الرئيسيةعريقبحث

حسن بن عبد الله القرشي


☰ جدول المحتويات


حسن بن عبد الله القرشي هو شاعر عاصر العديد من التجارب الشعرية في الوطن العربي وأسهم كثيراً في إثراء ساحة الأدب والمعرفة من خلال البوح الشعري والرؤية الشعرية المتميزة.[1][2][3] عرف عن الشاعر القرشي غزارة إنتاجه على مدى خمسة عقود أسس فيها هذه المكانة البارزة وأثمرت عشرات الدواوين والمجموعات الشعرية، وأعمالاً كاملة كانت بين يدي القارئ العربي في كل مكان.

حسن بن عبد الله القرشي
حسن بن عبد الله القرشي.jpg

معلومات شخصية
الميلاد 1934
مكة 
تاريخ الوفاة 2004 (العمر 70 سنة)
الحياة العملية
المدرسة الأم جامعة الملك سعود 
المهنة شاعر 

ولد القرشي في مكة المكرمة عام 1344 هـ / 1934, وتلقى علومه الأولية بالكتاتيب فحفظ القرآن الكريم، ثم درس في مدرسة الفلاح، والمعهد العلمي السعودي في مكة المكرمة، ثم حصل على شهادة ليسانس الآداب، قسم التاريخ، مع مرتبة الشرف من كلية الآداب بجامعة الرياض.

حياته العملية

  • عمل في بداية حياته الوظيفية محرراً بديوان الأوراق في وزارة المالية، ثم كاتباً في المكتب الخاص في الوزارة.
  • عند تأسيس الإذاعة السعودية عام 1368 هـ، عمل رئيساً للمذيعين كما انتدب لمدة عام للدراسة الفنية الإذاعية في مصر.
  • عاد بعد ذلك للعمل في وزارة المالية والاقتصاد الوطني، مديراً لمكتب وكيل الوزارة للشؤون الاقتصادية فمديراً عاماً مساعداً، ثم سكرتيراً مالياً، فمساعداً لمدير المكتب الخاص ثم مديراً عاماً لمكتب الوزير.
  • انتقل بعد ذلك للعمل في وزارة الخارجية بمرتبة سفير، فعمل سفيراً للمملكة في موريتانيا ثم السودان.

وثم انتقل الي رحمه الله

حياته الأدبية

يأتي في طليعة الشعراء المجددين في الجزيرة العربية، ومن أول من كتب القصيدة التفعيلية في السعودية. فقد ساعدته أسفاره وصداقاته وعلاقاته الاجتماعية على التواصل مع الحركة الأدبية والشعرية العربية وقد نشر له العديد من القصائد في معظم الصحف والدوريات الثقافية العربية.

  • أصدرت له دار العودة في بيروت أعماله الشعرية الكاملة عام 1392 هـ وقد صدرت الطبعة الثانية من هذه الأعمال عام 1399 هـ.
  • كتب القصة والمسرحية وشارك في العديد من المهرجانات والمؤتمرات الشعرية والأدبية داخل المملكة وخارجها.
  • مثّل المملكة في مهرجان الشابي في تونس عام 1385 هـ.
  • كان عضواً في وفد التواصل الأدبي الذي زار منطقة الخليج عام 1399 هـ.
  • منحته جامعة أريزونا العالمية درجة الدكتوراه الفخرية عام 1403 هـ.
  • كان عضواً في مجمع اللغة العربية في القاهرة، وعمان.

هذه أمنيته الكبيرة التي تمناها منذ صباه، والتي صدر بها سيرته الفنية الماتعة: تجربتي الشعري حيث جاء فيها: (فتحت عيني على عالم الشعر، هذا العالم السحري في شوق فارط، ونشوة مبهورة.. أريد أن أتكلم في المهد، أريد أن أقدم إنتاجا ناضجا ومشحونا بالحيوية والدفق، ولقطات الفن المبتكرة.. أريد أن أكون الشاعر الذي يشار إليه بالبنان).

من أعماله المطبوعة وإنتاجه الأدبي

يعد القرشي شاعرًا كما يعد ناثرًا، ونشر له في هذين الميدانين ستة عشر كتاباْ جلها صغير، ولذا يعد وسطاً بين محمد حسن عواد وطاهر زمخشري، يستوي في ذلك الكم والكيف.

  • البسمات الملونة شعر 1366 هـ.
  • مواكب الذكريات شعر 1370 هـ.
  • أنات الساقية قصص ومسرحية 1376 هـ.
  • الأمس الضائع شعر 1377 هـ.
  • فارس بني عبس (دراسة أدبية) 1377 هـ.
  • شوك وورد 1378 هـ.
  • سوزان شعر 1383 هـ.
  • ألحان منتحرة شعر 1384 هـ.
  • نداء الدم شعر 1384 هـ.
  • أنا والناس مقالات 1385 هـ.
  • النغم الأزرق شعر 1386 هـ.
  • بحيرة العطش شعر 1387 هـ.
  • لن يضيع الغد شعر 1387 هـ.
  • فلسطين وكبرياء الجرح شعر 1390 هـ.
  • المجموعة الشعرية الكاملة 1392 هـ.
  • حب في الظلام قصص 1393 هـ.
  • زخارف فوق أطلال عصر المجون شعر 1399 هـ.
  • الحب الكبير قصص.
  • رحيل القوافل الضالة.
  • زحام الأشواق.

لم تتوقف مشاركاته عند حدود الشعر، فله بالإضافة إلى دواوينه الكثيرة سيرة مميزة، خفيفة الظل، عالج فيها الجانب الشاعري في شخصيته، وسماها: (تجربتي الشعرية)، وله أيضا مجموعتان قصصيتان على ما أذكر، وأنا أكتب هذه الأسطر بعيدا عن مكتبتي الآن، وهما: (أنات الساقية) و(حب في الظلام)، هذا غير الدراسات والمؤلفات مثل (فارس بني عبس)، و(أنا والناس).

شعره

يعد القرشي في المقدمة من شعراء الوجدان وذلك لغلبة العاطفة ثم الشكوى والتألم والبكاء والأنين على شعره. ثم هو ملحق بشعراء الجمال، لجمال ديباجته في الغالب، وأسلوب شعره أسلوب سهل يسير لا تكلف فيه ولا تمحل، وإن أعوزته الرصانة في بعضه.

أما لغته فإنها تسمو حيناً حتى تصل إلى مرتبة حسنة وتتدنى حينا فتثبه الكلام المبتذل، وقد يشوب قوله اللحن وبخاصة في النثر، ولم يكن ذلك مقصوداً لديه لكونه عاب بعض الشعراء بالضعف اللغوي، وبخاصة أرباب الشعر الحر وذلك في كتابه [تجربتي الشعرية] وإذا كان القرشي قد نظم كثيرَاَ مما لزم فيه الوزن والقافية فإنه قد خرج على ذلك في بعض شعره حيث كتب شعرا حرَا ودعا إليه بإلحاح.

كان في بداية حياته الشعرية يلجأ إلى أساتذة الأدب ليقدموا دواوينه إلى القراء، فأحمد حسن الزيات كتب مقدمة ديوانه مواكب الذكريات والدكتور طه حسين كتب مقدمه لديوانه الأمس الضائع. ثناؤهما وأمثالهما على شعر القرشي هو من باب العموميات التي يقصد منها إعلان الاستحسان العام.

أغراض شعره

شدا حسن القرشي في عصر اشتدت فيه الحملة من بعض أهل زمانه على شعر المناسبات بعامة، وشعر المديح بخاصة، وجنح فيه كثيرون إلى الشعر الوجداني، وأكثر آخرون من الشعر الديني. وجد كثيرون من أهل زمانه في طريق شعر التأمل والشك والتشاؤم. وتباروا في ذلك، وفي شعر الطبيعة والانغماس في المذاهب الحديثة وبخاصة الرومانسية (الخيالية التجديدية).

وإذا كان القرشي قد طرق أغراض شعر عصره كلها فإن الذي حوته دواوينه الأحد عشر ينكمش فيه نصيب المدح، فلعل الشاعر لم يرتح لنشر مثل تلك القصائد لسبب أو أكثر. واليك أهم أغراض شعره:

1- يأتي الشعر الوجداني في المرتبة الأولى من حيث الكثرة، وله فيه دواوين مستقلة مثل (سوزان)، غير أن نغمة الألم والحزن تسيطر على هذا اللون من شعره، وهي نزعة كادت أن تسيطر على أشعار جل أهل زمانه حتى لقد وصفهم (إيليا أبو ماضي) بأنهم كالنساء يحبون المدح ويميلون إلى البكاء.

2- أما الشعر الوطني والقضايا العربية فإنه يأتي من حيث الكثرة عند القرشي بعد الشعر الوجداني وأقرب ما يمثله من دواوينه:

أ- نداء الدماء ب- لن يضيع الغد.

جـ- فلسطين وكبرياء الجرح وهو في هذا اللون الشعري لا يتأمل ويفكر ويحلل ثم يستنتج بل ينقاد لثورة نفسه وثورة مشاعره فيأتي بشعر خطابي مجلجل، شأنه في ذلك كشأن عامة من نظم في هذا من شعراء عصره ومثال ذلك في شعره قوله.


3- الشعر الدينْي وهذا جانب في شعر القرشي أهمله الباحثون الذين كتبوا عنه إلا في إشارات يسيرة عند بعضهم ولعل ذلك راجع إلى غلبة الشعر الوجداني فيما نظم الرجل، حتى عرف به واشتهر فيه. والواقع أن للرجل أشعاراً دينية حسنهَ نجدها في بعض دواوينه منبثة داخل أغراضه لتشهد للرجل بأنه لم يكن بعيدا في شعره عن منبته ومدرجه، وماضي أمته ومستقبلها وأكثر ما تجد ذلك في ديوانه [الأمس الضائع]. والذي يعنينا من هذا الديوان هو باب التهويمات كما يسميها صاحب الديوان ففي هذا الباب نظم الشاعر جملة من القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، وفي جوانب من سيرته، وفي الكعبة المشرفة، وختم الباب بقصيدة فيها تضرع ودعاء وشكوى إلى الباري تبارك وتعالى من النفس اللوامة. ومن قوله في مولد النبي : هَلَلِي يا بِطاحَ مكةَ لِلْيُمْن... ِوتِيْهي على البلاد وسُودي وَأَشْرِعِي بَاليَتِيْمِ رَاَيَةَ مَجَدٍ... هِي عِنْدَ الفَخَارِ أعْلى البُنُوْدِ كم على مهلِهِ النضِيرِ قدانَىِ... الْبشْرُ تحدوهُ زاهيات الورودِ أيُ مَهْدٍ مِنَ العَبِيْرِ ندِيّ... ضَمَّ دُنْياً مِنَ السنَا وَالسُّعُوْدِ 4- الوصفْ وهذا أوسع الأغراض وأرحبها في الشعر، ينبث في كل غرض ويندس في كل موضوع، ولذا قالوا إن جماع أغراض الشعر الوصف ومنه تتفرع. ولقد أكثر القرشي من الحديث في الوصف، وكان في بعضه متأملا دقيق الملاحظة، وقد يكون الغرض منه الرمز، كما هو في وصفه فراشة ظلت تدور حول ضوء المصباح مفتونة به حتى إذا ملكتها الفتنة ألقت بنفسها في لهبه فاحترقت: وَفَراشَةٍ طَارَتْ لِتَحْتَرِقَا... كَم أرْعَشتْ بِجَنَاحِهَا الغَسَقَا مَوْتُورَة مِنْ نَفْسِهَا جَنَحَتْ...للِضَّوْءِ تَكْسِب فَوْقَه الرمَقَا حَسِبَتْهُ يَرعَى حُسْنَهَا فَرِحاً... وَيَشمُّ منْهِا عَرفْهَا العَبِقَا لَكِنًهُ أوْدَى بِهَا حَرَقاً... فَهَوَت عَلَى جَنبَاتِهِ مِزَقَا وليس هذا شأن وصفه كله، بل قد يبدو في كثير منه ساذجاً سطحياً ولا تعوزك أمثلته في دواوينه. 5- التأمل وهذا لون شعري تناوله القرشي ونظم فيه منطلقاً مما يدور حوله، أو يدور فيه من شك وحيرة أوغل فيهما أبناء عصره استجابة لظروف الحياة وملابساتها. ولا نعني بذلك أن مثل هذا ضد الطبيعة الشعرية، بل هو مسألة ضرورية، إذا خلا منها الشعر افتقَد كثيرًا من مقوماته، غير أن أبناء العصر قد أوغلوا فيه انطلاقاً من واقعهم، أو افتعالا من أجل مجاراة أهل زمانهم. وإذا كان القرشي قد أحيط بظروف قاسية حيناً كوفاة أبيه وهو صغير، أو معقدة حينا نتيجة فشل العلاقات الاجتماعية، فإن طبيعة حياته تلك تفرض عليه طرق مثلِ هذا الميدان وتصوير تجاربه القاسية التي جعلته يسير في كثير من دروب حياته وحيداَ ينشد هدفه بنفسه فيحجزه التردد حينَاَ ويذبذبه الشك حينا آخر، وذلك ما يصوره في مثل قوله: إلِى أيْنَ؟ إِنِّي مَلَلْتُ المَسِيْرْ قِفَارٌ وَشَوْكٌ.. ضللتُ العُبُورْ وَهَذِي السُهُوبُ وَتِلْكَ الصُخُوْرْ كأنًيَ حَوْلَ حَيَاتِيْ أدورْ وعلى أي حال فإن القرشي الذي يعد من المكثرين نسبيا في شعره لم يترك غرضا في الشعر إلا طرقه، والأغراض التي تحدثنا عنها ما هي إلا نماذج لذلك.

كلمات في تقدير الشاعر القرشي

نال القرشي قدرا طيبا من التقدير، وإن كان ما يستحقه لموهبته ووعيه وإسهاماته الكثيرة أكبر من هذا وأجل، فقد منح الدكتوراه الفخرية من جامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية، وترجمت أشعاره إلى لغات كثيرة، وعني بدراسته عدد من المعنيين بالأدب السعودي. فما تكاد تجد كتابا يعرض للأدب السعودي إلا وللقرشي نصيب فيه، هذا - بطبيعة الحال - غير الدراسات المعمقة المستقلة التي تباشر نتاجه وريادته وإسهامه الثري بالدرس: تأريخا وتحليلا؛ ومن أجودها دراسة مخطوطة لأخينا الفاضل الأستاذ يحيى بن أحمد الزهراني، وكيل الشؤون التعليمية في كلية المعلمين بالقنفذة، تقدم بها عام 1419 هـ إلى جامعة أم القرى بمكة المكرمة، نال بموجبها درجة الماجستير في الأدب والنقد بتقدير عالٍ.

وكان مثقفا ووطنياً صادقاً، وإنساناً مرهفاً، شغل عدة وظائف رسمية مرموقة، ومثل المملكة العربية السعودية خارجيا في مناسبات أدبية وثقافية عديدة، وإن كانت عزلته سببا في بعده عن مخالطة الناس إلا أنها كانت عزلة حميدة، لأنها فتحت له آفاقا أخرى من المشاركة الفكرية، والتأمل الطويل، والمساهمة في المسار الإبداعي والثقافي مساهمة الرواد.وقد ترك لنفسه الشاعرة حرية الانطلاق في مجال التجريب؛ فكما كتب الشعر الموزون المقفى التقليدي(العمودي) كتب بإجادة الشعر التفعيلي، بل إنه يعد أحد رواده الواثقين في المملكة.

رحم الله الصديق والشاعر الرقيق الذي أعطى وطنه الكثير من كلماته وأدبه وشعره حتى أصبح قادراً على ان يعرف العالم قيمة الأديب والشاعر السعودي وقدرته على الإبداع في عالم يبحث عن الإبداع. رحم الله الشاعر الكبير الأستاذ القرشي الذي ساير النهضة في وطننا ومنح هذه النهضة أدوات معركتها لتصبح قادرة على ان تمنح الكثير من الأوطان الفهم الحقيقي لما يجري على أرضنا وبلادنا قبلة المسلمين ومهبط الوحي، وموطن الإسلام وعاصمته الأولى التي استطاعت ان تعرف العالم بهذا الدين الذي جاء به سيد البشر صلى الله عليه وسلم.

رحم الله القرشي كاتباً ملتزماً وشاعراً مبدعاً وقاصاً هادفاً يحاول من خلال كل ما كتب إبراز دور هذه الأرض وقدرة هذا الإنسان على العطاء في أرض العطاء. هكذا ترجل الفارس ولكنه سيظل في أعماق القلوب صورة نادرة لمن يخلص لبلده وأمته ووطنه.

عاش القرشي ولم يمت ومات القرشي ولم يمت لأن كلماته وشعره وقصصه ستظل دائماً محل القراءة من كل أبناء هذا الجيل والأجيال القادمة. رحمه لله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله واصدقاءه وذويه الصبر والسلوان.

كلمات عن الشاعر السعودي وتعزيات زملائه وأحبائه

د. عاصم حمدان - عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز: يعتبر الشاعر حسن القرشي أحد المجددين في القصيدة الشعرية في خارطة الأدب السعودي فهو قد كتب القصيدة الكلاسيكية ولكن بروح جديدة، كما قصيدة التفعيلة عن قوة وليس عن ضعف، وهو إضافة إلى إبداعه في الشعر فقد كتب القصة والمقالة والدراسة الأدبية، وأشاد به أدباء عرب كبار من أمثال عميد الأدب طه حسين الذي كتب مقدمة أحد دواوينه كما كتب عنه الزيات وعبد الوهاب عزام ومصطفى السحرتي. أما الناقد الكبير عبد الله عبد الجبار فيعده شاعراً رومانسياً حالماً.

حسن القرشي جمع بين الثقافتين التقليدية المحافظة في الحرم المكي الشريف حيث كان تلميذاً مع رصيفه أحمد جمال طالب علم في حلقة محدث العصر السيد علوي بن عباس المالكي—وآزر هذه الثقافة الأصيلة بدراسة جامعية في كلية الآداب بجامعة الرياض فكان هذا المزيج من الثقافتين في شخصية القرشي، ولعلَّ هذا هيأ له بأن يكون أحد الشعراء الذين نقلوا القصيدة الشعرية من إطارها المحلي إلى إطار أكثر شمولية في العالمين العربي والإسلامي، وهذه العالمية في أدب القرشي هيأت له ان يكون عضواً في مجمع اللغة العربية في مصر، كما هيأت له تلك الصلات الواسعة التي استطاع من خلالها ان يكتسب تجارب حياتية كثيرة عكستها تجاربه الشعرية والأدبية.

كما تميز القرشي من بين معاصريه بحسن الإلقاء فهو يتكلم عن حافظة قوية وبلغة عربية جزلة ويؤثر في نفوس سامعيه مع أن بعض شعراء جيله كانوا يكتبون الشعر قوياً وأصيلاً ولكنهم كانوا يتهيبون صعود المنابر. بموت القرشي تنطوي صفحة رائدة من صفحات أدبنا السعودي المعاصر ويختفي في عالم الخلود، ذلك الوجه السمح الذي عُرف بالابتسامة الصادقة والكلمة الطيبة. وأسكنه فسيح جناته، والعزاء فيه بالساحة ولزملائه ولمريديه ولأهله ولأصهاره {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }.

د. عالي القرشي - عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين بالطائف: شارك في تأبين القرشي فقال: إنه قطع رحلته من الحياة ليلحق بالعالم الآخر ولينعم بجنات النعيم ندعو له بذلك لأننا عايشناه عن طريق الكلمة التي خفق بها في سماء الإبداع فأقام نداءات الروح أمام بكائيات القلب فاخترق بها صلادة الحياة وجاوز بها علاقات الكايد والمكيد والظالم والمظلوم والقاهر والمقهور فانبثقت له أجنحة الفرار من عذابات الجسد إلى فضاءات الحب والرحمة.

جاوز هذه العلاقات فجاوز شعره المألوف فوجد الجرح الكبرياء وفي البحيرة العطش وفي الظمأ المنهل العذب. ندعو له بالرحمة اليوم والمغفرة لأنه سكب في آذاننا الشوق إلى هذه العوالم وزرع في سامعيه وقارئه دوحة من الظلال. اللهم اغفر له وارحمه واسكنه فسيح جناته وألهم آله وذويه الصبر والسلوان.

فاروق بإسلامة - الكاتب المعروف]]: فقد الوسط الأدبي شاعراً ملهماً طالما قال الشعر منذ صباه، الحق أن الأستاذ حسن عبد الله القرشي—كان من أجود الشعراء السعوديين الذين أسسوا كيان الشعر السعودي فقد بدأ قديماً في قول الشعر في الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي، وبعدها انطلق القرشي يقول الشعر دواوين وكتباً، وكذلك من الميزات التي اتسمت بها أشعاره تمسكه بعمود الشعر العربي منذ عرف الشعر بحوراً وقافية على يد الإمام الخليل بن أحمد الفراهيدي. هذه الميزة وسواها مما ذكرت آنفا تُعدُّ ركناً أساسياً في شعره، الأمر الذي استطاع به الأستاذ حسن القرشي ان يخرج أشعاره في دواوين مكثفة وعديدة، ولم ينحرف البتة عن هذا العمود الذي ذكرناه ولكنه استخدم في شعره التفعيلة التي هي جزء لا يتجزأ من ذاك العمود.

فقد على نمطه كثيراً من القصائد الشعرية مما يدل على أنه قادر فيما لو أراد ان يكون شاعراً حراً بالنسبة للقافية العربية. كما استخدمها شعراء معاصرون بمن فيهم البياتي والسياب ولكنَّ القرشي لم يرد ذلك لتمسكه بالتراث العربي فهو شاعر أصيل ما حاد عن هذه الجادَّة أبداً, وبذلك نرى كيف انه في سيرته الشعرية المطبوعة في كتاب. الشيء الذي يطمئن كل قارئ للشعر العربي الحديث بأن هناك شعراء في العصر الحديث لم تهزهم الحداثة وأقصد بها التي تترك تراث شعرائها من أمثال هذا القرشي العظيم. وأسكنه فسيح جناته.

القاص - سحمي الهاجري: رحم الله حسن عبد الله القرشي فقد كان مثالاً للأديب الملتزم بقضايا وطنه وأمته، وقدم لبلاده خدمة متميزة سواء من خلال أدبه أو المواقع الإدارية المرموقة التي تولاها. وقد حفلت دواوينه الشعرية العديدة (البسمات الملونة) و(مواكب الذكريات) و(الأمس الضائع) و(وسوزان)، و(ألحان منتحرة)، و(نداء الدماء)، و(النغم الأزرق)، و(بحيرة العطش)، و(لن يضيع الغد)، وغيرها بعطائه الفياض وإنسانيته المتعالية وشعوره المرهف. ويذكر له أنه من أوائل من أسسوا لفن القصة القصيرة بمجموعته (أنات الساقية) الصادرة عام 1376 هـ التي كتب مقدمتها الأديب الكبير محمود تيمور، ومجموعته الأخرى (الحب الكبير). وقد فقدت البلاد برحيله رمزاً من رموزها الأصيلة، فهو في ميدان العطاء يكون في مقدمة الصفوف، وحين تكثر الجعجعة والضجيج يترفع بنفسه وأدبه واحترام موقعه عن الصغائر والدنايا.

أرجو من الجميع رفع أكف الدعاء له بالرحمة والمغفرة، وآمل من الدكتور حسن النعمي رئيس جماعة حوار ان يخصص في محور التنوير الذي هو موضوع نشاط الجماعة القادم ندوة عن القرشي بصفته أحد الذين أسهموا في التنوير قولاً وفعلاً بدأب وصبر طوال حياته الغنية بالعطاء والإنجاز.

د. محمود زيني - عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى: رحم الله الشاعر الكبير حسن القرشي السفير الأديب الذي شغل الناس بشعره وأدبه، وشُغل العالم العربي بإبداعه وحظي بتقدير من أدباء العربية المعاصرين، وفقدنا اليوم شاعراً وجدانياً ووطنياً، وشاعراً إسلامياً امتلأ ديوانه بنبضه الشعري وبحبه للإسلام والمسلمين وعاشت القدس في ديوانه، مسجلاً في ديوانه أحاسيسه تجاه إخوانه المجاهدين في فلسطين، وكانت القدس والمسجد الأقصى حزنه الدائم وبتاريخ آلامه مما تعانيه من نير الظلم الصهيوني، وحقاً كان القرشي من الشعراء الرواد في هذه المملكة العظيمة.

ويعجز اللسان اليوم لسبب هذه الصدمة والخبر المفاجئ عن موته، وقد سعدت بحضوره وتكريمه لشخصي في اثنينية الشيخ عبد المقصود خوجة بجدة الذي كرم العلماء والأدباء ورجال الفكر والأدب والثقافة، ولا استطيع أن أوفي حق هذا الشاعر الكبير من الثناء فهو يستحق الشيء الكثير. وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وأبناءه وجميع أسرته الصبر والسلوان وألهمنا كذلك نحن الصبر على فقدانه، ولا نملك إلا أن نقول { إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.

الكاتب حسين عاتق الغريبي - جريدة الرياض: رحل شاعرنا المتجدد المبدع (حسن عبد الله القرشي) عن دنياه الفانية ليلاقي وجه ربه تعالى، نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويلهم آله الصبر والسلوان، لقد ترك الشاعر أثراً لا يمحى في ذاكرة كل من يملك (الذائقة الشعرية) التي تفرّق بين الإبداع وضده من الهذيان الموحش. وصفه الناقد الدكتور عبد العزيز الدسوقي بـ(شاعر الوجدان) وألف عنه كتاباً بهذا الوصف، وتحدث عنه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وأحمد حسن الزيات، والشاعر أحمد رامي، وأدباء وشعراء من البلاد العربية.

لقد أبدع القرشي في قصيدة التفعيلة ابداعه في الشعر العمودي، وتفنن في رسم "الصور الشعرية" الموحية دون ابهام أو غموض، وهذا ما يجعله صاحب المكانة الرفيعة حين يكون الحديث عن شعراء مرحلة "التجديد" في الشعر السعودي. ففي أمسية تكريم الشاعر حسن القرشي باثنينية الشيخ الأديب عبد المقصود خوجه بتاريخ 1404/2/3 هـ الموافق 1983/11/7 م ذكر الشاعر أبياتاً من قصيدة له يرثي فيها والده - - (وقد كان الشاعر في سن باكرة ويفاع) قال فيها:

كؤوس المنايا علينا تدوروتزجي بنا في مهاوي القبور

تولى نبيل السجايا وخلف جرحاً بأعماق روحي كبير

لمن تترك القلب؟ للحادثات؟ لدينا تعج بكل الشرور؟

حنانيك، لاتنأ لم يبق فيّ ذَماء فقد عاد قلبي ضرير

فكأن الشاعر قد صاغ قصيدته المبكرة لزمانه الحالي الحافل بشرور (الإرهاب) ولئن غادرنا الشاعر مودعاً دنياه.. فرحا بلقاء الله، فإن شعره يظل مؤنسنا، يذكرنا به حين نشتاق إلى النظم البديع المتوج بالإبداع.

ويذكر الشاعر العراقي السيد فالح الحجية في الجزء الرابع من كتابه الموجزفي الشعر العربي(ان الشاعر حسن القرشي ياتي في طليعة الشعراء الوجدانيين في العربية في العصر الحاضر لما في شعره من عاطفة فياضة وجمالية رائعة تجدها في أغلب قصائده))

د. يوسف العارف - جريدة الرياض: إن خبر وفاة الشاعر الكبير حسن عبد الله القرشي قد راعه كثيراً رغم أن الموت حق وقدر ومصير لابد منه، ولكن أن تفتقد علماً ورمزاً من رموز ادبائنا ووطنا وأمتنا فلذلك مدعاة للألم والحسرة ولكن امام مصاب كهذا لايمكن إلا أن نقول إنا لله وإنا إليه راجعون. إن حسن القرشي شامة في سياق ثقافتنا العربية المعاصرة ورمز من رموز أدبنا الخالد وشجرة وارفة الظلال عطاءً وإنتاجاً شعرياً تتلمذ عليه الجيل.

حسن القرشي ذلك الفلاحي دراسة والتاريخي شهادة والدبلوماسي المهام والشاعر العملاق أدباً يجبرك اسمه على التعالق مع نصوصه الشعرية الغزلية والوطنية والسياسة فتقرأ له في ظل ثقافتك عن مدرسة أبوللو الشعرية فتحس بتميز عطائه وثراء لغته وموسيقى قوافيه وجزالة لفظه وحساسيته الفنية في التقاط العبارة وترميز الإشارة دون تكلف أو قساوة لفظ أو رداءة معنى. عندما تقرأ لحسن القرشي شعراً تتموسق معه مشاعرك واحاسيسك فتظل أسير نصوصه وقصائده حتى تذوب فيك وتتلاشى فيها، وإن كتب نصاً شعرياً كان تأثير الشعر القرشي بارزاً فيها، رحم الله شاعرنا الخالد (حسن عبد الله القرشي) وألهم ذويه وآله الصبر والسلوان.

مراجع

موسوعات ذات صلة :