نظريّة هيب نظريّةٌ في العلوم العصبيّة، تطرحُ تفسيراً للتكيُّف والتلاؤم الذي تبديه العصبونات في الدماغ خلال عمليّة التعلُّم. تصف النظريّة آليةً أساسيّة للدونة المشبكيّة؛ حيث تنشأ زيادة الكفاءة المشبكيّة من التحفيز المستمر والمتكرر للخليّة قبل المشبكيّة. يُطلَق على النظريّة أيضاً اسم قانون هيب (الإنجليزيّة: Hebb's rule) ومُسلَّمة هيب (الإنجليزيّة: Hebb's postulate) ونظريّة التجمُّع الخلويّ (الإنجليزيّة: cell assembly theory). وقد قدَّم دونالد هيب هذه النظريّة عام 1949 في كتابه تنظيم السلوك(الإنجليزيّة: The Organization of Behavior)؛[1] إذ قال هيب الآتي:
لنفترض أنه هناك نشاط متعاكس مستمر ومتكرر يحث متغيرات خلوية التي تدعم استقرارها .... وعندما يكون محور عصبي من خلية "أ" قريب كفاية لخلية "ب" بحيث يثيرها بشكل متكرر و مستمر، فإن عملية النمو أو التمثيل الغذائي تتغير في الخليتن بحيث تزيد الكفاءة في الخليتين.[1]
تُلخَّص النظرية عادةً بعبارة بأن "الخلايا التي تقدح معاً ترتبط معاً".[2] بالطبع لا ينبغي أن يُؤخذ هذا الإيجاز بشكله حرفيّ. أكدهيب أن الخلية A تحتاج إلى "المشاركة في قدح" الخلية B وتحدث هذه العلاقة السببية فقط إذا كانت الخلية A تقدح قبل الخلية B، وليس في حالة انقدحهما معاً. وقد ألمح هذا الجانب الهام من السببية في عمل هيب بما هو معروفٌ الآن باللدونة المعتمدة على التوقيت، والتي تتطلب أسبقيّة مؤقتة.[3]
تحاول النظرية شرح التعلم الترابطيّ أو التعلُّم الهبيّ، والذي يؤدي التنشيط التحفيزيّ للخلايا فيه إلى زيادة واضحة في القوة المشبكيّة بين هذه الخلايا. كما توفّر النظريّة أساساً بيولوجياً لطرائق التعلُّم الخالية من الأخطاء وإعادة تأهيل الذاكرة. في دراسة الشبكات العصبيّة في الوظيفة المعرفيّة، غالباً ما يُعتبر أساساً عصبونيّاً للتعلُّم غير الخاضع للإشراف.
التسمية
أول من ذكر علاقة التعلم بالمطاوعة المشبكية كان دونالد هيب في عام 1949 حين كتب: "لنفترض أنه هناك نشاط متعاكس مستمر ومتكرر يحث متغيرات خلوية التي تدعم استقرارها .... وعندما يكون محور عصبي من خلية "أ" قريب كفاية لخلية "ب" بحيث يثيرها بشكل متكرر ومستمر، فإن عملية النمو أو التمثيل الغذائي تتغير في الخليتن بحيث تزيد الكفاءة في الخليتين". لذلك سميت النظرية بإسمه (Hebbian theory) كما تسمى أيضا "قانون هيب"، أو "مسلمة هيب"، أو "نظرية تجميع الخلية".
المبدأ
من وجهة نظر الخلايا العصبية الاصطناعية والشبكات العصبية الاصطناعية، يمكن وصف مبدأ هيب كوسيلة من وسائل تحديد كيفية تغيير الأوزان بين الخلايا العصبية النموذجية. فالوزن بين اثنين من الخلايا العصبية يزيد إذا تم تنشيط الخلايا العصبية في وقت واحد وتقل نشطتا بشكل منفصل. فالعقد التي تميل إلى أن تكون إما إيجابية أو سلبية على حد سواء في الوقت نفسه لها أوزان إيجابية قوية، في حين تلك التي تميل إلى أن تكون لها أوزان متعاكسة فتصبح سلبية بشكل قوي.
على سبيل المثال، سمعنا كلمة "نوكيا" لسنوات عديدة، ولا تزال نسمعها. كما نسمع نوكيا والهواتف المحمولة. أي أن كلمة 'نوكيا' ارتبطت مع مصطلح 'هاتف محمول' في أذهاننا. في كل مرة نرى هاتف نوكيا، نعزز الرابة بين الكلمتين "نوكيا" و"الهاتف" في أذهاننا. فتصبح العلاقة بين "نوكيا" و"الهاتف المحمول" قوية جدا، بحيث إذا كان شخص ما حاول يقول أن نوكيا هو تصنع السيارات والشاحنات، فإنه يبدو لنا غريبا.
وفيما يلي صيغة وصفية للتعلم هيب: (لاحظ أن أوصاف أخرى كثيرة ممكنة)
حيث يكون هو وزن الرابط بين عصبون بالعصبون و هو المدخل لعصبون . في شبكة هوبفلد، تحدد مشبكية بصفر في حالة (لا يسمح بالاتصالات الانعكاسية).
مع الخلايا العصبية الثنائية (تنشيط إما 0 أو 1)، يتم تحديد الاتصالات ب_ 1 إذا كان للخلايا العصبية تفعيل بنفس النمط.
التعميم والاستقرار
تُعمَّم قاعدة هيب وفق الآتي
أو التغيير في الوزن المشبكيّ من الرتبة مُساوٍ لمعدَّل تعلُّم مضروباً بالمدخول من الرتبة مضروباً بالاستجابة بعد المشبكيّة . وغالباً ما يُورَد هذا القانون في حالة خلايا عصبيّة متسلسلة،
ويتطلَّب تبسيط القسم السابق أن يكون كلٌ من معدّل التعلُّم وأوزان المُدخلات 1. يُعتبر هذا الشكل من القاعدة شكلاً غير مستقرّ، كما هو الحال في أي شبكة تحوي إشارة مهيمنة، حيث ستزداد الأوزان المشبكيّة أضعافاً مُضاعفةً. على أي حال، يمكن إثبات أنه بالنسبة إلى أي نموذج عصبونيّ، فإن قاعدة هيب غير مستقرّة.[4] وبناءاً على ذلك، تستخدم نماذج الشبكات العصبونيّة نظريات تعلُّم أُخرى كنظرية BCM أو نظريّة أوجا[5] أو خوارزمية هيب المُعمَّمة.
التعلّم الهيبيّ للاستثارة الداخليّة
تُبدي العصبونات لدونةً في استثارتها الداخليّة.
استثناءات
على الرغم من الاستخدام الشائع للنماذج الهيبيّة عند الحديث عن التقوية المشبكيّة طويلة الأمد، توجد بعض الاستثناءات لمبادئ هيب، إذ تُظهر بعض الأمثلة أن هناك جوانباً في نظرية هيب مُغرقة في التبسيط (أي تتناول الأمر ببساطة أكثر من اللازم). أحد أكثر هذه الاستثناءات توثيقاً يتعلَّق بكيفية عدم اقتصار حدوث التعديل المشبكيّ ببساطة بين العصبونين النشيطين A و B فقط، بل إنه يمتد أيضاً باتجاه العصبونات المجاورة أيضاً.[6] وهذا يعود إلى كيفية اعتماد التعديل الهيبيّ على انتقال الإشارة نحو الوراء (بشكل ارتجاعي) بغية تعديل العصبون قبل المشبكي.[7] يُشار إلى أوكسيد النتريك هو أكثر المركبات اكتشافاً قياماً بدور الناقل الارتجاعي في مثل هذه الحالات، والذي بسبب قدرته العالية على الذوبان والانتشار، فإنه يمارس تأثيرات على الخلايا العصبيّة القريبة.[8] يُعاكس هذا النمط من التعديل المشبكيّ المُنتشر المعروف باسم التعلم الحجميّ، النموذَجّ الهيبيّ التقليديّ.[9]
انظر أيضاً
مراجع
- Hebb, D.O. (1949). The Organization of Behavior. New York: Wiley & Sons.
- Siegrid Löwel, Göttingen University; The exact sentence is: "neurons wire together if they fire together" (Löwel, S. and Singer, W. (1992) Science 255 (published January 10, 1992) "Selection of Intrinsic Horizontal Connections in the Visual Cortex by Correlated Neuronal Activity". United States: American Association for the Advancement of Science. صفحات 209–212. ISSN 0036-8075. مؤرشف من الأصل في 15 ديسمبر 2019.
- Caporale N; Dan Y (2008). "Spike timing-dependent plasticity: a Hebbian learning rule". Annual Review of Neuroscience. 31: 25–46. doi:10.1146/annurev.neuro.31.060407.125639. PMID 18275283.
- Euliano, Neil R. (1999-12-21). "Neural and Adaptive Systems: Fundamentals Through Simulations" ( كتاب إلكتروني PDF ). Neural and Adaptive Systems: Fundamentals Through Simulations. Wiley. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 25 ديسمبر 201516 مارس 2016.
- Shouval, Harel (2005-01-03). "The Physics of the Brain". The Synaptic basis for Learning and Memory: A theoretical approach. The University of Texas Health Science Center at Houston. مؤرشف من الأصل في 10 يونيو 200714 نوفمبر 2007.
- Horgan, John (May 1994). "Neural eavesdropping". Scientific American. 270: 16. doi:10.1038/scientificamerican0594-16.
- Fitzsimonds, Reiko; Mu-Ming Poo (January 1998). "Retrograde Signaling in the Development and Modification of Synapses". Psychological Review. doi:10.1152/physrev.1998.78.1.143. مؤرشف من الأصل في 18 نوفمبر 2017.
- López, P; C.P. Araujo (2009). "A computational study of the diffuse neighbourhoods in biological and artificial neural networks" ( كتاب إلكتروني PDF ). International Joint Conference on Computational Intelligence. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 1 فبراير 2017.
- Mitchison, G; N. Swindale (October 1999). "Can Hebbian Volume Learning Explain Discontinuities in Cortical Maps?". Neural Computation. 11: 1519–1526. doi:10.1162/089976699300016115.
قراءات للاستزادة
- Hebb, D.O. (1961). "Distinctive features of learning in the higher animal". In J. F. Delafresnaye (Ed.) (المحرر). Brain Mechanisms and Learning. London: Oxford University Press.
- Hebb, D. O. (1940). "Human Behavior After Extensive Bilateral Removal from the Frontal Lobes". Archives of Neurology and Psychiatry. 44 (2): 421–438. doi:10.1001/archneurpsyc.1940.02280080181011.
- Bishop, C.M. (1995). Neural Networks for Pattern Recognition. Oxford: Oxford University Press. .
- Paulsen, O.; Sejnowski, T. J. (2000). "Natural patterns of activity and long-term synaptic plasticity". Current Opinion in Neurobiology. 10 (2): 172–179. doi:10.1016/S0959-4388(00)00076-3. PMC . PMID 10753798.
روابط خارجيّة
- مراجعة
- دورة عن التعلُّم الهيبيّ (الجزء الأول, الجزء الثاني)
علوم استعرافية | علوم عصبية حاسوبية | هندسة عصبية | تشريح عصبي | كيمياء عصبية | تصوير عصبي | لغويات عصبية | طب عصبي | فيزيولوجيا عصبية | علم النفس العصبي | علم الأدوية النفسي | علوم النظم العصبية |