذي يجب أن تسلكه المراكب الفضائية للخروج خارج النظام الشمسي تبين أن الأمر ليس بالسهولة التي كانت تظن من قبل. فالشمس تجري بحركة شديدة التعقيد لا تزال مجهولة التفاصيل حتى الآن، ولكن هنالك حركات أساسية للشمس ومحصلة هذه الحركات أن الشمس تسير باتجاه محدد لتستقر فيه، ثم تكرر دورتها من جديد، وقد وجد العلماء أن أفضل تسمية لاتجاه الشمس في حركتها هو "مستقر الشمس" Solar Apex.
الوصف الثالث:"الشمس والقمر بحسبان"(الرحمن:5) قال القرطبي--"أي يجريان بحساب معلوم فأضمر الخبر، قال ابن عباس وقتادة وأبو مالك: أي يجريان بحساب في منازل لا يعدوانها ولا يحيدان عنها. وقال ابن زيد وابن، كيسان: يعني أن بهما تحسب الأوقات والآجال الأعمار، ولولا الليل والنهار والشمس والقمر لم يدر أحد كيف يحسب شيئا لو كان الدهر كله أو نهاره. وقال السدي: "بحسبان" تقدير آجالهما أي تجري بآجال كآجال الناس، فإذا جاء أجلهما هلكا، نظيره:"كل يجري لأجل مسمى"[الزمر:5]، وقال الضحاك:بقدر، وقال مجاهد:"بحسبان" كحسبان الرحى يعني قطبها يدوران في مثل القطب.
وقال ابن كثير--"أي يجريان متعاقبين بحساب مقنن لا يختلف ولا يضطرب{لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون(يس:40)} وقال تعالى:{فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم(الأنعام:96)}. وقد حذرت الإدارة الوطنية للملاحة الفضائية والفضاء (ناسا) - بحسب ديلي تلغراف- من أن انفجارت بركانية شمسية نتيجة عاصفة فضائية ضخمة ستسبب دمارا. وقالت الصحيفة إن العاصفة الفضائية التي تقع كل مائة عام قد تتسبب بانقطاعات واسعة في الكهرباء، وتعطل إشارات الاتصال فترات طويلة.ومن الممكن أن تزداد سخونة شبكات الطاقة المحلية، ويتأثر السفر الجوي بشدة وتتعطل الأجهزة الإلكترونية وأنظمة الملاحة الجوية والأقمار الصناعية الرئيسية بعد أن تصل الشمس إلى أقصى طاقة لها خلال سنوات قليلة. ويعتقد كبار علماء وكالة الفضاء أن الأرض ستضرب بمستويات غير مسبوقة من الطاقة المغناطيسية نتيجة الانفجارات الشمسية بعد استيقاظ الشمس من "سبات عميق" في وقت ما نحو عام 2013. وكانت هذه العاصفة قد حدثت قبل ذلك في عام 1958 حيث رأى الناس في المكسيك أضواء في السماء لثلاث مرات تبدو بصورة غريبة مع بعض التغيرات الملحوظة في الطقس. إلا أن العاصفة القادمة سوف تكون أقوى بمعدل 30% إلى 50% مما يجعلها الأقوى على مدار التاريخ، وسوف يكون لها تأثيرا واضحا على الهواتف المحمولة وأجهزة تحديد المواقع (GPS) والأقمار الصناعية وغيرها من الأجهزة. الوصف السادس:"إذا الشمس كورت(1) (التكوير). قال ابن كثير-رحمه الله-:"قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "إذا الشمس كورت" يعني أظلمت، وقال العوفي عنه:ذهبت، وقال مجاهد:اضمحلت وذهبت، وكذا قال الضحاك وقال قتادة ذهب ضوءها". وقال القرطبي--"وأصل التكوير: الجمع، مأخوذ من كار العمامة على رأسه يكورها أي لاثها وجمعها فهي تكور ويمحى ضوءها". والواقع هو أن الحرارة والضغط المرتفعان جدا في باطن الشمس وهي شروط مثالية لإطلاق تفاعلات اندماجية حيث تتهيج الذرات وتفلت الإلكترونات من سيطرة النواة وتصبح النواة بحالة من فرط الحركة الشديدة وتكون مستعدة للاندماج. والتفاعلات الاندماجية تدفع الحدود الخارجية للنجم وتعمل على تمدده.وبذلك تعاكس قوى الجذب الثقالي نحو المركز التي يعاني منها كل نجم حسب قانون الجاذبية ويبقى هذا التوازن مادامت التفاعلات النووية قائمة. ويذكر معجم العلم(1974) أن الشمس تتركب كيميائيا من حوالي 90% أيدروجين و8% هليوم وفقط 2% من العناصر الثقيلة. وقد تعدل هذا التركيب الكيميائي للشمس على النحو التالي، فمن خلال قياسات حقلية معاصرة للتركيب الكيميائي للشمس والذي نعرفه حاليا تتركب الشمس كيميائيا من العناصر التالية: أيدروجين بنسبة 75%، هليوم بنسبة 24% وعناصر ثقيلة بنسبة 1%، فكل أربع ذرات من الأيدروجين تندمج مع بعضها نوويا تحت تأثير الضغط الهائل والحرارة الشديدة لتكون في النهاية ذرة واحدة من غاز الهليوم، وهذا الفرق في الوزن في المادة يتحول إلى طاقة هائلة تشمل الطاقة الضوئية والإشعاعية والحرارية. وحينما تستهلك الشمس وقودها النووي من الأيدروجين ويتحول هذا الوقود إلى غاز الهليوم وعناصر ثقيلة أخرى، فإن الشمس يصغر حجمها بمقدار كبير وتزداد كثافة مادتها كثيرا ويخف ضوئها وتسمى حينئذ بالنجم النيتروني.
توسع الكون أحدث الاكتشاف الرهيب الذي توصل إليه الفلكي الأمريكي أدوين هابل عام 1929 إلى إحداث تغيير كبيرفي علوم الفضاء. وبسبب هذا الاكتشاف سمي منظار ناسا الشهير فيما بعد باسم (هابل) نسبة إلى هذا العالم. فبينما كان أدوين هابل يراقب النجوم بمنظاره.. اكتشف أن لون الطيف الصادر من هذا النجم يتحول إلى اللون الأحمر ومعنى هذا حسب نظريات علم الفيزياء الفلكية astrophysics أنه عندما ينقلب لون الطيف الصادر من جسم سماوي (سوبر نوفا) إلى الأشعة الحمراء.. فإن هذا يعني أن النجم يبتعد عن الأرض وأما إذا كان هذا النجم يقترب من الأرض فإن الطيف يظهر اللون الأزرق وكان هذا أول اكتشاف لهابل من ناحية حركة النجوم.
وتابع هابل أبحاثة، فاكتشف أن النجوم لا تبتعد عن الأرض فحسب، بل يبتعد بعضها عن بعض. بما يشبه البالون عند نفخه، أي أنك إذا رسمت نقاطا على البالون ثم نفخته تجد ان النقاط المنتشرة على سطح تبتعد بعضها عن بعض بما يجعلنا نتصور أن الكون كله يشبه ذلك البالون.. وهذا يدل على أن هذا الكون في تمدد دائم كل ثانية..
توصل أدوين هابل بعد ذلك إلى أن الكون يتمدد باستمرار وبسرعة متزايدة. واكتشف أيضا أن المجرات التي ولدت تبتعد عن مركز الانفجار الأول وكذلك تبتعد عن بعضها البعض. هذا الاكتشاف دفع ببعض العلماء الفلكيين الآخرين إلى التساؤل حينذاك حول صحة هذا الاكتشاف وظن معظمهم بأن هابل قد أخطأ. فالفكرة كلها بدت صعبة التصديق لأن ذلك يستوجب الكثير من التغيير في طريقة التفكير التي كان يتبعها العلماء في نشأة الكون وأن الكون ثابت. وليس هذا فحسب بل إن الكون يتمدد بسرعة تزيد باطراد.. على عكس ما كان يتوقع علماء الفيزياء المتأثرين بقوانين الجاذبية. إلى أن اقتنعوا بوجود مادة سوداء في الكون لا يرونها وأنها هي السبب وراء تزايد سرعة التمدد.. فهل أخبر القرآن عن ذلك؟ نعم، لقد أخبر القرآن ذلك.. اقرأ في سورة الذاريات هذه الآية الكريمة، يقول الحق تبارك وتعالى: {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون} (سورة الذاريات:47)
إن كلمة موسعون تعني الاستمرارية أي أنها دليل على أن الكون مستمر في التمدد. في حين أن العلماء ما زالوا أمام ثلاث نظريات إحداها تقول بأن كثافة المادة (الكتلة/ الطاقة) في الكون أقل من القيمة الحرجة وبالتالي فإن المجرات افتكت من قوة الجاذبية مما يعني أن الكون سيتمدد إلى ما لا نهاية. فما هي هذه القيمة الحرجة للكثافة؟ إنها تساوي 10 مرفوع للقوة (-29) جرام / سم مكعب أي ما يساوي خمس ذرات هيدروجين في المتر المكعب. وهذا يعد قليلا بالنسبة لكثافة الماء التي تساوي 500 بليون بليون بليون ذرة هيدروجين في المتر المكعب. وأما النظرية الثانية فتقول إن كثافة المادة في الكون تساوي القيمة الحرجة وفي هذه الحالة فإن الكون يتمدد بفعل الانفجار الكوني الأول إلا أنه سيتباطأ إلى أن يصبح معدل التمدد صفرا وهذه تسمى نظرية الكون المسطح. والنظرية الثالثة فتقول إن كثافة المادة في الكون هي أكبر من الكثافة الحرجة وبالتالي فإن قوة الجاذبية ستتغلب وسيبدأ الكون بالانكماش إلى أن يحصل الانكماش الأول أو ما يمكن التعبير عنه بلغة القرآن بالرتق بعد الفتق. غير قانون تمدد الكون الذي اكتشفه أدوين هابل الطريقة التي كان علماء الفلك والفيزيائيون يفكرون بها، حيث كان الجميع ينظر إلى الكون أنه ساكن بما فيهم أينشتين، الأمر الذي دعاه إلى وضع ثابت التثاقل(عجلة التثاقل) في قانون النسبية العام كاحتياط أن يظهر شيء جديد يغير هذا القانون. وبعد اكتشاف هابل أن الكون يتمدد الكون، كان لابد لأينشتين أن يمحو ثابت التثاقل من قانونه، وقال في هذا الشأن أن "هذه أول مرة أندم فيها على خطأ كبير". ومن منطلق أن الكون يتمدد.. فإنه قابل للانكماش لأن أي شيء قابل للتمدد. هو قابل للانكماش. مما يدعونا، من حيث الحساب الكمي(Quantum Mech.)، أن نعتقد أن الكون كان يوما حجمه مساو للصفر. ومن نفس القانون الكمي لابد وأن تكون طاقتها تساوي اللانهائية.
الأرض
وفي قوله تعالى:﴿ والأرض فرشناها فنعم الماهدون ﴾إعجاز آخر من إعجاز القرآن؛ حيث كان الظاهر أن يقال:﴿ فنعم الفارشون ﴾، بدلا من قوله تعالى:﴿ فنعم الماهدون ﴾. ولو قيل ذلك، لكان بليغا؛ ولكنه لا يؤدي المعنى المراد؛ لأن الأرض خلقت؛ لتكون موضع سكن واستقرار. ولا يمكن أن تكون كذلك إلا إذا مهدت بعد فرشها. فاختار سبحانه وتعالى للمعنى الأول لفظ (الفرش)، لما فيه من دلالة على الراحة والاستقرار، واختار للمعنى الثاني لفظ (التمهيد)، لما فيه من دلالة على البسط والإصلاح.
وكون الأرض مفروشة، وممهدة لا ينافي كونها كروية، بل ينسجم معه تمام الانسجام؛ لأن الكرة إذا عظمت جدا، كانت القطعة منها كالسطح في إمكان الاستقرار عليه.
وفرش الأرض يعني: تذليلها بعد أن كانت ناتئة صلبة. وكما تذلل الأنعام. أي: تفرش؛ ليركب عليها، كذلك تفرش الأرض؛ ليستقر عليها. وأما تمهيد الأرض فهو تهيئتها، وتسويتها، وإصلاحها؛ لينتفع بها.
وأما قوله تعالى:﴿ ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون﴾ فيشير إلى أن الله تعالى خلق زوجين من كل شيء، مما نعلم، ومما لا نعلم، وجاء العلم الحديث؛ ليكتشف تباعا ظاهرة الزوجية، في هذا الكون الفسيح، وتمكن العلماء أخيرا من رؤية هذه الظاهرة، في الحيوان المنوي الذكر.
والزوج من الألفاظ المتضايفة، التي يقتضي وجود أحدهما وجود الآخر. وهذا الآخر يكون نظيرا مماثلا، وهو المثل، ويكون ضدا مخالفا، وهو الند. وما من مخلوق إلا وله مثل، وند، وشبه، والله جل وعلا وحده هو الذي لا مثل له، ولا ند، ولا شبه؛ لأنه واحد أحد، وفرد صمد، ﴿ فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ﴾(الشورى:11)
الجبال الرواسي قال تعالى: "وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين" (فصلت10)، وقال تعالى: "وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون" (الأنبياء31)، وقال تعالى: "وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون" (النحل15)، وقال تعالى: "ألم نجعل الأرض مهادا" (النبأ7)، وقال تعالى: "أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت. وإلى السماء كيف رفعت. وإلى الجبال كيف نصبت. وإلى الأرض كيف سطحت" (الغاشية 17-20). الدلالة العلمية: ليست الجبال التي نراها اليوم أبدية الوجود وإنما لها عمر وإن طال محدود، ويمكن التصور بأن قشرة الأرض في مهدها كانت قطعا تميد وتضطرب فوق دوامات الصهير، ومع امتدادها أفقيا تلاقت لتكون قارة أولية انفصلت لاحقا إلى قطع متجاورات وتكونت القارات، ومع إلقاء الحمم من البراكين الأولية امتدت الكتل الطافية رأسيا ونشأت الجبال الأولية مما أحدث توازن القطع الطافية ومنعها أن تميد.
التوافق مع العلوم الحديثة: قد تنشأ جبال وتنصب من جراء تصادم قارة بأخرى مجاورة، ومن الأمثلة الجيولوجية المعروفة نشأة جبال الهيمالايا، فقد كانت الهند واقعة على الحافة الجنوبية لبحر قديم لا وجود له اليوم بينما كانت التبت تقع عند الحافة الشمالية لذلك البحر العظيم، كان ذلك منذ قرابة المائة مليون سنة، وقطعت الهند مسافة حوالي 1500 كم أثناء زحزحتها شمالا باتجاه قارة آسيا إلى أن أتى وقت اختفى فيه البحر وجاءت لحظة التصادم المحتومة فعلت الهند وحينئذ نصبت أعلى جبال في الأرض وهي جبال الهيمالايا. وتعلو قمة جبال الهيمالايا ثمانية كيلو مترات ونيف عن سطح البحر، وقد أثبت المسح الجيولوجي أن جبال الهيمالايا تمتد عميقا لمسافة قد تزيد عن 65 كيلو متر، وهكذا يكون الجزء المختفي من الجبال تحت السطح يعادل أضعاف الجزء البارز فوق السطح، وهذا الامتداد في الأرض المماثل لامتداد الوتد لم يعرفه بشر عند نزول القرآن الكريم بالقطع، ناهيك عن التماثل في الوظيفة كذلك، لان الوتد يقوم بتثبيت الخيمة وكذلك تقوم جذور الجبل بحفظ ثبات الكتلة الطافية فوق طبقة الدثار الملتهب للأرض. مدهش هذا التوازن Isostacy الذي أبدعه الخالق سبحانه وتعالى في الأرض؛ حيث جعل الغلاف الصخري يطفو بنفس قانون الطفو للبواخر فوق غلافه اللدن الملتهب، وترسو أو تطفو القارات وقيعان البحار على وشاح الأرض كما يطفو جبل الجليد فوق الماء، وتضرب القارات جذورها في وشاح الأرض، ويلاحظ أن الجذور أسفل سلاسل الجبال أكثر عمقا من الجذور تحت المناطق المستوية، هذا ما اكتشفه العلم، ولكن القرآن الكريم سجل ذلك قبل العلم بأكثر من ألف سنة حيث يقول الحق سبحانه "والجبال أوتادا"، وبالتأكيد إن التعبير الوصفي "أوتادا" لا يعدله في الدقة شيء، ولم يغب عن فطنة المفسرين أن يسجلوا وجه الشبه في قوله تعالى "والجبال أوتادا" ففهموا أنه في التثبيت، وقالوا جعل للأرض أوتادا بمعنى أرساها وثبتها وجعلها تقر وتسكن ولا تميد، وإنما استمدوا تلك المعرفة من دلالة الكتاب الكريم، ولا يمكن أن تلتقي تلك المعرفة الحديثة مع فيض الدلالات العلمية في حديث القرآن عن تاريخ الجبال ووصف تكونها إلا أن يكون هو الوحي من عند الله العليم وحده تعالى بكل الأسرار
البحار
أول حقيقة علمية كشف عنها القرآن الكريم عن علوم البحار هي (والبحر المسجور) (الطور: 6)، (وإذا البحار سجرت) (التكوير: 6)، (وإذا البحار فجرت) (الانفطار: 3). ومعنى هذه الآيات الكريمة أن البحار أوقدت نارا أى أضرمت فيها النار وقد كشف علم البحار بعد الحرب العالمية الثانية والتقدم العلمي آن ذاك أن بقيعان المحيطات والبحار شبكة هائلة من الصدوع تتركز عند مرتفعات وسط المحيط حيث يندفع منها اللافا البازلتية في درجات حرارة عالية تصل إلى ألف درجه مئوية فتظهر كأنها كتل من النيران الهائلة تحت سطح الماء حيث إن الماء لا يستطيع أن يطفئ جذوتها ولا الحرارة على شدتها تستطيع أن تبخر الماء لكثرته. وتلك الظاهرة تلازم البحار منذ نشأتها حيث يبدأ تكوين بحر بخسف الأرض ثم اتساع ذلك الخسف وهبوط الكتل الصخرية وتكوين وادى صدعى ثم هبوط مرة أخرى إلى أن تخرج اللافا من الوادى المخسوف الذي يتحول إلى غور عميق.
ووجه الإعجـاز هنا يظهر من قسـم ربنا ـ عز وجل ـ بهذا القسم الذي هز العرب آنذاك حين تنزل الوحى وأدهشـهم بينما هز علماء البحـــار حين ركبوا الغــواصات ونزلوا إلى أعماق المحيطــات ووجـدوا أن قيعـان المحيطـــات أغلبها مسـجرة بالنار أى إن النـار أقدت تحت الماء حيث تندفع الحمم البركانية الحمراء عبر الصــدوع وهي مشـتعلة دون لهب مباشر مثل التنور أى الفــرن المشـتعل وهذا ما يفيد معنى مسجور ويعجب الإنسان لهذا النبى الأمي من أين له هذه الدقة العلمية في نشأة البحار آنذاك لو لم يكن ينزل عليه وحى السماء الذي علمه كل شيء والقائل: {قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما} (الفرقان: 6). لولا هذه الصدوع لانفجرت الأرض منذ أول لحظة لتكوينها نتيجة لما يحدث في باطن الأرض من تفاعلات نووية وكيميائية هائله وقد أقسم الله ـ جل جلاله ـ بها منذ أربعة عشر قرنا ولم تدرك إلا في النصف الأخير من القرن العشرين عندما نزلوا إلى أعماق المحيطات ورسموا خريطة طوبغرافية لشكل قاع المحيطات. (وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين) (يونس: 37).
شواهد الكائنات العجيبة عند ثقوب المياه الحارة حول مرتفعات وسط المحيط:
في منتصف القرن الماضي أى بعد الحرب العالمية الثانية تقريبا بدأ علماء البحار والمحيطات بعد التقدم في العلوم الجيوفيزيائية وتكنولوجيا صناعة غواصات الأعماق استكشاف قيعانه. فمن المعروف أن الإنسان لا يتحمل النزول إلى أعماق تزيد عن 45 متر فيتعرض إلى ضغط هائل ويموت ولكن عندما ركبوا هذه الغواصة ونزلوا إلى أعماق المحيطات اكتشفوا حقائق مبهرة للغاية وهي أن الظلام يتدرج إلى 300 متر ثم يبدأ الظلام الدامس والعتمة الشديدة، كما توجد أمواج داخلية تفوق الأمواج السطحية كما شوهد بعض الكائنات البحرية تضيئ ذاتيا في تلك الأعماق السحيقة حتى تبصر ما حولها (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) (النور: 40). من كان يتخيل أن هناك كائنات حيه تعيش في تلك الأعماق وهبها الله ـ عز وجل ـ نورا حقيقيا لتهتدى به في ظلمات البحار اللجية. كما علمنا من قبل أن شواهد علوم البحار ظهرت في آيات القرآن الكريم منذ أن نزلت من حوالي 1400 سنة على سيدنا محمد وذلك قبل الاكتشافات العلمية الحديثة والمثيرة في قاع البحار والمحيطات. يذكر القرآن الكريم أن الله خلق ما لم نعلمه ونراه ونفهمه ولم يكتشف العلم هذه الحقائق إلا منذ عام 1977 حيث اكتشف العلماء
ثقوب المياه الحارة عند مرتفعات وسط المحيط على عمق 2500 بواسطة الغواصة ألفين. هذه الحقائق العلمية التي لم يصل إليها إدراك الإنسان إلا منذ عشرات قليلة من السنين يفصلها كتاب الله العزيز بهذه الدقة العلمية الفائقة والتي لم يكن لأحد من الخلق الإلمام بها في زمن الوحي ولا لقرون طويلة من بعده.
إن قاع المحيط هو مسكن لعديد من مستعمرات الكائنات الحيوانية والنباتية الفريدة. معظم أنظمة البيئة البحرية تتواجد بالقرب من سطح الماء مثل شعاب الحواجز المرجانية بما تحتوي من أنواع الطحالب الخضراء المزرقة فهو مثل مستعمرات الأحياء تعتمد على الطاقة الشمسية لنموها (لإتمام عملية التمثيل الضوئي). من المعروف أن الطاقة الشمسية تخترق مياه البحر حتى عمق 300 متر فقط وهي تعتبر ضحلة بالنسبة إلى قاع المحيط العميق الذي يعتبر بيئة باردة جدا وأشكال الحياة تكون قليلة جدا ونادرة. من المعروف أن ضوء الشمس هو الطاقة اللازمة لإتمام عملية التمثيل الغذائي للنباتات البحرية العادية بينما في قاع المحيط الأمر مختلف ففي عام 1977 اكتشف العلماء ثقوب ومخارج المياه الحارة عند مرتفعات وسط المحيط باستخدام الغواصة ألفين وهي عبارة عن كبسولة تتسع 3 أشخاص وطولها 8 أمتار ويمكنها الغوص عند 4000 متر تحت سطح البحر، وقد استخدمت لاستكشاف مرتفعات وسط المحيط الأطلنطي ومخارج وبؤر المياه الحارة.
كما ذكرنا من قبل أن مرتفعات وسط المحيط تمثل مراكز انفراج قاع المحيط حيث تخرج الماجما (الصخور المنصهرة) بدرجة حرارة تزيد عن 1000 درجة مئوية لتكون قاع المحيط. وفي عام 1989 صنعت اليابان مركبة مائية (غواصة) سمتها شنكاى 6500 تعمل عند عمق 6400 متر حيث قامت كل من اليابان والولايات المتحدة بتطوير أبحاث أنظمة الغوص التي استطاعوا فيها اكتشاف أعمق بقعة في قاع المحيط وهي 10920 متر عند خندق ماريانا. أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور﴾ (سورة النور، الآية:40). قال: نعم، هذه الظلمات عرفها العلماء الآن بعد أن استعملوا الغواصات وتمكنوا من الغوص في أعماق البحار، لا يستطيع الإنسان أن يغوص بدون آلة أكثر من عشرين إلى ثلاثين مترا. الذين يغوصون من أجل اللؤلؤ في مناطق الخليج يغوصون في مناطق قريبة لا تزيد على هذا العمق. فإذا غاص الإنسان إلى أعماق شديدة حيث يوجد الظلام على عمق 200 متر لا يمكن أبدا أن يبقى حيا، وهذه الآية تتحدث عن ظاهرة توجد في البحار العميقة ولذلك قال تعالى: ﴿أو كظلمات في بحر لجي..﴾ ليس في أي بحر وصفت هذه الظلمات بأنها متراكمة بعضها فوق بعض، والظلمات المتراكمة والتي تتراكم في البحار العميقة تنشأ بسببين، السببان يكونان نتيجة اختفاء الألوان في طبقة بعد طبقة. فالشعاع الضوئي مكون من سبعة ألوان، فإذا نزل الشعاع الضوئي إلى الماء توزع إلى الألوان السبعة، نرى في هذا الشكل الذي أمامنا الشعاع في الماء، فالجزء الأعلى قد امتص اللون الأحمر في العشرة الأمتار السطحية العليا. لو أن غواصا يغوص على عمق ثلاثين مترا وجرح جسمه وخرج الدم وأراد أن يراه فلا يرى اللون الأحمر لأن الأشعة الحمراء غير موجودة وبعده يمتص اللون البرتقالي، وكما نرى في هذا الشكل الشعاع الضوئي وهو ينزل في أعماق الماء. على مسافة 50 مترا يبدأ امتصاص اللون الأصفر، وعلى عمق100 متر يكون امتصاص اللون الأخضر وهكذا. ونرى تحت مائتي متر يكون الامتصاص للون الأزرق، فإذا ظلمة اللون الأخضر تحت عند عمق 100 متر وظلمة الأصفر تكون على عمق 50 مترا، وقبلها ظلمة اللون البرتقالي وظلمة اللون الأحمر، فهي ظلمات بعضها فوق بعض. وأما السبب الثاني فيكون بسبب الحواجز التي تحجب الضوء، فالشعاع الضوئي الذي نراه هنا ينزل من الشمس فتمتص السحب بعضه وتشتت بعضه فتنشأ ظلمة تحت السحب، هذه الظلمة الأولى، فإذا نزل الشعاع الضوئي إلى سطح البحر المتموج انعكس على سطح الموج فأعطى لمعانا. ولذلك نرى إذا حدث موج في البحر كان اللمعان شديدا على حسب ميل سطح الموج. فالموج إذا يسبب عكسا للأشعة أي يسبب ظلمة ثم ينزل الشعاع الضوئي إلى أسفل، ونجد البحر هنا ينقسم قسمين، قسم سطحي وقسم عميق. أما السطحي فهو الذي يوجد فيه الظلام والبرودة. يختلف البحران في خصائصهما وصفاتهما ولكن يوجد موج فاصل بين البحر السطحي والبحر العميق، هذا الموج الداخلي لم يكتشف إلا عام 1900 تحت الموج العميق الذي يفصل بين البحرين يوجد البحر العميق، ويبدأ الظلام حتى إن الأسماك في هذه المناطق لا ترى بأعينها بل لها مصدر للضوء يصدر من جسمها في هذه الظلمات التي تراكمت بعضها فوق بعض، جاء ذكرها في قوله تعالى:﴿أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج.﴾. وإذا نظرنا أسفل الشكل نرى الظلام ونرى فوق الموج الأول الذي يفصل بين البحر السطحي والبحر العميق ﴿يغشاه موج من فوقه موج﴾ أي من فوق هذا الموج موج آخر، هو الذي يكون على سطح البحر "من فوقه سحاب" فوقهم "ظلمات بعضها فوق بعض" ظلمات هذه الحواجز وظلمات الألوان في طبقات بعضها فوق بعض ﴿إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور﴾ في هذه المناطق ظلام شديد، والغواصات تنزل إلى هذه المسافات فلا ترى شيئا، وتستخدم مصادر للضوء والإضاءة حتى ترى طريقها. فمن أخبر محمدا عن هذه الآيات؟ كان هذا مما حدثنا عنه راو، ثم استعرضنا معه كثيرا من الآيات المتعلقة بالبحار وفي مجال تخصصه ثم قلنا له: ما هو تفسيرك يا راو لهذه الظاهرة؟ ظاهرة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة كيف أخبر محمد بهذه الحقائق منذ 1400 عام فقال راو: ومن الصعب أن نفترض أن هذا النوع من المعرفة كان موجودا في ذلك الوقت منذ 1400 سنة هجرية، ولكن بعض الأشياء تتناول فكرة عامة ولكن وصف هذه الأشياء بتفصيل كبير أمر صعب جدا، ولذلك فمن المؤكد أن هذا ليس علما بشريا بسيطا، لا يستطيع الإنسان العادي أن يشرح هذه الظواهر بذلك القدر من التفصيل، ولذلك فقد فكرت في قوة خارقة الطبيعة خارج الإنسان، لقد جاءت المعلومات من مصدر خارق للطبيعة. الشيخ الزنداني: نعم، لا بد أن يكون مصدر هذا العلم من جهة ليست في مستوى البشر ولا في مستوى الطبيعة كما يقول راو، إنها وراءها، إنها فوق الطبيعة فوق الطاقة البشرية، إنه يريد أن يقول لا يمكن أن يكون هذا من كلام موجود من موجودات الطبيعة، حقا إنه كلام الذي يعلم هذه الطبيعة ويعلم هذا الكون ويعلم الأسرار فيه﴿قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض﴾إنه من عند الله سبحانه وتعالى. وهكذا تتضافر شهادات العلماء شهادة بعد شهادة لبيان:أن هذا الهدى وأن هذا النور يحمل برهان صدقه فيه فهو الهدى وهو الحجة وهو البينة المتجددة إلى قيام الساعة. ﴿ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد﴾ (سورة سبأ، الآية:6).
البرزخ لقد اكتشف العلماء الغربيون مؤخرا: أن بين كل بحرين مالحين حاجزا، تم تصويره من سفن الفضاء، هذا الحاجز يمنع مياه كل بحر من أن تختلط بمياه البحر الآخر، فلا يبغي بحر على بحر، بل يحافظ كل بحر على كثافة مياهه، ودرجة ملوحته، ومكوناته، وهذا الحاجز بين البحرين ليس ثابتا، بل هو متحرك بفعل الرياح، وحركة المد والجزر. حينما اطلع بعض هؤلاء العلماء، وهم في نشوة اكتشافهم هذا، أن في القرآن الكريم إشارة إلى هذا الكشف العلمي، وهي قوله تعالى:
﴿مرج البحرين يلتقيان * بينهما برزخ لا يبغيان * فبأي آلاء ربكما تكذبان﴾
[سورة الرحمن الآية: 19-21]
أخذتهم الدهشة، وقد اكتشفوا أيضا، أن بين البحرين الملح الأجاج، والعذب الفرات حاجزا يمنع مياه كل بحر من أن تطغى على الآخر، كما هو بين البحرين المالحين، وحاجزا يمنع أسماك المياه العذبة من أن تنتقل إلى المياه المالحة، ويمنع أسماك المياه المالحة من أن تنتقل إلى المياه العذبة، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الكشف العلمي الثاني، وسمى الحاجز الأول: برزخا، وسمى الحاجز الثاني: حجرا، فقال تعالى:
﴿وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا﴾
[سورة الفرقان الآية: 53]
وصلات خارجية
مراجع
- التوراة والأناجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث. موقع نيل وفرات. نسخة محفوظة 22 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- نتائج البحث عن كلمة الشمس بمختلف صورها في محرك البحث القرآني الفانوس ، www.alfanous.org/ar/aya/?query=*شمس*
- البحث عن كلمة سراج بمختلف صورها في محرك البحث القرآني الفانوس http://www.alfanous.org/ar/aya/?query=*سراج*