الرئيسيةعريقبحث

مدارس الاستشراق الأوروبية


9- مستشرقون من دول أوروبية أخرى :

1- بول كراوسPaul Eliezer Kraus ء (1904م-1944م)

ولد سنة 1904م في براغ بتشيكوسلوفاكيا لأسرة يهودية، هاجر إلى فلسطين ليعيش في إحدى المستعمرات ودرس في مدرسة الدراسات الشرقية في الجامعة العبرية في القدس، ثم انتقل إلى برلين ليحصل من هناك على درجة الدكتوراه، اهتم بالتراث العلمي الإسلامي وكانت له دراسات حول جابر بن حياّن والبيروني والرازي، أسهم مع ماسنيون في دراسة الحلاج، كما كان له دراسة مستقلة حول تاريخ الإلحاد في الإسلام ترجمت إلى العربية ونشرها الدكتور عبد الرحمن بدوي، مات منتحراً.

2- هنري لامانس Henry Lammens

ولد في مدينة خنت في بلجيكا في 1/7/1862م، تعلم في الكلية اليسوعية في بيروت وبدأ حياة الرهبنة فيها، يقول عنه عبد الرحمن بدوي، بلجيكي وراهب يسوعي شديد التعصب ضد الإسلام، يفتقر افتقاراً تاماً إلى النـزاهة في البحث والأمانة في نقل النصوص وفهمها، ويعد نموذجاً سيئاً للباحثين في الإسلام من بين المستشرقين، عمل معلماً في الكلية اليسوعية في بيروت حيث درّس التاريخ والجغرافيا، ثم أصبح أستاذاً للتاريخ الإسلامي في معهد الدروس الشرقية في الكلية نفسها.

تولى رئاسة تحرير مجلة الشرق، وتولى كذلك إدارة مجلة تنصيرية أخرى هي البشير. له كتابات حول السيرة النبوية وحول الخلفاء الراشدين والدولة الأموية.[1]

3- بوهلF. Buhl ء (1850م-1932م)

ولد في كوبنهاغن بالدنمارك، درس اللاهوت وتعلم العربية، درس بجامعتي فينا وليبزيج 1876م-1978م، زار العديد من البلاد العربية والإسلامية منها مصر وفلسطين وسوريا ولبنان وتركيا، نال الدكتوراه في النحو العربي وتاريخ اللغة، عمل أستاذاً "للعهد القديم" بجامعة كوبنهاغن، من آثاره كتابه عن الرسول r، وترجم معاني بعض أجزاء من القرآن الكريم إلى اللغة الدنماركية. الاستشراق والحديث

:


صوّب المستشرقون سهامهم أو سهام بحوثهم ونقدهم تجاه السنّة النبوية المطهرة يطعنون فيها وفي حجيتها وفي جهود العلماء المسلمين من سلف هذه الأمة في حفظها وتدوينها وقد تولى كبر الطعن في السنة الشريفة بعض كبار المستشرقين من أمثال المستشرق اليهودي المجري اجناز جولدزيهر ويوسف شخت وجيمس روبسون وغيرهم.


تدوين السنّة

من أبرز الطعون في هذا المجال أن اختار المستشرقون الوقوف إلى جانب الرأي القائل بأن السنة لم تلقَ أي تدوين، واحتجوا لذلك بوجود بعض الأحاديث التي تسمح بكتابة الحديث بينما يعارض بعضها الكتابة، وقد وصل العلماء المسلمون إلى أن المنع عن الكتابة كان في أوائل الدعوة الإسلامية حتى لا تختلط السنة بالقرآن الكريم، وأن السماح بالكتابة هو الأغلب وقد وجد من الصحابة الكرام من قام بالكتابة، ووجدت عدة صحف تحتوي على عدد كبير من الأحاديث.

وأضاف المستشرقون سبباً آخر لفقدان الحديث أو وقوع الوضع فيه أو التزييف كما يقولون هو الصراعات السياسية بين فئات المجتمع بحيث لجأت بعض الفرق -وهم يزعمون أن كل الفرق فعلت هذا- إلى الوضع في الحديث، كما إن تطور الظروف الاجتماعية ودخول ثقافات أخرى إلى حياة المسلمين كالتأثر بالفرس والرومان والثقافة اليونانية والنصرانية واليهودية أدى إلى دخول كثير من الأفكار الدخيلة إلى الحديث النبوي الشريف.

وزعم المستشرقون أيضا أن الوضع في الحديث قد تأثر بتطور الحياة واحتياج المسلمين إلى تشريعات تواجه هذه التطورات فلجأوا إلى الوضع، ويزعمون أن الحديث الشريف لم يكن له حجية كاملة في بداية الدولة الإسلامية حيث اكتفى المسلمون بالقرآن الكريم، ولكن هذه التطورات جعلتهم يلجأون للحديث الشريف، فإن لم يجدوا رواية لحديث في المجال الذي يريدون قاموا بوضع الحديث. وقد أضاف بعض المستشرقين أن الوضع يكون أحياناً لأهداف شخصية.

ويمكن الرد على مزاعم المستشرقين من جهتين:

1- بيان جهود العلماء المسلمين لحفظ حديث الرسول.

#NAME?

أما جهود علماء الحديث في المحافظة على حديث رسول الله فمبسوطة في كتب علم الحديث، ويكفي أن نذكر أسماء العلوم التي وضعها علماء هذه الأمة الخاصة بالحديث الشريف ومنها علم مصطلح الحديث، وعلم الرجال، وعلم الجرح والتعديل، وعلم مشكل الحديث، وأسباب ورود الحديث، والناسخ والمنسوخ في الحديث الشريف وغيرها. فهذه العلوم بما تحويه مكتباتنا من مجلدات ضخمة فيها تدل دلالة واضحة على الجهود العجيبة التي بذلها المسلمون للمحافظة على الحديث الشريف.

أما مسألة الحفظ هذه المدة الطويلة فقد أوتي العرب ملكة الحفظ حيث كانوا يحفظون آلاف الأبيات من الشعر، ويحفظون الأنساب، ويحفظون أيام العرب وتواريخهم، وهذه الملكة تقوى مع الاستخدام والتدريب، ولمّا كانت العرب في الغالب أمة أمية فقد لجأوا إلى الحفظ، وقد أثبت التاريخ هذا الأمر في مجال الحديث بصفة خاصة وحتى يومنا هذا، فكم عدد النصارى الذين يحفظون كتابهم "المقدس" في مقابل الأعداد الغفيرة من المسلمين الذين يحفظون القرآن الكريم وكتب الحديث النبوي الشريف.

أما في الماضي فقد كان عالم الحديث الذي ينال لقب "حافظ" وكانوا كُثراً، فكان يحفظ آلاف الأحاديث بأسانيدها، ولو رجعنا إلى الاختبارات التي دخلها بعض علماء الحديث في مسألة الحفظ لذهلنا من هذه القدرة العجيبة، فقد قرأ على الإمام البخاري رحمه الله تعالى مئة حديث مقلوبة الأسانيد فأعاد كل حديث إلى سنده، وقد روي أن الإمام أحمد بن حنبل كان يجعل ابنه يحفظ الأحاديث الموضوعة أولاً ثم يقول له هذه موضوعة فابدأ الآن بحفظ الأحاديث الصحيحة.

وبالإضافة إلى هذه القدرة العجيبة في الحفظ فثمة مسألة أخرى وهي تمسك المسلمين بدينهم وحبهم لحديث رسول الله . والدليل على ذلك أن كثيراً من علماء الحديث أنفقوا أعمارهم في دراسة الحديث والرحلة في طلب الحديث، وقد اعترف بعض المستشرقين بهذه الجهود، وكيف لا يحرص المسلمون على حديث رسول الله وهو الأصل الثاني من أصول الشريعة الإسلامية،والحديث هو حديث نبيهم وحبيبهم

وأما ما يدعوه أن مسألة تطور الحياة الاجتماعية في الدولة الإسلامية مما أدى إلى الحاجة للحديث فبدأ المسلمون في البحث عن التشريعات في القرآن الكريم فإن لم يجدوا بحثوا عن الحديث فإن لم يجدوا حديثاً وضعوه فهذا والله منتهى السخف من المستشرقين، فقد كان الحديث موجوداً دائماً، والترتيب في البحث عن أدلة الأحكام إنما هو بترتيب أهمية هذه الأدلة، ولو لم يكن الحديث موجوداً لما عرفنا الحديث الذي يقول (عليكم بكتاب الله وسنتي، لا يزيغ عنهما إلاّ هالك) وفي حديث آخر (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ).

ومن افتراءات المستشرقين على الحديث الشريف زعمهم أن علماء الحديث اهتموا بالسند أكثر من اهتمامهم بمتن الحديث، وأضافوا أنه من السهل على أي شخص أن يأتي بالسند الذي يرغب ويضيف له ما يشاء من كلام.

ويقول ساسي سالم الحاج في الرد على هذه الفرية "يبدو للباحث منذ الوهلة الأولى اهتمامهم بسند الحديث أكثر من اهتمامهم بمتنه، ولكن الحقيقة عكس ذلك، فهم عندما قسّموا الأحاديث إلى صحيحة وحسنة فإنهم في الحقيقة تناولوا السند والمتن معاً أو السند دون المتن أو المتن دون السند وعند حديث العلماء عن الحديث المعلل فإنهم لم ينفوا تعليل المتن، فقالوا "لايطلق الحكم بصحة حديث ما لجواز أن يكون فيه علة في متنه، وقد جاءوا بشواهد كثيرة على ذلك"

المستشرقون والفقه :

درس المستشرقون الفقه الإسلامي بهدف معرفة حياة المسلمين معرفة عميقة لأن الفقه يحكم حياة المسلم ويوجهها في أدق تفصيلاتها، وفي كل لحظة من حياته منذ الولادة أو حتى قبلها وإلى ما بعد موته.

وقد ظهر باحثون مسلمون بحثوا في كتابات المستشرقين وأوضحوا ما فيها من الأخطاء المنجية وأخطاء التشويه المتعمد أو سوء الفهم، ومن هؤلاء الدكتور عبد الحميد متولي الذي أعد بحثا أو أكثر يرد على بعض افتراءات المستشرقين ومنها بحثه المعنون "الشريعة الإسلامية وموقف علماء المستشرقين"، وفيما يأتي أقدم أبرز النقاط التي ذكرها في هذا البحث.

لقد ركز الدكتور عبد الحميد على موقفين هامين من مواقف النقد أو الاتهام إزاء الشريعة الإسلامية وهما:

1- اتهام الشريعة الإسلامية بالجمود، أي عدم مراعاة مقتضيات ظروف البيئة أو (الصالح العام) أو "المصلحة".

2- تأثر الشريعة الإسلامية بالقانون الروماني.

وقد أوضح الدكتور عبد الحميد بالأدلة المقنعة بُعد الشريعة الإسلامية عن الجمود، وأكد أنها أبعد الشرائع عن الجمود وأكثرها مرونة وقابلية للملاءمة، وإن كان ثمة جمود أو نقص في المرونة فهو أمر يمكن أن يُوصف به بعض العلماء المسلمين، ويقول "واتهام الشريعة بأخطاء فريق من رجالها، واتهام الدين بأخطاء فريق من رجاله، تلك سنّة عرفت منذ سنين عن علماء المستشرقين".

ويواصل الدكتور عبد الحميد في الرد مفصلاً على هاتين الفريتين موضحاً كيف أن القرآن الكريم جاءت آيات الأحكام فيه عامة أو بصورة كلية دون العناية بالجزئيات. وذكر بعض الآيات التي توضح أبرز ما يدعو إلى المرونة ومنها قوله تعالى )وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين(َء[1] وقوله تعالى )وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ(ء[2]، وقوله تعالى )يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ(ء[3]، وبالإضافة إلى هذا فإن تاريخ التشريع الإسلامي يوضح حقيقة المرونة العظيمة في التشريع الإسلامي، ولا شك أن ثمة بعض الثوابت التي لا يمكن أن يتجاوزها فقيه أو مسلم، ولكن المتغيرات كثيرة.

أما بالنسبة للفرية الثانية بتأثر الفقه بالقانون الروماني فيرد عليها الدكتور عبد الحميد من عدة نواحي:


الاستشراق والسيرة النبوية :

يبدأ تاريخ الأمة الإسلامية بالسيرة النبوية الشريفة، فهي أول تطبيق عملي للدين الإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقاً وسلوكاً، ولا بد للمسلمين أن يعتنوا بسيرة نبيهم الكريم r. وهم قد فعلوا ذلك فلم تكتب سيرة نبي مرسل ولا ملك ولا عظيم قوم كما كتبت سيرة المصطفى r، فمعظم أحداثها تجدها في كتب الحديث الشريف الذي نال من عناية العلماء ما لم تعرفه أمة من الأمم قبل الأمة الإسلامية ولا بعدها، وبالإضافة إلى ذلك فإن كتاب الله عز وجل قد أورد كثيراً من وقائع السيرة النبوية بالتفصيل وأضاف إلى ذلك بعض اللمحات عن الحالة النفسية للرسول r مما لا يمكن لأحد علمه إلاّ سبحانه الذي يعلم السر وأخفى.

ولما بدأ النصارى الاهتمام بالإسلام كان من أول ما فعلوه بعد ترجمة معاني القرآن الكريم الكتابة في سيرة الرسول r، فظهرت الكثير من الكتابات، وكانت في البداية غاية في الوقاحة وسوء الأدب مما نكف قلمنا عن الكتابة فيها. وقد جاء من المستشرقين المعاصرين من انتقد أسلافهم في ذلك، ومن هؤلاء المستشرق ريتشارد سوذرنRichard Southern في كتابه (صورة الإسلام في العصور الوسطى) وكذلك كتاب نورمان دانيال Norman Daniel (الإسلام والغرب).

وقد تناولت كتابة المستشرقين سيرة الرسول r من ثلاثة محاور:

1- شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وأخلاقه.

2- أحداث السيرة في العهد المكي والعهد المدني.

3- تفسير أحداث السيرة.

وفي هذه المحاور الثلاثة تعددت الأخطاء المنهجية في الكتابات الاستشراقية، وقد تناول كثير من العلماء المسلمين المعاصرين الكتابات الاستشراقية بالنقد والتفنيد. ويمكن إجمال الأخطاء الاستشراقية فيما يأتي: التشكيك في أحداث السيرة النبوية دونما دليل أو لمواقف سابقة فينطلق المستشرق بحثاً عن أي أثر من دليل ولو كان ضعيفاً أو موضوعاً ليؤيده مع عدم الاهتمام بما أثبته علماء الحديث المسلمون من أحداث. أما الخطأ الثاني فهو محاولة تفسير أحداث السيرة وفقا لأهوائهم أو لمواقف سلبية مسبقة. والخطأ الثالث النفي الكيفي لأحداث السيرة دونما دليل أو برهان.

ومن الأسماء المشهورة في عالم الاستشراق جوستاف فيل الذي كتب (محمد r وحياته) سنة 1843م، والمستشرق اليوس سبرنجر سنة 1861م، وتيودر نولدكه المستشرق الألماني الذي تخصص في دراسة القرآن الكريم فقد زعم أن الرسول r "كانت تنتابه نوبات عنيفة من الانفعال جعلته يظن انه تحت تأثير إلهي ويظن أنه يتلقى وحيا."[1] والمستشرق اليهودي صموئيل مرجليوت في كتابه (محمد r وظهور الإسلام) والمستشرق وليام ميور والمستشرق ماكدونالد والمستشرق هاملتون جيب في كتابه (المحمدية) الذي أعاد طبعه بعنوان (الإسلام)، والمستشرق مونتجمري وات في كتبه "محمدr في مكة" و"محمد r في المدينة" و"محمد r رجل الدولة". وفيليب حتّي اللبناني زاعما أن المسلمين كتبوا سيرة الرسول r كما يرغبون أن تظهر هذه السيرة وليس كما هي في الحقيقة والواقع "وخلعوا على مؤسس ديانتهم وباني مجدهم كثيراً من التبجيل والتعظيم، ووضعوا لذلك أحاديث ونحلوه أفعالاً ليس له."[2]

ولابد من ذكر المستشرق البلجيكي المتعصب جداً هنري لامانس فقد أنفق حياته للطعن في سيرة الرسول r وكان حجة لغيره من المستشرقين في أنهم يجعلوه هدفاً لنقدهم فيقولون "انظروا ما فعل لامانس نحن لم نقل مثله ولا ربعه 000 ". وقد كتب عنه المستشرق الفرنسي الشيوعي مكسيم رودنسون قائلا "وقد كان هنري لامانس ممتلئا بالاحتقار الرهيب للإسلام ولمجده ‘الزائف‘ ولرسوله ‘الفاسق الداعر‘ ولعرب الصحراء الذين كانوا في تقديره جبناء متبجحين نهبة مخربين."[3]

الاستشراق والتاريخ الإسلامي :

وكما درس المستشرقون السيرة النبوية فقد كتبوا حول التاريخ الإسلامي في جميع عصوره حتى الوقت الحاضر، وقد خصوا عصر الخلافة الراشدة بكثير من افتراءاتهم لأنهم رأوا إذا كان طعنهم في السيرة غير كاف فليكن طعنهم في شخصيات هؤلاء الصحابة الكرام، وفي ظنهم أنهم إذا شككوا في هؤلاء الذين نقلوا الإسلام إلينا فإنهم بزعمهم يهدمون هذا الدين.

وزعم بعض المستشرقين أنه ما أن لحق الرسول عليه الصلاة والسلام بالرفيق الأعلى حتى تآمر ثلاثة من الصحابة على اقتسام السلطة وتوارثها، وقد كتب هذا المستشرق توماس آرنولد المشهور عند كثير من المسلمين باعتداله في كتابه (الخلافة) ونسبه إلى المستشرق الإيطالي كايتياني ووصفه بأنه من أعظم المؤرخين المعاصرين. وعندما تحدث هؤلاء المتعصبون عن الفتوحات الإسلامية حاولوا تفسيرها انطلاقا من تاريخهم الأوروبي ونظرتهم المادية للأمور، فقد كانت الفتوحات في نظرهم بحثاً عن الغنائم والمكاسب المادية، كما وصفها مستشرق آخر بأنها كانت آخر موجات الهجرة من جزيرة العرب التي عرفت مثل هذه الهجرات في السابق حينما تضيق مواردها.

ولا يكلف المستشرق نفسه البحث في حقيقة دوافع المسلمين في الفتوحات الإسلامية وهي نشر رسالة الإسلام التي تدعو إلى تحرير البشر من العبودية للإمبراطوريات السابقة بل من كل أنواع العبوديات، وفتح الطريق أمام دعوة الله عز وجل. وقد أثبتت الفتوحات نفسها مدى بعد الغالبية العظمى من الجيش الإسلامي عن الطمع في الغنائم، وهذا جندي ينقل كنوز كسرى إلى المدينة المنورة فيسلمها كما هي فيتعجب عمر بن الخطاب t من أمانته، فيقول علي بن أبي طالب t "عففت فعفت الرعية، ولو رتعت لرتعوا" وكان جنود المسلمين "رهباناً بالليل فرساناً بالنهار" كما وصفهم أحد جنود الأعداء.

وقد شكك المستشرقون في الجانب الإيماني الغيبي في الفتوحات فزعموا أن الدولتين الفارسية والرومانية كانتا على درجة كبيرة من الضعف وان جيش المسلمين كان يملك من القوة والعتاد ما يماثل جيوش هاتين الدولتين، بالإضافة إلى معرفة العرب بالصحراء ودروبها، وكم هو جاهل هذا المستشرق الذي لم تقنعه كل الروايات التاريخية عن عدد جنود الجيشين الرومي والفارسي وقدرتهما العسكرية، أما المعرفة بالصحراء فما يقول في معركة القادسية في قلب فارس، أو معركة الجسر أو معركة اليرموك، فمن كان يعرف البلاد أكثر، وهل هذه الأنهار تجري في الصحارى؟

فهمي الحاج طالب دكتوراه جامعة عدن

[المكتبة الشخصية للباحث الطبعة الاولي 2012

[1]


موسوعات ذات صلة :

  1. ادوراد سعيد