الرئيسيةعريقبحث

كتاب سليم بن قيس الهلالي

كتاب من تأليف سليم بن قيس

☰ جدول المحتويات


كتاب سُليم بن قيس الهلالي هو كتاب ألَّفه أبو صادق سُليم بن قيس الهلالي العامري الكوفي يتحدَّث عن الحوادث التي وقعت عقيب وفاة النبي محمد. وسُليم من أجلَّة أصحاب الأئمة عند الشيعة الإثني عشريَّة فقد عاصر أربعةً من أئمتهم، وهم علي بن أبي طالب وابنيه الحسن والحسين وعلي بن الحسين السجَّاد، كما أدرك الخامس منهم وهو محمد بن علي الباقر. فقد ذكر ذلك من رجاليي الشيعة: البرقي والطوسي وابن النديم.[1] وقد أورده في أصحابهم - أي في أصحاب الأئمة - كلُّ من تعرَّض لترجمته من الرجاليين.

كتاب سُليم بن قيس الهلالي
Solaim.jpg

معلومات الكتاب
المؤلف سليم بن قيس الهلالي.
اللغة العربية.

ولذا فإنَّ الكتاب ذو شأنٍ عند الشيعة، وليس هو كذلك عند السنَّة الذين لهم طعون وإيرادات واعتراضات على هذا الكتاب وما ورد فيه من معارف.

صاحب الكتاب

أصله من بني هلال بن عامر بطن من عامر بن صعصعة، من هوازن من قيس بن عيلان، من العدنانية الذين كانوا يقطنون الحجاز، وما زال قسم من عشيرتهم إلى عصرنا في المنطقة.[2]

ولد سُليم قبل الهجرة بسنتين [3]، وكان عمره عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله اثنتي عشرة سنة. ولم يأت المدينة زمن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا زمن أبي بكر، وإنما دخلها شابا في أوائل خلافة عمر بن الخطاب قبل السنة 16 الهجرية.

مخطوطات الكتاب

يقصد المحقق بالنسخ المخطوطة، هي ما ورد النص عليها في كتب المؤلفين، أو هي موجودة في المكتبات العامة أو الخاصة، أو ورد ذكرها في مخطوطات الكتاب.

وقد بلغت 68 نسخة، وهي موجودة في مختلف البلدان: في مكة والمدينة المنورة وصنعاء والنجف وكربلاء والحلة وبغداد والبصرة والكوفة ودمشق من البلاد العربية. وفي إصفهان وطهران ومشهد وقم وشيراز ويزد وزنجان من البلاد الإيرانية. وفي لكنو وفيض آباد وبمباي من البلاد الهندية.

وقد أورد المحقق فهرسا بنسخه، وهي:

1. نسخة الشيخ الحر العاملي الأولى، تاريخها 1087هـ، في مكتبة السيد الحكيم بالنجف في مجموعة رقمها 316.

2. نسخة عتيقة انتسخ عليها نسخة الشيخ الحر، كتبت بأمر السيد حيدرا، مذكورة في النسخة 1.

3. نسخة سقيمة قوبل عليها نسخة الشيخ الحر، وهي مذكورة أيضا في آخر النسخة 1.

4. نسخة العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي، ذكرها في روضة المتقين: ج 12 ص 201، ج 14 ص 371.

5. نسخة العلامة المجلسي الأولى، ذكرها في أول بحار الأنوار: ج 1 ص 15، 76.

6. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الأولى، تاريخها 1353هـ، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين بالنجف رقمها 3230.

7. نسخة الشيخ أبي علي الحائري، ذكرها في منتهى المقال: ص 153، والذريعة: ج 2 ص 157.

8. نسخة المير حامد حسين صاحب العبقات في لكنهو، رقمها في فهرست المكتبة: 7728، وذكرها في استقصاء الإفحام: ج 1 ص 860، ج 2 ص 332، 361، وفي الذريعة: ج 2 ص 157.

9. نسخة الخواجة الكابلي، ذكرها في استقصاء الإفحام: ج 1 ص 363.

10. نسخة حيدر علي الفيض آبادي، ذكرها في منتهى الكلام: ج 3 ص 12.

11. نسخة صاحب الروضات، ذكرها في روضات الجنات: ج 4 ص 67، والظاهر أنها انتقلت إلى النجف.

12. نسخة مكتبة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء بالنجف، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 156.

13. نسخة المحدث النوري، تاريخها 1270هـ، ذكرها في نفس الرحمن: ص 65، والذريعة: ج 2 ص 157 وجاء ذكرها في فهرست مكتبته: ج 1 ص 147.

14. نسخة الشيخ عبد الحميد الكرهرودي، التي انتخب عنها عدة أحاديث وطبعها قبل طبع أصل كتاب سليم.

15. نسخة مكتبة السيد الروضاتي الخاصة بإصفهان، تاريخها 1288هـ.

16. نسخة مكتبة الشيخ علي حيدر الخاصة بقم، في مجموعة رقمها 296، تاريخها 1059هـ.

17. نسخة مكتبة كلية الإلهيات بمشهد، في مجموعة رقمها 456، تاريخها 1082هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 1 ص 362.

18. نسخة مكتبة آستان قدس بمشهد، رقمها 2035، ذكرها في فهرست المكتبة القديم: ج 5 ص 150.

19. نسخة مكتبة آستان قدس بمشهد، في مجموعة رقمها 8130، تاريخها 1346هـ، ذكرها في الفهرست الألفبائي للمكتبة: ص 312.

20. نسخة قديمة انتسخ عليها نسخة آستان قدس رقم 8130، مذكورة في النسخة 19.

21. نسخة المشكاة في مكتبة جامعة طهران، في مجموعة رقمها 575، تاريخها 1160هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 5 ص 1485.

22. نسخة أخرى للمشكاة في مكتبة جامعة طهران، رقمها 669، ذكر في فهرست المكتبة: ج 5 ص 1486.

23. نسخة انتسخ عليها نسخة المشكاة رقم 669، ذكر فيها.

24. نسخة كلية الحقوق في مكتبة جامعة طهران، رقمها 178 ج، ذكرها في فهرست مكتبة الحقوق: ص 420.

25. نسخة مكتبة جامعة طهران، رقمها 2200، تاريخها 1252هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 9 ص 883.

26. نسخة مكتبة جامعة طهران، رقمها 6808، تاريخها 1282هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 16 ص 365.

27. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الثانية، تاريخها 1346هـ، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين بالنجف رقمها 3219.

28. نسخة مكتبة مدرسة إمام العصر بشيراز، في مجموعة رقمها 256، تاريخها 1112هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 1 ص 109.

29. نسخة مكتبة مجلس الشورى الجديد بطهران في مجموعة رقمها 652، تاريخها 1306هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 2 ص 5. وهي نسخة مكتبة السيد محمد مهدي راجه بفيض آباد الهند انتقلت إلى طهران، وقد ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 159.

30. نسخة مكتبة مدرسة السيد الخوئي بمشهد، في مجموعة رقمها 87، تاريخها 1337هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ص 56.

31. نسخة الشيخ الرازي صاحب كتاب (نزهة الكرام) من علماء القرن السابع، ذكرها في كتابه: ص 557، 558.

32. نسخة الشيخ ابن حاتم الدمشقي المتوفى 676هـ، ذكرها في كتابه (الدر النظيم في مناقب الأئمة اللهاميم) (مخطوط) وروى فيه من أحاديثها.

33. نسخة الشيخ الحر العاملي الثانية، ذكرها في أول كتابه إثبات الهداة: ج 1 ص 29، وأورد من أحاديثها في ج 1 ص 661، ج 2 ص 509.

34. نسخة العلامة المجلسي الثانية، تاريخها 609هـ، ذكرها في تكملة الرجال: ج 1 ص 467.

35. نسخة خزانة الحاج علي محمد النجف آبادي بالنجف، تاريخها 1048هـ، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 157.

36. نسخة السيد أبو القاسم الخوانساري في بمبئي بالهند، ذكرها في الذريعة: ج 17 ص 276.

37. نسخة المير محمد أشرف صاحب فضائل السادات، ذكرها في ص 510 من كتابه، وروى من أحاديثها في ص 291.

38. نسخة كلية الحقوق في مكتبة جامعة طهران، رقمها 29 د، تاريخها 1107هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ص 420.

39. نسخة مكتبة ملك بطهران، رقمها 729، تاريخها 1282هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: القسم العربي: ج 1 ص 587.

40. نسخة ذكرها أخو صاحب الروضات، جاء ذكرها في النسخة 15.

41. نسخة السيد الجلالي، تاريخها 1385هـ، ذكرها في دائرة المعارف الشيعية: ج 5 ص 42.

42. نسخة السيد نصر الله المستنبط، ذكرها في النسخة 40، وفي فهرس تراث أهل البيت عليهم السلام: ص 135.

43. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الثالثة، تاريخها 1362هـ، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين بالنجف في مجموعة رقمها 3222.

44. نسخة محمد جعفر الخرم آبادي بإصفهان تاريخها 1078هـ، ذكرها في فهرس تراث أهل البيت عليهم السلام: ص 136.

45. نسخة مكتبة مجلس الشورى القديم بطهران، رقمها 5366، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 16 ص 274.

46. نسخة مكتبة آستان قدس بمشهد، رقمها 9719، تاريخها 1080هـ.

47. نسخة صحيحة انتسخ عليها نسخة آستان قدس بمشهد رقم 9719.

48. نسخة مكتبة مجلس الشورى القديم بطهران، رقمها 7699، تاريخها 1310هـ، ذكرها في فهرست المكتبة: ج 26 ص 192.

49. نسخة أبي عبد الله المجتهد الموسوي، ذكرها في النسخة 47.

50. نسخة الحموئي الخراساني، من القرن العاشر، ذكرها في كتابه (منهاج الفاضلين)، وروى من أحاديثها في ص 228، 233، 236، 239، 240، 241، 242، 259.

51. نسخة ذكرت في النسخ: 15، 18، 19، 20، 21، 22، 23، 24، 26.

52. نسخة برواية إبراهيم بن عمر اليماني، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 157.

53. نسخة برواية عبد الرزاق عن معمر بن راشد، ذكرها في الذريعة: ج 2 ص 157.

54. نسخة الشيخ الطوسي، ذكرها في الفهرست: ص 81.

55. نسخة الشيخ النجاشي، ذكرها في رجاله: ص 6.

56. نسخة الشيخ الكشي، ذكرها في رجاله: ج 1 ص 321.

57. نسخة العلامة البياضي المتوفى 877هـ، ذكرها في الصراط المستقيم: ج 1 ص 4.

58. نسخة الشهيد الثاني (سنة 965هـ)، ذكرها في روضات الجنات: ج 4 ص 69.

59. نسخة الفاضل التفريشي، ذكرها في نقد الرجال: ص 159.

60. نسخة الميرزا الأسترآبادي، ذكرها في منهج المقال: ص 15.

61. نسخة المحدث البحراني، ذكرها في غاية المرام: ص 549 واللوامع النورانية: ص 237.

62. نسخة السيد إعجاز حسين الكنتوري، ذكرها في كشف الحجب: ص 445، والذريعة: ج 17 ص 68.

63. نسخة الشيخ شير محمد الهمداني الرابعة، تاريخها 1361هـ، في مكتبة الإمام أمير المؤمنين بالنجف في مجموعة رقمها 3215.

64. نسخة العلامة الأميني، التي كتبها بيده، جاء ذكرها في مقدمة (الغدير): ج 1 ص 79 وفي متن الكتاب: ج 1 ص 66.

65. نسخة قوبل عليها الطبعة الأولى من الكتاب، ذكرها في ص 179 من تلك الطبعة.

66. نسخة السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي المتوفى 1334هـ، التي انتخب منها عدة أحاديث قبل طبع الكتاب. ذكرها في الذريعة: ج 22 ص 411.

67. نسخة مكتبة السيد محمد باقر الطباطبائي بكربلاء في مجموعة رقمها 288، ذكرها في فهرست المكتبة: ص 170.

68. نسخة الشيخ يعقوب المنصوري، التي ترجع تاريخها إلى 12 قرنا، وهي مكتوبة على جلد الغزال، وفقدت في سنة 1400هـ في الحرب العراقية الإيرانية في خرمشهر.

طبعات الكتاب

ذكر المحقق أن الكتاب طُبع لأول مرة قبل أكثر من ستين عاما، كما طبع منتخبه قبل إخراج أصله، وطبعت ترجمته بالأردية لأول مرة قبل ثلاثين عاما، وطبعت ترجمته بالفارسية لأول مرة قبل عشرين عاما، وطبعت ترجمته بالإنجليزية قبل سنة.

وهذا مجمل طبعاته:

1. طبعة النجف، المكتبة الحيدرية، على نسخة الشيخ الحر والمقابلة على نسخة أخرى وبمقدمة موجزة للسيد محمد صادق آل بحر العلوم في سنة 1361هـ، في القطع الرقعي في 192 صفحة، ومرة أخرى بمقدمة مفصلة للسيد بحر العلوم بالإضافة إلى ما حققها الشيخ شير محمد الهمداني في سنة 1366هـ في 212 صفحة، ومرة أخرى في 236 صفحة، ومرة أخرى في 270 صفحة في القطعين الرقعي والوزيري. وجددت هذه الطبعة في النجف عدة مرات. كما وجددت هذه الطبعة بقم عدة مرات وقام بها دار الكتب الإسلامية حدود سنة 1395هـ. وجددت هذه الطبعة في بيروت عدة مرات وقام بها دار الفنون ومكتبة الإيمان في سنة 1400هـ، ومؤسسة الأعلمي في سنة 1412هـ.

2. طبعة بيروت، مؤسسة البعثة، بمقدمة السيد علاء الدين الموسوي، وإبقاء المتن كما كان في الطبعة النجفية، في سنة 1407هـ، في القطع الوزيري، في 215 صفحة. وجددت المؤسسة طبعه بطهران في سنة 1408هـ، في 328 صفحة بإضافة الفهارس.

3. طبعة قم، مؤسسة نشر الهادي، بتحقيق محمد باقر الأنصاري، سنة 1415هـ، ثلاث مجلدات في القطع الوزيري: المجلد الأول إلى ص 552 وهو المقدمة، والمجلد الثاني إلى ص 957 وهو متن الكتاب، والمجلد الثالث إلى ص 1472 وهو التخريجات والفهارس. وجددت المؤسسة طبعه في سنة 1416هـ مع إضافة ملحق يحوي بعض المعلومات الجديدة.

4. هذه الطبعة التي بأيدينا، وهي طبعة قم، مؤسسة نشر الهادي، في 640 صفحة، سنة 1420هـ، مجلد واحد في القطع الوزيري. وهو تلخيص لمقدمة الطبعة السابقة، وإبقاء المتن كما كان مع حذف كثير من الهوامش، وتلخيص في التخريجات السابقة وإضافة التخريج الموضوعي وحذف كثير من الفهارس.

حققه الشيخ محمد باقر الأنصاري الزنجاني وقد طبعه عدة مرات، والنسخة التي بأيدينا هي طبعة قم، مؤسسة نشر الهادي، في 640 صفحة، سنة 1420هـ، مجلد واحد[4]. وللوقوف على الكتاب يمكن الاطلاع على نسخة إلكترونية منه في موقع الميزان.[5]

مكانة الكتاب عند الشيعة

الكتاب معتمد عند الغالبيَّة من الشيعة، والقول بالتشكيك فيه عندهم ليس إلَّا قولاً شاذاً لا يُعتدُّ به في قبال ما تسالمت عليه الطائفة من الاعتماد عليه وكونه من الأصول القديمة المعتبرة.

  • شذَّ محمَّد بن محمَّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد عن عموم الإماميَّة بتعرُّضه للتشكيك بالكتاب في آخر كتابه تصحيح اعتقادات الإمامية إذ قال أنَّ: «هذا الكتاب غير موثوق به وقد حصل فيه تخليط وتدليس فينبغي للمتدين أن يجتنب العمل بكل ما فيه ولا يعول على جملته والتقليد لروايته وليفزع إلى العلماء فيما تضمنه من الأحاديث ليوقفوه على الصحيح منها والله الموفق للصواب».[6]
  • وقال ابن أبي زينب النعماني في كتابه الغيبة أنَّه «ليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة عليهم السلام خلافٌ أنَّ كتاب سُليم بن قيس الهلالي أصل من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم حملة حديث أهل البيت عليهم السلام وأقدمها، وأنَّ جميع ما اشتمل عليه هذا الأصل إنما هو عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وأمير المؤمنين والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين وسمع منهما وهو من الأصول التي ترجع الشيعة إليها وتعول عليها».[7]
  • أورد محمد باقر المجلسي كل مطالب كتاب سُليم وفرَّقها في مجلَّدات موسوعته الكبيرة بحار الأنوار وعدَّه من مصادر هذه الموسوعة، وقال فيه أنَّه: «كتاب سليم بن قيس الهلالي في غاية الاشتهار، (...) والحقُّ أنَّه من الأصول المعتبرة».[8]
  • اعتمد هاشم البحراني على كتاب سُليم، وعدَّه من الكتب المعتمدة والمشهورة عند أهل التشيُّع، فقال: «هو كتاب مشهور معتمد، نقل منه المصنفون في كتبهم».[9]
  • وثَّق حسين النوري الطبرسي وذكره غير مرَّة بالثناء والتعظيم، فقال أنَّه «كتاب مشهور معروف نقل عنه أجلة المحدثين»،[10] وأنَّه «من الأصول المعروفة، وللأصحاب إليه طرق كثيرة».[11]
  • ذكر حسن الصدر كتاب سُليم بن قيس بالثناء والتعظيم عند ذكره لأوائل الكتب الشيعيَّة التي دوَّنت الأحاديث، وذلك في كتابه الشيعة وفنون الإسلام إذ قال: «وسُليم بن قيس الهلالي أبو صادق، صاحب أمير المؤمنين "عليه السّلام" (...) له كتابٌ جليل عظيم».[12]

وقال العلامة الحلي قدس سره في الخلاصة القسم الأول: وقال السيد علي بن أحمد العقيقي: كان سليم بن قيس من أصحاب أمير المؤمنين طلبه الحجاج ليقتله فهرب وأوى إلى أبان بن أبي عياش فلما حضرته الوفاة قال لأبان: إن لك علىَّ حقا، وقد حضرني الموت يابن أخي إنه كان من الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كيت وكيت وأعطاه كتابا فلم يرو عن سليم بن قيس أحد من الناس سوى أبان بن أبي عياش وذكر أبان في حديثه، قال: كان شيخا متعبدا، له نور يعلوه.

قال السيد الخوئي بقي الكلام في جهات:

الجهة الأولى: أن سليم بن قيس في نفسه ثقة جليل القدر عظيم الشأن ويكفي في ذلك شهادة البرقي بأنه من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين المؤيدة بما ذكره النعماني في شأن كتابه وقد أورده العلامة في القسم الأول وحكم بعدالته وأما ابن داود فقد ذكره في القسمين الول والثاني ولا نعرف لذلك وجها صحيحا.

الجهة الثانية: أن كتاب سليم بن قيس على ما ذكره النعماني من الأصول المعتبرة بل من أكبرها وإن جميع ما فيه صحيح قد صدر من المعصوم أو ممن لابد من تصديقه وقبول روايته وعده صاحب الوسائل في الخاتمة في الفائدة الرابعة من الكتب المعتمدة التي قامت القرائن على ثبوتها وتواترت عن مؤلفيها أو علمت صحة نسبتها اليهم بحيث لم يبق فيه شك.

وجوه التشكيك بكتاب سليم ومناقشتها

قال السيد الخوئي : ولكن قد يناقش في صحة هذا الكتاب بوجوه:

الوجه الأول: أنه موضوع وعلامة ذلك اشتماله على قصة وعظ محمد بن أبي بكر أباه عند موته مع أن عمر محمد وقتئذ كان أقل من ثلاث سنين، واشتماله على أن الأئمة ثلاثة عشر.

ويرد هذا الوجه: أولا أنه لم يثبت ذلك والسند في ذلك ما ذكره ابن الغضائري وقدتقدم غير مرة: أنه لا طريق إلى اثبات صحة نسبة الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري كيف وقد ذكر صاحب الوسائل في ترجمة سليم بن قيس: والذي وصل إلينا من نسخة الكتاب ليس فيه شيء فاسد ولا شيء مما استدل به على الوضع ولعل الموضوع الفاسد غيره ولذلك لم يشتهر، ولم يصل إلينا (انتهى).

وقال الميرزا الاسترآبادي في رجاله الكبير: أن ما وصل إلي من نسخة هذا الكتاب المذكور فيه أن عبد الله بن عمر وعظ أباه عند الموت وأن الأئمة ثلاثة عشر مع النبي صلى الله عليه وآله، وشئ من ذلك لا يقتضى الوضع (انتهى).

وقال الفاضل التفريشي في هامش النقد: قال بعض الأفاضل: رأيت فيما وصل إلي من نسخة هذا الكتاب أن عبد الله بن عمر وعظ أباه عند موته وأن الأئمة ثلاثة عشر من ولد إسماعيل وهم رسول الله صلى الله عليه وآله مع الأئمة الاثني عشر ولا محذور في أحد هذين (انتهى).

وأني لم أجد في جميع ما وصل إلي من نسخ هذا الكتاب إلا كما نقل هذا الفاضل والصدق مبين في وجه أحاديث هذا الكتاب من أوله إلى آخره فكأَن ما نقل ابن الغضائري محمول على الاشتباه. (انتهى كلام الفاضل التفريشي).

قال السيد الخوئي : ومما يدل على صحة ما ذكره صاحب الوسائل والفاضلان التفريشي والاسترابادي: أن النعماني روى في كتاب الغيبة بإسناده عن سليم بن قيس في كتابه حديثا طويلا، وفيه: (فقال علي : ألستم تعلمون أن الله عزوجل أنزل في سورة الحج: (وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ...) الحج/78. فقام سلمان () عند نزولها فقال يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت شهيد عليهم وهم شهداء على الناس الذين اجتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيهم إبراهيم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: عنى الله بذلك ثلاثة عشر إنسانا أنا وأخي عليا وأحد عشر من ولده (الحديث).

أيضا بإسناده عنه قال: لما أقبلنا من صفين مع أمير المؤمنين نزل قريبا من دير نصراني إذ خرج علينا شيخ من الدير جميل الوجه حسن الهيئة والسمت معه كتاب حتى أتى أمير المؤمنين فسلم عليه.. (إلى أن قال): وفي ذلك الكتاب ثلاثة عشر رجلا من ولد إسماعيل بن إبراهيم خليل الله من خير خلق الله.. (إلى أن قال) رسول الله اسمه محمد صلى الله عليه وآله وأحب من خلق الله إلى الله بعده علي ابن عمه لأمه وأبيه ثم أحد عشر رجلا من ولد محمد وولده أولهم يسمى باسم ابني هارون شبرا وشبيرا وتسعة من ولد أصغرهما واحد بعد واحد، آخرهم الذي يصلي عيسى خلفه.

وروى أيضا بإسناده عنه حديثا طويلا وفيه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال لعلي : قد سألت فافهم الجواب (إلى أن قال): قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله ومن شركائي؟ قال صلى الله عليه وآله: الذين قرنهم الله بنفسه وبي فقال: (يا آيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) (الآية) (إلى أن قال): قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله سمهم لي، فقال: ابني هذا، ووضع يده على رأس الحسن ، ثم ابني هذا ووضع يده على رأس الحسين ، ثم ابن له على اسمك يا علي ثم ابن له محمد بن علي عليهما السلام ثم أقبل على الحسين وقال سيولد محمد بن علي في حياتك فأقرئه مني السلام ثم تكملة اثني عشر اماما (الحديث).

وروى بإسناده عنه أيضا أن عليا ، قال لطلحة في حديث طويل عند تفاخر المهاجرين والأنصار: يا طلحة أليس قد شهد رسول الله صلى الله عليه وآله حين دعا بالكتف ليكتب فيها ما لا تضل الأمة بعده ولا تختلف؟ إلى أن قال: وسمى من يكون من أئمة الهدى الذين أمر المؤمنين بطاعتهم إلى يوم القيامة فسماني أولهم ثم ابني هذا حسن ثم ابني هذا حسين ثم تسعة من ولد ابني هذا حسين (الحديث).

وروى بإسناده عنه أيضا حديثا طويلا فيه قال علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فما بال أقوام يعيروني بقرابتي وقد سمعوني أقول فيهم ما أقول من تفضيل الله إِياهم إلى أن قال: نظر الله إلى أهل الأرض نظرة فاختارني منهم، ثم نظر نظرة فاختار عليا أخي وزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي إلى أن قال: ثم أن الله نظر نظرة ثالثة فاختار من أهل بيتي بعدي وهم خيار أمتي أحد عشر إماما بعد أخي واحدا بعد واحد (الحديث).

وروى محمد بن يعقوب بسندين صحيحين وبسند آخر عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي، قال سمعت عبد الله بن جعفر الطيار يقول: كنا عند معاوية أنا والحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعمر بن أم سلمة فجرى بيني وبين معاوية كلام فقلت لمعاوية: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا أولى بالمؤمنين من انفسهم ثم أخي علي بن أبي طالب أولى بالمؤمنين من أنفسهم فإذا استشهد علي فالحسن بن علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم ابنى الحسين من بعده أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا استشهد فابنه علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم وستدركه يا علي، ثم ابنه محمد بن علي، أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثم تكملة اثني عشر إماما تسعة من ولد الحسين.. إلى أن قال قال سليم وقد سمعت ذلك من سلمان وأبي ذر والمقداد وذكروا أنهم سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله(الكافي: الجزء 1 كتاب الحجة 4 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم، عليهم السلام 126 الحديث 4). ورواه النعماني في كتاب الغيبة عن محمد بن يعقوب نحوه، ورواه الصدوق في الخصال في أبواب الاثنى عشر، الحديث 41. بسندين صحيحين عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي نحوه، وروى أيضا فيه الحديث 38 عن أبيه قال حدثنا سعد بن عبد الله بن أبي خلف، قال: حدثني يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى بن أبي خلف، قال: حدثني يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن مسكان عن أبان بن تغلب عن سليم ابن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وإذا الحسين على فخذيه وهو يقبل عينيه ويلثم فاه وهو يقول: أنت سيد ابن سيد أنت إمام ابن إمام أبو الائمة أنت حجة ابن حجة أبو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم.

قال السيد الخوئي رضوان الله عليه: وبما ذكرناه يظهر أن ما نسبه ابن الغضائري إلى كتاب سليم بن قيس من رواية أن الائمة ثلاثة عشر لا صحة له غاية الأمر أن النسخة التي وصلت إليه كانت مشتملة على ذلك وقد شهد الشيخ المفيد أن في النسخة تخليطا وتدليسا وبذلك يظهر الحال فيما ذكره النجاشي في ترجمة هبة الله بن أحمد بن محمد من أنه عمل كتابا لأبي الحسين العلوي الزيدي وذكر الأئمة ثلاثة عشر مع زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام واحتج بحديث في كتاب سليم بن قيس الهلالي: أن الائمة اثنا عشر من ولد أمير المؤمنين .

وأما وعظ محمد بن أبي بكر أباه عند موته: فلو صح فهو وإن لم يمكن عادة إلا أنه يمكن أن يكون على نحو الكرامة وخرق العادة. وعلى ذلك فلا وجه لدعوى وضع كتاب سليم بن قيس أصلا. وثانيا: إن اشتمال كتاب على أمر باطل في مورد أو موردين لا يدل على وضعه، كيف ويوجد ذلك في أكثر الكتب حتى كتاب الكافي الذي هو أمتن كتب الحديث وأتقنها.

الوجه الثاني: أن راوي كتاب سليم بن قيس هو أبان بن أبي عياش وهو ضعيف على ما مر فلايصح الاعتماد على الكتاب بل قد مر عن العقيقي أنه لم يروه عن سليم بن قيس غير أبان بن أبي عياش.

والجواب عن ذلك أن ما ذكره العقيقي باطل جزما فقد روي عن سليم بن قيس في الكافي وغيره من غير طريق أبان. وأما ما ذكره ابن الغضائري من انحصار راوي كتاب سليم بن قيس بأبان، فيرده ما ذكره النجاشي والشيخ من رواية حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر الصنعاني عنه كتابه.

الوجه الثالث: أن راوي كتاب سليم بن قيس، أبان بن أبي عياش وهو ضعيف وإبراهيم بن عمر الصنعاني، وقد ضعفه ابن الغضائري، فلا يمكن الاعتماد على كتاب سليم بن قيس.

والجواب: أن إبراهيم بن عمر وثقه النجاشي ولا يعارضه تضعيف ابن الغضائري على ما مر الكلام في ترجمته. هذا، والصحيح أنه لا طريق لنا إلى كتاب سليم بن قيس المروي بطريق حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر عنه، وذلك فإن في الطريق محمد بن علي الصيرفي أبا سمينة وهو ضعيف كذاب.

الجهة الثالثة: قد عرفت أن للشيخ إلى كتاب سليم طريقين في احدهما حماد بن عيسى، وعثمان بن عيسى، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم وفي الثاني حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم. وأما النجاشي فالظاهر أن في عبارته سقطا وجملة (عن أبان بن أبي عياش، عن سليم) قد سقطت بعد قوله: (وعثمان بن عيسى). وكيف كان فلا يصح ما ذكره ابن الغضائري من اختلاف سند هذا الكتاب فتارة يروى عن عمر بن أذينة، عن إبراهيم بن عمر الصنعاني، عن أبان بن أبي عياش عن سليم، وتارة يروي عن عمر عن أبان بلا واسطة. وذلك فان عمر بن أذينة غير مذكور في الطريق وإبراهيم بن عمر روى عن سليم بلا واسطة.

ثم إن بعض أهل الفن قداستغرب رواية إبراهيم بن عمر عن سليم بلا واسطة واستظهر سقوط الواسطة وأن الصحيح رواية إبراهيم عن ابن أذينة عن أبان، عن سليم، كما في الكافي: الجزء2 كتاب الإيمان والكفر 1 في بابي دعائم الكفر وصفة النفاق 167 و168 الحديث 1.

قال السيد الخوئي : هذا الاستغراب غريب! فإن رواية إبراهيم بن عمر، عن سليم مع الواسطة أحيانا لا ينافي روايته عنه كتابا بلا واسطة، فإن إبراهيم بن عمر من أصحاب الباقر ، فيمكن أن يروي عن سليم بلا واسطة، ودعوى أن ما في الكافي رواية عن كتاب سليم أيضا دعوى بلا بينة وتخرص على الغيب، بل الظاهر أن لسليم أحاديث من غير كتابه، والشاهد على ذلك: ما قدمناه عن ابن شهر آشوب من أنه صاحب الأحاديث، له كتاب ويشهد له أيضا: أن النعماني بعد ما روى عدة روايات عن كتاب سليم، روى رواية عن محمد بن يعقوب بإسناده عن سليم، وقد تقدمت الروايات ويظهر من ذلك أن رواية محمد بن يعقوب لم تكن موجودة في كتاب سليم.

قال السيد الخوئي : بقى هنا أمران:

الأول: أن ابن الغضائري ذكر في كلامه رواية سليم بن قيس عن أبي عبد الله والحسن والحسين وعلي بن الحسين عليهم السلام، وهذا غريب جدا! فإن سليم بن قيس لم يدرك الصادق ، بل الظاهر من الرواية الأولى المتقدمة عن الكشي أنه مات في زمن علي بن الحسين ، ولكن الرواية ضعيفة وقد صرح الشيخ في رجاله بأنه من المدركين للباقر .

الثاني: أن المذكور في روايتي الكشي المتقدمتين، رواية إسحاق بن إبراهيم بن عمر اليماني عن ابن أذينة، عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس وهاتان الروايتان مع أنهما ضعيفتان، ولا أقل من جهة الحسن بن علي بن كيسان فيهما تحريف لا محالة، فان الراوي عن ابن أذينة هو إبراهيم بن عمر اليماني لا ابنه إسحاق، بل لا وجود لإسحاق بن إبراهيم، ومن المطمئن به أن التحريف من النساخ، والصحيح فيه: الحسن بن علي بن كيسان، عن أبي اسحاق إبراهيم بن عمر اليماني، عن ابن أذينة. وكيفما كان فطريق الشيخ إلى كتاب سليم بن قيس بكلا سنديه ضعيف ولا أقل من جهة محمد بن علي الصيرفي (أبى سمينة).

لا يوجد عند المسلمين بعد كتاب الله ومواريث الأنبياء التي عند أهل البيت عليهم السلام كتاب أقدم من كتاب سليم بن قيس [15].

يعتبر كثير من الشيعة هذا الكتاب من أهم المراجع في ادعاءالخلاف بين الصحابة بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، ويقول الشيعة بأنها ميزة عظيمة لهذا النص التاريخي العقائدي، فمؤلفه أول من فكر في تدوين العقائد وتاريخ المذهب الشيعي. ويقولون أيضا بأنه قد خاطر بحياته في جمعه وتأليفه ثم نسخه وحفظه، والوصية به وإيصاله إلى من بعده. ويعتقدون أيضا بأنه يتفرد عن جيله، وينهض بمسؤولية هذا الأمر الخطير، ويقدم للأمة الإسلامية أقدم قصة للوجه الآخر لتاريخها.

ويقولون أيضا عن الكتاب:[16] ويكفي كتاب سليم أنه تراث علمي ممتاز من أقدم ما وصلنا في الثقافة الإسلامية، ولكن مع ذلك له ميزات هامة ضاعفت من قيمته، نجملها في النقاط التالية:

  • الميزة الأولى: أن موضوعه عقائد الإسلام وتاريخه: فقد اختار المؤلف مسائل في الدرجة الأولى من الأهمية مثلت الحققية المقابلة لما فعلته وقالته ودونته دولة الخلافة القرشية. لقد كشف سليم في كتابه عن الوقائع التي حدثت في مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد وفاته، وكيف وصل زعماء قريش إلى السلطة.
  • الميزة الثانية: الفترة التي أرخ سليم أحداثها: وهي أكثر الفترات حساسية وتأثير على عقائد المسلمين على الإطلاق. ذلك أن جميع عقائد المسلمين ومذاهبهم قد تكونت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بسبب ما حدث عند وفاته وبعد وفاته من اختلاف! فجميع ما طرح من عقائد وأحكام خلال أربعة عشر قرناً إلى يومنا هذا، يرجع إلى تلك الفترة الحساسة! وقد أرخ سليم بن قيس لتلك الفترة، فكان عمله فريداً من نوعه، وبهذا احتل مكانة الدرجة الأولى بعد أحاديث الأئمة المعصومين عليهم السلام، الذين قاموا بكشف حقائق تلك الفترة.
  • الميزة الثالثة: صراحته رغم ظروف تأليفه الخانقة: فقد كتبه سليم في عصر المنع المطلق من تدوين أحاديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى ما يتعلق منها بالسنن والأحكام الشرعية! وفي تلك الظروف الخانقة، قام سليم بن قيس بتسجيل هذه الحقائق التاريخية والعقائدية وتدوينها في كتاب، وكان يجمع أحاديثه من الأئمة الأطهار عليهم السلام والصحابة الأبرار ويكتبها في كتابه على خوف ووجل. ومن جهة أخرى فقد دون سليم مخالفات حكام عصره الذين كان يعيش معهم، واستطاع أن يخفي ذلك عن عيونهم. وقد كان لحرصه على كتابه، يحمله معه في أسفاره وتنقلاته العديدة.
  • الميزة الرابعة: الدقة والإتقان: إن كتاب سليم بعد التدقيق والمقايسة مع المصادر الأخرى، يعتبر من مصادر الدرجة الأولى في دقته، وهذه ميزة تزيد من قيمة كتابه المبارك. لهذا كله، لا بد أن ننظر إلى كتاب سليم باعتباره أول نص متقن في أهم الموضوعات الإسلامية، تم تدوينه في فترة حساسة وظروف صعبة.

رأي العلماء السنة في الكتاب وصاحبه

يعتقد علماء السنة أن ما ورد في هذا الكتاب هو تزوير للتاريخ ويؤيدون بهذا بغموض صاحب الكتاب واختفائه عن الأحداث التي يرويها.

ويعتمد المؤلف في نقله للتاريخ على محمد بن أبي بكر ابن الخليفة الأول للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في نقل الأحداث التي حدثت بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام، وكان عمر محمد بن أبي بكر حين وفاة ابيه سنتين ونصف وهذا من أكبر الماخذ على هذا الكتاب وسليم بن قيس، فكيف يعقل ان تنقل هذه الأحداث عن طفل يبلغ من العمر سنتين ونصف. كما ينقل أيضا عن سلمان الفارسي رغم أنه لم يكن بالمدينة حين دخلها عام 16 هـ.

ورغم أن شخصية سليم بن قيس لم تظهر في التاريخ إلا في هذا الكتاب ورغم أنه يكتب عن مرحلة تاريخية لم يشهدها ولم يشهدها من يروي عنه وهو محمد بن أبي بكر الصديق، حيث أن سليم بن قيس دخل المدينة في عهد عمر بن الخطاب الخليفة الثاني ويروي سليم بن قيس ما حدث قبلها.

منشأ الطعن في كتاب سليم :

ما قاله محمد بن أبي بكر لأبيه عند موته : فقد جاء في كتاب سليم : أن سليما التقى بعبد الرحمان بن غنم فأخبره عما قاله معاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبو عبيدة عند حضور أجلهم، حيث ذكروا : أنهم رأوا رسول الله (ص) وعليا (ع) عند موتهم فبشرا كل واحد منهم بالنار.

ثم التقى سليم بمحمد بن أبي بكر، فأخبره بما قاله أبو بكر أيضا عند موته، ثم أخبره محمد بن أبي بكر، بأن عبد الله بن عمر قد سمع من أبيه عند موته مثل ذلك، وذكر له تفاصيل عما جرى بينه وبين أبيه.

وهي من الأمور الجليلة التي لا يعقلها طفل عمره سنتان أو ثلاثة، بل يحتاج إلى وعي كامل، ومعرفة وتدبر للأمور. ثم أخبر محمد سليما أيضا بأنه أتى أمير المؤمنين (ع) فحدثه بما سمعه من أبيه، وبما حدثه به ابن عمر عن أبيه، فقال له أمير المؤمنين : " قد حدثني عما قاله هؤلاء الخمسة (1) من هو أصدق منك ومن ابن عمر، يريد بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله قبل موته أو بعده بالمنام، أو أخبره الملك الذي يحدث الأئمة عليهم السلام. وبعد شهادة محمد بن أبي بكر بمصر التقي سليم بأمير المؤمنين ، وسأله عما أخبره محمد بن أبي بكر، فقال : " صدق محمد، أما إنه شهيد حي يرزق "، ثم قرر كلام محمد بأن أوصياءه كلهم محدثون ".

أما تفاصيل ما جرى بين محمد وبين أبيه عند موت أبيه فهو في كتاب سليم بن قيس نفسه [5] فليراجعه من أراد.

ومهما يكن من أمر فإن وجود حديث معضل في كتاب لا يبرر الخدشة في الكتاب كله، مع احتمال وجود تصحيف أو سهو من الكاتب نفسه بأن يكون المقصود هو عبد الرحمان بن أبي بكر، أو غير ذلك من احتمالات. وفي الكتب المعتبرة موارد كثيرة من هذا القبيل ولم يقدح ذلك في اعتبارها.

المصادر

  1. رجال البرقي: ص 4 و 7 و 8 و 9. رجال الشيخ: ص 43 و 68 و 74 و 91 و 124. الفهرست لابن النديم: ص 275. خلاصة الأقوال: ص 83. الاختصاص: ص 2. مناقب ابن شهرآشوب: ج 3 ص 201. استقصاء الإفحام: ج 1 ص 859
  2. معجم قبائل العرب: ج 3 ص 1221. اللباب لابن الأثير: ج 3 ص 396
  3. يدل على ذلك الحديث 34 من كتاب سليم إذ يسأل أبان سليما عن سنه في أواخر وقعة صفين وهذا نصه: (قال أبان: وسمعت سليم بن قيس يقول: وسألته: هل شهدت صفين؟ قال: نعم. قلت: هل شهدت يوم الهرير؟ قال: نعم. قلت: كم كان أتى عليك من السن؟ قال: أربعون سنة). فإذا علمنا أن وقعة الهرير كانت في العاشر من صفر سنة 38 (كتاب صفين لنصر بن مزاحم: ص 473) وهو آخر أيام صفين وعلمنا أيضا أن عمر سليم كان في تلك الوقعة أربعين سنة يكون النتيجة أن سليما ولد قبل الهجرة بسنتين وذلك بعد كسر 38 من 40
  4. محمد باقر الأنصاري الزنجاني، كتاب سُليم بن قيس الهلالي، طبعة قم، مؤسسة نشر الهادي، 640 صفحة، سنة 1420هـ
  5. كتاب سُليم بن قيس الهلالي - تصفح: نسخة محفوظة 13 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
  6. المفيد, الشيخ. تصحيح اعتقادات الإمامية. صفحة 103. مؤرشف من الأصل في 17 مايو 2019.
  7. النعماني, ابن أبي زينب. الغيبة. صفحة 103. مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
  8. المجلسي, محمد باقر. بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار - ج1. صفحة 32. مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
  9. البحراني, هاشم. غاية المرام وحجة الخصام - ج5. صفحة 313.
  10. النوري الطبرسي, حسين. نفس الرحمن في فضائل سلمان. صفحة 235.
  11. النوري الطبرسي, حسين. مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل - ج3. صفحة 73.
  12. الصدر, حسن. الشيعة وفنون الإسلام. صفحات 161–162.
  13. الأميني, عبد الحسين. الغدير في السنة والتاريخ والأدب - ج1. صفحة 195. مؤرشف من الأصل في 13 ديسمبر 2019.
  14. هل كتاب سليم بن قيس الهلالي الواقع بايدينا معتبر أم لا؟ - تصفح: نسخة محفوظة 16 ديسمبر 2013 على موقع واي باك مشين.
  15. المحقق، ص 13
  16. المحقق، ص 14-16

مراجع

  • الذريعة إلى تصانيف الشيعة. آغا بزرگ الطهراني، طبع بيروت - لبنان، 1403 هـ / 1983 م، منشورات دار الأضواء.
  • الغيبة. ابن أبي زينب النعماني، طبع قم - إيران، 1422 هـ، منشورات أنوار الهدى.
  • بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار. محمد باقر المجلسي، طبع بيروت - لبنان، 1403 هـ / 1983 م، منشورات مؤسسة الوفاء.
  • نفس الرحمن في فضائل سلمان. حسين النوري الطبرسي، طبع إيران، 1369 هـ.ش / 1411 هـ.ق، منشورات مؤسسة الآفاق.

موسوعات ذات صلة :