الرئيسيةعريقبحث

سفر يشوع


☰ جدول المحتويات


سفر يشوع (بالعبرية: ספר יהושע) هو سادس سفر من حيث الترتيب، في التناخ الكتاب المقدس لدى الديانة اليهودية والعهد القديم في المسيحية، كتب بحسب التقليد على يد يشوع بن نون في فلسطين خلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد، ويغطي مرحلة زمنية تمتد ثلاثة عقود منذ وفاة موسى حتى وفاة يشوع بن نون، وقد بدأ يشوع قيادة بني إسرائيل حسب السفر بعمر 84 عامًا ومات بعمر 110 سنوات، وهي المدة التي يغطيها السفر.

سفر يشوع
JSC the battle of Jericho.png
الطواف حول أريحا، قبل فتحها.
العنوان الأصلي ספר יהושע
الكاتب يوشع بن نون حسب التقليد.
تاريخ الكتابة القرن الحادي عشر قبل الميلاد - القرن الخامس قبل الميلاد.
اللغة الأصلية العبرية التوراتية
التصنيف الأسفار التاريخية، تناخ
الأسلوب سردي قصصي
ويكي مصدر سفر يشوع
أسفار أخرى

رفض الصدوقيون السامريون، من الطوائف اليهودية، الاعتراف بقدسية السفر، وسوى ذلك لا خلاف على قدسيته لدى جميع الطوائف اليهودية والمسيحية، يعتبر السفر أيضًا أول سفر ينسب لغير موسى في التناخ والعهد القديم؛ وقد شكك علماء نقد النصوص في صحة نسبته وتاريخ كتابته ويظهر في السفر بشكل واضح فكرة إسرائيل الكبرى: من البرية ولبنان إلى النهر الكبير نهر الفرات، جميع أراضي الحثيين وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم.[1] ما يؤيد نظرة علماء نقد النصوص أن تعديلات وإضافات أقله قد أدخلت على السفر في أعقاب سبي بابل خلال القرن الخامس قبل الميلاد، حين عاش بنو إسرائيل حوالي القرن ونصف في العراق.

تعني كلمة يشوع في العبرية “الله يخلص”.[2]

يصنف السفر ضمن الأسفار التاريخية، وهو أول سفر يوضع تحت هذا التصنيف والذي يستمر حتى سفر أستير؛ كذلك يصنفه البعض ضمن أسفار الأنبياء السابقين، وتستمر هذه المجموعة حتى سفر الملوك الثاني.

تقريبا جميع العلماء يتفقون على أن سفر يشوع يحمل القليل من القيمة التاريخية بخصوص إسرائيل المبكرة وعلى الأرجح يعكس فترة بعد ذلك بكثير.[3] أقدم أجزاء من الكتاب ربما الفصول 2-11، قصة الغزو؛ هذه الفصول أدرجت في وقت لاحق إلى نسخة مبكرة من السفر كتبت في أواخر عهد الملك يوشيا (حكم بين 640-609 قبل الميلاد)، لكن السفر لم يكتمل حتى بعد سقوط القدس في يد الإمبراطورية البابلية الحديثة في عام 586 قبل الميلاد، وربما لم يكتمل حتى بعد العودة من الأسر البابلي في عام 539 قبل الميلاد.[4]

التكوين

يشوع يوقف الشمس في أحد معاركه كما ورد في السفر: يميل اليهود والمسيحيون اليوم لتفسير الحدث بمعناه الرمزي؛ اللوحة لجون مارتين، 1816.

سفر يشوع هو عمل غفل (مجهول المؤلف). التلمود البابلي، كتب بين القرن الثالث والخامس ميلاديا، كان أول محاولة لنسب مؤلفين إلى النصوص المقدسة. كل كتاب، وفقا لمؤلفي التلمود كتب بواسطة نبي، وكل نبي كان شاهد عيان على الأحداث الموصوفة، ويشوع نفسه كتب "الكتاب الذي يحمل اسمه". تم رفض هذه الفكرة واعتبارها لا يمكن الدفاع عنها من قبل جان كالفن (1509-1564)، وبحلول وقت توماس هوبز (1588-1679) أصبح من المسلم به أن السفر لا بد أنه قد كتب في وقت لاحق بكثير من الفترة التي يتحدث عنها.[5]

هناك الآن اتفاق عام على أن سفر يشوع تم تأليفه كجزء من عمل أكبر، التاريخ التثنوي، ويمتد من سفر التثنية إلى سفري الملوك الأول والثاني.[6] في عام 1943، اقترح عالم الكتاب المقدس الألماني مارتن نوث أن هذا التاريخ كان من تأليف مؤلف واحد/محرر والذي عاش في عصر الأسر البابلي (القرن السادس قبل الميلاد).[7] تم إجراء تعديل كبير على نظرية نوث في عام 1973 من قبل الباحث الأمريكي فرانك كروس، وتضمن التعديل القول بأنه يمكن تمييز نسختين من التاريخ، الأولى والأكثر أهمية من عصر الملك يوشيا في أواخر القرن 7 قبل الميلاد، والثاني وهو الخاص بنوث من القرن السادس قبل الميلاد في عصر الأسر.[5] اكتشف العلماء في وقت لاحق وجود عدد أكبر من المؤلفين أو المحررين من العدد الذي تحدث عنه نوث أو كروس.[8]

الأدلة التاريخية والأثرية

وجهة النظر السائدة بين العلماء أن سفر يشوع لا يصف أحداث تاريخية وقعت بالفعل.[9][10] ووفقا لآن كيليبرو، "يقبل معظم العلماء اليوم أن أغلبية قصص الغزو في سفر يشوع خالية من الواقعية التاريخية".[11][12][13][14] الزمن المفترض للسفر هو القرن الثالث عشر قبل الميلاد;[10] وكان هذا الوقت مليئا بأحداث تدمير المدن، ولكن (مع وجود استثناءات قليلة (حاصور، لاخيش)) المدن المدمرة ليست هي المدن التي يربطها الكتاب المقدس بيشوع، وتلك المدن التي يربطها الكتاب المقدس بيشوع لا تظهر أي علامة أو القليل فقط عن احتلالها في ذلك الوقت.[15] نظرا لعدم واقعيته التاريخية، كارولين بريسلر في تعليق لها في "Westminster Bible Companion" تشير إلى أن قراء سفر يشوع يجب أن يعطوا الأولوية إلى الرسالة اللاهوتية ("ما تعلّمه المقاطع حول الله") وأن يكونوا على دراية بما كان يعنيه ذلك للجماهير في القرون السابع والسادس قبل الميلاد.[16] يشرح ريتشارد نيلسون قائلا: كانت احتياجات الملكية المركزية تفضل وجود قصة واحدة للأصول، والجمع بين التقاليد القديمة حول الخروج من مصر، الإيمان بالله كـ"محارب إلهي"، ومدن مدمرة، وتدرج اجتماعي ومجموعات عرقية، وقبائل معاصرة.[17]

بالنسبة للباحثين قبل أوائل القرن 20، كانت الواقعية التاريخية للحملات الإسرائيلية القديمة مسلما بها (على سبيل المثال: باتون). ومع ذلك، بحلول عقد 1930، أصدر مارتن نوث ما أسماه وليام ف. أولبرايت "انتقادات ساحقة لاستخدام بيانات الكتاب المقدس في سفر يشوع كمحتوى تاريخي".[18] نوث كان طالبا لدى ألبرشت ألت والذي أكد على الـForm Criticism وأهمية المسببات.[18][19] افترض ألت ونوث أن ما حدث كان انتقالا سلميا لبني إسرائيل في مختلف مناطق كنعان، على عكس رواية الكتاب المقدس.[20]

شكك أولبرايت في "تماسك" المسببات، والتي كانت مهمة في تحليلات نوث للحملات في يشوع. أظهرت الأدلة الأثرية في عقد 1930 أن مدينة Ai، وهي هدف للغزو في رواية سفر يشوع المفترضة، كانت موجودة ودمرت، ولكن في القرن 22 قبل الميلاد.[18] في عام 1951 أظهرت كاثلين كينيون أن أريحا كانت من منتصف العصر البرونزي (2100-1550 قبل الميلاد) وليس في أواخر العصر البرونزي (1550-1200 ق. م). وقالت كينيون بأن الحملات الإسرائيلية المبكرة لا يمكن إثباتها تاريخيا.[21][22]

في عام 1955، ناقش إرنست رايت ارتباط البيانات الأثرية بأوائل الحملات الإسرائيلية والتي قسمها إلى ثلاث مراحل في سفر يشوع. وأشار إلى مجموعتين من الاكتشافات الأثرية التي وفقا له "يبدو أنها تشير إلى أن رواية الكتاب المقدس صحيحة فيما يتعلق بطبيعة أواخر الثالث عشر والثاني عشر والحادي عشر في البلاد" ("فترة من العنف الهائل").[23] أعطى رايت أهمية خاصة لعمليات الحفر (التي كانت حديثة حينها) من قبل يغائيل يادين.[23]

كبديل لكل من فرضيات الغزو العسكري والتغلغل غير المنازع، اقترح جورج مندنهال ونورمان جوتوالد أن الإسرائيليين ظهروا من خلال نوع من ثورة الفلاحين ضد اللوردات الكنعانيين. ومع ذلك، كما هو موضح من قبل غاري رندسبورج فالنتائج الأثرية (التي قدمها إسرائيل فينكلستاين في عام 1986) تقوض هذه الفكرة لأن أول مناطق استقرار الإسرائيليين كانت في مناطق لم يحكمها الكنعانيون، والذين استمرت مدنهم إلى جانب مناطق الإسرائيليين.[20]

يحمل سفر يشوع القليل من القيمة التاريخية.[3] تظهر الأدلة الأثرية أن أريحا وAi لم تكن مسكونة في أواخر العصر البرونزي.[24] قصة الغزو في السفر على الأرجح تمثل الدعاية القومية لملوك يهوذا في القرن الثامن قبل الميلاد ومطالباتهم بأراضي مملكة إسرائيل;[9] مع دمجها في نسخة مبكرة من يشوع كتبت في أواخر عهد الملك يوشيا (حكم 640-609 قبل الميلاد). السفر على الأغلب تمت مراجعته واستكماله بعد سقوط القدس في يد الإمبراطورية البابلية الحديثة في عام 586 قبل الميلاد، وربما بعد العودة من الأسر البابلي في 538 قبل الميلاد.[4]

قصة السفر وأحداثه

مقدمة

يبدأ السفر بكلام الله إلى يشوع آمرًا إياه بعبور نهر الأردن،[25] مؤكدًا أن الله يقف مع يشوع كما وقف مع موسى،[26] لا تخف ولا ترتعب لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب[27] ويطالبه بحفظ الشريعة اليهودية: لا تمل عنها يمينًا ولا شمالاً لكي تفلح حثيما تذهب[28] ثم يذكر السفر كيف حمل رؤساء الأسباط الإثني عشر تابوت العهد ونزلوا به إلى نهر الأردن فانق النهر أيضًا إلى قسمين كما حدث في البحر الأحمر (انظر سفر الخروج)، وعبر من خلاله بنو إسرائيل نحو أرض فلسطين،[29] وقد أمر يشوع أن تؤخذ اثني عشر حجرة كبيرة من النهر ترافق بني إسرائيل إلى موقع مخيمهم الأول وذلك لكي تكون تذكارًا لعبورهم النهر.[30]

معركة أريحا: بنو إسرائيل يطوفون بتابوت العهد، وقد انهارت الأسوار تلقائيًا بشكل إعجازي. اللوحة لجان فوكيه، 1470.

إثر عبورهم استقر بنو إسرائيل في التخم الشرقي من أريحا،[31] وعندما أمر الله يشوع بأن يختن الشعب اليهودي مجددًا: في ذلك الوقت قال الرب ليشوع اصنع لنفسك سكاكين من صوان وعد فاختن بني إسرائيل في تل القلف، وهذا هو سبب ختن يشوع إياهم، إن جميع الشعب الخارجين من مصر ماتوا في البرية على الطريق، لأن جميع الشعب الذين خرجوا كانوا مختونين، وأما جميع الذكور الذين ولدوا في القفر على الطريق بخروجهم من مصر لم يختنوا.[32] وفي ذاك الموضع يذكر السفر احتفالهم بعيد الفصح،[33] ثم تناولهم المن السماوي للمرة الأخيرة، وانقطع المن في الغد، ولم يكن بعد لبني إسرائيل من، فأكلوا من محصول أرض كنعان في تلك السنة.[34] وتختم المقدمة بظهور رئيس الملائكة ميخائيل ليشوع.[35]

سقوط أريحا

الفصل الثاني في السفر يروي حدث تجسس اثنين من بني إسرائيل على أريحا وكيف منحوا راحاب الزانية عهد الأمان، ويعود السفر في الفصل السادس للحديث عن طريقة سقوط أريحا فهو حدث تمّ بطريقة عجائبية وتدخل إلهي.

فبعد أن حاصر بنو إسرائيل أريحا أخذ الكهنة ورؤساء الشعب ومعهم تابوت العهد بالدوران مرة واحدة حول أسوار المدينة لمدة ستة أيام، وفي اليوم السابع داروا ستة دورات كاملة حول السور وبدؤوا بالدورة السابعة، وعندما أتم الشعب دورته السابعة ضرب الكهنة بالأبواق وقال يشوع للشعب اهتفوا لان الرب قط أعطاكم المدينة[36] فسقط السور من مكانه تلقائيًا؛ لكن الله منع بني إسرائيل من أخذ أي شيء من المدينة، لكن بنو إسرائيل لم يصيبوا راحاب الزانية أو أسرتها بأي سوء نظرًا لعهد الأمان الذي قطعوه معها ومع عائلتها، أما بني إسرائيل أحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها، أما الفضة والذهب وآنيات النحاس والحديد جعلوها في خزانة بيت الرب[37] وقد قبلت راحاب وعائلتها كجزء من بني إسرائيل.[37]

سقوط عالي ومنح الأمان لجبعون

فلسطين وقد قسمها يشوع على قبائل بني إسرائيل الاثني عشر كما يذكر السفر من الفصل الثالث عشر حتى الفصل الثالث والعشرون.

رغم أن يشوع قد أخبر بني إسرائيل بأنه من الممنوع نهب أي شيء من المدينة، لكن السفر يذكر أن أحدًا يدعى بن كرمي قد خرق الشريعة وفعل حرامًا عندما أخذ لنفسه فضة وذهبًا من المدينة،[38] فعندما اتجه بنو إسرائيل نحو عاي لاحتلالها هزموا بشكل مهين وقتل منهم عدد كبير،[39] وعندما استفسر يشوع سبب ذلك من الله، بين له الله: في وسطك حرام يا إسرائيل، فلا تتمكن من الثبوت أمام أعدائك، حتى تنزعوا الحرام من وسطكم.[40] وبعد تحقيق قام به يشوع اكتشف فاعل الإثم وأمر برجه وعائلته ثم إحراق جثته وجميع أملاكه تنفيذًا لأمر الرب،[41] وبعد مراسيم التطهير من الإثم،[42] صعد يشوع ومعه رجال الشعب إلى مدينة عاي،[43] وأحرق يشوع عاي وجعلها تلاً أبديًا خرابًا، حتى هذا اليوم.[44] ثم يذكر السفر أن يشوع قدّم ذبائح للرب احتفاءً بنصره،[45] ثم يذكر في الفصل التاسع عن خدعة قام بها سكان جبعون لخوفهم من بني إسرائيل، وقد قاموا بهذه الخدعة ليأخذوا الأمان من يشوع على أرواحهم وهذا ما تمّ لهم فعلاً، وعندما اكتشف بنو إسرائيل خدعة بني جبعون استفسر منهم يشوع عن السبب وأبقى الأمان عليهم لكنه حولهم إلى عبيد وحطابين ومستقي ماء إلى بيت الرب وجماعة إسرائيل.[46]

تحالف الملوك الخمسة

الفصل العاشر يذكر تحالف أدوني صادق ملك أورشليم مع ملوك يرموت، حبرون، عجلون، لخيش ضد يشوع،[47] لكن بنو إسرائيل استطاعوا هزيمتهم، وعندما مالت شمس النهار إلى المغيب ولم يفرغ بنو إسرائيل من قتل أعدائهم، أمر يشوع: يا شمس دومي على جبعون، ويا قمر على وادي أيلون، فدامت الشمس ووقف القمر حتى انتقم الشعب من أعداءه.[48]

إثر نصره هذا توالت انتصارات يشوع فاحتل، لبنة، جازر، دبير، قادش، غزة وجوشن.[49] ثم قضى على تحالف حاصور، مادون، شامور وأكشاف،[50] ينتقل السفر في الفصل الثاني عشر لتعداد الشعوب والملوك الذين هزمهم بنو إسرائيل، وتبدأ عملية قسمة الأراضي بين الأسباط في الفصل الثالث عشر حتى الفصل الثالث والعشرون، إذ يذكر السفر بشكل مفصل أراضي كل سبط من الأسباط، وأيضًا مدن اللاويين ومدن الملجأ، كما ورد تشريعها في سفر اللاويين وسفر العدد.

ينتهي السفر بعظة طويلة ليشوع يحضّ فيها على الالتزام بالشريعة اليهودية بعد استذكار قصة بنو إسرائيل منذ أيام إبراهيم،[51] ويختم السفر بخبر وفاة يشوع بن نون عن عمر 110 سنوات.[52]

غاية السفر وأهميته

السفر قليل الأهمية من الناحية العقائدية، لدى الديانة اليهودية، وقد رفض الصدوقيون اعتباره من الأسفار المقدسة، لكنه هام من الناحية التاريخية فهو يروي كيف استطاع بنو إسرائيل دخول فلسطين ويركز بشكل خاص على نظريتي أرض الميعاد وشعب الله المختار؛ بشكل عام لا يمكن أن يؤخذ السفر خارج إطار تاريخيته البشرية، فالبشر قبل 3500 سنة لم يكونوا يتعاملوا مع بعضهم البعض بالطريقة التي يتعاملوا بها اليوم، سوى ذلك يوضح سفر القضاة أن هؤلاء الملوك وهؤلاء السكان الذين قتلهم بنو إسرائيل بطرق وحشية، كانوا قد ارتكبوا العديد من المذابح ففعل بنو إسرائيل العدل بذلك: فهرب أدوني بارق فتبعوه وقطعوا أباهم يديه ورجليه؛ فقال أدوني بارق سبعون ملكًا مقطوعة أباهم أيديهم وأرجلهم كانوا يقتاتون تحت مائدي. كما فعلت كذلك جازاني الله.[53]

وقد زادت أهمية السفر في أعقاب ازدهار الحركة الصهيونية في القرن التاسع عشر؛ أما في المسيحية يعتبر السفر قليل الأهمية أيضًا ويفسر عمومًا بشكل رمزي: يؤكد السفر على أهمية العمل على تطبيق شريعة الرب احرصوا جدًا أن تعملوا الوصية والشريعة التي أمركم بها موسى عبد الرب، أن اتبعوا الرب إلهكم وسيروا في كل طرقه، واحفظوا وصاياه والتصقوا به، وأن تعبدوه بكل قلبكم وبكل نفسكم.[54] إضافة إلى تحقيق الوعد، النصرة، والميراث، كذلك يرى المسيحيون في يشوع رمزًا ليسوع.[55] فضلاً عن دعوة الشعب نحو القداسة تقدسوا لأن الرب سيعمل في وسطكم عجائب[56] ويعطي السفر الدليل أن وعود الله صادقة: لم تسقط كلمة من جميع الكلام الصالح الذي كلم به الرب بيت إسرائيل بل الكل صار.[57]

كذلك يعتبر المسيحيون السفر هامًا لإجراء المقارنة في العهد القديم وشريعته والعهد الجديد وشريعته، فيسوع قد ألغى الشريعة القديمة فيما يخصّ التعامل مع الأعداء: أحبوا أعدائكم، باركوا لاعنيكم.[58] أما الاستشهاد بالسفر في العهد الجديد فهو قليل ويظهر بشكل عرضي، كالإشارة إلى في سفر أعمال الرسل لاحتلال يشوع الأرض، خلال عظة اسطفانوس أول الشمامسة.[59]

التفسيرات الأخلاقية والسياسية

مع النضال الصهيوني من أجل دولة يهودية، شهدت الحملات الإسرائيلية المبكرة تجدد الاهتمام والتفسير. الصهاينة الأوائل، وفقا لراشيل هافرلوك قاموا بـ "قراءة كتاب يشوع على أنه يبرر حروبهم. من هذا المنظور، قاتل الله نيابة عن إسرائيل.... وقد غذت مفردات سفر يشوع معجم القومية اليهودية."[60]

في وقت لاحق في عام 1958، رأى أول رئيس لإسرائيل ديفيد بن غوريون أن "رواية الحرب في الكتاب المقدس تشكل قاعدة مثالية لخرافة موحدة للهوية الوطنية." هذه الوحدة التي كانت ضد عدو مشترك، العرب خارج حدود إسرائيل.[60] اجتمع بن غوريون مع السياسيين والعلماء، مثل عالم الكتاب المقدس Shemaryahu لمناقشة الغزوات في سفر يشوع. في وقت لاحق نشر كتابا حول النصوص في الاجتماع. في محاضرة في منزل بن غوريون، جادل عالم الآثار يغائيل يادين بأن الحملة الإسرائيلية القديمة واقعية تاريخيا وأكد أنه أسهل بكثير للخبراء العسكريين أن يقدروا معقولية رواية سفر يشوع. أشار يادين على وجه التحديد إلى غزوات حاصور، Bethel ولاخيش. على الجانب الآخر، جادل عالم الآثار أهاروني ضد الواقعية التاريخية للحملات الإسرائيلية المبكرة واقترح بدلا من ذلك حدوث هجرة.[60]

تجادل راشيل هافرلوك بأن خرافة الغزو، على الرغم من أنها قد تم تشكيلها من قبل القوميين المتحمسين ذوي الأجندة العسكرية، يمكن إعادة تفسيرها لأغراض اللامركزية في ما بعد القومية.[60]

وعلى نفس المنوال، تم استخدام رواية الكتاب المقدس حول الغزو كأداة نقد ضد الصهيونية. على سبيل المثال، مايكل بريور ينتقد استخدام الحملة في يشوع لصالح "المؤسسات الاستعمارية" (بشكل عام، ليس فقط الصهيونية) وأنها قد تم تفسيرها على أنها تؤيد التطهير العرقي. ويؤكد أن الكتاب المقدس تم استخدامه لجعل معاملة الفلسطينيين أكثر قبولا من الناحية الأخلاقية.[61] يمكن رؤية المزيد من الإدانة الأخلاقية في "The political sacralization of imperial genocide: contextualizing Timothy Dwight's The Conquest of Canaan" لبيل تمبلر.[62] هذا النوع من النقد ليس جديدا؛ حيث يلاحظ جوناثان بويارين كيف يلقي فريدريك تيرنر باللوم على توحيد إسرائيل أنه أصل فكرة الإبادة الجماعية في حد ذاتها، وهو ما اعتبره بويارين "مبالغا في التبسيط" ولكن مع سوابق.[63]

مقالات ذات صلة

هامش

1 بحسب التقليد في الديانة اليهودية المسيحية.


مراجع

  1. يشوع 4/1
  2. مقدمة في سفر يشوع الأنبا تكلا، 24 أيلول 2010 نسخة محفوظة 10 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  3. Killebrew 2005، صفحة 152.
  4. Creach, Jerome F.D (2003). Joshua. Westminster John Knox Press.  . مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019.
  5. De Pury, Albert; Romer, Thomas (2000). "Deuteronomistic Historiography (DH): History of Research and Debated Issues". In Albert de Pury; Thomas Romer; Jean-Daniel Macchi (المحررون). Israel Constructs its History: Deuteronomistic Historiography in Recent Research. Sheffield Academic Press.  . مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019.
  6. Younger, K. Lawson Jr (2003). "Joshua". In James D. G. Dunn; John William Rogerson (المحررون). Eerdmans Commentary on the Bible. Eerdmans.  . مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019.
  7. Klein, R.W. (2003). "Samuel, books of". In Bromiley, Geoffrey W (المحرر). The international standard Bible encyclopedia. Eerdmans.  . مؤرشف من الأصل في 18 أكتوبر 2017.
  8. Knoppers, Gary (2000). "Introduction". In Gary N. Knoppers; J. Gordon McConville (المحررون). Reconsidering Israel and Judah: recent studies on the Deuteronomistic history. Eisenbrauns.  . مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019.
  9. Coote, Robert B. (2000). "Conquest: Biblical narrative". In Freedman, David Noel; Myers, Allen C. (المحررون). Eerdmans Dictionary of the Bible. Eerdmans. صفحة 275.  . مؤرشف من الأصل في 30 نوفمبر 2019.
  10. McConville, Gordon; Williams, Stephen (2010). Joshua. Eerdmans.  . مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019.
  11. Ann E. Killebrew (2005). Biblical Peoples and Ethnicity: An Archaeological Study of Egyptians, Canaanites, Philistines, and Early Israel, 1300–1100 B.C.E. Society of Biblical Lit. صفحة 186.  . مؤرشف من الأصل في 03 يوليو 2019.
  12. Miller 1977, 87–93; Van Seters 1983, 322–37; Schoors 1987, 77-92; Na'aman 1994b, 218-30, 249-50
  13. Robert L. Hubbard, Jr. (30 August 2009). Joshua. Zondervan. صفحة 203.  . مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019. The current scholarly consensus follows the conclusion of Kenyon: Except for a small, short-lived settlement (c. 1400 B.C.), Jericho was completely uninhabited c. 1550–1100 B.C.
  14. Dever, William G. (1990) [1989]. "2. The Israelite Settlement in Canaan. New Archeological Models". Recent Archeological Discoveries and Biblical Research. Washington state: University of Washington Press. صفحة 47.  07 يناير 2013. (Of course, for some, that only made the Biblical story more miraculous than ever—Joshua destroyed a city that wasn't even there!)
  15. Miller, James Maxwell; Hayes, John Haralson (1986). A History of Ancient Israel and Judah. Westminster John Knox Press.  . مؤرشف من الأصل في 03 يوليو 2019.
  16. Pressler, Carolyn (2002). Joshua, Judges and Ruth. Westminster John Knox Press.  . مؤرشف من الأصل في 11 سبتمبر 2011.
  17. Nelson, Richard D (1997). Joshua. Westminster John Knox Press.  . مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019.
  18. Albright, W. F. (1939). "The Israelite Conquest of Canaan in the Light of Archaeology". Bulletin of the American Schools of Oriental Research (74): 11–23. doi:10.2307/3218878. JSTOR 3218878.
  19. Noort, Ed. 1998. "4QJOSHأ وتاريخ التقليد في كتاب جوشوا" مجلة اللغات السامية الشمالية الغربية, 24:2 (1998): 127-44
  20. Rendsburg, Gary A. (1992). "The Date of the Exodus and the Conquest/Settlement: The Case for the 1100S". Vetus Testamentum. 42 (4): 510–527. doi:10.2307/1518961. JSTOR 1518961.
  21. Kenyon, Kathleen M. (1967). "Jericho". Archaeology. 20 (4): 268–275. JSTOR 41667764.
  22. Kenyon, Kathleen M. (20 November 2013). "Some Notes on the History of Jericho in the Second Millennium B.C.". Palestine Exploration Quarterly. 83 (2): 101–138. doi:10.1179/peq.1951.83.2.101.
  23. Wright, G. Ernest (1955). "Archaeological News and Views: Hazor and the Conquest of Canaan". The Biblical Archaeologist. 18 (4): 106–108. doi:10.2307/3209136. JSTOR 3209136.
  24. Bartlett, John R. (2006). "Chapter 3: Archeology". In Rogerson, J.W.; Lieu, Judith M. (المحررون). The Oxford Handbook of Biblical Studies. Oxford: Oxford University Press. صفحة 63.  .
  25. يشوع 2/1
  26. يشوع 5/1
  27. يشوع 9/1
  28. يشوع 7/1
  29. يشوع،3
  30. يشوع 7/4
  31. يشوع 19/4
  32. يشوع 5/ 2-5
  33. يشوع 10/5
  34. يشوع 12/5
  35. يشوع 5/ 13-15
  36. يشوع 16/6
  37. يشوع 25/6
  38. يشوع 21/7
  39. يشوع 7/5
  40. يشوع 13/7
  41. يشوع 7/ 24-26
  42. يشوع 7/ 13-14
  43. يشوع 25/8
  44. يشوع 28/8
  45. يشوع 8/ 30-35
  46. يشوع، 9
  47. يشوع 3/10
  48. يشوع 10/ 12-13
  49. يشوع 10/ 28-40
  50. يشوع 1/11
  51. يشوع 24/ 1-28
  52. يشوع 29/24
  53. قضاة 1/ 5-7
  54. يشوع 5/22
  55. مقدمة في سفر يشوع الانبا تكلا، 25 أيلول 2010 نسخة محفوظة 10 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  56. يشوع 5/3
  57. يشوع 45/21
  58. متى 14/5
  59. أعمال الرسل 45/7
  60. Havrelock, Rachel (2013). "The Joshua Generation: Conquest and the Promised Land". Critical research on religion. 1 (3): 309. doi:10.1177/2050303213506473.
  61. Prior, Michael (2002). "Ethnic Cleansing and the Bible: A Moral Critique". Journal of Holy Land and Palestine Studies. 1 (1): 37–59.
  62. Templer, Bill (1 December 2006). "The political sacralization of imperial genocide: contextualizing Timothy Dwight's The Conquest of Canaan". Postcolonial Studies: Culture, Politics, Economy. 9 (4): 358–391. doi:10.1080/13688790600993230.
  63. Boyarin, Jonathan (1996). "Chapter 2: Reading Exodus into History". Palestine and Jewish History: Criticism at the Borders of Ethnography (باللغة الإنجليزية). University of Minnesota Press. صفحة 42.  . مؤرشف من الأصل في 08 ديسمبر 2019.

مواقع خارجية

موسوعات ذات صلة :