قهوة أو لاتاي أو القهوة و التاي أغنية شعبية جزائرية روجها الحاج مريزق [1]. ينسب نص القصيدة باللهجة المغربية إلى شاعر الملحون المدني تركماني (1815-1885). هي قطعة أساسية لأغنية الشعبي الترجمة إلى الفرنسية هي من تأليف محمد ديب الذي أسس ترجمة قانونية لجل أغاني الشعبي وكانت له علاقة مباشرة مع فناني الأداء.
البنية الأدبية، المضمون و الرموزية
تروي الأغنية تنازعا بين أنسنة لكلا من الشاي و القهوة يتم التحكيم فيه من طرف قاضي عادل و نزيه، و تبادل الحجج يتمثّل في تمجيد النفس و شتم الخصم. في النهاية يعترف القاضي بعدم قدرته على إصدار حكم، أي يدرك أنه أمام حجج لا يمكن الحكم بينها إلا بظلم أحد الطرفين.
إنها سمة المواجهات بين الكيانات التي ميزاتها تُشتَرك أكثر مما تًستبعَد، عامة هذه الصراعات تترك إلى الأبد. بفضل رمزية الكلمات المستخدمة يكون الموضوع قابلا للتحويل إلى أي انشقاق بين متشابهين و هذه هي أعجوبة القصيدة، يرى فيها المفسرون التنافس بين الذكر والأنثى، و من السهل أن تعتبر استقراء إلى أمثلة شتى : العرب و العجم ، اللغة الفصحى و الدارجة، الزرّاع و مربّي المواشي، البدو و الحضر ، الشيعة و السنة ، وعليه فمن المحتمل أن استلهام صاحب القصيدة كان من بين هته الأمثلة.
النص الكامل
قهوة ولا تاي يا الفاهم دخلوا مداعيين للقاضي شو صباح
قالوا له يا حاكم القدر تحكم بيناتنا ولا تعمل حيلة
لأنك قاضي بلا دراهم لا تقبل شي كراء ولا تعمل شي مزاح
حكمك من مولاي بالنصر و أعطاك الله من احكامه الجليلة
قال: آتوا بكلامكم ثم واللي عنده شي اخبار غير يعيد ويرتاح
واللي له الحق ينتصر واللي مغلوب ياك يرضى بالقيلة
انطق التاي للحاكم قال : أنا اليوم عاد شرابي مباح
ما نشبه شي حالة الخمر شربوني جميع الناس التفضيلة
نشفي من هو عليل ساقم شربي للملاح فيه الراحة والراح
في شي ريحة من العطر مع النعناع مخلط بالزنجبيلة
في شي حكمة للألم جميع اللي لقيته داخل في الاشباح
نزول الضر و الكدر و نهبط جميع الماكلة الي ثقيلة
في زهو البال و الكرايم الطلبة مخلطة والعلماء الفصاح
والبراد يشلوش النظر و الكيسان ظراف زادوا لي تشعيلة
و البقراج بحال الصوارم و الصينية على كراسي عيدان ملاح
و البابور يفور بالجمر و الشمع يضويوا كثير في هذه الليلة
شربوني الاشراف و الكرايم اهل السر العظيم و الأولياء الصلاح
اهل الزهو والناس والقدر ذوك اللي قاع ما فيهم تبديلة
و انتي كيفاش يا الخادم ضحيت تضادي لون الوان الوضاح
ما لك جاوبيني بالجهر ياك أنت غير خديمة قليلة
ما فيك لا نشوة ولا نسايم يغيظوا فيك الفناجل همة و شباح
يواتيك فناجل الحجر وإلا قدوح الطين موزون بكيلة
قالت له : جزاك يا الشاتم قصر من الكلام والا تتسمى نباح
انا اللي طبي مشتهر نبري المريض من علاله الطويلة
نشفي من هو عليل ساقم نبري من علايله من ضره يرتاح
نبري من الصداع والسطر والسهرة تكون للنوم الطويلة
كيف يكثر السهر يا الفاهم ما يبقى من يساومك في سوقك براح
توالم للبعير والبقر ياك انتي حشيشة مصبوغة كالنيلة
مر كما الحنظل في الفم لو ما السكر ما يشربه حتى الصراح
جميع اللي يشربك ينقهر و انا طبي نعالجه بالتحليلة
قال القاضي كي تكلم : يزيكم يا كرام قاع دواكم نجاح
لكن التاي خصايله كثر ياك انتي رخيص سومك وسهيلة
التاي نزاهة مع الكرايم الجلسة تزيد فيه همة و افراح
خلقه ربي كامل القدر و اعطاه الله حسن الصورة الجميلة
قالت ليه كفرت يا الفاهم، قانون خلقني سميح في العلماء شرّاح
الفرق بين الخلق والجبر حكمك فاسد ذي مدة طويلة
فجعت القاضي وصار حاشم اكتم قدامها و طلب رضا و سماح
تغاشا قدامها مع الظفر طلق بالطاعة واخجل في توكيلة
سقسي التركماني ما ضل أنصف القهوة الي جا معه الما و سلاح
الي ملكت الأنثى مع الذكر عشقوها بالجميع بقرة و السيلة
عادل بن شلاب في جنادل معدوم مات مثقب في سول الجياح
اشتاق البشعة بالسطر كفة وحدة باقي ينس مع ليلة
صلى الله على النبي وسلم و على آله مع اصحابه الصحابة الرجاح
عمر وعثمان و بوبكر انصار النبي مع على بو تفضيلة
نتوسل للغني الدايم باهل السر العظيم والأولياء الصلاح
تغفرلي وجميع من حضر وتنصرنا جميع في هذه الليلة
ترجمة القصيدة إلى الفصحى
استقبلا القهوة والشاي أمام القاضي بهذه الكلمات : يا قاضي المحترم، نحن نعتبرك عادلاً لأنك غير قابل للفساد، فأنت لا تسمح بالرشوة أو اتخاذ أي قرار بخفة، بفضل الله ستحكم بالحق على اختلافنا لأن الله قد أعطاك بعض من سلطاته. أجابهما القاضي الذي أزعج من ثرثرتهما بهذه العبارات : أنا أستمع إليكما، لا للحديث الزائد، إذا كان لديكما ما تقولنه، فتحدثا دون قلق. سوف يسود الصواب، وبالطبع فإن الخاسر سيقبل الحكم.
تكلم الشاي أولا، أنا اليوم صار شربي مباح، ليس أنا كالخمر، فيشربني من الرجال الكرام، في فضيلة ضد كل الأمراض التي ألتقي بها داخل جسد من يشربني. أنا تبدد الألم والحزن. واستنادا إلى حجته يضيف الشاي : أنا أيسر هضم جميع الأطعمة الثقيلة، وأشفى المصابين والرجال الطيبين، وأحمل الاسترخاء والراحة، أحتوى على القليل من رائحة النعناع والزنجبيل. لإعدادي يستخدم إبريق شاي يشبه تيارا، يوضع على براز مملوء بالجمر الناري وتستخدم صفيحة نحاس ترتكز على حامل ثلاثي الأرجل مصنوع من الخشب الثمين وتضع عليه قناديل بألوان متلألئة تضيف إلى لامعتي. إذا كيف ؟ يا قهوة أنتي خادمة تريد أن تنافسني. لما ترفع الصوت معي، أنتي فقط خادمة فقيرة، بعد كل شيء! أنتي لا تعلني النشوة، ولا زفير أي من العطور، أنتي لا تستحقي أكواب من الجليل والمضارب، ما يناسبكي إلا أكواب من الحجر أو الأواني الفخارية المباعة بالوزن .
أجابت القهوة : الله سوف يكافئ إيهانك كما يجب، أختصر كلامك ولا تعلن نفسك قدوة، لأن دوائي مشهور، أعالج المريض من أمراضه الطويلة. يشربونني إلا رجال الخير، أحمل الاسترخاء والراحة، وأبدد الصداع والألم. وحتى الأمسيات معي تستمر لفترة طويلة، فأنا أيسر هضم جميع الأطعمة الثقيلة. وبسخرية تقول القهوة للشاي : يوم تكثر السهرات لن يقوم أي وسيط بشرائك في السوق لأنك ترضي الجمل والبقر و لأنك مجرد عشب ملون بالنيلي.
بعد الاستماع بانتباه إلى مرافعات القهوة والشاي، أجاب القاضي بهذه الكلمات : قفا أيها الناس النبلاء ! بينما أنتما علاجان فعالان فإن الشاي له فضائل أكثر، لأنكي أنتي القهوة رخيصة السعر وميسورة للجميع، الشاي خُلق من أجل الترفيه للأشخاص الطيبة يعرفون فرحة في هذا الرحيق المبارك. الشاي يضيف سحره إلى هدوء وفرحة الحفلات، والله سبحانه وتعالى خلقه كامل القدر و أعطاه حسن الصورة.
قالت القهوة : كفرت يا حاكم فإنني سميحة والفرق بين الخالق والبشر أن حكمك باطل. أنهار القاضي وصار خجولا فاعتذر و طلب الرضا و السماح.
مراجع
- القهوة و التاي على واب شعبي - تصفح: نسخة محفوظة 4 سبتمبر 2018 على موقع واي باك مشين.
وصلات خارجية
- أداء الحاج مريزق على يوتوب و هو أول من غنا القصيدة
- أداء عبد القادر شرشام و هو الوحيد الذي يرجع النص الأصلي الكامل لتركماني