الشيخ حافظ سلامة بطل وقائد المقاومة الشعبية في مدينة السويس وأحد رموز العمل الخيري وباعث الروح المعنوية في الجيش المصري وأحد رموز مصر على مر العصور.
نشأته
ولد الشيخ حافظ علي أحمد سلامة، بالسويس في 6 ديسمبر 1925م أثناء الاحتلال الإنجليزي لمصر، وكان حافظ الأبن الرابع لوالده الحاج علي سلامة الذي كان يعمل في تجارة الأقمشة. بدأ حافظ سلامة تعليمه بكتاب الحي ثم التعليم الابتدائي الأزهري وأخذ في تثقيف نفسه في العلوم الشرعية والثقافة العامة ودرس العديد من العلوم الدينية ثم عمل في الأزهر واعظًا، حتى أصبح مستشارًا لشيخ الأزهر لشئون المعاهد الأزهرية حتى 1978م، ثم أحيل إلى التقاعد.
انتسب للعمل الخيري مبكرا وشارك في العديد من الجمعيات الخيرية في السويس، وكان له دور اجتماعي وسياسي ونضالي بارز حيث ساهم في دعم المقاومة والمشاركة في العمليات الفدائية والتعبئة العامة للفدائيين.
بداية الجهاد
بعد نشوب الحرب العالمية الثانية بين قوات المحور وقوات الحلفاء أصبحت السويس أحد مناطق الصراع بين القوتين، وكانت مصر واقعة تحت الاحتلال الإنجليزي آنذاك، مما أدى إلى هجرة أهالي السويس ومنهم عائلة الشيخ حافظ سلامة والذي رفض أن يهاجر معهم وفضل البقاء في السويس وكان عمره آنذاك 19 عاما، وكان يوفر نفقاته من إدارته لمحل الأقمشة الذي يمتلكه والده وكان يرسل الأموال لعائلته التي هاجرت إلى القاهرة.
شاهد الشيخ حافظ سلامة الحرب الدائرة بين القوتين في بلده، ولم ينأ بنفسه عن المعركة بل لعب دورا كبيرا في عمليات الدفاع المدني لمساعدة الجرحى والمصابين
في العام 1944م قابل حافظ سلامة أحد الحجاج الفلسطينيين الذين كانوا يمروا من السويس عندما كان يربط بين ميناء السويس والقدس شريط سكك حديد كان الحجاج الفلسطينيين يستخدمونه في الذهاب إلى الأراضي المقدسة، وقد طلب من الشيخ حافظ توفير حجارة الولاعات التي تستخدم في صناعة القنابل اليدوية كما أمده الشيخ أيضا بالسلاح لمساندة المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، حتى قبض عليه في إحدى المرات وحوكم بالسجن 6 أشهر ولكن تم الإفراج عنه بعد 59 يوم بعد وساطة من أحد أمراء العائلة المالكة في دولة مصر.
جمعية شباب محمد
انضم الشيخ حافظ سلامة إلى جماعة شباب محمد والتي أنشأها مجموعة من الأشخاص المنشقين عن الإخوان المسلمين وحزب مصر الفتاة عام 1948م وشارك الشيخ حافظ من خلال تلك الجمعية في النضال الوطني الإسلامي في مصر ضد الاحتلال الإنجليزي، وبعد انضمامه بفترة قصيرة أعلن قيام دولة إسرائيل في نفس العام، وإعلان الجيوش العربية للحرب، وأراد الشيخ حافظ التطوع في صفوف الفدائيين والسفر إلى فلسطين لقتال العصابات الصهيونية، لكن قيادة جماعته طلبت منه حينذاك عدم السفر باعتبار أن العدو الحقيقي لا يزال رابضا في مصر.
فشكل حافظ أول فرقة فدائية في السويس، كانت مهمتها الرئيسية مهاجمة قواعد القوات الإنجليزية الرابضة على حدود المدينة، والاستيلاء على كل ما يمكن الحصول عليه من أسلحة وذخائر، كان يتم تسليمها للمركز العام للجمعية في القاهرة، لتقوم هي بعد ذلك بتقديمها كدعم للفدائيين في فلسطين، وبعد هزيمة الجيوش العربية أنخرط في العمل الخيري والدعوى من خلال الجمعية.
في يناير عام 1950م ألقى القبض عليه على إثر مقال كتبه في جريدة النذير أنتقد فيه نساء الهلال الأحمر بسبب ارتدائهن أزياء أعتبرها مخالفة للزي الشرعي. بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952م وتحديدا في الستينات أصدر جمال عبد الناصر قرارا بحل جمعية شباب محمد وإغلاق صحفها على خلفية مقالات تهاجم فيها العلاقات السوفيتية المصرية.
الجهاد في المعتقل
اعتقل الشيخ حافظ سلامة بعد ذلك في إطار الاعتقالات التي نفذها النظام الناصري ضد الإخوان المسلمون وظل الشيخ حافظ سلامة في السجن حتى نهاية 1967م بعد حدوث النكسة، وكان يقضى عقوبته في العنبر رقم 12.
أفرج عن الشيخ حافظ سلامة في ديسمبر عام 1967م فاتجه إلى مسجد الشهداء بالسويس، وأنشأ جمعية الهداية الإسلامية، وهي الجمعية التي اضطلعت بمهمة تنظيم الكفاح الشعبي المسلح ضد إسرائيل في حرب الاستنزاف منذ عام 1967م وحتى عام 1973م.
لعب الشيخ حافظ سلامة دورا هاما في عملية الشحن المعنوي لرجال القوات المسلحة بعد أن نجح في أقناع قيادة الجيش بتنظيم قوافل توعية دينية للضباط والجنود تركز على فضل الجهاد والاستشهاد وأهمية المعركة مع اليهود عقب هزيمة 1967م والاستعداد لحرب عام 1973م، وكانت هذه القوافل تضم مجموعة من كبار الدعاة وعلماء الأزهر وأساتذة الجامعات في مصر مثل شيخ الأزهر عبد الحليم محمود والشيخ محمد الغزالي، والشيخ حسن مأمون، والدكتور محمد الفحام، والشيخ عبد الرحمن بيصار وغيرهم، ويقول اللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث الميداني عن الدور الذي لعبه الشيخ حافظ سلامة في تلك الفترة: «الشيخ حافظ سلامة كان صاحب الفضل الأول في رفع الروح المعنوية للجنود على الجبهة، بل إن الجميع كانوا يعدونه أبا روحيا لهم في تلك الأيام العصيبة».[2] نجحت القوافل نجاحًا كبيرًا فصدر قرار بتعميمها على جميع وحدات الجيش المصري في طول البلاد وعرضها كنوع من الاستعداد للمعركة الفاصلة مع اليهود.
المحطة الأهم في حياته
تعد قيادة الشيخ حافظ سلامة لعمليات المقاومة الشعبية في مدينة السويس بدءًا من يوم 22 أكتوبر 1973م هي المحطة الأهم في حياة الشيخ حافظ سلامة، حيث تسللت إسرائيل إلى غرب قناة السويس في منطقة « الدفرسوار » القريبة من الأسماعيلية بهدف حصار الجيش الثالث الميداني بالضفة الشرقية للقناة وتهديد القاهرة واحتلال مدينة السويس بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية حتى تجد ما تفاوض عليه في اتفاقية وقف القتال، وأسلمت القيادة الإسرائيلية هذه المهمة إلى الجنرال أدان الذي وجه أنذار إلى محافظ السويس بالأستسلام أو تدمير المدينة بالطيران الإسرائيلي، ولكن الشيخ حافظ سلامة ومعه عدد من القيادات الشريفة المجاهدة، ومعه جميع أبناء المدينة قرروا رفض تسليم المدينة واستمرار المقاومة مهما كانت الظروف، ووقف الشيخ حافظ سلامة على منبر مسجد الشهداء ليعلن بدء عمليات المقاومة.
تعرضت المدينة لحصار شديد من القوات الإسرائيلية وقصف مستمر من الطائرات وتقدمت إلى المدينة 200 دبابة وكتيبة من جنود المظلات وكتيبتين من جنود المشاة بعربات مدرعة، وعلى الرغم من موافقة إسرائيل على قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار إلا أنها لم تلتزم بقرار ثان لنفس المجلس وواصلت هجومها على المدينة، واقتحمت قوة من الجيش الإسرائيلي مبنى قسم شرطة الأربعين وحاصرته بدباباتها ومدرعاتها إلا أن رجال المقاومة تصدوا لها مع عدد من رجال القوات المسلحة في معركة دامية، كانت نتيجتها تدمير جميع دبابات العدو ومدرعاته التي اقتحمت المدينة، وسقوط عدد من رجال المقاومة شهداء
بدأت أعداد القتلى والجرحى الإسرائيليين في التزايد بأيدى القوات المسلحة ورجال ونساء وأطفال السويس حتى تم اندحار القوات الإسرائيلية عقب أكبر هزيمة لمعركة الدبابات حيث فقدت إسرائيل فيها 76 دبابة ومصفحة بأسلحة المقاومة.
يصف سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقت الحرب هذا الدور قائلاً: "إن الشيخ حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الإسلامية، إمام وخطيب مسجد الشهداء، أختارته الأقدار ليؤدي دورًا رئيسيًّا خلال الفترة من 23– 28 أكتوبر عام 1973 عندما نجحت قوات المقاومة الشعبية بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة في صد هجمات العدو الإسرائيلي وإفشال خططه من أجل احتلال المدينة الباسلة."[1]
استمرار المسيرة
بعد هذا التاريخ العظيم للشيخ من جهاد ونضال ضد العدو ظل الشيخ حافظ سلامة يلعب دورا إيجابيا في مجتمعه من الناحية الدعوية والاجتماعية وأيضا السياسية فقد رفض الشيخ حافظ سلامة زيارة السادات للقدس عام 1977 ومعاهدة كامب ديفيد عام 1979م مما جعل الرئيس السادات يضعه على رأس قائمة اعتقالات سبتمبر 1981م، وقد أفرج عنه بعد اغتيال السادات.
لا يزال الشيخ حافظ سلامة وهو في ذلك السن الكبير له عزيمة وهمة غير عادية في العمل الخيري يود أن يلقى الله بها، منها بناء المساجد مثل مسجد النور بالعباسية ومسجد الرحمن بشبرا الخيمة والعديد من المساجد في مدينة السويس التابعة لجمعية الهداية، وبناء المدارس الإسلامية بمدينة السويس ومساعدة المحتاجين.
ولا يزال له دور سياسي واضح في دعمه المادي والمعنوي لشعب فلسطين ولبنان وأفغانستان وغيرها من بلاد المسلمين، ودور اجتماعي هام في مجتمعه مثل الحملة الشعبية التي قادها في السويس لرفض إقامة مشروع مصنع «أجريوم» للبتروكيماويات في مدينة السويس وذلك خوفا من آثاره البيئية الخطيرة.
مشاركته في ثورة 25 يناير
انضم الشيخ سلامة إلى المعتصمين المطالبين بتنحي حسني مبارك عن الحكم في ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير عام 2011 م وأصدر بياناً يناشد فيه الجيش المصري بالتدخل الفوري لإنقاذ مصر.[1] كما شارك الشيخ سلامة بقيادة وتنظيم مجموعات الدفاع الشعبي عن الأحياء السكنية في مدينة السويس ضد عمليات السلب والنهب التي انتشرت بسبب الفراغ الأمني أثناء الاحتجاجات.
في الرابع من شهر مايو عام 2012، شارك الشيخ حافظ سلامة في جمعة الزحف بالعباسية متضامنا مع مطالب القصاص لشهداء العباسية الذين قتلوا على أيدى بلطجية ووقوف الشرطة العسكرية والجيش دون تحريك ساكنا ، وكان الشيخ متواجدا داخل مسجد النور عندما قام الجيش بفض الاعتصام .
مشاركته في الثورات العربية
ثورة ليبيا
في يوم الأحد 20 مارس 2011 قام الشيخ حافظ سلامة يصل ليبيا لدعم الثوار وبصحبته خمسين طن مواد غذائية..
عبر الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة الشعبية بالسويس صباح اليوم الأحد منفذ السلوم في طريقه إلى بنغازي للانضمام إلى الثوار لدعمهم والشد من أزرهم، وبحسب صحيفة «الوفد» حمل الشيخ حافظ سلامة معه خمسين طن مواد غذائية ومساعدات طبية وأدوية، كما اصطحب 14 متطوعاً لمساعدته في توزيع المساعدات.
أكد سلامة في اتصال هاتفي عقب عبوره منفذ السلوم ودخوله الأراضي الليبية اعتزامه التوجه إلى كافة المدن لمساندة الثوار ودعمهم وتأكيد وقوف الشعب المصري مع الشعب الليبي إلى حين حصوله على حقوقه الديمقراطية.
الانتفاضة الفلسطينية الثالثة
في الخامس من شهر مايو عام 2011, أكد الشيخ حافظ سلامة عزمه المشاركة في فعاليات الانتفاضة الفلسطينية الثالثة, وجاء ذلك بعد أن تجمع عدد كبير من الشباب أمام مسجد الشهداء بالسويس يطالبون الشيخ حافظ بأن يقود قافلة الحرية المصرية، والتي تتوافق مع انطلاق قوافل أخرى من كافة الدول العربية وجميع المحافظات المصرية للأراضي الفلسطينية في 15 من شهر مايو عام 2011.
ثورة سوريا
يوم السبت 13 أكتوبر 2012 قام الشيخ بالسفر لسوريا عبر الحدود التركية للمشاركة في ثورة سوريا والشد علي أيدي الثوار[2] وكان الشيخ حافظ سلامة البالغ من العمر 87 عاما، قد "غادر مصر متوجها إلى الحدود التركية – السورية ومنها عبَرَ إلى داخل سوريا". [3]
المصادر
- حافظ سلامة ينضم إلى المعتصمين في ميدان التحرير ويصدر بيانا يناشد الجيش إنقاذ مصر واتخاذ قرار تولي المرحلة الانتقالية. صحيفة المصريون، 2011-2-4. وصل لهذا المسار في 6 فبراير 2011. نسخة محفوظة 14 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
- "شيخ المجاهدين" المصريين " حافظ سلامة " يصل سوريا لدعم الثوار - تصفح: نسخة محفوظة 14 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
- حافظ سلامة شيخ المجاهدين المصريين في سوريا لدعم الثوار - تصفح: نسخة محفوظة 25 يونيو 2014 على موقع واي باك مشين.