الهولوسيني أو "العصر الحديث" (باللاتينية: Holocene)، (بالإغريقية: ὅλος-καινός)، وتعني ( holos = ὅλος = بالكامل) و (kainos = καινός = جديد)، هي ثاني وآخر فترة من العصر الرباعي، حيث تمتد من ( 11,700 سنة) إلى يومنا هذا. يمثّل "العصر الهولوسيني" الفترة الأخيرة من الزمن الجيولوجي. من المحتمل أنّنا نعيش اليوم في فترة دفء بين فترات جليدية باردة، ومن المتوقع أن الجليد سيعود بعد عدة آلاف من السنين ليغطي مرة أخرى المناطق التي كانت تغطيها الأغطية الجليدية أثناء عصر البليستوسين. وعلى هذا الأساس يعدّ الهولوسين أو "العصر الحديث" استمراراً لعصر البليستوسين (العصر الحديث الأقرب) من حيث توزع القارات والمحيطات والكائنات الحية. غير أنّ تراجع الجليديات إلى مواقعها الحالية خلّف الكثير من البحيرات الكبيرة في المناطق التي كانت تغطيها.
التخطيط البايلوجرافي للبحر الشمالي، 9000 عام خلال فترة الهولوسين المبكرة وبعد انتهاء العصر الجليدي الأخير.
استمر في الهولوسين تصدّع بعض الطبقات في مناطق الجبال الحديثة التكوّن نتيجة لحصول زلازل مهمة، كما حصلت اندفاعات بركانية بجوار هذه السلاسل الجبلية انبثقت من شقوق أرضية أو من براكين لايزال بعضها في أوج نشاطه في العصر الحالي.
كما تعرضت القشرة الأرضية في المناطق التي هبطت بتأثير ثقل الجليديات في البليستوسين إلى حركات توازنية isostasy، إذ بدأت بالنهوض بعد أن زال حملها من الجليديات وبالعودة إلى مواقعها الأصلية.
ويتجلّى هذا النهوض في مناطق حول بحر البلطيق والقطب الشمالي وحول البحيرات الكبرى في أمريكا الشمالية، إذ ترتفع هذه المناطق بمعدّل 13 متراً كل ألف سنة.
الأقسام الفرعية
تغيرات درجة الحرارة خلال الهولوسين
تغيرات درجة الحرارة خلال الهولوسين
ويبدو أنّ الذوبان الجزئي لآخر جليدية من جليديات البليستوسين أدّى إلى ارتفاع في مستوى البحار والمحيطات وإلى تجاوز بحري غمر الجسور القارية التي كانت موجودة في البليستوسين، وهذا ما سبّب انفصال الكتل القارية ببحار، نذكر منها مثلاً بحر برنغ (بهرنغ) وبحر المانش وبحر جاوة.
تأثير تغيرات الهولوسين على العالم
إن هذه الأحداث التي تمت في الهولوسين، ولا تزال تحدث، أعطت لجغرافية العالم شكلها الحالي.
ولو افترضنا أنّ كلّ الجليديات الحالية قد ذابت في الهولوسين لارتفع مستوى البحار نحو 65 متراً، وهو ارتفاع يكون كافياً لتغيير شكل الشواطئ الحالية وغمر معظم المدن الشاطئية.
ويبدو من الدراسات الحديثة أنّ هذا الافتراض يتحقّق اليوم إذ بيّنت هذه الدراسات أنّ الجبال الجليدية الحالية تتناقص في أحجامها، كما أنّ الجليديات الحالية تتراجع باتجاه القطبين وأنّ مستويات البحر ترتفع نحو 14 سم/سنة.[2]
على المنطقة العربية
في نهاية العصور الجليدية وبداية الهولوسيني تقلص حجم القطب الشمالي فارتفع منسوب مياه البحار فدخلت مياه المحيط الهندي إلى الخليج العربي وابتداء تراجع تلك الأنهر إلى شط العرب في بلاد الرافدين قبل 10,000 سنة تقريبا، إلى أن تشكل الخليج العربي وأخذ شكله العام في الألف الرابع قبل الميلاد. وقد بدأ منذ حوالي 10,000 سنة ولا زال مستمراً حتى الآن ومع بدايته فقد انتهت تلك العصور الجليدية وتحسن المناخ وتراجع الجليد كليا إلى المناطق القطبية الحالية واستقرار مستوى المحيطات والبحار في العالم.
وقد شهدت منطقة جبه بصحراء النفوذ وصحراء الربع الخالي والمندفن سلسلة متتابعة من البحيرات في الهولوسيني وكانت ذروتها ما بين 10,000 و 6,000 سنة قبل الآن وكان هذا العهد رطبا ومطيرا لكنه لم يكن أكثر من البليستوسيني. وابتدأ في هذا العهد أيضا زيادة في تكون الرمال والظروف المناخية الشديدة الحرارة والجفاف وارتفاع في تكوين الكثبان الرملية في الربع الخالي وصحراء الدهناء والجافورة، وجفت بحيرات الربع الخالي. وتكونت رواسبها في أماكن كثيرة وكانت القطع الصوانية المهذبة لتلك العصور الحجرية متزامنة لفترات تلك البحيرات. كما ساعدت الفترات المطيرة في مراحلها المتعددة على ملئ مستودعات المياه الجوفية وتفجير الينابيع والعيون بالمنطقة الشرقية في واحات الأحساء والقطيف ويبرين وواحات وادي المياه ولم يكن هذا التصحر ظاهرة محلية في الهولوسيني إنما كانت ظاهرة تصحر عالمية فكانت في الهند وشمال أفريقيا وأستراليا ولقد تخللت فترات الجفاف هذه فترات قصيرة رطبة ومطيرة أيضا.[3]
مقالات ذات صلة
مراجع
موسوعات ذات صلة :