الحرب الأهلية الإنجليزية (1642-1651) هي سلسلة من الحروب الأهلية والمكائد السياسية دارت بين البرلمانيين (مدوري الرؤوس) والملكيين (الفرسان) بشأن حكم إنجلترا. حرّضت الحربان الأولى (1642-1646) والثانية (1648-1649) أنصار الملك تشارلز الأول ضد أنصار البرلمان الطويل، بينما شهدت الحرب الثالثة (1649-1651) قتالاً بين أنصار الملك تشارلز الثاني وأنصار البرلمان المتبقي. انتهت الحرب بانتصار البرلمانيين في معركة ورسيستر في الثالث من شهر سبتمبر عام 1651.
الحرب الأهلية الإنجليزية | |||||||
---|---|---|---|---|---|---|---|
جزء من حروب الممالك الثلاث | |||||||
انتصار نموذج الجيش البرلماني الجديد تحت إمرة السير توماس فيرفاكس وأوليفر كرومويل على الجيش الملكي بقيادة الأمير روبرت في معركة ناسبي (14 يونيو 1645) مشكلا نقطة تحول حاسمة في الحرب الأهلية الإنجليزية.
| |||||||
معلومات عامة | |||||||
| |||||||
المتحاربون | |||||||
الملكيون | البرلمانيون |
أدت الحرب إلى ثلاث نتائج: محاكمة وإعدام الملك تشارلز الأول (1649)، نفي نجله تشارلز الثاني (1651) واستبدال الملكية الإنجليزية بكومنولث إنجلترا أولاً (1649-1653) ثم بالمحمية تحت حكم أوليفر كرومويل (1653-1658) وابنه ريتشارد لفترة قصيرة (1658-1659). في إنجلترا، انتهى احتكار كنيسة إنجلترا للديانة المسيحية في البلاد، بينما اتحد المنتصرون في آيرلندا وخلقوا ما عُرف بالهيمنة البروتستانتية. أما دستورياً، خلقت الحرب سابقةً تاريخية، فلم يعد بإمكان الملك حكم البلاد بدون موافقة البرلمان، على الرغم من أن فكرة السيادة البرلمانية لم تُخلق بشكل قانوني حتى الثورة المجيدة عام 1688.[1]
اصطلاح
يظهر المصطلح «الحرب الأهلية الإنجليزية» في أكثر الأحيان بشكل فردي، أي باعتبارها حرباً واحدة، لكن المؤرخين يقسمون الصراع إلى حربين أو 3 حروب منفصلة. لم تقتصر تلك الحروب على إنجلترا، فكانت ويلز أيضاً جزءاً من مملكة إنجلترا وتأثرت بتلك الحروب. شملت تلك النزاعات الأهلية حروباً مع اسكتلندا وآيرلندا، بل حروباً أهلية ضمن هذين البلدين.
تُعرف الحروب التي دارت في البلدان الثلاثة بحروب الممالك الثلاث. في أوائل القرن التاسع عشر، أشار السير والتر سكوت إلى تلك الحروب بـ «الحرب الأهلية العظمى».[2]
على عكس الحروب الأهلية الأخرى في إنجلترا، والتي دارت حول أحقية شخصٍ ما بالحكم، تمحورت الحروب الأهلية في الممالك الثلاث (إنجلترا، اسكتلندا، آيرلندا) حول الطريقة التي تُحكم من خلالها تلك الممالك. أطلقت موسوعة بريتانيكا عام 1911 مصطلح «التمرد الأعظم»[3] على سلسلة النزاعات تلك، بينما يفضل بعض المؤرخين –أبرزهم ماركسيون مثل كريستوفر هيل (1912-2003) –مصطلح «الثورة الإنجليزية».[4]
جغرافيا
امتلك كلّ طرفٍ من الطرفين المتنازعين معاقلاً جغرافية، وذلك إما عن طريق ترهيب الأقليات وإسكاتها أو إجبارها على الهرب. سيطر الملكيون على الريف والمقاطعات ومدينة أكسفورد والمناطق الأخرى ذات النمو الاقتصادي الأقل في شمال وغرب إنجلترا. في المقابل، سيطر البرلمانيون على المراكز الصناعية والمرافئ والأقاليم المتطورة اقتصادياً في جنوب وشرق إنجلترا، وشملت مناطق سيطرتهم عدداً من المدن الكاتدرائية (ما عدا يورك وتشيستر وورسيستر). يقول ليسي بالدوين سميث «بدا أن كلمات مثل مأهول وغني ومتمرد ارتبطت مع بعضها».[5][6]
خلفية تاريخية
حكم الملك
اندلعت الحرب الأهلية الإنجليزية عام 1642، أي خلال أقل من 40 سنة عقب وفاة الملكة إليزابيث الأولى. عند وفاة إليزابيث، خلفها ابن عمها ملك اسكتلندا جيمس السادس، وأصبح يُعرف باسم جيمس الأول ملك إنجلترا، وأوجد الملك بذلك أول اتحاد بين المملكتين الإنجليزية والاسكتلندية. اعتاد جيمس، بصفته ملكاً على الاسكتلنديين، ضعفَ البرلمان منذ تسلمه السلطة وفرض سيطرته على الحكومة الاسكتلندية عام 1583، وعندما استلم حكم إنجلترا، واجه الملك الجديد قيوداً مذلة من البرلمان الإنجليزي، الذي حاول فرض تلك القيود على الملك مقابل المال. على الرغم من ذلك، أدى إسراف الملك جيمس الشخصي إلى كونه مفلساً معظم الأوقات، واضطر إلى اللجوء للبرلمان باعتباره مصدراً إضافياً للمال.
على الرغم من إسرافه، كان عهد جيمس هادئاً ومسالماً، وعند تولي ابنه تشارلز الأول العرش عام 1625، شهدت المملكتان فترة من السلام النسبي، سواء على المستوى الداخلي أو على مستوى علاقتهما مع بعضهما. حذى تشارلز حذو والده وأمل بتوحيد ممالك إنجلترا واسكتلندا وآيرلندا وتكوين مملكة واحدة.[7] شكك الكثير من البرلمانيين الإنجليز في هذه الخطوة، وتخوفوا من ظهور مملكة واحدة مدعين أنها ستدمر التقاليد الإنجليزية القديمة التي حدّدت الملكية الإنجليزية. وبما أن تشارلز ورث العرش عن أبيه –الذي وصف الملوك على أنهم «الآلهة الصغرى على الأرض»، وأن الله اختارهم للحكم بما يتوافق مع شريعة حق الملوك الإلهي –لذا تُعتبر شكوك البرلمانيين مُبررة بعض الشيء.[8]
البرلمان في الإطار الدستوري الإنجليزي
في تلك الفترة، لم يكن لبرلمان إنجلترا دورٌ دائم وكبير في نظام الحكم الإنجليزي، وبدلاً من ذلك، عمل البرلمان بصفته لجنةً استشارية مؤقتة ويُستدعى فقط عندما يرغب الملك بذلك. وعندما يُستدعى البرلمان، يظل وجوده مرهوناً برغبة الملك، باعتبار البرلمان خاضعاً للحل من طرف الملك متى يشاء.
على الرغم من هذا الدور المحدود للبرلمان، استطاع الأخير، على مر القرون، تحصيل قوّة ملحوظة بحكم الأمر الواقع، وكانت لتلك القوة حضورٌ لم يستطع الملوك تجاهله بكلّ بساطة. بالنسبة للملك، تمثلت قوة البرلمان بقدرته على رفع عائدات الضرائب بشكل يفوق أي مصدرٍ للإيرادات تحت تصرّف الملك. بحلول القرن السابع عشر، نبعت قوة البرلمان –المتمثلة برفع الضرائب –من كون النبلاء الطبقة الوحيدة التي تملك القدرة والسلطة على جمع وإرسال أجود أشكال الضرائب المتاحة على المستوى المحلي في تلك الفترة. فإذا أراد الملك جمع العائدات بطريقة سلسلة، فهو بحاجة إلى تعاون طبقة النبلاء معه. أما مصادر العرش الملكي القانونية، فكانت محدودة حتى بالمعايير الحديثة، فإذا رفضَ النبلاء مثلاً تجميع ضرائب الملك على مستوى البلاد، سيفقد الملك كل السبل والطرق العملية التي تلزمهم بذلك.
منذ القرن الثالث عشر، أمر الملوك بانتخاب نواب لمجلس العموم، وكان أكثر النواب حصولاً على الأصوات هم أصحاب الممتلكات، لكن باستطاعة كل ذكرٍ معيلٍ لأسرة الاقتراع في بعض الأقاليم الانتخابية. عندما جُمع المجلس مع مجلس اللوردات، شكّل النواب المُنتخبون برلماناً. يسمح مبدأ البرلمان إذاً للنواب من طبقة مُلّاك العقارات بالالتقاء، بشكل أولي ومن وجهة نظر الملك على الأقل، والموافقة على أي ضريبة يرغب الملك بجباية عائداتها. وأثناء تلك اللقاءات، بإمكان النواب مناقشة أو تصديق القرارات والتشريعات. في المقابل، افتقد البرلمان إلى السلطة التي تُرغم الملك على الامتثال لرغبة البرلمان، وكانت سلطته الوحيدة هي التلويح والتهديد بتقييد السبل المالية التي تتطلبها مخططات الملك أو حجزها.[9]
الحرب الأهلية الأولى
اندلعت الحرب الأهلية الأولى (1642-1646) بين أنصار الملك تشارلز الأول من جهة وجيش البرلمانيين والاسكتلنديين (حلفائهم الجدد) من جهة أخرى. في نفس السنة 1645 م منيت القوات الملكية بهزيمة في نيزبي. وجد تشارلز نفسه معزولا فقام في العام التالي (1646 م) بتسليم نفسه للاسكتلنديين، والذي سلموه بدورهم إلى البرلمانيين.
الحرب الأهلية الثانية
استطاع تشارلز الأول الفرار سنة 1647 م، لتندلع الحرب الأهلية الثانية، كان الملك قد أقام تحالفا جديدا مع الاسكتلنديين، في مقابل إعطائهم بعض الحريات الدينية، إلا أن قائد الثوار أوليفر كرومويل استطاع أن يحسم الموقف بصورة نهائية هذه المرة عام 1648 م. قام الأخير بعقد جلسة خاصة للبرلمان، بعد أن تم انتقاء أعضائه من بين أنصار الثوريين، أصدر حكم بإعدام الملك، لتضرب عنقه في وايتهل، بالقرب من وستمنستر عام 1649م.
كومنولث إنجلترا
أسس أوليفر كرومويل (1599 – 1658 م) في شهر أيار من العام 1653 كومنولث إنجلترا الحر وترأسه، وما لبث أن هزم الملكيين الثائرين والقوات الإيرلندية. بعد ذلك تم تعيين كرومويل في كانون الأول عام 1653 م حامياً للوردية الإنكليزية والاسكوتلندية والأيرلندية[10]
مقالات ذات صلة
مراجع
- EB staff 2016a.
- Walter Scott, Waverley; or, 'Tis Sixty Years Since (1814), Chap. 2.
- Chisholm 1911.
- Hill 1972، for example.
- Smith 1983، صفحة 251.
- Hughes 1985، صفحات 236–63.
- Croft 2003، صفحة 63.
- McClelland 1996، صفحة 224.
- Johnston 1901، صفحات 83–86.
- R3R2نسخة محفوظة 06 يونيو 2008 على موقع واي باك مشين.