الرئيسيةعريقبحث

اعسمة


اعسمة إحدى المناطق الجبلية الزراعية التابعة لإمارة رأس الخيمة نشأت فيها حضارة قديمة حسب ما أكد الباحثون لوقوعها على طريق التجارة وربطها بين عدة مناطق. لها ثلاثة دروب لتصل إليها احدها عبر طريق منطقة مسافي والثاني على طريق الطويين ودبا والثالث من منطقة الغيل، تدخل المنطقة وكأنك تتغلغل وسط الجبال فتستقبلك النخيل الفارعة الطول ذوات الجذوع النحيلة تجاور سفوح الجبال.[1]

تدخل الوادي وعلى جانبيه تقع المساكن الشعبية وتمضى في طريقك نحو المزارع التي تقع على جانبي الطريق الضيق فهناك الديرة أي مزارع الاهالي وعلى الجانب الآخر الحارة أي المساكن القديمة المبنية من حجر مصفوف فوق بعضه بعضاً تناثر أسقفها وبقيت أطلالا تذكر بالماضي الجميل ويقع فيها ثلاثة حصون تقريبا معروفة احدها يدعى حصن الحويل والثاني حصن البري والثالث حصن الحارة اندثرت حاليا ولم يبق منها سوى الأطلال

تتكون حارات اعسمة القديمة اشقيرية وزكات وكريمه والباحة أي المنطقة الواسعة والمسطاح ووادي الحيال "الحويل" ومعظم تلك المناطق مهجورة حاليا حيث نزل الاهالي في المساكن الشعبية وتركوا الحارات القديمة.

اما سبب التسمية فهو ان المنطقة سميت اعسمة لان الدرب الذي يصل إليها من رأس الخيمة دائما على اليسار إلى ان تصل إليها أي عسراوية الطريق

اما بالنسبة لتاريخ قرية إعسمة فان لديها حضارة ضاربة في القدم، فقد ذكر الدكتور عبد الله الطابور في كتابه جلفار عبر التاريخ عن حضارة اعسمة ان موقع اعسمة من المواقع الأثرية المكتشفة التي يعود تاريخها للالف الثالثة قبل الميلاد آثار رأس الخيمة واعسمة من القرى الجبلية وتقع على بعد خمسة عشر كيلومتراً إلى الشمال من مسافي وتعتبر من المناطق الأثرية المهمة وقد عرفت اعسمة من قبل علماء الآثار من خلال المسح الاثري الذي نشرته بياتريس دي كاردي في عام 1980 واستطاع بعد ذلك الخبير الألماني الدكتور بركهارد فوغت ان يصدر كتابا اشتمل على كافة التقارير العلمية التي توصلت إليها بعثات الآثار إضافة إلى استنتاجاته التي اجراها على منطقة اعسمة ويعد هذا الكتاب نتيجة بحوث ودراسات علمية مهمة عن هذه المنطقة ويقسم الدكتور بركهارد اعسمة القديمة إلى عدد من المواقع بعضها للسكن وأخرى للدفن ترجع إلى عصور مختلفة في فترة ماقبل الإسلام بالتحديد خلال القرنين الثالث والثاني الميلاديين وحتى الالف الثالث قبل الميلاد، فقد كشفت التنقيبات في أساسات مبنى حجري مستطيل ما زالت محفوظة بشكل جيد نسبيا يبلغ طول المبنى الموجه من الشرق إلى الغرب تسعة امتار وعرضه ستة امتار ونصف المتر ويتألف من غرفتين مستطيلتين يفصلهما حائط يتوسطه باب وتبلغ سماكة الجدران مترا واحدا على الأكثر وهي مصنوعة من وجهين من حجارة الكوارتز المتبلورة والمتوافرة محليا وبحشوة من الحصى بينها والمبنى محفور في رواسب الوادي الطينية بعمق نصف متر تقريبا.

وعثر في هذا المبنى على عظام حيوانات وأصداف البحر وأدوات حجرية للمجارش وكسر فخارية متعددة وكانت الأواني الفخارية من النوع الذي يطلق عليه عادة أواني أم النار المنزلية والتي يعود تاريخها إلى نهاية الألف الثالث قبل الميلاد.

ويقول الدكتور فوغت: يعتبر موقع اعسمة الذي اكتشف على ضفة الوادي موقعا فريدا من نوعه ويثير الاستغراب لاحتوائه على مجموعة غنية نسبيا من الأواني التي وجدت فوق سطح الأرض وهي ذات التشكيل المدهش وكان أغلبها أواني محلية من ام النار و19% من هذه الأواني جاءت حضارة هارابا أو مرتبطة حضارة وادي السند وهي معروفة في باكستان وشمال غرب الهند.

وتمتاز الأواني الفخارية الحمراء المكتشفة في شمال اعسمة بتقنيتها العالية وتعتبر صفوف اعسمة المستقيمة هي أولى الصفوف المستقيمة التي تم اكتشافها في شمال شرق الجزيرة العربية وتتوافق بشكل جيد مع تقليد هندسي يمكن رؤيته حاليا في جميع أنحاء الجزيرة تقريبا.

وقد أظهرت تنقيبات الصفوف المستقيمة في اعسمة عدداً من العناصر الانشائية المختلفة فهي تحتوي على قبر مركزي وثلاث منصات وثلاثة اضرحة تحت الأرض بالإضافة إلى قبر دائري متصل كانت تكملها جميعا في يوم ما منشآت ثانوية.

ومن وجهه النظر المعمارية تعتبر مقابر العصر البرونزي في اعسمة منشآت هجينة وفرديه جدا ولا يوجد شبيه لها في المنطقة اما الشفرات التي عثر عليها في اعسمة وام النار فانها تظهر تشابها كبيرا مع تلك التي وجدت في أفغانستان وايلام وشرق الجزيرة العربية وكذلك تلك التي تعود لحضارة ما بين النهرين الأولى.

ويذكر الدكتور فوغت ان الكأس التي عثر عليها في الصف المستقيم هي أكثر المقتنيات اثارة إذ انها تعد أول كأس من نوعها كما لم يعثر عليها في شبه جزيرة عمان ويمكن أن تكون هذه الكأس جاءت من خارج الجزيرة العربية وتشير احجار الجرش وارحية اليد التي عثر عليها في أحد الحقول إلى ان السكان كانوا يمارسون الزراعة في أعالي الوادي وعلى الرغم مما عثر عليه من عروق النحاس في اعسمة الا انه لم يجزم باثبات وجود نشاطات تصنيع النحاس فيها ومن الواضح في مدافن اعسمة شيوع المدافن الفردية إلى جانب الجماعية وهذا يدل على وجود طبقات أو فوارق اجتماعية في مجتمع اعسمة القديم وربما يدل على طقوس معينة كانوا يمارسونها في ذلك الوقت.

والملاحظ ان سكان اعسمة كانوا على علاقة تجارية مع وادي السند ومناطق أخرى وذلك على الرغم من وقوع اعسمة في الداخل وصغر مجتمعها واذا كانت حضارة الألف الثالث قبل الميلاد في اعسمة من المنظور القياسي للزمن والتطور المجتمعي قد تعطي دلالات على حقبة مزدهرة في فترة معينة فانها تكشف وبالدقة عن حضارة قامت في ذلك المكان وارتبطت بروابط ثقافية واقتصادية بعدد من الحضارات المجاورة أو قد تكون مركزا من مراكز النشاط التجاري لاحدى حضارات العهد القديم في المنطقة.

مراجع

  1. جريدة الخليج : اعسمة حضارة قديمة تحتضنها الجبال - تصفح: نسخة محفوظة 30 يونيو 2016 على موقع واي باك مشين.

موسوعات ذات صلة :