الرئيسيةعريقبحث

أكل التراب


☰ جدول المحتويات


تُظهِر الأشعة السينية (أشعة إكس) السيليكا في جزيئات التربة بيضاء، والتي كانت تؤكل من قِبَل امرأة من جنوب أفريقيا.

أَكْلُ التُّراب أو أَكْلُ الوَحلِ (Geophagia)‏[1] هو ممارسة أكل مواد تشبه الطين أو التراب مثل الطمي أو الطباشير. يحدث هذا في الحيوانات حيث أنه قد يكون سلوكًا طبيعيًا أو غيرَ طبيعيّ، وأيضا في البشر في معظم الأحيان في المناطق الريفية أو مجتمعات ما قبل الصناعة بين الأطفال والحوامل من النساء.[2] قد يكون أكل التراب بواسطة الإنسان ذي صلة بالوحام، وهو اضطراب في الأكل في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM) يتميز برغبة شديدة وغير طبيعية في تناول مواد غير مُغذّية.[3][4]

البشر

طفلة في الخامسة من عمرها فيبيرو مع رغبة في تناول الأرض (geophagia).

الأدلّة الأنثروبولوجية والتاريخية

يعتقد بعض الباحثين أن أول إنسان أكل التربة كان في أفريقيا. يُعدّ أكل التراب عالميًا تقريبًا في أنحاء العالم في المجتمعات القبلية وفي المجتمعات الريفية التقليدية (على الرغم من أنه لم يتم توثيقها في اليابان وكوريا). في العالم القديم، لاحظ العديد من الكتاب استخدام أكل التراب. وأيضًا لاحظ بلينيوس الأكبر استخدام التربة في ليمنوس، وهي جزيرة في اليونان، وقد لُوحِظ أكل التراب في هذه الجزيرة حتى القرن الرابع عشر.[5] يذكر كتاب أبقراط (460-377 قبل الميلاد) أكل التراب، وربط الكتاب الطبي الشهير De Medicina الذي تم تحريره بواسطة كورنيليوس سيلسوس (14-37 ميلاديًا) بين فقر الدم وأكل التراب.

لاحظ المستكشفين الأوائل في الأمريكتين استخدام أكل التراب بين الأمريكيين الأصليين، بما في ذلك جبرائيل سواريس دي سوزا الذي استخدم أكل التراب في الانتحار في قبيلة عام1587 في البرازيل، وفي أفريقيا، كتب ليفينغستون عن العبيد الذين تناولوا الطين في زنجبار، وهو يعتقد أيضًا أن أعدادًا كبيرة من العبيد جلبوا معهم ممارسات أكل الطين عندما تم شحنهم كجزء من تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي. كان أكل التراب شائعًا بين العبيد الذين لُقِّبوا بـ "أكلة الطمي" لأنهم عُرِفوا باستهلاك الطين، وكذلك التوابل، والرماد، والطباشير، والعشب، والجص، والطلاء، والنشا.

في عصورٍ أحدث، وِفقًا  لكتاب فقراء الجنوب البيض كان أكل التراب شائعًا بين البيض الفقراء في جنوب شرق الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وكان أحيانًا يُسخَر منه في الأدب الشعبي. يذكر الأدب أيضًا "يعتقد الكثير من الرجال أن أكل الطين يزيد البراعة الجنسية، وادَّعت بعض الإناث أن تناول الطين ساعد النساء الحوامل على جعل الولادة يسيرة."[6] قد يكون أكل التراب بين الجنوبيين ناجمًا عن ارتفاع معدل انتشار مرض الشصية، والذي تكون أحد أعراضه الرغبة في تناول الطين.[7]

الممارسات المعاصرة

العديد من الصخور المختلفة من مادة مثل الطين تُباع في سوق محلية في كابوي في زامبيا. عادة ما يتم شراؤها وتناولها من قِبَل النساء الحوامل.

فيأفريقيا، يُعرف أكل التراب أحيانًا باسم كاولين (في غابون[8] و الكاميرون[9])، أو (في غينيا الاستوائية)، يؤكل من أجل المتعة أو لسد حاجة الجوع. يُباع الكاولين للاستهلاك البشري في معظم الأسواق في الكاميرون ويُطعَّم في كثير من الأحيان بنكهة التوابل مثل الفلفل الأسود والهيل.[10] ويكون الاستهلاك أكبر بين النساء خاصة أثناء الحمل.[11]

في هايتي، يعاني الناس من الفقر ومن المعروف تناول البسكويت المصنوع من التراب والملح و السمن النباتي. يملك هذا البسكويت الحد الأدنى من القيمة الغذائية، فيمكِّن الفقراء من البقاء على قيد الحياة. ومع ذلك، ذُكِر أن استهلاكه على المدى الطويل يسبب آلام فيالمعدة، ويمكن أن يكون مصدرًا لسوء التغذية ولاينصح به الأطباء.[12]

في الولايات المتحدة، يُباع الطين المطبوخ، والمخبوز، والمعالَج في محلات مخازن الأغذية الصحية وأسواق السلع المستعملة الريفية في الجنوب.[13] في المناطق الريفية من ولاية ميسيسيبي وغيرها من الولايات الجنوبية، كان استهلاك الطين الغني بالتراب عرفًا شائعًا وقد مُورس من قِبل الفقراء البيض والسود منذ أجيال.[14] ومع ذلك، أصبح أكل التراب أقل انتشارًا حييث اندمج الريف الأميركي في الثقافة الحضرية.

البنتونيت هو طين متاح في جميع أنحاء العالم كوسيلة مساعدة على الهضم؛ الكاولين أيضًا يُستخدم على نطاق واسع كوسيلة مساعدة في الهضم وكقاعدة لبعض الأدوية. الأتابولجيت، نوع آخر من الطين، هو العنصر النشط في العديد من أدوية مكافحة الإسهال.[15]

الحيوانات

ينتشر أكل الطين على نطاق واسع في المملكة الحيوانية. كان جالينوس، الفيلسوف والطبيب اليوناني، أول من سجل استخدام الطين من قِبل الحيوانات المريضة أو المصابة في القرن الثاني الميلادي. وتم توثيق هذا النوع من أكل التراب في "العديد من الأنواع من الثدييات والطيور والزواحف والفراشات، وخاصة بين الحيوانات العاشبة."[16]

الطيور

ببغاوات تأكل الأرض

لُوحِظ أن أنواع كثيرة من ببغاوات أمريكا الجنوبية تلعق في الطين، [17] كما لُوحظ تناول الكوكاتو كبريتي العرف للطين في بابوا غينيا الجديدة.[18] ويُظهر تحليل التربة التي تستهلكها الطيور البرية أنها غالبًا ما تفضل التربة ذات المحتوى العالي من الطين.[17]

يمكن أن يؤدي تفضيل أنواع معينة من الطين أو التربة إلى سلوك تغذية غير معتاد. فعلى سبيل المثال، تتجمع الببغاوات البيروفية الأمازونية ليس فقط في منحنى معين من نهر مانو ولكن في طبقة معينة من التربة التي توجد على طول هذا المنعطف مئات الأمتار أفقيًا. تتجنب الببغاوات تناول الركيزة في طبقات أعلى أو أسفل بمتر واحد من الطبقة المفضلة. فتأكل هذه الببغاوات بانتظام البذور والفواكه غير الناضجة التي تحتوي على قلويدات وسموم الأخرى التي تجعلها مريضة وحتى تسبب موتها. ولأن العديد من هذه المواد الكيميائية تصبح مشحونة إيجابيًا في المعدة الحمضية، فإنها ترتبط بالمعادن الطينية التي تملك مواقع لتبادل الكاتيون سالبة الشحنة، وبالتالي تصبح آمنة. تتميز التربة المفضلة لديهم بقدرة تبادل كاتيوني أعلى بكثير من الطبقات المتجاورة من التربة التي تم رفضها لأنها غنية بالمعادن السميكتية والكاولين والميكا. تفوق التربة المفضلة الكاولينات المعدنية النقية وتتجاوز أو تقترب من البنتونيت النقي في قدرتها على ربط الكينين وحامض التانيك. وتشير اختبارات هذه التربة في المختبر وفي الجسم الحي إلى أنها تطلق أيضًا كميات هامة من المعادن مثل الكالسيوم والصوديوم. ولا يزال مجهولًا أي وظيفة هي الأكثر أهمية في الطيور آكلة التراب.

الرئيسيات

هناك العديد من الفرضيات حول أهمية الجيوفاجيا في الخفافيش والرئيسيات.[19][20] وقد لُوحظ أن الشمپانزي في حديقة كيبال الوطنية بأوغندا يستهلك التربة الغنية بطين الكاولينيت قبل وقت قصير أو بعد استهلاك النباتات بما في ذلك تريشيليا روبسنس التي تمتلك خصائص مضادة للملاريا في المختبر.[21]

الخفافيش

هناك جدال حول ما إذا كانت الجيوفاجيا في الخفافيش أساسًا للمكملات الغذائية أو لإزالة السموم. لكن من المعروف أن بعض الأنواع من الخفافيش تلعق المعادن أو الملح بانتظام.[22] ولذلك، من غير المحتمل أن يكون التكميل المعدني هو السبب الرئيسي لأكل التراب في الخفافيش. بالإضافة إلى ذلك، يزيد وجود الخفافيش التي تلعق الملح خلال فترات ارتفاع طلب الطاقة. فتم التوصُّل إلى أن الغرض الأساسي من وجود خفافيش تلعق الملح هو لأغراض إزالة السموم، وتعويض عن زيادة استهلاك الفاكهة السامة والبذور. وقد تبين أن هذا واضح بشكل خاص في الخفافيش المرضعات والحوامل، مع زيادة تناول الطعام لتلبية مطالب الطاقة العالية.

التأثير على الصحة

تم الكشف عن معادن طينية لها آثار ميكروبيولوجية مفيدة، مثل حماية المعدة ضد السموم والطفيليات ومسببات الأمراض.[23][24] فالبشر غير قادرين على تصنيع فيتامين B12 (كوبالامين)، لذلك قد يكون أكل التراب تكيف سلوكي للحصول عليه من البكتيريا في التربة.[25][24][26]

قد يختلف المحتوى المعدني في التربة في كل منطقة، ولكن العديد منها يحتوي على مستويات عالية من الكالسيوم والنحاس والمغنيسيوم والحديد والزنك التي تعتبر ضرورية بالنسبة للنساء الحوامل والفلاحين، حيث تميل الطبيعة عادة إلى تفضيل السلوكيات القائمة على البقاء على قيد الحياة. هناك مخاطر صحية واضحة في استهلاك التربة الملوثة بالبراز الحيواني أو البشري؛ على وجه الخصوص، بيض الديدان الطفيلية، مثل الأسكارس، التي يمكن أن تبقى قابلة للحياة في التربة لسنوات، مما يؤدي إلى التهابات الديدان الطفيلية.[27][28] يشكل الكزاز خطرًا إضافيًا. ويرتبط التسمم بالرصاص أيضًا بأكل التراب.[29]

ملاحظات

  1. Ziegler, J. (1997). "Geophagia: a vestige of paleonutrition?". Tropical Medicine and International Health. 2 (7): 609–611. doi:10.1046/j.1365-3156.1997.d01-359.x. PMID 9270727.
  2. Abrahams PW (2003). "Human Geophagy: A Review of Its Distribution, Causes, and Implications". Geology And Health: Closing The Gap. Oxford University Press US.  .
  3. Handbook of Evidence-Based Practice in Clinical Psychology, Child and Adolescent Disorders. John Wiley & Sons. 2012. صفحة 304.
  4. Coleman AM (2015). A Dictionary of Psychology. Oxford University Press. صفحة 576.
  5. Woywodt, A; Kiss, A (2002). "Geophagia: the history of earth-eating". Journal of the Royal Society of Medicine. 95 (3): 143–6. doi:10.1258/jrsm.95.3.143. PMID 11872770.
  6. Flynt, Wayne (2004). Dixie's forgotten people: the South's poor whites. Indiana University Press. صفحة 40.  .
  7. Janovy, John Jr., المحرر (2009). "Nematodes: Trichinellida and Dioctophymatida, Enoplean Parasites". Foundations of Parasitology (الطبعة Eighth). McGrawHill. صفحة 425.  .
  8. Karine Boucher, Suzanne Lafage.
  9. Franklin Kamtche.
  10. "The people who can't stop eating dirt". BBC News. BBC News. 16 June 2016. مؤرشف من الأصل في 13 يناير 2018.
  11. Callahan GN (2003). "Eating dirt". Emerging Infect. Dis. 9 (8): 1016–21. doi:10.3201/eid0908.030333. PMID 12971372.
  12. Jonathan M. Katz. "Poor Haitians Resort to Eating Dirt". National Geographic. مؤرشف من الأصل في 13 مارس 201821 مارس 2015.
  13. ABC News, Experts claim habit of eating dirt may be beneficial for some, October 04, 2005 (accessed 17 December 09) نسخة محفوظة 30 سبتمبر 2012 على موقع واي باك مشين.
  14. Schmidt, William E., المحرر (13 February 1984). "Southern Practice Of Eating Dirt Shows Signs Of Waning". New York Times. مؤرشف من الأصل في 8 ديسمبر 201809 أغسطس 2015.
  15. "Why is geophagy treated like dirt?". Deviant Behavior. 24 (4): 353–71. 2003. doi:10.1080/713840222.
  16. Diamond JM (1999). "Evolutionary biology. Dirty eating for healthy living". Nature. 400 (6740): 120–1. doi:10.1038/22014. PMID 10408435. مؤرشف من الأصل في 21 أبريل 2019.
  17. "The roles of soil characteristics and toxin adsorption in avian geophagy" ( كتاب إلكتروني PDF ). Biotropica. 40 (6): 766–74. 2008. doi:10.1111/j.1744-7429.2008.00429.x. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 29 مارس 2017.
  18. Symes CT, Hughes, JC, Mack AL, Marsden SJ (2006). "Geophagy in birds of Crater Mountain wildlife management area, Papua New Guinea" ( كتاب إلكتروني PDF ). Journal of Zoology. 268 (1): 87–96. doi:10.1111/j.1469-7998.2005.00002.x. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 14 أبريل 2019.
  19. Abrahams PW (2013). "Geophagy and the Involuntary Ingestion of Soil". In Selinus O (المحرر). Essentials of Medical Geology. Springer. doi:10.1007/978-94-007-4375-5_18.
  20. Krishnamani R, Mahaney WC (2000). "Geophagy among primates: adaptive significance and ecological consequences" ( كتاب إلكتروني PDF ). Animal Behaviour. 59 (5): 899–915. doi:10.1006/anbe.1999.1376. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 26 فبراير 2015.
  21. Klein N, Fröhlich F, Krief S (2008). "Geophagy: soil consumption enhances the bioactivities of plants eaten by chimpanzees". Naturwissenschaften. 95 (4): 325–31. doi:10.1007/s00114-007-0333-0. PMID 18188538.
  22. Voigt CC, Capps KA, Dechmann DK, Michener RH, Kunz TH (2008). "Nutrition or Detoxification: Why Bats Visit Mineral Licks of the Amazonian Rainforest". PLOS ONE. 3 (4). doi:10.1371/journal.pone.0002011. مؤرشف من الأصل في 4 مارس 2020.
  23. Williams LB, Haydel SE (2010). "Evaluation of the medicinal use of clay minerals as antibacterial agents". Int Geol Rev. 52 (7/8): 745–70. doi:10.1080/00206811003679737. PMC . PMID 20640226.
  24. Lallanilla, Marc, المحرر (3 October 2005). "Eating Dirt: It Might Be Good for You". ABC News. مؤرشف من الأصل في 1 ديسمبر 201709 أغسطس 2015.
  25. Henry JM, Cring FD (2012). "Geophagy An Anthropological Perspective". In Brevik EC, Burgess LC (المحررون). Soils and Human Health. CRC Press. doi:10.1201/b13683-12.  .
  26. University of Chicago Press Journals, المحرر (4 June 2011). "Eating dirt can be good for the belly, researchers find". ScienceDaily. مؤرشف من الأصل في 13 مايو 201909 أغسطس 2015.
  27. Bisi-Johnson MA, Obi CL, Ekosse GE (2010). "Microbiological and health related perspectives of geophagia: an overview". African Journal of Biotechnology. 9 (36): 5784–91. مؤرشف من الأصل في 03 مارس 2016.
  28. Brooker SJ, Bundy DAP (2014). "55 - Soil-transmitted Helminths (Geohelminths)" , in Manson's Tropical Infectious Diseases (Twenty-Third Edition), edited by Farrar, J et al., W.B. Saunders London, pp. 766–94 , doi:10.1016/B978-0-7020-5101-2.00056-X
  29. Cook A, Ljung K, Watkins R (2011). "Human Health and the State of the Pedosphere", in Encyclopedia of Environmental Health, edited by Nriagu, J.O. Elsevier, Burlington, pp. 108–15, . doi:10.1016/B978-0-444-52272-6.00158-6

لمزيد من القراءة

  • Cooper, D.W. (2000). "Clay Eating Parrots". Parrots Magazine. 36.
  • Wiley, Andrea S. (2003). "Geophagy". Encyclopedia of Food and Culture. 2. New York: Charles Scribner's Sons. صفحات 120–121.

وصلات خارجية

موسوعات ذات صلة :