الرئيسيةعريقبحث

الإسلام والديمقراطية


☰ جدول المحتويات


العلاقة بين الإسلام والديموقراطية تلقت الكثير من الحوار والجدل منذ ابتعاثات محمد علي إلى فرنسا وما وصفه رفاعة الطهطاوي من بوادر الديمقراطية في النظام الغربي بعبارة (اعتماده على التحسين العقلي لضبط الأمر العام) حيث رأى الطهطاوي أن المصلحة العامة التي يرعاها الشرع متحققة نسبياً في المصلحة التي ترعاها الهيكلية التشاورية التي تؤسس للنظام الديمقراطي (في ذلك الوقت لم تصل الأمور إلى قرارات ديمقراطية مثيرة للجدل كحقوق المثليين) ، ولأن الديمقراطية تحظى بمكانة مرموقة في الساحة العالمية، وتعتمد على الفكر الليبرالي المرتبط باوربا وأمريكا، وقل ان تجد نظاماً منافساً لها، وعمل بعض أتابع الثقافات المختلفة على اتخاذ موقف توافقي منها ومنهم بعض المسلمين الذين قارنوها بمبادئ العدل والشورى في الإسلام، فوضعوا مصطلح " بديموقراطية الإسلام " وادعى بعضهم أن الإسلام صاحب السبق بالتزام منهج الديموقراطية باعتبارها مقياساً مطلقاً دون النظر غلى أين يتقاطع ويختلف المسمى الإسلامي مع المسمى الغربي على مبدأ "لا مشاحة في الاصطلاح" فشورى وعدل الإسلام هما الديموقراطية وألفوا في ذلك كتباً ومقالات أشادوا بالديموقراطية وميزتها وتوافقها مع الدين[1] ومن أواخر ما ظهر من مصطلحات في تركيا "الديمقراطيون المحافظون" كإشارة إلى المنهج الذي يتبعه السياسيون الأتراك، كما وصف القانوني الأمريكي نوح فيلدمان الاتجاه الديمقراطي الإسلامي بأنه سيد الساحة السياسية في المستقبل لأن الدين والديمقراطية تقنيات مجتمعية لتحقيق العدالة والرفاه ومن الطبيعي اتفاقعها وليس اختلافهما [2].

الموقف المتحفظ على الربط المباشر

يرى العديد من المسلمين أن هذه المقارنة المباشرة بين الإسلام والديموقراطية فيها قصور[1] .. فالإسلام دين له نظام كامل ومتكامل يتمتع برؤية شاملة عن الكون والحياة، وبالمقابل نجد الديمقراطية التي هي تعبير عملي عن منهج فكري هو الليبرالية والتي تتمتع برؤية عامة عن الكون والحياة تختلف عن رؤية الدين فهي تركز على الإنسان الفرد وحريته بصرف النظر عن حدود القيم والمجتمع والسلطة إلا في حدودها الدنيا، وبناء على ذلك فليس من الموضوعية المقارنة بين جزء من نظام مع نظام آخر , فالجزء لا يمكن أن تتضح مفاهيمه إلا عبر موقعه من نسيج النظام الذي ينتمي إليه، ومن هنا ستكون المقارنة على النحو الشائع بين أوساط الكثير من المثقفين المسلمين وغيرهم مخلة بمفهومي الإسلام والديمقراطية وهذا من الأخطاء الشائعة .

المقارنة المتكافئة

تصح المقارنة عند المقارنة بين ( الإسلام و الليبرالية ) كنظامين لرؤية الكون وكمصدرين للقيم ، وتصح المقارنة أيضاً عندما يتم مقارنة جزء من نظام مع جزء يقابله من النظام الآخر وبالتالي فإن الجزء من نظام الإسلام الذي يقابل الديمقراطية في النظام الليبرالي حسب ما يرى البعض هو ( البيعة [1] وبالطبع هنالك الشورى وديوان المظالم واستقلال القضاء وغيرها.

الليبرالية مقابل الإسلام

  1. نظرة خاصة بها عن الكون والحياة .
  2. مرجعية تشريعية جعلتها على الإطلاق " للشعب " .
  3. عقد اجتماعي " عقد أداء " يسمى " الديموقراطية " .
  4. منهج وآلية للتطبيق تتم عبر مؤسسة " البرلمان " .
  1. نظرة متكاملة وشاملة عن الكون والحياة .
  2. مرجعية تشريعية جعل الإسلام ثوابتها على الإطلاق لله تعالى ورسوله , ومن ثم " للمشرعين " من أهل الدراية والاختصاص للاستنباط والتشريع في ميادين الحياة في إطار ثوابت الشريعة ومقاصدها العامة .
  3. عقد اجتماعي " عقد أداء " يحكمه ويضبطه " عقد إيمان مع الله تعالى " وهذا العقد يسمى " البيعة " .
  4. منهج وآليات للتطبيق تتم عبر مؤسسة " الشورى " .

وعليه فإن ما يقابل ( الديموقراطية ) في النظام الليبرالي هي ( البيعة ) في النظام الإسلامي لأن كل من البيعة والديموقراطية ( عقد اجتماعي ) في النظام المتكامل الذي يتبع له .

ويقول الدكتور حامد الرفاعي في ( كتاب البيعوية والديمقراطية ) [1] أن عقد الأداء الاجتماعي في النظام الليبرالي .. يتوافق مع عقد الأداء الاجتماعي في النظام الإسلامي بنسبة كبيرة قد تصل إلى 80 % ولكن ما علة الفرق بين العقدين بنسبة 15 % ؟

هذا الفـرق جاء بسبب عقد الإيمان الذي تجاهله الليبراليون في عقدهم الاجتماعي ، أما المسلمون فملتزمين به لاعتقادهم أنه العقد الأســاس والمهم في حياتهم ويتمسكون به لأنه أســـاس ترشيد وضـبط صـحة الأداء الاجتماعي والحضاري، وهناك سبب آخر للفارق بين العقد الإجتماعي في الإسلام وعقد أداء الليبرالية الاجتماعي يتعلق بالخصوصيات الثقافية.

مقارنة البيــــعة والديمقراطية

  • الديمقراطية كما يعرّفها أهلها هي : ( حكم الأغلبية ) أو ( حكومة : يكون الشعب فيها هو صاحب السلطة العليا ) أو ( حكم الشعب بالشعب ) [3] .. وفي ضوء ما تقدم من تعريفات للديموقراطية , يمكن أن نخلص إلى أن الديموقراطية : عقد اجتماعي بين الشعب والحاكم , بين الشعب كمصدر للتشريع , وبين الحاكم كجهة تنفيذية [1] .
  • أما البيعة : ( فهي حكم الشعب وفق شرعة الله تعالى.[1][4] .. على أساس من عقد الإيمان ) , ليقوم الحاكم المفوض من الشعب بتصريف وتنظيم حياة الناس , وتحقيق مصالحهم على أساس من شرعة الله , ووفق ميثاق التعاقد بينه وبين الشعب " الدستور أو نظام الحكم " .. وهذا يعني أن البيعة " عقد إيماني وعقد اجتماعي " , إي أنه عقد مركب من عقدين اثنين هما [1] :
  1. عقد إيمان : وهو عقد بين الله تعالى وبين الأمة " الشـعب والحاكم " يلتزم الجميع على أساسه بتطبيق شريعة الله .
  1. عقد أداء : وهو عقد بين الشعب والحاكم لتحقيق مصالح الأمة وفق عقد الإيمان , ووفق ميثاق العاقد بينهما أي " الدستور أو نظام الحكم "

ومن خلال تأمل ما سبق ذكره , عن الديموقراطية والبيعة من مفاهيم يمكن بسهولة التعرف على نقاط الاتفاق ونقاط الاختلاف بينهما[1] :

  1. الديموقراطية حكم مطلق للشعب بينما البيعة حكم مطلق لله بأداء وتنظيم بشري .
  2. الشعب هو مصدر التشريع في الديموقراطية .
  3. أما مصدر ثوابت التشريع في البيعة هو الله ورسوله , وللأمة أن تجتهد وتشرع وتستنبط وتطور ما تحتاجه من نظم ومبادئ لتحقيق مصالحها, فيما لا يتناقض مع ثوابت الشريعة .
  4. الحاكم في الديمقراطية مسؤول أمام الشعب فقط .
  5. الحاكم في البيعة مسؤول أمام الله ثم أمام الشعب عن تطبيق الشريعة وتطبيق ميثاق عقد الأداء، وذلك عبر التناصح والتشاور والتعاون بينهما .
  6. علاقة الحاكم مع الشعب في الديمقراطية علاقة تنفيذية فقط.
  7. بينما علاقة الحاكم مع الشعب في البيعة علاقة تكامل في المسؤوليات على أساس من التشاور والتناصح بينهما لتحقيق مصالح الأمة على أساس من عقد الإيمان ووفق عقد الأداء بينهما " الدستور " .
  8. في الديمقراطية الأغلبية هي التي تقرر على الإطلاق ما هو الحق وما هو الباطل في حياة الأمة
  9. بينما في البيعة , فإن ثوابت الشريعة , هي الحكم الفصل الأساس بشأن تقرير ما هو حق أو ما هو باطل في حياة الأمة؛ أما الأغلبية فيأخذ برأيها ويلتزم في المسائل الاجتهادية، مما هو أقرب إلى روح نصوص الشريعة ومقاصدها العلي، أما إذا جاءت الأكثرية إلى جانب اجتهاد يتعارض مع ثوابت الشريعة ومقاصدها فلا اعتبار له ولا يعتد برأيها.

مقالات ذات صلة

المراجع

مصادر

موسوعات ذات صلة :