يعد التخطيط أحد المتطلبات الأساسية للنجاح في تنفيذ معظم النشاطات الحياتية التي نقوم بها، فالمحامي الناجح والمهندس والسياسي والبائع وغيرهم يحتاجون إلى الوقت الكافي لتنفيذ النشاطات التي يقومون بها وتحقيق الأهداف المرجوة، ومعلم الرياضيات الناجح يحتاج إلى الوقت ليقضيه في إعداد الخطط اليومية وخطط الوحدة والخطط السنوية، هذا إضافةً إلى التخطيط لرسم الخطوط العريضة للمساقات التي يراد تدريسها، والامتحانات التي يستخدمها في تقويم الأنشطة والتحقق من وصول التلاميذ إلى الأهداف المتوخاة ويحتاج المعلمون من ذوي الخبرة إلى الوقت الذي يقضونه في إعداد الخطط الدراسية التي أعدوها سابقاً، حتى تظل خططاً دراسية نامية ومتطورة وتتماشى مع التغيرات الحاصلة في ظروف المدرسة والمناهج، وإلا اعترى تلك الخطط الجمود و(الروتين)، فتصير بذلك خططاً بالية لا تحقق الأهداف المرجوة جميعها.
إنَّ الخطة الدراسية هي ترجمة حقيقية لأهداف ومحتوى المنهاج المدرسي إلى خطة إجرائية. وإن المعلم الذي يتصف بالحيوية والنشاط لا بد أن يستعين بالإعداد والتخطيط لدروسه كي يكون سيد الموقف الصفي، يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أهدافه، وإلا سيتصف نشاطه بالعشوائية وردود الأفعال التي من شأنها في النهاية ألا تتفق مع تحقيق الأهداف المتوخاة من تدريسه، لذا لا بد أن يستعين المعلم بالخطط الدراسية المتنوعة كي تكون الأنشطة التي يوظفها والتحركات التي يقوم بها، واستجابات التلاميذ لها مدروسة ومتفقة مع ذلك المحتوى ومحققة لتلك الأهداف.
التخطيط للتدريس
التخطيط للتدريس بمفهومه العام يعني رسماً لمعالم الطريق التي سيسلكها المعلم والطلبة، للوصول إلى الأهداف المرجوة من عملية التدريس، وهذه العملية تتطلب من المعلم تفكيراً تأمُّلياً واعياً.
التخطيط للدرس
والتخطيط تصور ذهني مسبق عند المعلم للموقف التعليمي/ التعلمي قبل إعطاء الدرس، ويتضمن هذا تصوراً ذهنياً للأهداف التدريسية، واختيار الأساليب والأنشطة والوسائل والطرق الملائمة، واختيار أساليب التقويم الملائمة، وكذلك تحديد الزمن لكل موقف من هذه المواقف.
التخطيط لتدريس الرياضيات
هناك بعض الأمور التي يجب أن يراعيها المعلم عند تخطيطه لتدريس الرياضيات:
1 -الأهداف العامة لمنهاج الرياضيات.
2 -أصناف المعرفة الرياضية (مفاهيم أولية، تعميمات، خوارزميات ومهارات، مسائل).
3 -مكونات البناء الرياضي (مفاهيم أولية، مفاهيم معرفة، مسلمات، نظريات).
4 -خصائص الطلبة الذين نخطط لتدريسهم.
5 -الأهداف الخاصة لمنهاج الرياضيات للصف المعني والوحدة المعنية.
أهمية التخطيط
1 -التخطيط الجيد يؤدي إلى البعد عن العشوائية في التدريس، ويساعد على تنظيم عناصر الموقف التعليمي/التعلمي بصورة جيدة.
2 -بالتخطيط يتم تحديد الأهداف، مما يجعل تحقيقها أقرب والوصول إليها أسهل.
3 -التخطيط الجيد يساعد المعلم على استخدام المصادر المتوافرة بفعالية.
4 -التخطيط الجيد يجنب المعلم التعرض لبعض المواقف المحرجة أمام طلبته.
5 -التخطيط الجيد يساعد المعلم على تقسيم عمله وإجراء بعض التعديلات حيث يلزم.
6 -التخطيط السنوي الجيد يساعد المعلم على ربط أجزاء المادة بعضها ببعض، كما أنه يساعده على معرفة الأهمية النسبية لكل موضوع من الموضوعات.
7 -التخطيط السنوي يساعد المعلم على عدم إغفال بعض جوانب المادة أو بعض الموضوعات.
إن معظم الأعمال التي يقوم بها المعلم تحتاج إلى نوع ومستوى من التخطيط، فتقسيم المقرر إلى وحدات وتحديد وقت الدراسة لكل وحدة أو موضوع يحتاج إلى نوع من التخطيط كما هو موضح فيما يأتي:
أ- الخطة اليومية
التخطيط للدروس اليومية وتفاصيلها وتتابع العمل كل يوم يضع مسؤولية كبيرة على المعلم. ومما لا شك فيه أن الدرس الذي أعد تبعاً لخطة دراسية سليمة يعود على المعلم بما يأتي:
1 - تتولد لدى المعلم الثقة بنفسه، ويكسب ثقة طلبته به.
2 -يكون المعلم ملمّاً بالأشياء التي يتوقع أن يقوم بها أو التي يقوم بها الطلبة، فلا يضيع الوقت والجهد بالارتخاء والمغامرة.
3 -كتابة الخطة اليومية للدرس تديم الخطة في ذهن المعلم.
4 -يكون المعلم قادراً على التعديل تبعاً لظروف وأحوال تظهر فجأة أثناء الدرس.
ب -تخطيط الوحدات
تتضمن خطة الوحدة الأهداف والنشاطات ووسائل التقويم وأدواته اللازمة للمدة التي ستدرس فيها الوحدة ضمن الخطة السنوية للمقرر، ويتبع المعلم الخطوات اللازمة نفسها للتخطيط في الخطة السنوية، على أنَّ الاختلاف ينحصر في أن الأهداف تكون أكثر تحديداً، والوقت الذي سيوزع على مدة دراسة الوحدة، إضافةً إلى تحديد النشاطات التعليمية التي ستوزع على البرنامج الزمني الخاص بالوحدة وأخيراً وسائل التقويم اللازمة للحكم على مدى تحقيق الأهداف الخاصة بالوحدة من قبل الطلبة. ويشير كل من (JOHNSON AND RIASING) إلى بعض الأسئلة التي على المعلم أن يجيب عنها قبل إعداد خطة الوحدة وهي:
1-ما أهمية الوحدة؟ وما هي الأهداف المراد تحقيقها من تدريسها؟ وما هي المفاهيم والمهارات التي تحويها وتكون قابلة للتطبيق مباشرة وما هي مفاتيح الارتقاء بها؟
2 - ما هي الأفكار المحورية والمفاهيم الشاملة في الوحدة والتي سيتم تصميم النشاطات التعليمية/ التعلمية حولها؟ وما هي الأشياء التي سيتم التركيز عليها أكثر؟ وكم من الوقت يلزم لتدريس الوحدة؟
3- ما هي الاستراتيجيات التعليمية الملائمة وهل هي المرة الأولى التي سيتعلم فيها الطلبة هذه الأفكار؟
4-ما هي المفاهيم والمهارات والخبرات السابقة التي يحتاج إليها الطلبة أساساً لتعلم تلك الوحدة؟ وكيف يمكن للمحتوى أن يراعي الفروق الفردية بين الطلبة في قدراتهم واستعدادهم؟ وما هي التدريبات والتمارين الإضافية التي سيزوّد المعلم بها طلبته الضعاف؟ وما هي الأساليب والتقنيات الخاصة بهم؟
5 -ما هي التعيينات والنشاطات غير الصفية المناسبة للصف الذي يدرسه؟ وما هي المعوّقات التي سيواجهها المعلم؟ وكيف يتلافاها؟
6 -ما هي المواد والوسائل والأجهزة والأدوات والبرامج التعليمية المتلفزة وغيرها التي سيستعين بها المعلم في تدريسه للوحدة؟
7 -ما هو نوع التقويم المناسب لمحتوى الوحدة ومستوى الصف؟
ج - التخطيط السنوي
يضع المعلم خطة سنوية للمقرر الذي سيعلمه للطلبة تتضمن أهداف المقرر والنشاطات اللازمة لذلك وأدوات التقويم ووسائله المناسبة للحكم على مدى تحقق الأهداف في نهاية العام الدراسي، ولا بأس إن كانت الخطة السنوية مرنة تراعي العطل والإجازات والظروف الطارئة، وعند إعدادها يجب أن يأخذ المعلم بالأمور الآتية:
1 -تحليل المقرر إلى الوحدات الدراسية.
2 -تحديد الأهداف المرجوة لكل وحدة دراسية.
3 -تحديد الوقت اللازم لتحقيق هذه الأهداف.
4 -تحديد النشاطات والوسائل اللازمة لتنفيذها.
5 -تحديد أدوات ووسائل التقويم من اختبارات وغير ذلك للوقوف على مدى تحقق الأهداف المرجوة من قبل الطلبة.
الآن لنطرح المثال الآتي:
إذا تعرضنا لتمرين هندسي مطلوب فيه إثبات أن قطعتين مستقيمتين متساويتان، فيجب فرض الفرضيتين الآتيتين والتأكد من صحتهما أو صحة إحداهما على الأقل:
أ -هل القطعتان المستقيمتان هما ضلعان في شكل هندسي منتظم؟
ب-هل القطعتان المستقيمتان هما ضلعان متناظران في مثلثين متطابقين؟
وفي ضوء اختبار صحة الفرضيتين السابقتين تكون نقطة البداية للحل الصحيح.
ولكي يكتسب الطلبة هذا النوع من التفكير يجب:
أ-التأمل في رأس المسألة أي قراءتها قراءة واعية دقيقة حتى يتأكد من أن العبارات والمصطلحات الرياضية التي تحتوي عليها مألوفة لديهم.
ب-أن يفحص الطالب عبارات المسألة جيداً لتحديد البيانات المعطاة فيها، ثم تحديد ما هو مطلوب إيجاده (أي التمييز بين المعطيات والمطلوب).
ج - أن يختار المعلم الطريقة المناسبة التي يساعد بها الطالب، على أن يحدد العمليات التي ينبغي إجراؤها وترتيبها لحل المسألة، وذلك عن طريق مناقشته للطريقة المناسبة حول طبيعة المسألة، والتي توضح للتلميذ الرؤية في اختيار العمليات التي توصل إلى الحل السليم.
د - أن تقوّم الطريقة التي اتبعت في حل المسألة، وهل هي مناسبة أم أن هناك طريقة أفضل، إذا اتضح أثناء المناقشة وتسجيل الحل بعض الأخطاء عند الطلبة، فيجب على المعلم أن يتعرّف إلى أسبابها وكيفية علاجها ثم يوجه طريقته إلى وجهة أخرى تجنب التلاميذ الوقوع فيها.
وبصورة عامة يمكن القول إن التخطيط الجيد والفعال يساعد المعلم على النمو المهني ويعمل على تحسين العملية التربوية وتطويرها. ولأنها تجربتي الخاصة، فقد لاحظت الفرق بين ما كنت عليه عندما كانت الخطة بالنسبة لي مجرد أوراق لا أكثر تستعمل حين يأتي المشرفون إلى المدرسة وبين تطبيق الخطة وإعدادها إذ أصبحت أكثر دقة وأكثر تركيزاً، وأصبحت العملية التعليمية بالنسبة لي ممتعة ومريحة، لأن كل شيء منظم ومعدّ مسبقاً، ولأنَّ هناك ما اعتمدت عليه طوال العام وهو الخطة والتخطيط السليم، وهذا حال كثير من المعلمين إذ يعدّون الخطة مجرد (روتين)، ولكن لو طبقوها تطبيقاً صحيحاً لتغيرت أفكارهم ولوجدوا الراحة في العمل والإتقان.
المراجع
موسوعات ذات صلة :
- 1- الدكتور إبراهيم محمد عقيلان، سنة 2000م، مناهج الرياضيات وأساليب تدريسها، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة- عمان- الأردن- صفحه (206- 224). 2- حسين بن علي يحيى النعمي/ مشرف مادة الرياضيات في السعودية- التخطيط في الرياضيات- موسوعة دهشة. 3- سلامة، حسن علي: بحوث في تعليم وتعلم الرياضيات. 4- فريدرك هـ. ك (1986م) طرق تدريس الرياضيات الجزء الأول (ترجمة) محمد أمين مفتي وممدوح محمد سليمان/ القاهرة/ مصر/ الدار العربية للنشر والتوزيع. 5- أ. سميح عساف/ المدرسة العربية/ التخطيط لتدريس الرياضيات. (www.schoolarabia.net) 6- الدكتور محمود أحمد شوقي/ الاتجاهات الحديثة في تدريس الرياضيات- نبذة خاطفة.