الرئيسيةعريقبحث

أسلمة مصر


مسجد العطارين في الإسكندرية، كان في الأصل كنيسة مسيحية، وتم تحويلها إلى مسجد في عام 641.[1]

وقعت أسلمة مصر نتيجة الفتح الإسلامي لمصر بقيادة عمرو بن العاص، الحاكم العسكري لفلسطين. وخضع السكان الأصليون من الأقباط في مصر لتغيير تدريجي واسع النطاق من المسيحية القبطية إلى الإسلام. وكانت عملية الأسلمة هذه مصحوبة بموجة متزامنة من التعريب. أدت هذه العوامل إلى تحول المسلمين إلى أغلبية في مصر بين القرن العاشر والرابع عشر، مما أدى إلى التأقلم المصري مع الهوية العربية واستبدال لغاتهم القبطية واليونانية باللغة العربية باعتبارها اللغة المحلية الوحيدة.[2]

تعود الروابط الإسلامية إلى مصر القبطية قبل الفتح من قبل العرب. وفقاً للتقاليد الإسلامية، تزوج النبي محمد من قبطية وهي ماريا القبطية. في عام 641 م، تم غزو مصر من قبل العرب الذين واجهوا الجيش البيزنطي. وبدأت المقاومة المحلية من قبل المصريين تتجسد بعد ذلك بقليل واستمرت حتى القرن التاسع على الأقل.[3][4] فرض المسلمين ضريبة خاصة، عرفت بإسم الجزية، على المسيحيين الذين حصلوا على وضع الحماية كأهل الذمة، وكانت الضريبة مبررة على أسس الحماية لأن المسيحيين المحليين لم يُقوموا للخدمة في الجيش. غالبًا ما فضل الغزاة العرب عدم التعايش مع الأقباط الأصليين في مدنهم وإنشاء مستعمرات جديدة، مثل القاهرة. وكانت الضرائب الثقيلة في أوقات صعوبات الدولة سبباً وراء قيام المسيحيين الأقباط بتنظيم المقاومة ضد الحكام الجدد. تصاعدت هذه المقاومة ضد التمرد المسلح ضد العرب في عدد من الحالات، مثل ثورة الباشموريين في الدلتا، وفقاً للمؤرخ إيرام لابيدوس، فإن سحق التمرد أعقبه "اليأس" بين الأقباط وبدأنت موجة ثانية من الاضطهاد الكبير.[5][6] ولقد استمرت التمردات طوال القرن الثامن الميلادي وغالباً ما شارك فيها الأقباط، وكانت حكومة الخلافة تقابل تلك الثورات بالقوة. في ثلاثينيات القرن نفسه، بدأ الأقباط يفقدون كونهم الأغلبية السكانية في مصر، وتمت أسلمة وتعريب العديد من المناطق القروية،[7] وفي فترة حكم أحمد بن طولون، تم إنهاء اضطهاد الأقباط والسماح بتجديد الكنائس.[8][9]

نادراً ما استخدم العرب في القرن السابع المصطلح المصري، واستخدموا بدلاً من ذلك مصطلح القبطي، لوصف شعب مصر. وهكذا أصبح المصريون يعرفون باسم الأقباط، وأصبحت الكنيسة غير الخلقيدونية تعرف بإسم الكنيسة القبطية. ظلت الكنيسة الخليدونية معروفة بالكنيسة الملكانية. في لغتهم الأم، أشار المصريون لأنفسهم بإسم (بالقبطية: ⲛⲓⲣⲉⲙⲛ̀ⲭⲏⲙⲓ) أي "شعب مصر". وظلت الحياة الدينية دون عائق في أعقاب السيطرة الإسلامية، كدليل على الإنتاج الغني للفنون القبطية في المراكز الرهبانية في القاهرة القديمة مثل الفسطاط وفي جميع أنحاء مصر. ومع ذلك، ساءت الأحوال بعد ذلك بفترة وجيزة، وفي القرنين الثامن والتاسع وخلال فترة المقاومة الوطنية ضد العرب، منع الحكام المسلمون استخدام الأشكال البشرية في الفن مستغلين نزاع تحطيم الأيقونات في بيزنطة. وبالتالي دمرت العديد من اللوحات الجدارية والأيقونات في الكنائس.[10]

كانت الفترة الفاطمية في مصر متسامحة باستثناء الاضطهادات العنيفة للخليفة الحاكم بأمر الله. استخدم الحكام الفاطميين الأقباط في الحكومة وشاركوا في الأعياد المصرية القبطية والمحلية. كما تم إجراء عمليات تجديد وتجديد كبرى للكنائس والأديرة. ازدهرت الفنون القبطية لتصل إلى آفاق جديدة في مصر الوسطى والعلوية.[11] لكن تغيَّر وضعُ اليهود والنصارى مع بداية فترة حكم الحاكم بأمر الله، ويُحتمل أن يكون ذلك بسبب ضغط المُسلمين بعامَّةً الذين ساءهم أن يتقرَّب الخُلفاء من غير المُسلمين ويُعينوهم في المناصب العُليا وفقاً للمؤرخ عزيز عطية،[12] وأصدر الحاكم أمرًا ألزم أهل الذمَّة بلبس الغيار، وبوضع زنانير مُلوَّنة مُعظمها أسود، حول أوساطهم، ولبس العمائم السود على رؤوسهم، وتلفيعات سوداء،[13] وتشير مصادر مختلفة أن اضطهاد الأقباط قد انتقل إلى أقصى حد في عهد الحاكم بأمر الله مع هدم الكنائس والتسارع في التحويل القسري إلى الإسلام.[14][15][16][17][18] وبلغ اضطهاد المسيحيين المصريين بلغ ذروته في أوائل العصر المملوكي في أعقاب الحروب الصليبية. وتم الإبلاغ عن العديد من التحويلات القسرية للمسيحيين. حيث حدث التراجع النسبي للأقباط في مصر خلال حقبة المماليك البحرية وتسارع بشكل أكبر في ظل الدولة المملوكية.[19] وكانت هناك عدة حالات احتجاجات للمسلمين المصريين ضد ثروة المسيحيين الأقباط وعملهم في الدولة، وأحرقت دور عبادة كل طرف من قبل الآخر في أوقات التوترات بين الطوائف.[20] ونتيجة للضغط الشعبي، تم إيقاف عمل الأقباط في البيروقراطية على الأقل تسع مرات بين أواخر القرن الثالث عشر ومنتصف القرن الخامس عشر، وفي عام 1301، أمرت الدولة بإغلاق جميع الكنائس.[20] وكان البيروقراطيون الأقباط يُعادون في كثير من الأحيان إلى مناصبهم بعد انتهاء فترة التوتر الطائفي.[21] وفقا للباحثة الأمريكية كريستين ستيلت، خلال تلك الحقبة عندما كان بعض الأقباط يمنعون من العمل ككتاب تظاهروا باعتناق الإسلام، إلا أنه كان من الشائع حينها وصف هذه التحولات بأنها تظاهر بالتحول لتجنب الإجراءات الرسمية ضدهم الخاصة بالملابس والتوظيف والسلوك".[21] ووفقا لستيلت، فقد كان من أسباب التحولات الدينية للأقباط هو تحول الطبقة الغنية من الأقباط -والذين عملوا لدى السلطان- إلى الإسلام، مما أدى لتوقفهم عن مساعدة الفقراء من الأقباط على دفع الجزية وأدى ذلك لزيادة تحول الفقراء من الأقباط للإسلام، ووفقا لستيلت، فقد تمكن عدد من الأقباط من الحفاظ على وظائفهم دون التحول للإسلام.[21] في القرن الرابع عشر تسارعت عمليات تحولات الأقباط إلى الإسلام خوفاً من الاضطهادات وفقاً لمصادر مختلفة،[20][22][23] وبحلول نهاية الحقبة المملوكية، ارتفعت نسبة المسلمين بالمقارنة مع المسيحيين إلى 10: 1.[20]

مراجع

  1. "The Attarine Mosque in Alexandria, Egypt". www.touregypt.net (باللغة الروسية). مؤرشف من الأصل في 19 يوليو 201808 أبريل 2018.
  2. Clive Holes, Modern Arabic: structures, functions, and varieties, Georgetown University Press, 2004, (ردمك ), M1 Google Print, p. 29. نسخة محفوظة 16 فبراير 2017 على موقع واي باك مشين.
  3. Mawaiz wa al-'i'tibar bi dhikr al-khitat wa al-'athar (2 vols., Bulaq, 1854), by تقي الدين المقريزي
  4. Chronicles, by يوحنا النقيوسي
  5. Goddard, Hugh (2000). A History of Christian-Muslim Relations. Rowman & Littlefield. صفحة 71.  . مؤرشف من الأصل في 16 ديسمبر 201920 يناير 2016.
  6. I.M. Lapidus, "The Conversion of Egypt to Islam" in Israel Oriental Studies, 2 (1972), p.257
  7. Brett 2010، صفحات 550–556.
  8. Gil 1997، صفحة 308.
  9. Bianquis 1998، صفحة 103.
  10. Kamil, p. 41
  11. Kamil, op cit.
  12. Aziz Atiya, Aziz (2009). History of Eastern Christianity. Indiana University.  . The Copts produced many famous physicians, scribes and writers, although their most prolific literary productivity seems to have been concentrated in the following Ayyubid period. In Fatimid times, however, the Copts been removed from higher postions due of the pressure of the general Muslim....
  13. المقريزي، تقيُّ الدين أحمد بن عليّ بن عبدُ القادر; تحقيق الدكتور جمالُ الدين الشيَّال (1416هـ - 1996م). اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء، الجزء الرَّابع (الطبعة الثانية). القاهرة - مصر: المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميَّة. صفحة 72.
  14. Schneider, Carolyn (2017). The Text of a Coptic Monastic Discourse On Love and Self-Control: Its Story from the Fourth Century to the Twenty-First. Liturgical Press.  . .In this period of al-Hakim's rule, conversion to Islam accelerated because of fear. ..
  15. Swanson, Mark N (2010). The Coptic Papacy in Islamic Egypt (641-1517). American Univ in Cairo Press.  . . By late 1012 the persecution had moved into high gear with demolitions of churches and the forced conversion. ..
  16. ha-Mizraḥit ha-Yiśreʼelit, Ḥevrah (1988). Asian and African Studies, Volume 22. Jerusalem Academic Press. . Muslim historians note the destruction of dozens of churches and the forced conversion of dozens of people to Islam under under al-Hakim bi-Amr Allah in Egypt ...These events also reflect the Muslim attitude toward forced conversion and toward converts..
  17. Skutsch, Carl (2013). Encyclopedia of the World's Minorities. Routledge.  . .Some of the most horrendous periods of persecution came from the hands of Caliph al-Hakim bi-Amr Allah . But by that time Arabization and forced conversion to Islam were well underway and clearly visible....
  18. Lyster, William (2008). The Cave Church of Paul the Hermit at the Monastery of St. Paul, Egypt. Yale University Press.  . . Al Hakim Bi-Amr Allah (r. 996—1021), however, who became the greatest persecutor of Copts.... within the church that also appears to coincide with a period of forced rapid conversion to Islam ...
  19. Teule 2013, p. 10.
  20. Britannica, p. 116.
  21. Stilt, p. 121.
  22. Thomas Philipp & Ulrich Haarmann. The Mamluks in Egyptian Politics and Society.
  23. Palmira Johnson Brummett, "Ottoman seapower and Levantine diplomacy in the age of discovery", SUNY Press, 1994, (ردمك )

انظر أيضاً

موسوعات ذات صلة :