اللادينية (Irreligion) هي اتجاه فكري يرفض مرجعية الدين في حياة الإنسان ويؤمن بحق الإنسان في رسم حاضره ومستقبله واختيار مصيره بنفسه دون وصاية دين أو الالتزام بشريعة دينية، وترى أن النص الديني هو مجرد نص بشري محض لا ينطوي على قداسة خاصة ولا يعبر عن الحقيقة المطلقة.
ويمكن تعريفها أيضاً بأنها: الاعتقاد ببشرية الأديان، بغض النظر عن الاعتقاد بفكرة وجود إله أو آلهة أو عدم الاعتقاد بذلك.
استنادا إلى كتاب ثقافة اللادينية للمؤلفين كابورالي وجروميلي التي طبعت في عام 1971[1] فإن اللاديني هو شخص لايملك إيماناً بوجود الخالق الأعظم وفي نفس الوقت لايملك قناعة بعدم وجود الخالق الأعظم بمعنى آخر أنها مرحلة وسطية بين الإيمان والإلحاد وهناك البعض ممن يعرف اللادينية كإلحاد ضعيف.
واللادينية ضمن هذا الفهم تختلف عن المفهوم التقليدي للإلحاد الذي يتخذ من قضية نفي وجود الخالق منطلقاً وركيزة أساسية، إذ تقدم اللادينية تصوراً أكثر شمولا واتساعا للدين، فلا تختزل الدين بمجرد إلهية وإنما تطرح الإلهية باعتبارها جزءاً صغيراً من منظومة فكرية واسعة، ومن هذا المنطلق فإن كل ملحد هو لاديني ولكن ليس بالضرورة أن يكون اللاديني ملحداً بل تحمل اللادينية أطيافا متعددة لفهم الإلهية من الإنكار الكامل لها مروراً باللاأدرية أو عدم الاكتراث أصلاً بوجود إله وانتهاءً بإيمان خاص بوجود إله خارج إطار الدين وفق فهم محدود لعلاقته بالإنسان، ويدعى بالربوبية.
بعض اللادينيين يعتبرون السؤال الأزلي حول وجود الخالق سؤالاً غير مهم من الأساس ويرى علماء النفس هذه الظاهرة إما تعبيراً عن شك داخلي عميق بالمرحلة الانتقالية التي يمرون بها من الإيمان إلى الإلحاد أو هي محاولة من اللاوعي للتخلص من الجدل الداخلي العميق بالركون إلى تجنب التعمق في إيجاد جواب لهذا السؤال الأزلي الذي حسمه أهل الأيمان وأهل الإلحاد منذ قرون.[1]
هناك على الأغلب التباس بين مصطلح الإلحاد ومصطلحات أخرى مثل اللادين واللاأدرية ويرجع هذا الالتباس إلى تداخل هذه التيارات مع بعضها وعدم وجود حدود واضحة تميز تيارا معيناً عن الآخر ولكن هناك إجماع على إن اللاإدري يؤمن بإن استعمال دين أو فلسفة معينة لتأكيد أو نفي وجود الخالق مهمة مستحيلة وغير مثمرة ولاتضيف شيئا إلى السؤال الأزلي حول معنى الحياة وكلمة اللاأدري هي ترجمة لكلمة إنجليزية مشتقة بدورها من كلمة إغريقية (Agnosis) وتعني حرفياً عدم المعرفة.
أسباب اللادينية
أسباب الاعتقاد ببشرية مصدر الأديان قد تختلف باختلاف الأشخاص، لكن كثيرا ما يشير الكتّاب اللادينيون إلى الأمور التالية:
- عدم وجود دليل على إلهية مصدر أي دين وعدم حدوث معجزات برأيهم أو عدم إمكان التحقق من وقوعها، ويسخر كريستوفر هيتشنز من ذكر تحويل المسيح للماء إلى خمر كما في الكتاب المقدس المسيحي.[2] ويعتبر الكاتب الأمريكي ألبرت هوبارد أن المعجزة هي "حادثة يصفها من سمعها من أناس لم يروها".[3]
- تعارض بعض النصوص المقدسة للأديان مع العلم والمنطق وإعاقة التقدم العلمي وذلك برفض النظرية حتى تشتهر صحتها بين الناس أو يقتنع رجل الدين بثبوتها مثل معارضة فكرة دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس من قبل الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطى وبقي بعض علماء الإسلام متمسكاً بهذا الرأي حتى القرن العشرين منهم ابن العثيمين،[4] الذي ساق الأدلة على ذلك من القرآن والسنة حين سئل "هل الشمس تدور حول الأرض؟"،[5] وكذلك ابن باز حيث يقول:[6]
"القول بدوران الأرض اليومي والسنوي كله باطل، وذكرت من الأدلة النقلية والحسية وكلام أهل العلم من المفسرين وغيرهم من علماء الإسلام وعلماء الفلك ما يدل على سكون الأرض واستقرارها وعدم دورانها، وأن الشمس هي التي تجري حولها كما نظمها الله عز وجل لمصالح العباد ومنافعهم، ونقلت عن الإمام القرطبي أنه حكى في تفسيره عند قوله تعالى في سورة الرعد: {وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا} إن القول بسكون الأرض هو قول المسلمين وأهل الكتاب، وذكرت أن هذا معناه حكاية الإجماع، ونقلت عن العلامة عبد القادر بن طاهر البغدادي أنه حكى كذلك إجماع أهل السنة في كتابه (الفرق بين الفرق)".
ويقول بعض اللادينيين أن هنالك نصوصا تتعارض مع كروية الأرض في الكتاب المقدس.[7][8] وكذلك في القرآن[9] ومن ذلك معارضة نظرية التطور حتى اليوم.
- التعارض الداخلي بين النصوص المقدسة للدين الواحد ذاته.
- تشريع ما يخالف القاعدة الذهبية للأخلاق حيث لا يجوز بحسبها أن تعامل الناس كما تكره أن يعاملوك،[10] مثل سبي نساء مقاتلي العدو في الحروب وما يمتهن كرامة الإنسان كالعبودية في نصوص الأديان الإبراهيمية الثلاثة.
- وجود تشابه كبير بين بعض أساطير بلاد الرافدين ومصر القديمة والأساطير الإغريقية والرومانية وبين القصص الواردة في نصوص الأديان الإبراهيمية.
أنواع اللادينية
يمكن التمييز بين الرؤى اللادينية بتقسيمها إلى الأقسام التالية:
- اللاأدرية (Agnosticism): وتعني الاعتقاد ببشرية الأديان (أي الاعتقاد أنها من صنع الإنسان لا من عند إله) مع التوقف عن الجزم بوجود الإله أو عدمه لعدم كفاية الأدلة على ذلك.
- الربوبية (Deism): وتعني الاعتقاد ببشرية الأديان لكن مع الاعتقاد بوجود مسببٍ أول أو إله أو قوةٍ ما أوجدت أو ساعدت على وجود وتطور الكون أو الحياة أو كلاهما.
- الإلحاد أو اللاربوبية (Atheism): ويعني عدم الاعتقاد بوجود إله أو آلهة أو أي شيء خارج قوانين الطبيعة لعدم توفير الدليل العلمي أو الحسي أو التجريبي.
الفكر اللاديني والإلحادي في الدول العربية
لمصر والعراق ولبنان وسوريا وبعض دول المغرب العربي تاريخ عريق في مجال نشوء الفكر والحركات اللادينية والإلحادية. تعزز هذا الأمر مع تأثيرات المد الشيوعي في الدول العربية رغم مروره بفترات إضعاف كثيرة فيما بعد من قبل السلطات الحاكمة بالنسبة لباقي الدول العربية وتحديداً دول الخليج العربية، فإلى الآن لا يمكن تشخيص وجود حقيقي لهذه الحركات إلا من خلال الإنترنت وعلى نطاق شخصي ضيق ويمكن إرجاع ذلك إلى سياسات حكومات هذه الدول من منع وتجريم معتنقي هذا الفكر.
اللادينية وحرية الرأي
اللادينيون يدعون إلى حق الإنسان في التفكير واختيار مبادئه أو عقائده وقناعاته والتعبير عنها بحرية دون خوف من الملاحقة أو المحاكمة أو التخوين.[11]
هذا الدفاع يشمل جميع البشر بما فيهم المتدينون، ومثال ذلك هو دفاع الرابطة العالمية لللادينيين والملحدين (IBKA) عن حق المسلمين ببناء مسجد في مدينة كولن الألمانية أمام تصاعد الأصوات المعارضة لهذا البناء.[12]
كذلك وصف مجلس المسلمين السابقين (اللادينيين) لمقترح اليمين المتطرف بمنع بناء المآذن في سويسرا بأنه قرار رجعي يعمل على زيادة صدام الحضارات ويتنكر للمطالبة العالمية بحياة أفضل في القرن الحادي والعشرين مذكّرين بأن حركة التنوير لم تمنع بناء أبراج الكنائس لكي تنجح في جعل الدين أمرا شخصيا لا أكثر، مطالبين بفعل نفس الشيء مع الإسلام. ذلك مع استمرارهم في إدانة ما يدعونه انتهاك الإسلام السياسي لحقوق الإنسان كالتمييز مثلا ضد المرتدين والمفكرين الأحرار وتهديدهم بالقتل.[13]
الديموغرافيا
- مقالة مفصلة: اللادينية حسب البلد
نسبة عدم التدين في العالم
المراجع
- [WorldCat.org] - تصفح: نسخة محفوظة 29 سبتمبر 2007 على موقع واي باك مشين.
- New York Magazine, April 26, 2007
- Elbert Hubbard, The Philistine (1909)
- "binothaimeen.com - فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله". مؤرشف من الأصل في 29 أبريل 2015.
- "binothaimeen.com - فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله". مؤرشف من الأصل في 8 مايو 2015.
- عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود إلى الكواكب وعلى جريان الشمس والقمر وسكون الأرض، تحت "خلاصة لجميع ما تقدم"، الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الرياض - السعودية، 1402هـ 1982م
- The Flat-Earth Bible by Robert J. Schadewald (and other 'Flat Earth' Goodies) - تصفح: نسخة محفوظة 25 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.
- Does the Bible say the Earth if flat? - تصفح: نسخة محفوظة 09 أغسطس 2016 على موقع واي باك مشين.
- أثير العراقي - هل الأرض كروية في القرآن؟ - تصفح: نسخة محفوظة 07 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- "A Late Period Hieratic Wisdom Text: P. Brooklyn 47.218.135", Richard Jasnow, p. 95, University of Chicago Press, 1992
- ladeenyon.net - This website is for sale! - ladeenyon Resources and Information - تصفح: نسخة محفوظة 03 مايو 2015 على موقع واي باك مشين.
- Atheisten für Grundrecht auf Moscheebau | Internationaler Bund der Konfessionslosen und Atheisten e.V. (IBKA) - تصفح: نسخة محفوظة 25 أبريل 2018 على موقع واي باك مشين.
- Press Releases | Council of Ex-Muslims of Britain - تصفح: نسخة محفوظة 07 يوليو 2016 على موقع واي باك مشين.
- Dentsu Communication Institute Inc., Research Centre for Japan (2006)(باليابانية) نسخة محفوظة 14 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- "Gallup poll". مؤرشف من الأصل في 15 مارس 2020.
- "Albania". State.gov. 2006-09-15. مؤرشف من الأصل في 19 يناير 201204 فبراير 2011. US Department of State - International religious freedom report 2006
- L'Albanie en 2005 - تصفح: نسخة محفوظة 30 سبتمبر 2009 على موقع واي باك مشين.
- "Adherents.com". Adherents.com. مؤرشف من الأصل في 25 مايو 201704 فبراير 2011. Some publications
- "Adherents.com". Adherents.com. مؤرشف من الأصل في 3 أكتوبر 201804 فبراير 2011. Some publications
- Zuckerman, Phil. "Atheism: Contemporary Rates and Patterns", from the Cambridge Companion to Atheism, edited by Michael Martin, University of Cambridge Press, 2007نسخة محفوظة 17 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
- UK National Statistics Bureau (2011 census) - تصفح: نسخة محفوظة 27 نوفمبر 2012 على موقع واي باك مشين.
- إحصائيات نيوزيلندا (2006 census) نسخة محفوظة 11 يونيو 2009 على موقع واي باك مشين.
- "fowid - Forschungsgruppe Weltanschauungen in Deutschland: Home". Fowid.de. مؤرشف من الأصل في 12 أبريل 201912 سبتمبر 2011. German Worldview Research Group (2010)
- "2914.0.55.002 - 2006 Census of Population and Housing: Media Releases and Fact Sheets, 2006". Abs.gov.au. 2007-06-27. مؤرشف من الأصل في 30 سبتمبر 201804 فبراير 2011. Australian Statistics Bureau (2006 census)
- [1] Socialogical Research Centre (2005) نسخة محفوظة 18 يونيو 2009 على موقع واي باك مشين.
- "96F0030XIE2001015 - Religions in Canada". 2.statcan.ca. مؤرشف من الأصل في 10 سبتمبر 201804 فبراير 2011. Canada 2001 census
- US Religious Landscape Survey - تصفح: نسخة محفوظة 11 مايو 2015 على موقع واي باك مشين.
- "Table Of Statistics On Religion In The Americas". Prolades.com. مؤرشف من الأصل في 27 مارس 201904 فبراير 2011. Gallup-Argentina survey, April 2001
- [2] Güney Afrika 2001 census نسخة محفوظة 03 سبتمبر 2006 على موقع واي باك مشين.
- Principal Demographic Results 2006.pdf "Microsoft Word - PDR 2006.doc" ( كتاب إلكتروني PDF ). مؤرشف من الأصل ( كتاب إلكتروني PDF ) في 14 نوفمبر 201104 فبراير 2011. Central Statistics Bureau of Ireland 2006 census
وصلات خارجية
- هل الدين يختفي مثل أي وقت مضى، من بي بي سي المستقبل، ديسمبر 2014.