العنصرية في الشرق الأوسط مصطلح يشير إلى مظاهر عنصرية بمنطقة الشرق الأوسط. والعنصرية لا تختص بمكان أو زمان، وبالرغم من إدانتها من أغلب دول العالم حيث وقعت 170 دولة على الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري[1] إلا أنه يمكن القول بأنها توجد بأشكال مختلفة في كل بلد على ظهر الأرض.[2] وتختلف أشكال العنصرية من مكان لآخر وفق أسباب تاريخية أو ثقافية أو دينية أو اقتصادية.
ويمكن تعريف العنصرية بطرق مختلفة، لكن يتفق الجميع على أن العنصرية هي شعور يبديه الشخص تجاه شخص أو فئة معينة من الناس على أساس انتمائهم العرقي أو الديني أو الإثني وكثيرا ما يكون هذا الشعور مصحوبا بكره أو عداء. ويمكن أن يمتد ذلك الشعور إلى أبعد من ذلك فيصل إلى تعامل أو تصرفات عنصرية، كاستعمال العنف أو الإكراه أو المنع من حق ما.
تاريخ العنصرية في الشرق الأوسط
لقد وجدت العنصرية منذ قديم الأزل وتتواجد بأماكن عديدة فلا تختص بزمان أو مكان. وبالنسبة للمنطقة الشرق الأوسط فإن العنصرية كانت موجودة في فترة ما قبل الإسلام أو الجاهلية حيث كانت العنصرية القبلية موجودة بين العرب وظهرت على صورة الحروب والصراعات القبلية والقصائد الشعرية المعادية. كما كان هناك عنصرية تجاه غير العرب والسود وقد تم استعباد الكثير من الزنوج ومنهم بلال بن رباح الذي صار أول مؤذن في الإسلام. جاء الإسلام لينهي تلك العصبيات القبلية حيث شجبها النبي محمد وحث العرب على تركها حيث قال في أحد الأحاديث: «دعوها فإنها منتنة» في إشارة إلى العصبية القبلية، وحديث في آخر «الناس سواسية كأسنان المشط» ولكن ذلك لم ينهِ العنصرية بشكل كامل حيث استمرت المشاعر العنصرية لدى الكثير من القبائل والتي لا تزال مستمر حتى الآن. كما قام العرب بالإتجار بالعبيد من سواحل شرق أفريقيا وعبر الصحراء الكبرى.
العنصرية في الشرق الأوسط الحديث
لم تقتصر العنصرية على أساس الانتماء القبلي ولكن طالت الانتماء الديني، حيث يوجد عنصرية تجاه الأشخاص على أساس انتمائهم الديني؛ فمثلا تستمر العنصرية بين أتباع المذهب السني والمذهب الشيعي والتي قد تصل إلى صور مدمرة كتفجير المساجد أو القتل أو التنكيل أو المنع من حق ما كالعمل أو اعتلاء منصب ما.
أيضا هناك عنصرية تجاه الأقليات الدينية كالمسيحية واليهودية والمندائية وغيرها. تلك عنصرية أيضا غالبا ما تكون على عدة صور كاستعمال العنف أو الإكراه أو المنع من حق ما كالتصويت أو اعتلاء منصب ما.
العنصرية في الدول العربية
توجد مظاهر للعنصرية في دول الخليج العربي تجاه العمال من الدول الفقيرة وخصوصا الهند وباكستان وبنغلاديش والفلبين وأندونسيا، حيث يجد العمال من تلك الدول عنصرية من بعض المواطنين الخليجيين، وتأخذ تلك العنصرية عدة أوجه كاستعمال العنف أو حجز جوازات السفر أو عدم دفع المرتبات أو تأخيرها وقد تصل حتى إلى القتل أو الاستعباد.
السعودية
- مقالة مفصلة: العنصرية في السعودية
العنصرية ضد الأجانب والمهاجرين
العنصرية تمارس غالبا على العمال الأجانب [3], حيث يشتكي الكثير من مواطني الدول الفقيرة من سوء المعاملة التي يتلقونها من كفلائهم السعوديين كحجز جوزات سفرهم وتعنيفهم وعدم إعطاء مرتباتهم أو تأخيرها أو تعرضيهم لظروف عمل غير مناسبة أو خطرة[4]. لا تقتصر تلك العنصرية على العمال غير العرب ولكن يعاني العمال من الدول العربية أنواعا مختلقة من العنصرية وخصوصا الكلامية منها حيث ينعتون ببعض التسميات المهينة.
العنصرية تجاه السعوديين بتجنس أو ما يعرف بالوافدين
يوجد الكثير من التمييز العنصري تجاه السعوديين الوافدين من غير أصول قبلية أو عربية والذي يسكن أغلبهم في المدن الغربية
ک"جدة و مكة و المدينة وعادة ما يُنعتون بأسماء مختلفة كـ "طرش بحر" وتعني (مسافرون[5] دخلاء من طريق البحر) أو"بقايا حجاج" أو ما إلى ذلك[6]. وتعود تلك الممارسات العنصرية إلى فترة سقوط مملكة الحجاز وتأسيس الدولة السعودية، حيث كان ينظر عرب الحجاز إلى الوافدين نظرة دونية.
العنصرية بين القبائل
ينتشر هذا النوع من العنصرية بين القبائل العربية في السعودية والمتمثلة في طرق تعامل القبائل بين بعضها البعض حيث يشيع تفضيل الأشخاص الذين من نفس القبائل لبعضهم في أشياء مثل المناصب الوظيفية وغيرها.
العنصرية ضد الشيعة السعوديين
يشكل المسلمين الشيعة نسبة من 10% إلى 15% من سكان المملكة العربية السعودية وتتهم الحكومة من قبل منظمات حقوقية بأنها تقوم بتمييز عنصري ممنهج ضد الشيعة في المناصب والوظائف الحساسة مثل تولي الوزارات أو العمل في أجهزة أمنية وعسكرية وكثيراً ما تحدث مواجهات بين الشيعة والحكومة أبرزها أحداث 1979 اللتي وصفت بالدموية اللتي تعرف بانتفاضة محرم أو أحداث القطيف 2011 ، كما تقوم بعض الجماعات اللتي توصف بأنها إرهابية مثل ولاية نجد الفرع السعودي لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بإستهداف دور العبادة الشيعية مثل الحسينيات و المساجد مما ينتج عنها قتلى وجرحى، كما تمارس العنصرية ضد الشيعة من قبل بعض المواطنين على شكل كتابات على شبكة الإنترنت أو احياناً مواجهات بالشارع كما حصل في أحداث عنك 2008 و أحداث البقيع 2009 .
معارضة العنصرية
بالرغم من عدم وجود قوانين تنص على تجريم العنصرية، إلا أن هناك معارضين لمثل تلك المظاهر من منطلق ديني أو أخلاقي، ويُنظر لهؤلاء المعارضين للعنصرية بوصفهم أكثر التزاما دينيا أو أكثر تأدبا.
الأردن
كان الأردن يعرف سابقاً بالضفة الشرقية (لنهر الأردن) خلافا للضفة الغربية والتي هي فلسطين. ولكن منذ قيام دولة إسرائيل عام 1948، وعلى إثر الحرب العربية الاسرائيلية عام 1948، وحرب عام 1967. اضطر العديد من الفلسطنيين إلى مغادرة بلادهم إلى الأردن. يتمتع معظمهم بالمواطنة الأردنية الكاملة. وبلغ عددهم بحلول نهاية عام 2016 نحو 2,175,491. [7]. تنامت مشاعر العنصرية بين الأردنيين والفلسطينيين بعد أحداث أيلول الأسود التي هددت الحكم الهاشمي. تجاوز الشعبان بشكل كبير تلك الأحداث حيث يرتبطون بالدم نتيجة المصاهرة ويجمعهم المصير المشترك. بيد أن مشاعر العنصرية تظهر أحياناً في ملاعب كرة القدم؛ حيث يميل معظم الأردنيين إلى تشجيع فريق الفيصلي، في حين يشجع معظم الفلسطينيين فريق الوحدات. وتظهر أحياناً في الملاعب أعمال شغب وتبادل للشتائم العنصرية.
العراق
خلال الحرب العالمية الثانية لام رشيد عالي الكيلاني البريطانيين بسبب عدائهم لسياسته المناوئه للنازية ضد المجتمع اليهودي العراقي . في عالم 1941 قام العراقيين الوطنيين بقتل 200 يهودي في بغداد خلال البوغروم.[8]
بعد الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948 زاد اضطهاد اليهود العراقيين لدرجة أنه في عام 1951 اتضطر حوالي 100,000 منهم إلى مغاردة البلاد وفقدان جميع ممتلكاتهم المصادرة.[8]
خلال العامين 1987 1988 قامت القوات العراقية تحت حكم صدام حسين بارتكاب مجازر بحق الأكراد حيث قتل المئات من الآلاف في ما يعرف بحملة الأنفال. تشير تقارير الأمم المتحدة أن المسيحيون يشكلون ما يقارب 5 في المئة من مجموع سكان البلاد وأنهم يشكلون مايقارب الأربعين بالمئة من النازحين العراقيين[9][10]. و لقد غادر أكثر من 50 منهم البلاد إبان حرب العراق عام 2003[11].
في بداية الثمانينيات كان عدد المسيحيين في العراق يبلغ 1.4 مليون ولكن إضطر الكثير منهم إلى مغادرة البلاد نتيجة تنامي العداء تجاههم بسبب الغزو الأمريكي؛ وقد نقص عدد المسيحيين إلى 500,000 حيث يعيش 250,000 منهم في بغداد.[12][13]
أيضا لم يسلم المندائيون واليزيديين من الاضطهاد العنصري الذي يجري بحقهم من قبل المتطرفيين الإسلاميين[14][15] .
في 25 مايو من عام 2007 ذكر تقرير أنه تم إعطاء حق اللجوء للولايات المتحدة إلى 69 شخص في فترة سبعة أشهر.[16]
لبنان
اتهمت الحكومة اللبنانية بممارسة تمييز عنصري بحق السكان الفلسطنيين[17][18][19][20]. وفقا لهيومن رايتس ووتش أصدر البرلمان اللبناني قانون يمنع الفلسطنيين حق التملك والذي كان الأخيرون يتمتعون به منذ عقود. إضافة إلى ذلك يقيد القانون حق عمل الفلسطنيين في كثير من المجالات. في عام 2005 تم إلغاء قانون يمنع الفلسطنيين من تقلد مناصب مكتبية وتقنية ؛ و لكن يظل ما يزيد عن 20 مهنة رفيعة المستوى محظورة على الفلسطنيين. استفاد عدد قليل من الفلسطنيين من الإصلاحات التي تمت في عام 2005 و في عام 2009 منح فقط 261 فلسطيني من أصل 145,679 متقدم غير لبناني تصريحات عمل. تقول منظمات المجتمع المدني أن كثيرمن الفلسطنيين يرفض التقديم على تصريح عمل بسبب عدم مقدرتهم على دفع الرسوم ولايرون فائدة في ذلك بسبب منع القانون اللبناني منح مزايا الضمان الاجتماعي لهم."[21]
في عام 2010 منح الفلسطنيون نفس الحقوق الممنوحة للعمال الأجانب.[22]
إسرائيل والأراضي الفلسطينية
في 22 فبراير من عام 2007 نظرت لجنة الأمم المتحدة للقضاء على التمييز العنصري تقرير مقدم من إسرائيل تحت البند التاسع من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. ينص التقرير على أن إسرائيل تمنع التمييز على أساس عرقي وأن دولة إسرائيل تشجب جميع أشكال التمييز العنصري وأن حكومتها تحافظ على سياسة ثابته تحظر مثل هذا التمييز. تم الطعن في صحة هذا التقرير من قبل العديد من التقارير التي قدمت إلى اللجنة المختصة وخصوصا التقارير الصادرة من الدول ذات أغلبية عربية ومسلمة. تدعي جمعية حقوق المواطن في إسرائيل أن إسرائيل تقوم ب"ممارسات التخطيط التمييزية". تدعي عدالة (المركز القانوني لحقوق الأقلية في إسرائيل) أن دولة إسرائيل تنتهج سياسات الأراضي والإسكان التمييزية ضد المواطنيين الفلسطنيين وأنه يتم تجاهل احتياجات المواطنين الفلسطنيين بشكل ممنهج؛ وأشار التقرير المشترك المقدم من 19 منظمة غير حكومية إسرائيلية وفلسطينية و دولية إلى قوانين ومؤسسات الدولة التي تجرد السكان الفلسطنيين والسوريين الأصليين.
انظر أيضاً
المراجع
- "Report of the Committee on the Elimination of Racial Discrimination 68th and 69th session". مكتب الأمم المتحدة للمفوض السامي لحقوق الإنسان. مؤرشف من الأصل في 6 نوفمبر 2018.
- "Racism and the administration of justice". منظمة العفو الدولية. مؤرشف من الأصل في 27 ديسمبر 2004.
- العنصرية تجاه العمالة الأجنبية - تصفح: نسخة محفوظة 14 مايو 2017 على موقع واي باك مشين.
- Saudi Arabia: Foreign Workers Abused - تصفح: نسخة محفوظة 09 فبراير 2015 على موقع واي باك مشين.
- محمد ناصر العبودي،معجم السفر والترحال
- بدوي وطرش بحر! - تصفح: نسخة محفوظة 05 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
- Where We Work | UNRWA - تصفح: نسخة محفوظة 30 مارس 2018 على موقع واي باك مشين.
- ميخائيل روبين. "Iraq." The Continuum Political Encyclopedia of the Middle East. Ed. أفراهام سيلا. New York: Continuum, 2002. pp. 410-419.
- Christians, targeted and suffering, flee Iraq - تصفح: نسخة محفوظة 13 مارس 2012 على موقع واي باك مشين.
- Iraq's Endangered Minorities - تصفح: نسخة محفوظة 22 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
- Out of Iraq, a flight of Chaldeans - تصفح: نسخة محفوظة 06 يوليو 2008 على موقع واي باك مشين.
- Steele, Jonathan (2006-11-30). "We're staying and we will resist". The Guardian. London. مؤرشف من الأصل في 26 يوليو 200822 مايو 2010.
- "Terror campaign targets Chaldean church in Iraq". مؤرشف من الأصل في 25 مايو 2019.
- Crawford, Angus (2007-03-04). "Iraq's Mandaeans 'face extinction". BBC News. مؤرشف من الأصل في 28 يونيو 201804 يناير 2010.
- Iraqi officials: Truck bombings killed at least 500 - تصفح: نسخة محفوظة 18 سبتمبر 2008 على موقع واي باك مشين.
- Ann McFeatters: Iraq refugees find no refuge in America. Seattle Post-Intelligencer May 25, 2007 نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
- خالد أبو طعمة [1] "Where’s the international outcry against Arab apartheid?," March 17, 2011, Jerusalem Post. نسخة محفوظة 27 أبريل 2013 على موقع واي باك مشين.
- Martin Regg Cohn [2] "Not all apartheid is created equal," The Star, March 21, 2011. نسخة محفوظة 26 يناير 2013 على موقع واي باك مشين.
- Adia Massoud [3] "Left in Lebanon," The Guaradian, May 25, 2007 نسخة محفوظة 21 مارس 2009 على موقع واي باك مشين.
- Leeds Palestine Soidarity Campaign, [4] June 24, 2010نسخة محفوظة 26 يوليو 2011 على موقع واي باك مشين.
- Human Rights Watch [5] "Lebanon: Seize Opportunity to End Discrimination Against Palestinians; Remove Restrictions on Owning Property and Working" June 18, 2010 نسخة محفوظة 12 أغسطس 2015 على موقع واي باك مشين.
- Bakri, Nada (August 17, 2010). "Lebanon Gives Palestinians New Work Rights". The New York Times. مؤرشف من الأصل في 12 يوليو 2018.