سفيان بن عوف الغامدي [2] رضي الله عنه صحابي وفد على الرسول ﷺ وكتب لقومه كتاب، وهو قائد عسكري قاد عدة حملات عسكرية إسلامية في عهد الخليفة عثمان بن عفان والخليفة علي بن أبي طالب.قضى معظم حياته بعد إسلامه في الجهاد حتى توفي في نواحي أرض الروم. روى جُملا من كتاب النبي ﷺ لغامد ومنه: (أما بعد فمن أسلم من غامد فله ما للمسلمين من حرمة ماله ودمه ولا تحشروا ولاتعشروا، وله ما أسلم من أرض) ، كما أنه أحد القادة العسكريين الذين استعملهم معاوية بن أبي سفيان "رضي الله عنه".[3]
سفيان بن عوف | |
---|---|
قائد عسكري، صاحب الصوائف | |
الولادة | شبه الجزيرة العربية |
الوفاة | 55هـ أرض الروم |
مبجل(ة) في | الإسلام: أهل السنة والجماعة |
المقام الرئيسي | الشام، بلاد الرافدين |
النسب | سفيان بن عوف بن المغفل بن عوف بن عمر بن كلب بن ذُهل بن سيار بن والبة بن الدؤل بن سعد مناة الغامدي [1] |
بعض أخباره في السير
روى الحاكم عن مصعب الزبيري قال: وسفيان بن عوف الغامدي صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان له بأس ونجدة وسخاء.[4]، وهو الذي أغار على (هيت والأنبار)، في أيام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وإياه عنى علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله في إحدى خطبه: وإنَّ أخا غامد قد أغار على هيت والأنبار وقتل أشرس بن حسَّان.[5]
استعمله معاوية على الصدقة، وكان مع أبي عبيدة بن الجراح بالشام حين فتحها، [6] وبعثه من حمص إلى عمر رضي الله عنه، وقال له: ائت أمير المؤمنين وأبلغه مني السلام، وأخبره بما قد رأيت وعاينت، وبما حدثتنا العيون، وبما استقر عندك من كثرة العدو، وبالذي رأى المسلمون من الرأي ومن التنحي، وأرسل معه كتابا إلى عمر، قال سفيان: فلما أتيت عمر فسلمت عليه قال: أخبرني بخبر الناس، فأخبرته بصلاحهم ودفع الله عز وجل عنهم، قال: فأخذ الكتاب وقال لي: ويحك ما فعل المسلمون ؟ فقلت: أصلحك الله خرجت من عندهم ليلا بحمص وتركتهم وهم يقولون: نصلي الصبح ونرتحل إلى دمشق، وقد أجمع رأيهم على ذلك، فكأنه كرهه ورأيت ذلك في وجهه فقال لي: ومارجوعهم عن عدوهم وقد أظفرهم الله بهم في غير موطن ؟ وما تركهم أرضاً قد أحرزوها، وفتحها الله عليهم وصارت في أيديهم ؟ إني لأخاف أن يكونوا قد أساءوا الرأي وجاءوا بالعجز وجرَّأوا عليهم العدو. فقلت: أصلحك الله، إن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، إن صاحب الروم قد جمع لنا جموعا لم يجمعها هو ولا أحد كان قبله لأحد كان قبلنا، ولقد جاء بعض عيوننا إلى عسكر واحد من عساكرهم، مر بالعسكر في أصل الجبل فهبطوا من الثنية نصف النهار إلى معسكرهم، فما تكاملوا فيها حتى أمسوا، ثم تكاملوا حين ذهب أول الليل، هذا عسكر واحد من عساكرهم فما ظنك بما قد بقي ؟ فقال عمر: لولا إني ربما كرهت الشئ من أمرهم يصنعونه فإذا الله يخير لهم في عواقبه لكان هذا رأيا أناله كاره، أخبرني هل أجمع رأي جماعتهم على التحول ؟ فقلت له: نعم. قال: فإذن لم يكن الله ليجمع رأيهم إلاَّ على ما هو خير لهم.
وأراد معاوية رضي الله عنه استلحاقه كما فعل بزياد فأبى وقال له: إنما أنا سهم من كنانتك فارم بيحيث شئت، وكان يقول إذا أمره معاوية لغزو الروم في البحر: اللهم إن الطاعة علي وعلى هذا البحر، اللهم إنا نسألك أن تسكنه وتسيرنا فيه. وسفيان بن عوف رضي الله عنه هو صاحب الصوائف[7] ، وأحد قادة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، قبل وبعد وفاة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد خلف عبد الله بن قيس الجاسي حليف بني فزارة على إمرة الجيش البحري الذي كان يقاتل الروم، وذلك بعد أنْ قُتِلَ عبد الله، فخرج سفيان فقاتلهم، كما كان رضي الله عنه على الصائفتين اللتين غزتا بلاد الروم في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وعلى الشام معاوية بن أبي سفيان، فلم يزل كذلك حتى مات، واستعمله معاوية في خلافته وكان يعظم أمره ويقول إنه كان يحمل في المجلس الواحد على ألف قارح، ثم استعمل معاويه بعده ابن مسعود الفزاري فقيل[8]:
أقم يا بن مسعود قناة صليبة | كما كان سفيان بن عوف يقيمها | |
وسم يا بن مسعود مدائن قيصر | كما كان سفيان بن عوف يسومها | |
وسفيان قرم من قروم قبيلة | به تيم وما في الناس حي يضيمها |
وحكى صاحب العقد الفريد عن العتبي أنه قال: جاشت الروم وغزت المسلمين برا وبحرا، فاستعمل معاوية على الصائفة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فلما كتب عهده قال: ما أنت صانع بعهدي ؟ قال: اتخذه إماما لا أعصيه. قال: اردد عليّ عهدي ثم بعث إلى سفيان بن عوف الغامدي فكتب له عهده، ثم قال له: ما أنت صانع بعهدي ؟ قال: اتخذه إماما أمام الحزم ؛ فإن خالفه خالفته. فقال معاوية: هذا الذي لا يكفكف من عجلة، ولا يدفع في ظهره من خور، ولا يضرب على الأمور ضرب الجمل الثفال.[9] وفي هذه الغزاة كان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قد أمر ابنه يزيد بن معاوية أن يغزو ومعه سفيان بن عوف فسبقه سفيان بالدخول إلى أرض الروم، فنال المسلمون في بلاد الروم حمى وجدري وكانت أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر رضي الله عنه تحت يزيد بن معاوية وكان لها محبا، فلما بلغهما نال الناس من الْحُمَّى والجدري قال: ما إن أُبالي بما لاقت جمـوعهم...بالغذ قذونة من حمى ومن موم إذا اتكأت على الأنماط في غرف.. بدير مران عندي أم كلثوم فبلغ ذلك معاوية فقال: أقسم بالله لتدخلن أرض الروم فليصيبنك ما أصابهم، فأردف به ذلك الجيش[10] ، فسميت هذه الغزاة: غزاة الرادفة. ولما احتضر سفيان استعمل معاوية على الناس عبد الله بن مسعود الفزاري، فقال له: يا ابن مسعود: إن فتحاً كثيرا وغنما عظيما أن ترجع بالناس لم ينكأوا ولم ينكبوا، فأقحم الناس فنكب، فلما رجع الفزاري إلى معاوية قال: يا أمير المؤمنين إن عذري في ذلك أني ضممت إلى رجلٍ لا تضم إلى مثله الرجال، فقال معاوية: إن من فضلك عندي معرفتك بفضل من هو أفضل منك.[11]
غزوه على القسطنطينية
لما شتى سفيان بن عوف بأرض الروم صف الخيول فاختار منها ثلاثة آلاف فأغار بها على القسطنطينية من باب الذهب، ففزع أهلها وضربوا بنواقيسهم ثم استعدوا للقاء، فقالوا له: ما شأنكم يا معشر العرب ؟ وما جاءبكم ؟ فقالوا لهم: جئنا لنخرب مدينة الكفر ويخربها الله على أيدينا، فقالوا: والله ما ندري أأخطأتم الحساب أم كذب الكتاب أم استعجلتم المقدر، فإنَّا وأنتم نعلم أنها ستفتح ولكن ليس هذا زمانها.[12]
وصيته ووفاته
ولما أدركه أجله أوصى وقال: أدخلوا علي أمراء الأجناد والأشراف، فلما دخلوا عليه وقعت عينه على عبد الرحمن بن مسعود الفزاري،
فقال له: ادن مني يا أخا فزارة فإنك لمن أبعد العرب مني نسباً، ولكن قد أعلم أن لك نية حسنة وعفافاً، وقد استخلفتك على الناس فاتق الله يجعل لك من أمرك مخرجا، وأورد المسلمين السلامة، واعلم أن قوماً على مثل حالكم لم يفقدواأميرهم إلاَّ اختلفوا لفقده وانتشر عليهم أمرهم وإن كان كثيرا عددهم، ظاهرا جلدهم، وإن فتحاً على المسلمين أن يفعل بهم ولم يتكلموا
ثم توفي، فلما بلغت وفاته معاوية كتب إلى أمصار المسلمين وأجناد العرب ينعاه لهم، فبكى الناس عليه في كل مسجد.[13] وقام عبد الرحمن بالأمر بعد، وكان معاوية إذا رأى في الصوائف خلالاً قال: واسفياناه، ولا سفيان لي[14] . وقال مشيخة من أهل الشام سفيان لا يجيز في العرض رجلاً إلاَّ بفرس ورمح ومخصف ومسلة وترس وخيوط كتان ومخلاة ومبضع ومقود وسكة حديد.
الاختلاف في سنة وفاته
توفي سنة اثنتين أو أربع وخمسين بوضع يقال له أشيم. وذكر خليفة أنه مات سنة ثلاث وخمسين، وأبوعبيدة سنة اثنتين، والواقدي سنة أربع فالله أعلم. غير أن الطبري ينقل عن الواقدي في حوادث سنة خمس وخمسين أنَّ سفيان بن عوف شتى بأرض الروم، وهذا ما قال به أيضا خليفة بن خياط وابن خلدون[15] ، مما يدل على أن وفاته تأخرت إلى سنة خمس وخمسين أو إلى ما بعدها.
مراجع
- الإصابة في تمييز الصحابة (جزء 3 / صفحة 107).
- النيسابوري, أبو عبد الله محمد الحاكم النيسابوري. المستدرك علي الصحيحين - الجزء الأول. ktab INC. مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019.
- مختصر تاريخ ابن عساكر (ج10 /22، 25).
- الإصابة في تمييز الصحابة: لابن حجر (ج4 /211، 212)
- المستدرك على الصحيحين جزء1[5885]
- تاريخ مدينة دمشق 1-37 ج12 - أبي القاسم علي بن الحسن/ابن عساكر الدمشقي - كتب Google - تصفح: نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- الصوائف ، جمع صائفة وهي الغزو فى الصيف ، وسميت غزوة الروم الصائفة لأن سنتهم أن يُغْزَوا صيفاً ويُقْفَلَ عنهم قبل الشتاء لمكان البرد والثلج . لسان العرب : 4/2538
- المستدرك على الصحيحين الجزء الأول [5885]
- العقد الفريد جزء 1/صفحه 37
- تاريخ اليعقوبي جزء1/صفحه 200
- مختصر تاريخ ابن عساكر (ج10 /23، 24).
- تاريخ مدينة دمشق - ج 21/ص 350 - سعيد بن أحمد - سلمان بن ندى
- تاريخ مدينة دمشق - ج 21 /صفحه351 : سعيد بن أحمد - سلمان بن ندى
- تاريخ مدينة دمشق - ج 21 /صفحه 351: سعيد بن أحمد - سلمان بن ندى
- تاريخ ابن خلدون 3/39 ،تاريخ خليفة بن خياط : 223