القصيدة الحميرية أو القصيدة النشوانية أو قصيدة التيجان (خط المسند: ) هي من أشهر القصائد اليمنية القديمة التي قالها نشوان الحميري المتوفي سنة 573هـ وذكر فيها كل ملوك وتبابعة اليمن. طبعت تحت اسم: (ملوك حمير وأقيال اليمن).
نص القصيدة
الأمر جـد وهـو غيـر مـزاح | اعمل لنفسك صالحا يـا صـاح | |
كيف البقاء مع اختـلاف طبائـع | وكـرور ليـل دائـم وصـبـاح | |
الدهر أنصح واعظ يعـظ الفتـى | ويزيد فـوق نصيحـة النصـاح | |
وانظر بعينيك اليقين ولا تسـل | يا أيها السكران وهـو الصاحـي | |
تجري بنا الدنيا على خطر كمـا | تجـري عليـه سفينـة المـلاح | |
تجري بنا في لج بحـر مـا لـه | من ساحـل أبـدا ولا ضحضـاح | |
شغل البرية عـن عبـادة ربهـم | فتـن علـى دنياهـم وتـلاحـي | |
ومحبة الدنيا التـي سلكـت بهـم | أبـداً مـع الأرواح والأشـبـاح | |
كل البرية شارب كـأس الـردى | مـن حتـف أنـف أو دم سفـاح | |
لا تبنئـس للحادثـات ولا تكـن | بمسـرة فـي الدهـر بالمفـراح | |
أًفأين هود ذو التقـى ووصيتـه | قحطان زرع نبـوة وصــلاح | |
أم أين يعرب وهـو أول معـرب | في الناس أبدى النطق بالإفصـاح | |
أم أين يشجب خانه مـن دهـره | شجب وحـاه لـه بقـدر واحـي | |
وسبأ يشجب وهو أول مـن سبـأ | في الغزو قدما كـل ذات وشـاح | |
أو حمير وأخـوه كهلان الـذي | أودى بحـادث دهـره المجتـاح | |
وملوك حمير ألف ملك أصبحـوا | في الترب رهن ضرائح وصفـاح | |
آثارهم في الأرض تخبرنـا بهـم | والكتب من سيرٍ تقـص صحـاح | |
أنسابهـم فيهـا تنيـر وذكرهـم | في الطيب مثـل العنبر النفـاح | |
ملكوا المشارق والمغارب واحتووا | مـا بيـن أنقرة ونجد الجـاح | |
ملكت ثمود وعاداً الأخـرى معـا | منهم كـرام لـم تكـن بشحـاح | |
أين الهميسع ثـم أيمـن بعـده | وزهيـر ملـك زاهـر وضـاح | |
في عصره هلكـت ثمود بناقـةٍ | لقيت بهـا ترحـاً مـن الأتـراحِ | |
وعريب أو قطن وجيـدان معـاً | أضحكوا كأنهـم نـوى وضـاح | |
والغوث غوث المرمليـن ووائـل | أو عبدشمس ذو النـدى الفيـاح | |
وزهيـر الصـوار أو ذو يـقـدمٍ | منيـا بدهـرٍ سـالـبٍ طــراحِ | |
أم أين ذو أنس وعمرو وابنه الملـ | ـطاط لـط بمسحـت جــلاح | |
والملك بعدهـم إلـى شـددٍ بـه | عصف الزمان كعاصف الأريـاح | |
والحارث الملك المسمـى رائشـاً | إذ راش من قحطان كـل جنـاح | |
وحباهـم بغنائـم الفـرس التـي | فاضت علـى الجنـدي والفـلاح | |
وغزا الأعاجم فاستبـاح بلادهـم | ملـك حمـاه كـان غيـر مبـاح | |
ركب السفينة إلى بلاد الهند فـي | لجج يسير بهـا علـى الألـواح | |
وبنـى بأرضهـم مدينـة رايـة | فيهـا الجبـاة لعامـل جــراح | |
والترك كانت قـد أذلـت فارسـا | لم يستروا مـن شرهـم بوجـاح | |
فشكـوا إليـه فزارهـم بمقانـب | فيهـا صـراح ينتمـي لصـراح | |
تركوا سبايا التـرك فيهـم بينهـم | للبيع تعرض فـي يـد الصيـاح | |
وغـدا منوشهـر يمـت بطاعـة | وولايـة مـن منـعـم مـنـاح | |
أو ذو المنار بنى المنار إذا غـزا | ليدلـه فـي رجعتـه ومــراح | |
ألقـى بمنقطـع العمـارة بركـه | في الغرب يدعو لات حين بـراح | |
والعبد ذو الأذعار إذ ذعر الورى | بوجـوه قـوم فـي السبـأ قبـاح | |
قوم من النسناس مذكـورون فـي | أقصى الشمال شمال كـل ريـاح | |
وأخـوهُ إفريقيس وارث ملكـه | حتـف العـدو وجابـر الممتـاح | |
ملك بنـى فـي الغـرب إفريقيـةً | نسبـت إليـه بأوضـح الإضـاح | |
وأحـل فيهـا قومـه فتملـكـو | امـا حولهـا مـن بلـدة ونـواح | |
وكذلـك الهدهـاد أيضـاً عامـر | هـدت قواعـد ملكـه المنصـاح | |
أم أين بلقيس المعظـم عرشهـا | أو صرحها العالي على الأصراح | |
زارت سليمان النبي بتـدمـر | من مأرب دِينـا بـلا استنكـاح | |
في ألف ألف مدجج مـن قومهـا | لم تأت فـي إبـل إليـه طـلاح | |
جاءت لتسلم حيـن جـاء كتابـه | دعائهـا مـع هُدهُـدٍ صــداح | |
سجدت لخالقها العظيـم وأسلمـت | طوعا وكـان سجودهـا لبـراح | |
أو ياسر الملك المعيد لمّا مضـى | من ملـك حـي لا تـراه لقـاح | |
أبقي بوادي الرمل أقصى موضـعٍ | بالغرب مسنـد ماجِـدٍ جَحْجـاحِ | |
لم يلـق بعـد عبـوره بيتـاً ولا | شيئاً مـن الحيـوان ذي الأرواح | |
أم أين شمر يرعش الملـك الـذي | ملك الورى بالعنـف والإسجـاح | |
قد كان يرعـش مـن رآه هيبـة | ورنـا إليـه بطـرفـه اللـمـاح | |
وبه سمرقند المشـارق سميـت | لله مـن غـازٍ ومــن فـتـاح | |
وأتـى بمالـك فـارسٍ كيقـاوسٍ | في القيد يعثـر مثخنـاً بجـراح | |
فأقام في بئرٍ بمأرب برهـةً فـي | لسجـن يجـأر معلنـاً بصيـاح | |
فاستوهبت سعـدى أباهـا ذنبـه | فعفـى وسيـره بحسـن سـراح | |
والأقـرَنُ الملـك المتـوج تبـع | عـراك البـلاد بكلكـل فــداح | |
وغزا بـلاد الـروم يبغـي وادي | قـوت صاحـب عـزة وطمـاح | |
فقضى هنالك نحبـه وأتـى إلـى | أجـل معـد للحـمـام مـتـاح | |
والرائـد الملـك المتـوج تبع | ملـك يـرود الأرض كالمسـاح | |
فتح المدائن والمشـارق وانتحـى | للصيـن فـي بـريـة وبــراح | |
فأذاق يعبـر حتفـه فدحـى بـه | فـي قعـر لـحـد للمنـيـة داح | |
وأحل من يمـن بتُبَّـتَ معشـراً | أضحوا بهـا عنّـا مـن المـزّاح | |
والترك قبل الصين كان لهـم بـه | يـوم شتيـم الوجـه والأكــلاح | |
والكامل الملـك المتـوج أسـد | فيـه تقصـر مِـدحـةُ الـمـداح | |
كم قاد من جيش أجيـش كبابـلٍ | وكتيبـةٍ تغـشـى الـبـلاد رداح | |
حتى استباح بلاد فارس بالقنـا | وبكل أجرد فـي الجيـاد وقـاح | |
والترك والخزر استبـاح بلادهـم | والروم منـه تتقـي بـالـراح | |
والصين تجبي خراجهـا عُمّالُـهُ | في بكـرةٍ مـن دهرهـم ورواح | |
نطح الأعاجم في جميـع بلادهـم | بأحدِّ قـرْنٍ فـي الوغـى نطـاح | |
وأذاق موليس الحمـام وجُـؤذَراً | ونجـى قُبـاذُ كثعلـبٍ صـيـاح | |
حتـى أتـاه ذو الجنـاح برأسـه | من أرض بلخ ونهرهـا المنسـاح | |
وأتـى بقسطنطين فـي أغلالـه | بِهرْمُـزٍٍ فـي قيـده الملـحـاح | |
وغزوا أرض الشمال فخاض فـي | ظلماتهـا بمـنـارة المصـبـاح | |
وكسى البنيـة ثـم قـرب هَدْيَـهُ | سبعيـن ألفـاً مـن بنـاتِ لقـاح | |
أم أين حسان بن أسعد خانـه | دهـر تـلا الإحسـان بالإقبـاح | |
وريـاحٌ الطَّسْمـيُّ لمّـا جــاءه | مستعيـدا فشفـى غليـل ريـاح | |
أفنى جَدِيسـاً باليمامـة إذا علـوا | طَسْمـاً بحـد ذوابـل وصفـاح | |
أم أين عمرو وصنوه المدرى لـه | فأصـاب صفقـة خاسـرٍ كـداح | |
لم يستمع من ذي رُعَيـنٍ عَذْلَـهُ | والحين لايثنيـه لَحـيُ اللأحـي | |
فبـدت ندامتـه وجانبـهُ الكـرا | فرأى السلوَّ بغير شـرب الـراح | |
أفنى رجالا شاركـوه فأصبحـوا | ككباش عيـدٍ فـي يـدي ذبـاح | |
أو تبع عمرو بن حسان الـذي | سفـح الدمـاء بسيفـه السـفـاح | |
قتـل اليهـود بيثـرب وأراهــم | أنيـاب ثغـر للمنـيـة شــاح | |
أم أين عبد كلال الماضـي علـى | دين المسيح الطاهـر المسـاح | |
أو ذو معاهـر غلقـت أبـوابـه | فأنـي لهـا الحدثـان بالمفتـاح | |
أو ذو نواس حافر الأخدود فـي | نجران لم يخش احتمـال جنـاح | |
ألقى النصارى في نيرانٍ أججـت | بوقـود جمـرٍ مضـرمٍ لـفـاح | |
فدعـا لـه ثعلـبـان أحابِـشـاً | منهم بقاع الأرض غيـر ضـواح | |
فتقحـم البحـر العميـق بنفسـه | وسلاحـه وجــواده السـبـاح | |
فغـدا طعامـاً بعـد عـزٍّ بـاذخ | للحوت من نـونٍ ومـن تمسـاح | |
وأتى ابن ذي يزنٍ بأبنـا فـارس | لمّـا تغـرب وانثنـى بنـجـاح | |
فغدا الأحبـاش للأعـارب أعبـدا | يشرونهـم بخـسـارة وربــاح | |
أيـن المثامنـة الملـوك وملكهـم | ذَلّوا لصَرفِ الدهر بعـد جمـاح | |
ذو ثعلبـان وذو خليـل ثــم ذو | سحـر وذو جدن وذو صـرواح | |
أو ذو مقـار قبـل أو ذو حزفـر | ولقـد محـا ذا عثكـلان مــاح | |
تلك المثامنة الذرى مـن حمير | كانوا ذوي الإفسـاد والإصـلاح | |
أو ذو مراثد جدنا القيل ابـن ذي | سحر أبو الأذواء رحْـبُ السـاح | |
وبنـوه ذو قيـن وذو شَقَـرٍ وذو | عمـران أهـل مكـارم وسمـاح | |
والقيـل ذو دنيـان مـن أبنائـه | راح الحِمامُ إليـه فـي الـرواح | |
خدمتهم جـن الهـواء وسخـرت | لمقاول بيـض الوجـوه صبـاح | |
أم أين ذو الرمحين أو ذو تُرْخُـمٍ | سُقِيـا بكـأس للمنـون ذبــاح | |
أم أيـن ذو يَهَـرٍ وذو يـزنٍ وذو | بـؤس وذو بيـحٍ وذو الأنــواح | |
أم أيـن ذو قيفـان أو ذو أصبـح | لـم ينـج بالإمسـاء والإصبـاح | |
أم أين ذو الشعبين أصبح صدعـه | لـم يلتئـم كمشعـب الأقــداح | |
أو ذو حـوال حبـل دون مرامـه | أو ذو منـاخ لـم ينـخ بمـراح | |
أم أيـن غمـدان أو ذو فـائـش | أو ذو رعين لـم يفـز بفـلاح | |
أو ذو الكباس وذو الكلاع ويحصب | أضحوا وهم للنائبـات أضاحـي | |
والقيل أبرهة بن صبـاح قضـى | نحبـا وأبرهـة أبـو الصـبـاح | |
والصعب ذو القرنين أدركه الردى | قصدا ولـم يضـرب لـه بقـداح | |
وسطا على الصيفي هاتك عرشـه | وعلـى أخيـه جذيمـة الوضـاح | |
وجذيمة الوضاح غير جذيمة الـ | ـزباءعـن علـم وعـن إصحـاح | |
والحرة الزباء سيق لهـا الـردى | بيدي قصير الخُسـر لا الأربـاح | |
قتلت جذيمة وهـو خاطبهـا ولـم | تفعـل كفعـل نضيـرة وسجاح | |
أم أيـن ذو أقـان أو ذو أفــرع | أو ذو الجناح هزبر كـل جنـاح | |
أو ذو العبير وذو ذرائـح خانـه | دهـر يعيـد النسـر كـالـذراح | |
أم أين ذو بينون أو ذمـر علـى | وبنـو شراحبيـل وآل شــراح | |
أم أين ذو شهـران أم ذو مـاور | أضحـت زنادهـا بـلا قــداح | |
وعلى الذي مـلأ البـلاد بخيلـه | شهران مثـل شقيقـه المصبـاح | |
أم أيـن فهـد أو همـال وابـنـه | زيـد عفاهـم دهرهـم بمسـاح | |
أم أين ذو ثـات وذو هكـر وذو | نمـر وذو صبـر وذو المشـراح | |
أم أين ذو غيمـان أو ذو شـوذب | اللاهي بيض في النسـاء مـلاح | |
أم أيـن ذو نبـع وذو سخـط أو | ذو الملاحـي لات حيـن مـلاح | |
أم أيـن ذو أوسـان أو ذو مـأذن | أم أيـن ذو التيجـان والإبـراح | |
وعباهل من حضرموت من بنـي | أحمـاد والأشبـا وآل صـبـاح | |
والغر مـن جـدن وأبنـا مـرة | وبني شبيب والألـى مـن شـاح | |
وبنـو الهزيـل وآل فهـد منهـم | من كـل هـش للنـدى مرتـاح | |
أذواء حمير قد ثـوت وملوكهـا | في الترب ملك ضرائح وصفـاح | |
أضحوا ترابا يوطئون كمثـل مـا | وطئـت هوامـد تربـة وبطـاح | |
ذلـت لهـم دنياهـم ثـم انثنـت | ترميهـم بالحـوافـر الـرمـاح | |
مطرت عليهم بعد سحب سعودهم | سحب النحـوس بوابـل سحـاح | |
ما هابهم ريب المنون ولا احتمـوا | عنـه بأسـيـاف ولا أرمــاح | |
كـلا ولا بعسـاكـر ودسـاكـر | وجحافـل ومعـاقـل وســلاح | |
سكنوا الثرى بعد القصور ولهوهم | بمطاعـم ومـشـارب ونـكـاح | |
أضحت مدثـرة قصورهـم التـي | بنيـت بأعمـدة مـن الصـفـاح | |
والدهـر يمـزج بؤسـه بنعيمـه | ويرى بنيـة الغـم فـي الأفـراح |