الرئيسيةعريقبحث

الكفر في الإسلام

مصطلح "غير مؤمن" في الإسلام

☰ جدول المحتويات


الكفر في الإسلام هو مصطلح شامل لكل البشر أيا كانت معتقداتهم وتوجهاتهم وذلك لأن المؤمن بالله كافر بما سواه والمؤمن بغير الله كافر بالله، وقد يعثر على الكفر في سياق آخَر مثل الجحود بالنعمة، أو نكران الفضل، ومنه اشتق التكفير وهو الحكم على شخص ما أو جماعة بالإلحاد، أي إِبعاده وإِخراجه عن مبادئ دين الجماعة، مصدر التكفير من كفر أي حكم بتكفيره،[1] فالتكفير هو نسبة أحد من أهل القبلة – أي المسلمين – إلى الكفر ، والذي يعتبر من أخطر البدع التي ابتلى بعض المسلمين المسارعة برمي الناس بالكفر والضلال وهذا خلاف المنهج الإسلامي الصحيح.[2] والكفر درجات عند العلماء ، فهناك «كفر دون كفر» أي دون الخروج عن الملة.[3]

بالرغم من أن الكفر هو مصطلح شامل إلا أنه شائع الاستخدام لوصف الكافر بالله، وتترتب على الكفر بالله عقوبة في الدنيا لمن كان على الإسلام وهي القتل لكن ليس على عمومه فهي مسألة خلافيّة لها أبعاد كثيرة، وأما من لم يكن على الإسلام (أهل الكتاب) فإن المسلمين يعتقدون بكفرهم وذلك بعد إبلاغهم دعوة الإسلام وجحودهم بها دون إلحاق الأذى بهم، وما عدا ذلك فإنهم يدعون لهم بالهداية، إلا أن يقاتل أهل الكتاب المسلمين. ولم يوجب الله لهم عقوبة في الدنيا، إلا أن يدفعوا الجزية والتي جبايتها أمر واجب على والي المسلمين من غير المسلمين وفي المقابل ليس عليهم القتال لحماية بيضة البلاد، ولا يتعرض لهم أحد من المسلمين بالأذى، وعقوبتهم في الآخرة معلقة بين يدي الله إن شاء غفر لهم وإن شاء عذبهم، إذ إنه لا توبة لمن مات على الكفر . وذلك لقول الله تعالى : "إنَّ اللهَ لا يَغفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ويَغفِرُ ما دون ذلك لمن يشاء" [4]

أصل التسمية

كلمة "كفر" كما وردت في العديد من المعاجم العربية ومنها لسان العرب لابن منظور تعني "غطّى"، فتقول كفَرَ الشيءَ أي غطّاه، كفرَ الليلُ بظلامه أي غطى نورَ النهار وحجبه ومن ثم يقال ليل كافر، وكفر الفلاحُ الحبَ، ومنه قيل للزرّاع الكفار، وبهذا المعنى جاء في الآية القرآنية: "كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ " (الحديد 57: 20). كما أن "الكفر" يستخدم بمعني جحود النعمة وعدم شكرها كما جاء في القرآن الكريم "وبنعمة الله هم يكفرون" (النحل 16: 72). والمعنى اللغوي هذا يتفق مع حكم الإسلام بالكفر على أهل الكتاب من الأحبار والرهبان الذين كانوا يعلمون بأن نبياً سيأتي من بعد عيسى (ص) ولكنهم كفروا أي غطوا هذه الحقيقة وحجبوها، ومن ثم ينصب معنى الآيات التي تحكم بكفر من قال "إن الله هو المسيح ابن مريم" (المائدة 5: 17) أو قال "إن الله ثالث ثلاثة" (المائدة 5: 73) فقط على تلك الفئة التي ادعت ذلك رغم علمها بحقيقة المسيح، وتطور معنى الكفر ليصبح نقيض الإيمان.

التعريف الديني

بشكل عام، يجب التفريق بين الكفر ابتداءً والكفر ردة. فالكفر ردة أمره إلى الله وعذابه صريح فقط يوم القيامة ومختلف على عقابه في الدنيا. أما الكفر ابتداءً فلا بد من النظر إلى حال هؤلاء الكفار من حيث وصول الإسلام إليهم، بمعنى أنه لابد أن تصلهم صورة صحيحة عن الإسلام.


ما هُو الكُفْرُ، وَكَيْفَ نَفْهَمُه لُغَويٍّا ؟

الكافر

يقول البروفيسور حامد بن أحمد الرفاعي في كتابه (تعالوا إلى كلمة سواء) [5] ، في عام 2004م عُقِدَ مُؤتمرٌ لِحوارِ الحَضَاراتِ في جَزِيرةِ رُودوس - اليونان، حيث شاركتُ ببحثٍ بعنوان: (الإسْلَامُ وَتَكَامُلِ الحَضَاراتِ)، وبعدَ إلقاءِ بَحثي جَاءَني أحدُ المُشْاركين وقَدَّمَ نفسَه: (البروفيسور كلارك من شيكاغو) ثم قال: بروفيسور رفاعي: لدي سؤال أتَرَددُ في طَرحِه.. قلت: وما هو سؤالك..؟ قال: لديكم في القرآن آيةٌ عظيمةٌ تَنْهاكم أنْ تَسبوا مُعْتَقداتِ الآخرين.. وقرأ قول الله تعالى: " ﴿ وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ۝ ﴾، ". ثم استطرد ليقول: لكنَّه في آيات أخرى يعود القرآنُ نَفْسُه فيَسْبُنا ويصفُ غيرَ المُسلمين بالكُفَّار.. هَل لَديِّكُم مَا يَحلُّ هَذَا الإشْكَالَ..؟

فقلت : أشْكُركم علَى هَذا السُؤال القيِّم وباختصار أقول: إنَّ عِبَارة (كُفْر) في اللُغَةِ العَربيَّةِ ليست سُبَّةً.. إنَّها وصفٌ لِموقفٍ من حقيقةٍ أمرٍ ما، والكَافِرُ بالُّعرَبيَّةِ يعني (الساتِرُ)[6]، ومنْ أسماءِ الليِّلِ (الكَافِرُ) لأنَّه يَسترُ الضياءَ.. والزُرّاعُ هم الكُفاّرُ لأنَّهم يَطّمرونَ البذورَ تحتَ التُرابِ، لقوله تعالى: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ۝ ﴾، وأهلُ الكُفورِ هم أهلُ القُبورِ لدفنهم في باطنِ الأرضِ.. ومنْ المُوافقاتِ اللطيفَةِ.. أنَّ عِبارةَ ( كفر) بالعربيِّةِ والإنجليزيِّةِ لها دلالاتٌ مُتطابِقةٌ (يُغطّي أو غِطاءٌ)-(Cover).

إذاً الكَافِرُ بالعربيَّةِ: هو منْ أخفى حَقيقةٌ أمرٍ ما، وجحدها، وأنكرها، وكذبها، لقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ۝ ﴾، وعلى وجهِ الخصُوص من أخفى حَقيقةٌ دينيِّةٌ ما، كما جاء في قوله تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ ۝ ﴾، وقوله سبحانه: ﴿ وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ۝ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ۝ 

وكُلُّ أهلِ ديانَةٍ يَصفون منْ يُخالِفُ اعتقادَهم بالكُفّرِ, وهذا واقِعٌ مُتبادلٌ بينَ أتباعِ الأديانِ، لقوله تعالى: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلاَّ قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ۝ 

ثم قال: ألا يُزْعِجُك لو قُلت لك يَا كافر..؟ قلت: لا بل أشكرك .. قال: لِمَ؟ قلت :لأنَّ تِلك شهادةٌ مِنْك بِأني أكفرُ بِما عِنْدَك مِمَّا يَتعارضُ ويَتناقضُ معَ إيمَاني واعتِقَادي، وأنت يَنْبَغي ألا يُزْعِجُكَ إذا قال لك مسلمٌ (يا كافر) فذاك شهادةٌ مِنه أنَّك لا تؤمن بالإسلام.. وهل أنت تُؤْمِنُ بالإسْلامِ قال: لا.. قلت: إذاً كِلانا يَكْفرُ بِالآخر أليس كذلك؟ قال: الواقع يُؤكدُ ذلك.. ثم قال: دَعْني أشْكُركُم علَى هَذا التوضيحِ المُقَدَّرِ والمُقْنِعِ والمُنْصف .

الكفر ابتداءً

يمكن تعريف الكفر بأنه إنكار شخص ما، الدين الإسلامي جحوداً، ويشرط أغلب المسلمين في أن، لابد أن تصله صورة صحيحة عن الإسلام فإذا رفضها حينها تعمداً واستكباراً فهو كافر؛ ولذلك يربط القرآن في آيات كثيرة بين الحكم بالكفر وبلوغ الدعوة ومعرفة الحق والهدى فقد ورد في القرآن: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ" (محمد 47: 32)؛ حيث جعل القران بيان الهداية شرطاً للحكم بالكفر كما أن معاداة النبي مشروطتان ببيان الهدى فإذا لم يتبين فالعداوة متوقعة، ولابد من التفكر في اختيار لفظ "الهُدَى" الذي يعني انشراح الصدر والطمأنينة لدعوة ما، وليس فقط مجرد سماعها أو القراءة العابرة عنها و"الهُدَى" يتضمن الاقتناع والإعجاب بالدين. والمقصود وصول الدعوة لغير المسلم واضحة. ويساوي أبو حامد الغزالي في كتابه (فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة) بين من لم تصلهم رسالة الإسلام أصلا وبين من وصلتهم صورة مشوهة عنه وعن نبيه فكلاهما معذور، كما يعتبر محمد الغزالي في (مع الله، دراسات في الدعوة والدعاة) من وصلته صورة محرفة ومنفرة عن الإسلام بالجاهل الذي لا يدري حقيقة الدين وهو معذور قياساً على الآية القرآنية "ذلك بأنهم قوم لا يعلمون" (التوبة 9: 6)، ويرى الكثير، أن من كفر بالإسلام متأثراً بالصورة السيئة التي وصلته عنه يٌعد كافراً فقط بهذه الصورة لا كافراً بحقيقة الإسلام التي لم تصله أصلاً، كما يجب التفريق بين اليهود والنصارى من منظور فهمهم للألوهية حيث أن اليهود لا يقولون بالتثليث.

الكفر ردة

اتفق المسلمون على أن الكفر ردة, هو انكار المسلم أحد مبادئ الإسلام أو أحد أركان الإسلام, أو الإصرار على مخالفة أحكام الإسلام (العقائدية والعملية). ولكنهم اختلفوا في تفصيل هذه المبادئ والأركان والمخالفات.

موقف المسلمين من الكافر

نظرا لاختلاف المسلمين في تحديد تعريفا واحدا للكافر فقد اختلفوا في تحديد موقفهم ممن يتهم بالكفر، وخصوصا من يتهم بالكفر ردة. وبشكل عام فإن أغلب أهل السنة والجماعة يتحدد موقفهم من خلال عقيدة الولاء والبراء بينما تحدد أغلب طوائف الشيعة موقفها استنادا إلى موقف المخالفين لهم في إنكار مبدأ الإمامة. اختلف موقف المسلمين من الكافر فالبعض يؤمن بقتال الكافر بعد عرض الإسلام عليه وعدم استجابته للدخول فيه، والبعض الآخر يرى عدم مقاتلة الكفار المسالمين غير المقاتلين، نزولا إلى بعض الطوائف التي لا تؤمن بقتال الكافر أصلا. وقد ورد تفصيل عن هذا التدرج في الكفر في كتاب يوسف القرضاوي الذي عنوانه ظاهرة الغلو في التكفير وهناك كتاب آخر للشيخ عبد الله بن محمد القرني باسم (ضوابط التكفير عند اهل السنة), وكتاب آخر من تأليف سميرة بنت عائض القحطاني باسم (ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة).

مصادر

  1. معنى تكفير في المعجم موقع المعاني. نسخة محفوظة 17 يناير 2015 على موقع واي باك مشين.
  2. ما هو تعريف التكفير وما هي ضوابطه؟ موقع الشيخ محمد بن عبد الغفار الشريف. نسخة محفوظة 01 ديسمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  3. الكتب - أضواء البيان - سورة المائدة - قوله تعالى ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون- الجزء رقم1 - تصفح: نسخة محفوظة 22 ديسمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  4. القران الكريم، سورة النساء، الاية 48
  5. كتاب: تعالوا إلى كلمة سواء، للدكتور حامد الرفاعي - تصفح: نسخة محفوظة 09 سبتمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
  6. https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/كَفَرَة/

وصلات خارجية

فاضل سليمان يناقش موضوع حد الردة وهو من أكثر الشبهات التي تلقى على الإسلام لتشويهه youtube.com/watch?v=9tfHOxukKdQ

موسوعات ذات صلة :