خُرَّم سلطان (حوالي 1502- 1504 - 15 أبريل 1558) هي زوجة السلطان العثماني سليمان القانوني، ووالدة ابنه وخليفته سليم الثاني، وتُعرف أيضًا باسمها الأصلي أناستازيا (باللاتينية: Anastasia) أو روكسِلانا (باللاتينية: Roxelana). تواجه اتهامات تاريخيّة بضلوعها في إعدام الصدر الأعظم إبراهيم باشا وأكبر أبناء القانوني والمرشح لخلافته مصطفى، وإن لم يُثبت ذلك قطعيًا ومع ذلك اتهمت بذلك وقيل أن سبب وفاتها هو السرطان. توفي وقُتِل أغلب أولادها، وهم: محمد وجهانكير في حياتها، بينما قُتِل بايزيد على يد زوجها سليمان القانوني بعد وفاتها بسنوات.
خُرَّم سلطان | |
---|---|
خُرَّم سلطان (كريمة أو روكسلانا أو أم محمد)
| |
معلومات شخصية | |
اسم الولادة | ألكساندرا ليسوفسكا Alexandra Anastasia Lisowska |
الميلاد | حوالي 1502-1504م مدينة روهاتين، مملكة بولندا (تقع حاليًا في أوكرانيا) |
الوفاة | 17 أبريل 1558 بعمر 54 أو 56 عامًا، بقصر طوب قابي بإسطنبول إسطنبول[1] |
مكان الدفن | مسجد سليمان القانوني ، إسطنبول ، الدولة العثمانية، حاليا: تركيا |
مواطنة | مملكة بولندا (1502–) الدولة العثمانية (1531–15 أبريل 1558) |
الديانة | ولدت أرثوذكسية ثم أسلمت |
الزوج | سليمان القانوني سلطان الدولة العثمانية |
أبناء | مهرماه وسليم الثاني و بايزيد و جهانكير و محمد |
والدان | الوالد (Havrylo Lisowsk) والوالدة (Leksandra Lisowska) |
عائلة | السلالة العثمانية |
الحياة العملية | |
المهنة | زوجة الحاكم |
سبب الشهرة | خاصكي سلطان، خُرَّم، ألكساندرا |
الأصول
ولدت خُرَّم في بلدة اسمها 'روهاتين ' ([1]Rohatyn) يسكنها الروس لكن يسيطر عليها البولونيون[2] (ضمّها ستالين لأوكرانيا سنة 1939). ويعتقد أن والدها قس أرثوذكسي روسي.[3][4] في 1520، اختطفت من تتار القرم أثناء هجماتهم المعتادة على شبه الجزيرة وبيعت جارية لقصر السلطان سليمان. هناك، بدأت خُرَّم في القصر السلطاني كجارية، ثم تحولت إلى الإسلام.
أسماء
لا تذكر المصادر العثمانية المزامنة لعصر خُرَّم اسمها الكامل، وتكتفي بأنها خُرَّم خاصيكي سلطان (Hürrem Haseki Sultan) حيث تعني Hürrem: الباسمة أو الضاحكة، وهو اسم يعود إلى جذره الفارسي (خُرَّم Khurram)، أما خاصيكي -أو خاصكي- سلطان فهو لقب عثماني يشير إلى الزوجة الرئيسية للسلطان، وأول من حصل عليه هي خُرَّم سلطان.
وقد سميت الجارية الروسية ألكساندرا ولما أسلمت سماها السلطان سليمان القانوني الذي عشقها " هُرَّم "، أما في المصادر العربية فتعرف باسم خُرَّم أو حُرَّم أو هُرَّم أو كريمة أو أم محمد، كما تتكرر الإشارة إليها باسمها الأوروبي ذي التنويعات المختلفة: روكسولينا، روكسلانا، روكسولانا، روكسلين، روكسيلانة وعرفت أثناء عرض المسلسل التركي المدبلج إلى العربية القرن العظيم و المعروف عربيا بحريم السلطان بالسلطانة هيام، وتصف الكثير من الكتب التاريخية خُرَّم بـ"الروسية" حينما كانوا جميع السلاف الشرقيون روسيّين قبل انقسامهم إلى روسيين، أوكرانيين وبلاروسيين.
وتطلق الأدبيات الأوكرانية اللاحقة على خُرَّم اسم "أناستاسيا/ناستيا" ويرد اسمها في المرويات البولندية - حيث كانت أوكرانيا جزءًا من المملكة البولندية - اسم "ألكساندرا ليسوفسكا".[5]
كما كانت أول جارية تتزوج سلطانا من سلاطين الدولة العثمانية، فقد كانوا لا يتزوجون من الجواري.
حياة القصر
سرعان ما استقطبت خُرَّم اهتمام سيدها السلطان سليمان القانوني، وتتفق معظم المصادر التاريخية على تأثيرها الكبير عليه. وتظهر في الرسائل المتبادلة بين الإثنين علاقة حب متأججة.
في إحدى رسائلها إلى السلطان، كتبت خُرَّم[6]:
" | سيدي، إن غيابك عني قد أجج نارًا لا ينطفئ لهيبها. ارحم هذه الروح المعذبة وسارع في الجواب، لأنني قد أجد فيه ما يخفف عني. سيدي، حين تقرأ كلماتي ستتمنى لو أنك كتبت إلي أكثر للتعبير عن شوقك. | " |
العلاقة الخاصة بينها وبين السلطان، فسّرت وقوف القانوني في صف خُرَّم حين نشوب خلافات بينها وبين "ماه دوران" زوجة السلطان الأولى. كانت والدة السلطان عائشة حفصة تتدخل للتهدئة بين الزوجتين[7]، إلا أنه بعد وفاتها عام 1535، اشتدت شراسة الخلافات وصولًا إلى الاشتباك بالأيدي.
الاشتباك المعروف، والأخير، ألحق أضرارًا جسدية بخُرَّم، وكان وراء نفي السلطان لـ"ماه دوران" إلى اماسيا مع ابنها، أكبر أبناء القانوني، مصطفى؛ رغم أن هذا النفي قُدّم بوصفه إجراءً بروتوكوليًا معتادًا لتجهيز مصطفى لولاية العهد.
برحيل منافستها، باتت خُرَّم توسع نفوذها، ومارست خلال ولاية زوجها السلطان سليمان أدوارًا سياسية تفصح عنها مراسلاتها مع زعماء العالم آنذاك، وازداد موقعها أهمية مع تقديمها ستة أبناء للسلطان: الأميرة مهرماه، وسليم الثاني، وشاهزاده بايزيد، وشهزاده عبد الله، وشهزاده جيهانغير، وشهزاده محمد.
إتهامات تاريخية
يدافع بعض المؤرخين عن السلطانة خُرَّم باعتبارها راعية للكثير من الأوقاف الخيرية، ولوقوفها خلف زوجها الذي بوأته إنجازاته موقعًا فريدًا في سلسلة السلاطين العثمانين؛ غير أن مؤرخين آخرين يحمّلونها مسؤولية أحداث دموية وسياسية ضخمة ضمن مفهوم "سلطنة الحريم".
إعدام ولي العهد
يتهم بدورها في تحريض السلطان على ابنه وولي عهده مصطفى لإفساح الطريق لابنها سليم صوب العرش العثماني[8][9]. وساعدها في ذلك زوج ابنتها محرمة، الصدر الأعظم رستم باشا، الذي انتهز فرصة قيادة مصطفى لإحدى الحملات العسكرية إلى بلاد فارس ليكاتب السلطان بأن ابنه، بمساعدة من العسكر المعجبين به، ينوي الانقلاب عليه[10]. عام 1553، سافر السلطان إلى فارس، واستدعى ابنه إلى خيمته، ليتم خنقه فور دخوله[10] بخيط من الحرير وفقًا للتقاليد العثمانية في إعدام الشخصيات المهمة.
وكتب سفير النمسا في بلاط القانوني، الذي ألف كتابًا عن الدولة العثمانية طبع عام 1633، يمتدح السلطان العثماني ويعدد مزاياه قبل أن يتطرق إلى حادثة قتل ولي العهد؛ يقول[11]:
" | .. ولكنه كان مغرمًا بزوجته وحبه المتزايد لها جعله يقتل ابنه مصطفى. وحتى هذه النقيصة تنسب عادة إلى غلبتها عليه بجمالها الخلاّب وإكسير الحب. ومن المؤكد أنه بعد أن اختارها لتكون زوجته الشرعية لم يلامس أية امرأة أخرى مع أن شريعتهم لم تمنعه من ذلك. | " |
إسقاط الصدر الأعظم
يتهم المؤرخون خُرَّم بالوقوف وراء إحدى أكثر أحداث التاريخ العثماني جدلًا، وذلك هو إعدام الصدر الأعظم القوي، رفيق صبا القانوني وساعده الأيمن، إبراهيم باشا. ووفقًا للروايات، فإن السلطانة خُرَّم سعت لتقويض ثقة السلطان بإبراهيم، خاصة مع دعم الأخير لمصطفى[12] النجل الأكبر للسلطان من زوجته الأولى "ماه دوران".
في واحدة من الرسائل التي كتبتها خُرَّم إلى السلطان، جاء ذكر إبراهيم باشا صراحة، كالتالي[6]:
" | سيدي، تسألني عن السبب في غضبي على إبراهيم باشا، وحين يجمعنا الله ثانية سأذكر لك السبب وستفهمني. | " |
ويربط المؤرخون بين إعدام إبراهيم باشا خنقًا بأمر سلطاني عام 1536، تم تعيين أولا إلياس باشا ثم لطفي باشا وبعد ذلك تم تعيين زوج ابنة خُرَّم، رستم باشا، صدرًا أعظمًا للقانوني.
تنصير وتهويد
لاحقت جذور خُرَّم المسيحية سمعتها التاريخية، إذ تُتهم باستغلال موقعها لتقويض الدولة العثمانية الإسلامية لصالح الدول الأخرى، بما فيها الصفوية، ويزعم مؤرخون، دون سند، أنها يهودية الأصل؛ رابطين مسلكها في القصر السلطاني بذلك.
أعمال خيرية
استثمارًا لموقعها النافذ، قدمت خُرَّم العديد من الأوقاف والمنشآت الخيرية في العاصمة العثمانية، كما ولكونها زوجة خليفة المسلمين فقد شملت أعمالها مكة المكرمة والقدس.
من أوائل أعمالها، مسجدًا ومدرستين قرآنيتين ومستشفى نسائي في إسطنبول، إضافة إلى حمام لخدمة المصلين في آيا صوفيا.
وفي القدس، ما يزال الوقف الذي دشنته روكسلانا عام 1552 يقدم خدماته إلى الفقراء، ويعرف اليوم باسم "خاصكي سلطان" إشارة إلى اللقب الفخري للسلطانة خُرَّم. "وفي شهر رمضان بالذات يظل لهذا المعلم التاريخي والحضاري حضور وعطاء خاصين حيث يتوافد الفقراء واليتامى والمساكين وعابري السبيل بكثافة للتزود بوجبات الإفطار"[13].
الوفاة
توفيت خُرَّم في 15 أبريل 1558 ودفنت في ضريح مقبب يتبع للمسجد السليماني، وقد دفن زوجها السلطان لاحقًا قريبًا منها.
إحياء
تلهم خُرَّم الفنانين، وتعود بين فترة وأخرى إلى الواجهة من خلال عمل فني، رواية أو لوحة أو موسيقى، تستعيد قصة الحب التي ربطتها بالسلطان العثماني، أو صعودها من جارية إلى سلطانة قوية.
واحدة من هذه الأعمال هي السيمفونية رقم 63 لهايدن، إذ تعرف باسم "روكسلانا" اعتمادًا على الحركة الثانية من السيمفونية التي تحمل هذا الاسم، يضاف إلى ذلك الكثير من اللوحات الفنية التي حاولت رسم السلطانة العثمانية مقتدية بفتنتها التاريخية.
وعادت خُرَّم إلى الواجهة مؤخرًا بإذاعة المسلسل التركي "القرن العظيم" المعروف عربيًا باسم "حريم السلطان".
تبنى المسلسل وجهة النظر السلبية تجاه خُرَّم -واسمها في الدبلجة العربية "هُيام"- إذ أظهرها بمظهر المتآمرة الطامحة إلى الترقي مهما كانت الضريبة، وهي الصورة التي رسمها كثير من المؤرخين وعارضها بعضهم.
كما أقيم في تركيا خلال عام 2011 معرض "عشق السلاطين" الذي تضمن سبع خطابات كتبتها خُرَّم إلى زوجها السلطان [2].
معرض صور
مقالات ذات صلة
مراجع
- معرف ملف استنادي متكامل: https://d-nb.info/gnd/119171538 — تاريخ الاطلاع: 14 أغسطس 2015 — الرخصة: CC0
- Afshan (2008). The Oxford Encyclopedia of Women in World History (باللغة الإنجليزية). Oxford University Press. doi:10.1093/acref/9780195148909.001.0001/acref-9780195148909-e-472. . مؤرشف من الأصل في 11 مايو 2019.
- خطاب إبراهيم في تتويج ماكسيميليان الثاني ، توماس كونلي ، رويتوريكا: مجلة تاريخ البلاغة، المجلد 20، رقم 3 (صيف 2002) ، 266. كمال ح. كربات، دراسات عن التاريخ الاجتماعي والسياسي العثماني: مقالات ومقالات مختارة، (بريل ، 2002) ، 756.
- Elizabeth (2011-09-01). Mistresses: A History of the Other Woman (باللغة الإنجليزية). Overlook. . مؤرشف من الأصل في 29 مارس 2020.
- Leslie P. (1993). The Imperial Harem: Women and Sovereignty in the Ottoman Empire (باللغة الإنجليزية). Oxford University Press. . مؤرشف من الأصل في 15 يوليو 2019.
- اينالجيك، خليل: تاريخ الدولة العثمانية من النشوء إلى الانحدار (محمد.م.الأرناؤوط). (سبتمبر 2002). ط1. دار المدار الإسلامي، بيروت، لبنان. ص138
- Selçuk Aksin Somel: Historical Dictionary of the Ottoman Empire, Scarecrow pres, Oxford, 2003 ,, p. 123.
- Imber,Colin (2002). The Ottoman Empire, 1300–1650 : The Structure of Power. New York: Palgrave Macmillan.
- ياغي، إسماعيل أحمد: الدولة العثمانية في التاريخ الإسلامي الحديث. مكتبة العبيكان. ص93.
- قازان، نزار: سلاطين بني عثمان بين قتال الأخوة وفتنة الانكشارية. (1992). ط1. دار الفكر اللبناني. بيروت، لبنان. ص51-52.
- لويس، برنارد: استنبول وحضارة الخلافة الإسلامية. (سيد رضوان علي). (1982). ط2. الدار السعودية للنشر والتوزيع. ص54.
- Ágoston, Gábor, Bruce Masters (2009): Encyclopedia of the Ottoman Empire. Facts On File, New York. p236
- سكاي نيوز عربية: "خاصكي سلطان".. عطاء يخترق القرون. وصل إلى هذا الموقع بتاريخ 10 أغسطس 2010. نسخة محفوظة 13 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.