تُشكل المسيحية في كينيا أكثر الديانات انتشاراً بين السكان،[1] وفقاً لدراسة نشرتها مركز بيو للأبحاث عام 2010 فإن حوالي 82.5% من السكان من المسيحيين.[2][3] دخلت الكاثوليكية لأول في كينيا في القرن الخامس عشر على يد البرتغاليين، وانتشر بسرعة خلال القرن العشرين من قبل المستعمرين. معظم سكان المناطق الغربية من منطقة الساحل من المسيحيين. حالياً تعد الكنائس البروتستانتية الطوائف المسيحيَّة الرئيسية في كينيا، ويشكل أتباعها حوالي 47.4% من التركيبة الدينية في البلاد. في حين يمثل أتباع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية حوالي 23.3% من السكان.[2]
بحسب دراسة تعود إلى عام 2015 حوالي 70,000 مواطن مُسلم كيني تحول إلى المسيحية.[4] كما ولعب التفسير الحرفي للتوراة عند مسيحيين كينيا دوراً هامّاً في تثبيت ختان الذكور في هذا البلد.[5] وبينما مارست عدَّة مُجتمعات مسيحيَّة في البلاد عادة ختان الإناث بسبب العادات والتقاليد المحليَّة، وهو لم تظهر مُعارضته إلَّا على يد البعثات التبشيريَّة الأوروپيَّة.[6]
الطوائف المسيحية
حالياً تعد الكنائس البروتستانتية الطوائف المسيحيَّة الرئيسية في كينيا، ويشكل أتباعها حوالي 47.4% من التركيبة الدينية في البلاد.[2] وتشمل هذه الكنائس الأنجليكانية، والمشيخية، والكالفينية، والميثودية، والمعمدانية، واللوثرية، والكنائس الخمسينية. وتضم كنيسة كينيا الأنجليكانية حوالي خمسة 4.5 مليون عضو،[7] ويتبع الكنيسة المشيخية في شرق أفريقيا حوالي ثلاثة ملايين عضو.[8] في حين يمثل أتباع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية حوالي 23.3% من السكان.[2] وتشمل الكنائس المسيحية غير الكاثوليكية والبروتستانتية كنائس أخرى منها الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية والتي ضمت حوالي 650 ألف عضو في عام 2010، [9] والكنيسة الرسولية الجديدة، والسبتيين وشهود يهوه ويشكلون حوالي 11.8% من السكان.[2] لدى كنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة أكثر من 10,000 عضو في 39 تجمع في كينيا.[10] كما أن لديها مركزين للتاريخ العائلي.[11]
تأسست الكنيسة الأنجليكانية في البداية كأبرشية شرق أفريقيا الاستوائية والتي ضمت كل من أوغندا وكينيا وتنزانيا في عام 1884، مع تنصيب جيمس هانينجتون كأول أسقف لها. ومع ذلك، كان النشاط التبشيري البروتستانتي موجود في المنطقة منذ عام 1844، عندما وصل يوهان لودفيغ كرابف، المبشر اللوثري إلى مومباسا. في عام 1898 انقسمت الأبرشية إلى قسمين، وهي أبرشية مومباسا الجديدة والتي شملت في حدودها كل من كينيا وشمال تنزانيا، وأصبحت الأبرشية الأخرى في وقت لاحق كنيسة أوغندا الأنجليكانية. تم فصل شمال تنزانيا عن الأبرشية في عام 1927. وبدأت التحويلات الجماهيريَّة للأفارقة نحو المسيحية في وقت مبكر من عام 1910. في عام 1955 تم تعيين الأسقف الإفريقي الأول للكنيسة وهو فيستو أولانغ وأوباديا كاريوكي من قبل جيفري فيشر رئيس أساقفة كانتربري. في عام 1960 تم تشكيل مقاطعة شرق أفريقيا الكنسيَّة، والتي ضمت كل من كينيا وتنزانيا، وتم تنصيب ليونارد جيمس بيتشر كمطران لها. لاحقاً تم تقسيم المقاطعة إلى قسمين، حيث كان فيستو أولانج أول رئيس أساقفة أفريقي لمقاطعة كينيا الجديدة في عام 1970. وكان ماناسيس كوريا رئيس أساقفة كينيا من عام 1980 إلى 1994. المطران الحالي هو جوزيف أولي سابيت، الذي تولى منصبه منذ عام 2016.
الحضور في المجتمع
شرعت البعثات التبشيريَّة الپروتستانتيَّة في المُستعمرات البريطانيَّة الشرق أفريقيَّة (كينيا المُعاصرة) تُقاومُ خِتان الإناث خِلال أوائل القرن العشرين، عندما انضمَّ الطبيب الإسكتلندي الدكتور جون آرثر إلى بعثة الكنيسة الإسكتلنديَّة في مُستعمرة «کیکویو» بِوسط كينيا، وعمل جاهدًا لِمنع تلك العادة وإيقافها بين السُكَّان الأصليين لِلبلاد. وكان أغلب الأهالي الذين يختنون أولادهم، الصبيان والبنات على حدٍ سواء، ينتمون إلى قوميَّة الكيكويو، وهي القوميَّة الأكبر والأكثر انتشارًا في البلاد الكينيَّة، وكان بِالإمكان التمييز بين أبنائها وأبناء سائر العرقيَّات بِسبب عادة الخِتان نفسها، إذ أنَّ الكيكويو كانوا يختتنون دون سواهم، ويُسمُّون العمليَّة «إيروا». أمَّا نمط الخِتان الذي كانت تتعرَّض لهُ البنات فكان من النمط الثاني بِحسب الظاهر، أي استئصال البظر والشفرين الكبيرين والصغيرين، أو إزالة الشفرين الصغيرين فقط، وبالنسبة لِلذُكور فكانت تُزال القلفة فحسب. أمَّا نساء الكيكويو غير المختونات فكُنَّ يُنبذن من المُجتمع.[12] بدايةً من سنة 1925، وانطلاقًا من بعثة الكنيسة الإسكتلنديَّة، أقدمت عدَّة بعثات تبشريَّة في أفريقيا على حظر خِتان النساء بين النصارى والمُتنصرين الأفارقة، الأمر الذي تسبب بترك الكثير من الأفارقة لِهذه الكنيسة وطُرد الكثيرون غيرهم.[13] جعلت هذه المُواجهة بين الكنيسة وأهالي البلاد المُتمسكين بِعاداتهم وتقاليدهم، جعلت من الخِتان نُقطةً محوريَّة في حركة الاستقلال الكينيَّة؛ وقد عُرفت الفترة المُمتدَّة بين سنتيّ 1929 و1931 في تاريخ البلاد باسم «عهد الجدال حول خِتان الإناث».[14] في سنة 1929، بدأ المجلس التبشيري في كينيا يُشيرُ إلى خِتان الإناث على أنَّهُ «التشويه الجنسي لِلنساء» مُستبعدًا إيَّاه من نطاق الأفعال الهادفة إلى الطهارة أو الحفاظ على التقاليد المحليَّة، فأصبح موقف المرء من هذه المُمارسة يُنظر إليه على أنَّهُ علامة من علامات الولاء والإخلاص إمَّا لِلكنيسة أو لِجمعيَّة الكيكويو المركزيَّة.[15] وقد بلغ الصراع الثقافي بين المُستعمرين وأهالي البلاد الأصليين مبلغًا كبيرًا أُريقت بِسببه الدماء، فقد اغتيلت المُبشرة الأمريكيَّة العاملة مع بعثة التبشير الأفريقيَّة هيلدا شتومپف سنة 1930، بسبب مُقاومتها لِهذه العادة بِشراسة، وعملها على زرع بُذور رفضها في عُقُول الطالبات المُنتسبات إلى المدرسة التي كانت تُديرُها. وقد أعلم حاكم كينيا اللورد أدوارد كريگ المكتب الاستعماري البريطاني أنَّ القاتل، الذي لم تُكشف هويَّته على الإطلاق، حاول ختن القتيلة بعد أن أنهى حياتها.[16]
كانت الكنيسة الكينية الأنجليكانية نشطة سياسياً طوال تاريخها. وباعتبارها الكنيسة الرسمية للقوة الإستعمارية البريطانية، تمتعت البعثات الأنجليكانية التبشيرية بمكانة متميزة، وندد الدعاة الإنجليكان بشدة بتمرد ماو ماو في عام 1950. وكان عدد من الموالين الكيكويو الذين رفضوا ماو ماو أعضاء في الكنيسة الأنجليكانية النشطة.[17] عندما انتقل الرئيس دانيال أراب موي لتعزيز سلطته عن طريق قمع حرية التعبير والحد من المعارضة السياسيَّة، حيث زعماء الكنيسة الأنجليكانية أتباعهم للدفاع عن الحقوق المدنية. ندد الأسقف ديفيد جيتاري بالضوابط الانتخابية في خطبة عام 1987 والتي تلقت انتقادات كبيرة من أنصار موي، لكن قادة الكنيسة الآخرين سرعان ما انضموا إلى انتقادات جيتاري. في عام 1990 انتقد كل من الأسقف هنري أوكولو وألكسندر موغ تحقيق الدولة في مقتل وزير الخارجية المعتدل روبرت أوكو. وكان الاسقف موغ قد قُتل في حادث سيارة مشتبه به في وقت لاحق من العام بعد تلقى تهديدات مفتوحة من مسؤول حكومي. ودفع موته إلى قيام الأسقف جيتاري، وأوكولو، والقادة الأنجليكان الآخرين بدور عام أكثر نشاطاً، ودعم الانتقال إلى حكومة ديمقراطية متعددة الأحزاب.[18] وأصبح جيتاري رئيس الأساقفة للكنيسة الأنجليكانية في عام 1995 وواصل مشاركة الكنيسة النشطة حول الحقوق المدنية، وذلك بإستخدام منصبه لتعزيز التغييرات الدستورية مثل حدود المدى ولإنتخابات أكثر عدلاً.
وجدت دراسة الدين والتعليم حول العالم قامت بها مركز بيو للأبحاث عام 2016 أنَّ المسيحيون يتفوقون تعليميًا في كينيا على المسلمين حيث أنَّ حوالي 11% من المسيحيين الكينيين غير حاصلين على تعليم رسمي مقابل 59% من المسلمين الكينيين،[19] وعزا بعض علماء الاجتماع ذلك إلى جوانب تاريخية مثل الأنشطة التبشيرية المسيحية خلال فترات الاستعمار الغربي، ويشير روبرت د. ودبيري عالم اجتماع في جامعة بايلور أن للمُبشرين البروتستانت في أفريقيا "كان لهم دور فريد في نشر التعليم الشامل" بسبب الأهمية الدينية لدراسة وقراءة الكتاب المقدس، حيث قام المُبشرين في ترجمة الكتاب المقدس للغات المحليَّة وفي إنشاء المدارس لتعزيز معرفة القراءة والكتابة،[20] ويشير ناثان نان أستاذ الاقتصاد في جامعة هارفارد أنَّ التعليم "هو المكافأة الرئيسية قبل المبشرين لجذب الأفارقة للمسيحية". كما وشجع المبشرين البروتستانت على تعليم المرأة ومحو الأمية بين النساء.[21]
مراجع
- كينيا: مركز بيو للأبحاث - تصفح: نسخة محفوظة 3 نوفمبر 2019 على موقع واي باك مشين.
- The World Factbook - تصفح: نسخة محفوظة 28 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
- "Pew Research Center's Religion & Public Life Project: Kenya" - تصفح: نسخة محفوظة 20 يناير 2018 على موقع واي باك مشين.
- Johnstone, Patrick; Miller, Duane Alexander (2015). "Believers in Christ from a Muslim Background: A Global Census". IJRR. 11: 14. مؤرشف من الأصل في 28 سبتمبر 201906 ديسمبر 2015.
- Williams, B G (2006). "The potential impact of male circumcision on HIV in sub-Saharan Africa". PLos Med. 3 (7): e262. doi:10.1371/journal.pmed.0030262. PMC . PMID 16822094.
- Jocelyn Murray, "The Church Missionary Society and the 'Female Circumcision' Issue in Kenya 1929–1932," Journal of Religion in Africa, 8(2), 1976, pp. 92–104. جايستور 1594780
- [D.Nkonge Kagema's PhD thesis, 2008, p. 62]
- The World Reformed Fellowship – Promoting Reformed Partnerships Worldwide – News. Wrfnet.org. Retrieved 16 April 2013. نسخة محفوظة 27 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
- Table: Christian Population in Numbers by Country. Pew Research Center: Religion & Public Life. DECEMBER 19, 2011. Retrieved: 7 February 2017. نسخة محفوظة 21 يوليو 2017 على موقع واي باك مشين.
- "Facts and Statistics", Newsroom, LDS Church, 1 January 2012, مؤرشف من الأصل في 18 أبريل 2019,09 مارس 2013
- LDS Meetinghouse Locator.Latter Day Saint Facilities. نسخة محفوظة 07 أغسطس 2013 على موقع واي باك مشين.
- Lynn M. Thomas,'Ngaitana (I will circumcise myself)': Lessons from Colonial Campaigns to Ban Excision in Meru, Kenya" in Shell-Duncan and Hernlund, 2000, p. 132.
For irua, Jomo Kenyatta, Facing Mount Kenya, New York: Vintage Books, 1962 [1938], p. 129; for irugu being outcasts, Kenyatta, p. 127, and Zabus 2008, pp. 48–49. نسخة محفوظة 04 أبريل 2016 على موقع واي باك مشين.
- Klaus Fiedler, Christianity and African Culture, Leiden: Brill, 1996, p. 75.
- Boddy 2007, pp. 241–245; Ronald Hyam, Empire and Sexuality: The British Experience, Manchester: Manchester University Press, 1990; Murray 1976, pp. 92–104. نسخة محفوظة 13 أكتوبر 2013 على موقع واي باك مشين.
- Thomas 2000, p. 132; for the "sexual mutilation of women," Karanja 2009, p. 93, n. 631.
Also see Robert Strayer, Jocelyn Murray, "The CMS and Female Circumcision", in Robert Strayer (ed.), The Making of Missionary Communities in East Africa, New York: State University of New York Press, 1978, p. 139ff. نسخة محفوظة 08 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- Boddy 2007, pp. 241, 244.
Dana Lee Robert, American Women in Mission: A Social History of Their Thought and Practice, Macon: Mercer University Press, 1996, p. 230. نسخة محفوظة 13 أكتوبر 2013 على موقع واي باك مشين.
- Renison Muthiri Githige, “The Mission State Relationship in Colonial Kenya: A Summary,” Journal of Religion in Africa, 1982, pp. 110-125
- Galia Sabar-Friedman, “‘Politics’ and ‘Power’ in the Kenyan Public Discourse and Recent Events: The Church of the Province of Kenya (CPK),” Canadian Journal of African Studies, 1995, pp. 429-453
- الدين والتعليم حول العالم مركز بيو للأبحاث حول الدين والحياة العامة، ديسمبر 2016. (بالإنجليزية) نسخة محفوظة 20 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- الدين والتعليم حول العالم، مرجع سابق، ص.120
- الدين والتعليم حول العالم، مرجع سابق، ص.129