الرئيسيةعريقبحث

فلاد الثالث المخوزق


☰ جدول المحتويات


لمعانٍ أخرى، انظر دراكولا (توضيح).

فلاد الثالث، "ڤويڤود" (حاكم) الأفلاق (1413-1476)، أحد أفراد عائلة دراكوليشتي التي تُمثّل بدورها فرع من أفرع عائلة باسراب المتشعّبة، والذي اشتُهر بلقب دراكولا قبل أن يُطلق عليه اسم فلاد المخوزِق (بالرومانية: Vlad Ţepeş؛ نق: فلاد تيبْش وبالتركية: Kazıklı Voyvoda؛ نق: قازيكلي ڤويڤودا، وبالتركية العثمانية: ڤلاددره قول[3]). جلس على عرش إمارة الأفلاق ثلاث مرات ودامت أطول فترات حكمه فيما بين عامي 1456 و1462 في أوج الحملات العثمانية للسيطرة على البلقان، وهو واحد من أبناء عدة لفلاد الثاني دراكول العضو البارز في تنظيم التنين، وهو التنظيم السري الذي أسسه الإمبراطور الروماني المقدس زيغموند بالتعاون مع باقي ملوك وأمراء أوروبا لحماية المسيحية في أوروبا الشرقية من المد العثماني المسلم.

أمير والاشيا
فلاد الثالث دراكولا
(بالرومانية: Vlad al III-lea Țepeș)‏ 
Vlad Tepes 002.jpg
الصورة الشخصية لفلاد الثالث والموجودة بقلعة أمبراس، رُسمت قرابة عام 1560 ومأخوذة عن صورة أصلية رُسمت له أثناء حياته[1]

أمير والاشيا
الفترة 1448؛ 1456–1462؛ 1476
معلومات شخصية
الميلاد نوفمبر أو ديسمبر 1431 [2]
سيغيشوارا، ترانسيلفانيا، مملكة المجر
الوفاة 19 ديسمبر 1476 ( 63عامًا)[2]
بوخارست، والاكيا
سبب الوفاة قطع الرأس 
مواطنة Flag of Wallachia.svg الأفلاق 
الزوجة كنايينا (نبيلة باتوري)
إيلونا زيلاغي
يوستينا نيليبيتش
الأب فلاد الثاني دراكول
الأم كنياينا (أميرة مولدوفا)
عائلة عائلة دراكوليشتي (فرع من عائلة باسراب)
نسل الزيجة الأولى:
رادو
فلاد الرابع دراكول (Vlad Țepeluș)
الزيجة الثانية:
مينيا سل راو
ميخائيل
الزيجة الثالثة:
زاليسكا
معلومات أخرى
المهنة ملك 
التوقيع
Wladislaus Dragwlya.JPG

يُعتبر فلاد الثالث واحد من الأبطال القوميين في بلغاريا نظرًا لما عُرف عنه من حماية الأقليات البلغارية المتمركزة في شمال وجنوب سهول نهر الدانوب، مما دفع العديد من عوام البلغار ونبلائهم على حد السواء، إلى الهجرة من شمال الدانوب إلى الأفلاق ومبايعتهم له والمشاركة معه في حملاته ضد العثمانيين.[4]

يرجع إطلاق لقب المخوزِق على فلاد الثالث بسبب استخدامه الخازوق في التعذيب والتخلّص من أعدائه وأسرى الحرب[5] مما أعطاه شهرة تاريخية واسعة، وذاع صيته متخطيًا حدود إمارته ليصل حتى الإمبراطورية الرومانية المقدسة غربًا ودوقية موسكو شرقًا، ثم سرعان ما انتشرت في شتى أرجاء القارة الأوروبية، ويُقدّر عدد ضحاياه بعشرات الألاف، كما مثّلت شخصية "فلاد الثالث دراكولا" النواة التي نسج حولها الروائي الإنجليزي برام ستوكر شخصية كونت دراكولا، مصاص الدماء الأشهر، في روايته الصادرة عام 1897 تحت عنوان "دراكولا".

الاسم

للمزيد من المعلومات: عائلة دراكوليشتي
تمثال نصفي لفلاد المخوزق في سيغيشوارا، رومانيا.

خلال حياته، اتخذ فلاد الثالث لنفسه اسم ڤلاديسلاوس دراغوليا أمير حرب ما رواء الألب (باللاتينية: Wladislaus Dragwlya, vaivoda partium Transalpinarum - نق: ڤلاديسلاوس دراغوليا، ڤايڤودا پارتيوم ترانسألپينارم)،[6] ويُعتبر لقبه الروماني دراغوليا (بالرومانية: Dragwlya) أو دراكوليا[6] (بالرومانية: Dragkwlya) علاوة على الأنماط الهجائية الأخرى للاسم نفسه مثل Dragulea وDragolea وDrăculea وكلها تصغير للقب دراكول (لغة رومانية: Dracul) الذي حمله والده فلاد الثاني، الذي انضمّ عام 1431 لتنظيم التنين، وهي تنظيم فرسان أسسه زيغموند الإمبراطور الروماني المقدس عام 1408، والاسم الروماني Dracul ينقسم إلي شطرين، وهو مأخوذ أصلًا عن اللغة اللاتينية، والجزء الأول من الاسم، drac ويعني التنين وهو مأخوذ عن الأصل اللاتيني draco، أما -ul فهي لاحقة تُضاف للتعريف وهي بدورها مأخوذة عن الأصل اللاتيني ille، وعليه فالاسم دراكولا يعني حرفيًا "ابن التنين"، أما في الرومانية الحديثة، فقد تحوّل معنى كلمة drac من "تنين" إلى "شيطان"، واستُخدمت عِوضًا عنها كلمة balaur.

على الجانب الأخر، تشير كنية فلاد الثالث تْيبِش - Țepeș ("المخوزِق") للإشارة إلى طريقته المفضلة للإعدام، وهي الكنية التي التصقت به بعد وفاته[6] وتحديدًا قرابة عام 1550، إلا أنه عُرف سابقًا لدى العثمانيين باسم Kazıklı Voyvoda وتعني حرفيًا "الأمير المخوزق" خاصة أثناء حملة السلطان محمد الثاني على الأفلاق ومشاهدته لضحايا فلاد الثالث الذين تم إعدامهم وتُركت جثثهم مُعلّقة على الخوازيق ومتروكة في الغابات بطول الطريق المؤدي للأفلاق لإرهاب أعدائه.

باكورة حياته

العائلة

وُلد فلاد في مقاطعة سيغيشوارا بإقليم ترانسيلفانيا التابع لمملكة المجر (ويتبع الآن دولة رومانيا الحالية) في شتاء عام 1431 لوالده فلاد الثاني دراكول والذي صار فيما بعد أمير الأفلاق وحفيد ميرتشا الكبير أشهر أمراء الأفلاق، وحتى يومنا هذا لم يتم التأكد من شخصية أم فلاد الثالث وإن ساد الاعتقاد بأنها الأميرة كنياينا أميرة مولدوفا، الابنة الكبرى لألكسندر "الطيب" أمير مولدوفا وخالة شتيفان الكبير أمير مولدوفا، ومع ذلك فإبقاء فلاد الثاني على العديد من العشيقات كان له الأثر في دعم الفكرة المُؤيدة لأن تكون إحداهن والدة فلاد الثالث،[7] ومن خلال هذه العلاقات الأسرية المُتشعبة امتدت شجرة عائلة فلاد الثالث لتشمل أخوين غير شقيقين أكبر سنًا؛ وهما ميرتشا الثاني وفلاد الراهب، علاوة على أخ شقيق أصغر هو الأمير رادو الوسيم.

ڤلاد الثاني دراكول

وفي العام الموافق لميلاد فلاد الثالث، سافر والده فلاد الثاني إلى نورنبرغ للانضمام لتنظيم التنين ومن ثم أُطلق عليه لقب دراكول (بالرومانية: Dracul)، وبعدما رُزق بإبنيه فلاد ورادو، أرسلهما لقضاء سنوات طفولتهما الأولى في سيغيشوارا بالمملكة المجرية، حتى اعتلائه لعرش الأفلاق، عندها، قرر إعادتهما مرة أخرى إلى ترغوفيشت عاصمة الأفلاق في ذلك الوقت.

خلال تلك الفترة، اتخذ المستشار البيزنطي ميخائيل دوكاس قرارًا بضرورة تلقي أبناء الأمراء والنبلاء في الأفلاق تعليمًا راقيًا على أيدي معلمين متخصصين من الرومان واليونانيين يتم تعيينهم بناءَا على أوامر مباشرة القسطنطينية، وعليه درس فلاد الثالث الفنون القتالية والجغرافيا والرياضيات والعلوم والفلسفة والفنون، علاوة على العديد من اللغات كالألمانية واللاتينية والسلافونية الكنسية القديمة.

معيشته في أدرنة

وفي عام 1436 اعتلى فلاد الثاني دراكول عرش الأفلاق، وظل حاكمًا عليه حتى تمت إزاحته عن العرش من خلال مؤامرات تم ترتيبها بين خصومه في الأفلاق وملك المجر في ذلك الوقت فلاديسلاف الثالث عام 1442، ومع ذلك عاد فلاد الثاني لاعتلاء عرش الأفلاق الذي انتزعه من بين يدي باسراب الثاني وحلفائه من البويار، وذلك بمساعدة السلطان العثماني أنذاك مراد الثاني بعدما اتفق معه على دفع الجزية للدولة العثمانية.

فور عودته لعرش الأفلاق عام 1443، أرسل فلاد الثاني ولديه الشرعيين؛ فلاد ورادو إلى البلاط السلطاني العثماني كرهائن لدى السلطان مراد الثاني لإثبات ولائه للإمبراطورية العثمانية، وفي أعقاب وفاة فلاد الثاني، عاد فلاد الثالث ليحتل مكان أبيه على عرش الأفلاق، فيما بقى رادو أسيرًا للبلاط السلطاني العثماني.[8]

شعار النبالة الخاص بعائلة باتوري.

خلال تلك الفترة التي قضاها فلاد الثالث في أدرنة، تمكّن الأمير الشاب من دراسة علوم المنطق والقرآن والأدب وكذلك التركية العثمانية حتى أتقن هذه اللغة خلال السنوات الأخيرة التي قضاها في البلاط السلطاني، كما تدرّب على الفروسية وفنون الحرب.[9]

النسب

في أكتوبر 2011، ادّعى الأمير تشارلز نسبه إلى فلاد الثالث المخوزق خلال مطالبته بالحفاظ على مناطق الغابات بإقليم ترانسيلفانيا،[10] من جانبه أوضح المؤرخ الروماني رادو فلوريسكو في كتابه "دراكولا - الأمير متعدد الوجوه: حياته وعصره" (Dracula, prince of many faces: his life and his times) وتحديدًا في صفحته الثالثة والتسعين بعد المائة أن الإمبراطور الروماني المقدس فرديناند الأول قد منح كلًا من لاديسلاس دراكولا وأخيه جون اعترافًا من الإمبراطورية الرومانية المقدسة بنابلة الإثنين كونهما منحدرين مباشرةً من سلالة فلاد الثالث، حيث أصدر الإمبراطور فريدريك الأول مرسومه الملكي في 20 يناير 1535 معترفًأ فيه بنبالة الإثنين ومشيرًا إلى أصلهم، كما أشار فريدريك الأول لشارة النبالة الخاصة بعائلة لاديسلاس والمماثلة لتلك الخاصة بعائلة باتوري.

فترة الحكم الأولى ونفيه

مع ازدياد حدة الخصومة بين نبلاء ترانسيلفانيا والملقبون بالبويار من جهة وأميرهم فلاد الثاني من جهة أخرى، لم يجد البويار سبيلًا سوى بالتآمر مع "يوحنا هونيادي" وصي عرش المجر أنذاك من أجل التخلص من فلاد الثاني والإطاحة به من حكم ترانسيلفانيا، وتمكن المتأمرون من قتل أميرهم عند المستنقعات القريبة من بلدة بالتيني في 2 ديسمبر 1447، بعدها تحوّلوا إلى ميرتشا، إبنه البكر ووريثه الشرعي للتخلص منه هو الأخر، حيث تمّ لهم ذلك بعدما أفقدوه بصره قبل دفنه حيًا بمدينة ترغوفيشت، ومع تخوّف الدولة العثمانية من سقوط الأفلاق في أيدي المملكة المجرية، سيّرت الدولة العثمانية جيوشها نحو الأفلاق حيث أجلست فلاد الثالث لأول مرة على عرش البلاد بالقوة، ومع ذلك، لم تدم فترة حكم فلاد الثالث طويلًا، حيث عاود "يوحنا هونيادي" غزو الأفلاق مرة أخرى ليعيد حليفه فلاديسلاف الثاني، والذي ترجع أصوله إلى عائلة دانشتي، لعرش البلاد مجددًا بعد أن أطاحت به الجيوش العثمانية سابقًا.

وبعد إقصائه من الحكم، لم يرغب فلاد الثالث في طلب المساعدة من الدولة العثمانية مرة أخرى، خاصة بعد اعتلاء السلطان محمد الثاني نظرًا للخصومة والكراهية بين الإثنين منذ أن تربيا سويًا في البلاط السلطاني، وعليه فر هاربًا إلى مولدوفا حيث عاش لفترة هناك تحت حماية عمه بوغدان الثاني، قبل أن يلقى الأخير حتفه في 17 أكتوبر 1451، مما دفع فلاد الثالث للفرار مرة أخرى قاصدًا المجر، وهناك التقى ب"يوحنا هونيادي" والذي أُعجب بدراية الأمير الشاب بالأحوال داخلية للدولة العثمانية وخططهم الحرب العثمانية ولوجيستياته، علاوة على الكراهية المطلقة من جانب فلاد الثالث تجاه الدولة العثمانية، مما دفع "يوحنا هونيادي" لاتخاذ فلاد الثالث مستشارًا عسكريًا له، كما حاول التوفيق بينه وبين خصمه السابق فلاديسلاف الثاني.

استمر مكوث فلاد الثالث في المجر حتى ما بعد سقوط القسطنطينية على يد محمد الثاني في 29 مايو 1453، بعدها تعاظم المد العثماني من تلك المنطقة عن طريق إمارات الكاربات مهددًا بر أوروبا الرئيسي بالكامل، حتى أتم العثمانيون غزو شبه جزيرة البلقان عام 1481، لتضع نهاية لفترة حكم سلالة فلاد الثالث بأكملها خلال ثلاثة عقود قضتها الدولة العثمانية في محاولة السيطرة على منطقة البلقان.

وبعد ثلاثة أعوام من غزو القسطنطينية، حاولت الجيوش العثمانية إضعاف المملكة المجرية عن طريق محاصرة بلغراد عام 1456، في ذلك الوقت، وجد "يوحنا هونيادي" نفسه مضطرًا لمغادرة المجر وشن غارات مضادة في صربيا نجح من خلالها في رفع الحصار عن بلغراد، من جانبه استغل فلاد الثالث تلك الاضطرابات في العودة مرة أخرى إلى الأفلاق حيث قاد عشيرته لاسترداد ملكه والقضاء على فلاديسلاف الثاني، حيث تمكّن منه فلاد الثالث وقتله ليسترد عرشه للمرة الثانية في 22 أغسطس 1456.

فترة الحكم الثانية

السياسة الداخلية

عاد فلاد الثالث إلى الأفلاق ليجد بلادًا مهترئة مزقتها الحرب، تضج بالجرائم، قلت بها المساحات المزروعة وانعدمت التجارة داخلها أو من خلالها في الوقت الذي كان فلاد الثالث فيه في أمس الحاجة لاقتصاد داخلي قوي يعينه على مواجهة خطر أعدائه، سواء الداخليين منهم كالبويار وأعضاء عائلة دانشتي أو الخطر العثماني المُحدق به خاصة مع تداعي المملكة المجرية من جهة، وانهيار الإمبراطورية الرومانية الشرقية قبل بضع سنين من جهة أخرى، وعليه انتهج فلاد الثالث العديد من السياسات المتشددة من أجل إعادة النظام والنهوض بالبلاد اقتصاديًأ، بناءً على هذا وضع فلاد ثلاثة أهداف سعى لتحقيقها خلال جلوسه على عرش البلاد، وتمثّلت هذه الأهداف في إعادة بناء اقتصاد البلاد، وتعزيز دفاعاته الداخلية وإعادة تحصين الأفلاق، علاوة على توطيد حكمه في البلاد.

قطعة من رافدة مذبح موجودة بكنيسة سانتا ماريا في ڤيينا، يرجع تاريخها لعام 1460، وتُعد الصورة الوحيدة التي رُسمت لفلاد الثالث أثناء حياته.

وعليه وجه فلاد الثالث أولى اهتماماته نحو التنمية الاقتصادية، فاهتم بالفلاحين، وشيّد العديد من القرى الجديدة للارتفاع بمعدلات الإنتاج الزراعي، كما وعى تمامًا أهمية التجارة ودورها في الارتقاء باقتصاد الأفلاق، ومن ثمّ قدّم مساعداته للتجار المحليين بتحديد نشاط التجار الأجانب في ثلاثة مدن تجارية فقط، وهي؛ تارغشور، وكامبولونغ وترغوفيشت.

على الجانب السياسي، اعتبر فلاد الثالث البويار سببًا رئيسيًا فيما آلت إليه البلاد وما وصلت إليه من تخبط وفوضى، كذلك لم ينس دورهم في التآمر على والده وقتله قبل قرابة خمسة عشر عامًأ، لهذا قرر التخلص منهم بقتلهم ومنح مناصبهم في البلاط، التي كانت من قبل حِكرًا على النبلاء، لأشخاص أخرين مجهولي النسب، ممن يضمن ولائهم، كما قرّب إليه كذلك بعض الأجانب، كما فضّل الفرسان والعوام من الفلاحين الأحرار على البويار في احتلال المناصب الأقل أهمية في البلاط، بعدها أمر بإطلاق سراح السجناء، مهما كانت الجرائم المرتكبة، كذلك أصدر عفوًا عامًا عن المحكوم عليهم بالإعدام، وذلك ليساوي بين الجميع قبل أن يسن القوانين لمعاقبة كافة الجرائم؛ كالسرقة والزنا والكذب والخيانة بعقاب واحد، وهو قطع الرقبة، كما عامل البويار بنفس الحدة إيمانًا منه بدورهم الرئيسي في إضعاف الأفلاق من خلال صراعاتهم الداخلية على السلطة، من جانبه، رأى فلاد الثالث أن في قراره هذا منتهى العدالة والإنصاف، بأن يجعل كل فرد حكمًا على نفسه، يقرر مصيره بيده في ظل العقوبة المعروفة مُسبقًا دون تهاون، فأما حياة شريفة في ظل القوانين الموضوعة والمعروفة للجميع، أو الموت دون رحمة.

كما قام بإعادة هيكلة الجيش، مع احتفاظه بنفر قليل من الحرس الخاص، معظمه من المرتزقة الذين ضمن ولائهم عن طريق السماح لهم بنهب المناطق المُغار عليها وكذلك منحهم العديد من الترقيات والامتيازات الأخرى، كما عمد إلى تأسيس ميليشيات من الفلاحين كجيش احتياط، يتم الاستعانة به حال نشوب الحرب.

وخلال تلك الفترة، قام فلاد الثالث بتشييد كنيسة في تراغشور تخليدًا لذكرى أبيه وأخيه اللذين قُتلا بالقرب من هذه المنطقة، كما أخرج من ماله الخاص لتشييد دير في سناغوف.

الغارات على ترانسيلفانيا

من جانبه، أيقن فلاد الثالث لعلاقة البويار في الأفلاق بالنبلاء من سكسون ترانسيلفانيا وارتباطهم بهم، مما دفع فلاد الثالث للتخلّص منهم عن طريق منع امتيازاتهم التجارية داخل الأفلاق ومهاجنة مدنهم، حيث اجتاحت جنود فلاد الثالث مدينة براشوف (بالرومانية: Brașov، بالألمانية: Kronstadt، نق: كرونشتاد) عام 1459 وأعدم قرابة 30,000 من تجار المدينة وقادتها خزقًا صبيحة الاحتفال بعيد القديس برثولماوس، في 11 يونيو 1459، بعد اتهامه إياهم بالفساد والتآمر على الأفلاق، بعدها خلد إلى الراحة وتناول الغذاء وسط الجثث المعلقة على الخوازيق، تاركًا إيها للتعفن، تحذيرًا منه لكل من تسوّل له نفسه الخروج عن طاعته، وقد صدرت المطبوعات الألمانية تحوي مشاهد لتخليد هذه الواقعة عام 1499، كما أغار مرة ثانية على مدينة سيبيو بترانسيلفانيا عام 1460 وأعدم 10,000 من أهلها.[11]

الحرب ضد العثمانيين

في عام 1459، نادى الأب بيوس الثاني بحملة صليبية جديدة ضد الدولة العثمانية من خلال مجمع مانتوفا المُنعقد في 26 سبتمبر من العام نفسه، و في 14 يناير 1460 استقرّ الرأي على أن يقود ماتياس كورفينوس ملك المجر وكرواتيا وابن "يوحنا هونيادي" هذه الحملة والتي خُطط لها الاستمرار لثلاثة أعوام متتالية، على أن يدعمه البابا بأربعين ألف قطعة نقود ذهبية، وهوما كان كافيًا لحشد جيش قوامه إثني عشر ألف رجلًا وشراء عشر سفن حربية، ولم تنجح المساعي الباباوية في جمع تأييد ملوك أوروبا للحملة على العثمانيين، والتي لم تجد تأييدًا صادقًا سوى من فلاد الثالث والذي عرض على ماتياس كورفينوس الانضمام لجانبه في محاولة للإبقاء على استقلال الأفلاق، مما زاد من أسهم فلاد الثالث لدى البابا.[4]

لقاء رسل السلطان العثماني بفلاد الثالث، بريشة ثيودور أمان.

وفي عام 1460، ألقت القوات العثمانية القبض على ميخائيل زيلاغي وصي عرش المجر، وحليف فلاد الثالث الوحيد، أثناء عبوره الأراضي البلغارية، واقتيد بصحبة رجاله إلى القسطنطينية، حيث تم تعذيب جنوده حتى الموت، بينما أمر السلطان محمد الثاني بإعدام زيلاغي بنشره حيًا إلى نصفين،[12] ومع نهاية العام نفسه، أرسل السلطان العثماني محمد الثاني رسله إلى فلاد الثالث لمطالبته بدفع الجزية المتأخرة عليه منذ عام 1459 والمٌقدرة بعشرة ألاف دوقت علاوة على تقديم الأفلاق لخمسمئة من أبنائها للعمل كإنكشاريين (بالتركية العثمانية: يڭيچرى) في صفوف الجيش العثماني، من جانبه، رفض فلاد شروط السلطان عثماني لقناعته بأن قبول تلك الشروط واستمراره في دفع الجزية يعني قبوله ضمنيًا بالوصاية العثمانية على الأفلاق، في الوقت الذي باتت فيه استقلالية الأفلاق الشغل الشاغل له، هو ما حارب فلاد من أجله، كذلك الغالبية العظمى من أخلافه وأسلافه، وظل تعامل فلاد مع رسل السلطان العثماني سببًا في انهيار العلاقة بين الأفلاق والدولة العثمانية تمامًا، حيث أمر فلاد بتسمير عمائم الرسل على رؤوسهم بمسامير حديدية بعد أن رفضوا خلعها في حضرته احترامًا وإجلالًا، كما أرسل فلاد الثالث خطابًا لسكسون ترانسيلفانيا بتاريخ 10 سبتمبر 1460، محذرًا إياهم من غزو محمد الثاني المتوقع للبلاد وطالبًا منهم العون خلال حربه ضد الجيوش العثمانية،[13] التي عبرت بالفعل نهر الدانوب وبدأت في جمع الأفراد قصرًا وإرسالهم لمعسكرات التدريب، وهو ما لم يروق لفلاد الثالث الذي تحرك بجنده مهاجمًا القوات العثمانية، والقى القبض على العديد من أفرادها وأمر بإعدامهم خزقًا،[14] واستمرت المناوشات بين أمير الأفلاق والقوات العثمانية حتى عام 1461 عندما عرض عليه السلطان محمد الثاني الحضور إلى القسطنطينية للتفاوض.

ومع نهاية نوفمبر 1461، أرسل فلاد الثالث خطابا للسلطان العثماني مفاده عجزه عن الاستمرار في دفع الجزية، بعدما أتت الحرب ضد سكسون ترانسيلفانياما على كافة موارد البلاد، كما أورد إليه عدم قدرته على مغادرة الأفلاق مخافة انتهاز ملك المجر للفرصة والهجوم على البلاد أثناء غيابه، منهيًا الخطاب بقطع عهود بإرسال ذهب للسلطان عثماني متى توافرت لديه الموارد، كما عرض على السلطان العثماني أن يوفد باشا يحكم الأفلاق باسم فلاد الثالث ما إذا ما أراد السلطان حضوره إلى القسطنطينية،[15] وبعد وصول كتاب فلاد الثالث للسلطان العثماني، حصل الأخير على معلومات استخباراتية عن تحالف فلاد الثالث مع ملك المجر وكذب ادعائات فلاد الثالث بالخوف من انقلاب ملك المجر عليه واحتلاله الأفلاق، ولهذا قرر السلطان محمد الثاني إرسال بگ نيكوبوليس، حمزة باشا، لعقد لقاء مع فلاد الثالث في جورجيو، كما أمر السلطان العثماني مبعوثه بالانقضاض على أمير الأفلاق هناك واستياقه أسيرًا إلى القسطنطينية،[16] وبالفعل، توجه حمزة باشا على رأس قوة قوامها ألف فارس لتنفيذ المطالب السلطانية، غير أن تلك المعلومات قد سبقت وصول المبعوث العثماني لفلاد الذي أصبح على دراية بالنوايا الحقيقية للعثمانيين، فقام بحشد جنوده لشن هجوم خاطف على القوات العثمانية، والتي انتظرها عند الممرات الجبلية شمال جورجيو، حيث شن هجومه المفاجئ على الفرسان العثمانيين المحاصرين بين الممرات الجبلية الضيقة، ونجح في تطويق القوات العثمانية والفتك بالعديد من أفرادها باستخدام المدافع اليدوية، والقبض على المتبقي منهم وفي مقدمتهم قائدهم حمزة باشا، فأمر بإعدمهم جميعًا على خوازيق، جاعلًا أطولها للقائد حمزة باشا للدلالة على علو رتبته، وتشير المراجع إلى أن فلاد الثالث يعد أول من استخدم البارود في الحملات الصليبية بطرق مبتكرة للقتل[17]، وقد أرسل فلاد الثالث خطابًا لكورفينوس بتاريخ 2 فبراير 1462، يخبره فيه بانتصاره على القوات العثمانية وأسر قائدها، بعدها، توجّه لحصن جورجيو، حيث عسكرت باقي القوات العثمانية، واستخدم اتقانه للسان العثماني وتنكره في هيئة سيپاهي، فأمر الجنود بفتح أبواب الحصن،[16] وبعد امتثال الجنود لأوامره، اجتاح فلاد الثالث الحصن ودمره عن أخره وقتل من فيه من جنود،[16] بعدها قرر الانتقام من السكان الذين قدموا الدعم للقوات العثمانية، فبدأ بجنوب الأفلاق، بعدها عبر نهر الدانوب المتجمّد إلى بلغاريا، ومع وصوله لبلغاريا، قسّم فلاد الثالث قواته لفرق صغيرة، مما ساعده على تغطية مساحة 800 كيلومترًا من الأراضي البلغارية في إسبوعين، أودى خلالهما بحياة ما يقرب من 25,000 تركي ومسلم بلغاري،[18] وقد أرسل خطابًا أخرًا لكورفينوس بتاريخ 11 فبراير 1462 يحدثه عن انتصاراته الجديدة، جاء فيه:

منشور سكسوني ترانسيلفاني يصور فلاد الثالث، يرجع تاريخه لعام 1462.
" قتلت الفلاحين في أوبلوكيتزا ونوڤوسيلو؛ رجالًا وإناثًا، شيوخًا وأطفالًأ، كذلك المتواجدون عند مصب الدانوب وحتى راهوڤا، على مقربة من كيليا، ومن الدانوب السفلي حتى ساموڤيت وغيغن، قتلنا 23,884 من الأتراك، دون إحصاء هؤلاء الذين أحرقناهم داخل منازلهم أو قاموا جنودنا بقطع رقابهم، وعليه جلالتك، لك أن تعلم أنني نقضت سلامي معه (أي السلطان محمد الثاني).[19] "

وفي الوقت الذي أخلى فيه فلاد الثالث سبيل المسيحيين البلغاريين، مما ساعد على هجرة أعداد كبيرة منهم إلى الأفلاق،[20] بلغ عدد ضحاياه تلك الحملة العسكرية 6,414 في جورجيو، و1,350 في إيني سالا، و6,840 في دورستور، و343 في أورشوفا، و840 في هارشوفا، و210 في ماروتين، و630 في تورتوكايا، و384 في تورنو وباتين ونوفوغراد، و410 في سيستوف، و1,138 في نيكوبوليس وغيغن، وأخيرًا، 1,460 في راهوڤا.

وفور وصول تلك الأنباء لمسامع السلطان العثماني، الذي كان مشغولُأ بحصار كورينث، قفام بإرسال الصدر الأعظم، محمود باشا، على رأس قوة قوامها 18,000 جندي لتدمير مدينة برايلا الوالاكية الساحلية، إلا أن فلاد الثالث نجح في الارتداد سريعًا إلى المدينة وتمكن من الانتصار على القوات العثمانية، والتي ذكرت المصادر التاريخية نجاة 8,000 فرد منها فقط.[21]

انتشرت أخبار انتصارات فلاد الثالث في كافة أرجاء العالم المسيحي، وعمّت الاحتفالات في كافة المدن الساكسونية بإقليم ترانسيلفانيا، وإيطاليا، والدولة البابوية، حيث ساهمت انتصارات فلاد الثالث في رفع الحصار عن كورينث، كذلك نجاة كافا والقرم بأكملها من غزو بحري متوقع من جانب السلطان العثماني، الذي آثر الارتداد إلى الأناضول، لتحضير جيش كبير يقوده بنفسه للقضاء على أمير الأفلاق.

الهجوم الليلي

للمزيد من المعلومات: الهجوم الليلي
السلطان العثماني محمد الثاني (الفاتح)، أعتى خصوم فلاد الثالث على الإطلاق.

أرسل السلطان العثماني رسله إلى كافة أنحاء السلطنة لحشد القوات والزحف بهم نحو الأفلاق لاستردادها من يد فلاد الثالث،[22] حيث أمر السلطان العثماني جنوده بالتحرك أحد يومي 26 إبريل أو 17 مايو 1462، فالتاريخ مُختلف عليه بين المؤرخين،[22] واختلف قوام الجيش العثماني بحسب اختلاف المصادر التاريخية، حيث جاء تقدير قوام الجيش العثماني في بعض المصادر التاريخية بنحو 150,000 فرد،[18] بينما ذكر المؤرخ اليوناني خالكونديليس أن الجيش العثماني المتوجه لمحاربة فلاد الثالث هو أكبر الجيوش العثمانية التي تم حشدها منذ غزو القسطنطينية،[22] وقدر خالكونديليس عدد القوات العثمانية بنحو 250,000 فردأ، في الوقت الذي قدّر فيه المؤرخ العثماني طورسون بك عدد القوات العثمانية بنحة 300,000 فرد،[22] في حين أرسل ليوناردو توكو خطابًا لفرانشيسكو سفورزا الأول دوق ميلانو يبلغه فيه بعدد القوات العثمانية المتأهبة للزحف صوب الأفلاق بنحو 400,000 فرد من الروملي والأناضول،[23] وتعتبر هذه الأرقام جميعها مبالغ فيها، في الوقت الذي اتفق فيه المؤرخين المعاصرين على أن التقدير الأقرب للحقيقة هو الذي أورده المبعوث البندقي في بودا، توماسي، والذي قدّر عدد القوات العثمانية بنحة 60,000 جندي نظامي بالإضافة إلى 30,000 غير نظامي،[22] كما جعل السلطان محمد الثاني، الأمير رادو الوسيم، شقيق فلاد الثالث، على رأس قوة مكونة من 4,000 من الفرسان.[24]

من جانبه، توجه فلاد الثالث لملك المجر، كورفينوس، طالبًا منه العون، وتأكيدًا على صدق نواياه، عرض فلاد الثالث على ملك المجر أن يتحول من الأرثوذكسية إلى الكاثوليكية، ومع ذلك، لم ينل فلاد الثالث أي دعم من كورفينوس، فنادى بالتعبئة العامة في البلاد، ولم يقتصر الانضمام للجيش على الذكور في سن تأدية الخدمة العسكرية فحسب، بل امتد ليشمل النساء والأطفال من سن الثانية عشر ووحدات من العبيد ذوي الأصول الغجرية،[25] كذلك، لم يخلو تقييم قوة جيش فلاد الثالث من المبالغات، حيث قدّره ليوناردو توكو في خطابه بنحو 200,000 مقاتل، أي نصف تقديره للقوات العثمانية،[23] بينما قدّرت العديد من المصادر التاريخية قوام قوات الأفلاق بما يتراوح بين 22,000 و30,900 مقاتل، وساد العرف أن عدد القوات لم يزيد عن 30,000 مقاتل فقط،[25] أغلبهم من الفلاحين ورعاة الماشية، في ظل وجود عدد محدود من البويار على صهوات الجياد، مسلحين بالحراب والسيوف والخناجر وتغطيهم الدروع المسلسلة، كما شارك في المعركة الحرس الشخصي لفلاد الثالث الذي ضم بين صفوفه مرتزقة وغجر من مناطق مختلفة.[25]

المعركة

مع بداية المعارك، حاول الجيش العثماني إقامة معسكره عند مدينة فيدن، إلا أنه فر مدحورًا بعد أن ردته سهام الرماة الوالاكيين، وفي 4 يونيو 1462، نجحت فرقة من الانكشاريين في احتلال مدينة تورنو سيفيرين بعد مقاومة من القوات الولاكية أودت بحياة 300 جندي عثماني، بعدها استمر الجيش العثماني في التقدم في ظل اتباع فلاد الثالث وجنوده لسياسة الأرض المحروقة، كما قام بتسميم المياة وخلق المستنقعات لتعطيل تقدم القوات العثمانية عن طريق تحويل مجاري الجداول والأنهار الصغيرة، كذلك قام بتصميم الفخاخ والمصائد الأرضية، كما عمد إلى تهجير أهالي القرى وحيواناتهم إلى المناطق الجبلية بعيدًا عن متناول القوات العثمانية، التي استمرت في التقدم لمدة سبعة أيام كاملة دون مأكل أو مشرب،[26] من جانبه اتبع فلاد الثالث أسلوب حرب العصابات ضد القوات العثمانية، كما أرسل العديد ممن يعانون من أمراض فتاكة كالجذام والسل والزهري وبصورة أكبر هؤلاء الذين يعانون الطاعون الدبلي لمعسكرات العثمانيين لنشر الأوبئة بين الجنود، وهو ما حدث بالفعل، حيث انتشرت عدوى الطاعون بين الجنود العثمانيين بصورة وبائية، من جانبه قام الأسطول العثماني بشن هجمات ضد مدينتي برايلا وكيليا الساحليتين ولكن دون فائدة تُذكر، خاصة بعد تدمير فلاد الثالث لغالبية الموانئ البحرية العثمانية في بلغاريا.

معركة ذات المشاعل وهجوم قوات فلاد الثالث على معسكر العثمانيين، بريشة ثيودور أمان.

استمر تقدم العثمانيين صوب ترغوفيشت بعد فشلهم في اقتحام قلعة بوخارست وجزيرة سناعوف الحصينة، وفي 17 يونيو، شن فلاد الثالث هجومًا ليليًا على معسكر العثمانيين باستخدام قوات يتراوح عددها بين 7,000 و10,000 خيّال بغية اعتيال السلطان العثماني، فبعدما عسكرت القوات العثمانية جنوب العاصمة الوالاكية، يذكر المؤرخ اليوناني خالكونديليس نجاح فلاد الثالث التسلل داخل معسكر العثمانيين متنكرًا في هيئة جندي عثماني، ومن خلال جولته داخل المعسكر تمكّن من تحديد موقع الخيمة السلطانية،[27] ومن ثمّ، اختار فلاد الثالث أن يقوم بهجومه ليلًا خاصة مع علمه بالنظم العسكرية العثمانية والتي تمنع تواجد الجنود خارج خيامهم بعد حلول الظلام،[23] واستمرت المناوشات منذ الساعة الثالثة بعد حلول الظلام وحتى الرابعة من صباح اليوم التالي، ليخلق حالة من الفوضى العارمة داخل معسكر العثمانيين، حث شن الوالاكيين أكثر من سلسلة واحدة من الهجمات،[23] والتي اختلفت المصادر في تحديد النتيجة النهائية لها؛ حيث أكدت بعض المصادر مقتل العديد من الجنود العثمانيين، بينما أكدت مصادر أخرى خروج العثمانيين بخسائر طفيفة جراء تلك الهجمات وإن فقدوا العديد من الخيول والجمال، والنتيجة الثانية قد تكون الأرجح، خاصة مع إلقاء بعض المصادر التاريخية الغربية اللوم على بويار والاكي يُدعى غالش (بالرومانية: Galeş) أُسندت إليه مهمة مهاجمة المعسكر من الجهة المقابلة، إلا أنه لم يمتلك من الشجاعة ما يكفي للقيام بدوره في الهجوم،[28][29] ومع ذلك، يذكر التاريخ قيادة فلاد الثالث لكتيبة الفرسان الأسياويين واستهدافه للخيمة السلطانية، غير أنه وجد بها الصدرين الأعظمين؛ محمود باشا وإسحق باشا، ،[30] في الوقت نفسه، قام الانكشاريون بقيادة علي بك ميخائيل أوغلو بهجوم مضاد على القوات الوالاكية للحد من الخسائر العثمانية في المعركة، والتي بلغت قرابة 15,000 جندي مقابل 5,000 جندي والاكي.[31]

أمر السلطان محمد الثاني جنوده، باستكمال المسير صوب ترغوفيشت ومحاصرتها، وعند الوصول إليها، وجد أبواب المدينة مفتوحة على مصرعيها وقد هجرها من فيها، فدخل العاصمة بصحبة جنوده، وسار لمدة نصف ساعة في طرقات المدينة التي زُيًنت جنباتها بجثث أكثر من 25,000 جندي عثماني ومسلم بلغاري، موضوعة كلها على خوازيق،[32] كما وجد جثة حمزة باشا وقد تعفّنت تمامًا على أطول تلك الخوازيق الموجودة،[32][33] وفي ذلك تختلف المصادر كذلك، حيث ورد في بعض المصادر أن العاصمة ترغوفيشت لم تكن مهجورة، بل حوت حامية صغيرة لحمايتها، كما أُختلف كذلك على موضع الجثث، حيث تشير المصادر العثمانية تحديدًا أن السلطان محمد الثاني سار مسافة 60 ميلًأ قبل الوصول لترغوفيشت في طريق تحيط به جثث الجنود الأتراك والأسرى البلغاريين من الجانبين،[31] ولكن يبقى مؤكدًا أن السلطان لم يحتمل هول ما رأى، حيث أمر جنوده بالمبيت هذه الليلة خارج ترغوفيشت، وحفر خندق عميق حول المعسكر مخافة تعرضه لهجوم أخر مثلما تعرّض له سابقًا، وفي صباح اليوم التالي، 22 يونيو، أصدر السلطان أوامره بالانسحاب.[32]

تلى ذلك بأيام قليلة هجوم شتيفان الثالث، أمير مولدوفا وابن عم فلاد الثالث على مدينتي أكيرمان وكيليا لاسترجاعهما من أيدي الأخير، وبوازع من السلطان العثماني، إلا أن القوات الأفلاقية نجحت في الدفاع عن المدينتين، كما أُصيب شتيفان الثالث في قدمه من نيران المدفعية،[34] واستمر انسحاب القوات العثمانية حتى وصلت لمدينة برايلا في 29 يونيو، والتي أمر السلطان العثماني بإحراقها عن أخرها، بعدها أمر بالإبحار صوب أدرنة عاصمة العثمانيين والتي وصلها في 11 يوليو، وفي اليوم التالي لوصوله، أمر السلطان محمد الثاني بإقامة الاحتفالات ابتهاجًا بنصره العظيم على فلاد الثالث، وتسيير المواكب التي ضمت العديد من النساء والأطفال الذين تم استرقاقهم من الأفلاق، بخلاف 200,000 من رؤوس الماشية والخيول.[33]

الهزيمة

رادو الوسيم، الشقيق الأصغر لفلاد الثالث، وعميل الدولة العثمانية في الأفلاق.

على الرغم من رحيل السلطان محمد الثاني عن الأفلاق، إلا أنه أبقى على رادو سل فروموس في البلاد على رأس قوات من فرسان السپاهية والجنود الإنكشاريين، للقضاء على فلاد الثالث نهائيًا، في مقابل ذلك لم يقف السلطان العثماني عن دعم قوات رادو بالأموال أو العتاد، مما ساعدهم على الاستمرار في الحرب ضد فلاد الثالث والتوغل داخل مملكته حتى تسنى لهم محاصرة قلعة بويناري، معقل فلاد الثالث، والذي على الرغم من ذلك، تمكن من الفرار منها بعد انتحار زوجته، التي فضّلت إلقاء نفسها من أسوار القلعة عن الوقوع في أسر القوات الموالية للدولة العثمانية، وبنهاية الحصار وفرار فلاد الثالث، منح السلطان العثماني لقب "بگ الأفلاق" لرادو وأجلسه على عرش البلاد.

وترجع هزيمة فلاد الثالث في حربه لتعاون البويار مع رادو، الذي نجح في استمالتهم بعد أن نكّل بهم فلاد الثالث من قبل، حيث تمكن رادو من اقناعهم بعودة الامتيازات التي تمتعوا بها سابقًا حال التخلص من فلاد، علاوة على اقتناع البويار أنفسهم أن السلطة العثمانية على الأفلاق ستكون أشد وطئًا من نظيرتها المجرية، مما شجعهم على قبول شروط رادو وتقديم الدعم له.

وبحلول 9 سبتمبر، حقق فلاد ثلاثة انتصارات متتالية على القوات العثمانية بقيادة رداو، ولكن استمرار القتال أتى على كل ما بقى لديه من نقود، ومن ثمّ لم يتمكن من دفع رواتب جنوده المرتزقة، فسافر إلى المجر طالبًا العون من الملك كورفينوس، الذي بدوره لم يكن ينوي الدخول في حرب ضد الدولة العثمانية، فلم يقدم لفلاد أي دعم، بل ألقى القبض عليه وزج به في السجن بتهمة الخيانة العظمى، بعد أن زوّر كورفينوس خطابَا للسلطان محمد الثاني يدعوه فيه إلى السلام، ونسبه لفلاد الثالث، مما يُعطى كورفينوس الفرصة في الاستئثار بأموال الدولة البابوية التي أُرسلت إليه مُسبقًا والعودة إلى المجر دون حرب.

الأسر في المجر

سٌجن فلاد الثالث لفترة في حصن أوراتيا، نُقل بعدها إلى فيشغراد شمال بودا على الضفة الشرقية لنهر الدانوب، حيث قضى عشر سنوات، قبل نقله مرة أخيرة للسجن في بودا.

وكغيرها من التفاصيل الكثيرة في حياة فلاد الثالث، لا تزال فترة سجنه موضع نقاش بين المؤرخين، وإن ساد الاعتقاد أنها خلال الفترة ما بين عامي 1462 و1474، في الوقت الذي أظهرت فيه المخاطبات الدبلوماسية الصادرة عن بودا للدولة البابوية أن فلاد الثالث لم يقضي سوى أشهر معدودة في الأسر، كما أن سياسات رادو سل فروموس وتبعيته للدولة العثمانية كان لها أشد الأثر في سرعة إطلاق صراح فلاد الثالث لتشجيعه على الانقضاض على عرش الأفلاق مرة أخرى، علاوة على دور الوساطة الذي لعبه شتيفان سل مارى، ڤويڤود مولدوفا، لإطلاق سراح ابن عمه، خاصة بعد تعاظم الخطر العثماني على الأراضي الواقعة شمال الدانوب.

التحول إلى الرومانية الكاثوليكية

تحوّل فلاد الثالث من الأرثوذكسية إلى الكاثوليكية عام 1475 خلال فترة سجنه في المجر، حيث عرض عليه العاهل المجري التحول عن عقيدته الأرثوذكسية والزواج من الكونتيسة إيلونا زيلاغي، ابنة عم كورفينوس، وهو ما لقى قبولًا من جانب فلاد الثالث الذي كان شغله الشاغل العودة إلى الأفلاق واسترداد عرشه.[11][35]

فترة الحكم الثالثة وومقتله

مدخل الضريح المزعوم لفلاد الثالث، سناغوف، رومانيا.

بعد وفاة رادو المفاجئة عام 1475، أعلن فلاد قيام دولته الثالثة في 26 نوفمبر 1476، وبدأ في تجميع قوات من المواليين له والاستعداد لغزو الأفلاق بدعم مجري من كورفينوس، غير أن مُلكه الأخير على الأفلاق لم يدم سوى أقل من شهرين، بعد وفاته في معركة ضد العثمانيين بالقرب من بوخارست،[36] والي اليوم لم يُعرف تحديدًا وقت وفاته، ولا موقع تلك المعركة، الذي ظل مجهولًا هو الأخر، ولم يُعرف سوى يوم الإعلان عن وفاته، الذي وافق 10 يناير 1477، ومن الأرجح أن تكون وفاته في الأيام الأخيرة لديسمبر 1476، كما يُعتقد أن حادثة الاغتيال وقعت على الطريق الرابط بين بوخارست وجورجيو، جدير بالذكر، أنه تم فصل رأس فلاد الثالث عن جسده، حيث أُرسلت الراأس للسلطان العثماني محمد الثاني، الذي قام بعرض الرأس على خازوق خشبي في العاصمة العثمانية أدرنة،[36] بينما قام غريم فلاد الثالث، باسراب العجوز، بدفن ما تبقى من جثة خصمه، بدون أية مراسم جنائزية، في كومانا على الأرجح، داخل الدير الذي أسسه فلاد الثالث بنفسه عام 1461،[37] وقد هًدم هذا الدير وأُعيد بنائه من جديد عام 1589.[38] ولا تزال طريقة وفاة فلاد الثالث محل بحث المؤرخين، الذين انتهوا إلى ثلاث نظريات، وإن يصعب ترجيح أحدهم لندرة أو انعدام الوثائق التاريخية المرجحة لأي منهم؛ حيث تشير النظرية الأولى لتعرّض فلاد الثالث لحادث اغتيال على يد أحد البويار المناوئين له وهو على وشك الانتصار في المعركة، وهي النظرية الأوسع قبولًا بين الأوساط الرومانية، في حين تقترح النظرية الثانية هزيمة فلاد الثالث في معركته ضد العثمانيين ومقتله في أرض المعركة، وهي نظرية محدودة، خاصة وإن التجارب السابقة أثبتت قدرة فلاد الثالث على التعامل مع القوات العثمانية من خلال الانتصارات المتوالية التي حققها عليهم سواء في ترانسيلفانيا أو بلغاريا وحتى الأفلاق، وأخيرًا النظرية الثالثة الداعية لانتصار فلاد الثالث في معركته ضد العثمانيين ومع ذلك تعرّض للقتل على يد أحد الجنود، وهو أمر غير مقبول منطقيًا، فحتى وإن لقى حتفه على يد أحد الجنود المأجورين، فإن البقية من جنوده لم يكونوا ليسمحوا بفصل رأس ملكهم عن جسده وإرسالها إلى السلطان العثماني.[36]

أما بخصوص مكان الدفن، فقد أرسى المؤرخون الرومانيون اعتقادًا، خلال القرن التاسع عشر، بأن رفات فلاد الثالث مدفونة في دير بجزيرة سناغوف القريبة من بوخارست، دون أي وثائق تاريخية تدعم هذا الاعتقاد، معتمدين فقط على أطروحات تدعي بأن فلاد الثالث هو مؤسس هذا الدير، حتى جاء عالم الآثار الروماني ألكسندر أودوبيسكو، عام 1855، ليؤكد بطلان هذا الادعاء، من خلال دراساته التاريخية، وأعمال الحفرية، التي أكّد من خلالها رجوع تاريخ بناء الدير لما قبل عام 1438، وهو ما أكدته فيما بعد الأعمال الحفرية التي قام بها دينو روسيتي خلال الفترة ما بين يونيو وأكتوبر 1933، والتي أرجعت تاريخ الدير إلى نهاية القرن الرابع عشر، أي قبل ميلاد فلاد الثالث، كما أظهرت الحفريات عدم وجود قبر أسفل شاهد القبر المُزمع أن يكون شاهد قبر فلاد الثالث داخل الدير، وهو ما أورده روسيتي في نتائج أبحاثه التي نشرها عام 1935، والتي جاء فيها إن ما عُثر عليه من عظام أسفل الشاهد المُزمع لم يكن سوى عظام خيول، ولا وجود لأي عظام آدمية.

وفي عام 1970، نشر الصحفي سيميون سافيانو مقالًا بمناسبة مرور خمسمئة عام على وفاة فلاد الثالث، أكد فيه العثور على قبر ثان، غير مُسمى، داخل دير سناغوف، يُعتقد أنه للأمير الأفلاقي،[38] إلا أن المؤرخيين الرومانيين المعاصرين يرجحون فرضية دير كومانا كمثوى أخير لفلاد الثالث.[37]

الموروث الثقافي

القسوة

أشتُهر فلاد الثالث بساديته أثناء حياته، فعرفه الجميع طاغية يتلذذ بالتعذيب والقتل، حتى الصور الشخصية المرسومة له لم تكف عن تصويره بصورة أقسى الجلادين والحكام، وبعد وفاته انتشرت فظائعه وقسوته من خلال المنشورات المطبوعة في ألمانيا، والتي استمرت طباعتها طوال الفترة الممتدة بين العقد الثامن للقرن الرابع عشر وحتى العقد السادس للقرن الخامس عشر، كما وصلت أخباره حتى روسيا القيصرية ولكن بصورة أخف وطأة من تلك في ألمانيا، ومع ذلك جعلت هذه المنشورات من فلاد الثالث مثالاً للقسوة والوحشية في العالم بأسره لما حوته من فظائع، فعل سبيل المثال، نجد الفقرة التالية منشورة في واحد من تلك المنشورات المطبوعة عام 1521:[39]

" er liess kinnder praten die musten ire mütter essen. Und schneyd den frawen den prüst ab den musten ire man essen. Darnach liess er sie all spissen "
" كان يشوي الأطفال، ويأتي بأمهاتهم فيأمرهم بأكل لحوم أطفالهن، ويأتي بالنساء ويقطع أثدائهن فيشويها، ثم يأمر أزواجهم بتناولها، وفي النهاية، يعدمهم جميعًا خزقًا. "
فلاد الثالث في صورة بيلاطس البنطي مُحاكمًا يسوع، الغاليري الوطني، ليوبليانا.
فلاد الثالث في صورة حاكم باتراس الروماني، إيغياس، يأمر بصلب أندراوس، غاليري بلڤيدير، ڤيينا.

ويتراوح عدد ضحايا فلاد الثالث ما بين 40,000 و100,000 فرد، يقارب تمامًا العدد الإجمالي لأربعة قرون من قتلى محاربة الساحرات في أوروبا،[40] وبحسب المصادر الألمانية، تشير التقديرات لما يقرب 80,000 ضحية لفلاد الثالث كحد أدنى، هذا بخلاف القرى والحصون التي أحرقها عن أخرها.[41]

وكان الخزق الطريقة المفضلة لفلاد الثالث في التعذيب والإعدام، حيث أظهرت العديد من المطبوعات والمنشورات الألمانية، خلال الفترة ما بين أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر، مشاهد لفلاد الثالث يتغذى على وليمة في إحدى الغابات خارج براشوف، وقد امتلئت بالجثث المرفوعة فوق الخوازيق، كما أظهرت النقوش صورة لجلاد يقطّع ضحايا أخرين أحياء، كما أوردت المصادر التاريخية ارتداد الجيش العثماني عن هجومه بعد رؤية ما يقرب من 25,000 جثة لجنود عثمانيين أخرين ورعايا الدولة العثمانية من البلغاريين وقد تعفنت جميعها على الخوازيق المتراصة بطول ضفتي الدانوب، كما لم تنفي المصادر، سواء العثمانية أو الرومانية، تراجع السلطان محمد الثاني، المعروف ببراعته في الحرب النفسية، عن هجومه على العاصمة الأفلاقية ترغوفيشت عام 1462 بعد رؤية جثث 20,000 من جنوده علاوة على قائده السابق حمزة باشا وقد تُركت للتعفّن والجوارح من الطيور، خارج أبواب المدنية.[42]

الصفحة الأولى من المنشور المطبوع في نورنبرغ عام 1488 تحت عنوان Die geschicht dracole waide - قصة ڤويڤود دراكولا، وتعد أقدم الصور الشخصية الباقية لفلاد الثالث على الإطلاق.

كما عمل الملك المجري ماتياس كورفينوس على الترويج لسمعة فلاد الثالث وقسوته لأسباب سياسية بحتة؛ تجعل موقفه من رفضه مساعدة فلاد في حربه ضد العثمانيين عام 1462 مقبولًا، خاصة بعد اتلافه لأموال الدولة البابوية التي تحصّل عليها بغرض إعداد جيش لحملة صليبية جديدة ضد الدولة العثمانية، في المقابل، استخدم كورفينوس هجوم فلاد الثالث على جنوب ترانسيلفانيا وخطابات أخرى زورها كورفينوس ممهورة بختم فلاد الثالث، مُدعيًا أنه كان على وشك إرسالها للسلطان العثماني لعقد اتفاقية سلام سرية بين الأفلاق والدولة العثمانية، واتخذ هذه الخطابات وازعًا للزج به في السجن في 7 نوفمبر 1462.

المصادر الألمانية

الصفحة الثالثة من إصدار عام 1499 للمنشور Die geschicht dracole waide - قصة ڤويڤود دراكولا، وتصور تناول فلاد الثالث لطعامه بغابات براشوف محاطًا بالجثث المخوزقة.

انتشرت سيرة فلاد الثالث في ألمانيا من خلال المخطوطات مع نهاية القرن الخامس عشر، ويرجع تاريخ أول تلك المخطوطات إلى قرابة عام 1462، أي قبيل اعتقال فلاد الثالث في المجر،[43] ثم طُبعت هذه المخطوطة ميكانيكيًا فيما بعد في ألمانيا وبيعت للجمهور، فكان لها أكبر الأثر في تكوين رد الفعل الشعبي تجاه فلاد الثالث، كذلك ساهمت بشدة في رسم الصورة المعروفة عنه حتى يومنا هذا، وعلى الجانب المادي، لقت هذه المطبوعات رواجًا بين الألمان عمومًا لتحقق أعلى معدلات الكتب مبيعًا في وقتها، مما دفع أصحاب المطابع لطباعة نسخ أخرى من المخطوطة لاحقُا.

وبخلاف المطبوعات والمنشورات، خلّد الشاعر الألماني مايكل بيهايم سيرة الأمير فلاد الثالث في قصيدته المؤلفة عام 1463 تحت عنوان "قصة مجنون يُدعى دراكولا الوالاكي" (بالألمانية: Von ainem wutrich der hies Trakle waida von der Walachei، نق: فون آينِم ڤوتريخ دير هيس تراكلي ڤايدا فون دير ڤالاخاي)، والتي ألقاها في بلاط الإمبراطور الروماني المقدس فريدريك الثالث في شتاء 1463.[44]

وحتى يومنا هذا، تم العثور على أربعة مخطوطات وثلاثة عشر منشور، علاوة على قصيدة مايكل بيهايم، ويعود تاريخ المخطوطات إلى الربع الأخير من القرن الخامس عشر وحتى عام 1500، بينما يعود تاريخ المنشورات إلى الفترة ما بين عام 1488 وحتى عام 1568، جدير بالذكر أن ثمانية من هذه المنشورات عبارة عن رقوق طبعت قبل عام 1501.

ويبلغ عدد القصص المنسوجة حول فلاد الثالث في الثقافة الألمانية ستة وأربعين قصة قصيرة، وإن لم تضم المخطوطات أو المنشورات أو حتى قصيدة مايكل بيهايم الستة وأربعين قصة مجتمعة، وتتفق جميع تلك القصص على بداية واحدة تعود لتآمر "يوحنا هونيادي" على فلاد الثاني، والد فلاد الثالث، وقتله، وكيف اعتلى كل من فلاد الثالث وأخيه رادو عرش الأفلاق بعد أن أقسما على حماية المسيحية من الخطر العثماني المحدق بها، بعدها تختلف عناوين وترتيب القصص حول فلاد الثالث بحسب اختلاف إصدارات المخطوطات والمنشورات.[41]

المصادر الروسية

تُعرف قصص فلاد الثالث في التراث السلافي عامة والروسي خاصة باسم "قصص ڤويڤود دراكولا، أو قصص أمير الحرب دراكولا" (بالروسية: Сказание о Дракуле воеводе، نق: سكازانيي أو دراكولي ڤويڤودي) ويسود الاعتقاد أنها كُتبت للمرة الأولى كاملة خلال الفترة ما بين عام 1481 وعام 1486، واستمرت طباعة قصص فلاد الثالث منذ بدايات القرن الخامس عشر وحتى القرن الثامن عشر، بقي من هذه الإصدارات جميعها إثنتي وعشرين نُسخة، محفوظين جميعُا في الأرشيف الروسيأ[45] ويعود تاريخ أقدم تلك النسخ لعام 1490، وينتهي كذلك:

" كُتب للمرة الأولى في عام 6994 من الرزنامة البيزنطية (1486)، في 13 فبراير، وأعدت كتابته، أنا الآثمة نفسه، إيفروسين، في العام 6998 (1490)، في 13 يناير. "

جدير بالذكر أن قصص فلاد الثالث في التراث الروسي لا تخضع لترتيب زمني، كما أنها قصص غير متصلة ببعضها البعض، وإنما تُمثّل كل واحدة منها حكاية منفصلة ذات قيمة أدبية وتاريخية منفصلة، تدور في فلك حياة فلاد الثالث، كما يضم التراث الروسي تسع عشرة قصة أطول وأكثر تفصيلًا من القصص الألمانية، ويمكن تقسييم هذه القصص التسعة عشر إلى قسمين؛ القسم الأول ويضم ثلاثة عشر قصة، وهي قصص غير مترابطة زمنيًا ولا تختلف كثيرًا عن القصص التراث شعبي التي يتناقلها الأفراد شفهيًا، بينما تبدو القصص الستة الأخرى مكتوبة بأيدي باحث أو خبير لترابطها الزمني واحتوائها على أحداث أكثر تفصيلا مما سبقها، وتبدأ القصص بمقدمة قصيرة، يليها أحداث لقاء رُسل السلطان العثماني بفلاد الثالث وقراره بتسمير العمائم على رؤوسهم، وتنتهي بمقتل فلاد الثالث، يتبعها نبذة مختصرة عن عائلته.[46]

علاوة على ذلك، هناك عشرة من تلك القصص تماثل تمامًا نظيرتها الألمانية،[47] وعلى الرغم من هذا التشابه بين القصص الألمانية والروسية، هناك فارق ضخم بين نظرة المتلقي في كلا البلدين وتفاعله معهم، فالقصص الروسية دائمًا ما عمدت على تصوير فلاد الثالث في صورة أكثر إيجابية، وقد يرجع هذا لوحدة العقيدة والمُعتقد التي تربط بين الأفلاق وروسيا القيصرية في ذلك الوقت، لاعتناق كليهما المذهب الأرثوذكسي؛ حيث الرومانية الأرثوذكسية في الأفلاق والأرثوذكسية الشرقية في روسيا، بينما الرومانية الكاثوليكية في ألمانيا، ومن جانبها، دائمًا ما وضعت القصص الروسية فلاد الثالث في إطار الحاكم العظيم، والجندي الشجاع، والملك العادل، وفي المقابل أوجدت المبررات لأعمال القتل التي قام بها، والتي جعلتها أفعال مقبولة من حاكم يحاول بسط سيطرته على مملكته وإرساء الأمن داخلها من خلال العقوبات الرادعة، ومن هذه القصص التسعة عشر، تحدثت أربعة منهم فقط عن جرائم فلاد الثالث بصورة مبالغ فيها وذلك على النقيد من القصص الألمانية التي وُضعت أساسًا لإبراز وحشيته،[46] علاوة على ذلك، أُخذ من قصص فلاد الثالث بعض الأحداث والفقرات التي أُضيفت فيما بعد للسيرة الذاتية للقيصر إيفان الرهيب، أمير موسكو وقيصر عموم روسيا خلال الفترة ما بين عام 1547 وحتى عام 1584.[48]

ولا تزال شخصية كاتب قصص فلاد الثالث في التراث الروسي مجهولة حتى يومنا هذا، في حين يظل هناك احتمالان قائمان حول شخصية الكاتب؛ أولهما أ يكون قسيسًا رومانيًا أو راهبًا من ترانسيلفانيا، في حين يشير الاحتمال الثاني لفرضية كونه شخصية رومانية أو مولدافية في البلاط الملكي لشتيفان الكبير، كما طفت على السطح فرضية ثالثة تشير إلى احتمال أن يكون كاتب هذه القصص هو الدبلوماسي الروسي فيودور كوريتسين.[49]

الصورة الشخصية في قلعة أمبراس

اكتشف المؤرخون الرومانيون، أواخر القرن التاسع عشر، صورة شخصية لفلاد الثالث، وهي من الصور النادرة المرسومة له، ورُسمت بعد قرابة قرن من حكمه، ووُضعت في قلعة أمبراس بإنسبروك في ولاية تيرول النمساوية الحالية، في الغاليري المعروف داخل القلعة باسم غاليري الرعب،[50] إلا أنها فُقدت إلى غير رجعة، ويحل محلها الآن نسخة أكبر رُسمت خلال النصف الأول من القرن السادس عشر.[1]

الثقافة الشعبية

القومية الرومانية

للمزيد من المعلومات: الصحوة الوطنية في رومانيا

دأبت الوثائق الرومانية والبلغارية الصادرة منذ عام 1481 على تصوير فلاد الثالث في صورة البطل والقائد الحقيقي، الذي على الرغم من اتخاذه لأساليب قاسية في الحكم، إلا أنه ظل حاكمًا عادلًا في النهاية، اضطر لاستخدام تلك الأساليب لانتزاع البلاد من أيدي الفاسدين من البويار، كما أن كل حملاته العسكرية وجهها ضد عدو واحد، الدولة العثمانية، بغية الحفاظ على استقلال بلاده، والدفاع عن موروثه الديني والثقافي الذي دام مهددًا دائمًا بالغزو من قِبل العثمانيين، وقد جاء ذكر فلاد الثالث في العديد من المصادر الأجنبية، وليس الرومانية أو البلغارية فقط، حيث ذكره الكاتب الإيطالي، مايكل بوكينولي، من راعوزا، في كتاباته التي دوّنها باللاتينية عام 1524 وجاء فيها:[51][52]

" Inter eos aliquando princeps fuit, quem voievodam appellant, Dragulus nomine, vir acer et militarium negotiorum apprime peritus "
" في والاكيا أميرًا يُدعى دراغول، كان حكيمًا، كما كان رجل حرب متمرس. "

كما أوردت المصادر الرومانية، وعلى رأسها كانتاكوتزينو كرونيكل (بالرومانية: Letopisețul cantacuzinesc)، وهو تقرير تاريخي وضعه ستويتشا لوديسكو، أحد أفراد عائلة كونتاكوتزينو، قرابة عام 1688، أوامر فلاد الثالث للبويار ببناء حصن بويناري، كما وصفت التفاعل الشعبي بعودة فلاد الثالث لعرش الأفلاق خلال الفترة الثانية لحكمه:[53]

" De aciia șăzu în scaun Vladul-vodă și veni țara de i să închină, și aduse daruri multe și să întoarseră iarăși cine pre la case-și cu mare bucurie. Iar Vladul-vodă cu ajutorul lui Dumnezeu creștea întru mai mari bunătăți și în cinste pân' cât au ținut sfatul acelui neam drept "
" اعتلى الڤويڤود فلاد العرش، وأتت الأفراد لتحيته من مختلف أنحاء البلاد، ومعهم العديد من الهدايا، ثم عادوا لمنازلهم سعداء، وأزداد الڤويڤود فلاد شرفًا وصلاحًا بمساعدة الرب، الذي أيّده طالما استمر في حكمه العادل. "

وقرابة عام 1785، ألّف الكاتب والمؤرخ الروماني الشهير إوان بوداي-ديليانو قصيدة ملحمية تحت عنوان Țiganiada، تحكي بطولات الأمير فلاد المخوزق خلال حروبه ضد العثمانيين، بعدها ألّف الشاعر الروماني الأشهر ميهاي إمينسكو قصيدة أخرى عام 1881 مجّد فيها دور فلاد الثالث في إيقاظ الحس القومي الروماني، مستخدمًا إياه رمزًا لمحاربة التصدّع المجتمعي وضعف المشهد السياسي الذي شهدته رومانيا خلال القرن التاسع عشر مع تصاعد سلطة الفناريين، كما دعت القصيدة لاستخدام نفس أساليب فلاد الثالث العنيفة كحل لما آلت إليه أوضاع البلاد، وفي نهاية القصيدة يتوجه الشاعر بندائه لفلاد المخوزق، دراكولا، لتقسيم المعاصرين إلى فريقين؛ فريق من الحمقى وفريق من الأشرار، فيزج بالأشرار في السجون ويدفع بالحمقى إلى مستشفيات الأمراض النفسية، وفي النهاية ويضرم النيران في كليهما:[54]

" Dar lăsaţi măcar strămoşii ca să doarmă-n colb de cronici
Din trecutul de mărire v-ar privi cel mult ironici
Cum nu vii tu, Ţepeş doamne, ca punând mâna pe ei
Să-i împarţi în două cete: în smintiţi şi în mişei
Şi în două temniţi large cu de-a sila să-i aduni
Să dai foc la puşcărie şi la casa de nebuni
"

وعلى النقيض، وضعت الوثائق الجرمانية والساكسونية والمجرية الأمير فلاد الثالث في إطار من الوحشية والطغيان، وهو ما يُرجعه العديد من المؤرخين لحملة التشويه الشرسة التي تعرّض لها فلاد الثالث على يد شعوب ترانسيلفانيا السكسونيين، قبل أن يُتم كورفينوس، ملك المجر، نشر تلك القصص والأقاويل حول فلاد الثالث في سائر أنحاء العالم المسيحي،[43][55] ومن المستبعد أن تتم تلك المؤامرات دون علم كورفينوس، خاصة وهو من قام بتوريط فلاد الثالث من خلال الخطابات المزورة التي افتعلها بغرض إلقاء القبض على أمير الأفلاق، ومع ذلك، فهناك أدلة دامغة لا تقبل الشك، سواء رومانية أو أجنبية، بما في لك خطابات فلاد الثالث نفسه، تؤكد جميعها إقدام المخوزق على قتل عشرات الألاف من المدنيين.

برام ستوكر

جاء الربط بين اسم دراكولا ومصاصي الدماء عن طريق الروائي الإنگليزي برام ستوكر، والذي جاء باسم شخصيته المحورية، كونت دراكولا، في كتاب للدبلوماسي الإنگليزي ويليام ويلكينسون، تحت عنوان An Account of the Principalities of Wallachia and Moldavia: with various Political Observations Relating to Them تحدث فيه عن أمراء الأفلاق وكولدافيا والأوضاع السياسية داخل البلدين خلال العصور الوسطى،[56] ومن المعروف قيام برام ستوكر بأبحاث حول هذا الكتاب واتخاذه للعديد مما جاء فيه من أحداث تاريخية كخلفية للأحداث الدائرة في روايته،[57] كما تُشير المصادر إلى تعرّف الكاتب برام ستوكر على شخصية فلاد الثالث بصورة أعمق وأكثر تفصيلًا من خلال أحد معارفه، وهو المستشرق المجري من بودابست، أرمينيـوس ڤمبيري، وعلى الرغم من ذلك، لم يورد أي مصدر تاريخي معتمد أية حوارات أكاديمية دارت بين ستوكر وڤمبيري حول تاريخ الأفلاق بصورة عامة.

معرض الصور

  • التوقيع الشخصي لفلاد الثالث، الأرشيف الوطني الساكسوني، ديوان المحفوظات الوطني في سيبيو.

  • لوحة مائية من جنوب ألمانيا، بريشة نيكولاس أوكسنباخ، رُسمت عام 1600، مكتبة فورتمبرغ، شتوتغارت.

  • صورة بالحجم الطبيعي لفلاد الثالث ترجع للقرن السابع عشر، من ممتلكات عائلة إسترجي، بورغنلاند، النمسا.

  • صورة لفلاد الثالث ترجع للقرن التاسع عشر.

  • النصب التذكاري لفلاد الثالث، دوميترو پاسيما، بوخارست، رومانيا.

المراجع

  1. Dracula, Prince of Many Faces: His Life and His Times. Little, Brown and Company. 1989. صفحات 74–75.  .
  2. Dracula, Prince of Many Faces: His Life and His Times. Little, Brown and Company. 1989.  . مؤرشف من الأصل في 21 أبريل 201924 مايو 2013.
  3. فريد بك, محمد (1909). تاريخ الدولة العليَّة العثمانيَّة. دار النفائس، بيروت، لبنان (1981). صفحة 169.
  4. Dracula: Prince of many faces - His life and his times p. 129
  5. "Vlad III". Encyclopædia Britannica Online. 2010. مؤرشف من الأصل في 8 مايو 201526 مايو 2010.
  6. Anuarul Institutului de Istorie Cluj-Napoca, no. 35, Institutul de Istorie din Cluj, Editura Academiei, 1996,pp. 29-34. نسخة محفوظة 02 نوفمبر 2014 على موقع واي باك مشين.
  7. Dracula, prince of many faces: his life and his times. Little, Brown and Company. 1989. صفحة 45.  .
  8. Mehmed the Conqeror - And his Time. Princeton University Press. 1978.  .
  9. Dracula, prince of many faces: his life and his times. Little, Brown and Company. 1989. صفحة 133.  .
  10. "Prince Charles claims Vlad the Impaler as ancestor". Today.msnbc.msn.com. 2011-10-27. مؤرشف من الأصل في 31 ديسمبر 201117 أغسطس 2012.
  11. "Vlad the Impaler". http://www.nndb.com. مؤرشف من الأصل في 15 مايو 201923 يونيو 2013.
  12. Dracula: Prince of many faces - His life and his times p. 130
  13. Dracula: Prince of many faces - His life and his times p. 131
  14. Dracula: Prince of many faces - His life and his times pp. 131-32
  15. Dracula: Prince of many faces - His life and his times p. 132
  16. Dracula: Prince of many faces - His life and his times p. 133
  17. Geringer, Joseph, Staggering the Turks, Crimelibrary.com نسخة محفوظة 10 فبراير 2015 على موقع واي باك مشين.
  18. فريد بك, محمد (1909). تاريخ الدولة العليَّة العثمانيَّة. دار النفائس، بيروت، لبنان (1981). صفحة 170.
  19. The Night Attack
  20. Vlad Ţepeş p. 99
  21. Dracula: Prince of many faces - His life and his times p. 134
  22. Dracula: Prince of many faces - His life and his times p. 139
  23. Noi Izvoare Italiene despre Vlad Ţepeş şi Ştefan cel Mare
  24. Mehmed the Conqueror and his time p. 205
  25. Dracula: Prince of many faces - His life and his times p. 141
  26. Dracula: Prince of many faces - His life and his times pp. 143-44
  27. Stoicescu, Nicolae. Vlad Ţepeş pp.117-18
  28. Dracula: Prince of many faces - His life and his times pp. 145-46
  29. Mehmed the Conqueror and his time p. 206-7
  30. Dracula: Prince of many faces - His life and his times p. 145
  31. Dracula: Prince of many faces - His life and his times p. 147
  32. Dracula: Prince of many faces - His life and his times p. 148
  33. Mehmed the Conqueror and his time p. 207
  34. Mehmed the Conqueror and his time p. 206
  35. "Vlad Tepes". http://www.e-scoala.ro. مؤرشف من الأصل في 20 يونيو 201823 يونيو 2013.
  36. "How did the Impaler die?". http://www.exploringromania.com/index.html. مؤرشف من الأصل في 28 يناير 201923 يونيو 2013.
  37. Constantin Rezachevici, Unde a fost mormântul lui Vlad Tepes? (II), Magazin Istoric, nr.3, 2002, p.41)
  38. Rezachevici, Constantin (2002). The tomb of Vlad Tepes: the most probable hypothesis. Journal of Dracula Studies, Number 4. مؤرشف من الأصل في 17 مايو 2015. [1]
  39. Gutknecht (1521), p.7 نسخة محفوظة 06 أكتوبر 2014 على موقع واي باك مشين.
  40. Florescu, Radu R. (1999). Essays on Romanian History. The Center for Romanian Studies.  .
  41. Harmening, Dieter (1983). Der Anfang von Dracula. Zur Geschichte von Geschichten. Königshausen+Neumann.  .
  42. Garza, Thomas (2010). The Vampire in Slavic Cultures. United States: Cognella. صفحات 145–146.  .
  43. Andreescu, Ștefan (1998). Vlad Țepeș (Dracula): între legendă și adevăr istoric [Vlad Tepes (Dracula): between legend and historical truth]. Editura Enciclopedica.  .
  44. Michel Beheim, German Meistergesang, and Dracula. Journal of Dracula Studies, Number 5. 2003. مؤرشف من الأصل في 17 مايو 2015.
  45. McNally, Raymond. (1982). "Origins of the Slavic Narratives about the Historical Dracula".
  46. Andreescu; McNally & Florescu
  47. Striedter, Jurij. (1961). "Die Erzählung vom walachisen Vojevoden Drakula in der russischen und deutschen Überlieferung".
  48. Perrie, Maureen (1987). The image of Ivan the Terrible in Russian folklore. Cambridge University Press.  .
  49. Andreescu, McNally
  50. Erche B (August 2008). "Der schlimmste Boesewicht der Walachei" ( كتاب إلكتروني PDF ). Weltkunst (باللغة الألمانية): 7. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 25 فبراير 201230 يونيو 2009.
  51. "Epistula Michaelis Bocignoli Ragusei in multiple languages". Archive.org. مؤرشف من الأصل في 6 مارس 201617 أغسطس 2012.
  52. Bučinjelić, Miho. "Epistula Michaelis Bocignoli Ragusei". Mudrac.ffzg.hr. مؤرشف من الأصل في 7 نوفمبر 201517 أغسطس 2012.
  53. "Letopisețul cantacuzinesc" ( كتاب إلكتروني PDF ). adevarulromanesc.files.wordpress.com. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 3 أبريل 201628 يونيو 2013.
  54. "Letter 3 (summary)". Natkat.org. مؤرشف من الأصل في 12 أكتوبر 201817 أغسطس 2012.
  55. "Stefan Andreescu - Vlad Tepes Dracula". Scribd.com. مؤرشف من الأصل في 7 أبريل 202017 أغسطس 2012.
  56. Wilkinson, William. "Account of the Principalities of Wallachia and Moldavia: With Various Political Observations Relating to Them by William Wilkinson - Reviews, Discussion, Bookclubs, Lists". Goodreads.com. مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 201117 أغسطس 2012.
  57. Miller, Elizabeth (2000). Dracula: sense & nonsense. Desert Island Books.  .

وصلات خارجية


موسوعات ذات صلة :