المسيحية هي أقلية في الصومال، ويتبعها حوالي 1,000 مسيحي من بين السكان البالغ عددهم أكثر من ثمانية ملايين نسمة.[1][2] تعود أصول معظم المسيحيين في الصومال إلى الأقليَّة العرقيَّة من البانتو،[3] وتنتمي إلى الكنيسة الإنجيلية وكنيسة الناصري. هناك رعية واحدة كاثوليكية وهي أبرشية مقديشو.
تاريخ
الحقبة الإستعمارية
وفي أعقاب مؤتمر برلين أواخر القرن التاسع عشر بدأت القوى الاستعمارية الأوروبية العظمى اندفاعها للسيطرة على الأراضي البكر في إفريقيا وباقي مناطق العالم القديم والعالم الجديد التي لم تكن أيدي الاستعمار قد امتدت إليها بعد، مما دفع القائد العسكري محمد عبد الله حسان لحشد الحشود من شتى بقاع القرن الإفريقي وبداية حرب هي الأطول في تاريخ الحروب ضد الاستعمار. وكان حسان دائم الإشارة في خطبه وأشعاره إلى أن البريطانيين الكفرة "قاموا بتدمير ديننا وجعلوا من أبنائنا أبناء لهم كما تآمر الأثيوبيون المسيحيون بمساعدة البريطانيين على نهب الحرية السياسية والدينية لأمة الصومال" مما جعله في وقت قصير بطلا وطنيا ومدافعا عن الحرية السياسية والدينية لبلاده ضد الحملات الصليبية الشرسة التي كانت تتعرض لها البلاد من جانب إثيوبيا وبريطانيا. وكانت حركة حسان درويش حركة ذات طابع عسكري في الأساس، ثم أسس دولة الدراويش أو الدولة الدرويشية على النهج الصوفي متبعا الطريقة الصالحية التي هي فرع من الطريقة الأحمدية، وقد تميزت دولته بالراديكالية المركزية والأسلوب الإداري الهرمي. وتمكن حسان من الوفاء بوعيده بإقصاء الهجمات المسيحية نحو البحر حينما تمكن من إجبار الجنود البريطانيين على التراجع نحو الشاطئ في بداية المعارك فتمكن من صد الغزو البريطاني بقوات قدرت بحوالي 1500 جندي مسلحين بالبنادق.
دخلت الكاثوليكية في الصومال الإيطالي في أواخر القرن التاسع عشر،[4] وكان المذهب الكاثوليكي مقتصراً في البداية على عدد قليل من المهاجرين الإيطاليين في مقديشو ومناطق مزارع نهر شيبيل، وذلك بفضل بعض المبشرين من الآباء الثالوثيين.[5] وفي عام 1895 أطلقت السلطات الاستعمارية الإيطالية صراح حوالي أربعة وخمسين عبيد من البانتو وتحولوا في وقت لاحق إلى الكاثوليكية. ولم يبدأ التحرر الضخم وتحول العبيد في الصومال للكاثوليكية إلا بعد أن أبلغ الناشط المناهض للرق الكاهن روبيتشي بريتشيتي الجمهور الإيطالي عن تجارة الرقيق المحليَّة والموقف غير المبال للحكومة الاستعمارية الإيطالية تجاهها.[6][7] في عام 1903 كان "الآباء الثالوثيين" أوائل المبشرين القادمين إلى ما أصبح الصومال. وبدأوا في التدريس وتقديم المساعدة الاجتماعية للفقراء والمرضى. وأقام الكاهن جليب مستعمرة ليبر عند مصب نهر جوبا، لرعاية ما بين 350 وحوالي 400 شخص. في وقت سابق من عام 1913، وذلك خلال الجزء المبكر من الحقبة الإستعمارية، لم يكن هناك عمليًا مسيحيين في الأراضي الصومالية، بإستثناء حوالي 100 إلى 200 من الأتباع القادمين من المدارس ودور الأيتام التابعة للبعثات الكاثوليكية القليلة الموجودة في محمية أرض الصومال البريطانية.[8] ولم تكن هناك أيضًا بعثات الكاثوليكية في أرض الصومال الإيطالية خلال نفس الفترة.[9] في عام 1928 تم بناء كاتدرائية كاثوليكية في مدينة مقديشو بأمر من سيزار ماريا دي فيشي، حاكم كاثوليكي "الصومال الإيطاليَّة" والذي روج لحملات التنصير المسيحية بين الشعب الصومالي.[10] وكانت الكاتدرائية، وهي الأكبر في أفريقيا في العشرينات والثلاثينيات من القرن العشرين، قد تضررت في وقت لاحق خلال الحرب الأهلية التي بدأت في 1980. في عام 1940 أعلن أسقف مقديشو فرانكو فيلبيني أن هناك حوالي 40,000 من الكاثوليك الصوماليين بسبب الحركات التبشرية العاملة في المناطق الريفيَّة في جوبا وشبيلي، ولكن على خلفية الحرب العالمية الثانية تضررت معظم أعمال البعثات الكاثوليكية في الصومال الإيطالي.[11] وكان معظمهم الكاثوليك من البانتو الصوماليين.[12]
في عقد 1950 كتب إندرو مونتانيلي أنَّ معظم سكان مقديشو كانوا من الطليان الكاثوليك، وبعد وصول البريطانيين في عام 1942، كانت مقديشو العاصمة الأفريقية ذات الأغلبية الكاثوليكية، وأشار إندرو مونتانيلي إلى أن المدينة ضمت على حوالي 90,000 نسمة منهم أكثر من 40,000 من الإيطاليين، في حين من بين 50,000 صومالي كان هناك ما يقرب من 7,000 كاثوليكي، وهذا يعني له أن ما يقرب من ثلاثة من أصل خمسة أشخاص من سكان مقديشيو كانوا من الكاثوليك.[13] وتمت ترجمة الكتاب المقدس لأول مرة إلى اللغة الصومالية في عام 1979.[14]
العصور الحديثة
ظلّ شمال الصومال مستعمرة بريطانية، في حين تحول جنوب الصومال إلى دولة مستقلة تحت الوصاية البريطانية إلى أن تم توحيد شطري الصومال عام 1960 تحت اسم جمهورية الصومال الديموقراطية. ومنذ نهاية الفترة الإستعمارية ورحيل الإيطاليين، شهدت الكاثوليكية اختفاء شبه كامل في الصومال،[15] وقدرّت أبرشية مقديشو عدد الكاثوليك بنحو 100 من الممارسين في الصومال في عام 2004، وبذلك شهدت أعداد الكاثوليك انخفاضًا من 8,500 شخص في عام 1950، ويعود ذلك إلى هروب المسيحيين من الصومال. وقُتل آخر أساقفة مقديشو، سالفاتوري كولومبو في عام 1989 من قبل المتمردين المسلحين في الكاتدرائية.[16] وأعقب ذلك مقتل الراهبة الإيطالية ليونيلا سغورباتي في عام 2006، وتدنيس المقابر المسيحية.[17] في عام 2009 قدرت أعداد المسيحيين في الصومال بحوالي ألف شخص، معظمهم من الصوماليين البانتو.[18][19]
بسبب الحرب الأهلية الدائرة في الجزء الجنوبي من البلاد، يواجه المسلمين الذين يعتنقون المسيحية الاضطهاد وأحيانًا الموت. لا توجد مباني كنائس في البلاد ولا أي حماية قانونية للمسيحيين، وبعضهم يجتمعون في الكنائس تحت الأرض.[1] المجموعات شبه العسكرية في الصومال قامت بعمليات نهب على نطاق واسع للمقابر المسيحية،[20] بالإضافة إلى تدنيس المقابر والمساجد الصوفية.[21] في بعض الأحيان يعتبر مصطلح "المسيحي" تسمية من قبل الجهاديين على الأشخاص الذين يشتبه في العمل لصالح المخابرات الإثيوبية.[1]
أفادت المسيحية الدولية في أغسطس عام 2009 على حادثة قطع رؤوس أربعة مسيحيين تعمل على مساعدة الأيتام في الصومال من قبل المتطرفين الإسلاميين عندما رفضوا اعتناق الإسلام.[22] وفي سبتمبر من عام 2011، قام مقاتلون أقسموا بالقضاء على المسيحية في الصومال بقطع رأس اثنين من المتحولين للكاثوليكية، وتم قطع رأس متحول للمسيحية في مقديشو في أوائل عام 2012.[23] أشار تقرير صادر عن اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية من عام 2012 أن "تظيم الشباب يستهدف كل من المسيحيين والمتحولين إلى المسيحية".[18] وفي ديسمبر من عام 2013، أصدرت وزارة العدل والشؤون الدينية توجيهًا يحظر الاحتفال بالإحتفالات المسيحية في البلد.[24] والصومال هي ثاني دولة مسلمة، بعد سلطنة بروناي، تُحظر احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة الميلادية.[25][26] بيد أنه سُمح للأجانب الذين يقيمون في موقع شديد الحراسة في المطار بتنظيم احتفالاتهم الخاصة بمثل هذه المناسبات.[25][26]
الطوائف المسيحية
البروتستانتية
هناك حوالي ألف صومالي بروتستانتي في البلاد، وتعود أصول معظمهم إلى الأقليَّة العرقيَّة من البانتو، وتنتمي إلى الكنيسة الإنجيلية وكنيسة الناصري. وفقًا للموسوعة المسيحية العالمية، الكنيسة الأنجيكانية، والسبتيين وعدد من الكنائس البروتستانتية موجودة في هذا البلد.[27] لدى أبرشية مطرانية مصر في القاهرة أيضًا ولاية قضائية على الرعايا الموجودين في شمال أفريقيا والقرن الأفريقي.[28] المسيحية بشكل عام شهدت نموا قليلاً.[29]
الكاثوليكية
الكنيسة الكاثوليكية الصومالية هي جزء من الكنيسة الكاثوليكية العالمية في ظل القيادة الروحية للبابا في روما. وينتمي معظم الكاثوليك في البلاد إلى الطقوس اللاتينية وذلك على خلاف كاثوليك القرن الأفريقي والذين يتبعون الطقوس الشرقية. وقدرت أبرشية مقديشو عدد الكاثوليك بنحو 100 من الممارسين في الصومال في عام 2004، وبذلك أعدادهم شهدت انخفاضًا من 8,500 في عام 1950 ويعود ذلك إلى هروب المسيحيين من الصومال.[30] يتعرض المسلمون الذين يتحولون للكاثوليكية لضغوط مجتمعية ورسمية، مما قد يؤدي إلى عقوبة الإعدام. ومع ذلك، هناك حالات لمسلمين ممن أعتنقوا الإيمان الكاثوليكي سراً أو علناً. يذكر أن إحصاءات الكاثوليك الصوماليين لا تشمل المسلمين المتحولين للكاثوليكية.
خلال الفترة المبكرة من الحقبة الإستعماريَّة، لم يكن هناك عمليًا أي مسيحي في الأراضي الصوماليَّة، مع حوالي 100 إلى 200 من الأتباع القادمين من المدارس ودور الأيتام التابعة إلى البعثات الكاثوليكية في محمية الصومال البريطاني. العدد القليل من المسيحيين في المنطقة اليوم يأتي في معظمه من المؤسسات الكاثوليكيَّة المماثلة في عدن وجيبوتي وبربرة.[31] وفي عام 1940 أعلن أسقف مقديشو فرانكو فيلبيني أن هناك حوالي 40,000 من الكاثوليك الصوماليين بسبب الحركات التبشرية العاملة في المناطق الريفيَّة في جوبا وشبيلي، ولكن على خلفية الحرب العالمية الثانية تضررت معظم أعمال البعثات الكاثوليكية في الصومال الإيطالي.
مراجع
- "Almost expunged: Somalia's Embattled [[مسيحيون]]s". October 22, 2009. مؤرشف من الأصل في 12 يونيو 201822 أكتوبر 2009.
- Department of Economic and Social Affairs Population Division (2009). "World Population Prospects, Table A.1" ( كتاب إلكتروني PDF ). United Nations. مؤرشف من الأصل في 24 أكتوبر 201812 مارس 2009.
- A study on minorities in Somalia نسخة محفوظة 12 مايو 2009 على موقع واي باك مشين.
- Gresleri, G. Mogadiscio ed il Paese dei Somali: una identita negata. p. 45.
- Lucia Ceci. "Il Vessillo e la Croce" (pp. 27-168). نسخة محفوظة 13 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
- http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:TY-0wMa465oJ:www.hartfordinfo.org/issues/wsd/immigrants/somali_bantu.pdf+&cd=3&hl=en&ct=clnk&gl=us History of Somali Bantu] نسخة محفوظة 26 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- Tripodi, Paolo. The Colonial Legacy in Somalia. p. 65.
- Charles George Herbermann, The Catholic encyclopedia: an international work of reference on the constitution, doctrine, discipline, and history of the Catholic church, Volume 14, (Robert Appleton company: 1913), p.139.
- Charles Henry Robinson, History of Christian Missions, (READ BOOKS: 2007), p. 356.
- The Catholic missionaries of "Consolata" promoted by governor De Vecchi (in Italian) نسخة محفوظة 19 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Tripodi, Paolo. The Colonial Legacy in Somalia. p. 66
- Photo of Somali Bantu with a Missionary of the "Consolata" in 1937 نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- Montanelli wrote in the first Borghese editions; John Francis Lane. "Obituary: Indro Montanelli". The Guardian. مؤرشف من الأصل في 19 أكتوبر 2017.
- "Version Information". Bible Gateway. مؤرشف من الأصل في 11 ديسمبر 201707 أبريل 2015.
- Gresleri, G. Mogadiscio ed il Paese dei Somali: una identita negata, p. 96.
- "Former Somali government killed bishop, Christians charge". Catholic World News. Trinity Communications. July 16, 2003. مؤرشف من الأصل في 19 أكتوبر 201718 أكتوبر 2016.
- "Widspread [sic] desecration of Christian graves in Somalia". Catholic World News. Trinity Communications. January 19, 2005. مؤرشف من الأصل في 19 أكتوبر 201718 أكتوبر 2017.
- Somalia: Treatment of: Religious Minorities نسخة محفوظة 6 ديسمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- مسيحيون الصومال نسخة محفوظة 9 أغسطس 2018 على موقع واي باك مشين.
- Widspread [sic] desecration of Christian graves in Somalia نسخة محفوظة 19 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Shabaab rebels destroy grave and mosque in Somalia نسخة محفوظة 24 سبتمبر 2015 على موقع واي باك مشين.
- "Al Shabaab Reportedly Beheads 4 Christians, Rips Gold Teeth From Locals' Mouths". FOX News. August 12, 2009. مؤرشف من الأصل في 23 مايو 201311 يونيو 2011.
- "Islamic Extremists Behead Another Convert in Somalia". The Christian Post. Compass Direct News. 9 February 2012. مؤرشف من الأصل في 9 أغسطس 201723 يونيو 2012.
- Khalif, Abdulkadir (25 December 2013). "Somalia bans Christmas celebrations". Daily Nation. مؤرشف من الأصل في 11 ديسمبر 201703 يناير 2014.
- الحكومة الصومالية تمنع الاحتفال بالكريسماس نسخة محفوظة 21 سبتمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
- الحكومة الصومالية تمنع الاحتفال بعيدي ميلاد المسيح ورأس السنة "لمخالفتهما" قيم المجتمع نسخة محفوظة 26 يناير 2016 على موقع واي باك مشين.
- World Christian Encyclopedia, (2nd edition), Volume 1, p. 673
- Episcopal Church in Jerusalem and the Middle East نسخة محفوظة 8 مارس 2012 على موقع واي باك مشين.
- Global Mission’s Top 10 Places to Pray for – REGION: NORTH Africa – Somalia نسخة محفوظة 01 أكتوبر 2011 على موقع واي باك مشين.
- Catholic Church in Somalia نسخة محفوظة 26 ديسمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
- "Somaliland". الموسوعة الكاثوليكية. نيويورك: شركة روبرت أبيلتون. 1913.