مملكة الحضر أو مملكة عربايا هي من أقدم الممالك العربية في العراق في الجزيرة الفراتية وتحديداً في السهل الشمال الغربي من وادي الرافدين الذي هو غرب العراق وشرق سوريا حالياً، تمركزت مملكة الحضر في مدينة الحضر إلى الجنوب الغربي من مدينة الموصل على مسافة 110 كيلومتراً. وتبعد عن مدينة آشور القديمة حوالي 70 كيلومتراً. ظهرت مملكة الحضر في القرن الثالث الميلادي وحكمها أربعة ملوك استمر حكمهم قرابة المائة عام.
عرفت مملكة الحضر (مملكة عربايا) بهندستها المعمارية وفنونها وأسلحتها وصناعاتها، كانت هذه المدينة تجاري روما من حيث التقدم حيث وجد فيها حمامات ذات نظام تسخين متطور وأبراج مراقبة ومحكمة ونقوش منحوته وفسيفساء وعملات معدنية وتماثيل كما ضربوا النقود على الطريقة اليونانية والرومانية وجمعوا ثروات عظيمة نتيجة لازدهارهم الاقتصادي.
وجدت كتابة على أحد المباني تقول:"سنطروق هو ملك العرب". وسنطروق يسمى في التاريخ العربي بالساطرون المشهور بقصة خيانة ابنته له. حاول الفرس والرومان غزوها مرارا حيث فشل الإمبراطور الروماني تراجان وكذلك الإمبراطور الروماني سيبتيموس سيفيروس سنة 199م بعد أن احتل كلاً من بابل وسلوقية وتيسفون لأن سكانها دافعوا عنها دفاعاً عنيداً, واستخدموا أقواساً مركبة ترمي سهمين مرة واحدة وقتلوا بها بعضاً من الحرس الوطني الخاص بالإمبراطور. وهزمت جيش الإمبراطور الفارسي أردشير الأول الذي سيطر على منطقة الجزيرة كلها حتى سقطت بيد الفرس سنة 241م ودمرت تدميراً شديداً ومنع أهلها من حمل السلاح. وكانت تلك نهاية مملكة عربايا.
يجدر بالذكر إلى أن ممالك عربية كانت أيضا موجودة في منطقة الهلال الخصيب في نفس الفترة، أهمها: مملكة الأنباط - عاصمتها البتراء، ومملكة تدمر - عاصمتها تدمر، ودولة المناذرة - عاصمتها الحيرة، ودولة الغساسنة - عاصمتها الجابية.
مدينة الحضر التاريخية
ومدينة الحضر مستديرة تقريباً، قطرها حوالي الكيلومترين يحيط بها خندق عميق محكم الجانب كما يحيطها سور مدعم بـ 163 برجاً، ويتكون هذا السور من جدارين عرض كل منهما 3 م و 2.5 م وبينهما مسافة 12 م عند البوابة الشمالية. كما وجد خط ترابي يلف بالمدينة من جميع الجهات على بعد نصف كيلومتر خارج السور ولا يعرف إن كان سوراً خارجياً أم أنه حلقة أحكم بها العدو حصاره للمدينة، وتقع على أطرافها عدد من القلاع. و قد تميزت المدينة بموقع يحتل أهمية تجارية وعسكرية، فضلاً عن وفرة مياهها العذبة وأراضيها الخصبة.[1]
شعار المدينة هو الصقر, وهو يمثل قوة وهيبة المدينة التي يحكمها آل نصر الأقوياء. اشتهرت الحضر في زمن جذيمة الوضاح الأبرش والذي اغتالته الزباء ملكة تدمر. وكان سكان الحضر وثنيون يعبدون آلهه منها اللات وشمش "الشمس" ثم تحولوا إلى الديانة المسيحية وغدت دولتهم دولة دينية تحكم بحكم ديمقراطي حيث يحق للكل إبداء رأيه.
ملوك الحضر
حكم مملكة الحضر أربعة ملوك على مدى 84 عاماً [2] والملوك هم:
- الملك ولجش (158- 165 م)
- الملك سنطروق الأول (165- 190 م) وهو أخو الملك ولجش. ولقب ب"ملك العرب" بحسب ما أوضحت النقوش القديمة في مباني الحضر.[3]
- الملك عبدسميا (190- 200 م) وهو ابن سنطروق الأول.
- الملك سنطروق الثاني (200-241 م) وهو ابن عبد سميا.
سكان الحضر
كان جل سكان الحضر من القبائل العربية، بينما كانت توجد بينهم أعداد من الآراميين الذين كان لهم تأثير في اللغة والكتابة والمعتقد. كانت مدينة الحضر واقعة على الطريق الرابط بين عاصمتي السلوقيين سلوقية وأنطاكية.[4]
ديانة المملكة
كان سكان الحضر وثنيين يعبدون آلهة عدة منها اللات وشمش "الشمس" قد أطلق الحضريون كلمة (شمش) ليعنوا بها الحقيقة المطلقة، ونعتوا الشمس بالإله الأكبر وقد تخيلوه على هيئة كهل عاقل كما توضح رسومهم على أقواس واسكفات في المعبد الكبير.[5].
وقد اختلف حول اسم الإله شمش وجاء بعدة مسميات عند العرب قبل الإسلام، فهو من الآلهة التي عبدتها العرب منذ القدم في شمال شبه الجزيرة وجنوبها. وقيل إنها كانت إلهاً ذكراً عند العرب. أما بعل سمين أو "بعل شمين" فهو آلهة شبيهة عند عرب الجنوب وهو رب السماء عند العرب الجنوبيين الذين اخذوا عبادته من العرب الشماليين.[6]
انظر أيضاً
المراجع
- الشاوي – ناصر عبد الواحد. طراز العمارة العربية في العراق في عهد الاحتلال الأجنبي 539 ق.م- 637 م – مجلة المورد، العدد الثاني، المجلد الخامس والثلاثون – 2008، ص25.
- الشمس – ماجد عبد الله / الحضر العاصمة العربية – بغداد 1988 – ص51
- بورتر، أمل – الحضر – مجلة اتجاهات – العدد الرابع 1/ 4/ 2008 – بغداد
- هنري.س. عبودي / معجم الحضارات السامية – جروس برس – 1991 – ص 375
- الشمس – ماجد عبد الله/ الإله والإنسان وأسرار جنائن بابل – دار علاء الدين – دمشق 2007 – ص 44.
- احمد محمد عبيد / معجم أصنام العرب – الخليج للصحافة والطباعة والنشر – الشارقة 2000 – ص 27، 51