الرئيسيةعريقبحث

دعارة مقدسة


☰ جدول المحتويات


الدعارة المقدسة أو دعارة المعبد أو دعارة العقيدة[1] أو الدعارة الدينية، كلها مصطلحات تشير إلى طقسٍ جنسي يتألف من الجماع ونشاطات جنسية أخرى تؤدى ضمن سياق العبادة الدينية، ربما كشكلٍ من طقوس الخصوبة أو نوعٍ من التزاوج الإلهي. يفضل بعض العلماء مصطلح "الجنس المقدس" أو "الطقوس الجنسية المقدسة" بدلاً من الدعارة، ولا سيما في الحالات التي لا تتطلب مبلغاً لقاء الخدمة الجنسية.

الشرق الأدنى القديم

بنت مجتمعات الشرق الأدنى القديم، كتلك التي عاشت بين نهري دجلة والفرات، معابد أو "منازل السماء"، وكرستها لعددٍ من الآلهة. ويذكر المؤرخ هيرودوتس في القرن الخامس قبل الميلاد، بالإضافة إلى شهادات أخرى من العصر الهيلينستي والعصور القديمة المتأخرة، أن المجتمعات القديمة شجعت ممارسات طقوس الجنس المقدسة، وليس فقط في بابل أو قبرص، بل في جميع أنحاء الشرق الأدنى قديماً.

هناك مجموعة من الإشارات والدلائل، عرضها عالم الأنثروبولوجيا البريطاني جيمس فريزر في رائعته الأدبية "الغصن الذهبي" (1890-1915) [2]، يثبت فيها وجود هذه الممارسات، وكان ذلك العمل الأدبي نقطة انطلاق أجيال عديدة من المؤرخين والمنظرين. فرّق فريزر وهنريك بين نوعين رئيسيين من الشعائر الجنسية المقدسة: طقسٌ مؤقت للفتيات غير المتزوجات وطقس جنسي مؤبد[3]. بنى فريزر نظرياته بالاعتماد على الأدباء في العصر القديم المتأخر (150 وحتى 500 ميلادي) وليس من العصر الكلاسيكي أو الهيلينستي[4]. يجعلنا ذلك نتساءل إن كانت ظاهرة الدعارة المقدسة والطقوس الجنسية الدينية منتشرة في جميع أنحاء العالم القديم؟

الزواج المقدس

بالرغم من الادعاءات السابقة، لا يوجد دليلٌ على ممارسة الدعارة المقدسة في حضارات الشرق الأدنى القديمة[5]. لكن في القرن العشرين، كان العلماء والباحثون على يقين من وجود شكلٍ من أشكال طقوس الزواج المقدس بين الملك السومري وكاهنة معبد (إنانا)، و(إنانا) هي آلهة الحب والجنس والخصوبة والحرب لدى السومريين. لكن لا وجود لدليل حي يثبت حدوث تزاوج أو جماع. وذلك المعبد المكرس للآلهة (إنانا)، وهو معبد إيانا (والتي تعني بيت السماء[6]) موجودٌ بين نهري دجلة والفرات في مدينة أوروك[7].

أما أسانتي، فترى أن مصطلح "الزواج المقدس" قد أُسيء فهمه، بالرغم من وجود بعض ممارسات الدعارة الدينية في معابد (إنانا) و(عشتار). افتُرض سابقاً أن الملك كان يجتمع مع الكاهنة العليا ليمثلوا اتحاداً بين (تموز) و(إنانا) (والتي دُعيت لاحقاً باسم عشتار)[8]. لكن لا شيء يؤكد حدوث هذا الاتحاد، بل ربما كان مجرد تعظيمٍ لصورة الملك: حيث كانت التراتيل تتغنى بعظمة ملوك الشرق الأوسط وتزاوجهم مع الآلهة (عشتار). وغالباً ما صورتهم كأبطال خارقين يقدمون الأضاحي ويحتفلون مع آله الشمس (أوتو) ويحصلون على تتويجٍ ملكي من الإله (أنو).

يعتقد المؤرخون المعاصرون أن المعابد احتوت سابقاً على كاهنات، لكن لا دليل على تقديمهن أي نوعٍ من الخدمات الجنسية.[9][10][11][12]

التناخ

يوجد في التناخ اليهودي كلمتين مختلفتين لوصف كلمة الدعارة، وهما "زونا"[13] و"قادوشا"[13]. تعني كلمة "زونا" عاهرة، أو امرأة معيبة[13]، بينما تعني الكلمة الثانية "مقدسة"، وهي من الجذر السامي "قَدِش" والذي يعني مقدس أو مخصص [13].

أشار الباحث ستيفن و. موراي إلى منع الكتاب المقدس للممارسات الجنسية، وتحديداً الـ "قادوشا". كما منعت ربط هذه الممارسة بالآلهة، وأي شكل آخر من أشكال العبادات البغيضة التي حرمها أتباع يهوه الحنفيون أو الأرثوذكس [18].

العصر الهيلينستي والإغريق القدماء

كانت مدينة كورينث في بلاد الإغريق القديمة شهيرة بممارسة الدعارة المقدسة، حيث استُقدم عدد كبير من النساء لتقديم خدماتهن في معبد (أفروديت) خلال العصر الكلاسيكي[14]. وعرف من الإغريقية مصطلح hierodoulos أو مصطلح hierodule، واللذان يعنيان "المرأة المقدسة". لكن المصطلحان يشيران على الأغلب إلى "العبد المعتوق والذي كرّس نفسه لخدمة الآلهة"[15].

وفي العالم الذي استعمره الإغريق، عُرفت الدعارة المقدسة في جزيرة قبرص، وهي مستوطنة إغريقية منذ عام 1100 قبل الميلاد، وفي جزيرة صقلية أيضاً التي استعمرها الإغريق سنة 750 قبل الميلاد.

روما القديمة والعصور القديمة المتأخرة

قام الامبراطور الروماني قسطنطين بإغلاق عددٍ ممن المعابد المكرسة لآلهة الحب والجمال (فينوس)، وعدد من المعابد المكرسة لآلهة أخرى في القرن الرابع ميلادي، وذلك وفقاً لكتابات المؤرخ المسيحي يوسابيوس القيصري، والذي تحدّث عن هذه الحملة على الوثنية بفخر شديد[16].

وادعى يوسابيوس القيصري أن مدناً فينيقية كبعلبك (أو هيليبوليس عند الرومان) وأفقا لا زالت تمارس الدعارة الدينية، واستمر الوضع كذلك حتى وضع الامبراطور قسطنطين حداً لهذا الطقس في القرن الرابع ميلادي[16].

المراجع

  1. Schulz, Matthias (2010-03-26). "Sex in the Service of Aphrodite: Did Prostitution Really Exist in the Temples of Antiquity?". Spiegel Online. مؤرشف من الأصل في 26 نوفمبر 201801 يناير 2016.
  2. J.G. Frazer, The Golden Bough, abridged edition (1922), Chapter 31: Adonis in Cyprus; see also the more extensive treatment in the 3rd edition of The Golden Bough, volumes 5 and 6 (published 1914). Frazer's argument and citations are reproduced in slightly clearer fashion by Fernando Henriques, Prostitution and Society: a study (3 vols., London : MacGibbon & Kee, 1962–1968), vol. I, ch. 1.
  3. Fernando Henriques, Prostitution and Society: a study (3 vols., London : MacGibbon & Kee, 1962–1968), vol. I, ch. 1.
  4. هيرودوت and سترابو are the only sources mentioned by Frazer that were active prior to the 2nd century AD; his other sources include Athenaeus, pseudo-Lucian, Aelian, and the Christian church historians Sozomen and Socrates of Constantinople.
  5. جيمس فريزر (1922), الغصن الذهبي, 3e, Chapter 31: Adonis in Cyprus
  6. é-an-na = sanctuary ('house' + 'Heaven'[='An'] + genitive) [John Halloran's Sumerian Lexicon v. 3.0 – see link below]
  7. Modern-day Warka, Biblical الوركاء.
  8. John Day, "Does the Old Testament Refer to Sacred Prostitution and Did it Actually Exist in Ancient Israel?", in Biblical and Near Eastern Essays: Studies in Honour of Kevin J. Cathcart, eds. Carmel McCarthy & John F Healey (Continuum International Publishing, 2004), 2–21.
  9. Budin, Stephanie Lynn, The Myth of Sacred Prostitution in Antiquity
  10. Assante, Julia 1998. "The kar.kid/[kh]arimtu, Prostitute or Single Woman? A Reconsideration of the Evidence", Ugarit-Forschungen; 30:5–96
  11. Assante, Julia 2003. "From Whores to Hierodules: the Historiographic Invention of Mesopotamian Female Sex Professionals", pp. 13–47 in Ancient Art and Its Historiography, edited A. A. Donahue and Mark D. Fullerton. Cambridge/New York: Cambridge University
  12. Yamauchi, Edwin M. 1973. "Cultic Prostitution: a Case Study in Cultural Diffusion", pp. 213–222 in Orient and Occident: Essays Presented to Cyrus H. Gordon, edited H. Hoffner. Neukirchen-Vluyn, Germany: Kevelaer
  13. Associated with the corresponding verb zanah."Genesis 1:1 (KJV)". Blue Letter Bible (باللغة الإنجليزية). مؤرشف من الأصل في 17 نوفمبر 201805 أبريل 2018. incorporating قاموس سترونغ (1890) and Gesenius's Lexicon (1857). Also transliterated qĕdeshah, qedeshah, qědēšā ,qedashah, kadeshah, kadesha, qedesha, kdesha. A modern liturgical pronunciation would be k'deysha.
  14. Strabo. "Geographica". VIII.6.20.
  15. Stephanie Budin, The Myth of Sacred Prostitution in Antiquity (Cambridge University Press, 2009); more briefly the case that there was no sacred prostitution in Greco-Roman Ephesus by S.M. Baugh (1999) http://www.etsjets.org/files/JETS-PDFs/42/42-3/42-3-pp443-460_JETS.pdf; see also the book review by Vinciane Pirenne-Delforge, Bryn Mawr Classical Review, April 28, 2009.
  16. يوسابيوس القيصري, Life of Constantine, 3.55 and 3.58 نسخة محفوظة 10 يوليو 2018 على موقع واي باك مشين.

موسوعات ذات صلة :