خروج السفياني، إحدى علامات ظهور محمد بن الحسن المهدي في العقيدة الشيعية التي سجلتها المصادر الروائية عن المعصومين ، وأنه من العلامات الحتمية، كما ورد عن جعفر الصادق: اليماني، والسفياني، والصيحة، وقتل النفس الزكية، والخسف بالبيداء من المحتوم.[1] والسفياني كالدجال رجل طاغية يعيث في الأرض فساداً قبل ظهور محمد بن الحسن المهدي. وأنه من الطواغيت المعارضين والمعادين لمحمد بن الحسن المهدي. وأن عاقبته وجيشه أن يخسف بهم في البيداء.[2]
اسمه ونسبه
وصفه أمير المؤمنين بقوله: «يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، وهو رجل ربعه وحش الوجه ضخم الهامة، بوجهه أثر جدري، إذا رأيته حسبته أعور، اسمه عُثْمَانُ وَأَبُوهُ عَنْبَسَة، وهو من ولد أبي سفيان».[3] وقد اتفقت كلمة الباحثين الإسلاميين على أن تسميته بالسفياني تعود إلى انتساب الرجل إلى أبي سفيان كما هو صريح الرواية، ووصفه بابن آكلة الأكباد إشارة إلى ما قامت به جدته هند زوجة أبي سفيان في غزوة أحد عندما بقرت صدر سيد الشهداء حمزة، ولاكت كبده.
صفاته
وصفه الإمام الباقر بأنه: «السفياني أحمر، أشقر، أزرق. لم يعبد الله قط، ولم ير مكة ولا المدينة قط».[4]
خبثه وطغيانه وصلفه
اتفق رواة الحديث على دناءة السفياني وصلفه وعدائه لله تعالى وللنبي والإمام المهدي. كما اتفقت كلمات الفريقين السنة والشيعة على وصف الرجل بألفاظ متقاربة لفظًا ومعنى، منها: «إنّ السفياني يقتل العلماء وأهل الفضل ويفنيهم. يستعين بهم، فمن أبى عليه قتله».[5]
ثقافته وولاؤه السياسي
تدل الأحاديث على أنه غربي الثقافة والتعليم، وربما تكون نشأته هناك أيضاً، ففي غيبة الطوسي عن بشر بن غالب مرسلاً قال:«يقبل السفياني من بلاد الروم متنصراً في عنقه صليب. وهو صاحب القوم»،[6] أي مسيحياً بعد أن كان أصله مسلماً. وتعبير: «يقبل من بلاد الروم» يعني: أنه يأتي من هناك إلى بلاد الشام ثم يقوم بحركته. وجاء في رواية أخرى وصفه بالمتنصر، كما في رواية البحار الجزء 52 ص 217: «يُقبل السفياني من بلاد الروم متنصراً في عنقه صليب، وهو صاحب القوم». لكن هذه الرواية لم تنقل عن المعصوم لذلك لايمكن اعتمادها. يظهر من بعض الروايات أنه كان مسلماً منحرفاً وزائغاً عن الطريق القويم، وأنه يكّن الكراهة الشديدة لأمير المؤمنين. كرهه الشديد لأهل البيت وبغض شيعتهم. يعد البغض والحقد لأهل البيت من أبرز سمات السفياني التي سجلتها المصادر الحديثية، بل يستفاد من الروايات أن دوره السياسي يتمثل في إثارة وتأجيج الفتنة الطائفية بين المسلمين وإثارة أبناء السنة ضد الشيعة تحت شعار الدفاع عن أهل السنة... والحال أن ميوله وهواه غربية يهودية، فقد روي عن الإمام الصادق أنّه قال: «إنا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله. قلنا صدق الله، وقالوا كذب الله. قاتل أبو سفيان رسول الله، وقاتل معاوية بن [[أبي سفيان|أبي سفيان]] علياً بن أبي طالب ، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن علي، والسفياني يقاتل القائم.[7] وروي عن الإمام الباقر أنه قال: «كأني بالسفياني- أو بصاحب السفياني- قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة، فنادى مناديه: من جاء برأس (من) شيعة علي فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره، ويقول هذا منهم، فيضرب عنقه، ويأخذ ألف درهم ! أما إن إمارتكم يومئذ لاتكون إلا لأولاد البغايا».[8]
زمن خروج السفياني
تحدد الأحاديث وقت حركته بأنه يكون في شهر رجب، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: «ومن المحتوم خروج السفياني في رجب».[9] وهناك روايات أخرى عن الأئمة المعصومين. حول سفياني آخر، وأن خروجه في يوم الجمعة من شهر رجب في منطقة الوادي اليابس من أرض الشام، مضيفة: أن خروج السفياني يقترن مع خروج اليماني والخراساني في عام واحد وشهر واحد ويوم واحد.[10] وأن خروجه يكون بعد فتنة وحرب طاحنة تقع بين المشرق والمغرب. والظاهر من المشرق والمغرب ليس مشرق الأرض ومغربها، وإنما مشرق ومغرب المنطقة التي يظهر فيها السفياني، والشاهد على ذلك ما ورد في الروايات من أن أوّل ما يخرب من بلاد المغرب الشام. موضع خروج السفياني روي عن أمير المؤمنين عليه السلام أن حدد موضع خروجه بالشام حيث قال: «يخرج ابن آكلة الاكباد- زوجة أبي سفيان- من الوادي اليابس حتى يستوي على منبر دمشق».[11]
فترة تمرده وعصيانه
تؤكد الروايات أن تمرده يستمر من بدء خروجه وحتى قتله على يد القائم. خمسة عشر شهراً، حيث يبدأ بالهجوم على الشام وقتل مخالفيه والسيطرة على خمسة ولايات هي دمشق و حمص و فلسطين و الأردن و قنسرين، وفي بعض الروايات (فلزين). فينقاد له أهل الشام إلا طوائف من المقيمين على الحق، يعصمهم الله عز وجل. من الخروج معه. فقد روي عن الامام الصادق أنه قال: «السفياني من المحتوم وخروجه في رجب، ومن أوّل خروجه إلى آخره خمسة عشر شهراً، ستة أشهر يقاتل فيها، فإذا ملك الكور الخمس ملك تسعة أشهر، ولم يزد عليها يوماً».[12] ولم يتجاوز حدود الشامات و العراق و الحجاز إلا صوب المدينة المنورة التي يعيث فيها الفساد مدة شهرين ينشغل خلالها بتصفية خصومه من غير الشيعة فيكون الشيعة في مأمن منه، فإذا فرغ من خصومه وجّه جيوشه ورجاله نحو الشيعة وأهل الحق الموالين لآل محمد.
راية السفياني الحمراء
بعد أن يتمكن السفياني من تأمين الجبهة الداخلية والسيطرة على المناطق التي يحتلها يقوم بتشكيل فرقتين من الجيش، فيجعل رايتهم حمراء، وقيل خضراء. يوجّه الأولى لاحتلال العراق والأخرى لاحتلال الحجاز. وهذا ما أشارت إليه بعض المصادر الحديثية، كما في البحار عن أمير المؤمنين: «وخروجُ السُّفيانيِّ برايةٍ حَمْرَاءَ أَميرُها رجلٌ من بني كلب».[13] واختياره للّون الأحمر يكشف عن تعطش الرجل للدماء وحبّ الهيمنة على البلدان.
وحدة السفياني وتعدده
لا ريب أن السفياني الذي أشارت اليه الروايات في مصادر الفريقين الشيعة و السنة شخصية واحدة؛ إلا أن هناك روايات كرواية ابن حماد وغيره تحدثت عن سفيانيين، السفياني الأوّل والسفياني الثاني، وهناك روايات تضيف إليهما سفيانياً ثالثاً. لكن السفياني - على القول بالرأي الثاني- الذي ذمته الروايات هو الثاني؛ لأنّ السفياني الأول بعد ان يستولي على الشام ومعركة قرقيسيا يدخل العراق ينهزم أمام العراقيين بعد أن يصاب بجراح، وتنسحب قواته إلى الشام، ويموت هناك على أثر جراحات تصيبة، فيخلفه السفياني الثاني ليواصل المهمة بعده. فإذا صحت الرواية يكون السفياني الأوّل من الممهدين للسفياني الثاني كاليماني والخراساني الممهدين للإمام المهدي . قال ابن حماد في مخطوطته ص 78 قال الوليد: «يستقبل السفياني فيقاتل بني هاشم، وكل من نازعه من الرايات الثلاث وغيرها، فيظهر عليهم جميعاً. ثم يسير إلى الكوفة، ويخرج بني هاشم إلى العراق. ثم يرجع من الكوفة، فيموت في أدنى الشام، ويستخلف رجلاً آخر من ولد أبي سفيان تكون الغلبة له، ويظهر على الناس. وهو السفياني».[14]
هلاك السفياني
روي عن أمير المؤمنين إنه قال: «إذا كان ذلك خرج السفياني، فيملك قدر حمل امرأة تسعة أشهر، يخرج بالشام، فينقاد له أهل الشام إلّا طوائف من المقيمين على الحق، يعصمهم الله عز وجل. من الخروج معه، ويأتي المدينة بجيش جرار، حتى إذا انتهى إلى بيداء المدينة، خسف الله به، وذلك قول الله في كتابه { وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ }».[15] فلو صحت الرواية وغيرها من الروايات الكثيرة التي تشير إلى الخسف بالبيداء والتي تقبلها الشيعة والسنة بالقبول والتسليم بها، تكون نهاية السفياني وجيشه في ذلك الخسف الذي يلتهم الجميع.
مقالات ذات صلة
المراجع
- الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص650.
- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 53، ص 10.
- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 52، ص 205.
- النعماني، الغيبة، ص435.
- الكوراني، عصرالظهور، ص 106.
- الشيخ الطوسي، الغيبة، ص278.
- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 52، ص 190.
- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 52، ص 215.
- النعماني،الغيبة، ص426.
- النعماني، الغيبه، ص369.
- النعماني، الغيبة، ص434.
- النعماني، الغيبة، ص426.
- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج52، ص 273.
- عصر الظهور - الشيخ علي الكوراني العاملي، ص 111.
- السيد محمد الصدر، تاريخ الغيبة الكبرى،ص684.