بنو حمود هي أسرة من الأدارسة[1] نازعت الأمويين على خلافة المسلمين في الأندلس في فترة فتنة الأندلس، وبعد أن أقصيت عن الخلافة نهائيًا عام 417 هـ، أسس يحيى المعتلي بالله طائفة مالقة إحدى ممالك الطوائف التي تكونت في تلك الفترة. وفي عام 427 هـ، استقل محمد بن القاسم المهدي بالله طائفة الجزيرة الخضراء التي انفصل بها عن طائفة مالقة.
ظلت الطائفتان في صراع متواصل مع الممالك المجاورة، إلى أن استولى باديس بن حبوس حاكم طائفة غرناطة على مالقة عام 446 هـ، واستولى المعتضد بن عباد على الجزيرة الخضراء عام 449 هـ.
تاريخهم
عبورهم إلى الأندلس
بعد أن سيطر الحاجب المنصور على الدولة الأموية في الأندلس في عهد الخليفة هشام المؤيد بالله، انتهج سياسة الاستقواء بالبربر على العرب والصقالبة الذين كانوا يسيطرون على المناصب في الجيوش الأموية.[2] شجع ذلك عددًا من القبائل البربرية على العبور إلى الأندلس، والدخول في طاعة العامريين، والانتظام في جيوشهم.
كان الأدارسة قد فقدوا حكمهم في المغرب على يد جيوش الحاجب المنصور،[3] إلا أنهم كانت لهم منزلتهم بين البربر. عبر بنو حمود مع القبائل البربرية الداخلة إلى الأندلس. وحين دخلت الأندلس فترة الفتنة، بعد أن خلع محمد المهدي بالله هشامًا المويد بالله عام 399 هـ، أساء المهدي معاملة البربر الذين كانوا عماد جيش العامريين،[4] نظرًا لما كان يكنه من كراهية للعامريين المتسببين في مقتل والده.[5] تسببت تلك المعاملة السيئة في التفاف البربر حول سليمان المستعين بالله المطالب بعرش الأندلس،[6] واستطاعوا مساعدته على انتزاع العرش عام 403 هـ. أراد سليمان أن يبعد البربر عن قاعدة حكمه في قرطبة لما رأى اشتداد شوكتهم، ففرّقهم على كور الأندلس، فأقطع كل زعيم منهم إحدى تلك الكور، فكان من نصيب علي بن حمود حكم سبتة وأحوازها، فيما أقطع سليمان القاسم بن حمود حكم الجزيرة الخضراء.[7]
انتزاعهم الخلافة
لم تمض فترة طويلة حتى اتفق علي بن حمود مع أخيه القاسم على أن يتبادلا ولايتاهما، ثم ادعى علي أن هشام المؤيد بالله، كتب له بولاية عهده، وجمع جيشًا هزم به سليمان، وقتله وأعلن نفسه خليفة على المسلمين في الأندلس عام 407 هـ.[8] حاول خيران الصقلبي حاكم ألمرية والمنذر بن يحيى التجيبي حاكم سرقسطة خلع علي، بأن جمعوا جيشهم ونادوا بخلافة أمير أموي يدعى عبد الرحمن المرتضى. وبينما كان علي يُعد لقتالهم، اغتاله بعض غلمان قصره في ذي الحجة 408 هـ، فخلفه أخوه القاسم.[9]
سار جيش المرتضى إلى قرطبة، إلا أنهم اشتبكوا قرب غرناطة مع قوات صنهاجة بقيادة زاوي بن زيري حاكم غرناطة في معركة قُتل فيها عبد الرحمن وفرّ خيران والمنذر.[10] وفي ربيع الآخر 412 هـ، فر القاسم من قرطبة قبل دخول ابن أخيه يحيى المعتلي بالله الذي أعلن نفسه خليفة على قرطبة.[11] ثم أعاد البربر القاسم في ذي القعدة 413 هـ. لكنه خلع مجددًا هذه المرة بعد ثورة أهل قرطبة على البربر في جمادى الآخرة 414 هـ،[12] وولوا مكانه عبد الرحمن المستظهر بالله لكنه اغتيل بعد أيام، فخلفه محمد المستكفي بالله، الذي نجح يحيى المعتلي بالله في خلعه في رمضان 416 هـ عندما زحف على قرطبة بجيشه، قبل أن يخلعه أهل قرطبة مجددًا في ربيع الأول 417 هـ،[13] ليؤسس يحيى طائفة مالقة.
طائفتي مالقة والجزيرة الخضراء
ظل يحيى في صراع مع أبي القاسم بن عباد حاكم إشبيلية قرب قرمونة عام 427 هـ، فخلفه أخوه إدريس المتأيد بالله.[14] شهد بداية حكمه انفصال الجزيرة الخضراء عن طائفة مالقة، ذلك لأنه لما قُتل يحيى المعتلي بالله، قام رجل من البربر يدعى بأبي الحجاج كان موكلاً إليه التحفظ على محمد والحسن ابني عمه القاسم بن حمود في الجزيرة الخضراء، منذ أن اعتقلهما يحيى مع أبيهما عام 414 هـ حين هاجم شريش،[15] بإطلاق سراح محمد والحسن، ودعا البربر والعبيد السود إلى طاعة محمد بن القاسم، لتتأسس بذلك طائفة الجزيرة الخضراء.[16] توفي إدريس في المحرم 431 هـ،[17] وبويع من بعده ولده يحيى القائم بأمر الله.[18] لم يرض الحسن بن يحيى المعتلي بالله بمبايعة يحيى حيث كان إدريس قد ولاه العهد، وجعله واليًا على سبتة وطنجة وأعمالهما، وبعث معه الحاجب نجاء الصقلبي لمعاونته.[18] أعد الحسن ونجاء جيشًا عبرا به إلى مالقة،[19] وحاصراها برًا وبحرًا،[20] حتى استسلم يحيى وتنازل عن عرشه في جمادى الثاني 431 هـ،[21] وسار إلى قمارش، وأقام بها،[18] إلى أن دس عليه الحسن من قتله بالسم في ربيع الثاني سنة 434 هـ.[21][22] ثم قتلته زوجته أخت يحيى انتقامًا لأخيها بالسم في جمادى الأولى 434 هـ.[22][23] استغل نجاء الفرصة، وأعلن نفسه حاكمًا على مالقة بعد أن سجن إدريس بن يحيى شقيق الحسن. ثم غزا بجيشه الجزيرة الخضراء، لينزعها من يد محمد بن القاسم بن حمود.[24] ففشل وغادر عائدًا إلى مالقة. وفي الطريق اغتاله بعض جنوده من البربر، وأخرجوا إدريس بن يحيى من سجنه،[22][25] وبايعوه في 6 جمادى الثانية 434 هـ.[26]
وفي شعبان 438 هـ، فانقلب عليه ابن عمه محمد بن إدريس،[27] ففر إدريس إلى ببشتر، وحاول استعادة مالقة بمعاونة من باديس بن حبوس صاحب غرناطة، لكنهما فشلا.[28] انتقل إدريس إلى سبتة،[29] ثم إلى رندة عند حاكمها أبي النور بن أبي قرة اليفرني.[30]
حاول زعماء البربر خلع محمد بن إدريس ومبايعة محمد بن القاسم المهدي بالله صاحب الجزيرة الخضراء، الذي فشل في هزيمة قوات محمد بن إدريس ودخول إلى مالقة،[31] ومات بعد فترة قصيرة عام 440 هـ، وخلفه ابنه القاسم الواثق بالله.[32] أما زعماء البربر، فدسوا على محمد بن إدريس من قتله بالسم في أواخر سنة 444 هـ، وبايعوا من بعده ابن أخيه إدريس بن يحيى السامي بالله،[33] الذي أصابته لوثة، وغادر مالقة هائمًا على وجهه في صفة تاجر، وعبر إلى المغرب، وهناك قُتل في عام 444 هـ.[34] فعاد إدريس العالي بالله إلى مالقة، واستمر في الحكم حتى توفي عام 446 هـ بعد أن عهد بالحكم لابنه محمد،[35][36] الذي لم يدم حكمه طويلاً، حيث خلعه باديس بن حبوس عام 449 هـ، وضم مالقة إلى غرناطة.[37] غادر المستعلي بالله إلى ألمرية، وعبر منها إلى مليلة التي قبل به أهلها كحاكم عليهم حتى وفاته عام 456 هـ لينتهي بذلك حكم بني حمود في مالقة.[36]
أما القاسم الواثق بالله، فغزاه المعتضد بن عباد عام 446 هـ برًا وبحرًا، ففر القاسم وأهله إلى سبتة.[38] ثم رحل إلى ألمرية والتجأ إلى صاحبها المعتصم بن صمادح،[39] وبقي بألمرية حتى وفاته[40] عام 450 هـ لينتهي حكم بني حمود نهائيًا في الأندلس.[39]
شجرة النسب
حمود | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
القاسم المأمون | علي الناصر | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
محمد المهدي | إدريس المتأيد | يحيى المعتلي | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
القاسم الواثق | محمد المهدي | يحيى القائم | إدريس العالي | الحسن المستنصر | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
إدريس السامي | محمد المستعلي | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
المراجع
- ابن حزم1 1982، صفحة 50
- ابن عذاري ج2 1980، صفحة 293
- ابن عذاري ج2 1980، صفحة 281-282
- الإحاطة ج1 1973، صفحة 513
- عنان ج1 1997، صفحة 630
- عنان ج2 1997، صفحة 123
- عنان ج1 1997، صفحة 653-654
- عنان ج1 1997، صفحة 658-659
- ابن عذاري ج3 1983، صفحة 122
- عنان ج1 1997، صفحة 660-661
- عنان 1997، صفحة 662
- ابن عذاري ج3 1983، صفحة 134
- عنان ج1 1997، صفحة 665-667
- ابن عذاري ج3 1983، صفحة 191
- ابن عذاري ج3 1983، صفحة 125
- الحميدي 1966، صفحة 31-32
- ابن عذاري ج3 1983، صفحة 289
- عنان ج1 1997، صفحة 672
- المراكشي 1962، صفحة 115
- دي لوثينا 1992، صفحة 38
- دي لوثينا 1992، صفحة 39
- عنان ج1 1997، صفحة 673
- دي لوثينا 1992، صفحة 40
- الحميدي 1966، صفحة 33
- دي لوثينا 1992، صفحة 41
- دي لوثينا 1992، صفحة 42
- دي لوثينا 1992، صفحة 43
- دي لوثينا 1992، صفحة 44
- الحميدي 1966، صفحة 35
- ابن عذاري ج3 1983، صفحة 217
- دي لوثينا 1992، صفحة 45-46
- ابن عذاري ج3 1983، صفحة 230
- دي لوثينا 1992، صفحة 47
- ابن عذاري 1983، صفحة 218
- دي لوثينا 1992، صفحة 48
- عنان ج1 1997، صفحة 675
- دي لوثينا 1992، صفحة 49
- ابن عذاري ج3 1983، صفحة 230-231
- عنان ج1 1997، صفحة 676
- ابن عذاري ج3 1983، صفحة 243
مصادر
- عنان, محمد عبد الله (1997). دولة الإسلام في الأندلس. مكتبة الخانجي، القاهرة. .
- ابن حزم, علي (1982). جمهرة أنساب العرب. دار المعارف، القاهرة. .
- ابن عذاري, أبو العباس أحمد بن محمد (1980). البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب. دار الثقافة، بيروت.
- ابن الخطيب, لسان الدين (1973). الإحاطة في أخبار غرناطة. مكتبة الخانجي، القاهرة.
- الحميدي, أبو عبد الله محمد بن أبي نصر فتوح (1989). جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس. الدار المصرية للتأليف والترجمة.
- المراكشي, عبد الواحد (1962). المعجب في تلخيص أخبار المغرب. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية -لجنة إحياء التراث الإسلامي - الجمهورية العربية المتحدة.
- دي لوثينا, لويس سيكو (1992). الحموديون سادة مالقة والجزيرة الخضراء. دار سعد الدين - دمشق.