مولاي عبد العزيز (ولد سنة 1878 في فاس وتوفي سنة 1943) هو سلطان المغرب الـ18 من العلويين حكم ما بين 1894-1908.
سلطان المغرب الـ 18 من العلويين | ||
---|---|---|
| ||
سلطان المغرب الـ 18 من العلويين | ||
الفترة | 7 يونيو 1894 إلى 4 يناير 1908 | |
معلومات شخصية | ||
الميلاد | 1878 فاس، المغرب |
|
الوفاة | 1 يناير 1943 (65 سنة) طنجة، المغرب |
|
مواطنة | المغرب | |
الأب | الحسن الأول بن محمد | |
أخوة وأخوات | ||
عائلة | الأسرة العلوية | |
معلومات أخرى | ||
المهنة | سياسي | |
الجوائز | ||
تولى الخلافة بعد ابيه مولاي الحسن الأول سنة 1894م بعمر يناهز 14 سنة واستمرت سياسة الدولة على نفس نهج سياسة ابيه طوال 6 سنوات الأولى لأن السلطة الفعلية كانت للصدر الأعظم للدولة با حماد، بكون هذا الأخير واصي العرش من طرف السلطان مولاي الحسن لكن بعد موته سنة 1900م تبدل الوضع كليا، حيث شكلت هذه السنة منعطفا رئيسيا في سياسة الدولة، حيث لم يتمكن السلطان بحكم البلاد خصوصا أنه لم يعتد على ذلك، وسرعان ما ثار عامة الناس في المدن والبادية، زيادة على انغماس السلطان في حياة الترف وشراؤه لمختلف وسائل الشهوات بأثمنة خيالية، مما زاد حدة التوغل الاستعماري بسبب الديون المتراكمة.
نسبه
الأمير مولاي عبد العزيز بن الحسن الأول بن محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن محمد بن عبد الله الخطيب بن إسماعيل بن الشريف بن علي بن محمد بن علي بن يوسف بن علي بن الحسن بن محمد بن الحسن الداخل (أول من قدم المغرب من مدينة ينبع)[1] بن قاسم بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن محمد بن عرفة بن الحسن بن أبي بكر بن علي بن الحسن بن أحمد بن إسماعيل بن القاسم بن محمد النفس الزكية بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم.[2]
مسيرته
ولد المولى عبد العزيز سنة 1298 هـ / 1880م، من أم شركسية اسمها لالة رقية جلبها الحاج العربي بريشا التطواني أحد خاصة السلطان مولاي الحسن.[3] ويصفه الفرنسي "غابرييل فيري" في كتابه "في حميمية السلطان":[4]
بيعته
قبيل وفاة السلطان الحسن الأول وعند عودته من تافيلالت إلى مراكش عزل خليفته بالمدينة، وهو ابنه مولاي محمد، ويروي لويس أرنو في كتاب "زمن المحلات السلطانية" عن سبب عزله:
.
بعد عودة السلطان الحسن من مراكش، توجه لمدينة فاس، لكن وافته المنية بعد مرض ألم به في الطريق بمنطقة تادلة سنة 1894. فتكلف الحاجب السلطاني أحمد بن موسى البخاري المعروف ب «اباحماد» بزمام أمور البيعة وتنسيق حملة دعائية وسط القبائل كي تبايع الابن الأصغر المولى عبد العزيز.[5]
فكتم خبر وفاة السلطان باتفاق مع لالة رقية الشركسية، أم المولى عبد العزيز، وعندما وصلت المحال السلطانية إلى بلاد الشاوية، قرب مدينة سطات، جمع باحماد الهيأة المخزنية، المكونة من كبراء الأسرة الحاكمة والوزراء وقواد الجيش، وأخبرهم بوفاة السلطان وبترشيح السلطان المتوفى لابنه الأصغر المولى عبد العزيز. ويرجع سبب كتمان باحماد خبر الوفاة، حسب علال الخديمي في كتاب "الحركة الحفيظية"، هو تجنب تعرض محلة السلطان لأي أذى وسط قبائل تادلة.
تمت طقوس البيعة بالرباط حوالي سنة 1311 هـ وعمر مولاي عبد العزيز أربعة عشرة سنة. كانت أسرة آل الجامعي التي ينتمي إليها الصدر الأعظم المعطي الجامعي ووزير الحرب محمد الصغير الجامعي، تطمح إلى انتقال السلطان إلى مدينة فاس حيث معقل آل الجامعي. لكن الحاجب باحماد، حال دون ذلك وأقنع السلطان بالتوجه إلى مكناس، حيث توجد قوة تقليدية من جيش البخاري، التي ينتمي إليها باحماد. فالتحق الصدر الأعظم المعطي الجامعي وأخوه وزير الحربية بمكناس، ليعتقلهما الحاجب باحماد هناك ويصادر أموالهما، بتهمة التآمر ضد السلطان لصالح أخيه المولى محمد. وباعتقال آل الجامعي، سيخلو الجو للحاجب باحماد ليتمكن من احتلال منصب الصدارة العظمى، ويتصدر واجهة الدولة باسم السلطان لمدة ست سنوات.
أكمل المولى عبد العزيز بناء وتزيين دار البطحاء سنة 1897م كإقامة صيفية معدة للاستقبالات الملكية مكملا بذلك ما بدأه والده المولى الحسن.
وطيلة وجود باحماد على رأس إدارة التشريفات الملكية، ظل المولى عبد العزيز داخل قصره، ورغم ظهوره أمام المغاربة في المناسبات الدينية والرسمية، كان باحماد هو من كان يحكم وحده البلاد فعليا. توفي باحماد عام 1900م. ويوري الإنجليزي والتر هاريس أن المشيعون لجثمانه لاحظوا دموع السلطان وهو يبكي على رحيل حاجبه. وكان السلطان يبلغ من العمر وقتها عشرين سنة.[6]
المرحلة العزيزية
بعد وفاة باحماد بدأت الفترة المعروفة ب«المرحلة العزيزية»، فيها تتبدل صورة السلطان الصغير المحجور عليه وهي مليئة بالأحداث، حيث خلف باحماد في الصدارة العظمى ابن عمه المختار بن عبد الله، الذي سرعان ما سيتم اقالته وتعيين مكانه فضول غرنيط، بإيعاز من المهدي المنبهي، الذي استأثر بزمام الأمور بعد وفاة باحماد، وسيَّرَ شؤون البلاد تحت الخفاء، ويعتبر المنبهي أول من بدأ بتهريب الأموال إلى أوروبا، حتى حرَّضَ عليه غرنيط وأقنع المولى عبد العزيز بإقالته.
كان المغرب يعيش أزمة مالية خانقة، وسط ندرة المداخيل وانتشار الجراد والمجاعة وتزايد حجم القروض الأوروبية، اضطر المولى عبد العزيز لفرض ضريبة "الترتيب"، التي فشل المولى الحسن في تطبيقها سابقا. عارض هذه الضريبة ذوي الامتيازات من الشرفاء والمحميين والأجانب وقواد القبائل وعمالها، وتعزز رفض هؤلاء بمساندة العلماء الذين اعتبروا الضريبة غير شرعية. كانت ضريبة الترتيب تفرض كل سنة على حسب الملكيات والمواشي وعدد الأشجار، مقابل الإعفاء من الأعشار والزكاة والمكوس، وكانت تهدف إلى توحيد الضرائب. ونتج عن فشل ضريبة الترتيب حرمان خزينة الدولة من جزء كبير من مداخيلها بسبب إسقاط الضرائب القديمة والجديدة في آن واحد، مما زاد من تعميق الأزمة المالية في وقت كان فيه المخزن في أشد الحاجة إلى المال لمواجهة الأحوال الاقتصادية والسياسية المتدهورة، مما اضطرها إلى الاقتراض من الخارج وخاصة فرنسا، وقدم المخزن كضمانة تخصيص نسبة 60% من المداخيل الجمركية لتسديد هذه الديون.[7]
كان من بين مستشاريه القاضي عبد الله بن الهاشمي بن خضراء، والفقيه أبو الفيض الكتاني، الذي اتهم في البداية بالانحراف عن العقيدة ومحاولة الانقلاب على السلطة، فبرأه السلطان من تهمة الانقلاب، وتم اجراء مناظرة بين مجموعة من الفقهاء مع أبو الفيض الكتاني، انتهت بتبرئته مما نسب إليه، وأصبح بعد هذه المناظرة مستشارا للسلطان. كما كانت تربط أسرة الكلاوي علاقة قوية بين السلطان مولاي عبد العزيز، حيث شارك الأخوين المدني الكلاوي والتهامي الكلاوي في «الحركات المخزنية» لقمع القبائل المتمردة.
ورغم حصوله على ظهائر التوقير، شن الفقيه عبد الحي الكتاني، من خلال كتاب المفاكهة، حملة على المولى عبد العزيز يعلن معارضته للسلطان لأنه «"استبدل مجالسة أهل العلم والاقتباس بالأرذال المتجردين عن المعارف واللطائف"»، وعارض الكتاني وزراء السلطان عبد العزيز وأدان تلاعبهم بميزانية الدولة وتفشي ظاهرة اللصوصية بالمال العام.[8]
السياسة الخارجية
اتبع مولاي عبد العزيز خطة والده في سياسته الخارجية وهي مقاومة التدخل والمحافظة على الاستقلال والتخفيف مما يضر به من الالتزامات الدولية، حيث بعث عدة سفارات للخارج، منها السفارة التي بعثها إلى إسبانيا سنة 1895م للمذاكرة حول معاهدة كانت ممضية بين الدولتين وفي نفس السنة بعث سفارة لإنجلترا لاستخلاص مرسى طرفاية.[9]
وفي وسط الظروف الحرجة التي كان يعيشها المغرب قرر مولاي عبد العزيز توجيه سفراء مندوبين لعواصم أوروبا لطلب المساعدة من فرنسا وإنجلترا وألمانيا، وذلك للقضاء على الثورات، ولهذا الغرض سافر وزير الحربية آنذاك المهدي المنبهي لإنجلترا، ومعه عبد الرحمن بركاش والزبير سكيرج وبوستة وعقد معها شروطا رسمية تحتوي على أربعة فصول، وسافر أيضا عبد الكريم بن سليمان وزير الخارجية آنذاك إلى فرنسا وروسيا وألمانيا.
أبرمت سنتي 1904-1905 اتفاقيتان بين إسبانيا وفرنسا تعاهدتا على اقتسام المغرب عند ما يتيسر احتلاله. وبعد أن خلا الجو لفرنسا بادرت إلى مولاي عبد العزيز تطلب منه عبر سفيرها سان ريني سلنديير بإدخال الإصلاحات للمغرب، وكان من أهم ما اقترحه السفير وألح في التعجيل به هو إحداث شرطة في ثغور المغرب وضواحيه.
تمرد بوحمارة والريسوني
اندلعت حركة تمرد يقودها بوحمارة، الذي ادعى أنه هو المولى محمد، الابن الأكبر للسلطان مولاي الحسن، وجاء ليخلص أخاه الأصغر من قبضة النصارى ويحرر البلاد التي استولوا عليها، فبايعته القبائل الشرقية وقبائل الريف، وأصبح على اتصال مباشر مع السلطات الإسبانية في مليلية ومع السلطات الفرنسية في الجزائر للتزود بالأسلحة والذخيرة الحربية مباشرة من أوروبا والجزائر، فبدأ يهدد فاس بعد أن ألحق هزائم متتالية بجيش المولى عبد العزيز. وتطلبت مواجهة بوحمارة أموالا ضخمة لتغطية نفقات الحرب، في حين كان المغرب مدينا بمبالغ باهظة علاوة على سوء المحاصيل الزراعية، فارتفعت الأسعار وأفلس الفلاحون وأصبح المغرب في ضائقة مالية خطيرة جرته إلى دوامة الاقتراض من الدول الأوربية والتي زادت أيضا من تقييد حرية المخزن وفي استفحال الأزمة الاقتصادية والمالية للبلاد. فأدى تضافر كل هذه الأسباب إلى خلق البلبلة ونشر الفوضى في كل أرجاء المغرب، وفي إضعاف هيبة المخزن العزيزي. وكان السلطان يفتقر إلى ما يكفي من القوات لاخماد هذا التمرد الذي هز رقعة جغرافية واسعة ممتدة من فاس حتى وجدة ثم تطوان وجبالة.
من جهة أخرى زادت الأمور تعقيدا عندما اختطف الريسوني، والذي قاد ثورة أخرى، رعايا أجانب مقيمين في طنجة ونواحيها، فأرسلت الولايات المتحدة وبريطانيا سفنها الحربية إلى السواحل المغربية، فاضطر السلطان عبد العزيز إلى تعيينه عاملا بأحواز طنجة حتى يتقي شره ويتفرغ لمواجهة ثورة بوحمارة. كل هذه الأحداث دفعت الدول الأوربية إلى عقد مؤتمر الجزيرة الخضراء للنظر في المسألة المغربية.
اهتمامه باختراعات الغرب
لم يتقبل سكان فاس نمط حياة السلطان المولى عبد العزيز، خصوصا إكثاره من مرافقة ومصاحبة الأوربيين، حيث كانت خرجاته بالسيارة في أزقة المدينة يقابل من طرفهم بالاستياء، وزاد من حدة هذا الاستياء الحملة الموسعة التي شنها عدد كبير من الفقهاء ضد إسراف السلطان ولهوه. ويصف بعض الأوروبييون الذين عايشوا السلطان كيف كان ينفق أموالا كيثرة من أجل اقتناء الألعاب والاختراعات الجديدة، حيث تعرف على الكهرباء وافتتن بها، غير أنه لم يستثمرها جديا لإنارة المغرب بل لتكون وسيلة للعب فقط. لتجنب ردود الفعل هذه، أصبح السلطان شديد التكتم في تنفيذ هواياته، ومنها رغبته في إنشاء سكة حديدية صغيرة، أرادها أن تكون رابطة بين قصره بفاس وحدائق دار الدبيبغ على طول مسافة أربعة كيلومترات فقط. وصلت طلبية السلطان من أوروبا وهي متضمنة لقاطرة وعربتين تضمان صالونات فاخرة إلى ميناء العرائش، واستغرق نقلهما إلى فاس برا حوالي أربعة أشهر، وتم شحنهما في عربات تقليدية مجرورة بحوالي ستين بغل حتى وصلت إليه وتم تركيبها. وجربها ليتنزه في حدائق أگدال بفاس، وتركها بعد ذلك عرضة للتلف. وقد كلفته هذه السكة حينها 100 ألف فرنك فرنسي لفائدة شركة «كروزو».
ويروي غابرييل فيري حول ذلك:
كما كان السلطان مولعا بإطلاق المناطيد الهوائية والشهب الصناعية الملونة، لدرجة أنه كان يستهلكها بسرعة، فيسارع إلى طلب ذخيرة بأعداد كبيرة من أوروبا، كما جُهزت له قاعة باذخة للعبة الِبلْيَارْ بقصر فاس، فكانت طاولة اللعبة مرصعة بالأحجار الكريمة ومذهبة بالكامل.
ويرجع الفضل هذا الشغف والفضول الكبير بالمخترعات الأوربية الحديثة، في إدخال الهاتف والتلغراف والكهرباء إلى قصور آبائه وأجداده من الملوك والسلاطين، وكان قد اكتسب من غابرييل فيري مهارات التصوير الفوتوغرافي والسينمائي حتى إنه كان شديد التعلق بهذه الهواية، وكان يمضي أيامه في أخذ مشاهد مصورة لم يستثن منها نساءه، ويروي غابرييل فيري حول ذلك:
لم يكن للمولى عبد العزيز أبناء ولا وريث شرعي، ويفسر غابرييل فيري سبب ذلك أن السلطان كان لا يرغب في إنجاب الأطفال لأسباب مجهولة، حيث كان يجبر نساءه على مضغ الذهب الخالص، اعتقادا منه أن ذلك يقي من وقوعهن في الحمل، مع العلم أنه كان يعيش في قصره مع 3 آلاف شخص بينهم والدته للارقية ونساؤه وإماؤه اللواتي بلغن المائة فتاة دون سن العشرين.
أوسمة
قبله: الحسن الأول |
سلاطين المغرب 1894 - 1908 |
بعده: مولاي عبد الحفيظ |
مقالات ذات صلة
مراجع
- "دعوة الحق - نظرة عن مناقب ملوك الدولة العلوية الشريفة". www.habous.gov.ma. مؤرشف من الأصل في 25 أبريل 201925 أبريل 2019.
- الناصري, أحمد بن خالد. الإستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى. الدار البيضاء. المملكة المغربية: دار الكتاب. مؤرشف من الأصل في 9 أبريل 2020.
- السلطان مولاي عبد العزيز بن الحسن العلوي حبوس، تاريخ الولوج 22 مارس 2014 نسخة محفوظة 03 سبتمبر 2017 على موقع واي باك مشين.
- مولاي عبد العزيز أغرب سلطان علوي حكم المغرب باللعب: جمع في قصره كل الغرائب: تلفون، تلغراف، سيارات، دراجات، قطار وأسلحة نارية وأجهزة تصوير الهدهد، تاريخ الولوج 22 مارس 2014 نسخة محفوظة 21 ديسمبر 2016 على موقع واي باك مشين.
- هكذا استطاع الحاجب السلطاني "أبا حماد" حُكْمَ المغرب هسبريس، - إسماعيل التزارني، تاريخ الولوج 22 مارس 2014 نسخة محفوظة 21 مارس 2017 على موقع واي باك مشين.
- حزن السلطان مولاي عبد العزيز على رحيل باحماد وعبيد القصر يستولون على ممتلكاته سعاد رودي، نشر في المساء يوم 10 - 07 - 2009 نسخة محفوظة 25 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
- المغرب في مطلع القرن العشرين الأوضاع الداخلية والإتجاه نحو فرض الحماية - تصفح: نسخة محفوظة 12 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين.
- مفاكهة ذوي النبل والإجادة لعبد الحي الكتاني - تصفح: نسخة محفوظة 10 يناير 2020 على موقع واي باك مشين.
- العلاقة الديبلوماسية المغربية في عهد الدولة العلوية الشريفة -3- دعوة الحق العدد 39 - تصفح: نسخة محفوظة 06 أكتوبر 2017 على موقع واي باك مشين.