الرئيسيةعريقبحث

أبرهة الحبشي


☰ جدول المحتويات


أبرهة بن الصباح الحبشي ويقال له أيضاً أبرهة الأشرم (لاتينية:Abramus آبراموس وتعني إبراهيم) هو قائد عسكري من مملكة أكسوم وأعلن نفسه ملكا على حِميَّر. حكم بلاد اليمن والحجاز من الفترة مابين 531 أو 547 وحتى 555 أو 565[1][2] ذكر أبرهة في المصادر البيزنطية والسريانية ونصوص خط المسند ونُسجت حوله العديد من الروايات والأساطير، وحسب ما ورد في الموسوعة البريطانية فهو مسيحي متدين اشتهر ببناء كنيسة ضخمة في صنعاء وبحملته العسكرية نحو مدينة مكة في نفس العام الذي ولد فيه النبي محمد في ربيع الأول 53 ق هـ الموافق لأبريل 571م وقد فشلت الحملة رغم استعانته بالفيلة، وانتهى حكم الحبشة وسيطرتهم على اليمن نهائيًا بالغزو الساساني الفارسي لليمن عام 575 م [3]، بعد وفاة أبرهة بأربع أعوام.

أبرهة الحبشي
Balami - Tarikhnama - The miraculous rescue of the Ka'ba from Abraha's attack (cropped).jpg
الطيور تهاجم جيش أبرهة قرب الكعبة من كتاب تاريخنامه للبلعمي

معلومات شخصية
اسم الولادة أبرهة بن الصباح الحبشي
تاريخ الميلاد القرن 6
تاريخ الوفاة عام 570
سبب الوفاة أحجار من سجيل (وفقاً للديانة الإسلامية)
مواطنة Flag of Ethiopia.svg إثيوبيا 
منصب
ملك
الحياة العملية
المهنة تسار،  وعسكري 
سبب الشهرة محاولة هدم الكعبة المشرفة

التاريخ

نقش في نجران يعود إلى القرن السادس الميلادي، يوثق غزوة ابرهة الحبشي وأصحاب الفيل، قاصدين مكة لهدم الكعبة

في العام 516، استعرت الفوضى السياسية في مملكة حمير وسقطت نهائياً عام 525 ـ 527 ب.م. بررت بيزنطة تدخلها بدعم الملك كالب ملك مملكة أكسوم بسبب المجازر التي ارتكبها يوسف أسأر بحق المسيحيين في نجران والمخا وظفار يريم ولكن الحقيقة هو أن البيزنطيين أرادوا وحدة سياسية مستقرة في بلاد الحميريين ضد الإمبراطورية الفارسية[4] ولم يكن المسيحيين في نجران بالبراءة التي صورتها بعد المصادر، بل كانوا يريدون إبادة اليهود من اليمن بدلالة إحراقهم عدداً من المعابد اليهودية[5] فجهود التنصير التي بذلتها بيزنطة من القرن الرابع الميلادي كانت لهذا الهدف.

فور مقتل يوسف أسأر اليهودي تم تعيين حميري مسيحي يدعى شميفع أشوع كحاكم على البلاد وإعادة إعمار كل الكنائس التي هدمها يهود اليمن وحلفاؤهم في ظفار يريم ونجران والمخا ومأرب وبناء ثلاث كنائس جديدة في نجران وحدها[6] غادر معظم الجيش الأكسومي ـ البيزنطي اليمن ولكن بعض أفراده رفضوا الرحيل لإن "أرض الحميريين جيدة جداً" وفقا للمؤرخ البيزنطي بروكبيوس وأحد هولاء كان أبرهة. قُتل شميفع أشوع من قبل أبرهة واللافت للنظر هو أن أبرهة قدم نفسه كملك حِميَّري وأعاد استخدام اللقب الملكي للحِميَّريين وهو "ملك سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت وأعرابهم في المرتفعات والتهائم" [7] من المؤكد أنه لم يكن حميريا على الإطلاق بل من مملكة أكسوم في إثيوبيا حالياً ومع ذلك فإنه دون كتاباته بلغة سبئية وأعاد استخدام اللقب الملكي الحميري ولم يحاول طمس أو تغيير أي شي من ثقافة مملكة حمير التغيير الوحيد كان تعصبه للمسيحية[7] عدة عوامل أدت لتبنيه هذه السياسة، ضعف مملكة أكسوم وفقدان سيطرتها على النوبة بجنوب مصر ورغبته بكسب الزعامات القبلية المسيحية والذين تركزوا في ظفار يريم ومأرب وحضرموت ونجران، والعامل الثالث والأهم هو اختلاف مذهبه الديني عن بيزنطة وأكسوم[8] المصادر مختلفة حول تصويرها لأبرهة، المصادر البيزنطية ترسم صورة سيئة عنه ومرد ذلك أنه لم يفِ بأي من وعوده لهم[9] أما المصادر المسيحية الأخرى فتصفه بأنه كان "مسيحيا حقا يخاف الرب"[10]

المصادر الأساسية لحياة أبرهة هي ستة كتابات بخط المسند، أربع منه كتبها بنفسه[7] أطولها معاركه مع يزيد بن كبشة سيد قبيلة كندة وزعيم تحالف قبلي كان قد قاتل المسيحيين إلى جانب يوسف أسأر[11] وقد أُكتشف نص بخط المسند لكاتب مجهول يذكر كندة وبكيل و"ذي يزن" و"ذي خليل" و"ذي سحر" وبنائها لتحصينات مقابل البحر لقتال أبرهة[12] ورد في النص ذاته أن أقيال حضرموت والأشاعرة و"ذي معاهر" و"ذي كلاع" و"ذو ذبيان" و"ذو رعين" (يافع) كانوا إلى جانب أبرهة ضد سيد كندة.

توقفت المعارك عقب وصول أخبار بتصدع هو الثالث أصاب سد مأرب منذ بداية إنشائه، فتوصلوا لهدنة لبناء السد ويذكر أبرهة أنه بنى كنيسة جديدة في مأرب [13] نص آخر يشير لإستقبال أبرهة لمبعوثين من بيزنطة و فارس[14] النص الثالث يشير لحملة على قبائل معد واحدة ضد عامر بن صعصعة في تربة قرب الطائف والأخرى في حلبان التي تبعد قرابة 300 كيلو متر غرب الرياض وانتهت الحملة بتقديم سكان تلك المناطق أبنائهم رهائن مقابل الولاء[15] فسر عدد من المستشرقين النص بأنه يشير إلى المعركة التي ذكرت في قصة أصحاب الفيل، ولكن اكتشافات حديثة تفند هذا الرأي لعدة أسباب [16]:

  • لم يشر النص أن جيش أبرهة كان يحوي أي فيلة ولم يتطرق لمكة بل لمكانين اسمهما تربة وحلبان.
  • الفيلة تستهلك الكثير من الماء ولا تحتمل الصحراء ومن غير المنطقي أن يسير أبرهة مسافة تتجاوز 1000 كيلو متر راكبا على فيل.
  • تاريخ نقش مريغان قد حدد توقيت الحملة بعام 662 من التقويم اليمني الحميري اليعفري، والذي يناظر سنة 552 من التقويم الميلادي بمعنى أنه متقدم على غزو الكعبة بحوالي 19 سنة.

أبرهة في المصادر الإسلامية

بقايا كعبة ابرهة الحبشي في صنعاء القديمة 1942

القرآن ذكر قصة أصحاب الفيل والغالب عند المفسرين أنها تحكي قصة أبرهة رغم أن القرآن لم يذكر اسمه وكذا الحال في قصة أصحاب الأخدود لم تذكر ذو نواس ولا من معه.

المشهور في التفسير يحكي أن أبرهة بنى كنيسة ضخمة اسمها القليس في صنعاء وبالفعل يوجد في اليمن موقع بصنعاء القديمة يسمى غرقة القليس ولكن كلمة "قليس" مشتقة من "قلسن" بالحميرية وتعني كنيسة، فغرقة القليس قد تكون مقرا لأي كنيسة فالمسيحية موجودة باليمن من القرن الرابع. وكان هدف بناء الكنيسة على ما أورد الرواة، هو صرف العرب عن حج مكة وتحويل أنظارهم إلى كنيسته في صنعاء بعد أن أحدث فيها رجل من "بني فقيم" ذكره الطبري بأنه "من أهل البيت الذي تحج له العرب". ويحكي الرواة أن رجلا من بني سليم كان عند أبرهة اسمه "محمد بن خزاعي" كان يتودد للملك فدخل عليه يوما وهو يأكل "الخصي" فقال محمد لأخيه قيس: "والله لئن أكلنا هذا لا تزال تسبنا به العرب ما بقينا" ثم قام أبرهة بتعيين "محمد" هذا سيدا على مضر وأمره أن يدعو الناس بالحج إلى الكنيسة فلما وصل لديار بني كنانة ضربه رجل منهم بسهم مما أثار غضب أبرهة وعزم أن يهدم الكعبة لأجل ذلك. بل تذكر أهل الأخبار أن الكعبة كانت معظمة عند اليمنيين قبل الإسلام، فما أن علم رجل اسموه في كتبهم "ذو نفر" بنية أبرهة حتى عزم القتال دفاعا عن البيت، فقاتل أبرهة وغُلب "ذو نفر" ويذكر الطبري بعض ما يدعم نقوش المسند وكتابات البيزنطة التي عاصرت أبرهة ما شأنه أن الأشرم كان "حليما" فلم يقتل أعدائه [17]

وبلغ أبرهة بلاد خثعم وخرجت له قبائل أكلب وشهران وناهس بقيادة رجل يدعى نفيل بن حبيب الأكلبي الخثعمي،[18] فأسره أبرهة وأراد قتله فقال له الخثعمي: أيها الملك لا تقتلني، فإني دليلك بأرض العرب، وهاتان يداي لك على قومي بالسمع والطاعة". أما ثقيف فلم تبدِ مقاومة وخرج قائدهم المدعو "مسعود بن معتب" فقال: أيها الملك، إنما نحن عبيدك، سامعون لك مطيعون، ليس لك عندنا خلاف، وليس بيتنا هذا بالبيت الذي تريد إنما تريد البيت الذي بمكة ونحن نبعث معك من يدلك" فلما اقترب أبرهة من مكة استولى على إبل بني هاشم وبعث رجلا يدعى "حناطة" الحميري ليسأل عن شريف المنطقة فقيل له هو: "عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي" فتوجه حناطة هذا وقال لعبد المطلب إن الملك لا يريد حربكم إنما جاء ليهدم البيت، فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم، فإن لم يرد حربي فأتني به.

فخرج عبد المطلب مع حناطة نحو معسكر أبرهة وسأل عن "ذو نفر" المذكور آنفا وتزعم كتابات أهل الأخبار أنه كان صديقا له فقال له: يا ذا نفر، هل عندك غناء فيما نزل بنا ؟ فقال له ذو نفر، وكان له صديقا: وما غناء رجل أسير في يدي ملك، ينتظر أن يقتله غدا أو عشيا. ما عندي غناء في شيء مما نزل بك، إلا أن أنيسا سائق الفيل لي صديق، فسأرسل إليه، فأوصيه بك، وأعظم عليه حقك، وأسأله أن يستأذن لك على الملك، فتكلمه بما تريد، ويشفع لك عنده بخير، إن قدر على ذلك. قال: حسبي، فبعث ذو نفر إلى أنيس، فجاء به، فقال: يا أنيس إن عبد المطلب سيد قريش، وصاحب عير مكة، يطعم الناس بالسهل، والوحوش في رءوس الجبال، وقد أصاب الملك له مائتي بعير، فاستأذن له عليه، وانفعه عنده بما استطعت، فقال: أفعل.

فدخل عبد المطلب على أبرهة سائلا إياه أن يرد له العير أو الإبل التي سلبها منه فعجب أبرهة وأحتقره رغم أنه أكرمه حينما رأى وسامته على روايات الإخباريين، متعجبا منه كيف يطلب الإبل ويترك البيت الذي جاء لهدمه فأجاب عبد المطلب إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه فلما رفض أبرهة طلب عبد المطلب، خرجت قريش إلى الجبال تنظر مافاعل أبرهة في كعبتهم. وفي صبيحة اليوم التالي عزم أبرهة على تنفيذ مخططه وهيأ الفيل الذي جلبه من صنعاء واسم الفيل كان "محمود".

فقام الخثعمي الذي أسره أبرهة بالهمس في أذن الفيل قائلا: "ابرك محمود، وارجع راشدا من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام" فبرك الفيل ولم يقم. فوجهه أبرهة جهات مختلفة عن مكة فقام "يهرول" ورفض الهرولة ناحية مكة. وإذ هم في انشغالهم حتى خرجت طيور من البحر تحمل ثلاث حجارة، واحدة في مناقيرهم وإثنتان في أرجلهم أصابت جميع الجيش فحاولوا الفرار وسألوا الخثعمي طريق العودة وأورد أهل الأخبار بيتا شعريا منسوبا إليه جاء فيه:

أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب غير الغالب


ويقول الطبري:

«خرجوا يتساقطون بكل طريق، ويهلكون على كل منهل، فأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم، فسقطت أنامله أنملة أنملة، كلما سقطت أنملة أتبعتها مدة تمث قيحا ودما، حتى قدموا به صنعاء، وهو مثل فرخ الطير، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون»

المصادر

  1. The Oxford Handbook of Late Antiquity edited by Scott Fitzgerald Johnson p.287
  2. Muhammad and the Origins of Islam By Francis E. Peters p.88
  3. صفحة أبرهة - الموسوعة البريطانية - تصفح: نسخة محفوظة 01 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
  4. Scott Fitzgerald Johnson The Oxford Handbook of Late Antiquity p.284
  5. Scott Fitzgerald Johnson The Oxford Handbook of Late Antiquity p.290
  6. Angelika Neuwirth; Nicolai Sinai; Michael Marx The Qurʼān in context historical and literary investigations into the Qurʼānic milieu p.49
  7. Scott Fitzgerald Johnson The Oxford Handbook of Late Antiquity p.285
  8. Scott Fitzgerald Johnson The Oxford Handbook of Late Antiquity p.295
  9. Scott Fitzgerald Johnson The Oxford Handbook of Late Antiquity p.292
  10. Scott Fitzgerald Johnson The Oxford Handbook of Late Antiquity p.293
  11. The Oxford Handbook of Late Antiquity edited by Scott Fitzgerald Johnson
  12. Angelika Neuwirth; Nicolai Sinai; Michael Marx The Qurʼān in context : historical and literary investigations into the Qurʼānic milieu p.49
  13. The Oxford Handbook of Late Antiquity edited by Scott Fitzgerald Johnson p.285
  14. Procopius, The Secret History, translated by G. A. Williamson Harmondsworth: Penguin Books, 1966 p.180
  15. The Oxford Handbook of Late Antiquity edited by Scott Fitzgerald Johnson p.285
  16. The Oxford Handbook of Late Antiquity edited by Scott Fitzgerald Johnso p.287
  17. تفسير الطبري، تفسير سورة الفيل، الجزء الرابع والعشرون ص 610
  18. الأنساب للسمعاني، الطبعة الثانية، على مكتبة جوجل - تصفح: نسخة محفوظة 01 أبريل 2018 على موقع واي باك مشين.

في السينما والتلفزيون

المراجع

موسوعات ذات صلة :