يعتبر الإنسان هو المخلوق الأذكى والمحرك الأول لعجلة الحياة , إذ أن الإنسان هو القائد الحقيقي لجميع العناصر الأخرى في هذا الكون الواسع وهو خليفة الله في الأرض، يسخّر كل شيء من حوله في خدمته , ومع تطور العقل البشري وتقدم الحياة التكنولوجية قدم الإنسان اختراعات مذهلة غيرت وجه هذا الكوكب , سخّر من خلالها الآلات لتنوب عنه فيما كان يفعل , واقتصر دوره فيما بعد على إعطاء الأوامر والتعليمات للآلات فقط , وهي بدورها تنفذ ما طلب منها بدقة متناهية , ولكن رغم كل هذا التقدم والتطور العلمي لا يزال الإنسان هو المحور الرئيسي لكل الأعمال الصناعية منها والخدمية , إذ لا يمكن إتمام أي عمل بمنأى عن الوجود البشري , فالآلات لا تستطيع إصلاح نفسها أو تعديل أدائها لموقف غير متوقع , ووجود الإنسان ضروري لمراقبتها , ولكن بالمقابل فإن الآلة لا تحتاج سوى للطاقة والصيانة , أما الإنسان فهو ليس بقوتها أو بقدرتها , وهو ليس بسرعة ودقة الحاسب , كما أن لديه حاجات فيزيولوجية كالطعام والنوم والراحة الجسدية والنفسية , وهو يصاب بالمرض ويمتلك المشاعر والأحاسيس وكل هذا ينعكس على أدائه وكفاءة عمله , ومن هنا نجد أن التوازن الأمثل بين الإنسان والآلة في بيئة عمل معينة والذي يعطي أعلى مردود من المنفعة المرجوة هو جوهر علم العوامل البشرية وفحوى دراسته في كافة المجالات .
1 - What Are Human Factors? ما هي العوامل البشرية؟
العوامل البشرية بمفهومها الشامل هي علم يختص بدراسة التفاعل ما بين الإنسان من جهة وبين كافة العناصر الأخرى المحيطة في مجال عمل معين من جهة ثانية، ويستخدم هذا العلم النظريات والمعلومات لتحسين الأداء العام في هذا المجال من خلال الوصول إلى التوافق الأمثل ما بين الإنسان وباقي العناصر الأخرى المحيطة.
هذه العناصر بشكل عام هي: 1.1 -Human Factors Elements:
1-العناصر غير المادية: Software:
وهي الإجراءات والقواعد والتوجيهات الشفوية منها والمكتوبة التي تنظم العمل وتضبط سيره.
2-العناصر المادية: Hardware:
وتشمل الآلات والمعدات والحواسب وأجهزة الاتصال والمركبات وكافة التجهيزات المادية الأخرى وطريقة استخدامها والتحكم بها.
3-العناصر الحية الأخرى: Live ware:
وهم الأشخاص الآخرين الذين نتعامل معهم في مجال العمل من موظفين وعمال وفنيين وإدارة وزبائن وعملاء ورجال الأمن.
4-البيئة "الداخلية والخارجية": Environment:
الداخلية مثل طبيعة العمل ونوعه والظروف المحيطة، والخارجية مثل الحالة الاقتصادية للدولة والاستقرار السياسي وطبيعة الحالة الجوية وطول فترة العمل.
يتفاعل العنصر البشري مع العناصر السابقة بشكل مستمر في شتى مجالات الحياة، ولكل عنصر من العناصر السابقة تأثير ونقاط قوة وضعف مختلفة الشدة والأثر على الهدف النهائي للعمل. فالأجهزة والآلات لها قدرات جبارة تفوق قدرة الإنسان بمراحل ولكنها غير قادرة على برمجة وإصلاح نفسها. كما أن التعليمات والقوانين والقواعد تنظم وتضبط الأداء ولكنها قد لا تكون مرنة بما يكفي في بعض الحالات الاستثنائية، أو قد يمكن التحايل عليها. أما العنصر البشري فهو معرض للتعب والمرض والإجهاد والحالات النفسية ولكنه محرك العمل ومحور سيره. ولذلك فإن جوهر العوامل البشرية يتلخص في التوليفة المثلى بين العناصر كافة للوصول إلى أكبر تحقيق للأهداف المنشودة وأعلى المنافع بأقل التكاليف أو الخسائر الممكنة.
نشأة العوامل البشرية: 1.2 -Genesis of human factors '
نشأ هذا العلم كنتيجة لمشاكل التصميم والتشغيل التي ظهرت في نظم العمل والتي واكبت التطور التكنولوجي وأظهرت تأثير الأداء البشري على أداء الآلات، ففي الولايات المتحدة بدأ استخدام هذا العلم تحت تسمية هندسة العوامل البشرية في العام 1957 وبشكل خاص في المجال العسكري. وفي بداية القرن العشرين اكتشف العلماء أن كفاية الآلة تعتمد غالباً على تلك العوامل البشرية مثل مزاج العامل وراحته وحالته الجسمية والنفسية، وفي الوقت نفسه درس علماء الاجتماع وعلماء النفس وعلماء آخرون السلوك الإنساني لكي يتعلموا كيف يمكن أن يؤثر في سير الإنتاج، وتم تصميم آلات تتلاءم قدر الإمكان مع قدرات وإمكانات البشر.
أهداف العوامل البشرية: 1.3 -Human factors objectives
1-إنقاص الأخطاء وتقليل فرص حدوثها خاصة تلك المؤدية لمخاطر جسيمة. 2-رفع مستوى السلامة وتقليل الحوادث والإجهاد والضغوط الواقعة على الأفراد. 3-تحسين الأداء والفاعلية والكفاءة التي يتم بها إنجاز العمل. 4-تحقيق ملائمة الأعمال والأدوات لمستخدميها ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب. 5-تحسين بيئة العمل وتعظيم قدرة الإنسان على التفاعل مع العناصر الأخرى. 6-إنقاص الضجر والرتابة في العمل "الروتين". 7-زيادة تقبل ورضا العامل عن العمل وبيئته وظروفه المختلفة. 8-التقليل من ضياع الوقت واستهلاك المعدات. 9-تصميم طبيعة العمل والمهام والأدوات ومكان العمل الخاص بالعامل البشري مع الأخذ بعين الاعتبار الفروق بين المستخدمين من حيث الحجم والقوة العضلية والتحمل والإدراك والمستوى العلمي.