الرئيسيةعريقبحث

حمامات بغداد العامة


☰ جدول المحتويات


حمام الباشا شيد في عهد والي بغداد حسن باشا (1704-1723م).[1]

حمامات بغداد االعامة

تعتبر الحمامات من الوسائل التي يستخدمها الانسان عموماً، ووسيلة أساسية عند المسلم لتأمين طهارته التي يتمكن من خلالها تأدية واجباته الدينية. وهذا ما يفسر رغبة الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في بناء المساجد والحمامات معاً.[2] وكانت مقترنة بحقول النشاط العام، حيث انها احتلت مكاناً مهماً في حياة البغداديين اليومية، لكونها تعتبر مكاناً اجتماعياً يجمع أبناء المحلات المتقاربة، فالحمامات العامة تتميز بفوائد عديدة إضافة على الإغتسال والنظافة، فهي تعد منتجعاً للترفيه والطبابة والتعارف والإسترخاء وحتى الغناء اثباتاً للموهبة والهواية.

نبذة تاريخية

ان الحمامات في بغداد شيدت بناءاً على طلب من الخليفة المنصور،[3] بالرغم من تحرج رجال الدين المتشددين من المسلمين من دخول الحمامات العامة.[4] مع انها بنيت إلى جانب المساجد، كما ذكرت بعض كتب المصادر انه اقيم عند مشرعة الروايا مسجد وبالقرب منه حمام.[5][6] وذكر ابن الأثير انه في حوادث سنة (332ه‍)، وعلى أثر فيضان، تعطل كثير من الحمامات والمساجد والأسواق والعقارات.[7] وألف إبراهيم الحربي الزاهد (ت 285ه‍) كتاباً في الحمام وآدابه.[8][9] وقيل ان الحمامات البغدادية قد بلغ عددها في القرن الثالث ستين ألفاً.[10] وكان عددها في زمن الخليفة المقتدر بالله عشرة آلاف حمام.[11] وقيل حسب رواية أخرى، ان عددها بلغ سبعة وعشرين ألف حمام. واجري إحصاء لحمامات بغداد في عهد معز الدولة (334-356ه‍) فكان عددها سبعة عشر ألفاً، وبلغ عددها سنة (383ه‍) خمسة آلاف حمام.[12][13]وذكر ابن بطوطة المتوفي سنة (779ه‍/1377م) ان الجانب الغربي من بغداد هو الذي عُمر أولاً، وهو الآن خراب أكثره، وعلى ذلك فقد بقي منه ثلاث عشرة محلة، كل محلة كأنها مدينة بها الحمامان والثلاثة.[14]وجاء ايضاً في (رحلة المنشيء البغدادي) التي كتبت سنة (1237ه‍/1822م) انه كان في بغداد 24 حماماً كبيراً.[15] ومن الناحية الإقتصادية كانت الحمامات من انواع الإستثمار المجزية.[16] وكذلك كانت مسرحاً لمظاهر إجتماعية، فقد كانت تزين بالصور، وتزدحم يوم الجمعة،[17] وكان العيارون يأوون إليها وينامون فيها.[18]

المواصفات

لقد وضع أبو الفضل الدمشقي مواصفات لأفضل الحمامات، كأن تتوسط المدينة، وان تكون مصارف الماء فيها واسعة مستقلة، وان تكون بيوتها متوسطة مكتنزة.[19]وفي إعلان عن جودة احد الحمامات، ذكر انه ساخن واسع الأبواب.[20] وكان أصحاب الحمامات يتنافسون، ويستخدمون الشعراء في إعلانهم، ووصف حمام بوران في بغداد بانه حمام جيد ويقبل عليه الزبائن ويغل غلة جيدة.[21] وذكر الشيزري ان خير الحمامات ماقدم بناؤه واتسع هواؤه وعذب ماؤه، وقدَّر الوقاد وقاده بقدر مزاج من اراد وروده، واعلم ان الفعل الحقيقي للحمام هو التسخين بهوائه والترطيب بمائه .[22] وقد أُعجب ابن بطوطة بحمامات بغداد الكثيرة ومواصفاتها، فذكر انها من ابدع الحمامات، واكثرها مطلي بالقار، حيث يخيل لرائيه انه رخام اسود، وفي كل حمام منها خلوات كثيرة مفروشة بالقار، مطلي نصف حائطها مما يلي الأرض به والنصف الأعلى مطلي بالجص الأبيض. وفي داخل كل خلوة حوض من الرخام فيه انبوبتان، احداهما تجري بالماء البارد، فيدخل الإنسان الخلوة فيها منفرداً لايشاركه احد إلا إذا أراد إصطحاب احد معه. وكان في كل خلوة حوض آخر للإغتسال فيه انبوبتان تجريان بالماء الحار والبارد .[23] ويبدو ان فرش الحمامات بالرخام كان شائعاً، فقد نقل عن أعرابي انه دخل حماماً فزلق على رخام الحمام وأشج رأسه.[24] ويذكر ابن الجوزي في أخبار سنة (533ه‍) ان علي بن أفلح كان قد بنى داراً كبيرة وجعل فيها حماماً عجيباً، ضم بيت مستراح فيه بيشون، ان فركه الإنسان يميناً خرج الماء حاراً وان فركه شمالاً خرج الماء بارداً .[25] وشيدت الحمامات على نظام يضمن للمستحم عدم تعرضه للإيذاء بالإنتقال السريع من البرد إلى الحر أو العكس، فقد كانت تشمل على عدة بيوت أولها مبرد مرطب، وثانيها مسخن، والثالث مسخن مجفف .[26]

الطاقم

كان طاقم العاملين في الحمام يتألف من خمسة أو ستة رجال، وهم حمامي، وقيم، وزبال، ووقاد، وسقاء، وذكر هلال الصابئ ان العاملين في الحمام هم: صاحب الصندوق، والقيم، والوقاد، والزبال، والمزين، والحجام.[27][10] وقد فرض المحتسب شروطاً على طاقم الحمام.[28] ففرض على قامة الحمامات العامة من اللذين يديرونها واجب غسلها وكنسها وتنظيفها بالماء الطاهر، ودلك البلاط بالأشياء الخشنة. حيث كان وقود الحمام يتألف من الزبل والشوك اليابس.[29][30] كما فرض شروطاً صحية أخرى، ومنع دخول المجذوم، والأبرص.[31][32] ويظهر ان الحمامات كانت تترك الأوساخ التي تجري في الطرقات العامة وتسبب أذى للناس مما حمل فخر الدولة حاكم بغداد. سنة (467 ه‍) على ان يأمر المحتسب بمنع الحمامين من إجراء مياه الحمامات إلى نهر دجلة وان يلزمهم بحفر آبار تجتمع فيها المياه.[33]

المرأة

ان دخول المرأة إلى الحمام قد لاقى التشجيع، حيث ان المرأة كانت تتفنن في تبرجها في الحمام، مما أدى إلى توجيه بعض الإنتقادات إليها بسبب دخولها الحمام بغير مئزر أو بمشاركة نفس المكان مع غيرها من النساء المستحمات معها.[34][35] فيبدو ان الحمامات قد خضعت لرقابة صارمة من قبل الدولة باعتبارها مؤسسة صحية وذلك عن طريق تفقدها المستمر من قبل المحتسب، الذي كانت رقابته تتركز على جانبين اساسيين هما: الجانب الصحي والذي اشرنا إليه سابقاً، والجانب الأخلاقي فعمله في مراقبة كل مايدخل ضمن الإطار الأخلاقي مثل كشف العورة التي كان يعاقب عليها أشد العقوبات، ومنع الرجال من دخول حمام النساء.[36] وفي الفترات المتأخرة ببغداد كان هنالك حمامات خاصة للمومسات اللواتي يجري عليهن الفحص الطبي اسبوعياً ولمرة واحدة من خلال طبيب حكومي للتأكد من خلوهن من الأمراض الجنسية المعدية. وكان من أشهر الحمامات النسوية في بغداد حمام جسومة،[37]وقيل هو (حمام أسومة) في شارع دكان شناوة بمنطقة الفضل.[38]

صور من الداخل

يعطينا أبو الطيب الوشاء صورة عما يجري داخل الحمامات، فمنهم من ينظر إلى سوءات غيره، ومنهم من يدلي رجله في البئر التي ينصب إليها الماء، ومنهم من يتمرغ على حرارة أرض الحمام ومنهم لايتزر، ومنهم من يضطجع داخل الحوض.[39] وفي سنة (457 ه‍) أمر المحتسب بأن يمنع الناس من دخول الحمام من دون ميازر.[40] وترك بديع الزمان الهمذاني لوحة إجتماعية ساخرة، تحكي تهافت عمال الحمام على رأس الزبون، فتنتهي المنافسة بأن احتسب صاحب الحمام رأس الزبون لنفسه.[41] وكانت ملابس الزبائن عرضة للسرقة داخل الحمام، حتى تخصصت جماعة من اللصوص بهذا النوع من السرقات. وكان من اللصوص من يراقب المستحم، حتى إذا ماخلع ثيابه ونزل إلى الحوض فر اللص بثياب المستحم، ومنهم من يبدل نعليه.[42] وذم الشاعر البغدادي ابن سكرة الهاشمي حمام ابن موسى في بغداد لتكاثر اللصوص عليه، بعد ان فقد نعليه،[43] حيث قال:[44]

إليك أذم حمّام ابن موسى وإن فاق المنى طيباً وحرّا
تكاثرت اللّصوص عليه حتى ليحفى من يطيف به ويعرى
ولم أفقد به ثوباً ولكندخلت محمداًوخرجت بشراً

ونسجت المخيلة الشعبية معتقدات وأساطير خرافية حول الحمام، بعضها يقول بأن الحمامات يسكنها الجن، والبعض الآخر يقول ان الشياطين تنتشر في الحمامات بين العشائين وقريباً من الغروب.[45][46]

قائمة حمامات بغداد القديمة

  • حمام بنجة علي: في محلة باب الآغا مقابل سوق الصفافير.
  • حمام حيدر : يقع في محلة رأس القرية.
  • حمام الباشا : يقع في محلة البلانچية.
  • حمام الشورجة : في محلة الفراشة في (سوق الشورجة).
  • حمام كيجة جية : في محلة العاقولية.
  • حمام السيد : في محلة الهيتاويين.
  • حمام شامي : في الكرخ الفلاحات.
  • حمام الجسر : في محلة رأس الجسر في الكرخ.
  • حمام أيوب يتَيِّم : محلة الشيخ بشار
  • حمام عيفان : في محلة حسين باشا.
  • حمام الكمرك : في محلة المصبغة.
  • حمام قنبر علي : في محلة قنبر علي.
  • حمام المالح : في محلة الحمام المالح.
  • حمام تاجة : يقع في عقد الجاموس.
  • حمام التيلخانة: قرب التيلخانة.
  • حمام جسومة : في محلة دكان شناوة.
  • حمام الحاج رسول : في محلة جديد حسن باشا.
  • حمام الحيدرخانة: في محلة الحيدرخانة.
  • حمام الخستة خانة : في محلة الخستة خانة.
  • حمام خيزرانة : في محلة الحيدرخانة.
  • حمام دكان شناوة : في محلة دكان شناوة.
  • حمام حمام رأس الكنيسة : في محلة البارودية.
  • حمام الراعي : في محلة قهوة شكر.
  • حمام الشفاء : في محلة جديد حسن باشا.
  • حمام الشورجة : يقع في سوق الشورجة (يعتقد انه حمام البقال خانة).
  • حمام عويد : في محلة المربعة.
  • حمام الفضوة : في فضوة عرب.
  • حمام القاضي (حمام المحكمة) : قرب جامع العادلية.
  • حمام كجو : في محلة باب الآغا.
  • حمام الميدان : في محلة الميدان.
  • حمام بكتاش خان : أمام مسجد الإسماعيلية.
  • حمام السيد يحيى : في محلة سوق الغزل.
  • حماما الحاج إبراهيم بن محمد : في الكرخ.
  • حمام الفحامة : في محلة الفحامة.[47]


المصادر

  1. وكالة الأنباء العراقية - تصفح: نسخة محفوظة 31 أغسطس 2019 على موقع واي باك مشين.
  2. اليعقوبي، كتاب البلدان، ليدن، 1892م، ص242.
  3. نفس المصدر، ص343.
  4. تاج الدين السبكي، طبقات الشافعية الكبرى، القاهرة، 1324ه‍، ج2، ص131.
  5. محمد بن عبد الملك الهمذاني، تكملة تاريخ الطبري، ص130.
  6. الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج11، ص347.
  7. ابن الأثير الجزري، الكامل في التاريخ، دار صادر، بيروت، ج8، ص418.
  8. ياقوت الحموي، معجم الأدباء، ج1، ص45-46.
  9. ابن شاكر الكتبي، فوات الوفيات، ج1، ص16.
  10. الخطيب البغدادي، مصدر سابق، ج1، ص117.
  11. التنوخي، نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، بيروت، 1971م، ج1، ص128.
  12. هلال الصابئ، رسوم دار الخلافة، مطبعة العاني، بغداد ، 1964م، ص21.
  13. الخطيب البغدادي، مصدر سابق، ج1، ص118.
  14. ابن بطوطة، رحلة ابن بطوطة، ص158.
  15. المنشىء البغدادي، رحلة المنشى البغدادي، ص31.
  16. أبو منصور الثعالبي، ثمار القلوب في المضاف والمنسوب، دار نهضة مصر، القاهرة، 1966م، ص318.
  17. التنوخي، الفرج بعد الشدة، ج3، ص218.
  18. books.google_العامة في. بغداد في القرنين الثالث والرابع الهجري - تصفح: نسخة محفوظة 2020-05-24 على موقع واي باك مشين.
  19. أبو الفضل جعفر بن علي الدمشقي، الإشارة إلى محاسن التجارة، مطبعة المؤيد، بيروت، 1318ه‍، ص81.
  20. الثعالبي، مصدر سابق، ص318.
  21. المصدر نفسه.
  22. عبد الرحمن بن نصر الشيزري، نهاية الرتبة في طلب الحسبة، القاهرة، 1943م، ص86.
  23. ابن بطوطة، المصدر السابق، ص158.
  24. أبو حيان التوحيدي، الإمتاع والمؤانسة، ج1، ص226.
  25. ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ج10، ص80-81.
  26. الشيزري، مصدر سابق، ص86.
  27. هلال الصابئ، مصدر سابق، ص19.
  28. ابن بسام المحتسب، نهاية الرتبة في طلب الحسبة، مطبعة المعارف، بغداد، 1968م، ص68-71.
  29. الجاحظ، البخلاء، ص44.
  30. المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج2، ص509.
  31. الشيزري، مصدر سابق، 87-88.
  32. ابن الأخوة القرشي، معالم القربة في أحكام الحسبة، لندن، 1983م، ص155-156.
  33. المنتظم، مصدر سابق، ج8، ص294.
  34. ابن الجوزي، تلبيس إبليس، ص400.
  35. ابن الاخوة القرشي، مصدر سابق، ص157.
  36. books.google_الخدمات الوقفية - تصفح: نسخة محفوظة 2020-05-24 على موقع واي باك مشين.
  37. ملاحق جريدة المدى - تصفح: نسخة محفوظة 27 مايو 2020 على موقع واي باك مشين.
  38. مجلة التراث الشعبي، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 2009م، مج40، ع3-4.
  39. محمد بن إسحاق الوشاء، الموشى أو الظرف والظرفاء، عالم الكتب، بيروت، 1986م، ص287.
  40. المنتظم، مصدر سابق، ج8، ص294
  41. بديع الزمان الهمذاني، مقامات بديع الزمان، دار المشرق، بيروت، ط6، ص171.
  42. المصدر نفسه، ص159-161.
  43. المنتظم، مصدر سابق، ج7، ص187.
  44. أخبار الظراف والمتماجنين_ابن الجوزي - تصفح: نسخة محفوظة 2019-07-21 على موقع واي باك مشين.
  45. المنتظم، مصدر سابق، ج6، ص51.
  46. ابن الاخوة القرشي، مصدر سابق، ص155.
  47. ياسين العمري، تاريخ محاسن بغداد وهو (تهذيب غاية المرام)، ص362-364.

موسوعات ذات صلة :