الرئيسيةعريقبحث

رودريغو دياث دي بيبار

قائد عسكري ونبيل ثم أمير حرب قشتالي

☰ جدول المحتويات


رودريغو دياث دي بيبار المعروف في المصادر القشتالية القديمة باسم (El Campeador) والتي تعني «سيد ميدان المعارك»، وعُرف في المصادر العربية "منقحراً" باسم القنبيطور (ولد سنة 1048م في بيبار، برغش - توفي في 10 يوليو 1099م في بلنسية)؛ هو قائد عسكري ونبيل ثم أمير حرب قشتالي اشتهر بمهاراته العسكرية، ونُسجت حول شخصيته الكثير من القصص والحكايات التي اشتهر فيها بلقب El Cid المشتق من اللقب العربي السيّد. عمل رودريغو دياث في خدمة سانشو الثاني ملك قشتالة، ثم من بعده في خدمة أخيه ألفونسو السادس الذي أسند لرودريغو دياث بعض المهام الدبلوماسية. نفاه ألفونسو السادس ملك قشتالة، فالتحق بخدمة بني هود، ثم تمكّن رودريغو دياث من الاستيلاء على حكم بلنسية وظل حاكمًا لها حتى وفاته، لتخلفه زوجته خيمينا التي لم تقوَ على الدفاع عن بلنسية أمام هجمات المرابطين، فانسحبت بجنودها تاركةً المدينة للمرابطين بعد أن أمرت جنودها بنهب وحرق بلنسية سنة 1102م. يُعد رودريغو دياث بطلًا مغوارًا في التراث الشعبي الإسباني، رغم أنه كان في الواقع مرتزقًا يتقلّب ولاؤه بين الملوك المسيحيين والمسلمين سعيًا وراء مصالحه الشخصية.[1] نتيجةً لشهرته وشعبيته، أصبح شخصية رئيسية في العديد من الأعمال الأدبية الإسبانية، وأبرزها ملحمة السيد أشهر الملاحم الشعرية الإسبانية في القرون الوسطى.[2]

أمير بلنسية
رودريغو دياث دي بيبار (السيّد)
رودريغو دياث
El Cid-estatua-(Parque de Balboa).jpg
تمثال السيد في إشبيلية، إسبانيا

سيد بلنسية
الفترة 1094 – 1099
تاريخ التتويج 1094
معلومات شخصية
الميلاد ح. 1043م
بيبار ، برغش
الوفاة 10 يوليو 1099(1099-07-10) (عمره حوالي 56 سنة)
بلنسية
سبب الوفاة سقط قتيلا في معركة 
مكان الدفن كاتدرائية برغش
مواطنة Royal Banner of the Kingdom of Castile.svg مملكة قشتالة 
اللقب أمير بلنسية
الزوجة خيمينا دياث
أبناء ماريا رودريغيز،  ودييغو رودريغيز 
الأب دييغو لينيث
نسل دييغو رودريغيث
كريستينا رودريغيث
ماريا رودريغيث
معلومات أخرى
المهنة فارس،  ومرتزق،  وعسكري 
الخدمة العسكرية
الولاء مملكة قشتالة،  وطائفة سرقسطة 
الرتبة فارس 
المعارك والحروب سقوط الأندلس،  ومعركة جرادوس،  ومعركة قوارت 
التوقيع
Signature of El Cid.svg

لقبه

يعد لقب «إل سيّد» (تلفظ إسباني: /el ˈθið/) مصطلح إسباني حديث من شقين «el» وتعني «الـ» و«Cid» المشتقة من الكلمة القشتالية القديمة «Çid» التي اقتبسها القشتاليون من الكلمة العربية «سيّد» التي يُعتقد أنها اللقب الذي كان المستعربون أو العرب الذين عمل رودريغو دياث في خدمتهم كبني هود[3] أو الذين حكمهم في بلنسية[4] ينادونه به، واقتبسه المسيحيون منهم، وصاروا ينادونه به. ومع ذلك وللآن، لم يجد المؤرخون مصدرًا معاصرًا لحياته يشير لشخصية رودريغو دياث بلقب «سيد». أما أقدم مصدر استخدم هذا اللقب فهو قصيدة ألمرية المكتوبة بين سنتي 1147-1149م بالصيغة «Meo Çidi» والتي تعني «سيدي».[a]

أما في المصادر العربية، فاستُخدمت أسماء «ردريق» أو «لذريق الكنبيطور» أو «القنبيطور».[8] بينما كنيته «Campeador» فمشتقه من «campi doctor» اللاتينية التي تعني «سيد ساحة الحرب». من المحتمل أن يكون رودريغو قد اكتسب كنيته تلك خلال حملات سانشو الثاني ملك قشتالة ضد إخوته ألفونسو وغارسيا. وعلى الرغم من أن المصادر المعاصرة لحياته لم تسمِّه بلقب «سيد»، إلا أن المصادر المسيحية تفيض بذكر كنيته «الكمبيادور»، وهناك وثيقة ترجع لسنة 1098م تحمل توقيعه (باللاتينية: ego Rudericus Campidoctor[9][10] مما يعني أنه نفسه استخدم تلك الكنية.[9][11][12][13] أما أقدم توثيق لاستخدام المُركّب «Cid Campeador» أي «سيد الكمبيادور»، فكان في مخطوط نسب رودريغو دياث المشمول ضمن التأريخ الأراغوني كتاب الملوك الذي يرجع إلى ح. 1195م (باللاتينية: mio Cid el Campeador).[14]

سيرته

مولده

هناك جدل دائر بين الباحثين حول تحديد سنة ميلاد رودريغو دياث. تراوحت فرضيات هؤلاء الباحثين حول سنة ميلاده بين سنة 1041م إلى سنة 1057م، وإن كانت التقديرات المعاصرة تُرجّح حصر تاريخ ميلاده بين سنتي 1045-1050م. كان من بين تلك الآراء رأي المؤرخ مارتينيث دياث الذي رجّح أنه ولد سنة 1048م.[b] أما محل ميلاده، فيُرجّح أنه كان في بيبار[18][c] وهي قرية صغيرة بالقرب من برغش التي كانت وقتها عاصمة مملكة قشتالة. لم تذكر المصادر المعاصرة لزمانه محل ميلاده، وكان ملحمة السيد المكتوبة ح. 1200م أول من ذكر ضمنيًا ميلاد رودريغو دياث في بيبار،[21] أما أقدم مصدر ذكر صراحةً أنه ولد في بيبار فكانت ملحمة شباب رودريغو التي ترجع للقرن الرابع عشر الميلادي.[22]

أصوله

كان أبوه دييغو لينيث أحد صغار ضباط البلاط الملكي،[23] وهو ينحدر من أسرة نبيلة،[24][25] حيث زعم تاريخ رودريغو أن جده الأعلى لين كالفو كان قاضيًا لقشتالة.[d] وقد كشفت دراسة أجراها لويس مارتينيث غارسيا سنة 2000م أن رودريغو دياث ورث عن أبيه الكثير من الأراضي في وادي نهر إبرة التي لم تكن تُمنح إلا للطبقة الارستقراطية العليا.[27] وعلى النقيض، هناك فرضية تقول بأن والد رودريغو دياث لم يكن من رجال البلاط الملكي، وأرجعت السبب إما لمعارضة شقيقه (أو أخيه غير الشقيق) فرناندو فلاينيث للملك فرناندو الأول ملك ليون وقشتالة، أو لأنه كان ابنًا غير شرعيًا، وهو الأمر الأرجح.[28] لذا، يعتقد المؤرخ مننديث بيدال أن والد السيد لم يكن من "صفوة النبلاء"،[29] وهو ما يؤيده المؤرخون عمومًا الآن من أن والده كان ينتمي للطبقة الدنيا من النبلاء، وأنه كان "قائدًا حدوديًا" في المنطقة الواقعة بين مملكتي قشتالة ونبرّة.[30]

تمثال السيد في برغش، وهو يمتطي صهوة جواده بابيكا.

أجرت مارغريتا توريس بحث حول نسب السيد بين سنتي 2000-2002م، ووجدت أن دييغو فلاينيث[31] وهو الاسم الذي كان أبوه يعرف به قبل اسم دييغو لينيث، ينتمي لأسرة فلاينيث إحدى أربع أسر قوية سادت عصر مملكة ليون منذ بداية القرن العاشر الميلادي، وارتبطوا ببني غوميث وراميرو الثاني ملك ليون وملوك أستورياس.[32] كما أيّد مونتانر فروتوس هذه الدراسة في العديد من أعماله.[33][34][35]

أما أمه فهناك تأكيد على أن اسمها الأخير "رودريغيث" (واختلفوا على اسمها الأول أكان ماريا أم سانشا أم تيريزا)، وأنها ابنة رودريغو ألفاريث الذي كان من صفوة النبلاء القشتاليين، وأنه كان من خاصة حاشية فرناندو الأول ملك قشتالة وليون بين سنتي 1038-1066م.[32][36] في سنة 1058م، التحق رودريغو دياث بخدمة الأمير الطفل سانشو، مما يُدلل على أن رودريغو دياث لم يكن من أصل متواضع، وبذلك يتنافى مع ما يُشاع أسطوريًا أنه كان شخصًا عاديًا ارتقى لطبقة النبلاء بفضل جهوده الشخصية.[37]

الخلاصة، أنه من المؤكد أن رودريغو دياث ينحدر من ناحية أمه للطبقة العليا من النبلاء، وإن صحّت أطروحة مارغريتا توريس حول نسب والده، فأبوه ينتمي للطبقة نفسها. على أي حال، يبدو من الممتلكات التي منحها لزوجته سنة 1079م،[38] وتواجده في سن صغير للغاية في الحاشية الملكية، أن أصوله من الطبقة الأرستقراطية العليا.

خدمته لسانشو الثاني ملك قشتالة

صورة من وثائق كاتدرائية أوفييدو ح. 1118م، تُظهر التحاق رودريغو دياث مبكرًا بخدمة سانشو الثاني ملك قشتالة، وأنه كان من المقربين منه، وهو حامل سيفه ودرعه.[39]

التحق رودريغو دياث في سن صغيرة جدًا بخدمة الأمير الطفل سانشو، الذي أصبح لاحقًا سانشو الثاني ملك قشتالة. تولى رودريغو مهمة حامل أسلحة سانشو ومسئول البريد، نظرًا لاتقان رودريغو للقراءة والكتابة، فهناك وثيقة محفوظة في كاتدرائية بلنسية ترجع لسنة 1098م موقّعة بخط يد رودريغو بصيغة "أنا رودريغو، ومعي زوجتي، نوافق على ما هو أعلاه". كما كان على دراية بالقوانين، حيث تدخّل مرتين في تسوية بعض النزاعات القانونية الملكية.[40] كما يُعتقد أن رودريغو دياث ربما رافق جيش الأمير الطفل سانشو الثاني في معركة جرادوس الذي ساند المقتدر بن هود حاكم سرقسطة ضد جيش راميرو الأول ملك أراغون سنة 1063م.[33][41][42] ومنذ اعتلاء سانشو الثاني عرش قشتالة سنة 1065م حتى وفاته 1072م، تمتّع رودريغو دياث بصلاحيات واسعة في البلاط الملكي كأحد أقطاب حاشية سانشو الثاني، وكان من مهامه حفظ الدروع الملكية.[43][44] ورغم أنه لا يوجد توثيق حول مسألة حمله لراية سانشو الثاني الملكية، إلا أنه الشهرة التي حظي رودريغو دياث بها، جعلت مصادر القرن الثاني عشر الميلادي تنسب له وظيفة حمل الراية الملكية.[45]

شارك رودريغو دياث إلى جوار سانشو الثاني في حربه ضد شقيقيه ألفونسو السادس ملك ليون وغارسيا الثاني ملك جليقية. ومن هنا بدأت تبرز مواهبه العسكرية في انتصارات القشتاليين في معارك لانتادا سنة 1068م وغولبيخيرا سنة 1072م،[33] التي انتصر فيها سانشو على شقيقه ألفونسو، فبعد أن كانت قوات سانشو قد شارفت على الهزيمة في البداية، وهمّ بأن يرتّد بقواته، لولا أن نصحه رودريغو دياث بأن يجمع جنده، ويعيد المحاولة فجرًا، فاستجاب سانشو لنصحه، وانتصر، واُسر ألفونسو نفسه في المعركة. بعدئذ، شفعت أوراكا شقيقة سانشو وألفونسو لدى سانشو للعفو عن ألفونسو، فاستجاب سانشو، وأفرج عن ألفونسو شريطة أن يترهبن ويقيم في دير ساهاجون. قبل ألفونسو على مضض، حتى دبّرت أوراكا لفراره من الدير، حيث لجأ إلى بلاط المأمون بن ذي النون في طليطلة.[ْ 1]

يُرجّح أن رودريغو دياث اكتسب كُنيته "الكمبيادور" في تلك الحملات، لمهاراته في أرض المعارك.[33][46] ولم يمض وقت طويل على ضم سانشو لمملكة ليون، حتى ثار عدد من نبلاء ليون، والتحقوا بخدمة أوراكا دوقة سمورة شقيقة سانشو. سار سانشو وبصحبته رودريغو دياث لحصار سمورة، وهناك مات سانشو وهو يحاصر المدينة، وسط مزاعم أنه تعرّض هناك للاغتيال.[47] ولكن نظرًا لكون حصار سمورة كانت مادة لكثير من الأغاني والكتابات الملحمية، لذا يُصعّب فصل المعلومات التاريخية الحقيقية عن تلك الأسطورية.[48]

في خدمة ألفونسو السادس

دويلات الطوائف سنة 1080م.

بعد وفاة سانشو، استعاد ألفونسو السادس حكم ليون إلى جانب وراثته مملكة قشتالة التي كانت تحت حكم أخيه سانشو، وضم كذلك جليقية، ليستعيد مملكة أبيه كاملة بعد أن كان قد قسّمها بينه وبين إخوته عند وفاته. التحق رودريغو دياث بخدمة ألفونسو السادس، وكانت العلاقة بينهما جيدة؛[49] ورغم أن ألفونسو السادس لم يخُصّ رودريغو بمناصب هامة، إلا أنه زوّجه من النبيلة خيمينا دياث في وقت ما بين يوليو 1074م ومايو 1076م.[50] كما تُعد موافقة ألفونسو السادس على زواجه من نبيلة من سلالة ملكية دليلًا على حُسن العلاقة بينهما وقتئذ.[33]

كذلك يُعد اختيار رودريغو دياث مبعوثًا سنة 1079م لتحصيل الجزية من المعتمد بن عباد حاكم إشبيلية دليلًا آخر على حُسن علاقته بألفونسو السادس. ولكن خلال مهمته تلك، شنّ عبد الله بن بلقين حاكم غرناطة هجومًا على أراضي المعتمد بن عباد بمساعدة قوات نبيل قشتالي يدعى غارسيا أردونيث الذي كان أيضًا مبعوثًا لألفونسو السادس لتحصيل الجزية من غرناطة. كانت المشكلة أن الطائفتين كانتا تؤديان الجزية لألفونسو السادس مقابل مساعدتهما في حملاتهما العسكرية. طلب رودريغو دياث من مواطنه غارسيا أردونيث أن يكف أيدي مقاتليه عن هذا الهجوم، لكنه أبى.[ْ 2] لذا، فقد دافع رودريغو دياث عن إشبيلية إلى جانب قوات المعتمد في معركة قبرة التي وقع فيه غارسيا أردونيث نفسه أسيرًا. كان هذا التصرف سببًا لغضب ألفونسو السادس على رودريغو، رغم أنه بذلك ضمن استمرارية أداء المعتمد الجزية لألفونسو السادس.[33] ازداد غضب ألفونسو السادس على رودريغو بعدما وجّهه ألفونسو السادس لاعتراض هجوم أندلسي على سريا سنة 1080م، فدخل أراضي طائفة طليطلة ونهب الجزء الشرقي منها، رغم أنها كانت تحت حماية ألفونسو السادس.[51]

النفي الأول وخدمة بني هود

قصر الجعفرية محل إقامة المؤتمن بن هود الذي خدمه رودريغو دياث بين سنتي 1081-1086م.

كان غزو رودريغو دياث لطائفة طليطلة القشة التي قصمت ظهر البعير في علاقته مع ألفونسو، وربما أزكى الوشاة من أعداء رودريغو في البلاط الملكي نار الفرقة بينه وبين ألفونسو السادس الذي أمر بنفي رودريغو دياث.[52] وفي أواخر سنة 1080م وبداية سنة 1081م، كان على رودريغو أن يبحث عن سيد يعرض عليه خدماته العسكرية. ومن المحتمل أنه عرض نفسه بدايةً على الأخوين برينجيه رامون الثاني ورامون برينجيه الثاني كونتي برشلونة، لكنهم رفضوه.[51] ثم عرض خدماته على ملوك الطوائف، وهو أمر لم يكن شائعًا، رغم أن ألفونسو السادس نفسه لجأ إلى بلاط المأمون بن ذي النون حاكم طليطلة سنة 1072م، بعد هزيمته وفراره من أخيه سانشو.[53] إلى أن قبل المقتدر بن هود حاكم سرقسطة استخدامه هو ومقاتليه، فعاش في ظل بني هود بين سنتي 1081-1086م. وما هي إلا فترة وجيزة حتى مات المقتدر، وخلفه المؤتمن بن هود الذي استعان برودريغو دياث في حربه ضد أخيه المنذر بن هود صاحب لاردة الذي كان متحالفًا مع برانجيه رامون كونت برشلونة وسانشو راميريث ملك أراغون.[54] تولّى رودريغو مهمة تدعيم النقاط الحصينة في مونثون وتماريت، وهزم التحالف الذي شكّله المنذر بن هود في معركة قلعة المنار، التي أُسر فيها الكونت رامون برانجيه الثاني.[54]

في سنة 1084م، كلّف المؤتمن بن هود رودريغو دياث بمهمة مهاجمة موريلا،[55] واستطاع رودريغو دياث هزيمة المنذر بن هود وحليفه سانشو راميريث اللذان جاءا للدفاع عن موريلا، وأسر رودريغو دياث يومها العديد من الأسرى[ْ 3] أبرزهم أسقف روطة وبعض القادة المهمين في جيش سانشو راميريث.[56] واستُقبل رودريغو يومها في سرقسطة استقبال الأبطال.

التصالح مع ألفونسو السادس

في مايو 1085م، غزا ألفونسو السادس طائفة طليطلة، ثم بدأ حصار سرقسطة في السنة التالية في الوقت الذي كان فيه رودريغو دياث تحت إمرة المستعين بن هود الذي خلف أباه المؤتمن بن هود. ويبدو أن رودريغو اعتذر لألفونسو السادس خلال ذلك الحصار، وتصالحا قبل أن يفكّ ألفونسو حصاره سريعًا بعدما بلغه توغّل المرابطون في أراضي ليون، وانتهت المواجهة بينهم بهزيمة ألفونسو السادس هزيمة ساحقة في معركة الزلاقة في رجب 479هـ/أكتوبر 1085م. مما جعل ألفونسو السادس يستدعي رودريغو دياث لحاجته إلى قادة عسكريين أكفاء لمواجهة القوات المرابطية التي ظهرت حديثًا في ساحة الأحداث. عاد رودريغو دياث للبلاط القشتالي في النصف الأول من سنة 1087م،[57] وفي سنة 1088م، سار رودريغو دياث بقوات قشتالية تعاونها قوات المستعين بن هود حاكم سرقسطة لمساندة القادر بن ذي النون الذي أجلسه ألفونسو على عرش بلنسية تعويضًا له عن طليطلة ضد قوات المنذر بن هود حاكم لاردة وحليفه برانجيه رامون الثاني كونت برشلونة التي جاءت لغزو بلنسية.[ْ 4] استطاع رودريغو دياث صدّ هجوم المنذر بن هود على بلنسية، قبل أن يستطيع المنذر وحليفه الاستيلاء على مدينة مربيطر الحصينة القريبة من بلنسية. رحل رودريغو دياث إلى قشتالة على عجل لطلب تعزيزات من ألفونسو السادس، الذي أمدّه بالتعزيزات اللازمة.[58]

عندما عاد لبلنسية، وجد رودريغو دياث تحوّلاُ غريبًا بعد أن وجد المدينة تحت حصار المستعين بن هود، وحليفه الجديد برانجيه رامون الثاني كونت برشلونة الذي كان حليفًا للمنذر بن هود، والذي كان على علاقة سيئة برودريغو دياث.[59] وأمام تلك القوات الكبيرة المحاصرة للمدينة، توصّل رودريغو دياث لاتفاق مع المستعين بن هود وحليفه الجديد برانجيه رامون الثاني بأن ينسحب رودريغو دياث بقواته على أن يدفع له المستعين بن هود منذ ذلك الحين وصاعدًا الجزية التي فرضها ألفونسو السادس على بلنسية، واستغل رودريغو دياث ما في يده من قواته لبسط سيطرته على كامل المنطقة بما في ذلك مربيطر وطائفة بني رزين.[60]

النفي الثاني وبدايته كأمير حرب

قلعة مربيطر، التي أغار عليها رودريغو دياث.

قبل نهاية سنة 1088م، اندلع الخلاف مجددًا بين رودريغو دياث ومليكه ألفونسو السادس. نظّم ألفونسو السادس غارات على أراضي بلنسية ومرسية ولورقة انطلاقًا من حصن لييط الذي أنشأه ألفونسو السادس على رأس جبل بالقرب من لورقة. مما دفع حكام تلك الطوائف لطلب العون من يوسف بن تاشفين أمير المرابطين،[ْ 5] الذي حاصر بقواته مع قوات حكام الطوائف حصن لييط وذلك في سنة 1089م. سار ألفونسو السادس بقواته لإنقاذ الحصن، وأمر رودريغو دياث أن يوافيه بقواته عند بليانة، لكن رودريغو دياث تجاهل الأمر، وعسكر بقواته في أونتنينتي، وبعث بسرايا استطلاعه إلى بليانة وجنجالة لإعلامه بمقدم جيش الملك. إلا أن ألفونسو السادس اتخذ طريقًا مغايرًا للعادة عبر إيين ووادي شقورة إلى مولينا.[61] على أي حال، اتخذ ألفونسو السادس قرارًا جديدًا بمعاقبة رودريغو دياث لعدم إطاعته الأمر، واعتبر الأمر خيانة، وصادر ممتلكاته، وقبض على زوجته خيمينا وأولاده الصغار.[ْ 6] مما دفع رودريغو للتصرف كسيد مستقل لا يأتمر بإمرة ألفونسو السادس، وأغار على شرق الأندلس لحسابه الشخصي.[62] ثم هاجم مربيطر، فأسرع القادر بن ذي النون صاحب بلنسية لإبعاده بالمال ليتقي شر اعتدائه على أراضيه. وبعد ذلك، هاجم رودريغو دياث بريانة التي كانت على الحدود مع المنذر بن هود صاحب لاردة، وبرانجيه رامون الثاني كونت برشلونة.[63] فقررا مهاجمة قوات رودريغو دياث في صيف سنة 1090م، لكنه هزمهما في معركة تيفار شمال موريلا، وأسر كونت برشلونة للمرة الثانية.[64]

بعد انتصاراته المتعددة، أصبح رودريغو دياث الشخصية الأبرز في شرق الأندلس التي تمركز فيه بقواته، وفرض الجزية على بلنسية ولاردة وطرطوشة وشنتمرية الشرق ومربيطر وألبونت وقلعة الإشراق وسيجوربي والمنارة.[65] وفي سنة 1092م، بنى رودريغو دياث مركزًا حصينًا لقواته في بينا كاديلا، وتدريجيًا فقد ألفونسو السادس قدرته على تهديد بلنسية، وحلّ رودريغو دياث بديلاً له. ولكي يستعيد ألفونسو السادس سيطرته على تلك المنطقة، تحالف مع سانشو راميريث ملك أراغون ومع برانجيه رامون الثاني كونت برشلونة، مع اتفاقه على الدعم البحري من قِبل بيزة وجنوة. وفي صيف سنة 1092م، هاجم ملك أراغون وكنت برشلونة وسفن بيزة وجنوة طرطوشة التي كانت تؤدي الجزية لرودريغو دياث.[ْ 7] ثم جهّز ألفونسو السادس لغزو بلنسية التي كانت تؤدي الجزية لرودريغو دياث، فاستشاط رودريغو دياث غضبًا،[ْ 8] وانتقم رودريغو دياث بالإغارة على منطقة لا ريوخا القشتالية بمعاونة قوات المستعين بن هود صاحب سرقسطة. فانسحب ألفونسو السادس إلى أراضيه، وقرّر رودريغو التجهيز لغزو بلنسية، مستغلًّا انشغال ألفونسو السادس بمجابهة قوة المرابطين الصاعدة.[66]

سيد بلنسية

مخطط معركة قوارت التي وقعت في 21 أكتوبر 1094م التي حاول فيها المرابطون الاستيلاء على بلنسية، وبعد أسبوع من الحصار، خرج رودريغو دياث ليلاً وهاجم مؤخرة معسكر المرابطين بالقرب من قورات. وعند الفجر، هاجمت كتيبة من فرسان رودريغو دياث مقدمة جيش المرابطين شرق مسلاتة لقطع الطريق على المرابطين المنسحبين من أمام هجوم رودريغو دياث الليلي. فكانت تلك أول هزيمة للمرابطين أمام جيش مسيحي.
أطلال حصن جُبالة الذي كان قاعدة لهجمات رودريغو دياث على بلنسية.

في سنة 1092م، خلع أهل بلنسية القادر بن ذي النون حليف رودريغو دياث بعد أن استعانوا بفرقة من المرابطين، وقتلوا ابن ذي النون، ثم ولّوا مكانه القاضي ابن جحاف.[ْ 9] استشاط رودريغو دياث غضبًا لمقتل القادر بن ذي النون الذي كان يؤدي له جزية بلنسية، فافتتح حصن جُبالة، واستخدمه بعدئذ قاعدة لشن هجماته على بلنسية. ثم ضرب الحصار على بلنسية، وأرسل لابن جحاف يطالبه بانسحاب المرابطين من المدينة، وسيتركه حاكمًا على المدينة. استجاب ابن جحاف لطلب رودريغو دياث، وطلب من المرابطين مغادرة المدينة. رأت حامية المرابطين أنه لا قبل لهم بمواجهة قوات رودريغو دياث، فاستجابوا لطلب البلنسيين وانسحبوا. واتفق رودريغو دياث وابن جحاف على أن ينسحب رودريغو دياث بقواته إلى ضاحية الكُدية شمال المدينة، وأن يؤدي ابن جحاف لفوره مبلغًا من المال، ويدفع أهل بلنسية جزية قدرها 1,000 دينار أسبوعيًا لرودريغو دياث. ثم ما لبث أن نقض رودريغو دياث العهد، وعاد جنوده للاعتداء على البلنسيين، وطلب رودريغو دياث من ابن جحاف تسليمه كل موارد المدينة ومعها ابنه رهينة، فرفض ابن جحاف، وأغلق المدينة وراسل محمد بن عائشة قائد المرابطين يستنجد به، وقرر المقاومة.[ْ 10] وضرب رودريغو حصارًا محكمًا على المدينة لمدة 20 شهرًا، حتى فتك الجوع بأهل بلنسية وأكلوا الجيف، وتضاعفت الأسعار حتى عجز الأغنياء مثلهم كالفقراء عن تدبير قوتهم، حتى أمر ابن جحاف باقتحام الدور بحثًا عن الطعام. وقد كتب القاضي الوقشي الذي كان من بين المحاصرين في المدينة وقتئذ مرثية يبكي فيها بلنسية أثناء حصار رودريغو دياث لها سنة 1094م، لكن أصل القصيدة ضاع، وبقيت منها ترجمة لبعض أبياتها نقلها ألفونسو العاشر في كتابه «تاريخ إسبانيا العام» باللاتينية، منها ما معناه:[ْ 11]

إن ذهبت يمينًا هلكت في الفيضانوإن ذهبت يسارًا أكلني السبع
وإن سرت أمامي غرقت في البحروإن التفتّ خلفي أحرقتني النار


ولما يأس البلنسيون من المقاومة، أجبروا ابن جحاف على التفاوض على تسليم المدينة وعقد الصلح. فاضطر ابن جحاف لإرسال وفد للتفاوض على أن يبقى ابن جحاف حاكمًا وقاضيًا للمدينة، ويؤمّن أهل المدينة، ويتولى مندوب رودريغو دياث الإشراف على جباية الضرائب، ويتولى جيش الكمبيادور الدفاع عن المدينة. تم الصلح في يونيو 1094م.[ْ 12][67] منذ ذلك الوقت، صار رودريغو دياث الحاكم الفعلي لبلنسية، ولم يمض وقت كبير، حتى اتهم ابن جحاف أنه يُخفي كنوز القادر بن ذي النون، وأمر بإحراقه حيًّا.[ْ 13]

وفي أكتوبر 1094م، حاول المرابطون مهاجمة بلنسية، لكنهم انهزموا أمام قوات رودريغو دياث في معركة كوارت.[68] وجد رودريغو دياث أنه أمام هجمات المرابطين المتكررة، لا بد له من تأمين حدوده الشمالية، فتحالف مع بيدرو الأول ملك أراغون الذي خلف أباه سانشو راميريث الذي توفي فجأة أثناء حصاره لوشقة سنة 1094م. وفي سنة 1097م، شنّ المرابطين حملة جديدة، والتقوا مع جيش رودريغو دياث وحليفه الجديد بيدرو الأول في أحواز بلنسية عند جبل مندير، وانتهت مواجهتهم بهزيمة جديدة للمرابطين في معركة بريانة.[ْ 14]

في السنة نفسها 1097م، تعرّض رودريغو دياث لصدمة كبيرة بعدما بعث ابنه دييغو قائدًا لقوة دعم لحليفه وسيده القديم ألفونسو السادس لقتال المرابطين، ولكن تعرضت قواته وقوات القشتاليين لهزيمة قاسية أمام قوات أبي عبد الله محمد بن الحاج اللمتوني في معركة كونسويجرا، وقُتل دييغو بن رودريغو دياث في تلك المعركة.[69] ومع نهاية تلك السنة، استطاع رودريغو دياث ضم المنارة ومربيطر آخر مدن طائفة بلنسية التي لم تكن خضعت لحكم رودريغو دياث. وفي سنة 1098م، وجّه رودريغو دياث اهتمامه لإرساء دعائم حكمه في بلنسية، فبنى كاتدرائية سانتا ماريا الجديدة،[70] وتحالف مع كونت برشلونة الجديد رامون برانجيه الثالث للتعاون على مقاومة المرابطين، كما لجأ لدعم تحالفاته العسكرية بتدبير زواجات ملكية لبناته، فزوّج ابنته كريستينا لراميرو سانشيث كونت مونتشون حفيد غارسيا سانشيث الثالث ملك نبرّة،[71] وابنته ماريا لرامون برانجيه الثالث.[72][73]

وفاته

قبر رودريغو دياث وزوجته خيمينا في كاتدرائية برغش.

توفي رودريغو دياث سنة 1099م، ولكن اختلف المؤرخون في تحديد تاريخ وفاته. وفقًا لرأي المؤرخ مارتينيث دياث، كانت وفاته في 10 يوليو، أما ألبرتو مونتانير فروتوس فحددّها في مايو، نظرًا لتوافق مصدرين مستقلين على وفاته في مايو، وهما نسب رودريغو دياث المكتوب ح. 1195م، وتاريخ إسبانيا لألفونسو العاشر اللذان اعتمدا على روايات شفهية أو التواريخ المكتوبة في دير كاردينيا. ولا يتعارض ذلك مع احتفال الدير بسنوية السيد في يونيو، حيث أن تلك الاحتفالات عادة ما تُقام وفق تاريخ الدفن بدلاً من تاريخ الوفاة. أما ملحمة السيد، فيُعتقد أنها اختارت تحديد وفاته في عيد العنصرة لأهداف أدبية ورمزية.[74]

بعد وفاة رودريغو دياث، خلفته زوجته خيمينا في حكم بلنسية، وحاولت الدفاع عن المدينة بمساعدة زوج ابنتها رامون برانجيه الثالث كونت برشلونة أمام هجمات المرابطين. ولكن في مايو 1102م، وأمام عجز عائلة رودريغو دياث عن الدفاع عن المدينة، قررت خيمينا وجنودها نهب وحرق المدينة، وغادروها بمساعدة من ألفونسو السادس ملك قشتالة.[75][e] وفي اليوم التالي، دخل المرابطون المدينة وبقيت في أيديهم حتى سنة 1238م عندما استولى عليها خايمي الأول ملك أراغون.

دُفن رودريغو دياث في البداية في كاتدرائية بلنسية، إلا أن رفاته حُملت ودُفنت في دير سان بيدرو دي كاردينيا في برغش، قبل أن تنهب قوات زوجته وتحرق بلنسية سنة 1102م.[77] وفي سنة 1808م خلال حرب الاستقلال الإسبانية، دنّس الجنود الفرنسيون قبره، وفي السنة التالية أمر الجنرال بول ثيبو بنقل رفاته إلى منتزة «باسيو ديل إسبولون» على ضفاف نهر أرلانثون في برغش؛ وفي سنة 1826م أعيد إلى كاردينيا، وفي سنة 1842م نُقل إلى كنيسة مجلس مدينة برغش.[78] ومنذ سنة 1921م، دُفنت رفاته إلى جوار رفاة زوجته خيمينا في كاتدرائية برغش.

زوجته وأبنائه

تزوّج رودريغو دياث من النبيلة خيمينا التي كانت تنتمي لأسرة أرستقراطية أستورياسية من سلالة ألفونسو الخامس ملك ليون، بترتيب من ألفونسو السادس في منتصف سبعينيات القرن الحادي عشر الميلادي[79] في وقت ما بين يوليو 1074م ومايو 1076م.[50] زعم تاريخ رودريغو أن خيمينا ابنة دييغو فرنانديث دي أوفييدو، وأن رودريغو وقع في حبها منذ النظرة الأولى لشدة جمالها. وقد أثمر هذا الزواج ثلاثة أبناء: دييغو الذي قُتل أمام جيش المرابطين في معركة كونسويجرا سنة 1097م، وماريا التي تزوجت من رامون برانجيه الثالث كونت برشلونة،[80] وكريستينا التي تزوجت راميرو سانشيث سيد مونثون، وحفيد غارسيا سانشيز الثالث ملك نافارا، مما يجعل غارسيا راميريث ملك نافارا حفيدًا لرودريغو دياث من ابنته كريستينا، وألفونسو الثامن ملك قشتالة حفيدًا لابنته كريستينا أيضًا.[81]

السيّد في المصادر التاريخية

المصادر العربية

توقيع رودريغو دياث: «ego ruderico» على إحدى وثائق كاتدرائية بلنسية.

رغم أنه لم يرد وصف رودريغو دياث بلقب «السيّد» في المصادر العربية، وإنما كان يُسمى «رذريق الكنبيطور» أو «لذريق القنبيطور»[f] أو «القنبيطور»[g]، وإذا استثنينا الوثائق الموقّعة بخطّ رودريغو دياث (السيّد)، فستكون أقدم المصادر التي تحدثت عن شخصية القنبيطور هو ما جاء في الكتابات الأندلسية في القرن الحادي عشر الميلادي. لا وجود الآن للكتابات التي عاصرت رودريغو دياث حيًّا، وإنما تتواجد الآن كتابات نقلت نصوصها عن الكتابات التي عاصرت رودريغو. في المصادر العربية، اقترنت الإشارات لشخصية رودريغو دياث بألفاظ «الطاغية»[h] أو «لَعَنَهُ الله» أو «قصمه الله»؛ ولكنها لم تُخفِ إعجابها أحيانًا بقدراته العسكرية مثلما فعل ابن بسام الشنتريني الذي وصف المحارب القشتالي بعبارات إيجابية، في موضع واحد.[i] أما في بقية كتابه «الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة»، فاستخدم عبارات مثل «كلب الجلالقة»،[82][j] أرجع ابن بسام علوّ شأن رودريغو دياث وتعاظم أمره إلى استخدام بني هود له في التناحر الذي كان بين ملوك الطوائف.[83][k]

قبل سنة 500هـ/1107م، كتب ابن علقمة الصدفي كتاب «البيان الواضح في المُلمّ الفادح»[ْ 22] الذي قصّ فيه أحداث ما قبل سقوط بلنسية في يد رودريغو دياث، ورغم فقدان أصل هذا الكتاب إلا أن العديد من المؤرخين المسلمين اقتبسوا الكثير من كتابه ومنهم ابن بسام الشنتريني وابن الكردبوس وابن الأبار القضاعي ولسان الدين بن الخطيب وغيرهم. كما استخدمه ألفونسو العاشر في كتابه «تاريخ إسبانيا»، لكنه لم يذكر إعدام ابن جحاف حرقًا بأمر من رودريغو دياث في كتابه.[84]

المصادر المسيحية

تاريخ رودريغو هو المصدر الأساسي الذي جاءت منه المعلومات حول سيرة رودريغو دياث.

أما المصادر المسيحية، فمنذ أقدم مصدر يذكر رودريغو دياث وهو قصيدة ألمرية ح. 1148م، والمصادر المسيحية تحيط شخصيته بهالة أسطورية. تعد السيرة الذاتية تاريخ رودريغو المكتوبة باللاتينية ح. 1190 من الكتابات الموضوعية إلى حد ما حول شخصيته، وإن كانت قد أسقطت فترات واسعة من حياته. لكنها تُعدّ إلى جانب المصادر العربية، المصادر الرئيسية التي تتحدث عن شخصية رودريغو. يتعرض تاريخ رودريغو لشخصية رودريغو بالنقد أحيانًا، مما يدعو للاعتقاد بمصداقية عرضه لسيرة رودريغو الذاتية. فمثلاً، انتقد المؤلف غارة رودريغو دياث على منطقة لا ريوخا.[85]

«[...] غادر رودريغو سرقسطة بجيش قوي وهائل، ودخل منطقتي ناجرة وقلهرة التابعتين لألفونسو، وتحت سيادته. قاتل وهو ينوي الاستيلاء على ألبريتي ولوكروني. بوحشية ودون رحمة، دمّر تلك المناطق، مدفوعًا بدوافعه التدميرة اللادينية. لقد استولى على الكثير من الأسلاب، كان ذلك مؤسفًا. لقد دمّر وخرّب تلك الأراضي» – تاريخ رودريغو[86]

ومع ذلك، لا يخلو هذا السفر من تمجيد صفاته كمحارب بطل، كما في عبارة «من هنا تبدأ، مآثر رودريغو البطل».[87]

السيد في الأدب والتراث الشعبي

السيد في الأدب

لم يمض زمن طويل حتى اختلقت القصص التي تستكمل الحلقات المفقودة في قصة السيّد، واندسّت تلك القصص الشفاهية تدريجيًا في المصادر التاريخية بهدف تمجيده[l] واستبعاد الحقائق التي لا يقبلها العقل المسيحي لنموذج البطل كمسألة خدمته لحاكم سرقسطة المسلم المؤتمن بن هود. كما كانت أعماله البطولية مصدرًا للإلهام الأدبي لعدد من الكُتّاب، كما في أغنية الكمبيادور التي هي ترنيمة لاتينية كُتبت ح. 1190م في أكثر من مائة بيت تتغني بالكمبيادور (البطل)، وتشيد به كما كان الإغريق والرومان يتغنون بالأبطال والرياضيين قديمًا. تتجاهل تلك الأغنية التي تتغني بمديح السيد خدمته لحاكم سرقسطة؛ كما اختلقت مبارزات له مع فرسان آخرين في شبابه لتنسج حوله قصص البطولة، وكذلك برّأته جزئيًا من مسئولية العداوة الذي كان بينه وبين ألفونسو السادس، والذي تسببت في خلافهما ونفي ألفونسو للسيّد. باختصار، انتقت أغنية الكمبيادور قصص بطولة السيّد، وحصرتها في مواجهات ميدان المعركة، واستبعدت قصص الغارات والكمائن والحصارات التي وردت في تاريخ رودريغو وأحيانًا في تأريخ ناجرة، لما لها من سمعة سيئة بين القراء والمستمعين.[88]

استنساخ للصفحة الأولى من مخطوطة ملحمة السيد المحفوظة في المكتبة الوطنية الإسبانية.

كُتبت في نفس تلك الحقبة عدد من أغاني البطولة حول شخصية السيّد مثل ملحمة السيد المكتوبة ح. 1195-1207م على يد مؤلف على دراية واسعة بالمنطقة التي تشمل مناطق برغش وسريا وكالاتيود وطرويل ووادي الحجارة.[89] استوحى مؤلف تلك الملحمة الشعرية قصيدته من الأحداث الأخيرة في حياة السيّد (نفيه من قشتالة، معركته مع كونت برشلونة، غزوه لبلنسية)، وأعاد صياغتها بصيغة ملائمة، فهي تعدّ إلى حدّ ما موضوعية ومتوازنة. فمثلاً، عندما يُتوقع من البطل الملحمي أن ينتقم فورًا على دم مهدور، يتعامل البطل بتروّي، ويأخذ وقته للتفكير؛ وهو يرفض التصرف بتهور في المعارك عندما تكون الظروف غير مواتية. في الوقت نفسه، تظهر الملحمة السيّد بأنه كان على علاقات ودّية مع العديد من المسلمين كتابعه وحليفه ابن غلبون وغيره من المدجنين والمولدين الذين عاشوا في وادي نهر خالون الذي يدور فيه جانب من الأحداث.[90]

صورة لمخطوطة ملحمة شباب رودريغو.

حتى القرن الرابع عشر الميلادي، كانت قصة حياة السيّد مغلفة بهالة أسطورية، مع اهتمام أكثر بمرحلة شبابه، كما في ملحمة شباب رودريغو التي صوّرت كيف غزا رودريغو دياث فرنسا في شبابه. ساهمت ملحمة السيد ومحلمة شباب رودريغو في تصوير رودريغو دياث في دور البطل الشجاع في حروب الاسترداد، ورفعته إلى مصاف أبطال إسبانيا الأسطوريين.[91] كما صوّرت ملحمة شباب رودريغو شخصية رودريغو دياث في صورة البطل المتغطرس لتتناسب مع الذوق العام وقتئذ، ولكنها تتناقض مع شخصيته المعتدلة والحكيمة في ملحمة السيد. ولما كانت شخصية السيّد الأسطورية تفتقد لملامح التقوى، حاولت أسطورة كاردينيا التي كتبها رهبان دير مجهول إضفاء مجموعة من الأخبار حول الأيام الأخيرة للسيّد لتغطية هذا الجانب المفقود في شخصيته، بروايتهم لقصة تحنيط جثته ونقل زوجته خيمينا لرفاته إلى دير برغش التي أُبقي فيها عشر سنوات قبل أن يدفن. احتوت القصة على عناصر خارقة للطبيعة،[m] بهدف تحويل الدير إلى مكان عبادة يخلّد ذكرى البطل المقدّس، ثم مع الوقت اندسّت تلك القصة في الإصدارات المختلفة لتاريخ إسبانيا لألفونسو العاشر. كما أضافت أسطورة كاردينيا لقصة السيّد الأسطورية نبوءة أن الله سيمنح السيّد النصر في المعركة حتى بعد وفاته.[92][93] وفي بداية القرن السابع عشر، كتب المؤلف الإسباني جوليان دي كاسترو مسرحية "شباب رودريغو Las Mocedades del Cid"، التي ألهمت الكاتب المسرحي الفرنسي بيير كورني لكتابة ملهاته المأساوية السيّد.[94]

تحمّس الرومانتيكيون لتناول شخصية السيّد في أعمالهم الكوميدية الدرامية في القرن التاسع عشر الميلادي مثل «قَسَمْ القديسة غاديا La Jura de Santa Gadea»[n] لخوان إيغوين هارتزنباخ، و«أسطورة السيّد La Leyenda del Cid» لخوسيه ثورييا الذي أعاد صياغة قصّة السيّد في حوالي عشرة آلاف بيت. كما نُسجت الروايات التاريخية على نهج روايات والتر سكوت مثل رواية «غزو السيّد لبلنسية» للمؤلف البلنسي ستانسيلو دي كوسكا فايو سنة 1831م. ثم تناولت الرومانتيكيون المتأخرون بغزارة السيرة الأسطورية للسيّد في رواياتهم مثل «السيد الكمبيادور» لأنطونيو دي ترويبا سنة 1851م.[95] وفي القرن العشرين الميلادي، قلّد عدد المؤلفين أمثال بيدرو ساليناس وألفونسو رييس أوتشوا وفرانشيسكو لوبيث إسترادا وكاميلو خوسيه ثيلا ملحمة السيّد الشعرية بأعمال شعرية ملحمية مشابهة.[96]

وفي سنة 2019م، نشر المؤلف الإسباني أرتورو بيريث-ريفيرتي روايته "سيدي: حكاية على الحدود Sidi: Un relato de frontera".[97][98]

السيّد في اللوحات الفنية

لوحة "قسم القديسة غاديا" التي رسمها أرماندو مينوثال سنة 1887م، وصوّر فيها أسطورة شائعة منذ القرن الثالث عشر الميلادي، مفادها أن السيّد أجبر ألفونسو السادس على القسم بأنه لا دخل له بوفاة شقيقه سانشو تحت أسوار سمورة.[99]
ملصق عرض أوبرا "السيّد" لجول ماسينيه في دار الأوبرا الوطنية في باريس.[100]

ظهر السيّد في العديد اللوحات الفنية منها:

  • "بطولة السيّد الأولى" لخوان فنسينس كوتس (1864م)، المحفوظة في متحف ديل برادو.[101]
  • "قسم القديسة غاديا" لماركوس هيرالديث أكوستا (1864م)، محفوظة في مجلس الشيوخ الإسباني.[102]
  • "بنات السيّد" لديوسكورو بويبلا (1871م)، محفوظة في متحف ديل برادو.[103]
  • "بنات السيّد" لإغناسي بيناثو كامارلينش (1879م)، محفوظة في مجلس مقاطعة بلنسية.[104]
  • "قسم القديسة غاديا" لأرماندو مينوثال (1887م)، محفوظة في مبنى بلدية الفخارة في بلنسية.[105]
  • "قشتالة تتوسع" لمارسيليانو سانتا ماريا (1906م)، محفوظة في مجلس بلدية برغش.[106]
  • "الوصيفة أوردونيو تساعد بنات السيّد" لمارسيليانو سانتا ماريا (1908م)، محفوظة في متحف ديل برادو.[107][108]
  • "السيّد الكمبيادور" لخوسيه فيلا زانتي (1965م)، في قبة قصر مجلس بلدية برغش.[109]
  • "قسم القديسة غاديا" و"وداع دير سان بيدرو دي كاردينيا" لكانديدو بيريث بالما (2002م)، محفوظة في كنيسة السيّد في دير سان بيدرو دي كاردينيا.[110]
  • "السيّد الكمبيادور في برغش" لكانديدو بيريث بالما (2007م)، محفوظة في كاتدرائية برغش.[111][112]

السيّد في الأوبرا

  • في 3 نوفمبر 1775م، عُرضت الأوبرا الراقصة "السيّد الكبير Il gran Cid" لجيوفاني بيزيللو في فلورنسا.[113]
  • في 1865م، ألّف بيتر كورنيليوس ثاني أعماله "السيّد Der Cid"، وهي عمل غنائي ثلاثي حاول فيه كورنيليوس الابتعاد عن التأثير الموسيقي لريتشارد فاغنر.[114]
  • في سنة 1873م، ألف جورج بيزيه أوبرا خماسية بعنوان "السيّد رودريغو Don Rodrigue" التي تأثر فيه بملحمة شباب رودريغو، لكنه لم يعرض منها سوى أجزاء.[115]
  • بدأ كلود ديبوسي في تلحين موسيقى نص كتبه كاتول مينديس بعنوان "رودريغو وخيمينا Rodrigue et Chimène" بين سنتي 1890-1893م، لكنه لم ينته من هذا العمل لانشغاله بأعمال أخرى. ثم أنهى الملحن الروسي إديسون دينيزوف بالتعاون مع ريتشارد لانغهام سميث هذا العمل، وعُرض لأول مرة سنة 1987م في باريس، ثم أعيد عرضه في ليون سنة 1993م، رغم نجاحها المحدود.[72]
  • ألف الإسباني مانويل مانريك دي لارا أوبرا ثلاثية بين سنتي 1906-1911م، بعنوان "سيدي وحصار سمورة El cerco de Zamora and Mio Cid".[72]

السيّد في السينما والتلفاز

قلعة بلمونت في قونقة التي تم فيها تصوير فيلم "السيّد" سنة 1961م.
سيف السيّد المعروف باسم "تيزونا".

أُنتجت العديد من الأعمال السينمائية والتلفازية التي تناولت شخصية السيد ومن أبرزها الفيلم الملحمي "السيّد" الذي أُنتج سنة 1961م، وأدى الممثل الأمريكي شارلتون هيستون فيه دور السيّد[116] وهو من إخراج أنتوني مان، وأدت فيه صوفيا لورين دور "السيدة خيمينا".[117][118] وفي سنة 2019م، أعلنت برايم فيديو عن مسلسل تلفزيوني إسباني بطولة جايمي لورنت الذي سيؤدي دور "السيّد".[119]

متعلقات السيّد

ونظرًا لكمّ الكتابات الأدبية التي تناولت شخصية السيّد، ظهرّت العديد من الشخصيات الأسطورية غير المُثبتة تاريخيًا المتعلقة بالسيّد، مثل الحصان بابيكا الذي ورد ذكره في أغنية الكمبيادور دون تسميته، واختلقت ملحمة السيد له الاسم "بابيكا" ووصفته بأنه حصان شمال إفريقي ثمنه ألف دينار، رشيق وسريع مقارنة بخيول الحرب الأخرى التي كانت توصف بالثقل والبطء نسبيًا.[120] كما حظي سيف منسوب للسيّد يدعى "تيزونا" بالاهتمام، وهو معروض في المتحف الحربي في طليطلة. وفي سنة 1999م، تم تحليل عينة من نصل هذا السيف تحليلًا معدنيًا، وأثبت التحليل أن السيف من صناعة مسلمي قرطبة، وأنه مصنوع من الصلب الدمشقي.[121] وقد اشترى المجلس المحلي لقشتالة وليون التيزونا سنة 2007م بمبلغ 1.6 مليون يورو،[122] وهو معروض الآن في متحف برغش.[123] كما اشتهر أيضًا سيف آخر منسوب للسيد يدعى "كولادا".[124]

معرض الصور

  • تمثال السيد في برغش من أعمال النحات خوان كريستوبال كيسادا سنة 1954م

  • تمثال للسيّد في بوينس آيرس.

  • تمثال للسيّد منحوت في القرن الرابع عشر أو الخامس عشر الميلادي، ومعروض عند بوابة سانتا ماريا في برغش

  • تمثال السيّد لأنخيل غيل كويفاس في ممر ميسيريس، على طريق السيّد

  • جدارية للسيّد عند قصر عمدة مدينة سلمنقة

  • رسم تخيّلي للسيد في كتاب "صور الإسبان البارزين" (1791م)

  • لوحة "بطولة السيّد الأولى" لخوان فنسينس كوتس (1864م)، التي تُصوّر رودريغو دياث الشاب، وهو يُري أباه دييغو لينيث رأس كونت لوزانو، الذي سخر من دييغو لينيث وصفعه

  • منمنمة من سنة 1344م، تُصوّر قتل السيّد لكونت لوزانو

  • تمثال عملاق للسيّد يجوب شوارع برغش خلال احتفال سنوي

  • صندوق يخص السيّد في كاتدرائية برغش.

مقالات ذات صلة

الهوامش

  1. قارن إيان مايكل، في المحاضرة التي ألقيت في مكتبة إسبانيا الوطنية في 17 مايو 2007 بعنوان صورة السيد في التاريخ والأدب والأسطورة[5]، قارن مايكل بين صورة البطل في الأسطورة الطروادية وفي أغنية الكمبيادور وبين صورته في الأسطورة الكارلونجية وفي قصيدة ألمرية في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي:
    « [...] قارن الشاعر في [أغنية الكمبيادور] بين السيد وأبطال طروادة: «من حيث الأسلحة والحصان المزين، وأنه لا باريس ولا هيكتور كانا سيتفوقان عليه في حرب طروادة، ولا حتى أحد اليوم»(المقطع 33). ثم بعد ذلك، في قصيدة لاتينية أخرى، قصيدة ألمرية (ح. 1157م)، الملك رودريغو هنا يتسمى بـ "سيدي" لأول مرة (البيت 233)، ولكنها تتناقض مع شخصيتي رولاند وصديقه أوليفيرو (البيتين 228-229)، رغم أنه القصيدة ربما اشتقت من نسخة نافارية من "أغنية رولاند" (ح. 1100م)[6][7]»
  2. ترجع أقدم فرضية حول تاريخ ميلاد رودريغو دياث للمؤرخ مينديث بيدال الذي قدّرها ح. 1043م (بين سنتي 1041-1047م)[15] ثم افترض أنطونيو أوبييتو أرتيتا ح. 1054م (بين سنتي 1051-1057م)[16] وفي سنة 2011م، رجّح المؤرخ مونتانير فروتوس أن ولادته بين سنتي 1045-1049م. ويرى ريتشارد أ. فليتشير أن فرضية مينديث بيدال مقبولة، ولكنه قال بأنها قد تكون ولادته سنة 1047م؛ بينما رجّح المؤرخ مرتينيث دياز أن سنة 1048م هي الأكثر احتمالاً، وأنه لا يمكن أن تكون ولادته بعد سنة 1050م، ووافقه الرأي المؤرخ بينا بيريث قائلاً أنه تقدير معقول.[17]
  3. لا تذكر المصادر المعاصرة لفترة حياة رودريغو دياث شيئًا عن ولادته في بيبار. كما لم تذكر ذلك مصادر القرن الثاني عشر الميلادي (تاريخ رودريغو أو أغنية الكمبيادور أو نسب رودريغو دياث). أقدم المصادر التي تنسب أصول رودريغو دياث إلى بيبار، وتقرن اسمه باللاحقة "دي بيبار" هي ملحمة السيد التي أُلفت ح. 1200م.[19][20]
  4. جاء في تاريخ رودريغو:
    «كان [لين كالفو] أصل السلالة: فلين كالفو أنجب عدد من الأبناء؛ كان من بينهم فرناندو لينيث وبرمودو لينيث. وأنجب فرناندو لينيث بدوره لين فرنانديث، وأنجب برمودو لينيث ولده رودريغو برموديث. ثم أنجب لين فرنانديث ابنه نونو لينيث، وأنجب رودريغو برموديث ابنه فرناندو رودريغيث. أنجب فرناندو رودريغيث ابنًا بيدرو فرنانديث وابنة تدعى إيلو. أما نونو لينيث فتزوج من إيلو تلك، وأنجب لين نونيث. وأنجب لين نونيث ابنه دييغو لينيث الذي أنجب رودريغو دياث الكمبيادور من ابنة رودريغو ألباريث.[26]»
  5. أخذت خيمينا جثة زوجها، وحرق الجيش الكاتدرائية والحصن والقصور والمساجد، وحتى الكنائس والمنازل الخاصة، كل ذلك بعد أن نهبوها وأخذوا ما استطاعوا حمله.[76]
  6. ذكره ابن عذاري في كتابه البيان المغرب عند ذكره لدولة ابن جحاف، فقال:
    «وأقام بها ملكًا [يعني ابن جحاف] إلى أن غزاه قمط من أقماط النصارى يُقال له القنبيطور ومعناه «صاحب الفحص» واسمه لذريق.[ْ 15]»
  7. ذكره المقري في كتابه نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب بلفظ «القنبيطور» عندما ذكر ترجمة الشاعر أبي جعفر ابن عبد الولي البلنسي، فقال:
    «وأبو جعفر ابن عبد الولي المذكور أحرقه القنبيطور - لعنه الله تعالى - حين تغلبه بالروم على بلنسية.[ْ 16]»
  8. ذكره المقري في كتابه نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب بوصف «الطاغية» عندما قصّ قصّة تغلُّب رودريغو دياث على بلنسية، فقال:
    «ولما صار أمر بلنسية إلى الفقيه القاضي أبي أحمد ابن جحاف قاضيها، صيّرها لأمير المسلمين يوسف بن تاشفين، فحصره بها القادر بن ذي النون الذي مكّن الأذفونش من طليطلة. فهجم عليه القاضي في لمّة من المرابطين، وقتله. ودُفع ابن جحاف لما لم يعهد من تدبير السلطان، ورجعت عنه طائفة المُلثّمين الذين كان يعتدّ بهم. وجعل يستصرخ إلى أمير المسلمين فيبطئ عليه، وفي أثناء ذلك، أنهض يوسف بن أحمد بن هود صاحب سرقسطة ردريق الطاغية للاستيلاء على بلنسية، فدخلها. وعاهده القاضي ابن جحاف، واشترط عليه إحضار ذخيرة كانت للقادر بن ذي النون، فأقسم أنها ليست عنده، فأحرقه بالنار، وعاث في بلنسية.[ْ 17]»
  9. وصفه ابن بسام الشنتريني فقال:
    «وكان هذا البائقة [أي رودريغو] وقته، في درب شهامته، واجتماع حزامته، وتناهي صرامته، آية من آيات ربه، إلى أن رماه [الله] سريعًا بحتفه، وأماته ببلنسية حتف أنفه[ْ 18]»
    ، وفي موضع آخر:
    «وكان - لعنه الله - منصور العلم، مُظفّرًا على طرائق العجم، لقي زعمائهم مرارًا كغرسية المنبوز بالفم المعوج، ورأس الإفرنج، وابن رذمير، ففلّ حدّ جنودهم، وقتل بعدده اليسير كثير عديدهم، وكان تُدرّس بين يديه الكُتب، وتُقرأ عليه سير العرب، فإذا انتهى إلى أخبار المُهلّب استخفّه الطرب، وطفق يعجِّب منها ويتعجّب.[ْ 19]»
  10. عرّف به ابن بسام فقال:
    «كلبًا من أكلُب الجلالقة يسمّى برذريق، ويدعى بالكنبيطور.[ْ 20]»
  11. يقول ابن بسام:
    «وكان بنو هود قديمًا هم الذين أخرجوه [يعني رودريغو دياث] من الخمول، مستظهرين به على بغيهم الطويل، وسعيهم المذموم المخذول، وسلّطوه على أقطار الجزيرة، يضع قدمه على صفحات أنجادها، ويركز علمه في أفلاذ أكبادها، حتى غلظ أمره، وعمّ أقاصيها ودانيها شرّه.[ْ 21]»
  12. يقول المؤرخ جيمس بيرك في كتابه «عندما تغيّر العالم» عن شخصية رودريغو دياث:
    «رودريجو دياز دي فيبار الملقّب بالسيّد (El-Cid) - والكلمة مأخوذة من الكلمة العربية (سيدي) - والذي نُسجت حول شخصيته البطولية الخرافية كثير من الأساطير والأشعار. وقد شجّع البابا القائد الأسطورة، إذ بارك الفتح المسيحي الجديد، فكان «السيد» هو الفارس المسيحي الأمثل، النبيل، المهذب، ذو المروءة في النصر، المقاتل في سبيل القضاء على العرب الأشرار الماجنين.
    والواقع أن هذه الصفات المخلوعة على هذا القائد كانت أبعد ما تكون عن الحقيقة. إذ وفقًا للروايات المعاصرة له، كانت الصورة مختلفة، فعلى حين كان «السيد» يمارس صلواته بانتظام، نجده - بكل المعاني - همجيًا ينهب ويعيث فسادًا دون رحمة، الأمر الذي جعل العرب يتعلمون على يديه كيف يردون على وحشيته بالأسلوب نفسه.[ْ 23]»
  13. نقل محمد عبد الله عنان في كتابه دولة الإسلام في الأندلس عن المؤرخ الإسباني رامون مننديث بيدال الذي درس أسطورة السيّد مثال على صبغة القداسة التي أضيفت إلى شخصية السيّد، فقال:
    «ومما يُروى في ذلك أن تابوت السيّد فُتح في أيام الإمبراطور شارلكان في سنة 1541م، فانتشرت منه رائحة زكية، ووُجدت الجثة ملفوفة في رداء عربي، ومعها سيف ورمح، وكان الشرق عظيمًا في تلك الآونة. فما فُتح التابوت حتى هطل مطر غزير، روى جميع أرجاء قشتالة.[ْ 24]»
  14. لما قُتل سانشو الثاني ملك قشتالة، وصل ألفونسو السادس إلى برغش مطالبًا بأحقيته في عرش قشتالة، فاجتمع كبراء المملكة، طلبوا منه أن يُقسم على أنه لم يشارك بأية صورة في تدبير مقتل أخيه سانشو. فوافق ألفونسو، لكن أحدًا لم يجرؤ على تحليفه في الكنيسة التي تقرر أداء القسم فيها. إلى أن تقدّم ردريغو دياث، وتولى تحليفه اليمين بنفسه، فلما أدى ألفونسو اليمين، عقّب ردريغو قائلاً أنه يطلب إلى الله، إن كان ألفونسو كاذباً، أن يسلط عليه خائنًا يقتله كالذي اغتال أخيه سانشو. تركت تلك الجرأة أثرًا لا يندمل في نفس ألفونسو، بقي عالقًا في ذهنه، وكّدر العلاقات بينهما، من وقت لآخر.[ْ 25]

المراجع

فهرس المراجع
باللغة العربية
  1. عنان ص390
  2. عنان ص72
  3. عنان ص286
  4. عنان ص288
  5. الأنيس المطرب ص152
  6. عنان ص239
  7. عنان ص240
  8. الاكتفاء ص1271
  9. البيان المغرب تحقيق بشار عواد ص25-26
  10. عنان ص242
  11. آنخل بالنثيا ص116-117
  12. عنان ص243-244
  13. البيان المغرب تحقيق بشار عواد ص30
  14. عنان ص247
  15. البيان المغرب تحقيق كولان وبرونسفال ص305
  16. المقري ص21
  17. المقري ص455
  18. آنخل بالنثيا ص294
  19. ابن بسام ص100
  20. ابن بسام ص95
  21. عنان ص235
  22. ابن الأبار ص335
  23. جيمس بيرك ص45-46
  24. عنان ص249
  25. عنان ص394
بلغات أجنبية
  1. Fletcher 2001، صفحات 16, 206.
  2. Barton, Simon and Richard Fletcher (2000). The World of El Cid: Chronicles of the Spanish Reconquest. Manchester, UK: Manchester University Press.  . مؤرشف من الأصل في 05 أبريل 2020.
  3. Afif Turk, The Kingdom of Zaragoza in the 11th century of Christ (V of the Hegira) , Madrid, Egyptian Institute of Islamic Studies, 1978, p. 144.
  4. Montaner Frutos (2011b: 269 and 633-634)
  5. صورة السيد في التاريخ والأدب والأسطورة. (بالإسبانية) نسخة محفوظة 11 يناير 2016 على موقع واي باك مشين.
  6. Michael (2007:2-3)
  7. نسخة محفوظة 11 يناير 2016 على موقع واي باك مشين.}}
  8. María Jesús Viguera Molins, «El Cid en las fuentes árabes», in César Hernández Alonso (coord.), Actas del Congreso Internacional el Cid, Poema e Historia (12–16 de julio de 1999), Ayuntamiento de Burgos, 2000, págs. 55–92. (ردمك )
  9. See Ramón Menéndez Pidal, «Autógrafos inéditos del Cid y de Jimena en dos diplomas de 1098 y 1101», Revista de Filología Española, t. 5 (1918), Madrid, Sucesores de Hernando, 1918. Digital copy Valladolid, Junta de Castilla y León. Consejería de Cultura y Turismo. Dirección General de Promociones e Instituciones Culturales, 2009–2010. Original in Archivo de la Catedral de Salamanca, caja 43, legajo 2, n.º 72. نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  10. Menéndez Pidal (1918:12); imagen digitalizada n.º 20. Línea 16 del documento original. - تصفح: نسخة محفوظة 2020-04-05 على موقع واي باك مشين.
  11. Alberto Montaner Frutos y Ángel Escobar, «El Carmen Campidoctoris y la materia cidiana», in Carmen Campidoctoris o Poema latino del Campeador, Madrid, Sociedad Estatal España Nuevo Milenio, 2001, pág. 73 [lam.]. (ردمك )
  12. Alberto Montaner Frutos, «Rodrigo el Campeador como princeps en los siglos XI y XII» - تصفح: نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  13. Georges Martin «El primer testimonio cristiano sobre la toma de Valencia (1098)», en el número monográfico «Rodericus Campidoctor» de la revista electrónica e-Spania, n.º 10 (diciembre de 2010). Online since 22 January 2011. Last time visited November 28th 2011. Complete text (Edition of the Latin text) in José Luis Martín Martín & al., Documentos de los Archivos Catedralicio y Diocesano de Salamanca (siglos XII-XIII), Salamanca, Universidad, 1977, doc. 1, p. 79-81. نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  14. Véase Montaner Frutos (2011b:297-298 y n. 36).
  15. «Año y lugar del nacimiento del Cid» (Boletín de la Real Academia de la Historia, t. 89, 1926, págs. 8-9) y posteriormente en La España del Cid (1929, t. II, págs. 684-685) نسخة محفوظة 11 يناير 2016 على موقع واي باك مشين.
  16. El «Cantar de mio Cid» y algunos problemas históricos (Valencia, [Anubar antes art. en Lizargas, IV, 1972], 1973, pág. 177)
  17. Fletcher (2007: 111), Martínez Diez (1999: 32), Montaner Frutos (2011b: 259-260) and Peña Pérez (2009: 45).
  18. Tim Watts (31 May 2012). Frank W. Thackeray, John E. Findling (المحررون). Events That Formed the Modern World. ABC-CLIO. صفحة 19.  . مؤرشف من الأصل في 05 أبريل 2020.
  19. Alberto Montaner Frutos, «Ficción y falsificación en el cartulario cidiano» - تصفح: نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  20. Carlos Heusch and Georges Martin (dir.), Cahiers D'études Hispaniques Médiévales: Réécriture et falsification dans l'espagne médiévale, No. 29 (2006), Lyon, ENS (École normale supérieure Lettres et Sciences humaines), 2006, p. 339.—
  21. Peña Pérez (2009: 46-47). Thus, in verse 295 of the Cantar de mio Cid , the expression "mio Cid el de Bivar" appears.
  22. Montaner Frutos, «Ficción y falsificación en el cartulario cidiano», 2006, pág. 341 y nota 40. نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  23. Martínez Diez (1999: 49).
  24. Carmen Campidoctoris , v. 21, in Montaner and Escobar (2001: 200).
  25. Montaner and Escobar (2001: 14-16).
  26. Martínez Díez, 2007 , pp. 38-39.
  27. Cfr. Martínez García, "The territorial patrimony of a member of the feudal aristocracy: Rodrigo Díaz, El Cid", 2000.
  28. Montaner Frutos (2011b: 260 and n. 6 and 7).
  29. Menéndez Pidal, La España del Cid, I, págs. 123-124, apud Torres, «El linaje del Cid», 2000-2002. نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  30. Martínez Diez (1999:47)
  31. Historia Roderici, § 2. Cita por la ed. de Bonilla y San Martín, Gestas de Rodrigo el Campeador (Gesta Roderici Campidocti), Madrid, Victoriano Suárez, 1911, pág. 35. نسخة محفوظة 12 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  32. Torres, «El linaje del Cid», 2000-2002. نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  33. Alberto Montaner Frutos, «El Cid. La historia.», en www.caminodelcid.org, página web del Consorcio Camino del Cid, Burgos, 2002. نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  34. Ya en su edición y estudio en colaboración con Ángel Escobar del Carmen Campidoctoris (Montaner y Escobar, 2001:14-16) se señalaba que
    «[...] un nuevo estudio de tal genealogía en el marco más amplio de la nobleza de la época ha permitido a Torres Sevilla [...], además de afianzar la alta condición del Cid por vía materna, sustentar con solidez que los datos de la Historia Roderici afiliaban a Rodrigo en realidad a la importante familia de los Flaínez [...]» – Montaner y Escobar (2001:14).
  35. Cfr. Montaner Frutos (2011b:260 y nota 6):
    «Su padre, Diego Laínez (o Flaínez), era uno de los hijos del magnate Flaín Muñoz, conde de León en torno al año 1000.» – Montaner Frutos (2011b:260).
    Asimismo, véase la nota 8 del artículo de este mismo autor «Rodrigo el Campeador como princeps en los siglos XI y XII» (2011a). نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  36. Martínez Diez (1999:42-45).
  37. Peña Pérez (2009:36-40).
  38. Montaner Frutos (2007b).
  39. Escobar y Montaner (2001:38).
  40. Fletcher (2007: 113).
  41. Montaner Frutos (1998:13-20)
  42. Montaner (2011b:667-670)
  43. Escobar y Montaner (2001:35-43).
  44. Peña Pérez (2009:53).
  45. Montaner Frutos (2011a). نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  46. Escobar y Montaner (2001:33).
  47. Fletcher (2007: 122-123).
  48. Martínez Diez (1999: 64-67).
  49. Peña Pérez (2009: 61-67).
  50. Montaner Frutos, «Ficción y falsificación en el cartulario cidiano», Cahiers de linguistique hispanique médiévale, 2006, vol. 29, pág. 335 y n. 21. نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  51. Montaner Frutos (2011b:263).
  52. García Fitz (2002:47-48). نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  53. Montaner Frutos (2011b:263-264)
  54. Montaner Frutos (2011b:264)
  55. Montaner Frutos (2011b: 265).
  56. Montaner Frutos (2011d:15-19). نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  57. Martínez Diez (1999: 164).
  58. Martínez Diez (1999: 178-180 and 452)
  59. Montaner Frutos (2011b: 266)
  60. Martínez Diez (1999: 183-184)
  61. La España del Cid, Madrid, Plutarco, 1929, 2 vols .; Madrid, Espasa-Calpe, 1969.
  62. Montaner Frutos (2011b: 266-267)
  63. Martínez Diez (1999: 207)
  64. Montaner Frutos (2007:LVII). نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  65. Pierre Guichard (2001:67). - تصفح: نسخة محفوظة 6 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  66. Fletcher (2007: 190).
  67. Alberto Montaner Frutos, «La fecha exacta de la rendición de Valencia», en Montaner Frutos y Boix Jovaní (2005:285-287).
  68. Alberto Montaner Frutos «The Battle of Cuarte (1094). A victory for the Cid over the Almoravids in history and in poetry », in Alberto Montaner Frutos and Alfonso Boix Jovaní, War in Šarq Alʼandalus: The Cidian Battles of Morella (1084) and Cuarte (1094) , Zaragoza, Institute of Islamic Studies and the Middle East, 2005, pp. 97-340.
  69. Gonzalo Martínez Diez (1999:416-417)
  70. Alberto Montaner Frutos, «The Battle of Cuarte (1094). A victory for the Cid over the Almoravids in history and in poetry ", in Alberto Montaner Frutos and Alfonso Boix Jovaní, War in Šarq Alʼandalus: The Cidian Battles of Morella (1084) and Cuarte (1094) , Zaragoza, Institute of Islamic Studies and the Middle East, 2005, pp. 235-238.
  71. Ian Michael, «Introducción» a su ed. de Poema de Mío Cid, Madrid, Castalia, 1976, pág. 39. . نسخة محفوظة 16 فبراير 2019 على موقع واي باك مشين.
  72. Ian Michael, The Cid's Image in History, Literature and Legend, lecture delivered at the National Library of Spain, on May 17, 2007. available in .doc format. نسخة محفوظة 29 أكتوبر 2018 على موقع واي باك مشين.
  73. Francisco López Estrada Panorama crítico sobre el «Poema del Cid». Literatura y sociedad, Madrid, Castalia, 1982, pág. 134. . نسخة محفوظة 24 مارس 2016 على موقع واي باك مشين.
  74. Montaner Frutos (2011b: 270 and 1024-1026)
  75. Coscollá, Vicente (2003) La Valencia musulmana, Carena Editors, isbn 84-87398-75-8, p. 44, "mayo+de+1102"&source=bl&ots=RTa3JbKann&sig=mIkaP3wjN-bWdi1qmPYWhyjjwuA&hl=en&sa=X&redir_esc=y نسخة محفوظة 25 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  76. نسخة محفوظة من الاقتباس نسخة محفوظة 7 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  77. Montaner Frutos (2011b: 693-694).
  78. Ildefonso Rodríguez y Fernández: Los doscientos mártires de Cardeña, pp. 27-30. نسخة محفوظة 7 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  79. Barton, Simon; Fletcher, Richard. The World of El Cid. Manchester University Press. صفحة 90.  . مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 202023 أبريل 2019.
  80. Montaner Frutos (2011b: 909)
  81. Ian Michael, The Cid's Image in History, Literature, and Legend , 2007, p. Four.
  82. Martínez Diez (1999: 26-29).
  83. Viguera Molins (2000: 59-60).
  84. Viguera Molins (2000:57-59).
  85. Fletcher (2007: 226).
  86. Fletcher (2007:226).
  87. Montaner (2011b: 797-798)
  88. Montaner and Escobar (2001: 13-71)
  89. Alberto Montaner Frutos, «El Cantar de mío Cid. Aspectos literarios. El autor, o autores, del Cantar», en www.caminodelcid.org, página web del Consorcio Camino del Cid, Burgos, 2002. Consultado el 28 de noviembre de 2009. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  90. Montaner Frutos (2000), pp. 14-19 and 193, note at v. 1464 and its n. Complementary on pages 549-551
  91. Daniel Woolf (17 February 2011). A Global History of History. Cambridge University Press. صفحة 110.  . مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020.
  92. Fletcher (2007:208-212).
  93. Francisco Javier Peña Pérez, «Los monjes de San Pedro de Cardeña y el mito del Cid», José Luis Martín Rodríguez (dir.) y José Ignacio de la Iglesia Duarte (coord.), Memoria, mito y realidad en la historia medieval : XIII Semana de Estudios Medievales, Nájera, del 29 de julio al 2 de agosto de 2002, 2003, págs. 331-344. . نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  94. Gale (2016). A Study Guide for Pierre Corneille's "Le Cid". Gale, Cengage Learning. صفحة 3.  . مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020.
  95. Antonio de Trueba, El Cid Campeador: novela histórica original, Madrid, José María Marés, 18522. نسخة محفوظة 28 مارس 2010 على موقع واي باك مشين.
  96. Guarner, Luis: «Prologue» to his annotated edition of Cantar de mío Cid , Edaf, 2007; P. 33.
  97. Pérez-Reverte, Arturo (15 September 2019). "Sidi', un relato de frontera". El País. مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 202006 أكتوبر 2019.
  98. Pérez-Reverte, Arturo (2 September 2019). "Adelanto del primer capítulo de la nueva novela de Pérez-Reverte, 'Sidi". El Mundo. مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 202006 أكتوبر 2019.
  99. ROMANCE XX ES EL DE LA JURA DE SANTA GADEA - تصفح: نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  100. Ficha en la biblioteca virtual Gallica. نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  101. Primera hazaña del Cid, de Juan Vicens Cots, 1864. - تصفح: نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  102. Catálogo de pinturas de la Real Academia de la Historia: Hiráldez Acosta, Marcos. - تصفح: نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  103. Museo Nacional del Prado: Dióscoro Teófilo. - تصفح: نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  104. Valencianos ilustres: Los Pinazo. - تصفح: نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  105. Ayuntamiento de Alfafar. Galería de Imágenes. - تصفح: نسخة محفوظة 26 أكتوبر 2007 على موقع واي باك مشين.
  106. Marceliano Santa María - تصفح: نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  107. Santa María Sedano, Marceliano - Museo Nacional del Prado - تصفح: نسخة محفوظة 20 أكتوبر 2019 على موقع واي باك مشين.
  108. La ciudad reclamará el retorno de "Las hijas del Cid", de Santa María - تصفح: نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  109. Burgos (Camino del Cid). - تصفح: نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  110. Eternamente errante. Las idas y venidas del Cid como finado. - تصفح: نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  111. obra=E Cid Campeador El Cid no siempre cabalga - تصفح: نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  112. Desde Burgos, Claustro Bajo Catedral. - تصفح: نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  113. Il gran Cid, R.1.49 (Paisiello, Giovanni) - تصفح: نسخة محفوظة 9 أبريل 2020 على موقع واي باك مشين.
  114. Warrack, John Hamilton: German opera: from the beginnings to Wagner. Cambridge University Press, 2001, pág. 378.
  115. Dean, Winton, «Bizet, Georges» en Stanley Sadie (editor): The New Grove Dictionary of Music and Musicians. Londres, MacMillan, 1980.
  116. Richard A. Fletcher (1991). The Quest for El Cid. Oxford University Press. صفحة 5.  . مؤرشف من في 9 أبريل 2020.
  117. Gary Allen Smith (22 January 2009). Epic Films: Casts, Credits and Commentary on More Than 350 Historical Spectacle Movies (الطبعة 2nd). McFarland. صفحة 76.  . مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020.
  118. Gale (2016). A Study Guide for Anonymous's "Cantar de mio Cid (El Cid)". Gale, Cengage Learning. صفحة 8.  . مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020.
  119. Silvestre, Juan (1 October 2019). "El Cid' de Jaime Lorente para Amazon Prime Video completa su reparto". Fotogramas. مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 202020 يناير 2020.
  120. (Montaner Frutos, 2011 , p. 871)
  121. Alonso, J. I. Garcia; Martinez, J. A.; Criado, A. J. (1999). "Origin of El Cid's sword revealed by ICP-MS metal analysis". Spectroscopy Europe. John Wiley & Sons, Ltd. 11 (4).
  122. Tom Hill (26 February 2014). Swords of El Cid: "Rodrigo! May God curse him!". Andrews UK Limited. صفحة 330.  . مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020.
  123. Handbook of Medieval Culture. De Gruyter. 31 August 2015. صفحة 1739.  . مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020.
  124. Rita Hamilton; Ian Michael (1984). Cantar de mio Cid. Penguin. صفحة 187.  . مؤرشف من الأصل في 09 أبريل 2020.
معلومات المراجع
باللغة العربية
بلغات أجنبية

وصلات خارجية

موسوعات ذات صلة :