الرئيسيةعريقبحث

الأسرة في المسيحية


☰ جدول المحتويات


القرابة المقدسة، وهي نموذج ثقافي مسيحي للعلاقات المتشابكة للأسرة الممتدة وأهمية فكرة الأسرة.[1]

تعتبر الأسرة الوحدة المركزية للمجتمع المسيحي،[2] وهي في المفهوم المسيحي كنيسة صغيرة،[3] وقد اهتمت الكنيسة به ويعتبر الزواج سرًا من الأسرار السبعة المقدسة لكونه يشكل أساس العائلة، بحيث يصبح الزوجان جسدًا واحدًا.[4] كما ويحضّ الكتاب المقدس على صلة الرحم والقرابة والعلاقات الأسرية.[5] فضلًا عن آيات تدعو إلى طاعة الوالدين والإحسان إليهما.[6][7] وكانت كتابات العهد الجديد وآباء الكنيسة وتعاليم الكنيسة قد حددت دور كل فرد من أفراد الأسرة وخصصت لهم حقوق وواجبات معينة: فالأب هو المسؤول الرئيسي عن حفظ ورعاية العائلة،[8] والأم بدورها الاحترام والعناية بالأسرة ومساعدة زوجها، كما وعلى الأبناء احترام وإكرام الوالدين.[9] وتشجعّ التعاليم المسيحية احترام كبار السن والأقارب الآخرين خارج الأسرة النواة، بما في ذلك الأسرة الممتدة.[10]

وفقًا للباحثين ماكس فيبر وألان ماكفارلين وستيفن أوزمينت وجاك غودي وبيتر لاسليت، فإنّ التحول الهائل الذي أدى إلى الزواج الحديث في الديمقراطيات الغربية "كان مدفوعًا بنظام القيم الدينية الثقافية الذي توفره عناصر اليهودية والمسيحية المبكرة، والقوانين الكنسية الكاثوليكية والإصلاح البروتستانتي".[11] خلال الفترة الأولى للرأسمالية، أدَّى ظهور طبقة متوسطة تجارية كبيرة، خاصة في الدول البروتستانتيَّة مثل الجمهورية الهولندية وإنجلترا، إلى إيديولوجية أسرية جديدة تتمحور حول تنشئة الأطفال. وأكدّت التطهيريَّة على أهمية الخلاص الفردي والاهتمام بالرفاه الروحي للأطفال.[12]

الزواج والطلاق

العائلة المقدسة، رمز لوحدة العائلة المسيحية.

في أغلب الطوائف المسيحية، لا يوجد تعدد زوجات ولا يتم تحبيذ الزواج من غير المسيحية،[13] كذلك من الصعب الحصول على الطلاق نظرًا لكون الزواج عقدًا غير منحل،[14] غير أنه قد ظهرت عدد من الأوضاع الأخرى مثل بطلان الزواج أو فسخ الزواج في الكنيسة الكاثوليكية إضافة إلى تسهيلات في الطلاق لدى الكنائس الأرثوذكسية الشرقية؛ في حين لا يرى البروتستانت الزواج سرًا مقدسًا أصلاً.

وقد رفعت المسيحية من قيمة الزواج والإسرة إذ حسب الكتاب المقدس تعتبر الأسرة الوحدة المركزيّة للمجتمع المسيحي، وقد اهتمت الكنيسة بالزواج واعتبرته سرًا من الأسرار السبعة المقدسة وذلك لكونه يشكل أساس العائلة، بحيث يصبح به الزوجان جسدًا واحدًا.[4] ومن موانع الزواج في المسيحية تحريم الزواج بين المسيحيين وغير المسيحيين وذلك استنادًا إلى الكتاب المقدس،[13] وبين الفتاة والرجل الذي تولى تعميدها لأنه يعتبر أبًا روحيًا لها.

تنظر المبادئ المسيحية للزواج على أنه علاقة أبدية. لذلك من الصعب الحصول على الطلاق نظرًا لكون الزواج عقدًا غير منحل، فقد فيّد القانون الكنسي حق الطلاق بعدة قيود لكن لم يصل إلى إلغائه، وظهرت أوضاع أخرى من التسهيلات كفسخ الزواج أو الهجر.

الأسرة في القانون

مركز الأسرة المسيحية، العديد من المؤسسات المسيحية تشّجع على مفهوم الأسرة التقليدي.[15]

ظهرت اثر المسيحية في تنظيم الاسرة. فقد تلاشت أو كادت تتلاشى في العصر البيزنطي سلطة رب الاسرة. حيث اعترف القانون للابن بقد من الشحصية القانونية، وحرم على الاب قتل أبناءه وحل محله التأديب وأصبح كل من حق الإرث وحق النفقة قائما على صلة الدم سواء في ذلك للولد الشرعي والولد البيولوجي وجعل مدة العدة كاملة للمرأءة الارملة التي توفي زوجها.

ومن جهة أخرى استحدث القانون الروماني كثيرا من مبادئ، نظام الأسرة، تحت تأثير المسيحية. من ذلك موانع الزواج التي ادخلت في العصر البيزنطي مثل تحريم الزواج بين المسيحيين وغير المسيحيين وبين الفتاة والرجل الذي تولى تعميدها لانه يعتبر أبا روحيا لها، وإعطاء المرأءة الحق في التبني إذا لم يكن لها أولاد، ونظام منح البنوة الشرعية أو تصحيح النسب للولد البيولوجي الناتج عن طريق علاقة غير شرعية.[16] بمبادئ المسيحية التي تنظر للزواج انه رابطة مؤبدة. فقد قيد القانون الكنسي حق الطلاق بعدة قيود لكن لم يصل إلى الغائه.

تبدو الديانة المسيحية أكثر تعقيدا للزواج بين الأقارب بالنسبة للديانتين اليهودية والإسلام وإن كان هناك تفاوت ملحوظ بين مختلف المذاهب المسيحية الفرعية.[17] فعند الكاثوليك لا يجوز زواج أبنا العمومة المباشرين ولكن يسمح بأذن خاص من السلطات الروحية العليا، ولظروف قاهرة جدا، كما يسمح بزواج بنت ابن العم وبنت ابن الخالة أو الخال بعد الإذن ويبدو كل من المذهب الأرثوذكسي والمذهب البروتستانتي أكثر تساهلًا في هذا المجال إذ يرخص وذلك دائما بعد الإذن بالتزاوج بين أبناء العمومة والخؤولة.

الأسرة في الكنائس المسيحية

عائلة مسيحية تحتفل بليلة عيد الميلاد.

في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية

تشجّع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية على الروابط الأسرية وصلة الرحم، وتقليديًا تشدّد المجتمعات الكاثوليكية على القيم والروابط الأسريّة وقيم الضيافة والاحتفالات.[18]

تشجع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية على إنجاب الأطفال، فالكنيسة الرومانية الكاثوليكية رسمياً لا تقبل إلا بتنظيم الأسرة الطبيعي في حالات معينة،[19] على الرغم من الأعداد الكبيرة من الكاثوليك في البلدان المتقدمة الذين يتقبلون ويستخدمون الوسائل الحديثة لتحديد النسل.[20][21][22]

في المورمونية

تشجّع المورمونية على الروابط الأسرية وصلة الرحم وتعطيها مكانة خاصة ويظهر ذلك في تخصيص أمسية السبت والإثنين لِلَم شمل العائلة.[23] أمسية العائلة في المنزل أو ليلة العائلة في سياق كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، يشير إلى ليلة واحدة في الأسبوع، وعادًة تكون ليلة يوم الاثنين، والتي فيها تُشّجع الأسر المورومونية على قضاء الوقت معًا في الدراسة والصلاة وغيرها من الأنشطة. وفقًا لكنيسة قديسي الأيام الأخيرة، فإن الغرض من ليلة العائلة هو مساعدة الأسر المورمونية على تعزيز أواصر الحب مع بعضها البعض وكذلك توفير مناخ حيث يُمّكن للوالدين تعليم الأطفال مبادئ من الإنجيل.[24]

الحياة في المنزل

عائلة مسيحية تصلّي قبل الطعام في عيد الشكر.

وفقاً لدراسة نشرت من قبل مركز بيو للأبحاث عام 2019 يعيش المسيحيون حول العالم في أسر أصغر إلى حد ما، في المتوسط، مع غير المسيحيين (4.5 مقابل 5.1 من الأفراد). الأسر المسيحية الأصغر حجماً تتواجد في أمريكا الشمالية (3.4) وأوروبا (3.1)، وبهامش واسع - تتواجد أكبر الأسر المسيحية حجماً في أفريقيا جنوب الصحراء (6.0). ويتشابه حجم الأسر المسيحية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (4.6) وفي أمريكا اللاتينية والكاريبي (4.6) وفي آسيا والمحيط الهادئ (4.8)، إلى حد ما مع المتوسط العالمي (4.9).[10] وبحسب الدراسة يتضح ميل المسيحيين للعيش في أسر أصغر حجماً بالمقارنة مع غيرهم من الجماعات الدينية، خصوصاً في المناطق التي يعيشون فيها جنبًا إلى جنب مع المسلمين: في أفريقيا جنوب الصحراء ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث أن الأسر المسيحية أصغر حجماً بالمقارنة مع المُسلمين.[10] في أجزاء أخرى من العالم، الفجوات في حجم العائلة بين المسيحيين والجماعات الدينية الأخرى هي أصغر بكثير.[10]

بحسب دراسة مركز بيو للأبحاث يعيش حوالي 35% من مجمل المسيحيين في العالم في منازل تضم شركاء متزوجون مع طفل بيولوجي على الأقل دون سن 18،[10] في حين يعيش حوالي 29% من مجمل المسيحيين في العالم في منازل تضم أفراد من الأسرة النواة والأسرة الممتدة،[10] ويعيش 11% في منازل تضم أفراد متزوجين أو شركاء وهذا يشمل الأزواج الذين كبر أبنائهم وخرجوا للعيش خارج المنزل،[10] ويعيش 10% في منازل تضم فرداً وحداً،[10] ويعيش 9% في منازل تضم ضم شركاء متزوجون ويعيش معهم ابن بيولوجي بالغ على الأقل فوق سن 18،[10] ويعيش 4% من المسيحيين في العالم في منازل تضم شخص بالغ واحد وطفل بيولوجي واحد على الأقل دون سن 18 عامًا.[10]

تختلف النسب بين المسيحيين بحسب المناطق الجغرافيَّة؛ على سبيل المثال يسكن حوالي 39% من المسيحيين في أفريقيا جنوب الصحراء بمنازل تضم أفراد من الأسرة النواة والأسرة الممتدة، كما ويسكن حوالي 37% من المسيحيين في آسيا والمحيط الهادئ، وحوالي 32% من المسيحيين في أمريكا اللاتينية والكاريبي بمنازل تضم أفراد من الأسرة النواة والأسرة الممتدة.[10] بالمقابل يسكن حوالي 58% من مجمل المسيحيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحوالي 34% من المسيحيين في أمريكا الشمالية بمنازل تضم شركاء متزوجون مع طفل بيولوجي على الأقل دون سن 18.[10] ويعيش حوالي 21% من المسيحيين في أوروبا في منازل تضم أفراد متزوجين أو شركاء وهذا يشمل الأزواج الذين كبر أبنائهم وخرجوا للعيش خارج المنزل،[10] وهي أعلى نسبة بين المجتمعات المسيحية الأخرى في العالم.[10]

في مناطق آسيا والمحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية والكاريبي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء، يعيش المسيحيون بأغلبية ساحقة في منازل تضم الأسرة الممتدة أو الأسرة ثنائية الوالدين، بحصة مجتمعة تزيد عن 70%.[10] في حين أن 48% من المسيحيين الأوروبيين وحوالي 43% من المسيحيين في أمريكا الشمالية يقيمون في هذه الأنواع من الأسر، وهم أكثر عرضة بالمقارنة مع المسيحيين في أماكن أخرى للعيش بمفردهم (13% وحوالي 11% على التوالي) أو للعيش في منازل تضم أفراد متزوجين أو شركاء والذين كبر أبنائهم وخرجوا للعيش خارج المنزل (21%).[10]

مراجع

  1. The Holy Kinship - تصفح: نسخة محفوظة 20 ديسمبر 2009 على موقع واي باك مشين.
  2. انظر المجمع الفاتيكاني الثاني وظائف العائلة المسيحيّة في عالم اليوم - تصفح: نسخة محفوظة 29 أكتوبر 2013 على موقع واي باك مشين.
  3. ملكوت الله في الأسرة المقدسة، الأنبا تكلا، 7 تشرين أول 2010. نسخة محفوظة 09 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  4. متى 19/6
  5. [1]، الأنبا تكلا، 7 تشرين أول 2010. نسخة محفوظة 07 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
  6. رسالة كونتثس الثانية 12/14
  7. سفر يشوع بن سيراخ الفصل الثامن 29/30
  8. أفسس 5/3
  9. ما هو دور كل من الزوج والزوجة في العائلة؟ - تصفح: نسخة محفوظة 10 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
  10. Religion and Living Arrangements Around the World. نسخة محفوظة 13 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  11. "The Collapse of Marriage by Don Browning – The Christian Century". Religion-online.org. February 7, 2006. صفحات 24–28. مؤرشف من الأصل في 30 سبتمبر 200710 يوليو 2007.
  12. Vivian C. Fox, "Poor Children's Rights in Early Modern England," Journal of Psychohistory, Jan 1996, Vol. 23 Issue 3, pp 286–306
  13. انظر الرسالة الأولى إلى كورنتس 14/6
  14. سر الزواج في تعليم الكنيسة الكاثوليكية، كنيسة الإسكندرية القبطية، 7 تشرين أول 2010. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  15. Family Christian Center - Our Story - تصفح: نسخة محفوظة 06 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  16. أثر المسيحية في القانون الروماني - تصفح: نسخة محفوظة 16 ديسمبر 2014 على موقع واي باك مشين.
  17. زواج الاقارب في المسيحية. نسخة محفوظة 06 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  18. are Catholic countries more family orientated? - تصفح: نسخة محفوظة 24 سبتمبر 2015 على موقع واي باك مشين.
  19. Pope Paul VI (1968-07-25). "Humanae Vitae: Encyclical of Pope Paul VI on the Regulation of Birth". Vatican. مؤرشف من الأصل في 10 يناير 201501 أكتوبر 2006.
  20. Rosemary Radford Ruether (2006). "Women in North American Catholicism". In Rosemary Skinner Keller (المحرر). Encyclopedia of women and religion in North America. Bloomington, Ind. [u.a.]: Indiana Univ. Press. صفحة 132.  . مؤرشف من الأصل في 05 مارس 2016.
  21. Bob Digby; et al. (2001). Bob Digby (المحرر). Heinemann 16-19 Geography: Global Challenges Student Book 2nd Edition. Heinemann. صفحة 158.  . مؤرشف من الأصل في 6 يونيو 2019.
  22. Rengel, Marian (2000). Encyclopedia of birth control. Phoenix, Ariz: Oryx Press. صفحة 202.  . مؤرشف من الأصل في 10 ديسمبر 2019.
  23. Family Home Evening Website, from the official website of the LDS Church. نسخة محفوظة 24 مايو 2013 على موقع واي باك مشين.
  24. First Presidency letter, 27 April 1915 — Joseph F. Smith, Anthon H. Lund, Charles W. Penrose

انظر أيضاً

موسوعات ذات صلة :