تًشكل المسيحية في كوت ديفوار واحدة من أكثر الديانات انتشاراً بين السكان إلى جانب الإسلام،[1] وشهدت المسيحيَّة نمواً ملحوظاً في العقود الأخيرة؛ في عام 1980 كان حوالي ثُمن سكان كوت ديفوار من المسيحيين، وفي عام 2014 وجد التعداد السكاني الأخير أن نسبة المسيحيين تصل إلى حوالي 39.1% من المواطنين ساحل العاج، وحوالي 33.9% من مجمل السكان مع المقيمين.[2] بشكل عام، تُمارس المسيحية من قبل الطبقة الوسطى وفي المراكز الحضريّة في جنوب ساحل العاج. وهي الديانة الأكثر انتشارًا بين عرقيات اجنى والبحيرة وفي ثقافات جنوب شرق البلاد. تاريخيًا تعتبر الكنيسة الرومانية الكاثوليكية أكبر طوائف الدين المسيحي، علمًا أنّ الميثودية والكنيسة المعمدانية لها حضور تاريخي هام.[3]
تعتبر العديد من الأعياد المسيحيّة عطل رسميّة في البلاد. ولعب التفسير الحرفي للتوراة عند مسيحيين ساحل العاج دوراً هامّاً في تثبيت ختان الذكور في هذا البلد.[4] وتتعايش الطوائف الدينية عموماً بصورة سلمية، ولا تشكل أي ديانة الغالبية العظمى من سكان البلاد. وتعد مسألة تغيير الديانة مسألة فرديَّة في معظم الحالات، وتشمل العديد من الأسر المسلمين والمسيحيين التي تعيش معاً. يعد التسامح الديني جزء من سياسة الحكومة. ويساهم الرئيس شخصياً في تكلفة بناء المساجد والكنائس، ويشجع المسلمين والمسيحيين على المساعدة في المشاريع التي تقوم بها الطوائف الدينية الأخرى.
الطوائف المسيحية
الكاثوليكية
الكنيسة الكاثوليكية الإيفواريَّة هي جزء من الكنيسة الكاثوليكية العالمية في ظل القيادة الروحية للبابا في روما. يعد المذهب الروماني الكاثوليكي أكبر المذاهب المسيحية في البلاد، وتقدر أعداد الكاثوليك بحوالي 2.8 مليون معمَّد أو حوالي 17.2% من مجمل السكان حسب التعداد السكاني عام 2014.[5] ويتوزع كاثوليك البلاد على خمسة عشرة أبرشية ويتولى رعايتهم الروحيَّة 800 كاهن. دخل مذهب الرومانية الكاثوليكية في ساحل العاج لأول مرة في منتصف القرن السابع عشر وإزداد زخمه عندما بدأ المبشرون الفرنسيين في العمل بين عرقية اجنى. تأسست أول بعثة كاثوليكية إفريقية في ساحل العاج في عام 1895، وكان رسامة أول كاهن أفريقي في عام 1934. في منتصف عام 1980، عملت الكنيسة الكاثوليكية على بناء العديد من المعاهد والمدارس في جميع أنحاء البلاد. على الرغم من أن ساحل العاج رسميًا دولة علمانية، أعرب الرئيس باعتزازه الكبير في بناء الكاتدرائية الكاثوليكية في مدينة أبيدجان والبناء بحلول عام 1990. ويعتنق العديد من اللبنانيين في ساحل العاج المسيحيَّة دينأ، خصوصاًَ على مذهب الكنيسة المارونية.[6] يذكر أن معظم أبناء الجالية اللبنانية يعلمون في التجارة ويسيطرون على 40% من اقتصاد البلاد.[7]
البروتستانتية
كان الذهب البروتستانتي الأكبر في البلاد في منتصف الثمانينيات من القرن العشرين هو هاريسم، والذي بدأ في عام 1914 من قبل وليام ويد هاريس، وهو واعظ ليبيري قام بالتبشير على طول ساحل ساحل العاج وغانا. وضع هاريس أسس وطريقة حياة لأتباعه من خلال اتباع الحياة البسيطة وتجنب الثروة الواضحة. وأدان استخدام التمائم الوثنية، وحارب ظواهر مثل الزنا والسرقة والكذب. كان المذهب شكلاً بسيطاً ومتحفظاً المسيحية، التي كانت مفتوحة للكاثوليك والبروتستانت ولم تُبشر بتحدي مفتوح للسلطة الإستعمارية. في عام 1915 طرد هاريس من المنطقة من قبل المحافظ الإستعماري، وهو الحدث الذي أعاد تنشيط كنيسته، حيث ترك خلفه العشرات من الكنائس الصغيرة "هاريست" على طول الساحل. وبعد عقد من الزمان، اتصل المبشرين الميثوديين مع هاريس وحاولوا مواصلة عمله بين شعوب البحيرات. ويعزى نجاح هاريس في جزء منه بسبب خلفيته العرقية، حيث كان أفريقياً ولكن ليس مواطن إيفواري، وبسبب تحول كل من النساء والرجال على يده، وهي حالة لم تكن شائعة من قبل المبشرين المسيحيين الأوائل الذين فشلوا في التعرف على تأثير نسب الأم على حياة الفرد الروحيَّة. تم الاعتراف بمذهب هاريسم في وقت لاحق كفرع من الكنيسة الميثودية. وفقًا لدراسة المؤمنون في المسيح من خلفية مسلمة: إحصاء عالمي وهي دراسة أجريت من قبل جامعة سانت ماري الأمريكيّة في تكساس سنة 2015 وجدت أن عدد المسلمين في ساحل العاج المتحولين للديانة المسيحية يبلغ حوالي 5,500 شخص.[8]
الوضع الإجتماعي
التعليم
في عام 1980 كانت 14% من المدارس الإبتدائية وحوالي 29% من المدارس الثانوية من المدارس الخاصة. وكانت معظم هذه المدارس من المدارس الكاثوليكية، ويعمل في هذه المدارس معلمين دينيين وعلمانيين، مع رواتب مدعومة جزئياً من التمويل الحكومي. وتعمل المدارس الكاثوليكيَّة في المقام الأول في جنوب وشرق البلاد ولكنها كانت موجودة أيضًا في جميع أنحاء البلاد. وجدت دراسة الدين والتعليم حول العالم قامت بها مركز بيو للأبحاث عام 2016 أنَّ المسيحيون يتفوقون تعليميًا في ساحل العاج على المسلمين حيث أنَّ حوالي 39% من المسيحيين الإيفواريين غير حاصلين على تعليم رسمي مقابل 73% من المسلمين الإيفواريين،[9] وعزا بعض علماء الاجتماع ذلك إلى جوانب تاريخية مثل الأنشطة التبشيرية المسيحية خلال فترات الاستعمار الغربي، ويشير روبرت د. ودبيري عالم اجتماع في جامعة بايلور أن للمُبشرين البروتستانت في أفريقيا "كان لهم دور فريد في نشر التعليم الشامل" بسبب الأهمية الدينية لدراسة وقراءة الكتاب المقدس، حيث قام المُبشرين في ترجمة الكتاب المقدس للغات المحليَّة وفي إنشاء المدارس لتعزيز معرفة القراءة والكتابة،[10] ويشير ناثان نان أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد أنَّ التعليم "هو المكافأة الرئيسية قبل المبشرين لجذب الأفارقة للمسيحية". كما وشجع المبشرين البروتستانت على تعليم المرأة ومحو الأمية بين النساء.[11]
السياسة
بين عام 2010 وعام 2011 شهدت كوت ديفوار أزمة سياسيَّة، حيث في 28 نوفمبر من عام 2010 واجه الحسن واتارا المُسلم الديانة في الانتخابات الرئاسية الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو المسيحي الديانة، وحصل غباغبو على 38% مقابل 32% لالحسن واتارا في الجولة الأولى من الانتخابات وادى السباق للفوز بالرئاسة إلى التركيز على انقسام بين الشمال ذو الغالبية الإسلامية والجنوب ذو الأغلبية المسيحيَّة كان في لب الحرب وكان السبب في تأجيلات لاجراء الانتخابات. وفي جولة الحسم الثانية فاز الحسن واتارا بنسبة 54.1% من الأصوات أمام منافسه الذي أحرز 45.9 في المئة من الأصوات.[12] وأعتبرت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الحسن وتارا فائزاً في الانتخابات. لكن المجلس الدستوري اعلن غباغبو فائزا. وازداد الاحتقان والاتجاه نحو المواجهة حيث دعا معسكر وتارا انصاره إلى خوض "معركة سلمية" بهدف السيطرة على التلفزيون الحكومي والمقار الحكومية التي يسيطر عليها الرئيس المنتهية ولايته.[13] الدين والقومية لازمتان في حديث الأطراف العاجية بعضها لبعض، وفي صراعها ضد بعضها البعض، وهما أكثر عامل يقسم البلد الذي انشطر نصفين، حيث كان لحكم فيليكس هوفويت-بواني المسيحي الورع، والذي بنى في قريته ياماسوكرو أكبر كاتدرائية في أفريقيا، حيث حكم فيليكس هوفويت-بواني ساحل العاج دون أن ينسى للمسلمين دورهم في الحياة العامة، غير أنه ترك الثروة ومعظم السلطة في يد أبناء العمومة والقبيلة، أي أبناء الطائفة المسيحية وعرقية آكان، ولم يشفع تعيين الحسن واتارا المُسلم الديانة والشمالي الأصول رئيساً للوزراء في السنوات الأخيرة من شعور المسلمين بأنهم يستحقون دوراً أكبر من ذلك.
مراجع
- ساحل العاج: مركز بيو للأبحاث - تصفح: نسخة محفوظة 3 نوفمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- Recensement Général de la Population et de l’Habitat 2014 ( كتاب إلكتروني PDF ). Cote d'Ivoire Census. صفحة 36. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 23 نوفمبر 2018.
- "Facts and Statistics", Newsroom, LDS Church, January 1, 2012, مؤرشف من الأصل في 08 أغسطس 2018,10 مارس 2013
- Williams, B G (2006). "The potential impact of male circumcision on HIV in sub-Saharan Africa". PLos Med. 3 (7): e262. doi:10.1371/journal.pmed.0030262. PMC . PMID 16822094.
- ( كتاب إلكتروني PDF ) https://web.archive.org/web/20181123195941/http://www.ins.ci/n/documents/RGPH2014_expo_dg.pdf. مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 23 نوفمبر 2018.
- Handloff 1988
- Daniel Knowles (16 April 2016). "Diasporas: Settled strangers: Why some diasporas are so successful". ذي إيكونوميست. مؤرشف من الأصل في 19 يناير 201816 أبريل 2016.
- Johnstone, Patrick; Miller, Duane (2015). "Believers in Christ from a Muslim Background: A Global Census". Interdisciplinary Journal of Research on Religion. 11: 16. مؤرشف من الأصل في 28 سبتمبر 201928 أكتوبر 2015.
- الدين والتعليم حول العالم مركز بيو للأبحاث حول الدين والحياة العامة، ديسمبر 2016. (بالإنجليزية) نسخة محفوظة 20 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- الدين والتعليم حول العالم، مرجع سابق، ص.120
- الدين والتعليم حول العالم، مرجع سابق، ص.129
- المرشحُ المسلم الحسن واتارا رئيسًا لكوديفوار ب54.1 في المائة من الأصوات الدولية، تاريخ الولوج 16 ديسمبر 2010 نسخة محفوظة 26 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
- حزب الحسن واتارا يدعو إلى احتجاجات في الشوارع بساحل العاج ريوترز، تاريخ الولوج 16 ديسمبر 2010 نسخة محفوظة 04 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.