خطبة فاطمة الزهراء في نساء المهاجرين والأنصار حين عُدنها نساء المهاجرين والأنصار، وهي خطبة ثانية ألقتها بعد خطبتها المعروفة بالخطبة الفدكية، وفيها أبدت تظلمها من السلطة آن ذاك.
تحمل هذه الخطبة الجزلاء في طياتها أبداء الشكوى على رجال المهاجرين والأنصار، وتعدهم فيها بالخذلان وسوء المطلع الذي سيجري على هذه الأمة لنكثهم العهود والأمانات، كما تتناول جوانب أخرى.
مكان وتاريخ الخطبة
من المعلوم والجلي أن الخطبة كانت في بيتها الشريف وذلك ظاهر لما جاء في متن الخطبة وهو قول عدة من الرواة: "لمّا مرضت فاطمة المرضة التي توفّيت بها، دخل نساء المهاجرين والأنصار عليها فقلن..."[1].
أما تاريخ الخطبة على وجه التحديد فذلك غير معروف بالدقة وذلك راجع لعوامل عدة أولها أن الرواة الذين رووا الواقعة لم يذركوا وقتها، ومع العلم أن أغلب الرواة قد ذكروا أن الواقعة حدثت في مرضها الذي توفيت فيه ولكن مع ذلك فإن هنالك روايات عديدة في يوم وفاتها؛ فاليعقوبي يروي أنها عاشت بعد أبيها ثلاثين أو خمسة وثلاثين يومًا[2]، وهذا أقل ما قيل في مدة بقائها بعد أبيها ؛ وقال آخرون أربعون يوماً[2]؛ وقولٌ ثالث خمسة وسبعون وهو الأشهر[2]؛ ورابع: خمسة وتسعون يوما وهو الأقوى[2]، وهنالك أقوال لا يعبأ بها كالقول أنها عاشت بعد أبيها ستة أشهر أو ثمانية أشهر وهذا أكثر ما قيل في مكثها بعد أبيها[2].
وإذا أُخذ القول بأنها توفيت بعد أبيها بخمسة وسبعون يوماً في الأعتبار فيحتمل كون خطبتها في ربيع ثاني أو جماد الأول من سنة 11هـ \يوليو 632م.
ومن قراءة الأحداث والأخبار الواردة من تلك السنة يعرف أن الخطبة قد ألقيت بعد الخطبة الفدكية، وبعد الهجوم على الدار.
أسم الخطبة
لا يوجد أسم متعاهد في الأذهان للخطبة بشكل معروف، فهناك من يشير إليها بخطبة فاطمة الزهراء في نساء المهاجرين والأنصار[3]، وهنالك من يعنونها بكلامها لنساء المهاجرين والأنصار[4] وهنالك من يشير إليها بالخطبة الصغرى، أو خطبتها في بيتها.
ولعل الأسم الأشهر لهذه الخطبة هو خطبة فاطمة الزهراء في نساء المهاجرين والأنصار.
مصادر الخطبة وأسانيدها
وردت هذه الخطبة في مصادر عديدة، ونقلها كثيرٌ من العلماء والمأرخين.
بعض المصادر الشيعية
1 ـ قال الصدوق: حدّثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن محمد الحسيني، قال: حدّثنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن حميد اللخمي، قال: حدّثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن المهلبي، قال: حدّثنا عبد الله بن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن عبد الله بن الحسن، عن أُمّه فاطمة بنت الحسين (عليهما السّلام)، قالت: "لمّا اشتدّت علّة فاطمة بنت رسول الله (صلوات الله عليها)..."
وحدّثنا بهذا الحديث أبو الحسن علي بن محمد بن الحسن، المعروف بابن مقبرة القزويني، قال : أخبرنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن حسن بن جعفر بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) ، قال : حدّثني محمد بن علي الهاشمي، قال : حدّثنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، قال : حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، قال: "لمّا حضرت فاطمة (عليها السّلام) الوفاة دعتني، فقالت: أمنفّذ أنت وصيّتي وعهدي ؟..." "قال : فلما اشتدت علتها اجتمع إليها نساء المهاجرين والأنصار..."[5].
2 ـ قال الشيخ الطوسي : أخبرنا الحفّار، قال : حدّثنا الدعبلي، قال: حدّثنا أحمد بن علي الخزاز ببغداد بالكرخ بدار كعب، قال: حدّثنا أبو سهل الرفاء، قال: حدّثنا عبد الرزاق، قال الدعبلي: وحدّثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الدبري، بصنعاء اليمن في سنة ثلاث وثمانين ومئتين، قال : حدّثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس قال: "دخلت نسوة من المهاجرين والأنصار على فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يعدنها في علتها ..."[6].
3 ـ وقال الطبري -الإمامي- : حدّثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال : حدّثني محمد بن المفضل بن إبراهيم بن المفضل بن قيس الأشعري، قال: حدّثنا علي بن حسان، عن عمّه عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السّلام)، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين (عليهم السّلام)، قال: "لمّا رجعت فاطمة إلى منزلها فتشكّت، وكانت وفاتها..."
في هذه المرضة، دخل إليها النساء المهاجرات والأنصاريات ...".
وحدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي، قال : حدّثتني أُمّ الفضل خديجة بنت أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج، قالت : حدّثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني، قال : حدّثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي، قال : حدّثني محمد بن زكريا، قال : حدّثنا محمد بن عبد الرحمان المهلبي، قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن سليمان المدائني، قال : حدّثني أبي، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن أُمّه فاطمة بنت الحسين، قالت: "لمّا اشتدّت علّة فاطمة (عليها السّلام)..."[7].
4 - كما رواها الطبرسي عن سويد بن غفلة بحذف الإسناد في كتابه الإحتجاج[8].
5 - ورواها العلامة المجلسي في بحار الأنوار[9]، والعلامة عبدالله البحراني في عوالم العلوم[10] بأسانيد متعددة ومن مصادر مختلفة.
6 - كما ذكر الشيخ إسماعيل الزنجاني الخوئيني ثلاثة عشر متن للخطبة بأسانيد متعددة ومن مصادر مختلفة في كتابه الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء[11].
بعض المصادر السنية
1 ـ قال ابن طيفور أحمد بن أبي طاهر: وحدّثني هارون بن مسلم بن سعدان، عن الحسن بن علوان، عن عطية العوفي، قال: "لمّا مرضت فاطمة (عليها السّلام) المرضة التي توفّيت بها دخل النساء عليها..."[12]
2 ـ قال ابن أبي الحديد : قال أبو بكر: وحدّثنا محمد بن زكريا، قال: حدّثنا محمد بن عبد الرحمن المهلبي، عن عبد الله بن حماد بن سليمان، عن أبيه، عن عبد الله بن حسن بن حسن، عن أُمّه فاطمة بنت الحسين (عليها السّلام)، قالت: "لمّا اشتدّ بفاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الوجع، وثقلت في علّتها اجتمع عندها نساء...."[13]
3 ـ وقال ابن جبر: وقد قالت في خطبتها التي رواها كثير من العلماء في مواضع كثيرة لا تُحصى كثرة . والنقل من كتاب جدّي أبي عبد الله الحسين بن جبير (رحمه الله) ، المعروف بكتاب الاعتبار في إبطال الاختيار، فمن جملة خطبتها (عليها السّلام) أنّها قالت:"أصبحت والله عائفة..."[14].
4 ـ ورواها جماعة كاملة من دون ذكر السند، كابن الدمشقي[15]، والآبي[16]، والسيّدة زينب العاملية[17].
عيادة النساء لفاطمة الزهراء
وفي سبب عيادة النساء قال السيد محمد كاظم القزويني:
" لا نعلم - بالضبط - السبب الحقيقي والدافع الأصلي الذي دعا بنساء المهاجرين والأنصار لعيادة السيدة فاطمة الزهراء، فهل كان هذا بإيعاز من رجالهن فما الذي دعا أولئك الرجال لإرسال نسائهن إلى دار السيدة فاطمة؟ أو هل حصل الوعي عند النساء وشعرن بالتقصير بل الخذلان لبنت رسول الله، فانتشر هذا الشعور بين النساء فأنتج ذلك حضورهن للعيادة للمجاملة أو إرضاء لضمائرهن المتألمة لما حدث وجرى على سيدة النساء؟ أو كانت هناك أسباب سياسية فرضت عليهن ذلك فحضرن لتلطيف الجو وتخفيف توتر العلاقات بين السيدة فاطمة بنت رسول الله وبين السلطة الحاكمة في ذلك اليوم؟ خاصة وأن الموقف الاعتزالي الذي اختارته السيدة فاطمة لنفسها، وانسحابها عن ذلك المجتمع لم يكن خالياً عن التأثير، بل كان جالباً لانتباه الناس، وبالأخص حين حمل الإمام أمير المؤمنين السيدة فاطمة يطوف بها على بيوت المهاجرين والأنصار تستنجد بهم وتستنهضهم فلم تجد منهم الإسعاف بل وجدت منهم التخاذل، وقد مرّت عليك نتيجة الحوار الذي جرى بين السيدة فاطمة الزهراء وبين معاذ بن جبل، وعرفت موقف ابنه من ذلك الرد السيئ. وعلى كل تقدير فلا يعلم - أيضاً - عدد النساء اللاتي حضرن عند السيدة فاطمة الزهراء وهي طريحة الفراش، ولكن المستفاد أن العدد لم يكن قليلاً بل كان العدد كثيراً يعبأ به. فانتهزت السيدة فاطمة الزهراء الفرصة، واستغلّت اجتماع النساء عندها لأن تضع النقاط على الحروف، وتكتب في سجل التاريخ الأعمال البشعة التي قام بها بعض المسلمين تجاه عترة نبيهم وذريته الطاهرة. والنساء يشكلّن نصف المجتمع أو أكثر من النصف، وكل امرأة مرتبطة برجلٍ من زوج أو أب أو أخ أو ابن، فهي بإمكانها أن تقوم بدورٍ فعّال في المجتمع وخاصة في حقل الدعاية والإعلام والنشر. فلماذا تسكت السيدة فاطمة الزهراء في هذا الاجتماع ولماذا لا تذكر استياءها من أولئك المتطرفين؟
(قلن لها: كيف أصبحتِ من علتّكِ يا ابنة رسول الله؟) هكذا جرت العادة والآداب أن العائد يسأل المريض عن صحته وعّلته، فيجيبه المريض عما يشعر به من المرض والألم، ولكن السيدة فاطمة الزهراء لم تجبهن عن مرضها وتدهور صحتها، بل أجابتهن عن آلامها النفسية، ومصائبها الشخصية فالتحدث عن هذه الأمور أولى وأوجب من التحدث عن أحوالها الصحية لأن لتلك المصائب هي التي جرَّت العلّة والمرض إلى السيدة فاطمة وسلبتها العافية والصحة، فالتحدث عن السبب أولى من التحدث عن المسبب والإخبار عن العلة أفضل من الإخبار عن المعلول. "[2].
محتوى الخطبة
التظلّم
تشرع في بداية الخطبة ببث اليسير من ما حوى صدرها من آلام تهد الجبال بأبداء الشنآن الذي كان سببه خذلان القوم، ومن ذلك قولها: "أصبحت والله عائفة لدنياكن، قالية لرجالكن، لفظتهم بعد أن عجمتهم وشنأتهم بعد أن سبرتهم..."[8].
تقريع
وبعد أن أفتتحت بأبداء الشنآن لرجال القوم بدأت بتقريعهم وبيان سوء موقفهم وميلهم عن الجادة ويتكرر عتابها على طول الخطبة، ومن ذلك قولها: "فقبحا لفلول الحد واللعب بعد الجد، وقرع الصفاة وصدع القناة، وخطل الآراء، وزلل الأهواء، وبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون..."[9].
ذكر بعلها علي بن أبي طالب "عليه السّلام"
ثم تتجه الخطبة في ذكر حق الإمام علي وتظهر الأسباب الحقيقة في سبب تخلفهم عن بيعته ونكث بيعته، ومن ذلك أنها تخبر القوم عن الحياة الرغيدة والعيش الهنيئ الذي أعرضوا عنه بإعراضهم عن بيعة الإمام علي "عليه السّلام"، ومن ذلك قولها عليها السلام: "...ونصح لهم سرا وإعلانا، ولم يكن يحلي من الغنى بطائل، ولاى يحظي من الدنيا بنائل، غير ري الناهل، وشبعة الكافل..."[9].
إبداء التعجب
ثم أنها عليها السلام أبدت تعجبها من قبح الرأي الذي أتخذوه القوم حيث أنهم أستبدلوا الأكفاء ومن لهم الصدارة في كل الميادين بمن لا يقاس بهم، ومن ذلك قولها: "وعلى أيه ذرية أقدموا واحتنكوا لبئس المولى ولبئس العشير، وبئس للظالمين بدلا، استبدلوا والله الذنابى بالقوادم، والعجز بالكاهل"[9]
إنباء بسوء العاقبة
وفي أخر الخطبة وكذلك في مواطن عديدة قد قرعت أسماع وقلوب القوم بالوعد بهول المطلع وقبح المأل وسوء العاقبة ديناً ودنيا، ومن ذلك قولها: "أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلبوا ملء القعب دما عبيطا وذعافا مبيدا، هنالك يخسر المبطلون"[9]
خصائص الخطبة
وعلى قصر الخطبة إلا أنها اشتملت على أسمى درجات البلاغة والفصاحة وفنون الأدب، وأتخذت الخطبة من آي القران مايزيد في حسنها حسناً وفي بلاغتها بلاغةً. بل لو أن القارئ لا يعرف أن ماتلت في بعض مواضع خطبتها من آي القران لظن أنه من كلامها دون القران، لأنها رقت سماء البلاغة والجزالة بما لانظير له على مر العصور؛ ولا عجب فإنها ابنت من قال: "أنا أفصح من نطق بالضاد"، وكذلك بعلها أمير المؤمنين "عليه السّلام" يبين حالها وحاله حيث يقول: "نحن أمراء الكلام وفينا نشبت عروقه وعلينا تهدلت غصونه"[18]
نص الخطبة مع شرح المفردات
الرواية نقلاً عن بحار الأنوار للعلامة المجلسي: «الإحتجاج: قال سويد بن غفلة: لما مرضت فاطمة المرضة التي توفيت فيها اجتمع إليها نساء المهاجرين والأنصار يعدنها، فقلن لها: كيف أصبحت من علتك يا ابنة رسول الله؟ فحمدت الله وصلت على أبيها ثم قالت: أصبحت والله عائفة[19] لدنياكن، قالية[20] لرجالكن، لفظتهم[21] بعد أن عجمتهم وشنأتهم بعد أن سبرتهم[22]، فقبحا لفلول[23] الحد واللعب بعد الجد[24]، وقرع الصفاة وصدع القناة[25]، وخطل الآراء، وزلل الأهواء[26]، وبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذابهم خالدون[27]، لا جرم لقد قلدتهم ربقتها[28]، وحملتهم أوقتها[29]، وشننت عليهم غارها[30]، فجدعا، وعقرا، وبعدا للقوم الظالمين[31]»
ويحهم أنى زعزعوها[32] عن رواسي الرسالة[33]، وقواعد النبوة والدلالة[34]، ومهبط الروح الأمين[35]، والطبين بأمور الدنيا والدين[36]، ألا ذلك هو الخسران المبين.
وما الذي نقموا من أبي الحسن[37]، نقموا منه والله نكير سيفه[38]، وقلة مبالاته بحتفه[39]، وشدة وطأته، ونكال وقعته[40]، وتنمره في ذات الله[41].
وتالله لو مالوا عن المحجة اللائحة[42]، وزالوا عن قبول الحجة الواضحة لردهم إليها، وحملهم عليها، ولسار بهم سيرا سجحا لا يكلم خشاشه[43]، ولا يكل سائره، ولا يمل راكبه، ولأوردهم منهلا نميرا صافيا رويا تطفح ضفتاه[44]، ولا يترنق[45] جانباه ولأصدرهم بطانا[46]، ونصح لهم سرا وإعلانا، ولم يكن يحلي من الغنى بطائل[47]، ولا يحظي من الدنيا بنائل[48]، غير ري الناهل[49]، وشبعة الكافل[50]، ولبان لهم الزاهد من الراغب، والصادق من الكاذب، ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون[51]، والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين[52]، ألا هلم فاستمع وما عشت أراك الدهر عجبا[53] وإن تعجب فعجب قولهم[54]، ليت شعري[55] إلى أي سناد استندوا وعلى أي عماد اعتمدوا[56]، وبأية عروة تمسكوا. وعلى أيه ذرية أقدموا واحتنكوا لبئس المولى ولبئس العشير[57]، وبئس للظالمين بدلا، استبدلوا والله الذنابى بالقوادم[58]، و العجز بالكاهل[59]، فرغما لمعاطس[60] قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون، ويحهم أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون[61].
أما لعمري لقد لقحت[62] فنظرة ريثما تنتج[63]، ثم احتلبوا ملء القعب دما عبيطا[64] وذعافا مبيدا[65]، هنالك يخسر المبطلون، ويعرف التالون، غب ما أسس الأولون[66]، ثم طيبوا عن دنياكم أنفسا[67]، واطمئنوا للفتنة جأشا[68]، وأبشروا بسيف صارم وسطوة معتد غاشم[69]، وبهرج شامل[70]، واستبداد من الظالمين[71]، يدع فيئكم زهيدا وجمعكم حصيدا[72]، فيا حسرة لكم، وأنى بكم، وقد عميت عليكم[73] أنلزمكموها وأنتم لها كارهون[74].
قال سويد بن غفلة: فأعادت النساء قولها على رجالهن فجاء إليها قوم من وجوه المهاجرين والأنصار معتذرين، وقالوا: يا سيدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الامر من قبل أن نبرم العهد[75]، ونحكم العقد، لما عدلنا إلى غيره فقالت : إليكم عني فلا عذر بعد تعذيركم، ولا أمر بعد تقصيركم[76]. "[77][78].
شُراح الخطبة
تعرض لشرح الخطبة عدد من الأعلام ومنهم:
1 - العلامة المجلسي في بحار الأنوار.[79]
2 - العلامة عبد الله البحراني في عوالم العلوم.[80]
3 - السيد محمد كاظم القزويني في كتابه فاطمة من المهد إلى اللحد[78]
4 - عبد الله عبدالهزيز الهاشمي في كتابه فاطمة الزهراء.[81]
وصلات خارجية
المصادر
- الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء عليه السلام، للخوئيني، ج 13، ص 396.
- فاطمة الزهراء ع من المهد إلى اللحد، للقزويني، ص 441 - 442.
- فاطمة الزهراء ع من المهد إلى اللحد، للقزويني، ص 434. وآخرون
- فاطمة الزهراء ع من قبل الميلاد الى بعد الإستشهاد، لعبدالله الهاشمي، ص 323. وآخرون
- معاني الأخبار / 354 ـ 356 .
- الأمالي ـ للطوسي / 374 .
- دلائل الإمامة / 125 ـ 129
- الإحتجاج، ج 1، ص 138.
- بحار الأنوار، ج 43، ص 160.
- عوالم العلوم، ج 11، ص 814 - 825.
- الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء عليها السلام، ج 13، ص 389 - 415.
- بلاغات النساء، ج19، ص 20 كلام فاطمة وخطبها.
- شرح نهج البلاغة، ج 16، ص 233
- نهج الإيمان ـ لابن جبر / 621 .
- جواهر المطالب في مناقب الإمام علي (عليه السّلام) 1 / 164 ـ 168 .
- نثر الدر 4 / 8 الباب الأوّل كلام للنساء الشرائف ، فاطمة ابنة رسول الله (عليها السّلام) ، قولها عند احتضارها.
- الدرّ المنثور في طبقات ربات الخدور / 233 في ذكر زينب بنت الإمام علي (كرّم الله وجهه) .
- نهج البلاغة، خطبة رقم 233.
- عائفة: كارهة.
- قالية: مبغضة.
- لفظتهم: رميت بهم، عجمتهم: مضغتهم.
- شنأتهم: أبغضتهم. سبرتهم: عرفت عمقهم، أي تأملتهم.
- فلول الحد: ثلمة حد السيد.
- الجِد: ضد الهزل واللعب.
- قرع الصفا: ضرب الصخرة الملساء. وصدع القناة: أسترخاء الرمح، وقيل الصدع: الشق.
- خطل الآراء: فسادها. وزلل الأهواء: إنحراف الميول والرغبات.
- المائدة: 80.
- قلدتهم: جعلت في أعناقهم، ربقتها: حبلها.
- حملتهم أوقتها: حملتهم الثقل والمسؤولية.
- شننت: أرسلت. غارها: وفي نسخة أخرى عارها.
- الجَدع: القطع، العَقر: الجرح، وبعداً: وفي نسخة وسحقاً؛ وكلهم في مقام الدعاء عليهم.
- زعزع: أي حرك، وفي نسخة أخرى زحزحوها.
- الرواسي: الثوابت.
- قواعد البيت: أسسه.
- مهبط الروح الأمين: محل نزول جبرئيل.
- الطبين: الحاذق الفطن العارف.
- نقموا: عابوا وكرهوا.
- نكير سيفه: لا يعرف سيفه أحد ولا يفرق بين الشجاع وغيره.
- الحتف: الهلاك.
- وطأته: أخذته. نكال وقعته: إصابة صدمته.
- التنمر: الغضب ، والمقصود من ذات الله أي لوجه الله.
- وتالله لو مالوا: أي بعد أن مكنوه في الخلافة. وفي نسخة أخرى: والله لو تكافوا عن زمام نبذه رسول الله إليه لأعتلقه.
- السير السجح: السهل اللين. لايكلم: لا يجرح. والخِشاش: الخيط الذي يدخل في عظم أنف البعير.
- المنهل: محل ورود الماء، والنمير: الماء العذب، والروي: الكثير؛ تطفح: تمتلئ حتى تفيض ، ضفتاه: جانباه.
- يترنق: يتكدر.
- بطانا: عظام البطون من كثرة الشرب.
- يحلى: يصيب ويستفيد. والطائل: كثير الفائدة.
- يحظى: يظفر. و النائل: العطاء.
- الناهل: العطشان.
- الكافل - هنا - : المحتاج للطعام.
- الأعراف: 96.
- سورة الزمر: 51.
- وفي رواية أبن أبي الحديد: ألا هلمن فاسمعن وما عشتن أراكن الدهر عجبا.
- الحديد: 5.
- ليت شعري: ليتني علمت.
- السِناد: مايسند عليه من حائط أو غيره.
- المولى: الناصر والمحب، والعشير: الصاحب المخالط المعاشر.
- الذناب: ذنب الطائر، القوادم: ريشات في مقدمة الجناج.
- العجز: المؤخر من كل شيئ، والكاهل: ما بين الكتفين.
- رغماً كناية عن الذل؛ معاطس: جمع معطس، وهو الأنف.
- سورة يونس: 35.
- لقحت: حملت.
- فنظرة: مهلة؛ ريثما: مقدار ما، تنتج: تلد.
- القعب: إناء ضخم، والدم العبيط: الطري
- الذعاف: السم السريع الفناء، المبيد: المهلك.
- التالون: التابعون، الغب: العاقبة.
- طابت نفسه عن كذا: رضيت به من غير كراهة.
- الجاش: القلب.
- الغاشم: الظالم، المعتدي: الجائر.
- الهرج: الفوضى، والقتل، وأختلاط الأمور.
- الاستبداد: التفرد بالشيء من غير منازع.
- جمعكم: زرعكم. الحصيد: المحصود.
- عميت: التبست.
- سورة هود: 28.
- نبرم العهد: نبايع لأبي بكر.
- التعذير: هو التقصير ثم الأعتذار. التقصير: التواني عن الشيء.
- بحار الأنوار، ج 43، ص 159 - 170.
- فاطمة من المهد إلى اللحد، ص 434 - 440.
- بحار الأنوار، ج 43، ص 162 - 170.
- عوالم العلوم، ج 11، ص 814 - 823.
- فاطمة الزهراء، ص 323 - 330.