الرئيسيةعريقبحث

صلح الحديبية

صلح بين النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكبار قريش سنة 6 للهجرة

☰ جدول المحتويات


صلح الحدیبية

صلح الحديبية هو صلح عقد قربَ مكة في منطقة الحديبية التي تُسمى اليوم الشميسي،[1][2] في شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة (مارس 627 م) بين المسلمين وبين مشركي قريش بمقتضاه عقدت هدنة بين الطرفين مدتها عشر سنوات فنُقضت الهدنة نتيجة اعتداء بني بكر على بني خزاعة.

حرمة دم المؤمن من حرمة هدم الكعبة

يقول البروفيسور حامد بن أحمد الرفاعي[3][4][5]، الفَتْحُ تَعْبيرٌ قُرآنِيٌّ عَظِيمٌ، جَاءَ لِيُجِلَّ وَيُعَظِمَّ مِنْ شَأنِ انْتِصَارِ إرَادَةِ العَقْلِ وَالتَّعَقُلِّ, وَالتَفَاهُمِ وَالتَعَايُشِ ,وَالأمْنِ وَالسْلَامِ، علَى إرَادَةِ الغَبَاءِ وَالرْعُونَةِ, وَالعِنَادِ وَالتَّدَابُرِ ,وَالحَرْبِ وَالهَلَاكِ.

ففي الطَريقِ مِنْ المدينة المنورة إلى مكة المكرمة في عمرة الحديبية, عَثَرت نَاقَةُ رَسُولِ اللهِ ، فَقَالَ الصحابة رَضي اللهُ تَعَالى عَنْهُم: (خَلأَتْ القصواء)، فَقَالَ لَا واللهِ مَا خَلأتْ ومَا هُو لَها بِخُلقٍ ..ولَكِن حَبَسَها حابس الفيلِ..! (مِنْ اقْتِحَامِ مكة المكرمة وانْتِهَاكِ حُرْمَتِها, وَتَدْنِيسِ قُدْسِيَّتِها, وَسَفْكِ دِمِاءِ النَّاس), إشارةٌ منه : إلى أنَّ هَذِه الزِيَارَة المُبَاركَة إنْ تَمَت عِنْوةً عَنْ قريش فَسَتَكون سبَبًا لإثَارةِ حَرْبٍ تُنْتِجُ أثَاراً شَبِيهَةٌ بِآثارِ غَزْوَةِ الفيل لو تمت. قال الله سبحانه وتعالى:﴿ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ۝ ﴾.

لذا قَالَ : " يَا وَيْحَ قُرَيْشٍ لَقَدْ أَكَلَتْهُمْ الْحَرْبُ ..!". ثُمَّ قالَ ِ: " وَالله لَا تَدْعُونِي قريش الْيَوْمَ إلَى خُطّةٍ يَسْأَلُونَنِي فِيهَا صِلَةَ الرّحِمِ إلّا أَعْطَيْتهمْ إيّاهَا". وصَدَقَ صلى الله عليه وسلم بِمَا وَعدَ فَكَان صلح الحديبية، الذي وَصَفهُ رَبُّ النَّاسِ تَبَارَكتَ أسْمَاؤه بِالفَتْحِ المُبِينِ في قَولِه تَعالى:" ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ۝ ﴾ ".[6].[7]

أجلْ: إنَّ حرمة دِمَاءِ المؤمنين من حُرْمَةِ الْكَعْبَةَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ.. وَانْتِصَارَ إرَادَةِ الحِكْمَةِ والتَفَاهُمِ, وَالأمْنِ وَالسْلَامِ علَى إرَادَةِ الطَيْشِ وَالعِنَادِ وَالحُروبِ والهَلَاكِ وَالدَمارِ، لَهُو فَتْحٌ مُبينٌ جَلِيلٌ عَظيمٌ، يَحْملُ الخَيْرَ العَميمَ, ويَنثرُ بين يَديِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَشَائِرَ المَغْفِرةِ وَالرَحْمَةِ وَالهِدَايَةِ وَالرُشْدِ والنّصْرِ المؤزرِ، إنَّه نَهْجٌ رَبَّانيٌّ قُدسيٌّ جَدِيرٌ بِتَحقيقِ نِظَامٍ بَشَريٍّ حَضَاريٍّ آمِنٍ رَاشِدٍ.

الأسباب

في شهر ذي القعدة من العام السادس للهجرة، أعلن النبي محمد أنه يريد المسير إلى مكة لأداء العمرة.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يخشى أن تتعرض له قريش بحرب أو يصدوه عن البيت الحرام، لذلك استنفر من حوله من أهل البوادي من الأعراب ليخرجوا معه، فأبطؤوا عليه، فخرج بمن معه من المهاجرين والأنصار وبمن لحق به من العرب.

وقد كشف القرآن الكريم عن حقيقة نوايا الأعراب، قال الله تعالى: ﴿ سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ۝ بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ۝ [8].[9]

وقد ذكر مجاهد أن الأعراب الذي عنتهم الآية هم أعراب جهينة ومزينة، وذكر الواقدي أن الأعراب الذي تشاغلوا بأموالهم وأولادهم وذراريهم هو بنوبكر و مزينة و جهينة .[10]

وأذّن في أصحابه بالرحيل إليها لأدائها وسار النبي محمد بألف وأربع مئة من المهاجرين والأنصار، وكان معهم سلاح السفر لأنهم يرغبون في السلام ولا يريدون قتال المشركين، ولبسوا ملابس الإحرام ليؤكدوا لقريش أنهم يريدون العمرة ولا يقصدون الحرب، وما حملوا من سيوف إنما كان للحماية مما قد يعترضهم في الطريق. وعندما وصلوا إلى (ذي الحليفة) أحرموا بالعمرة. فلما اقتربوا من مكة بلغهم أن قريشاً جمعت الجموع لمقاتلتهم وصدهم عن البيت الحرام.

فلما نزل النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بالحديبية أرسل عثمان بن عفان إلى قريش وقال له: «"أخبرهم أنّا لم نأت لقتال، وإنما جئنا عماراً، وإدعهم إلى الإسلام، وأَمَرَه أن يأتي رجالاً بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات، فيبشرهم بالفتح، وأن الله عز وجل مُظهر دينه بمكة. فانطلق عثمان، فأتى قريشاً، فقالوا: إلى أين ؟ فقال: بعثني رسول الله أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، ويخبركم: أنه لم يأت لقتال، وإنما جئنا عماراً. قالوا: قد سمعنا ما تقول، فانفذ إلى حاجتك"».

ولكن عثمان احتبسته قريش فتأخر في الرجوع إلى المسلمين، فخاف النبي عليه، وخاصة بعد أن شاع أنه قد قتل، فدعا إلى البيعة، فتبادروا إليه، وهو تحت الشجرة، فبايعوه على أن لا يفروا، وهذه هي بيعة الرضوان.

وقامت قريش بإرسال عروة بن مسعود الثقفي إلى المسلمين فرجع إلى أصحابه، فقال: «"أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك كسرى وقيصر والنجاشي والله ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمداً. والله ما انتخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمر ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له، ثم قال: وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها"».

ثم أسرعت قريش في إرسال سهيل بن عمرو لعقد الصلح، فلما رآه النبي قال: «"قد سهل لكم أمركم، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فتكلم سهيل طويلاً ثم اتفقا على شروط الصلح"».

شروط الصّلح

فلما اتفق الطرفان على الصلح دعا رسول الله علي بن أبي طالب فقال له: " اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم ".
فقال سهيل: أما الرحمن، فما أدري ما هو؟ ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب.
فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم
فقال: " اكتب: باسمك اللهم "
ثم قال: " اكتب: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله "
فقال سهيل: والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولكن اكتب محمد بن عبد الله
فقال: " إني رسول الله، وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله ".

ثم تمت كتابة الصحيفة على الشروط التالية:

  • وأن من أراد أن يدخل في عهد قريش دخل فيه، ومن أراد أن يدخل في عهد محمد من غير قريش دخل فيه.
  • ويمنعوا الحرب لمدة 10 سنين.
  • أن يعود المسلمون ذلك العام على أن يدخلوا مكة معتمرين في العام المقبل.
  • عدم الاعتداء على أي قبيلة أو على بعض مهما كانت الأسباب.
  • أن يرد المسلمون من يأتيهم من قريش مسلما بدون إذن وليه، وألا ترد قريش من يعود إليها من المسلمين.

ودخلت قبيلة خزاعة في عهد محمد ، ودخل بنو بكر في عهد قريش.

فلما فرغ من قضية الكتاب، قال محمد لأصحابه: «"قوموا فانحروا، ثم احلقوا، وما قام منهم رجل، حتى قالها ثلاث مرات. فلما لم يقم منهم أحد، قام ولم يكلم أحداً منهم حتى نحر بدنه ودعا حالقه ؛ فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غما"».

المراجع

  1. "مسجد الشميسي. . شهد أهم معاهدة في التاريخ الإسلامي - البيان". www.albayan.ae. مؤرشف من الأصل في 23 فبراير 201801 ديسمبر 2019.
  2. أشهر, محمد أبوبكر المصلح منذ 9 (2019-03-21). "دلالة قوله تعالى { ببطن مكة } [الفتح : 24]". IslamOnline اسلام اون لاين. مؤرشف من الأصل في 22 مارس 201901 ديسمبر 2019.
  3. كتاب: شركاء .. لا أوصياء .. للدكتور حامد الرفاعي - تصفح: نسخة محفوظة 03 2يناير6 على موقع واي باك مشين.
  4. كتاب: شركاء .. لا أوصياء .. للدكتور حامد الرفاعي - تصفح: نسخة محفوظة 09 2يناير6 على موقع واي باك مشين.
  5. كتاب: شركاء .. لا أوصياء .. للدكتور حامد الرفاعي - تصفح: نسخة محفوظة 09 2يناير6 على موقع واي باك مشين.
  6. أخرجه البخاري رقم(2731 ، 2732) (5/ 388).
  7. سورة الفتح، الآية: 1
  8. سورة الفتح، الآية: 11
  9. سورة الفتح، الآية: 12
  10. صلح الحديبية - تصفح: نسخة محفوظة 29 أبريل 2017 على موقع واي باك مشين.

وصلات خارجية

قبلها:
معركة ذي قرد
غزوات الرسول
صلح الحديبية
بعدها:
غزوة خيبر

موسوعات ذات صلة :