يقصد بمصطلح درجة حرارة السطح بأنه درجة حرارة أي جسم مادي يقع على السطح، والذي عادة ما ينسب إلى مستوى سطح البحر. وعند قياس درجة حرارة الماء على سطح المحيطات، فإن درجة حرارة السطح تخصص باسم درجة حرارة سطح البحر، والتي يرمز لها SST (وذلك من Sea surface temperature).
القياس
هناك عدة وسائل لقياس درجة حرارة السطح، والتي يمكن أن تتفاوت نتائجها حسب طريقة القياس، وحسب ظروف أخذ العينات. على سبيل المثال، فإن مسح درجة الحرارة في النهار يعطي نتائج مختلفة عن الليل، وذلك لتأثير أشعة الشمس في تسخين الطبقة السطحية من الماء، بالتالي يكون الانحدار الحراري كبيراً.[1] على العموم، فإن قياسات درجة حرارة سطح مياه البحار تقتصر على الطبقات العليا، والتي تعرف باسم الطبقة القريبة من السطح.[2]
تتم عملية القياس إما باستخدام ميزان الحرارة أو المسح باستخدام أقمار الأرصاد الجوية.
الفضاء الخارجي
يمكن أن يشير مصطلح درجة حرارة السطح إلى درجة الحرارة السائدة في الأجرام السماوية في الفضاء الخارجي كالكواكب والنجوم وغيرها. وغالباً ما يعرف ذلك باستخدام المقاريب المزودة بمكاشيف الأشعة تحت الحمراء.
موازين الحرارة
كانت «درجة حرارة سطح البحر» (إس إس تي) واحدة من أوائل المتغيرات التي قيست في علم المحيطات. علّق «بنجامين فرانكلين» مقياس حرارة زئبقي على جانب سفينة أثناء سفره بين الولايات المتحدة وأوروبا وهو يجري دراسة استسقائية لتيار الخليج في أواخر القرن الثامن عشر. قيست إس إس تي لاحقًا عن طريق غمس مقياس حرارة في دلو من الماء سُحب يدويًا من سطح البحر. صُممت أول تقنية آلية لتحديد درجة حرارة سطح البحر عن طريق قياس درجة حرارة الماء في منفذ السحب الخاص بالسفن الكبيرة، وذلك بحلول عام 1963. تتمتع هذه القياسات بانحياز لارتفاع الحرارة بنحو 0.6 درجة مئوية (1 درجة فهرنهايت) بسبب حرارة غرفة المحرك. أدى هذا الانحياز إلى تغيرات في مفهومنا حول الاحتباس الحراري منذ عام 2000. تقيس عوامات الطقس الثابتة درجة حرارة الماء على عمق 3 أمتار (9.8 قدم). عانت قياسات إس إس تي من تناقضات على مدى السنوات الـ 130 الماضية بسبب طريقة إجرائها. في القرن التاسع عشر، أُجريت القياسات في دلو من الماء المجموع من على متن السفن. ومع ذلك، كان هناك اختلاف طفيف في درجة الحرارة بسبب الاختلافات بين أنواع الدلاء. جُمعت العينات إما في دلو خشبي أو دلو غير معزول، لكن دلو الخيش برد بمعدل أسرع من الدلو الخشبي. كان التغير المفاجئ في درجة الحرارة بين عامي 1940 و1941 نتيجة لتغيير غير مُوثق في الإجراءات. جُمعت العينات بالقرب من مدخل المحرك لأنه كان من الخطير جدًا استخدام الأضواء لإجراء قياسات على جانب السفينة ليلًا. توجد العديد من عوامات الانجراف المختلفة حول العالم والتي تختلف في تصميمها، ومواقع أجهزة استشعار درجة الحرارة الموثوقة. تُرسل هذه القياسات للأقمار الصناعية لتوزيع البيانات بشكل آلي وفوري. يجري صيانة شبكة كبيرة من العوامات الساحلية في مياه الولايات المتحدة من قِبل «المركز الوطني لبيانات العوامات» (إن دي بي سي). بين عامي 1985 و1994، نُشرت مجموعة واسعة من عوامات الإرساء والانجراف عبر المحيط الهادئ الاستوائي بهدف المساعدة في رصد «ظاهرة النينيو» والتنبؤ بها.[3][4][5][6][7]
أقمار الطقس الصناعية
استُخدمت أقمار الطقس الصناعية لتحديد معلومات إس إس تي منذ عام 1967، وأُنشئت أول مجموعة عالمية من الأقمار الصناعية خلال عام 1970. منذ عام 1982، استُخدمت الأقمار الصناعية على نحو متزايد لقياس إس إس تي وسمحت بدراسة تغيراتها المكانية والزمانية على نحو كامل. تتفق قياسات الأقمار الصناعية لإس إس تي بشكل معقول مع قياسات درجة الحرارة في الموقع. تُجرى قياسات الأقمار الصناعية من خلال استشعار إشعاع المحيط بطول موجي واحد أو اثنين ضمن جزء الاشعة تحت الحمراء من الطيف الكهرومغناطيسي أو أجزاء أخرى من الطيف التي يمكن ربطها تجريبيًا بإس إس تي. اختيرت هذه الأطوال الموجية لأنها:[8][9]
- ضمن ذروة «إشعاع الجسم الأسود» المتوقع من الأرض، [10]
- وهي قادرة على النفاذ بشكل جيد عبر الغلاف الجوي[11]
توفر إس إس تي المُقاسة بالأقمار الصناعية رؤية إجمالية للمحيط وارتفاع وتيرة عمليات الرصد المتكررة، ما يسمح بفحص ديناميكيات المحيط العلوي ذي الحوض الواسع، وهو أمر لا يمكن تحقيقه باستخدام السفن أو العوامات. تقوم أقمار «مقياس الإشعاع الطيفي للتصوير بجودة معتدلة» (إم إوه دي آي إس) التابعة لناسا (الإدارة الوطنية للطيران والفضاء)، المُستخدمة لقياس درجة حرارة سطح البحر، بتوفير بيانات إس إس تي العالمية منذ عام 2000، وهي متاحة بتأخير لمدة يوم واحد. تُعتبر أقمار «المدار الجغرافي الثابت» الأرضية (جي أوه إي إي) الخاصة بالإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (إن أوه إيه إيه) أقمارًا صناعية ذات مدار جغرافي ثابت فوق نصف الكرة الغربي والتي تسمح للإدارة بتقديم بيانات إس إس تي على مدار الساعة مع ساعات قليلة فقط من التأخير.[12][13]
التغيرات المحلية
تمتلك إس إس تي دورة نهارية، تمامًا مثل الغلاف الجوي للأرض، لكن بدرجة أقل بسبب ارتفاع حرارتها النوعية. في الأيام الهادئة، يمكن أن تتراوح درجة الحرارة بمقدار 6 درجات مئوية (10 فهرنهايت). تتخلف درجة حرارة المحيطات في الأعماق عن درجة حرارة الغلاف الجوي بمقدار 15 يومًا لكل 10 أمتار (33 قدمًا)، ما يعني أنه بالنسبة لمواقع مثل «بحر آرال»، حيث تصل درجات الحرارة القريبة من قاعه إلى أقصى حد لها في ديسمبر وأدنى حد في مايو ويونيو. بالقرب من خط ساحل، تحرك الرياح البحرية المياه الدافئة بالقرب من سطح البحر، وتستبدلها بمياه أكثر برودة من الأسفل في عملية تُعرف باسم «نقل إيكمان». يزيد هذا النمط من العناصر الغذائية للحياة البحرية في المنطقة. تتدفق المياه العذبة في دلتا النهر، فوق مياه البحر الأكثر كثافة، ما يسمح لها بالسخونة بشكل أسرع بسبب الخلط العمودي المحدود. يمكن استخدام استشعار إس إس تي عن بُعد للكشف عن علامات درجة الحرارة السطحية نتيجة الأعاصير المدارية. بشكل عام، لوحظ تبريد إس إس تي بعد مرور الأعاصير بشكل رئيسي نتيجة عمق الطبقة المختلطة وفقدان الحرارة السطحية. في أعقاب تفشي غبار الصحراء الكبرى على مدى عدة أيام عبر المحيط الأطلسي الشمالي المجاور، انخفضت درجات حرارة سطح البحر من 0.2 درجة مئوية إلى 0.4 درجة مئوية (0.3 إلى 0.7 درجة فهرنهايت). تشمل المصادر الأخرى لتقلبات إس إس تي ذات المدى القصير الأعاصير غير المدارية، والتدفقات السريعة لمياه الأنهار العذبة الجليدية، وانتشار العوالق النباتية الكثيفة، بسبب الدورات الموسمية أو الجريان السطحي الزراعي للمياه.[14][15][16][17]
أهمية درجة حرارة سطح البحر لغلاف الأرض الجوي
تؤثر درجة حرارة سطح البحر على سلوك الغلاف الجوي للأرض أعلاه، لذلك يُعد تضمينها في نماذج الغلاف الجوي أمرًا مهمًا. على الرغم من أن درجة حرارة سطح البحر مهمة لتكوين الأعاصير المدارية، فهي مهمة أيضًا في تحديد تكوين الضباب البحري والنسيم البحري. يمكن للحرارة الناتجة عن المياه الدافئة السفلية أن تؤثر بشكل كبير على كتل الهواء على مسافات تتراوح بين 35 كيلومتر (22 ميل) و40 كيلومتر (25 ميل) على الأقل. على سبيل المثال، جنوب غرب الأعاصير غير المدارية في نصف الكرة الشمالي، التي هي تدفق إعصاري منحني ينشر الهواء البارد عبر مسطحات مائية دافئة نسبيًا ما قد يؤدي إلى تضييق نطاقات انتشار ثلج «تأثير البحيرة» (أو تأثير البحر). تجلب هذه النطاقات هطولًا موضعيًا قويًا، غالبًا على شكل ثلوج، لأن المسطحات المائية الكبيرة مثل البحيرات تخزن الحرارة بكفاءة ما يؤدي إلى اختلافات كبيرة في درجات الحرارة -أكبر من 13 درجة مئوية (23 درجة فهرنهايت)- بين سطح الماء والهواء أعلاه. بسبب هذا الاختلاف في درجة الحرارة، تُنقل الحرارة والرطوبة إلى الأعلى، ويتكثفان لتشكيل السحب الرأسية التي تنتج زخات ثلجية. يتأثر انخفاض درجة الحرارة مع الارتفاع وعمق السحب بشكل مباشر من قِبل درجة حرارة المياه والبيئة على نطاق واسع. كلما قلت درجة الحرارة مع الارتفاع بمعدل أقوى، يزداد ارتفاع السحب ويزداد معدل الهطل.[18][19][20]
المراجع
- Vittorio Barale (2010). Oceanography from Space: Revisited. Springer. صفحة 263. . مؤرشف من الأصل في 24 يناير 202009 يناير 2011.
- Alexander Soloviev, Roger Lukas (2006). The near-surface layer of the ocean: structure, dynamics and applications. シュプリンガー・ジャパン株式会社. صفحة xi. . مؤرشف من الأصل في 24 يناير 202010 فبراير 2011.
- William J. Emery; Richard E. Thomson (2001). Data analysis methods in physical oceanography. Eos Transactions. 80. Gulf Professional Publishing. صفحات 24–25. Bibcode:1999EOSTr..80..106J. doi:10.1029/99EO00074. . مؤرشف من الأصل في 08 مارس 2020.
- Michael Marshall (2010-11-16). "Ships and buoys made global warming look slower". New Scientist. مؤرشف من الأصل في 25 مايو 201529 يناير 2011.
- Burroughs, William James (2007). Climate change : a multidisciplinary approach (الطبعة 2.). Cambridge [u.a.]: Cambridge Univ. Press. . مؤرشف من في 8 مارس 2020.
- Vittorio Barale (2010). Oceanography from Space: Revisited. Springer. صفحات 237–238. . مؤرشف من الأصل في 3 أغسطس 2016.
- K. A. Browning; Robert J. Gurney (1999). Global energy and water cycles. مطبعة جامعة كامبريدج. صفحة 62. . مؤرشف من الأصل في 08 مارس 2020.
- National Research Council (U.S.). NII 2000 Steering Committee (1997). The unpredictable certainty: information infrastructure through 2000; white papers. National Academies. صفحة 2. مؤرشف من الأصل في 08 مارس 2020.
- W. J. Emery; D. J. Baldwin; Peter Schlüssel & R. W. Reynolds (2001-02-15). "Accuracy of in situ sea surface temperatures used to calibrate infrared satellite measurements" ( كتاب إلكتروني PDF ). Journal of Geophysical Research. 106 (C2): 2387. Bibcode:2001JGR...106.2387E. doi:10.1029/2000JC000246. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 21 يوليو 201109 يناير 2011.
- C. M. Kishtawal (2005-08-06). "Meteorological Satellites" ( كتاب إلكتروني PDF ). Satellite Remote Sensing and GIS Applications in Agricultural Meteorology: 73. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 15 فبراير 202027 يناير 2011.
- Robert Harwood (1971-09-16). "Mapping the Atmosphere From Space". New Scientist. 51 (769): 623.
- David E. Alexander; Rhodes Whitmore Fairbridge (1999). Encyclopedia of environmental science. Springer. صفحة 510. . مؤرشف من الأصل في 8 يوليو 2014.
- Ian Stuart Robinson (2004). Measuring the oceans from space: the principles and methods of satellite oceanography. Springer. صفحة 279. . مؤرشف من الأصل في 08 مارس 2020.
- John Siegenthaler (2003). Modern hydronic heating for residential and light commercial buildings. Cengage Learning. صفحة 84. . مؤرشف من الأصل في 16 يوليو 2011.
- Nidia Martínez Avellaneda (2010). The Impact of Saharan Dust on the North Atlantic Circulation. GRIN Verlag. صفحة 72. . مؤرشف من الأصل في 08 مارس 2020.
- "Envisat watches for La Niña". BNSC via the Internet Wayback Machine. 2008-04-24. مؤرشف من الأصل في 24 أبريل 200809 يناير 2011.
- Beman, J. Michael; Kevin R. Arrigo; Pamela A. Matson (10 March 2005). "Agricultural runoff fuels large phytoplankton blooms in vulnerable areas of the ocean". Nature. 434 (7030): 211–214. Bibcode:2005Natur.434..211M. doi:10.1038/nature03370. PMID 15758999.
- Jun Inoue, Masayuki Kawashima, Yasushi Fujiyoshi and Masaaki Wakatsuchi (October 2005). "Aircraft Observations of Air-mass Modification Over the Sea of Okhotsk during Sea-ice Growth". Boundary-Layer Meteorology. 117 (1): 111–129. Bibcode:2005BoLMe.117..111I. doi:10.1007/s10546-004-3407-y. ISSN 0006-8314.
- Greg Byrd (1998-06-03). "Lake Effect Snow". University Corporation for Atmospheric Research. مؤرشف من الأصل في 17 يونيو 200912 يوليو 2009.
- B. Geerts (1998). "Lake Effect Snow". جامعة وايومنغ. مؤرشف من الأصل في 2 سبتمبر 201924 ديسمبر 2008.