تارودانت هي مدينة مغربية وعاصمة إقليم تارودانت بجهة سوس ماسة في جنوب المغرب، وهي واحدة من أقدم وأعرق المدن المغربية، إذ كانت مدينة عامرة منذ أقدم العصور، ولعبت أدوارا تاريخية هامة في تاريخ سوس والمغرب، سواء خلال مرحلة ما قبل الإسلام، أو خلال مختلف مراحل تاريخ المغرب الإسلامي.
تارودانت | |
---|---|
- جماعة حضرية - | |
صورة لسور مدينة تارودانت
| |
شعار | |
تقسيم إداري | |
البلد | المغرب[1] |
الجهة | جهة سوس ماسة |
الإقليم | إقليم تارودانت |
خصائص جغرافية | |
المساحة | 42 كم² |
الارتفاع | 240 متر |
السكان | |
التعداد السكاني | 79,553 نسمة (إحصاء 2014) |
الكثافة السكانية | 1,737 نسمة\كم² |
• عدد الأسر | 18,788 |
معلومات أخرى | |
التوقيت | ت ع م±00:00 (توقيت قياسي)[2]، وت ع م+01:00 (توقيت صيفي)[2] |
الرمز البريدي | 83000 |
الرمز الهاتفي | (212+) |
الموقع الرسمي | taroudannt.ma |
الرمز الجغرافي | 2529649 |
التسمية
لا يوجد أي أصل حقيقي لتسمية "تارودانت"، يوجد كم زاخر من الافتراضات والاحتمالات يستعصي معها معرفة الأصل الحقيقي لهذه التسمية، وهي عبارة عن روايات شفهية تناقلتها رواية القدماء الذين زاروا المدينة، ومن ضمن الروايات: رواية مشهورة في التراث الروداني مفادها أن المدينة تعرضت لفيضان في وقت مضى فتسبب في خرابها وهلاك أغلب سكانها، وهنا يحكى ان امرأة فقدت أبنائها وبفعل حزنها صاحت باللغة الأمازيغية (تاروا، دانت)، ومعناها بالعربية (الأبناء، ذهبوا) ومع توالي السنين أصبحت المدينة معروفة بهذا النعت وبكثرة الاستعمال إندمجت الكلمتين تاروا ودانت في كلمة واحدة فأصبحت تارودانت، ما يدعم هده الرواية نجد المدينة محاصرة بين وادي سوس ووادي الواعر، مما جعلها أكثر عرضة لفياضانات متتالية في العصور القديمة حيث كان المناخ رطبا، فترسخت الرواية في الذاكرة الشعبية نظرا لترددها عبر الأجيال، وقد ورد في بعض المصادر الأخرى أن تأسيس مدينة تارودانت تم على يد عناصر من الشام، فسميت برودانة بنت الشام، وهي رواية مشهورة عديمة السند بالمعنى الذي وردت به، ولعل رواجها حديث العهد وبالتالي فهذه الرواية لا تعدو أن تكون مجاراة لعادات المؤرخين المشارقة القدماء في تشبيههم للمناطق والمدن التي زاروها بالمغرب والأندلس بمناطق شامية مشرقية لوجه شبه بسيط. وهناك تفسير يعتمد على معطى الموقع المتميز للمدينة وسط سهل خصب دائم الاخضرار تُغذيه أودية هامة وعلى البعد اللغوي للتسمية نجد لفظ تارودانت آت بمعنيين مختلفين ( تار) وتعني: عديم أو عديمة، والمعنى الآخر (دانت) بمعنى: ذهبوا. من جهة أخرى، هناك من يرى أن تارودانت اسم محرف عن لفظة (تاغودانت)، وهو نوع من التين باللغة الامازيغية "لهجة تاريفيت" ويسمى بلهجة "تاشلحيت" (تالغودانت)، وهنا يتحقق ما يسمى بالإبدال فيصبح حرف الغين راءاً أو العكس، وهناك ما يؤكد ذالك مثلا "اداوزداغ" وهي تعني أهل المنطقة السفلى توجد في الأطلس الكبير وتحولت لتصبح "اداوزدار". وكما يزعم أن تارودانت قد تكون لها صلة بما يسمى بالمنطقة بالأمازيغة "دار وادان" والتي تعني الحاجز، وبما أن المدينة محاطة بالسور أطلق عليها اسم تارودانت، وهي مؤنث لـ "دار ودان" لإسم السور، وبالتالي فان اسم تارودانت قد يكون له معنى المدينة المسورة. ومن خلال ما سبق يتبين أن تارودانت هو الاسم القديم الذي عرفت به المدينة مند ظهرت أخبارها في كتب التاريخ، ورغم كثرة الاجتهادات لتفسير دلالة هذا الاسم، فقد ظل يكتنفه الغموض، ويفتقر إلى كثير من البحوث ويمكننا في الأخير ترجيح ما جاء به الاستاذ عمر افا في كتابه "مسألة النقود": من أن الكلمة الأمازيغية أصلها (أرودان) بمعنى المرتفع وقد عرب هذا الاسم فورد على القطع النقدية التي سكت بالمدينة خلال القرن 19م - ق13ه، بإسم (رودانة).
التاريخ
رغم وجود الاختلاف بين الباحثين في تاريخ تأسيس تارودانت، فإن نوعا من الإجماع حاصل حول كون المدينة من تأسيس أمراء قبائل شتوكة وجزولة، وهي الرواية التي أوردها أبو القاسم الَّزياني، ولاقت إستحساناً وقبولاً من طرف الباحثين المتخصصين في تاريخ المدينة نظراً لما يدعمها من قرائن تاريخية، وهكذا ظلت تارودانت لقرون عديدة قبل وصول كتائب الفتح الإسلامي، عاصمة لأمراء هشتوكة وجزولة، ومحورا يستقطب النشاط السياسي والتجاري للقبائل السوسية. يوجد في سياق حديث المؤرخين ما يفيد أن تارودانت كانت مركزا لقيادات محلية تتزعم قبائل سوس، ولذلك فإن دخول قادة الفتح إلى المدينة كان يعني إذعان البربر والسيطرة على بلادهم، ولكن هذا الغموض يبدأ في الزوال نسبيا مع وصول طلائع الفتح الإسلامي، حيث أن الإسلام وصل إلى تارودانت على يد عقبة بن نافع الفهري أثناء ولايته الثانية سنة 62هـ، حيث إنتهى إلى تارودانت وهزم جموع البربر، ثم دخلها بعده موسى بن نصير أثناء ولايته (86-89هـ). وعندما تولى عبيد الله بن الحبحاب أمر المغرب (114هـ) عين ابنه إسماعيل على سوس وأنزله في تارودانت واتخذها دار إقامته، من خلال أخبار الفتح الإسلامي لسوس تتأكد مكانة تارودانت كعاصمة للإقليم ومتجمعا لقبائله، ومستقرا لولاته، وبذلك تستمر في لعب دورها كمركز إداري وكمحور مستقطب لمختلف الأنشطة بهذا الإقليم. لكن من كل تلك الأخبار يتأكد كذلك سوء معاملة قادة الفتح وولاتهم للقبائل الأمازيغية، حيث أمعنوا في سبي النساء، وفرض المغارم، والجور في الأموال. وكان ذلك سببا في انضمام تارودانت إلى ثورة الخوارج التي تزعمها ميسرة المطغري سنة (121هـ/739م). وفي أخبار هذه الثورة تتأكد من جديد المكانة الإستراتيجية لمدينة تارودانت، وأهميتها في السيطرة على سوس والتحكم في قبائله. حيث بمجرد أن نجح الثوار في السيطرة على طنجة والقضاء على عامل الأمويين بها عمر بن عبيد الله المرادي، تمت مبايعة عبد الأعلى بن جريح، الذي سارع إلى الزحف على سوس بجيوش الثوار الخوارج فدخل تارودانت وقتل عامل السوس إسماعيل بن عبيد الله بن الحبحاب. وقد انحسر نفوذ الخلافة الإسلامية بالمشرق عن سوس وعن عاصمته تارودانت منذ هذا التاريخ بصفة نهائية. مع هذه الأحداث ستدخل أخبار تارودانت في دوامة من الغموض والاضطراب، وبصفة خاصة بعد أن دخلت تحت نفوذ البرغواطيين على يد أميرهم إلياس بن صالح ( 128-176هـ). فقد جرت عادة المؤرخين الرسميين على النفور من الحديث عن أهل المذاهب الثورية، والمعارضة للدولة التي يعيشون في كنفها، فلا تدخل عندهم حيز التاريخ إلا اضطراراً مع ما يلحق أخبارها عندهم من بتر وتشويه.
في عهد الأدارسة
اهتم المولى إدريس الثاني منذ توليه بتوسيع حدود الدولة التي ورثها عن أبيه، في محاولة للسيطرة على أهم محاور التجارة العابرة للصحراء واستقطابها نحو عاصمته فاس. وفي هذا الإطار وجه حملاته العسكرية جنوبا نحو بلاد المصامدة منذ سنة 197هـ فافتتحها. هكذا دخلت تارودانت في نفوذ الأدارسة، وقد استمرت ضمنه في عهد محمد بن إدريس الذي عين أخاه عبد الله بن إدريس على جبال المصامدة والسوس الأقصى، وجعل مقره بمدينة أغمات. ظلت تارودانت خلال هذا العهد تابعة من الناحية الإدارية لأغمات، ففقدت بذلك مكانتها كعاصمة جهوية ومقرا للولاة، لكن هذا الوضع لم يفقد المدينة أهميتها الاقتصادية حيث كانت تتحكم في محاور تجارة الذهب التي تربط المغرب بإفريقيا جنوب الصحراء. ولعل هذه المكانة المتميزة هي التي تفسر لنا اهتمام البرغواطيين باستعادة نفوذهم على تارودانت بعد أن أمضت ما يزيد عن قرن من الزمان تحت النفوذ الإدريسي. عادت تارودانت إذن من جديد إلى المذهب الخارجي في ظل حكم البرغواطيين مع نهاية القرن الثالث الهجري، واستمرت على ذلك إلى منتصف القرن الرابع حيث إنتشر بها المذهب الشيعي بدعم ومباركة من الفاطميين. وسرعان ما تحولت المدينة إلى جزيرة للشيعة الروافض البجلية، وسط محيط من القبائل السوسية السنية. وهو ما يفسر اضطراب أخبار المدينة منذ هذا التاريخ، حيث طغى العداء المذهبي على مواقف وروايات المؤرخين ليضيع علينا فرصة رصد تفاصيل وتطورات فترة جد هامة من تاريخ هذه المدينة.[3]
في عهد المرابطين
ظلت القبائل السوسية تحت تأثير فقهاء جزولة السنيين، وعلى رأسهم الشيخ وجاج بن زللو اللمطي، تعمل بكل الوسائل على حصار أعدائها المذهبيين من الشيعة البجليين بتارودانت. لذا ما إن نجح عبد الله بن ياسين الجزولي (تلميذ الفقيه وجاج بن زللو) في جمع قبائل صنهاجة في إطار الحركة المرابطية، حتى توجه صحبة حليفه أبي بكر بن عمر اللمتوني نحو تافيلالت فأخضعاها، ومنها توجها إلى سوس حيث كان فقهاؤه يستعجلونهما للقضاء على شيعة تارودانت، فتم لهم ذلك سنة 448هـ/ 1056م. هكذا عادت تارودانت تحت النفوذ المرابطي إلى مذهب أهل السنة، وعرفت استقرارا سياسيا وازدهارا اقتصاديا ونهضة عمرانية. وأصبحت مركزا إداريا يتحكم بواسطتها المرابطون في شؤون سهل سوس وجبال درن، وقد عين عليها يوسف بن تاشفين إبنه تميم واليا.استأنفت المدينة منذ هذا التاريخ دورها كنقطة التقاء للطرق التجارية الآتية من جنوب الصحراء، وهو ما جعلها تستقطب عناصر بشرية متنوعة الأصول (أندلسيين، أفارقة زنوج)، وتشهد رواجا تجاريا وحرفيا هاما. فنالت في عهد يوسف بن تاشفين وعهد ابنه علي بن يوسف عناية خاصة، حيث اهتما بتحصينها واستصلاح أراضيها الفلاحية، وإلى هذا العهد يرجع سور المدينة القديم الذي ورد ذكره عند ابن الزيات. وقد تأكدت الأهمية الإستراتيجية لتارودانت خلال هذا العصر كذلك، حيث أصبحت قاعدة عسكرية متقدمة لمراقبة قبائل المصامدة بالأطلس الكبير، وبها كانت تستقر القوات المرابطية التي كانت تخرج لمحاربة أنصار ابن تومرت عند بداية أمر دولة الموحدين.
في عهد الموحدين
عاشت تارودانت أواخر عصر المرابطين جوا مشحونا بالصراعات، فبعد وفاة ابن تومرت استمر خلفه عبد المومن بن علي الكومي في توجيه حملاته العسكرية لاستنزاف القوات المرابطية بسوس. وبعد أربع سنوات نجحت عساكر الموحدين في دخول تارودانت سنة 528هـ، ثم ما لبثوا أن انسحبوا منها بعد أن غنموا وسبوا. وقد عاد عبد المومن ليقتحمها بصفة نهائية سنة 535هـ/ 1140م، وباستسلامها انقادت كل قبائل السوس للموحدين بعد أن قضوا على ما تبقى من فلول القوات المرابطية بالحصون والقلاع المحيطة بتارودانت، وخاصة حصن (تين واينان). بعد أن تمكن عبد المومن من إرساء دعائم دولته والقضاء على مناوئيه من الثوار والمطالبين، قام برحلة إلى سوس لتفقد الأحوال وتهدئة النفوس سنة 550هـ. ومن خلال أخبار هذه الرحلة تأكدت من جديد أهمية تارودانت كقاعدة تاريخية ومتجمع للقبائل السوسية، حيث اختارها عبد المومن للقاء الوفود المهنئة، واستقبال شيوخ القبائل فوجا بعد فوج.وعرفت تارودانت بعد هذا التاريخ استقرارا سياسيا ورخاء وازدهارا، واستعادت دورها كعاصمة إدارية لسوس حيث اتخذها الموحدون دارا لولاتهم، ومستقرا لعساكرهم التي تراقب الإقليم. وقد جرت عادتهم على تعيين ولاتها من ضمن أمرائهم أو كبار رجالاتهم المخلصين، وذلك منذ أن عين عليها عبد المومن بن علي ابنه عبد الرحمن بن اللمطية سنة 548هـ. وكان من الطبيعي أن تنتعش تجارة تارودانت بعد تمهيد السبل وتأمين الطرق، وازدهرت بها الزراعات المختلفة والحرف المتنوعة، فاشتهرت بوفرة منتوجاتها ورخص أسعارها وقصدها التجار من الآفاق. وقد تركت المدينة خلال هذه الفترة أثرا بالغا في نفوس زوارها من الرحالة والمؤرخين، خاصة الشريف الإدريسي، وابن عذاري. ولا يستبعد الأستاذ أحمد بزيد أن تكون تارودانت قد عرفت في عهد الموحدين عناية كبيرة بحركة العمران، على ما هو عليه دأب الموحدين في باقي مناطق المغرب. لكن مظاهر هذه العناية قد تكون طمست أثناء ثورة علي بن يدر الزكندري ( 651هـ/ 1253م) والذي خرب المدينة، وأزال أسوارها، واستأصل معالمها، وهدم دورها. وقد استمر عبث ابن يدر وأنصاره بالمنطقة وأهلها إلى حدود (665هـ/1266م)، عندما دخل الخليفة الموحدي الواثق تارودانت وحاصر ابن يدر في حصن تين واينان، ثم تراجع عنه بعد إعلان الثائر خضوعه. لكنه سيعود من جديد إلى الاستئثار بتارودانت بعد مقتل الواثق ودخول المرينيين مراكش سنة (668هـ/ 1269م).
في عهد المرينيين والوطاسيين
تمكن المرينيون من دخول تارودانت سنة 668هـ، ونجحوا في القضاء على الثائر ابن يدر، لكنهم لم يفلحوا في القضاء على ثورته. وقد ظلت سلطتهم بسوس، منذ هذا التاريخ وإلى حدود وفاة السلطان المريني أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق سنة 685هـ، بين أخذ ورد. حيث كان عليهم أن يبعثوا، بين الفينة والأخرى، حملات عسكرية لإستتباب الأمن بهذا الإقليم، الذي لم تنطفئ به شرارة ثورة بني يدر بتارودانت، ولا فترت به عزائم عرب المعقل الذين بسطوا نفوذهم على الأراضي والسكان وتحكموا في المسالك والطرق. وفي هذا الإطار تندرج حملات 671هـ، 673هـ، 681هـ و683هـ. وبعد فترة صمت طويلة تطالعنا المصادر من جديد سنة 742هـ بمحاولات السلطان أبي الحسن تقليم شوكة عرب المعقل، وإستعادة نفوذ الدولة بسوس وعاصمته تارودانت. وهو الأمر الذي سيتكرر في عهده سنة 751هـ، وفي عهد ابنه أبي عنان سنة 756هـ، هذا الأخير الذي سيضمن تبعية تارودانت إلى حين وفاته سنة 759هـ، لينحسر نفوذ آله بني مرين عن المنطقة بصفة نهائية. ظلت تارودانت طيلة هذا العصر، بالرغم من إضطراب أوضاعها السياسية، محتفظة بزعامتها للقطر السوسي على كل المستويات السياسية والإدارية والإقتصادية. فقد إتخذها بنو مرين، أثناء فترات نفوذهم، مركزاً لإقامة نائب السلطان في هذا الإقليم، وحين يعود آل بني يدر إلى الظهور يتخذونها دار ملكهم، ولا شك فقد عرفت المدينة خلال هذا العصر تجاذب عوامل الهدم والبناء مما أثر على وضعها العمراني، فقد إهتم بنو مرين بتعميرها وبنوا بها قصبة سلطانية، بينما عاث فيها الثائر ابن يدر وخرب معالمها. لم يحالف الحظ بني وطاس ليبسطوا نفوذهم نحو سوس، بل إن سلطتهم كانت تتقلص أحيانا لتقتصر على ضواحي مدينة فاس. وهكذا ظلت تارودانت منذ نهاية المرينيين مستقلة عن أية سلطة مركزية، لكنها عانت كثيرا من الخضوع لنفوذ القبائل العربية التي بسطت سيطرتها على السهول، وفرضت على سكان المدينة خراجا كثيرا مقابل تأمين الطرق التجارية. وإذا كان من الصعب علينا أن نرسم صورة مفصلة عن الأوضاع الحضارية العامة بالمدينة خلال هذه الفترة الغامضة، بسبب إضطراب الأوضاع العامة بالمنطقة وبالمغرب كافة، وكذا بسبب غياب المصادر المتنوعة، فإنه يمكننا مع ذلك كله أن نجزم بإستمرار تارودانت في لعب دورها الإشعاعي كمركز حضاري وإقتصادي هام رغم ما تعرضت له معالمها من خراب. فإبن خلدون يحدثنا عن إنتشار زراعة قصب السكر، بينما يشير ليون الإفريقي إلى كثرة الصناع بالمدينة التي وصفها بالمدينة العظيمة، بينما وصف سكانها بأنهم أكثر تحضرا. كما يمكننا الإستدلال على هذا الطرح بنجاح المدينة في التأقلم مع وضعية الاستقلال التي عاشتها قرابة قرنين من الزمن، فقد نجح سكانها في إقامة نظام سياسي خاص بهم بلغ درجة عالية من التطور والرقي، ترك لنا الوزَّان بعض معالمه عندما زار المدينة في مطلع القرن (10هـ/ 16م)، حيث قال: «"تخضع تارودانت لحكم الأعيان ويتداول أربعة منهم مجتمعين السلطة لمدة لا تزيد عن ستة أشهر. وأهل تارودانت أناس مسالمون لا يسيئون إلى جيرانهم"». وبالرغم من محاولات التأقلم هذه، فإن المدينة لم تسلم من آثار أزمة التجارة القافلية، المترتبة عن الحصار الذي ضربه الإيبيريون على السواحل الأطلنتية المغربية، منذ إحتلال البرتغاليين مدينة سبتة سنة:(818هـ/ 1415م). فقد وقعت المنافذ التجارية البحرية السوسية بدورها تحت النفوذ البرتغالي، وهو ما أقنع قبائل سوس بالتجنيد للجهاد تحت راية الشرفاء السعديين الذين تمت مبايعتهم لهذا الغرض. ولم تكد تمضي على هذه البيعة التي تمت سنة (916هـ/ 1510م)، إلا بضع سنوات حتى بايع أهل تارودانت السعديين ودخلوا في طاعتهم سنة (920هـ/ 1515م)، لتدخل معهم تارودانت أبهى وأزهى عصور إزدهارها ورقيها، فأمست أحد الأقطاب الثلاثة التي طبعت الحضارة المغربية في كل مستوياتها خلال العصر الحديث، وهذه المراكز هي: تارودانت، مراكش، وفاس.
في عهد السعديين
بدخول تارودانت في بيعة السعديين (920هـ / 1515م) ستدخل عصرها الذهبي، حيث سرعان ما أصبحت أولى عواصمهم، قبل إنتقالهم إلى مراكش (930هـ/ 1524م). وقد قام الأمير محمد الشيخ منذ هذا التاريخ بتحصين المدينة، وجدد معالمها، وزودها بعدد من المباني الفخمة، فأصبحت من حينها تنسب إليه، وعرفت خلال هذا العصر بإسم المحمدية. وعلى عكس ما جرت عليه عادة المؤرخين من قبل، فإن اسم وأخبار المحمدية ستتردد كثيرا في مؤلفات هذا العصر. وهو أمر يعكس بجلاء مدى أهمية الأدوار التي أصبحت تضطلع بها المحمدية خلال عصر الشرفاء السعديين من جهة، ومدى إرتباط السعديين وعنايتهم الكبيرة بأولى عواصمهم ومنبت دولتهم. تعددت أدوار تارودانت أيام السعديين، وإحتلت مكان الريادة بين نظيراتها من مدن المغرب العتيقة على عدد كبير من المستويات. فقد إتخذها السعديون عاصمة في بداية دولتهم، وقاعدة محصنة لإستجماع قواتهم، وإمكانيات القبائل المبايعة لهم، قصد مواجهة الإحتلال الإيبيري لسواحل سوس والمغرب عامة. وعرفت الحياة الإقتصادية بالمدينة إنتعاشا لم يسبق له نظير، فقد إهتم السعديون بالسيطرة على طرق التجارة الصحراوية ومراقبتها، عبر تحويلها نحو توات، تافيلالت، وبصفة خاصة نحو تارودانت. حيث أصبحت هذه الأخيرة أهم المراكز المتحكمة في طرق التجارة القافلية، فقصدها التجار المسلمون والأوربيون، وخاصة منهم الإنجليز، وإشتهرت ببضائعها المتنوعة كالأواني النحاسية، والأنسجة الصوفية، والمصنوعات الجلدية، وبصفة خاصة السكر الذي لم يكن بإمكان القصر الإنجليزي الإستغناء عنه. كان رواج التجارة عاملا ساعد على إزدهار الصناعات الحرفية المختلفة، ومن أشهرها صناعة النسيج التي كانت تنتج الأنسجة الصوفية والحريرية، والصناعات المعدنية المختلفة والتي إشتهرت منها على الخصوص صناعة الأواني النحاسية والبرونزية. وتعتبر صناعة السكر أهم وأشهر الصناعات التي عرفتها تارودانت، والمغرب عامة خلال هذا العصر، وقد تركزت أهم معاملها على مشارف المدينة بمنطقتي أولاد مسعود وتازمورت، وقد أشار تقرير مؤرخ بـ 25 أكتوبر 1598 وهو تقرير لأحد الجواسيس الإنجليز الذين زاروا المدينة، إلى أن السلطان أحمد المنصور الذهبي كان يجني من وراء هذه الصناعة أزيد من 800.000 مثقال في السنة. لقد إنعكس الرخاء الإقتصادي على الأوضاع العمرانية للمدينة، وجاء لينضاف إلى تلك العناية الخاصة التي أولاها السعديون إياها، فشهدت حركة تعمير واسعة النطاق وتوافر لها من البنايات الفخمة، والمنشآت الضخمة، ما جعلها تفوق العواصم التقليدية الأخرى فاس ومراكش رونقا وبهاء. بل ونافستهما على مستوى إزدهار الحركة العلمية والثقافية، فسرعان ما تحول الجامع الكبير إلى إحدى أهم جامعات المغرب في هذا العصر وقدم إليه الطلبة من مختلف الآفاق، كما إنتصب للتدريس فيه ثلة من كبار علماء المغرب خلال القرن 16م ومنهم: سعيد بن علي الهوزالي، عبد الرحمن بن عمرو البعقيلي، عيسى بن عبد الرحمن السكتاني، عبد الرحمن بن محمد بن الوقاد التلمساني، يحيى بن عبد الله الحاحي، وقائمة أساتذة هذا الجامع أحق بأن يخصص لها مصنف خاص في عدة مجلدات. وبعد أن كان القرن 10هـ/16م قد حمل في طياته معالم الازدهار والرخاء، فإن تارودانت ستشهد مع مطلع القرن الموالي إحدى أكبر نكباتها، فقد ضرب المغرب طاعون جارف كان السلطان أحمد المنصور الذهبي نفسه أحد ضحاياه سنة (1012هـ/ 1603م). وكان وقع هذا الطاعون وخيما في تارودانت، حيث لم يزل يضرب المدينة سنة بعد أخرى مدة 12 عاما، حتى عم فيها الخراب وهجرها جل سكانها. وقد كان هذا الطاعون أحد الأسباب التي ساهمت في تفكك المخزن السعدي، حيث سرعان ما إنهار ذلك الصرح العظيم الذي بناه أحمد المنصور الذهبي، وتقاتل أبناؤه على العرش، فإنقسم المغرب إلى مملكتي فاس ومراكش. وظلت تارودانت تحتفظ بمكانة متميزة داخل مملكة مراكش، فإليها كان السلطان زيدان بن المنصور يلجأ، وبها يحتمي، وفيها يستجمع قواه كلما داهمه خطر أو هدده منافس، إلى أن إنتهى حكم الشرفاء السعديين لتدخل المدينة من جديد مرحلة من الاستقلال. ظلت تارودانت وفية لبيعة السلطان زيدان بن المنصور، بل ظلت ملاذه وملجأه كلما ألم به خطر أو هدده منافس، فبتارودانت إستجمع قواه يوم عاد خائبا من عند أتراك الجزائر سنة 1604م، وإليها تراجع بعد هزيمته أمام قوات ابن أخيه عبد الله بن المأمون بمراكش سنة 1607م، وفيها إستأمن على نسائه وعياله وكل ثروته، يوم أخرجه الثائر ابن أبي محلى من عرشه بالقصر البديع بمراكش (1022هـ/ 1613م). بل إن سكان تارودانت والقبائل المحيطة بهم هم الذين تجندوا وراء الشيخ أبي زكريا يحيى الحاحي يوم هزم الثائر المذكور بمعركة جليز، وأرجع زيدان إلى عرشه 1613م. غير أن إخلال زيدان بشروط اتفاقه مع الشيخ يحيى الحاحي، والذي على أساسه هب لنصرته، جعل هذا الأخير يخلع بيعته ويخرج من طاعته، فأعلن نفسه أميرا على تارودانت وما يحيط بها. وهكذا تأسست إمارة الحاحيين بتارودانت فيما بين (1023_1039هـ/ 1613- 1629م)، وقد ظل مؤسسها يحيى بن عبد الله يحاول توسيع نفوذه، على حساب زيدان بمراكش وأبي حسون السملالي (المعروف بإسم بودميعة) بإليغ، إلى أن توفي سنة (1035هـ/ 1626م)، بعدما عرفت الإمارة في عهده الإستقرار والرخاء، وحركة علمية نشيطة. ولا عجب فيحيى هذا فقيه محدث، وعالم مشارك، وقطب صوفي مشهود له ولآله بالولاية، هب للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسعى إلى إجراء الأمور على منهجها الشرعي، وفق ما تمليه عليه مكانته العلمية، وطبقا لما يقتضيه واجب العلماء تجاه الأمة. ظل أبو حسون السملالي (أمير إليغ) يتحين الفرص للسيطرة على تارودانت، لكن قوة ورباطة جأش الشيخ يحيى قامت دائما حائلا بينه وبين مراده هذا. وهكذا كان عليه أن ينتظر وفاة يحيى ليخلو له الجو ويحقق مبتغاه، فقد دخلت تارودانت تحت سيطرته منذ (1039هـ/ 1629م)، وعانى سكانها كثيرا من جور واعتساف ولاته وخلفائه، إلى أن قضى المولى الرشيد العلوي على إمارتهم عندما شتت جموعهم وهدم عاصمتهم إليغ سنة (1081هـ/ 1670م). وكان قبل ذلك قد دخل تارودانت في نفس السنة وأخضعها، لتدخل منذ ذلك التاريخ تحت نفوذ الدولة العلوية.[4]
في ظل الدولة العلوية
منذ دخولها تحت طاعة العلويين إتخذها هؤلاء قاعدة لسوس، وداراً ومستقراً لخليفة السلطان عليه. ولم يكن يتولى هذا المنصب إلا أفراد الأسرة العلوية من إخوة وأبناء السلاطين. ونظراً لما كانت تُوفره المدينة من موارد إقتصادية مهمة تجارية، فلاحية، وحرفية، وكذا نظراً لموقعها الإستراتيجي وسط سهل سوس المحصن بسلسلتي الأطلسين الكبير والصغير، فإن هذا الوضع غالبا ما كان يغري هؤلاء بالاستقلال عن نفوذ الدولة المركزية والدعوة لأنفسهم. ففي سنة ( 1096هـ/ 1685م) بلغ السلطان المولى إسماعيل أن أخاه المولى الحران، وابن أخيه المولى أحمد بن محرز دخلا قصبة تارودانت وإستحوذا على إقليم سوس الغني. فزحف السلطان بجيشه إليهما وحاصر المدينة إلى أن قضى على هذه الثورة بعد حروب طاحنة، ودمار شامل سنة (1098هـ/1687م). تولى المولى محمد العالم أمر تارودانت نيابة عن أبيه المولى إسماعيل، وقد عادت المدينة في عهده إلى ما كانت عليه من الإستقرار، ونشطت بها كراسي العلم وحلقات الأدب، وتحول مجلس هذا الأمير إلى ناد أدبي إنعقدت فيه المناظرات بين شعراء المدينة ومن كان يفد عليهم من شعراء العاصمة مكناس وفاس وغيرها من كبريات حواضر المغرب. لكن هذا الأمير مافتئ بدوره أن ثار على أبيه ودعا لنفسه سنة (1114هـ/ 1702م)، فبعث المولى إسماعيل ولده المولى زيدان لحصار أخيه بتارودانت إلى أن تمكن من إقتحامها (سنة 1116هـ) بعد 3 سنوات من الحروب، وقد لحقت بعلماء المدينة وأعيانها محنة كبيرة من جراء إلتفافهم حول الأمير العالم وتأييده. وقد عين المولى إسماعيل إبنه المولى عبد الملك على المدينة سنة (1134هـ/ 1721م) واستمر بها إلى ما بعد وفاة والده، حين عزل عبيد البخاري أخاه أحمد الذهبي، وبايعوه وهو على ولاية تارودانت سنة (1141هـ / 1728م). وقد استمرت أوضاع المدينة مضطربة بإضطراب أوضاع المغرب بعد وفاة المولى إسماعيل إلى أن دخلها المولى محمد بن عبد الله (1169هـ / 1756م) عندما غزا سوس، وجعلها مقرا للحامية. فعرفت المدينة في عهده إستقرارا، وعين عليها من يثق بهم من آل بيته، ومنهم إبنه المولى عبد السلام سنة (1199هـ/ 1785م). ظلت تارودانت خلال هذا العهد كذلك مستقرا للقواد والباشوات المخزنيين المعينين على سوس، لكنها مع ذالك فقدت الكثير من أدوارها ومن رونقها بفعل ما شهدته من حروب وصراعات حادة، خاصة خلال القرنين 17 و 18م، وهو ما كان سببا في إنهيار الأسس التي إنبنى عليها رخاؤها الإقتصادي، ومنها بصفة خاصة صناعة السكر. كما أن تحول الطرق التجارية، وإستقطاب الأوروبيين لتجارة السودان نحو المراكز التي أقاموها بسواحل إفريقيا الغربية عند إستعمارها، ساهم في توقف القوافل التجارية التي كانت ترد نحو تارودانت. منذ هذا التاريخ ظلت ثروة تارودانت منحصرة في نشاطها الفلاحي، والذي بدأ يتركز تدريجيا حول شجرة الزيتون، حيث أصبحت تشكل عصب ثروة سكان المدينة. وإلى جانب إنتاج زيت الزيتون والمتاجرة فيها، لم يفقد حرفيو المدينة خبراتهم الصناعية الضاربة في القدم، وخاصة في مجال صناعة النسيج والجلود، رغم المنافسة الحادة التي بدأت تعرفها هذه الصناعات من جراء تدفق المنتجات الصناعية الأوروبية. ومن حسن الحظ أن حفظ العلامة محمد المختار السوسي، في رحلته الرابعة من موسوعته "خلال جزولة"، قائمة بأسماء القواد المخزنيين الذين تعاقبوا على حكم المدينة إلى حين سقوطها تحت نفوذ سلطات الحماية الفرنسية. ومن ضمن هؤلاء القائد محمد بن يحيا أغناج والذي بقي بالمدينة إلى حدود (1236هـ/ 1821م)، ثم القائد حمّاد بومهدي الهواري والذي إمتد نفوذه بسوس من تارودانت وأكادير إلى سكتانة وواد نون، وقد استمر في الحكم إلى أن سجنه المخزن فيما بعد سنة (1264م/ 1848م). ثم توالى على المدينة بعد هذا التاريخ سلسلة من القواد كان أشهرهم الباشا محمد بن بوشتا ابن البغدادي، الذي إشتهر فيما بعد بفاس، والباشا حمو الشهير، الذي أزاحه عن مكناس إليها الصدر الأعظم أحمد بن موسى، وكانت وفاته بها سنة (1318هـ/ 1900م). وقد ثار بها الباشا الكَابَّا على نفوذ حيدة بن ميس، واستمر في حكمها إلى أن قتل، بعد إستيلاء أحمد الهيبة على تارودانت. ثم ما لبثت المدينة أن عادت إلى نفوذ آل حيدة الموالين للفرنسيين، بعد إنهزام أحمد الهيبة أمام قوات الفرنسيين، التي يتقدمها التهامي الكلاوي سنة (1331هـ/ 1913م).
سنوات الحماية الفرنسية
أمضت المدينة سنوات عصيبة تحت نفوذ ضباط الشؤون الأهلية الفرنسيين، الذين كانوا يمثلون سلطات الحماية الفرنسية. وقد تبلور في أوساط شباب تارودانت منذ الأربعينات وعي سياسي مرهف، على يد وطنيين من أمثال القاضي سيدي رشيد المصلوت، جعلهم ينخرطون في صفوف حزب الاستقلال. ومع بداية الخمسينيات دخلت الحركة الوطنية بالمدينة منعطفا حاسما، حيث تبنت خيار المقاومة المسلحة على يد قادة شبان وطنيين من ضمنهم مولاي عبد الحفيظ الواثر، سي محمد بن إبراهيم برهان الدين، الحاج حسن اللودعي، مولاي رشيد السملالي، وقد إنخرط جل هؤلاء في الحياة السياسية لما بعد الاستقلال، وناضلوا من أجل بناء المؤسسات الديمقراطية الحرة، وقدموا من أجل ذلك تضحيات جسام ساهمت في تعبيد الطريق التي ولج منها المغرب عهد التحول الديمقراطي الذي يعيشه في وقتنا الراهن.
في سنة 1959، وضع الملك محمد الخامس الحجر الأساس لمعهد التعليم الأصيل.
في سنة 1981، عمد المغفور له الملك الحسن الثاني في إطار سياسة تقريب الإدارة من المواطنين إلى إعادة الاعتبار لتارودانت كقاعدة متميزة لسوس، وذلك عندما أصدر أمراً بجعل هده الحاضرة عاصمة لإقليم تارودانت، وذلك بمقتضى الظهير الملكي رقم 2-81-854 المؤرخ في 2 صفر 1402 الموافق 18 دجنبر 1981. وأن من شأن هدا القرار، أن يحقق للمدينة وللإقليم تنمية شاملة في جميع المجالات وأن يعمل بالتالي على إيجاد فرص قادرة للدفع بتارودانت قدما إلى الأمام حتى تتمكن من مواصلة دورها الإشعاعي .
في سنة 2006، زار الملك محمد السادس تارودانت ودشن بها المركب الاجتماعي ودار الفتاة بحي المحايطة، وعاد لزيارة المدينة في سنة 2009 ودشن بها مشروع إنقاذ الحوامض بحوض سبت الكردان، وفي سنة 2011 زار الملك المدينة من جديد وإطلع على برنامج التجميع لسلسلتي الحوامض والحليب ومشروع تطوير إنتاج اللحوم الحمراء بجهة سوس ماسة. وفي سنة 2015 زارت زوجة الملك الأميرة للا سلمى المدينة لتدشين المركز المرجعي للصحة الإنجابية والرصد المبكر لسرطان الثدي وعنق الرحم.[5]
المعالم التاريخية
السور
يعتبر سور مدينة تارودانت أقدم سور تاريخي في المغرب وثالث أعظم سور أثري في العالم بعد سور الصين العظيم وسور كومبالغار بالهند، يبلغ طول السور 7,5 كلم، وهو مبني بالتراب المدكوك المخلوط بالجير، وهو ما يعطي للسور صلابته، وقد بني على شاكلة الأسوار المغربية الأندلسية الوسيطية. فهو عبارة عن جدار من الطابية يدعمه 130 برجا مستطيلا و9 حصون تتخلل السور خمسة أبواب أصلية هي باب القصبة وباب الزركان وباب تارغونت وباب أولاد بونونة وباب الخميس، كما تتخل السور أبواب أخرى جديدة تم فتحها لتسهيل حركة المرور وهي باب أكفاي، باب تافلاكت، باب البلاليع، باب السلسلة، باب الحجر، باب بنيارة. وكحماية لهذا الثراث المعماري التاريخي فقد قامت السلطات المحلية بإعادة الاعتبار لسور المدينة وذلك من خلال عدة ترميمات. يتكون السور من ثلاثة جدران متراكبة، كل جدار كان يؤدي دورا مختلفا، الجدار الأول هو جدار دفاعي يصل علوه إلى سبعة أمتار، ويتراوح سمكه ما بين ثمانين وتسعين سنتيمترا، يليه مباشرة جدار ثان يتراوح سمكه ما بين مترين وثلاثة أمتار يسمى ممر الحراسة، وكان ممرا تتجول فيه كتائب الحراسة ليراقبوا ما يحدث خارج السور، أما الجدار الثالث وهو أكثر سمكا وأقل ارتفاعا يرتفع إلى نصف ممر الحراسة، ويصل اتساعه إلى ثلاثة أمتار يسمى ممر الدورية، كانت تمر منه دوريات من الخيالة يراقبون الحراس ومدى يقظتهم واستعدادهم.
إن التفكير في تسوير مدينة تارودانت قديم جدا، حيث أنه يعود إلى عهد المرابطين، فقد وردت في ترجمة أبي محمد صالح بن واندالوس (سيدي وسيدي) المتوفى عام 592 هجرية إشارة إلى وجود “سورة” تحيط بالمدينة يرجع أنها كانت في سياسة التطويق العسكري التي نهجها المرابطون مع قبائل الأطلس الكبير والصغير، إلا أن المؤكد تاريخيا هو أن الأسوار الحالية تعود إلى صدر القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي (10هـ 16م) حيث اتخذت تارودانت منطلقا للدولة السعدية ولجيوشها المجاهدة ضد محتلي السواحل المغربية من إسبان وبرتغال. فقد قام السلطان محمد الشيخ السعدي بتجديد المدينة وتوسيع عمرانها وأحاطها بالسور القائم حاليا سنة 935هـ والذي يتخذ شكل مخمس يبلغ طوله (7.250م) تقريبا وعرضه بين (1.50م) وأربعة أمتار، خاصة عند الأبراج في حين يبلغ ارتفاعه (10) عشرة أمتار في بعض الجهات، تتخلله شرفات وأبراج مربعة بارزة على هيئة قلاع صغيرة مقدمة بينما تمتد القصبة السلطانية على مساحة تقدر ب : (50.000 متر) وتوجد بالمنطقة الشمالية الشرقية للمدينة، وقد أدى انعدام الحجارة بالمنطقة إلى استعمال كمية كبيرة من الجير وخلطه بالتراب المدكوك المستعمل عادة في بنايات المنطقة، ونظرا لان محمد الشيخ لم يكن ليأمن من قبائل الأعراب المحيطة بالمحمدية (تارودانت حاليا)، فقد استعمل كميات كبيرة من الحصى في تدعيم أساس أسوارها، ويخبرنا التمانارتي أنه: “في سنة تسع وثلاثين وألف حاصر بغاة من العرب والبرابر مدينة تارودانت … وحضروا لها أسرابا تحت أسوارها فوجدوا قاعدة أساسه الحصى لا تنال منه الفؤوس شيئا لوثاقته فقنطوا. وقد كان هذا السور بحق مؤسسة عسكرية تبرز الدقة والقوة في التقدير والمنطق الحربي السليم. ومنذ ذلك التاريخ يعد سور المدينة الحالي معلمة تاريخية وحضارية، ومظهرا من مظاهر عظمة المغرب السعدي. وعبر عن ذلك أحد القواد الفرنسيين في وصفه للسور بكونه يشبه في لونه لون الأسد.[6]
الأبواب
تتكون الأبواب الأصلية التي بُنيت مع سور تارودانت من 5 أبواب وهي باب السلسلة، باب الزركان، باب تارغونت، باب أولاد بنونة، باب الخميس. لكن بعد عصرنة المدينة وتشييد الطرق المعبدة وزيادة حركة السيارات تم إفتتاح أبواب جديدة لتسهيل حركة التنقل في المدينة، وهذه الأبواب التي تم إفتتاحها هي باب البلاليع، باب بنيارة، باب أكافاي، باب بيزمارن، باب الحجر.
- باب السلسلة: وهو مدخل المدينة الرسمي والباب السلطاني منذ عهد الدولة السعدية حيث كان يدخل منه السلاطين والفيالق العسكرية والمواكب الرسمية لقربه من القصبة. وقد أنشأ بجواره درج لتمكين السياح من الصعود إلى فوق السور لأخد صور تذكارية.
- باب الزركان: أخد إسمه من "إيزكان" بمعنى الطواحين التي تنصب على السواقي لطحن الحبوب، وقصب السكر منذ عهود قديمة.
- باب تارغونت: وكان يسمى قديما باب الغزو، وهو الباب الذي كان يخرج منه الجيش في حملاته العسكرية.
- باب أولاد بونونة: اسم هذا الباب ينسب إلى عائلات أندلسية إنتقلت إلى تارودانت، ومنها أولاد بنونة الأسرة الأندلسية القادمة إلى منطقة سوس في القرن 16م، فأصبح إسمها يطلق على هذا الباب.
- باب الخميس: أخذ إسمه من السوق الأسبوعي الذي كان ينعقد يوم الخميس أمام هذا الباب.
بنيت الأبواب بالأجور الأحمر وتتميز بتصميمها المتميز والذي وضع أصلا للاستجابة إلى دورين أساسيين وهما:
الدور العسكري: ويتجلى في حماية المدينة من كل هجوم مفاجئ، ومراقبة زوارها مراقبة دقيقة وهو ما يُفسر تعدد الأبواب داخل بناية الباب الواحد (باب القصبة، باب الزركان، باب تارغونت، باب السلسلة، بابين لكل منها)، وبينما تشكل الرحبات (الساحات) المتواجدة بينهما مجالا لتحرك الجيش، وتفتيش الزوار الغرباء، وساحة لمواجهة بعض المهاجمين الذين قد يتمكنون من إجتياز الباب الأمامي وتعطيلهم على إغلاق الباب الخلفي، وعلى جنبات كل مدخل أمامي نجد أقواسا تحصر فراغات مرتفعة بحوالي 80 سم عن الأرض، مغطاة يستقر بها الحراس يتناولون طعامهم بل ويطبخون أحيانا وهو ما خلف غلافا سميكا من الدخان في سقفها. وقد كان يتم إغلاق الأبواب خلال الليل بعد صلاة المغرب، ويتم فتحها في الصباح بعد صلاة الفجر بواسطة أبواب سميكة غلف بعضها بصفائح من الحديد حتى يتمكن من الصمود في وجه النيران.
الدور الجبائي: في فترات السلم كانت المدينة تتحول إلى قبلة للتجار الوافدين سواء من القبائل السوسية، حيث كانت عاصمة سوس ومتجمع قبائله أو من المدن البعيدة كمراكش وفاس والسودان، وكانت هندسة الأبواب التي ترغم القوافل على المرور ببابين متواليين تمكن من ضبط مستخلص الجبايات كما كانت الرحبات تتحول إلى مستودعات لتجميع البضائع والمواد التي تدفع كضرائب عينية لتعشير التجارة الداخلة نحو المدينة.
القصبة
تعتبر من المآثر التاريخية المهمة بالمدينة، والتي تدخل في إطار المشروع العسكري لحماية المدينة أثناء العهد السعدي، فقد بنيت بدورها في القرن 16 م، بناها محمد الشيخ السعدي، وكان بها القصر السلطاني والثكنة العسكرية للمدينة أوما إصطلح على تسميته “بالقشلة” في الفترة المخزنية كما إحتوت القصبة مسجدا، وسجنا خاصا بأسرى الغزوات والعدو البرتغالي آنذاك وكذلك المتمردين والمحاصرين، ودار العشور.
دار البارود
عبارة عن قصر قديم، يعود تاريخ بناءه إلى نهاية القرن التاسع عشر، حيث بني في عهد السعديين وهو ذات طابع عسكري وسمي بهذا الاسم لوجود مكان لتخزين السلاح به، دار البارود حالياً مغلقة وممنوع الدخول إليها، ويطالب سكان تارودانت من السلطات المختصة بفتحها في وجه العموم وإقامة متحف بها، لكن هذا الأمر لم يحدث، نظراً لكون دار البارود في ملك الخواص وليست في ملك الدولة.
معامل السكر
كان قصب السكر أهم ثروة تجارية إشتهرت بها منطقة تارودانت خلال العصور الوسطي «"قصب السكر الذي ليس على قرار الأرض مثله طولا وعرضا وحلاوة وكثرة ماء"» هكذا وصفه الشريف الإدريسي في منتصف القرن السادس هجري، ثم تواتر هذا الوصف كذالك طيلة العهود الموالية، وقد شجع على العناية بهذه الزراعة إقبال التجار من كل الآفاق على شراء السكر السوسي الذي طبقت شهرته الأقطار المغربية والمشرقية وأوروبا وإفريقيا، حتى إعتقد الناس أن هذا السكر من خصوصيات جو المنطقة ومياهها، فعندما أمر أحمد المنصور الذهبي بإنشاء مشاريع جديدة لإنتاج السكر خارج المنطقة وحاول العديد من مستشاريه إقناعه بأن ذالك لا يتأتى إلا في أرض سوس. وقد كانت معامل السكر عبارة عن مركبات ضخمة للصناعة تمتد كل واحدة منها على مساحات شاسعة وتستعمل الطاقة المائية لإدارة أرحيتها الحجرية الضخمة بدلاً من الطاقة البشرية والحيوانية، وتضم معمل الطحن والعصر وأفران الطبخ والتكرير وإلى جانبها معامل الخزف الطيني الذي تتخذ منه القوارير الهرمية المخروطية التي يفرغ فيها السكر لتشكيله وإخراجه في قوالب لا تختلف عن قالب السكر المخروطي المعروف حالياً إلا في تعدد أحجامها، وقد شبه الفشتالي معاصر السكر في تارودانت بأهرام مصر يتقاصر عن تشييدها أولو القوة من عاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد. وتوجد بقايا وأطلال هذه المعامل إلى يومنا هذا بضواحي تارودانت في أولاد مسعود وفي تازمورت وإيميز. بعد الطاعون الذي إجتاح سوس وعدداً من مناطق المغرب في مطلع القرن الحادي عشر هجري، تقلص عدد السكان وتدهور الوضع الفلاحي، وهجر العمال الحقول والمعامل وتلاشت التجهيزات وإنقرض العمل بها، وإنقطع الأمل في إصلاحها وإحيائها وصادف ذالك بداية تدفق منتجات العالم الجديد على الأسواق الأوروبية وخاصة السكر الأمريكي الذي نافس السكر المغربي وقضى عليه.[7]
المناخ
مناخ مدينة تارودانت قاري مع إنخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء وإرتفاعها في فصل الصيف والتي تتجاوز أحيانا 40 درجة مئوية، ويبلغ معدل التساقطات المطرية السنوي بين 200 و400 ملمتر.
النقل والمواصلات
النقل الطرقي
تمر بتارودانت الطريق الوطنية رقم 10، وهي في حالة جيدة لما عرفته من أشغال التهيئة والتوسعة التي شملت الطريق وأرصفتها والإنارة العمومية والتزيين بمختلف الأغراس، أما الطرق في المدينة داخل الأسوار فغالبيتها طرق معبدة بالطوب الإسمنتي، أما الجزء الواقع خارج الأسوار وخاصة الحي الإداري فيتضمن طرق معبدة بالإسفلت في حالة جيدة. وفي غياب للنقل الجوي أو النقل السككي، تعتبر المحطة الطرقية لتارودانت هي البوابة الرئيسية لكل مسافر قادم للمدينة، حيث تتوفر على حافلات تقوم بتشغيل رحلات يومية باتجاه مختلف المدن الكبرى بالمغرب كأكادير، مراكش، الدار البيضاء، الرباط، ورزازات، وفاس، كما تتوفر المحطة على سيارات أجرة من النوع الكبير تقوم برحلات في إتجاه المدن القريبة من تارودانت، كأيت إيعزة، وأولاد تايمة وأولاد برحيل، إيغرم، وأيضا بعض المدن الكبيرة كأكادير ومراكش. كما ترتبط تارودانت بالجماعات القروية والحضرية القريبة منها بحافلات للنقل الحضري تقوم بتشغيلها شركة الكرامة.
أما فيها يخص النقل العام داخل المجال الحضري للمدينة، فتتميز مدينة تارودانت بالتسعيرة الموحدة للطاكسيات الصغيرة، حيث أن هذه الاخيرة لا تشتغل بالعداد وإنما تعمل حسب تسعيرة موحدة حددت في 8 دراهم ونصف بالنهار وعشرة دراهم بالليل. كما يوجد في تارودانت عربات الجر بالخيول وتسمى محلياً بإسم الكُوتْشياتْ والتي لابد للزائر أو السائح أن يقوم بجولة بها في للتعرف على مختلف معالم المدينة.
النقل الجوي
مطار تارودانت مطار مدني بمدرج غير معبد يستعمل من طرف الطائرات الصغيرة وبه نادي خاص للقفز بالمظلات، وهناك مشروع لتطويره وتعبيد المدرج ليتم استعمال المطار في عمليات الإغاثة أو الكوارث.
المجتمع
السكان
حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014، يبلغ عدد سكان مدينة تارودانت 553 79 نسمة (بما فيهم 788 18 أسرة). ويُشكل السكان داخل أسوار المدينة أكثر من نصف سكان تارودانت وذالك لتواجد أغلبية المحلات التجارية والأسواق والمقاهي داخل الأسوار ويعتبر أكثر المتوجدين حاليا بالمدينة سكانا غير أصليين حيت أن أغلبهم قادمون من الدواوير المجاورة للإستقرار بمدينة تارودانت نظراً لكون إقليم تارودانت تتكون غالبية مناطقه من جماعات قروية، وغالبيتها تفتفر للمؤسسات التعليمية أو الصحية أو الإدارية مما يضطر العديد من سكان هذه الجماعات القروية إلى الهجرة والقدوم لمدينة تارودانت والإستقرار بها، أو بهدف البحث عن العمل. أما لغة الحوار الأكثر تداولا بين السكان هي الدارجة المغربية، ثم تليها لهجة تاشلحيت.[8]
الصحة
تتوفر مدينة تارودانت على مستشفى عمومي إقليمي واحد وهو مستشفى المختار السوسي، وعدة مستوصفات صغيرة بالأحياء، كما تتوفر أيضا على مصحات خاصة لكن الإقبال على القطاع الصحي الخاص يبقى ضعيفاً نظراً للظروف المعيشية لسكان تارودانت الذين يُعتبر أغلبهم من ذوي دخل محدود وضعيف.
الأمن
تُعتبر مدينة تارودانت من بين أكثر المدن المغربية أماناً للسكن والاستقرار، هذا بفضل طبيعة سكانها الذين يتميزون بالكرم والضيافة، ويوجد في تارودانت 4 مراكز للشرطة، تتوزع هذه المراكز بكل من المحايطة، أقنيس، المحطة الطرقية، وأسراك، بالإضافة إلى مركز خاص بالدرك الملكي يقع بالحي الإداري، ومراكز أخرى خاصة بالقوات المساعدة توجد أغلبها بجوار الملحقات الإدارية.
الثقافة
تتوفر المدينة على عدة متاحف هي متحف الهواء الطلق كلوديو برافو الذي إفتتح رسمياً في سنة 2011، وقصر كلوديو برافو، ورواق باب الزركان، وفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير الذي إفتتح في سنة 2015،[9] كما تتوفر المدينة على خزانات ثقافية منها الخزانة البلدية في الحي الإداري، بالإضافة إلى خزانة الإمام علي التابعة لمعهد محمد الخامس بتارودانت التي أحدتث في سنة 1957 والتي تحتوي على رصيد هام من المخطوطات التي توثق لحقبة تاريخية من مدينة تارودانت.[10]
أما فيما يخص البنيات التحتية للأنشطة الثقافية، أو التي لها علاقة بالشباب، فتتوفر تارودانت على مركب ثقافي بحي لاسطاح، ودار الحي بكل من سيدي بلقاس وأولاد الغزال، ودار الشباب بحي أقنيس والمركب الإجتماعي والتربوي بالمحايطة ومركز خدمات الشباب والذي كان يسمى سابقاً بقاعة المغرب العربي.
الدين
الإسلام
يوجد في مدينة تارودانت عدد كبير من المساجد، ومن بينها مساجد تاريخية، وهذه قائمة بأهم المساجد بالمدينة:
- مسجد الجامع الكبير: من أقدم المساجد بالمغرب، بني في عهد الدولة السعدية.
- مسجد الحسن الأول: بناه أحد المحسنين الذي تبرع بمبلغ مليار سنتيم. وقد دشن هذا المسجد يوم 22 نونبر 1996، بمناسبة الذكرى الواحدة والأربعين لعيد الاستقلال.
- مسجد فرق الأحباب
- مسجد القصبة
اليهود
في سنة 1936، كان بمنطقة تارودانت 2124 يهودي موزعون في ملاحات بزقموزن واولاد برحيل والفيض واولوز، وفي 1960، كان عدد اليهود قد نقص بنسبة الثلث ونزل العدد إلى 1434 (حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى لعام 1982)، قبل أن يتلاشى كلياً هذا العدد من جراء موجة الهجرة الجماعية لليهود نحو المدن الكبرى كالدار البيضاء أو إلى خارج المغرب. وتوجد بالمدينة كنيسة كاثوليكية في حي فرق الأحباب، بنيت في فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب وبداخلها العديد من الحدائق البهية، لا تزال تقام بها الصلوات كل يوم أحد.[11]
بداية الستينات، كانت الطائفة اليهودية بتارودانت يتخذون لأنفسهم تكتلا عمرانيا منعزلا يسمى الملاح، إمتهنوا بعض الحرف البسيطة كالبقالة والتجارة وصناعة التعدين التي بدأت تعوض حرف الأواني المصنوعة قديما من الفخار والخشب كالمغرف والملعق والطاجين والصحن والقدر والكانون، ثم صناعة الفضة وتجارة الحلي منها التي برعوا وتفننوا بل ضمنهم من تميزوا وتفردوا في ذلك وإحتكروا أسرار الحرفة دون البوح به لغيرهم حيث يتخذون من مساكنهم ورشات عمل فيما دكاكين الصياغة بالسوق الكبير لعرض المنتوج، وهم أول من مارس بتارودانت تجارة القرب التي تسمى اليوم الباعة المتجولون يجوب التاجر المتنقل الأحياء والدروب والدواوير بالأرياف بدابته المحملة بمختلف السلع.[12]
السياحة
الفنادق
تعتبر تارودانت من المدن العريقة والمفضلة لدى السياح الباحثين عن المآثر التاريخية والراغبين في مكان هادئ بعيدا عن ضجيج المدن الكبرى، حيث تُوفر الفنادق ودور الضيافة بالمدينة خدمات مميزة وبأثمنة منخفضة. ويشكل السياح الفرنسيين أعلى نسبة للزائرين بالمدينة ثم يليهم الألمان والإيطاليين.
معظم الفنادق المتواجدة داخل المدينة عبارة عن رياضات قديمة في الأحياء العتيقة، أعيد بنائها مع المحافظة على شكلها المعماري التقليدي، وتبلغ أثمنة المبيت فيها إبتداءاً من 350 درهم. أما باقي الفنادق المتواجدة في المناطق المحيطة بالمدينة فتتميز بكونها فنادق فخمة وتوجد في مناطق هادئة وسط الطبيعة والضيعات الفلاحية وتتميز أيضاً بمسابحها الكبيرة، ويبلغ ثمن المبيت فيها ما بين 500 و 800 درهم.
الصناعة التقليدية
تُعتبر الصناعة التقليدية الركيزة الأساسية التي يعتمد عليها الاقتصاد المحلي بحيث تُشغل نسبة كبيرة من اليد العاملة وتدعم قطاع السياحة بالمدينة، وتتضمن عدة مجالات منها الدباغة والحدادة والخرازة والنجارة. والتاريخ أيضاً يشهد لمدينة تارودانت بشهرتها في مجال الصناعة الجلدية المعتمدة بالأساس على جلود ماشية المدينة وضواحيها، وعلى بعض المواد الكيماوية كالملح والشبة، كما يستعين الدباغون ببعض المواد النباتية لتلوين الجلود، كأوراق الجوز وأركان وقشور الرمان، وقد عرفت جلود القطر السوسي بجودتها، فالحسن الوزان (ليون الأفريقي) يشير إلى أنه يصنع بالمنطقة الجلد القرطبي الجميل، الذي يسمى المغربي في إيطاليا. ولقيت هذه الصناعة عناية فائقة من طرف السعديين، فقد تطورت التقنيات رغم بساطتها بسبب الإتصال بالعناصر الأجنبية الأندلسية والشرقية بالخصوص، فكانت صناعة الجلد مجالا لتفنن الصانع الروداني حيث تركز الدباغون في حومة خاصة بهم تسمى "دار الدباغة" وموقعها ظل إلى وقت متأخر مجاورا لساحة أسراك من جهة الشمال، وإستفادت من قرب سوق الجلد منها، فكانت بذالك تارودانت قبلة للتجار والصناع على حد سواء يتزودون منها بالبلغة والجلد المدبوغ. وحرصاً من السلطات المحلية على العناية بالصناعة التقليدية وعدم اندثارها فقد تم بناء مركب مندمج للصناعة التقليدية بتارودانت، وقد دُشن رسمياً في 26 فبراير 2020، وبلغت تكلفة إنجازه 22.88 مليون درهم. ويعمل على التعريف بحوالي 13 حرفة، وإلى المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياحية وتحسيين دخل حرفيي تارودانت عن طريق إنعاش وتسويق منتوجات الصناعة التقليدية، كما يتوفر هذا المركب على مركز للتأهيل المهني في فنون الصناعة التقليدية، ويساهم في تكوين وتأهيل الشباب في عدة مجالات منها الفصالة والخياطة، الفراشة، الخرازة، النجارة، الحدادة.[13]
الساحات والحدائق
تتميز المدينة بتواجد العديد من الساحات، وهي:
- ساحة 20 غشت هي التي يقام فيها أغلب العروض والمهرجانات الضخمة نظراً لمساحتها الشاسعة التي تتخللها نافورة كبيرة في الوسط تزيد من جماليتها.
- ساحة باب الحجر التي كانت تقام فيها صلاة عيد الأضحى وعيد الفطر سابقاً قبل أن يتم تحويل مكان صلاة العيد إلى باب بيزمارن، وتتميز ساحة باب الحجر باحتضانها للعديد من الأنشطة الرياضية.
- ساحة 6 نونبر، كانت في السابق تُستخدم كملعب لكرة القدم، لكن بعد إحداث العديد من الملاعب، تم تحويلها لمكان للجلوس والإستجمام.
- ساحة أسراك والتي أصبحت تسمى بساحة العلويين وهي ساحة تاريخية، وتعتبر القلب النابض للمدينة القديمة، تمتلئ بالعديد من الفرق الموسيقية ومُربي الأفاعي الذي يقدمون عروضهم للسكان المحليين والسياح.
- ساحة تالمقلات.
- حديقة إبراهيم الروداني، هي أكبر وأهم حديقة في تارودانت، وهي مصنفة كثراث وطني نظراً لتاريخها القديم.
- حديقة جنان المشماشة، بجوار باب أكافاي.
المهرجانات والمعارض
- مهرجان تارودانت للدقة والإيقاعات.
- ملتقى ربيع تارودانت للتبوريدة.
- موسم تامصريت: يُنظم خلال شهر رمضان.
- مهرجان الطفل.
- المعرض الإقليمي للصناعة التقليدية.
- المعرض الإقليمي للكتاب والقراءة.
الأسواق
كان السوق الأسبوعي لتارودانت ينظم أمام باب الخميس، ليتم نقله الآن للمدينة الجديدة (لاسطاح)، ومن الأسواق المشهورة للمدينة سوق الرحبة الخاص بالخضر والفواكه، سوق جنان الجامع الخاص بالملابس العصرية، السوق الكبير للحرف التقليدية وهو الذي تتواجد به المحلات التجارية التي تعرض منتوجات الصناعة التقليدية التقليدية.
الأحياء
قائمة بالأحياء الموجودة في مدينة تارودانت وأهم ما تتميز به:
اسم الحي | الوصف |
---|---|
حي فرق الأحباب
حي باب تارغونت حي البلاليع حي بنيارة |
هذه أحياء تجارية وسكنية في نفس الوقت، وهي تتميز بكثرة المحلات التجارية،
وبتواجد العديد من بائعي الخضر والفواكه، ومطاعم الوجبات الخفيفة |
الحي المحمدي | وهو يسمى أيضاً بحي لاسطاح، وقد تم تشييده ليكون بمثابة المدينة الجديدة لتارودانت،
ولتخفيف الضغط الحاصل في المدينة القديمة، تم تشييد مختلف المشاريع الجديدة بهذا الحي كالمسبح البلدي، المركب الثقافي، الكلية المتعددة التخصصات |
المحايطة هو حي كبير وينقسم
إلى مجموعة من الأحياء أبرزها: الحي الإداري حي بويكيضو حي جنان التصريف حي نديم |
عموماً فمنطقة المحايطة هي معروفة بالمعاملات الإدارية، حيث يتواجد بها مختلف الإدارات العمومية، والإدارات الأمنية
والمديريات الإقليمية، والأبناك، ووكالات التأمين، والمقاهي، وبتواجد هذا العدد الكبير من الإدارات فقد قرر العديد من الموظفين الذين يعملون بهذه الإدارات الإستقرار في المحايطة مما ساهم في تزايد عدد المنازل والسكان وعموماً فالمحايطة تُعتبر أجمل وأرقى مكان للعيش بتارودانت لكون مختلف المنازل التي بُنيت بها حديثة وعصرية وقربها من مختلف الإدارات كما أن موقعها الجغرافي البعيد عن ضجيج المدينة القديمة يجعلها منطقة هادئة حيث يحيط بالمحايطة العديد من الحقول والبساتين التي لم يصلها العمران بعد خصوصاً في حي بويكيضو وحي نديم |
حي بلاقشاش
حي المعديات حي سيدي بلقاس حي الزرايب حي بوتاريالت |
هذه أحياء تتواجد خارج السور بعيداً عن المدينة القديمة وهي أحياء سكنية فقط |
أكافاي
أقنيس درب حدة بويزمارن |
هذه أحياء سكنية، ورغم تواجدها في المدينة القديمة داخل الأسوار
فشوارعها كلها معبدة وكبيرة ويمكن الولوج إليها بالسيارات بكل سهولة |
درب أقا
درب كسيمة درب الجزارة |
هذه أحياء سكنية، توجد في المدينة القديمة ولكن الولوج إليها بالسيارات غير ممكن،
لكون طرقها ضيقة، ويمكن الولوج إليها بالدراجات العادية أو النارية فقط |
حي باب الخميس | يمتد هذا الحي إبتداءاً من باب الخميس إلى غاية حي فرق الأحباب ويسمى الشارع الذي يخترق حي باب الخميس بشارع إبراهيم الروداني،
وأهم ما هذا يتميز به هذا الحي على طول شارعه الرئيسي هو تواجد العديد من محلات ميكانيك السيارات ومحلات بيع قطع الغيار، ومحلات النجارة والألومنيوم والحدادة، والعديد من المحلات الأخرى المتخصصة في بيع مواد البناء |
حي رك أشبار
حي الزيدانية حي زاوية سيدي داوود حي أيت قاسم حي أولاد الغزال دوار البورة دوار أكويدير |
هذه الأحياء هي أحياء بعيدة جداً عن وسط المدينة، إدارياً هي تابعة للمجال الحضري لتارودانت،
لكن بسبب بعدها الجغرافي عن المدينة فهي لا تزال تعاني التهميش، ولازال يغلب عليها الطابع القروي كما أنها تعاني من إنفلاتات أمنية بسبب تواجد العديد من الخارجين عن القانون الذين يختارون هذه الأحياء نظراً لبعدها عن المدينة وبعدها عن أعين رجال الأمن، ومعظم الطرق في هذه الأحياء غير معبدة، وتعاني من مشاكل كثيرة كغياب شبكة الصرف الصحي، وهناك أيضاً العديد من المنازل في هذه الأحياء لا يتوفرون على الماء الصالح للشرب والكهرباء |
التعليم
قائمة المؤسسات التعليمية في تارودانت:
التعليم الابتدائي
- مدرسة رودانة
- مدرسة ابن السعيدي
- مدرسة باب الخميس
- مدرسة أحفير
- مدرسة عبد الله بن ياسين
- مدرسة آمنة بنت وهب
- مدرسة إبراهيم الروداني
- مدرسة البساتين
- مدرسة الشهيد وسعدان
- مدرسة الوفاق
- مدرسة المنصور الذهبي
- مدرسة الإمام مالك أولاد الغزال
- مدرسة زاوية سيدي داوود
التعليم الإعدادي
- إعدادية الحسن الأول
- إعدادية الرحال المسكيني
- إعدادية الزيراوي
التعليم الثانوي
- ثانوية ابن سليمان الروداني
- ثانوية سيدي وسيدي
- ثانوية محمد الخامس
- الثانوية التقنية
التعليم الخاص
- مؤسسة أوميكا
- مؤسسة بونوني
- مؤسسة اقرأ
- مؤسسة الأمل
- مؤسسة نهج الفلاح
- مؤسسة فالا
- مؤسسة طارق 1
- مؤسسة طارق 2
- مؤسسة منار العرفان
- مؤسسة السبيل
- مؤسسة المعري
المعاهد والجامعات
- الكلية المتعددة التخصصات
- المعهد المتخصص للتكنولوجيا التطبيقية
- معهد الأمير مولاي الحسن لتربية وتعليم المكفوفين
- مركز التأهيل الفلاحي
- مركز التأهيل المهني في فنون الصناعة التقليدية
الرياضة
تعززت البنية التحتية الرياضية في تارودانت مؤخراً بإنجاز العديد من ملاعب القرب، وتحديث الملاعب الموجودة، حيث تم تحديث الملعب البلدي، وتجهيز ملعب حي لاسطاح بالعشب الإصطناعي، وبناء ملاعب للقرب بكل من ساحة باب الحجر، وحي سيدي بلقاس، وبناء حلبة لألعاب القوى، وملاعب للتنس في حي لاسطاح،
وفيما يلي قائمة الأندية والجمعيات الرياضية في تارودانت:
- فريق اتحاد تارودانت لكرة القدم
- فريق أجاكس تارودانت لكرة القدم
- الجمعية الرياضية تارودانت لكرة السلة
- نادي الوفاق الروداني للهوكي
المشاريع
عرفت تارودانت تطوراً ملحوظاً في المشاريع التنموية الكبرى، خصوصاً ما بين 2010 و 2020 سواء المشاريع التي إنتهت بها الأشغال أو التي مازالت قيد الإنجاز أو الدراسة ومن بين المشاريع المهمة التي تم إنجازها بالمدينة: الكلية المتعددة التخصصات، المسبح الأولمبي، المركب الثقافي، سوق السمك، الثانوية التقنية، المركب المندمج للصناعة التقليدية، ملاعب القرب، أغلب هذه المشاريع تم إنجازها خارج أسوار المدينة وذلك لتشجيع الساكنة على الإستقرار والعيش خارج الأسوار وبالتالي تخفيف الكثافة السكنية بداخل المدينة. وقد عرفت أيضا المدينة داخل الأسوار تحديثاً للطرق بالطوب الإسمنتي.
يوجد مشروعين لا يُعرف مصيرهما الأول مشروع المحطة الطرقية والذي لم يرى النور لأسباب تتعلق بتسوية الوضعية القانونية للعقار الذي سيقام عليه المشروع، أم المشروع الثاني فهو مجمع الحرف والمهارات بتارودانت، وهو مشروع مُهم يهدف إلى إزالة جميع المحلات المتواجدة وسط المدينة والتي تعمل في الحدادة والنجارة وتسبب ضجيجاً وإزعاجاً للسكان بسبب تواجد معظمها داخل الأحياء السكنية، وقد جاء إقتراح هذا المشروع ليتم تجميع جميع أصحاب هذه المحلات في مجمع واحد بحي لاسطاح بعيداً عن الأحياء السكنية لكن هذا المشروع لم يظهر له وجود لأسباب مجهولة، غالباً بسبب الميزانية الضخمة التي سيحتاجها لإنجازه.
تفتقر مدينة تارودانت لمنطقة صناعية، ولا يوجد بها محطة لمعالجة المياه العادمة، وهذه من بين الأسباب الرئيسية وراء غياب الإستثمارات والمشاريع، ومن المنتظر أن يتم إنجاز حي صناعي يمتد على حوالي 190 هكتار في الشمال الغربي لحي لاسطاح.
أحداث وحوادث
- 7 ماي 2013 :احتراق الجامع الكبير بتارودانت الذي يعود تاريخه إلى العصر السعدي والذي يعد من أكبر المساجد التاريخية بالمغرب، يعزى سبب الاحتراق إلى تماس كهربائي، فحاولت السلطات المحلية اخماد الحريق لكن طبيعة بناء المسجد وسقفه الخشبي حالت دون تدخل ناجع لاخماد الحريق، وقد تدخل الملك محمد السادس وقرر إعادة إصلاح هذا المسجد من ماله الخاص وقد تم اعادة ترميم المسجد وفتحه من جديد سنة 2016.[14]
أعلام وفنانين
لائحة بأسماء أعلام وفنانين من أبناء مدينة تارودانت:
- إبن سليمان الروداني
- أحمد سلطان[15]
- مهدي الناسولي
مقالات ذات صلة
مراجع
- "صفحة تارودانت في GeoNames ID". GeoNames ID27 مايو 2020.
- http://www.worldtimezone.com/time-africa24.php
- "تارودانت عبر التاريخ". مؤرشف من الأصل في 26 أكتوبر 2019.
- "الوضع العمراني لتارودانت (المحمدية) خلال عهد السعديين". مؤرشف من الأصل في 14 أبريل 2010.
- "تارودانت. الأميرة للا سلمى تدشن مركزا صحيا لرصد السرطان". مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2019.
- أسوار المدينة، الموقع الرسمي لبلدية تارودانت. نسخة محفوظة 24 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- "صناعة السكر في تازمورت وأولاد مسعود وأولاد تايمة، هذا المنتوج الذي صنع ذات يوم أمجاد المغرب". مؤرشف من الأصل في 29 أكتوبر 2019.
- إحصاء سنة 2014 لمدينة تارودانت - المندوبية السامية للتخطيط نسخة محفوظة 22 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- تدشين متحف للمقاومة بمدينة تارودانت - جريدة الصحراء نسخة محفوظة 07 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- خزانة الإمام علي - موقع وزارة الثقافة والإتصال نسخة محفوظة 07 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- "يهود تارودانت". مؤرشف من الأصل في 10 أبريل 2020.
- "الطائفة اليهودية: وقائع وصور لنسيج إجتماعي انقرض بتارودانت". مؤرشف من الأصل في 12 أغسطس 2014.
- "عامل إقليم تارودانت يشرف على إفتتاح المركب المندمج للصناعة التقليدية". مؤرشف من الأصل في 27 فبراير 2020.
- "المسجد الأعظم بتارودانت يحترق .. سوس تفقد معلمتها التاريخية". مؤرشف من الأصل في 10 أكتوبر 2017.
- "أحمد سلطان إبن مدينة تارودانت". مؤرشف من الأصل في 14 ديسمبر 2019.