يعد علم مصطلح الحديث من العلوم التي لها مكانة في الحضارة الإسلامية؛ لما له من أثر بالغ في مكانة العلوم الشرعية و التاريخية التي تعتمد على صحة النقل وسلامته.
وغاية علم مصطلح الحديث تمييز الصحيح من السقيم، من أثر أو سنة نبوية، سواءا قولا أو فعلا أو تقريرا أو صفة خلقية أو خلقية.
يعتبر هذا العلم أحد العلوم التي تميزت بها الأمة الإسلامية عن سائر الأمم الأخرى وشأنه شأن كل العلوم الأخرى من حيث نشأتها وتطورها، حيث لم يكن في بدايته مؤصلا من جميع النواحي والجوانب في الصدر الأول؛ بل ولد ثم بدأ ينمو شيئا فشيئا.
نشأ علم الحديث في صدور الصحابة الذين كان لهم الفهم التام لما يرمي اليه بدون سند لأنهم صاحبوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- و أخدوا عنه الشريعة الإسلامية مباشرة، و الصحابة رضوان الله عليهم كلهم عدول ومنهم من شُغل بالعلم وهم الذين روو حديث رسول الله وخاصة الذين أكثروا من الرواية مثل: أبو هريرة وعبد الله ابن عمر بن الخطاب و عبد الله ابن عباس وأبوه ابن عباس و عبد الله ابن مسعود وابوه ابن مسعود و أبو بكر الصديق و عثمان بن عفان و علي بن أبي طالب و أزواج النبي عائشة و زينب بنت جحش، و كان الصحابة يسألون عائشة في المسائل التي تخص النساء فيروونها عنها وكذلك يسألون بعضهم البعض؛ ولما تباعد زمان السلف الصالح وأصبح الكذب على رسول الله أمر شائع شدد العلماء في شروط رواية الحديث النبوي، و أصبحت المطالبة بالإسناد أمرا لازما حتى يُعرف العادل الضابط فيؤخذ حديثه من الكاذب أو الضعيف فيطرح حديثه ومن هنا ولد علم الرجال و الجرح والتعديل، ثم إحتيج إلى تدوين قانون مخصوص يتميز بها الغث من السمين وجعلوا ذلك القانون قائم على أصول أسسوها من قواعد استخرجوها.
كان العلماء من الصحابة ومن بعدهم يبحثون في بعض أنواعه، وفروعه، ومسائله، ممزوجة بالعلوم والفنون الأخرى. و سار في طريق التطور شيئا فشئيا، وكلما مرت سنة من السنين، زادت أنواع هذا العلم، وأصبح أكثر تعقيدا وتفريعا و استقلالا.
أول من صنف كتاب في علم الحديث
إلى أن جاء القرن الرابع هجري الذي شهد تطروا ونضجا و ازدهارا في مختلف الفنون والعلوم، فصنف القاضي أبو محمد الرامهرمزي كتابه (المحدث الفاصل بين الراوي والواعي)، ثم جاء بعده الحاكم النيسابوري فألف كتابه (معرفة علوم الحديث وكمية أجناسه) ثم تلاه أبو نعيم الأصبهاني فعمل كتابه (المُسْتَخْرج على معرفة علوم الحديث) ثم جاء بعده الخطيب البغدادي، فعمل في قوانين الرواية كتابا سماه (الكفاية في علم الرواية) و في آدابها كتابا سماه (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)، ثم جاء من بعده القاضي عياض فألف كتابه (الإلْماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع) و ألف أبو حفص الميانجي كتاب (ما لا يسع المحدث جهله).
إلى أن جاء الحافظ ابن الصلاح الشهرازوري فجمع كتابا في معرفة علوم الحديث، المعروف بمقدمة ابن الصلاح. فإلتف الحفاظ الذين جاءو من بعده حوله بالشرح والتقييد و الاختصار، فألف الحافظ النووي كتابه التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير، و الحافظ ابن كثير كتابه الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، و ألف الحافظ العراقي التبصرة والتذكرة و الألفية.[1][2]
وألف السيوطي ألفية في علم الحديث وابن حجر كتاب سماه نخبة الفكر ثم شرحه في كاب نزهة النظر.
وكتب البيقوني منظومة سميت البيقونية، ولم تزل التآليف إلى في هذا العلم متتالية منذ تلك العصور إلى يومنا هذا.
مراجع
- نشاة علم مصطلح الحديث - تصفح: نسخة محفوظة 07 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- المؤلفات في مصطلح الحديث - تصفح: نسخة محفوظة 05 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.