الرئيسيةعريقبحث

مجمع أفسس


☰ جدول المحتويات


مجمع أفسس هو أحد المجامع المسكونية السبعة وفق للكنيستين الرومانيّة والبيزنطيّة وأحد المجامع المسكونية الأربعة وفق الكنائس المشرقيّة السريانية والأرمنيّة والقبطية.[1][2][3]

مقدمة

بعد المجمع المسكوني الثاني ظهرت مسائل عقائدية جديدة، موضوعها هذه المرة ليس الثالوث القدوس في ذاته وانما الوحدة الشخصية بين ابن الله والإنسان يسوع المسيح. التوسع في بسط هذه الحقيقة كان يصير –في حينه- بطريقة مختلفة بين المدرسة الانطاكية التي كانت تشدّد على واقعيّة التجسد وتُميِّز، في صراعها مع الآريوسيين وأَتباع أبوليناريوس، بين الطبيعتين الإلهية والإنسانية، وبين مدرسة الإسكندرية التي كانت تختلف عن ذلك.

النسطورية

فتح نسطور بُعيد انتخابه بطريركا على القسطنطينية في العام 428، باب الجدال على مصراعيه حين ابى ان يُطْلق على العذراء مريم لقب " والدة الإله"، وكان هذا اللقب الكتابي والمستعمل حرفيا عند اوريجنس قد دخل في العبادة الشعبية. ولد نسطوريوس في مرعش في سوريا على الفرات، وترهّب في انطاكية، ودرس في مدرستها على ثيوذورس اسقف مصيصة الذي علّم ان " الله الكلمة اتخذ إنسانا كاملا من نفس عقلية ونفس إنسانية موجودة معها "، وكان يقول ب"تماسٍ" بسيط بين الطبيعتين. اعتنق نسطوريوس نظريات معلّمه وأيد كمال ناسوت المسيح، غير انه شدّد كثيرا على التمييز بين ناسوته ولاهوته معتبرا ان مريم ولدت طبيعة المسيح الإنسانية وليس طبيعته الإلهية، وقال بأن تسميتها ب"والدة الإله " تعني امرين اثنين: إما ان يسوع ليس إنسانا كاملا، وهذا ما كان يقوله أبوليناريوس, واما انه اله مخلوق، وهذا ما كان يقوله آريوس.

مقاومة النسطورية

تزعَّم مقاومة هذا التعليم على مستوى الكنيسة كيرلُّس رئيس اساقفة الإسكندرية. انطلق كيرلس في معارضته من وحدة شخص المسيح أكثر من انطلاقه من التمييز بين ناسوته ولاهوته معتبرا ان القول بطبيعتين كاملتين في المسيح لا يعني التمييز بينهما إلى حدّ الفصل والتفريق، لان الطبيعة الإنسانية فيه لم يكن لها كيان خاص اي لم تكن شخصا. ولذلك اراد ان يفرض على خصومه القبول بعبارة "الاتحاد الشخصي " في المسيح بين العنصرين الإلهي والإنساني.

لفظة شخص في أنطاكية

لفظة "شخص" بحسب المدرسة الانطاكية كانت تعني "الطبيعة", والمبدأ السائد في الفلسفة الانطاكية في الكنيسة الكبرى في أنطاكيا كان ان "كل طبيعة كاملة هي شخص". اعتبر نسطوريوس وأتباعه ان قولة كيرلس ان الإله أتحد في يسوع اتحادا شخصيا تعني انهما أصبحا طبيعة واحدة. فاتّهموا كيرلس بالسقوط في بدعة أبوليناريوس وخصوصا وان كيرلس كان يستعمل مؤلفات أبوليناريوس المزوَّرة وكأنها صحيحة، ويردد عبارتَهُ "طبيعة واحدة للإله الكلمة المتجسد" على أساس انها لاثناسيوس الكبير. رفض نسطوريوس تطبيق خصائص الطبيعتين على شخص واحد لانه يؤدي إلى القول بأن المسيح تألم ومات في الطبيعة الإلهية.

نظرة جديدة

يرى بعض مؤرخي اللاهوت اليوم أن افكار نسطوريوس لم تكن خاطئة، وان خلافه مع كيرلس هو خلاف لفظي، وان ما رفضه مجمع افسس في البدعة النسطورية ليس تعاليم نسطوريوس شخصيا، بل التفسير الذي اعطاه كيرلس لتلك التعاليم. من دون أن نهمل هذه النظرة نقول ان الأزمة النسطورية ارغمت الكنيسة على حسم النزاع وتوضيح ايمانها بوحدة الشخص في المسيح. ففي السنة ال 431 دعا الامبراطور ثيوذوسيوس الثاني إلى مجمع مسكوني عُقد في افسس، المدينة التي كانت تكرم العذراء مريم لدرجة العبادة، حضره مئتا أسقف أعلنوا جميعا موافقتهم على رسالة كيرلس التي بعثها إلى نسطوريوس، ومما جاء فيها: " اننا نعترف بأن الكلمة صار واحدا مع الجسد، إذ اتحد به اتحادا شخصيا. فنعبد الشخص الواحد الابن والرب يسوع المسيح. اننا لا نُفرق بين الله والإنسان ولا نفصل بينهما وكأنهما اتحدا الواحد بالآخر اتحاد كرامة وسلطة... ولا ندعو الكلمة المولود من الله مسيحا آخر غير المسيح المولود من امرأة. وانما نعترف بمسيح واحد هو الكلمة المولود من الآب وهو الذي اتّخذ جسداً. أعطى المجتمعون عبارة " والدة الإله"(ثيوطوكس) الأهمية ذاتها في عقيدة التجسد لعبارة " المساوي في الجوهر" في عقيدة الثالوث، وذلك لانها تحافظ على وحدة شخص المسيح، ووقّع حوالي ال187 اسقفا على قرار المجمع القاضي بتجريد نسطوريوس من "الكرامة الاسقفية ومن درجة الكهنوت". ثبَّت هذا المجمع أيضا الحكم على بعض الهرطقات التي دانتها بعض المجامع المكانية، مثل هرطقة بيلاجيوس ورفيقه كَلِستوس (حكم عليهما مجمع في قرطاجة) الذين اعادا خلاص الإنسان للإرادة والجهاد البشريين منكرَيْن دور النعمة الإلهية في هذا الخلاص، ومن ثم أصدر المجمع ثمانية قوانين.

رافقت مجمع افسس أحداث معقدة، وذلك ان الوفد الانطاكي المؤلف من 33 أسقفا والذي يرأسه يوحنا بطريرك انطاكية كان قد تأخر بضعة ايام عن موعد افتتاح المجمع، وكان المجمع قد أصدر حكمه بإدانة نسطوريوس. بادر الانطاكيون – فور وصولهم – إلى عقد مجمع خاص بهم مع بعض الاساقفة الآخرين وكان عددهم 150 اسقفا من كافة أنحاء سوريا واسيا الصغرى، فحكموا على كيرلس لكونه تصرف خلافا للشرع الكنسي، ورؤوا في أقواله ما رآه نسطوريوس سقوطا في ضلال أبوليناريوس. بيد أن موفدي رومية، الذين قَدِموا بعد الوفد الانطاكي أيضا بايام، كان موقفهم مختلفا، وذلك انهم وافقوا على ما جاء في وقائع الجلسة الأولى وثبّتوا الحكم على نسطوريوس، ومن ثم حَرَمَ المجمع يوحنا بطريرك انطاكية. إزاء هذا البلبال أُقفل المجمع، وأمر الإمبراطور بتوقف كيرلس ونسطوريوس معا، غير انه مال – تحت تأثير غغط الشعب والرهبان – إلى جهة المجمع، فقيل استقالة نسطوريوس وصرف كيرلس والاساقفة إلى كراسيهم.

عَمِل الانطاكيون المعتدلون وعلى رأسهم يوحنا على إعادة السلام بين الكنائس وخصوصا بين انطاكية والإسكندرية، فتوصلوا بعد حوالي السنتين إلى مصالحة نهائية على أساس نص اعتراف وضعه لاهوتيون من انطاكية والإسكندرية دُعي بقانون الوحدة، وجاء فيه:"اننا نعترف بأن يسوع المسيح ابن الله الوحيد هو إله تام وإنسان تام من نفس ناطقة وجسد، مولود من الآب بحسب اللاهوت وهو عينه مولود في الازمنة الأخيرة لاجلنا من العذراء مريم بحسب الناسوت.... إذ قام فيه اتحاد الطبيعتين.... وأن القديسة مريم بحسب هذا الاتحاد العادم الاختلاط هي والدة الإله, لأن الإله الكلمة تجسد وتأنس منها ومن بدء الحمل أَتْحَدَ ذاته بالهيكل الذي منها....".

دراسة مفصلة

مراجع

  1. Gibbon. The Decline and Fall of the Roman Empire. صفحة 115.
  2. "Saint Cyril of Alexandria and the Council of Ephesus". مؤرشف من الأصل في 26 يوليو 201525 سبتمبر 2011.
  3. Extracts from the Acts of the Council of Ephesus, The Epistle of Cyril to Nestorius - تصفح: نسخة محفوظة 10 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.


موسوعات ذات صلة :