شيخ الإسلام[3] محمد بن العربي بن محمد الهاشمي العلوي المدغري (مواليد 7 ذو الحجة 1301 أو 1302 هـ 1884م، القصر الجديد، مدغرة الرشيدية، تافيلالت - توفي 23 محرم 1384 هـ، فاس) فقيه مغربي، يعتبر مؤسس السلفية الوطنية في المغرب الأقصى، حيث جمع بين الدعوة إلى السلف ومقارعة الاستعمار، وأعطى روحا جديدة للسلفية التي لا تهتم فقط بتصحيح العقيدة بل تولي أيضا اهتماما بمصير المغرب ومتطلبات مستقبله.[4] وصفه الزعيم الاتحادي عبد الرحيم بوعبيد ب«أب الحركة الوطنية».[5]
محمد بن العربي العلوي | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | سنة 1880 القصر الجديد، والقصر الجديد |
الوفاة | 4 يونيو 1964 (83–84 سنة)[1] فاس |
مواطنة | المغرب |
أبناء | مولاي مصطفى بلعربي العلوي |
الحياة العملية | |
المهنة | سياسي، وعالم عقيدة، وعالم مسلم |
اللغات | العربية[2] |
من أبرز تلامذته: محمد بن الحسن الوزاني وعلال الفاسي ومحمد المختار السوسي.[6]
كان من الشخصيات الصوفية الدرقاوية ذات الأهمية البالغة في تاريخ الطائفة حتى بداية القرن الرابع عشر الهجري.[7] وبعد اتصاله بأبي شعيب الدكالي أخذ عنه افكار السلفية النهضوية في المشرق، فانقلب من فقيه عادي إلى مفكر إسلامي. ويقول محمد عابد الجابري:[8]
مسيرته
ولد محمد بن العربي العلوي بالقصر الجديد بمدغرة وهي إحدى واحات تافيلالت.
بعد أن حفظ القرآن وجوده، ودرس الحديث وبعض المتون والشعر الجاهلي، اصطحبه والده إلى فاس سنة 1898م، وأسكنه في "مدرسة الصفارين"، وبقي معه بفاس بضع سنوات يشد أزره، ويذلل معه كل الصعوبات التي تعترض دراسته التي كان يتابعها "بالمدرسة المصباحية"، المركز الرئيسي آنذاك للدراسات العلمية والأدبية والتاريخية والمنطقية والفلكية، بالإضافة إلى التفسير والحديث وغيرها من العلوم. ومن بين أساتذته بجامعة القرويين الفقهاء عبد السلام بناني، ومحمد بناني والتهامي جنون.
وانخرط عام 1260 هـ، وهو في فاس، في طائفة الشيخ أحمد البدوي، الذي أصبح شيخه فأسلم له مقاليد تربيته إلى أن بلغ مرتبة "الفطام" فأذن له شيخه في تلقين الأوراد ودعوة الناس إلى طريق الله. فرجع محمد بن العربي إلى بلده عام 1270 هـ، وقد برزت مكانته الصوفية والعلمية بعد وفاة شيخه عام 1275ھ، إذ جدد عليه العديد من أصحابه عهد الطريقة الدرقاوية البدوية، كخليفة لوراثة شيخ الطائفة البدوية.
بعد تخرجه من "جامعة القرويين" بأعلى شهادة تمنحها الجامعة آنذاك سنة 1912، كانت أول وظيفة أسندت إليه، هي تعيينه "عدلا بأحباس فاس الجديد" في آخر نفس السنة.
وبعد التوقيع على معاهدة الحماية سنة 1912م، وإرغام الفرنسيين المولى عبد الحفيظ على التنازل عن العرش واستقراره بطنجة، انتقل الفقيه محمد بن العربي من فاس إلى طنجة كأستاذ لأبناء عبد الحفيظ، ثم عاد إلى مدينة فاس سنة 1915م، وبعدها عين قاضيا بفاس الجديد والأحواز، وكان قضاء فاس آنذاك مقسما بين ثلاث قضاة: فاس الجديد والأحواز، وقاضي الرصيف، وقاضي السماط. بقي بهذا المنصب مدة، ثم ترأس مجلس الاستئناف بالرباط سنة 1928، ثم وزارة العدل سنة 1938.
النفي
في بداية الحماية اعتبر بن العربي العلوي العلاقة بين المغرب وفرنسا علاقة أخوة في خطبة أثنى فيها على الفرنسيس. حيث وثق بوعود إدارة الحماية بتحديث المغرب، خصوصا بعدما عاين إنشاء الماريشال اليوطي لكوليج مولاي ادريس بفاس مما حدا به إلى التطوع لتعليم اللغة العربية بالمجان في القرويين. وكان ليوطي هو مؤسس ما كان يسمى بالكوليجات الإسلامية، فبالإضافة لكوليج مولاي يوسف بالرباط الذي أسسه بظهير فبراير 1916 أسس كذلك كوليج مولاي إدريس بفاس سنة 1925.[9]
بعد تقديم الوطنيين وثيقة الإستقلال المغربية تعرضوا للقمع، فقدم على إثرها استقالته من وزارة العدل، فتعرض بذلك للنفي إلى القصابي ثم مدغرة. وبعد عودته سنة 1946 إلى فاس لم يتوقف عن التدريس بالقرويين، وساند الحركة الوطنية، فتضايقت الحماية الفرنسية منه ووضعته تحت الإقامة الجبرية بإيموزار كندر، ثم في بيته بفاس. وكان من المؤيدين لمحمد الخامس في صراعه مع المقيم جوان، ورفض بيعة ابن عرفة، فتعرض من جديد للنفي إلى تيزنيت، وعُذِّب على كبر سنه، وعاد إلى فاس بعد أن بقي في المنفى سنتين.
عاصر ستة ملوك وكان مستشارا وموجها ومرافقا لمحمد الخامس. إلا أن علاقة محمد بن العربي بالقصر سرعان ما ستتصدع بعد الاستقلال. وكانت البداية من حادثة تمرد عدي أوبيهي بتافيلالت. وهنا تم إيفاد بن العربي العلوي كمبعوث من النظام لاحتواء هذا التمرد. وفعلا، استطاع أن يعطي الأمان للمتمرد عدي أوبيهي، إلا أن عدم التزام النظام بوعده أثر في محمد بن العربي العلوي بعمق. وبعد اعتقال رجال جيش التحرير عام 1959، قدم استقالته كوزير للتاج سنة 1960 وعاد إلى بيته بفاس ليعيش على الكفاف، ورفض معاش التقاعد. ويروى أنه اشتغل في آخر عمره ببيع الحليب والبيض. فتعرض لمضايقات النظام له بسبب ميوله لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية المنفصل عن حزب الاستقلال ولرفضه بناء نظام تسلطي مرتبط بشخص الحاكم بعيدا عن الشورى والديموقراطية. فكان موقفه واضحا من دستور 1962، حيث دعا إلى مقاطعة التصويت على الدستور في عدة مهرجانات خطابية، معتبرا إياه مدخلا لبناء نظام حكم فردي مطلق.[10] وقد حاربه الوزير رضا اكديرة ونعته بالضلال.
خلّف أحد عشر من الأبناء والبنات، وتوفي مساء يوم الخميس 23 محرم 1384 هـ ، ونقل إلى تافيلالت حيث دفن مع أبيه وأجداده.[11]
فكره
بدأ متصوفا بحكم البيئة الثقافية التي نشأ فيها قبل أن يتحول سلفيا إبان مجيئه إلى فاس ليدرس بالقرويين، لكن تأثره بالسلفية التي ساهم في غرسها فيه أبو شعيب الدكالي، نادت بتحرير الفكر والإعلاء من قيمة الحرية ومن هنا موقفه الحداثي المتقدم الداعي إلى تعليم المرأة وخوضها غمار العمل جنبا إلى جنب مع الرجل. كما تعلق بالسفلية بعد اطلاعه على كتاب "الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان" لابن تيمية، وكانت نسخة قدمها له إدريس برادة الكتبي آنذاك بالسبيطريين بفاس، ثم اكتشف "المنار" و"الشهاب" و"العروة الوثقى" لجمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، تفتحت بصيرته على التيارات المشرقية. وكان الشيخ محمد بن العربي العلوي سبباً في خروج الشيخ تقي الدين الهلالي من التيجانية بعد أن تناظرا في صحة دعوى التيجاني أنه رأى النبي يقظة. وكانت سلفيته تحررية، وكان يتمثل دوما بقولة ابن تيمية «السجن لي خلوة والمنفى سياحة والقتل شهادة». ومن مواقفه الكثيرة في محاربة الشعوذة والدجل قام إلى شجرة مشهورة كان يتبرك بها عامة فاس وقطعها تحت عجب الناس من كونه لم يصبه أي أذى. وقال فيه المهدي بن بركة : "«لولا محمد بن العربي العلوي لأصبح جل سياسي الاتحاد الاشتراكي ملاحدة»".
تباينت مواقفه من المستعمر الفرنسي حسب الأحداث التي مرت بالبلاد، فقد عارض حركة أحمد الهيبة في البداية، وبارك بعدها حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي وباقي حركات المقاومة بالمغرب والعالم العربي، خصوصا القضية الفلسطينة التي وصل به الأمر إلى اتخاذ قرار التهييئ للالتحاق بالمقاومة هناك. كما عمل في دروسه على التوعية بخطر الاستعمار ومساوئه، ولكنه أيضا دعا المغاربة إلى المشاركة إلى جانب فرنسا في الحرب العالمية الثانية للتصدي لمخاطر الإيديولوجيا النازية. وكان معارضا للظهير البربري، ورفض إيقاف المحاضرات التي كان علال الفاسي يلقيها في القرويين.
انتاجات فكرية
محمد بن العربي العلوي لم يخلف آثارا علمية مكتوبة، باستثناء بعض الأشعار المنسوبة و الخطب، وكذا بعض الأحكام القضائية.[12]
مراجع
- معرف مكتبة الكونغرس (LCAuth): https://id.loc.gov/authorities/n88651092 — تاريخ الاطلاع: 2 مارس 2020 — الناشر: مكتبة الكونغرس
- Identifiants et Référentiels — تاريخ الاطلاع: 8 مايو 2020 — الناشر: Bibliographic Agency for Higher Education
- معلمة المغرب، 18/6164.
- محمد عابد الجابري. تطور الأنتلجانسيا المغربية. الأصالة والتحديث في المغرب. دار الطليعة، بيروت، ص 28.
- بن العربي العلوي.. أب الحركة الوطنية الذي كان يستشيره محمد… الأحداث المغربية، تاريخ الولوج 3 مايو 2014 نسخة محفوظة 03 مايو 2014 على موقع واي باك مشين.
- الشيخ محمد بن العربي العلوي وصلته بالجزائر رابطة أدباء الشام، تاريخ الولوج 3 ماي 2014 نسخة محفوظة 25 أبريل 2015 على موقع واي باك مشين.
- من أعلام الدرقاوية المدغرية: محمد بن العربي العلوي المدغري (ت1384ھ) مركو الجنيد، تاريخ الولوج 3 ماي 2014 نسخة محفوظة 28 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
- شيخ الإسلام محمد العربي العلوي مجلة البيان نسخة محفوظة 06 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- الحلقة الثانية: -حول بعض القضايا التنظيمية في خط منظمة - إلى الأمام -- الجزء الثامن. فؤاد الهيلالي الحوار المتمدن-العدد: 3987 - 2013 / 1 / 29 نسخة محفوظة 31 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- ندوة علمية عن الشيخ محمد بن العربي العلوي في المكتبة الوطنية بالرباط غدا - تصفح: نسخة محفوظة 03 مايو 2014 على موقع واي باك مشين.
- موسوعة أعلام المغرب، محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، د.ط، 9/233.
- شيخ الإسلام العربي العلوي : فقيه التحديث ، والسياسي الإصلاحي . مركز الميزان نسخة محفوظة 28 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.