تُعد ظاهرة الاستعمار التاريخية، واحدة من الظواهر التي انتشرت في جميع أنحاء العالم عبر الزمان، وامتدت لتشمل شعوبًا متابينة مثل الحثيين والأنكا والبريطانيين. بدأت دولة الاستعمار الحديث العالمي، أوالإمبريالية، في القرن ال15 تزامنًا مع"عصر الاستكشاف"، مُنقادة بالاستكشاف البرتغالي والإسباني للأمريكتين، وسواحل أفريقيا والشرق الأوسط والهند وشرق آسيا. وخلال القرنين ال16 وال17، أسست انجلترا وفرنسا والجمهورية الهولندية إمبراطورياتهم الخاصة وراء البحار، في ظل منافسة مباشرة مع بعضهم البعض. وشهدت نهاية القرن ال 18 وأوائل القرن ال 19، الحقبة الأولى من إنهاء الاستعمار، عندما نالت معظم المستعمرات الأوروبية في الأمريكتين استقلالها عن العواصم المعنية.
و ضعفت إسبانيا بشكل لا رجعة فيه بعد خسارة مستعمراتها في العالم الجديد، ولكن وجهت مملكة بريطانيا العظمى( بعد توحد اسكتلندا مع إنجلترا وويلز)، وفرنسا، والبرتغال، وهولندا اهتمامهم إلى العالم القديم، وخاصة جنوب أفريقيا، والهند، و جنوب شرق آسيا، حيث أُُنشأت بالفعل المستوطنات الساحلية. وأدت الثورة الصناعية الثانية، في القرن ال19، إلى ما أُصطلح على تسميته بعصر الإمبريالية الجديدة، عندما تسارعت وتيرة الاستعمار سريعًا، وكان أعلاها في إفريقيا، حيث كانت بلجيكا صاحبة النصيب الأكبر وكانت ألمانيا الشريك صاحب النصيب الأقل.
وفي غضون القرن ال20، وُزعت مستعمرات الخاسرين في الحرب العالمية الأولى بين المنتصرين بوصفها ولايات، ولكن لم تبدأ المرحلة الثانية من إنهاء الاستعمار جديًا إلا بنهاية الحرب العالمية الثانية. وفي عام 1999، تنازل البرتغال عن المستعمرة الأوروبية الأخيرة في آسيا، ماكاو، إلى الصين، وأنهى بذلك، الحقبة التي استمرت ستمائة سنة.
الاستكشاف البرتغالي والإسباني والاستعمار
تعود جذور الاستعمار الأوروبي لنصفي الكرة الأرضية الشرقي والغربي على حد سواء إلى الاستكشاف البرتغالي. وقد كانت هناك دوافع دينية ومالية وراء هذا الاستكشاف. فمن خلاله يتمكن البرتغالييون من إيجاد مصدرًا لتجارة التوابل المربحة، وجني الأرباح لأنفسهم. و يتمكنون أيضًا من تحقيق حلم وجود مملكة أسطورية مسيحية للكاهن يوحنا، بهدف تطويق الدولة العثمانية الإسلامية.وقد وضعت القدم الأولى خارج أوروبا بغزو سبتة في 1415. وخلال القرن ال15، اكتشف البحارة البرتغاليون جزر المحيط الأطلسي ماديرا، جزر الأزور، والرأس الأخضر، والتي كان يجب تعميرها بالسكان، وواصلوا الاستكشاف تدريجيا على طول الساحل الأفريقي الغربي حتى أثبت بارتولوميو دياس أنه من الممكن الإبحار حول إفريقيا عبر طريق رأس الرجاء الصالح في 1488، مما يمهد الطريق إلى فاسكو دا غاما واللوصول إلى الهند في 1498.
وأدت النجاحات البرتغالية إلى تمويل كريستوفر كولومبوس لبعثة إسبانية عام1492 لاستكشاف طريق بديل إلى آسيا، من خلال الإبحار غربًا. وعندما وصل كولومبوس في نهاية المطاف إلى اليابسة، ما يسمى الآن جزر البهاما، اعتقد أنه قد وصل إلى سواحل اليابان، ولكنه في الواقع كان قد "اكتشف" الجزر المحيطية بقارة جديدة وهي القارة الأمريكية.
وبعد أن عاد كولومبس إلى أوروبا، سُويت المطالبات المتنافسة الإسبانية والبرتغالية حول الأراضي غير المكتشفة في عام 1494 بعقد معاهدة توردسيلاس، التي قسمت العالم خارج أوروبا في الاحتكار الثنائي الخاص بين ولي عهد البرتغال ولي عهد البرتغال وتاج قشتالة(إسبانيا) على طول خط طول 370 فرسخ، غرب جزيرة الرأس الأخضر. وتقنيًا، كان ذلك يعني أن كل من الأمريكتين مفتوحة أمام الاستعمار الإسباني، ولكن عندما انحرفت رحلة رحلة بيدرو ألفاريز كابرال إلى الهند عن مسارها ووضع قدميه على الساحل البرازيلي، انتهى هذا الحاد الملاحي بعدم القدرة في ذلك الوقت على قياس الطول بدقة، فأصبحت البرازيل تابعة للنصف البرتغالي.
وقد خضعت هذه الحدود التي نصت عليها معاهدة توردسيلاس للاختبار مرة ثانية عندما وصل المستكشف البرتغالي، فرديناند ماجلان، الذي أبحر تحت العلم الإسباني، إلى الفلبين في 1521. وهم حتى الآن إمبراطوريتان عالميتان، انطلقتا من توجهات متباينة، واتحدتا في النهاية أمام الجانب الآخر من العالم.
وفي غضون القرن ال16 واصل البرتغاليون بسط نفوذهم شرقًا وغربًا على حد سواء إلى المحيطات. ونحو آسيا، خلقوا الاتصال الأول المباشر بين الأوروبيين والشعوب التي تسكن بلدان يومنا هذا مثل موزمبيق ومدغشقر، وسري لانكا وماليزيا وأندونيسيا وتيمور الشرقية 1512، والصين، وأخيرًا اليابان. وفي الاتجاه المقابل، احتل البرتغاليون أراضي ضخمة، أصبحت تُعرف في نهاية الأمر بالبرازيل. وأقام الغزاة الإسباينيون نيابات ملكية واسعة من إسبانيا الجديدة وبيرو، وفيما بعد من ريو دي لا بلاتا (الأرجنتين) وغرناطة الجديدة (كولومبيا). وفي آسيا، واجه البرتغالييون المجتمعات القديمة المأهولة بالسكان، وأنشأوا إمبراطورية بحرية تألفت من مراكز تجارية ساحلية مسلحة على طول الطرق التجارية الخاصة بهم(مثل غوا، ملقا وماكاو)، لذلك كان تأثيرهم الثقافي ضئيل نسبيًا على هذه المجتمعات. وفي نصف الكرة الغربي، شمل الاستعمار الأوروبي هجرة أعداد كبيرة من المستوطنين والجنود والإداريين العازمين على امتلاك الأراضي واستغلال(كما يراها معايير العالم القديم) الشعوب البدائية التي كانت تبدو أنها الشعوب الأصلية في الأمريكتين. وكانت النتيجة أن استعمار العالم الجديد كان كارثيًا: كانت الشعوب الأم لا تضاهي تكنولوجيا الأوروبيين، وقسوتهم، وأمراضهم التي قضت على السكان الأصليين.
وتسبب تعامل الإسبانيين مع السكان الأصليين جدلًا حادًا، وهو جدل Valladolid، حول ما إذا كان الهنود يمتلكون أرواحًا وإذا كان الأمر كذلك، هل لهم حق التمتع بالحقوق الأساسية للبشرية. ودافع بارتولومي دي لاس كاساس، مؤلف الحساب الملخصة عن تدمير جزر الهند، عن السكان الأصليين، وكان يعارضه سيبولفيدا، الذي ادعى أن الهنود الأمريكيين كانوا" عبيد الطبيعية".
وكان للكنيسة الكاثوليكية دورًا كبيرًا في الأنشطة الخارجية الإسبانية والبرتغالية. وكان الدومنيكان، اليسوعيون، والفرنسيسكان، ولا سيما فرانسيس كزافييه في آسيا وجونيبيرو سيرا في أمريكا الشمالية، يقومون بنشاط هام، في هذا المسعى بشكل خاص. ولا تزال العديد من المباني التي شيدها اليسوعيون قائمة، مثل كاتدرائية سانت بول في ماكاو وسانتيسيما ترينيداد دي بارانا في باراغواي، وتتُعد الأولى مثال على انقسام اليسوعية. ولا تزال مباني بعثات الدومينيكان الفرنسيسكان في ولاية كاليفورنيا ونيو مكسيكو قائمة، مثل مبنى سانتا باربرا في سانتا باربرا بولاية كاليفورنيا وسان فرانسيسكو وكنيسة أسيس في رانتشوس دي تاوس، نيو مكسيكو.
وكما يحدث بشكل مميز في أي استعمار، أوروبي كان أو لا، سابق أو لاحق، استفادت إسبانيا والبرتغال استفادة رائعة من المستعمرات المكتشفة حديثًا في الخارج: استفاد الإسبانييون من الذهب والفضة المُستخرجة من المناجم مثل بوتوسي و زاكاتيكا في نيو إسبانيا واستفادت البرتغال من الأرباح الباهظة التي حصلت عليها باعتبارها وسيطًا في عملية التجارة، ولا سيما خلال نامبان التجارية في اليابان. سمحت المعادن الثمينة التي تدفقت إلى خزائن المملكة الإسبانية، لها بتمويل الحروب الدينية المُكلِفة في أوروبا، والتي أثبتت في النهاية تفككها: كانت المعادن لا حصر لها، فتسببت في حدوث تدفق كبير، أدى إلى التضخم والديون.
مواجهة شمال أوروبا للهيمنة الأيبيرية
لم يمض وقت طويل على المطالبات اللتفرد الأيبيرية للسيطرة على الأمريكتين، حتى ظهرت قوى أوروبية أخرى معارضة، وكان في مقدمة هذه القوى هولندا وفرنسا وإنجلترا: وتجسدت وجهة النظر التي اتخذها حكام هذه الدول في الاقتباس المنسوب إلى فرانسيس الأول ملك فرنسا الذي طالب بأن يُوضَح له بند في إرادة آدم يستثني سلطته في العالم الجديد.
أخذ هذا التحدي في البداية شكل هجمات القرصنة(مثل تلك التي وجهها فرانسيس دريك) على أساطيل كنز الإسبانية أو المستوطنات الساحلية، ولكن بدأت في وقت لاحق دول شمال أوروبا في إقامة المستوطنات تلقاء نفسها، ولا سيما في المناطق التي كانت خارج المصالح الإسبانية، مثل ما هو الآن في الساحل الشرقي من الولايات المتحدة وكندا، أو الجزر في الكاريبي، مثل أروبا، مارتينيك وبربادوس، التي كان قد هاجرتها إسبانية من أجل البر الرئيسي والجزر الأكبر.
في حين استند الاستعمار الإسباني إلى التحول الديني واستغلال السكان المحليين من خلال نظام ال encomiendas( هاجر العديد من الإسبان إلى الأمريكتين لرفع وضعهم الاجتماعي، وكانوا لا يرغبون في العمل اليدوي)، عُزِز الاستعمار الأوروبي الشمالي من خلال الهجرة لأسباب دينية(على سبيل المثال، رحلة ماي فلاور). لم يكن دافع الهجرة أن يصبح الفرد أرستقراطيًا أو أن أو ينشر لإيمان ولكن كان دافعها خلق مجتمع جديد يُبنى وفقًا لرغبات المستعمر. وكانت الهجرة الأكثر اكتظاظا بالسكان في القرن ال17 هي هجرة الإنجليز، الذين جاءوا بعد سلسلة من الحروب الهولندية والفرنسية ليسيطروا على المستعمرات الثلاثة عشر على الساحل الشرقي المعروفة في وقتنا الحاضر بالولايات المتحدة، وعلى المستعمرات الأخرى مثل نيوفاوندلاند ولاند روبرت في ما هو الآن كندا.
ومع ذلك، كان الإنجليز والهولندييون والفرنسييون أكثر نفورًا من تحقيق ربح من وراء إسبانيا والبرتغال، وبينما كانت مناطق مستوطناتهم ة في الأمريكتين تخلو من المعادن الثمينة التي عثر عليها الإسبان، أوجدت التجارة في السلع والمنتجات الأخرى التي كان يمكن بيعها وكسب الربح الهائل في أوروبا، سببًا آخرًا لعبور المحيط الأطلسي، وبخاصة للحصول على الفراء من كندا والتبغ والقطن المزروعين في ولاية فرجينيا والسكر في جزر الكاريبي والبرازيل. وبسبب الاستنزاف الهائل للعمالة المحليين، كان أصحاب المزارع يبحثون في أمكان أخرى على الأيدي العاملة نظرًا للعمالة الكثيفة التي كانت تحتاجها هذه المحاصيل. فاتجهوا إلى قرون تجارة الرقيق القديمة في غرب أفريقيا، وبدأوا في نقل الأفارقة عبر المحيط الأطلسي على نطاق واسع - ويقدر المؤرخون أن تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي جلبت بين 10 و 12 مليون إفريقي (ومعظمهم من السود) من العبيد إلى العالم الجديد. وسرعان ما سكن جزر الكاريبي عبيد من أصول إفريقية، حكمتهم أقلية بيضاء من أصحاب المزارع كانت ترغب في تكوين الثروة ومن ثم العودة إلى وطنها لإنفاقها.
دور الشركات في بداية الاستعمار
منذ البداية، كان الاستعمار الغربي معروف بكونه الشركة ذات القطاعين العام والخاص. وقد مول المستثمرون الإيطاليون جزئيًا رحلات كولومبس إلى الأمريكتين من قبل، ولكن في حين حفاظ الدولة الإسبانية على وجود قوانين مشددة على التجارة مع مستعمراتها(بموجب القانون، يمكن للمستعمرات التعامل مع منفذ تجاري وحيد في البلد الأم وتُستعاد الثروات في قوافل خاصة)، منح الإنجليز، والفرنسييون والهولنديون ما كان مُحتكرًا إلى شركات المساهمة مثل شركات الهند الشرقية وشركة خليج هدسون. لم تكن للإمبراطورية الروسية دولة ترعى بعثاتها أو استيطانها في الأمريكتين، ولكن فعل ذلك الميثاق الأول للمؤسسة التجارية الروسية، والشركة الروسية الأمريكية، التي رعت هذه الأنشطة في أراضيها.
المستعمرات الأوروبية في الهند
في مايو 1498 وطأت قدم البرتغاليين كوزيكود في ولاية كيرالا. وشهد التنافس بين القوى الأوروبية السائدة دخول هولندا، إنجلترا، فرنسا، الدنمارك وغيرها. وتولى الأوروبيون عرش ممالك الهند تدريجيًا وسيطر عليها بشكل غير مباشر الحكام الدمى. وفي عام 1600، أصدرت الملكة إليزابيث الأولى ميثاقًا، لتشكيل شركة الهند الشرقية للتجارة مع الهند وشرق آسيا. ونزح الإنجليز إلى سورات في الهند عام 1612. وبحلول القرن ال19، تولوا السيطرة المباشرة وغير المباشرة على معظم أرجاء الهند.
الاستقلال في الأمريكتين( 1770- 1820)
خلال العقود الخمسة التالية لعام 1770، فقدت بريطانيا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال العديد من ممتلكاتهم في الأمريكتين.
بريطانيا والمستعمرات الثلاثة عشر
عقب انتهاء حرب السنوات السبع "في عام 1763، كانت بريطانيا قد برزت بوصفها القوة المهيمنة في العالم، ولكنها وجدت نفسها غارقة في الديون وتكافح من أجل تمويل البحرية والجيش لضرورة الحفاظ على إمبراطورية عالمية. وأثارت محاولة البرلمان البريطاني لرفع الضرائب عن المُستعمِرين في أمريكا الشمالية، المخاوف بين الأميركيين بأن حقوقهم باعتبارهم"إنجليز"، وبخاصة حقهم في الحكم الذاتي، أصبحت في خطر.
ومنذ عام 1765، أدت سلسلة من الخلافات مع البرلمان على فرض الضرائب إلى الثورة الأمريكية، أولًا لوجود لجان غير رسمية للمراسلات بين المستعمرات، ثم وجود احتجاج منظم ومعارضة، وتزامن ذلك مع وقوع حادث هام في عام 1770، وهو مذبحة بوسطن. وقد شكلت المستعمرات المتحدة جيشًا نظاميًا، وأعلن الاستقلال، الكونغرس القاري الثاني في 4 يوليو 1776.
وحارب الوطنيون البريطانييون في الحرب الأمريكية الثورية(1775-1783). وبدأت أعمال التمرد الرسمية ضد السلطة البريطانية في عام 1774 عندما ألغ باتريوت سوفولك تقرر بشكل فعلي الحكومة الشرعية في مقاطعة خليج ماساشوستس وطرد جميع المسؤولين الملكيين. وكانت التوترات الناجمة عن هذا ستؤدي إلى اندلاع القتال بين ميليشيات باتريوت والنظاميين البريطانيين في ليكسينغتون وكونكورد في أبريل 1775.
واصلت حرب الاستقلال الأمريكية حتى عام 1783 عندما تم التوقيع على معاهدة باريس. اعترفت بريطانيا سيادة الولايات المتحدة على الأراضي المحصورة بين الممتلكات البريطانية إلى الشمال، فلوريدا إلى الجنوب، ونهر المسيسيبي في الغرب.
فرنسا والثورة الهايتية (1791-1804)
الثورة الهايتية، هي ثورة العبيد بقيادة توسان لوفرتير في المستعمرة الفرنسية سانت دومينيك، أنشأت هايتي بوصفها جمهورية حرة للسود، وكان ذلك الحدث الأول من نوعه. أصبحت هايتي الدولة الثانية المستقلة، التي كانت مستعمرة أوروبية سابقة في نصف الكرة الغربي، بعد الولايات المتحدة. حرر الأفارقة والمنحدرون من أصل إفريقي أنفسهم من العبودية والاستعمار من خلال الاستفادة من الصراع بين البيض حول كيفية تنفيذ إصلاحات الثورة الفرنسية في هذا المجتمع الرقيق. وعلى الرغم من إعلان استقلالها في عام 1804، لم يعترف الملك شارل العاشر ملك فرنسا، بذلك رسميًا قبل عام 1825.
إسبانيا وحرب الاستقلال في أمريكا اللاتينية
وقد بدأ انحدار إسبانيا التدريجي باعتبارها قوة استعمارية خلال القرن ال17 قبل حرب الخلافة الإسبانية(1701-1714)، والتي كانت نتيجتها فقد إسبانيا ممتلكاتها الأوروبية الإمبريالية. كان المسمار الأخير في نعش الإمبراطورية الإسبانية في الأمريكتين غزو نابليون لشبه الجزيرة الأيبيرية في 1808. وبتنصيب شقيقه جوزيف على العرش الإسباني، انقطعت الربطة الرئيسيية بين الحواضر الكبيرة ومستعمراتها الأمريكية، وبين الملكية الإسبانية، مما دفع المُستعمِرين إلى التساؤل حول استمرار تبعيتهم إلى بلد متدهور وناءٍ. وبالتمعن في أحداث الثورة الأمريكية التي اندلعت قبل أربعين عامًا، بدأ القادة الثورييون الحروب الدامية ضد إسبانيا لنيل الاستقلال، التي لم تتمكن جيوشها في النهاية من الحفاظ على السيطرة. وقبل عام 1831، طُرِدت إسبانيا من البر الرئيسي للقارة الأمريكية، تاركة مجموعة من الجمهوريات المستقلة التي امتدت من تشيلي والأرجنتين في الجنوب إلى المكسيك في الشمال. وخُفضت ممتلكات المستعمرات الإسبانية لتشمل كوبا وبورتوريكو والفلبين وعدد من الجزر الصغيرة في المحيط الهادئ، وكانت إسبانيا على وشك خسارة كل هذه الممتلكات أمام الولايات المتحدة في الحرب الأمريكية الإسبانية 1998 أو بيعها لألمانيا بعد فترة وجيزة.
البرتغال والبرازيل
كانت البرازيل هي الدولة الوحيدة في أمريكا اللاتينية التي حصلت على الاستقلال دون إراقة الدماء. فقد أجبر غزو البرتغال بقيادة نابليون في عام 1808، الملك جواو السادس للهروب إلى البرازيل وإقامة قصره في ريو دي جانيرو. ولمدة ثلاثة عشر عامًا، كانت البرازيل تحكم البرتغال( ويعتبر ذلك المال الوحيد على اعكاس الأدوار بين ُُُمُستعمَرة وحواضر كبيرة) حتى عودته إلى البرتغال في عام 1821. وقد ترك ابنه، دوم بيدرو، مسؤولًا عن البرازيل وفي عام 1822 أعلن الاستقلال عن البرتغال وعين نفسه إمبراطورًا للبرازيل. وبخلاف المستعمرات الإسبانية السابقة التي تخلت عن النظام الملكي لصالح الجمهوري، احتفظت البرازيل بصلاتها مع نظامها الملكي، بيت براغانزا.
الهند(1858 فصاعدًا)
البريطانييون في الهند
وأخذت شركة الهند الشرقية الإنجليزية الإذن من الإمبراطور المغولي جهانجير عام 1617 بالتجارة في الهند[1]. وتدريجيًا دفعت زيادة نفوذ الشركة الإمبراطور المغولي فاروق صير إلى منحها تصاريحًا للتجارة الحرة المعفاة من الرسوم الجمركية في ولاية البنغال في 1717.[2] وعارض الحاكم الفعلي للبنغال، نواب میرزا محمد سراج الدولة محاولات البريطانيين لاستخدام هذه التصاريح. فأدى ذلك إلى معركة بلاسي عام 1757، والتي هزمت فيها جيوش شركة الهند الشرقية، بقيادة روبرت كلايف، قوات نواب. وكان هذا أول موطئ قدم سياسي ذا آثار إقليمية يكتسبه البريطانييون الهند.وعينت الشركة، كلايف، أول حاكم لها في البنغال في 1757.[3] واجتمع هذا مع الانتصارات البريطانية على الفرنسيين في مدراس، وانديواش وبونديشيري، والتي ساهمت بجانب النجاحات البريطانية التي تحققت على نطاق أوسع خلال حرب السنوات السبع، إلى تقليل النفوذ الفرنسي في الهند. وبعد معركة بوكسار 1764، قامت الشركة بشراء الحقوق المدنية للإدارة في ولاية البنغال من الإمبراطور المغولي شاه علام الثاني؛ ومثل ذلك بداية حكمها الرسمي، الذي كان يحدق في نهاية المطاف إلى السيطرة على معظم الهند وإخماد حكم المغول والأسرة الحاكمة نفسها في أقل من قرن من الزمان.[4] واحتكرت شركة الهند الشرقية للتجارة البنغال. كما أنها أدخلت نظام الضرائب المفروضة على الأراضي وهو ما كان يُسمى ابلتسوية الدائمة التي أدخلت على هيكل يشبه الإقطاعية(تواجد في Zamindar) في ولاية البنغال. وبحلول خمسينات القرن التاسع عشر، سيطرت شركة الهند الشرقية على معظم شبه القارة الهندية، والتي تشمل في الوقت الحاضر باكستان وبنغلاديش. وقد تلخصت سياستهم في بعض الأحيان في فكرة فرق تَسُد، مُستفيدة من العداء الشديد بين مختلف الولايات الأميرية والفئات الاجتماعية والدينية.
أدت أول حركة كبيرة ضد حكم الشركة البريطانية إلى التمرد الهندي عام 1857، والمعروف أيضًا باسم"التمرد الهندي" أو "تمرد سيبوي" أو"الحرب الأولى للاستقلال". وبعد عام من الاضطراب، وتعزيز شركة الهند الشرقية قواتها من خلال الجنود البريطانيين، تغلبت الشركة على التمرد. ونُفي الزعيم الروحي للانتفاضة، وآخر أباطرة المغول شاه ظفر، إلى بورما، وقُطِعت رؤوس أولاده ومُحيَت السلالة المغولية. وفي أعقاب ذلك انتقلت السلطة كلها من شركة الهند الشرقية إلى التاج البريطاني، والذي بدأ في إدارة معظم أنحاء الهند باعتبارها مستعمرة. كانت الشركة تدير مباشرة الأراضي وكان حكام ما سُمي بالولايات الأميرية يشرفون على الباقي. كانت هناك 565 دولة أميرية عندما حصلت شبه القارة الهندية على استقلالها عن بريطانيا في أغسطس 1947[5].
وخلال فترة الحكم البريطاني، غالبًا ما كانت يعزى سبب المجاعات في الهند إلى السياسات الحكومية الفاشلة، وكانت تلك المجاعات من أسوأ ما سُجِل في أي وقت مضى، ومنها المجاعة الكبرى 1876-1878، والتي مات إثرها ما بين 6.1 إلى 10.3 مليون فرد[6]، والمجاعة الهندية 1899-1900، والتي راح ضحيتها ما بين 1.2 إلى 10 مليون فرد.[6] وظهر وباء الطاعون الثالث في الصين في منتصف القرن ال19، وانتشر الطاعون في جميع القارات المأهولة وقتل 10 ملايين شخص في الهند وحدها.[7] وعلى الرغم من الأمراض الثابتة والمجاعات، فإن عدد سكان شبه القارة الهندية، والذي بلغ حوالي 125 مليون نسمة في عام 1750، قد وصل إلى 389 مليون نسمة قبل عام 1941[8].
الإمبريالية الجديدة(1870-1914)
وغالبًا ما عُرفت سياسة التوسع الاستعماري الأوروبي وفكره بين سبعينات القرن التاسع عشر الميلادي( حوالي عام افتتاح قناة السويس و قيام الثورة الصناعية الثانية) واندلاع الحرب العالمية الأولى في عام 1914 باسم"الإمبريالية الجديدة". وتميزت الفترة بالسعي غير المسبوق وهو ما اصطُلِح على تسميته"إمبراطورية من أجل الإمبراطورية"، وبالمنافسة العدائية لاكتساب أراضي ما وراء البحار، وبظهور مذاهب التفوق العنصري في البلدان، الذي حرم الشعوب المقهورة من الحكم الذاتي، بإنكار لياقة تلك الشعوب للقيام بذلك.
وخلال هذه الفترة، أضافت القوى الأوروبية ما يقارب من 8.880.000 ميل مربع (23.000.000 كيلو متر مربع) إلى متلكاتها الاستعمارية في الخارج. وحيث احتلتها القوى الغربية في أواخر ثمانينات القرن التاسع عشر، أصبحت إفريقيا الهدف الأساسي للتوسع الإمبريالي" الجديد"، (المعروف باسم الزحف نحو أفريقيا)، وعلى الرغم من ذلك وقع الغزو أيضًا على مناطق أخرى - لاسيما جنوب شرق آسيا وساحل شرق آسيا، حيث انضمت اليابان إلى زحف القوى الأوروبية على الأراضي.
وتوسط مؤتمر برلين (1884-1885)، المنافسة الإمبريالية بين بريطانيا وفرنسا وألمانيا واضعًا تعريفًا ل"الاحتلال الفعلي" بوصفه معيار للاعتراف الدولي بالمزاعم الاستعمارية وتقنين فرض الحكم المباشر، الذي ما يتحقق عادة من خلال القوة المسلحة.
وبعد مرور عقد، كانت الإمبريالية المتنافسة ستصطدم في عام 1898 بحادثة فشودة، والتي اجتُنِبَت خلالها الحرب بين فرنسا وبريطانيا بشق النفس. أدى هذا الخوف إلى تحالفات جديدة، وفي عام 1904 وُقِعَت مُعاهدة الوفاق بين كل من السُلطات. وكان التنافس الإمبريالي بين القوى الأوروبية السبب الرئيسي في قيام الحرب العالمية الأولى في عام 1914.
وفي ألمانيا، اقترن تزايد رابطة الشعوب الجرمانية بلإمبريالية في آلديوتشيه فيرباند (" pan germanic league")، الذي ذكر أن وضع القوة العالمية الممنوح لبريطانيا أعطاها مزايا غير عادلة في الأسواق العالمية، مما يُحد من النمو الاقتصادي في ألمانيا ويهدد أمنها.
التدافع على إفريقيا
واعتُبِر أن هذا الموجة الثالثة للاستعمار الأوروبي، وبعد اللتين حدثتا في الأمريكتين وآسيا. وأراد العديد من رجال الدولة الأوروبية والصناعيين تسريع التدافع على أفريقيا، وتأمين المستعمرات قبل أن يحتاجونها بشدة. فاندفع بطل السياسة الواقعية، بسمارك إلى رؤية Weltpolitik ("العالم السياسي")، والتي تعتَبِر الاستعمار ضرورة للسلطة الألمانية الناشئة. وكانت للمستعمرات الألمانية في توغولاند، ساموا، جنوب غرب أفريقيا وغينيا الجديدة شركات ذات جذور تجارية، في حين كانت المناطق المكافئة لتلك التي يهيمن عليها الألمانييون في شرق أفريقيا والصين مدينة بالكيثير نتيجة دوافع سياسية. كما استفاد البريطانيون في أفريقيا، وذلك من خلال شركة شرق أفريقيا للسيطرة على ما يعُرف الآن بكينيا وأوغندا. وتولى التاج البريطاني الحكم رسميًا في عام 1895 أعاد تسمية المنطقة لتُعرف بمحمية شرق إفريقيا.
وامتلك ، ملك بلجيكا، ليوبولد الثاني، شخصيًا دولة الكونغو الحرة 1885-1908، في حين استمر الهولندييون في الاحتفاظ بجزر الهند الشرقية الهولندية.
وبالطريقة نفسها، وحاولت إيطاليا أن تغزو"مكانًا تحت أشعة الشمس"، مكتسبة أرض الصومال في 1899-1890 وإريتريا في عام 1899، والاستفادة من"رجل أوروبا المريض"، و غزت الدولة العثمانية أيضًا، طرابلس وبرقة(ليبيا الحديثة) بسبب معاهدة لوزان 1911. واضطُر إلى إرجاء غزو إثيوبيا، التي ظلت آخر الأراضي الأفريقية المستقلة، لانتظار انتهاء الحرب الإيطالية الحبشية الثانية في 1935-1936 (انتهت الحرب الإيطالية الإثيوبية الأولى في 1895-1896 بهزيمة إيطاليا).
كانت الإمبراطورية الاستعمارية البرتغالية والإسبانية أصغر، معظمهم ممتلكات الاستعمار في الماضي. واكتسبت معظم مستعمراتهما الاستقلال خلال الثورات في أمريكا اللاتينية في بداية القرن ال19.
الإمبريالية في آسيا
وفي آسيا، كانت اللعبة العظمى، التي استمرت 1813-1907، وأدت إلى معارضة الإمبراطورية البريطانية للإمبراطورية الروسية بشأن السيادة في آسيا الوسطى. وكانت أبواب الصين مفتوحة أمام النفوذ الغربي بدءً من حروب الأفيون الأولى والثانية (1839-1842، 1856-1860). وبعد زيارات كومودور ماثيو بيري في 1852-1854، انفتحت اليابان أيضًا على العالم الغربي خلال عصر ميجي(1868-1912).
يتعلق ما سبق أساسًا بالهند وبالصين، ولكن أشكال الإمبريالية الأخرى، والتي لا يمكن تجاهلها، كانت موجودة في بورما وأندونيسيا( جزر الهند الشرقية)، ماليزيا والفلبين.
فترة ما بين الحربين (1918-1939)
وأُعيد رسم خريطة الاستعمار بعد هزيمة ألمانيا والدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى (1914-1918). وانتقلت المستعمرات من الإمبراطوريات المهزومة إلى الجامعة التي تأسست حديثًا من الأمم، والتي قامت بنفسها بتوزيع المستعمرات على القوى المنتصرة بوصفه"انتداب".
وقسمت اتفاقية سايكس بيكو السرية 1916، الشرق الأوسط بين بريطانيا وفرنسا، وتعهد وعد بلفور 1917 للحركة الصهيونية بدعم إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، ليصبح فيما بعد دولة إسرائيل. شملت الولايات الفرنسية سوريا ولبنان، في حين مُنحت بريطانيا العراق وفلسطين. وأصبح الجزء الأكبر من شبه الجزيرة العربية المملكة العربية السعودية المستقلة في عام 1922. وأدى اكتشاف أضخم احتياطي من النفط الخام يمكن الوصول إليه بسهولة في العالم، إلى تدفق شركات النفط الغربية التي كانت تسيطر على اقتصاد المنطقة حتى سبعينات القرن العشرين، وجعل أمراء الدول النفطية شديدي الثراء، وتمكينهم من تعزيز سلطتهم ومنحهم حصة تمكنهم من التخلص من الهيمنة الغربية على المنطقة.
الإمبريالية اليابانية
وبعد انعزالها لعدة قرون بسبب النفوذ الغربي، انفتحت اليابان على الغرب خلال عصر ميجي(1868-1912)، والذي تميز بالتحديث السريع والاقتراض من الثقافة الأوروبية(في القانون، والعلوم، وغيرها) وهذا، بدوره، ساعد في جعل اليابان بالقوة التي هي عليها الآن وتجسد ذلك بمجرد قيام الحرب الروسية اليابانية 1904-1905: كانت هذه الحرب المؤشر الأول على انتصار القوة الآسيوية في مواجهة القوة الاستعمارية الأوروبية، وأدت إلى مخاوف واسعة النطاق بين السكان الأوروبيين(أولًا ظهور"الخطر الأصفر"). وخلال الفترة الأولى من القرن ال20، في حين كانت الصين لا تزال خاضعة لمختلف الإمبرياليات الأوروبية، أصبحت اليابان قوة إمبريالية، قهرت ما وُصف ب"الرخاءالمشترك لشرق آسيا الأكبر".
حكم اليابان مرارًا كوريا وتايوان في الفترة من 1895 عندما أُُبرمت معاهدة شيمونوسيكي إلى عام 1945 عندما هُزمت اليابان. وفي عام 1910، ضُمَت كوريا رسميًا إلى الإمبراطورية اليابانية. واستندًا إلى كوريا، كان الاستعمار الياباني لها وحشيًا، حتى بمقاييس القرن ال20. وشمل هذا الاستعمار الوحشي استخدام"نساءالمتعة" الكورييات اللاتي أُجبرن على العمل كجاريات للجنس في بيوت الدعارة بالجيش الياباني[9].
وفي عام 1931 استولت وحدات الجيش الياباني المتمركزة في منشوريا على المنطقة؛ فاندلعت حرب شاملة مع الصين في عام 1937، استهوت اليابان نحو طموح الهيمنة الآسيوية(الرخاء المشترك لشرق آسيا الأعظم)، مما أدى في النهاية إلى هزيمتها وفقدان جميع أراضيها في الخارج بعد الحرب العالمية الثانية(انظر التوسع الياباني والقومية اليابانية). وكما كان الحال في كوريا، كانت المعاملة اليابانية للشعب الصيني وحشية ولا سيما ما اتضح من مذبحة نانجينغ.
محاولة إنهاء الاستعمار الثانية (1945-1997)
بدأت الحركات المعادية للكولونيالية تكتسب زخمًا بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، اولتي شهدت قتال القوات الاستعمارية بجانب تلك الحواضر الكبيرة، وخطاب الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون على النقاط الأربعة عشرة. ومع ذلك، لم تحشد هذه الحركات بشكل كامل إلا بعد الحرب العالمية الثانية. وأعلن رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والرئيس الأمريكي فرانكلين دي روزفلت، ميثاق الأطلسي لعام 1941، والذي نص على التزام الموقعين" باحترام حق جميع الشعوب في اختيار شكل الحكومة التي بموجبها سيعيشون". وعلى الرغم من أن تشرشل ادعى في وقت لاحق أن هذا لا ينطبق إلا على تلك البلدان التي تحت الاحتلال النازي، بدلًا من الإمبراطورية البريطانية، لم تكن الكلمات لتتغير بهذه السهولة: على سبيل المثال، أصدرت الجمعية التشريعية للمستعمرة البريطانية الأكثر أهمية، الهند، قرارًا ينص على أنه ينبغي تطبيق الميثاق عليها أيضًا.
وفي عام 1945، تأسست الأمم المتحدة (UN) عندما وقعت 50 دولة على ميثاق الأمم المتحدة، والذي تضمن بيانًا من أساسه احترام مبدأ المساواة في الحقوق وتقرير المصير للشعوب. وفي عام 1952، صاغ مصطلح الديموغرافيا ألفريد سافوي بأنه"العالم الثالث" في إشارة إلى العقار الفرنسي الثالث. وميز التعبير الدول التي لم تنضم إلى الغرب ولا إلى الكتلة السوفياتية خلال الحرب الباردة. وفي العقود التالية، كان إنهاء الاستعمار يقوي هذه الفئات التي بدأت أن تكون ممثِلة في الأمم المتحدة. كان مؤتمر باندونغ عام 1955، أول تحرك للعالم الدولي الثالث، بقيادة جواهر لال نهرو في الهند، جمال عبد الناصر في مصر وجوزيب بروز تيتو في يوغوسلافيا. دفع المؤتمر، الذي ضم 29 دولة مثلت أكثر من نصف سكان العالم، إلى إنشاء حركة عدم الانحياز في عام 1961.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة أولًا عارضت بنفسها الإمبراطوريات الاستعمارية، تسببت مخاوف الحرب الباردة حول النفوذ السوفياتي في العالم الثالث في تقليل دورها بشأن الدعوة إلى السيادة الشعبية وإنهاء الاستعمار. وبالتالي كان لفرنسا حرية التصرف في حرب الهند الصينية الأولى (1946-1954) وفي حرب الاستقلال الجزائرية (1954-1962). وكان الاستعمار في حد ذاته عملية على ما يبدو لا يمكن إيقافها. وفي عام 1960، بعد اكتسب عدد من الدول الاستقلال، وبعض وصول أعضاء الأمم المتحدة إلى 99 عضوًا: كان إنهاء الاستعمار من أفريقيا شبه كامل. وفي عام 1980، أصبح عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة 154 دولة، وفي عام 1990، بعد استقلال ناميبيا، 159 دولة[10].
دور الاتحاد السوفيتي والصين
وكان الاتحاد السوفيتي الداعم الرئيسي لحركات إنهاء الاستعمار. في حين أن حركة عدم الانحياز، التي أُُنشئت في عام 1961 عقب مؤتمر باندونغ عام 1955، وكانت من المفترض أن تكون على الحياد، عارض "العالم الثالث" كل من "العالم الأول" و"العالم الثاني"، وأدت المخاوف الجيوسياسية، فضلاً عن رفض الولايات المتحدة لدعم حركات إنهاء الاستعمار ضد الحلفاء الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي، بقيادة حركات التحرر الوطنية، إلى النظر بشكل متزايد نحو الشرق. ومع ذلك، أدى ظهور الصين على الساحة العالمية، تحت قيادة ماو تسي تونغ، إلى خلق قطيعة بين الاتحاد السوفييتي وحركات دعاة الاستقلال. وعلى الصعيد العالمي، حاولت حركة عدم الانحياز، بقيادة جواهر لال نهرو (الهند)، جوزيب بروز تيتو (يوغسلافيا) وجمال عبد الناصر (مصر)، خلق كتلة من الدول القوية بما يكفي استغنائها عن الاعتماد الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفياتي، ولكنها تميل في النهاية إلى الاتحاد السوفياتي، في حين كانت موسكو أو بكين تدعم حركات الاستقلال الأصغر، سواء كانت لضرورة استراتيجية أو اختيار إيديولوجي. وكانت الحكومة الكوبية بقيادة فيدل كاسترو بعد الثورة الكوبية لعام 1959، في البداية محايدة قبل أن تتجه إلى موسكو. كما دعمت كوبا حركات الاستقلال في أنغولا وموزمبيق. كانت حركات الاستقلال المستقلة تماماً عن المساعدات الخارجية قليلة العدد.
المراجع
- "The Great Moghul Jahangir: Letter to James I, King of England, 1617 A.D.". Indian History Sourcebook: England, India, and The East Indies, 1617 CE. Internet Indian History Sourcebook, Paul Halsall. June 1998. Retrieved 7 May 2007. From: James Harvey Robinson, ed., Readings in European History, 2 Vols. (Boston: Ginn and Co., 1904–1906), Vol. II: From the opening of the Protestant Revolt to the Present Day, pp. 333–335.
- "KOLKATA (CALCUTTA) : HISTORY". Calcuttaweb.com. Retrieved 7 May 2007.
- Rickard, J. (1 November 2000). "Robert Clive, Baron Clive, 'Clive of India', 1725–1774". Military History Encyclopedia on the Web. historyofwar.org. Retrieved 7 May 2007.
- Prakash, Om. "The Transformation from a Pre-Colonial to a Colonial Order: The Case of India" (PDF). Global Economic History Network. Economic History Department, London School of Economics. pp. 3–40. Retrieved 7 May 2007.
- Kashmir: The origins of the dispute, BBC News, 16 January 2002
- Davis, Mike. Late Victorian Holocausts. 1. Verso, 2000. pg 7
- Plague. World Health Organization.
- Reintegrating India with the World Economy. Peterson Institute for International Economics.
- Ki-Jung, Kim (1998-01-01). "The Road to Colonization: Korea Under Imperialism, 1897-1910". Korea Journal 38 (4): 36–64.
- "Growth in United Nations Membership, 1945–2005". United Nations. 2000. Retrieved 2006.