محمد بن إسحاق بن يسار المدني (80 هـ - 699 / 151 هـ - 769م): حافظ، محدث، إخباري، نسابة، و من قدماء مؤرخي العرب، ومن أبرز علماء وحفاظ الحديث. من أهل المدينة. له (السيرة النبوية) هذبها عبد الملك بن هشام، وفي ذلك قال ابن العِماد الحنبلي: « والإمام محمد بن إسحاق بن يسار، صاحب السيرة، وكان بحرا من بحور العلم، ذكيا حافظا، طلّابة للعلم، أخباريا، نسابة.. ومن كتب ابن إسحاق أخذ عبد الملك بن هشام، وكلّ من تكلم في السّير فعليه اعتماده».[2] .
محمد ابن اسحاق | |
---|---|
معلومات شخصية | |
الميلاد | 80 هـ/699م المدينة |
الوفاة | 151 هـ/ 769م بغداد |
الجنسية | عربي |
الحياة العملية | |
تعلم لدى | محمد الباقر، وابن شهاب الزهري |
التلامذة المشهورون | سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة |
المهنة | مؤرخ ومحدث |
اللغات | العربية[1] |
أعمال بارزة | سيرة ابن إسحاق |
📖 مؤلف:ابن إسحاق |
ولد ابن إسحاق في المدينة المنورة سنة 80 هـ، ورأى بعض الصحابة المعمرين أمثال: أنس بن مالك، ومحمود بن الربيع، وسهل بن سعد.[3] أقبل على علم الحديث بالمدينة المنورة والحجاز في سن مبكرة، فأخذ عن عدد كبير من كبار أعيان التابعين، ومنهم القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وأبان بن عثمان بن عفان. ثم أخذ يتجه إلى مختلف العلوم، وراح يتتلمذ على علماء عصره، مثل: عاصم بن عمر بن قتادة، عبد الرحمن بن هرمز، والزهري؛ ويعد أشهر تلاميذ ابن شهاب الزهري على الإطلاق. ولم يكتفِ بذلك، بل رحل إلى الإسكندرية سنة 115 هـ فولع بالأدب وأظهر الاهتمام بمعرفة التاريخ ووقائع العرب وأيامهم، ثم نزل العراق بعد ارتقاء العباسيين سدة الحكم 132 هـ. فنزل الكوفة، والجزيرة، والري، واتصل بالمنصور، وألف له كتابا في التاريخ منذ خلق آدم إلى يومه، واختصره في كتاب المغازي. وكان في آخر أمره سكن بغداد فمات فيها، ودفن بمقبرة الخيزران سنة 151 هـ الموافقة 769م.[4]
وكان من حفاظ الحديث المتقنون، حتى لقب بأمير المؤمنين في الحديث في زمانه، وفي ذلك يقول ابن حبان: «محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث، ومن أحسن الناس سياقا للأخبار».[5] وهو من ثقات مؤرخي التاريخ العربي الإسلام، قال الشافعي: «من أراد أن يتبحر في المغازي، فهو عيال على محمد بن إسحاق».[6] وكتابه (المبتدأ والمبحث والمغازي) وصلنا قطعة صغيرة منه. وهو أوّل من ألّف في السيرة النبوية ومن أوائل من ألّف في التاريخ العرب، وفي ذلك قال ابن سعد: «محمد بن إسحاق أول من جمع مغازي رسول الله ﷺ وألفها»،[7] وقال صاحب سير أعلام النبلاء: « محمد بن إسحاق أول من دون العلم بالمدينة، وذلك قبل مالك وذويه، وكان في العلم بحرا عجاجا.».[8] وعقد كتابه قي ثلاثة أقسام، أخبار الخليقة من آدم حتى إسماعيل، أخبار العرب في الجاهلية من إسماعيل وحتى المبعث، أخبار النبي ومغازيه وجملة من أخبار عصر الخلافة الراشدة. ونجد مقتطفات من كتابه في تاريخ الطبري وتاريخ خليفة بن خياط وغيرهم.[9]
سيرته وحياته
مولده ونشأته
ولد ابن إسحاق سنة 80 هـ، قال الذهبي: «ولد ابن إسحاق سنة ثمانين ورأى أنس بن مالك بالمدينة».[10] نشأ ابن إسحاق في أسرة من الموالي.[11] وكان جده يسار عربيًا مسيحيًا، من سبي عين تمر سنة 12 هـ، أرسل مع الأسرى اللآخرين إلى المدينة،[12] وصار رقيقًا عند بني قيس بن مخرمة بن المطلب، وأعتق بعد اعتناقه الإسلام.[13] والبعض يزعم أن جده يسار، كان عبدًا مملوك لقريش في زمن النبي ﷺ، وأن يسار هذا له صحبة،[14] وقد روت كرامة بنت محمد بن إِسحاق بن يسار، عن أَبيها محمد، عن أَبيه إِسحاق، عن جده يسار:«أَنه أَتى النبي ﷺ فمسح رأَسه ودعا له بالبركة».[15]
وكان ليسار أبناء ثلاثة، تزوج أحدهم، المسمى إسحاق، ابنة مولى يسمى صبيح،[16] فأنجبت له محمدًا صاحب المغازي فيما بعد، وقد ترعرع ابن إسحاق في المدينة المنورة وأدرك بعض الصحابة المعمرين أمثال: أنس بن مالك، أم سعد بنت سعد الأنصارية.[17] وكان والده إسحاق وعمه موسى وعبد الرحمن من المحدثين المعروفين.[18] كما كان له أخوة من رواة الحديث هما عمر وأبو بكر.[19]
طلبُه للعلم وشيوخه
شرع ابن إسحاق في طلب العلم في سن مبكرة، وكان أبوه قبله مشغوفا بجمع الأحاديث والأخبار، وغالبًا ما يروي عن أبيه في كتبه. فلابد لذلك أن يكون محمد بن إسحاق اضطر إلى الاشتغال منذ حداثته برواية الحديث، ووسع فيما بعد مداركه بزيارة أشهر العلماء من أمثال عاصم بن عمر بن قتادة، وعبد الله بن أبي بكر الأنصاري، وابن شهاب الزهري، وقد رجع إلى الثلاثة جميعهم في كتابه، وكان الزهري بالأخص يجله ويركز عليه من بين طلابه، وفي ذلك روى الخطيب البغدادي بسنده:«رأيت الزهري أتاه محمد بن إسحاق، فاستبطأه فقال له: أين كنت؟ قال: وهل يصل إليك أحد مع حاجبك، قال: فدعا حاجبه، فقال له: لا تحجبه إذا جاء»،[20]. ولكن ابن إسحاق لم يكتفي، وحاول أيضًا أن يحصل على الأخبار من كل مكان آخر، ويذكر قرابة مئة راوٍ من المدينة وحدها.
وعندما بلغ نيف وثلاثون سنة رحل إلى الإسكندرية سنة 115 هـ،[21] وتتلمذ ليزيد بن أبي حبيب، وتلقى عنه كتابه في (سفراء النبي) وأخذ عن جماعة من محدثي مصر، وفي ذلك يقول أبو يونس المصري:« محمد بن إسحاق بن يسار: يكنى أبا بكر، ويقال: أبو عبد الله. مدني، قدم الإسكندرية سنة خمس عشرة ومائة. روى عن جماعة من أهل مصر وغيرهم، منهم: عبيد الله بن المغيرة، ويزيد بن أبي حبيب .. وروى عنه من أهل مصر الأكابر، منهم: يزيد بن أبي حبيب».[22].
ولما عاد إلى موطنه المدينة، أبرزه أستاذه ابن شهاب الزهري للحاضرين في عام 123 هـ، وكان الزهري ينصح طلابه بإبن إسحاق، وحكى أبو القاسم السهيلي الآتي: «عن الزهري أنه خرج إلى قريته ادام، فرج إليه طلاب الحديث، فقال لهم: أين أنتم من الغلام الأحول، أو قد خلفت فيكم الغلام الأحول يعني ابن إسحاق»،[23] وفي مناسبه أخرى قال: «من أراد المغازي فعليه بابن إسحاق»،[24] وقال الزهري أيضًا:« لا يزال بالمدينة علم جم ما دام فيهم ابن إسحاق».[25] وقد قابل سفيان بن عيينة ابن إسحاق في المدينة سنة 132 هـ.[26]
وأخيرًا صار مقام ابن إسحاق في بلدته غير ملائم له، فقد مني فيها بعداوة رجلين، عداوة هشام بن عروة ومالك بن أنس، وقيل عداوة هشام كانت بسبب أنه كان يدخل على زوجته ويأخذ الحديث عنها،[27] أما خصومة مالك بن أنس، فلها أسباب أخرى. وقد كان ابن إسحاق صرح بعدم رضاه عن علم مالك، ويخبرنا تلميذ ابن إسحاق: عبدالله بن إدريس لعبارة ابن إسحاق، وبجواب مالك عنها: «كنت عند مالك بن أنس، فقال له رجل: إن محمد بن إسحاق يقول: أعرضوا على علم مالك بن أنس فإني أنا بيطاره، فقال مالك: دجال من الدجاجلة يقول اعرضوا علي علي».[28] وربما كانت بسبب تمسك ابن إسحاق بمذهب القدر، ويقرر أبو زرعة أن دحيما ، صرح له بأن سبب خصومة مالك لاب إسحاق آراؤه في القدر.[29]
غادر ابن إسحاق المدينة المنورة بصفة نهائية إلى العراق بعد قيام الدولة العباسية، وأرتحل إلى الكوفة سنة 134 هـ فسمع منه أهلها، فسمع منه المؤرخ أبو مخنف وتأثر،[30] وفيها - الكوفة - ذاع صيته فاتصل به الأمراء والولاة. وفي سنة 141 هـ - وقيل قبيل ذلك - أقام ابن إسحاق فترة قصيرة في معية العباس بن محمد والي الجزيرة،[31] ثم في سنة 142 هـ قصد أبو جعفر المنصور في الحيرة، فكتب لولده المهدي كتاب المغازي والسير ما بين (142 هـ - 760م/ و146 هـ - 763م)، وهو في الري.[32] ثم عاد إلى بغداد بعد أن نزلها أبو جعفر المنصور للمرة الأولى، فأقام فيها إلى وفاته، وفي ذلك قال الحموي: «وكان محمد بن إسحاق مع العباس بن محمد بالجزيرة، وكان قصد أبا جعفر المنصور بالحيرة، فكتب إليه المغازي. فسمع منه أهل الكوفة لذلك السبب، وسمع منه أهل الجزيرة حين كان مع العباس بن محمد. وأتى الري فسمع من أهلها، فرواته من هذه البلدان أكثر ممن روى عنه أهل المدينة. وأتى بغداد فأقام بها إلى أن مات».[33]
الآراء والمواقف حوله
مؤلفاته
وفاته
توفي محمد بن اسحاق في بغداد سنة 151 هـ/ 768م، ودفن في مقبرة الخيزران عن عمر ناهز سبعون سنة.[34]
مقالات ذات صلة
مراجع
- http://data.bnf.fr/ark:/12148/cb12172761p — تاريخ الاطلاع: 10 أكتوبر 2015 — الرخصة: رخصة حرة
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب - ابن العِماد الحنبلي - الصفحة 375، 376. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٣٤. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- الأعلام - خير الدين الزركلي - ج ٦ - الصفحة ٢٨. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- الثقات - ابن حبان - ج 7 - الصفحة 383. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر - ج ٦٠ - الصفحة ١١٧. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- الطبقات الكبرى - ابن سعد - ج 5 - الصفحة ١١٧. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- أقوال الحافظ الذهبي النقدية في علوم الحديث - امجد أحمد سعيد مكي - الصفحة 308. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- علم التاريخ - دراسة في المناهج و المصادر - إسماعيل سامعي - الصفحة 148. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٣٤. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- تاريخ الطبري - الطبري - ج ٢ - الصفحة ٦٠٨. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- تاريخ دمشق - ابن عساكر - ج 9 - الصفحة 178. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- تاريخ الطبري - الطبري - ج 11 - الصفحة 654. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- معرفة الصحابة - الأصبهاني - الصفحة 2808. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- أسد الغابة - ابن الأثير - ج 5 - الصفحة 481. نسخة محفوظة 18 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
- أسد الغابة - ابن الأثير - ج ٣ - الصفحة ١١. نسخة محفوظة 28 مايو 2019 على موقع واي باك مشين.
- تهذيب التهذيب - ابن حجر - ج 5 - الصفحة 470. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- الطبقات الكبرى - ابن سعد - ج 5 - الصفحة 345. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- الطبقات الكبرى - ابن سعد - ج 5 - الصفحة 451. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- تاريخ بغداد مدينة السلام - البغدادي - ج 2 - الصفحة 14. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- تهذيب الكمال - المزي - ج 24 - الصفحة 424. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- التاريخ - ابن يونس - ج 2 - الصفحة 192. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- الروض الأنف - السهيلي - الصفحة 38. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- التاريخ الكبير - البخاري - ج ١ - الصفحة ٤٠. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- المنتظم في تاريخ الأمم والملوك- ابن الجوزي- ج8 - الصفحة 158 . نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- عيون الأثر - ابن سيد الناس - ج ١ - الصفحة ١٦. نسخة محفوظة 28 يونيو 2019 على موقع واي باك مشين.
- سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٧ - الصفحة ٤٢. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- الجرح والتعديل - الرازي - ج ١ - الصفحة ٢٠ . نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- تهذيب الكمال في أسماء الرجال - المزي - ج 8 - الصفحة 548 . نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٢ - الصفحة ١٨٧. نسخة محفوظة 2 أغسطس 2019 على موقع واي باك مشين.
- هذيب الكمال - المزي - ج 24 - الصفحة 426 . نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- تاريخ اليعقوبي - اليعقوبي - ج ٢ - الصفحة ٣٧١. نسخة محفوظة 1 سبتمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- معجم الأدباء - الحموي - ج 5 - الصفحة 2419. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.
- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٤ - الصفحة ٢٧٦. نسخة محفوظة 18 مارس 2020 على موقع واي باك مشين.